موقف الدكتور البوطي من منتقديه :
أجيب عن سؤالٍ تردد علي كثيراً وأهملته لكن يبدو أنني يجب أن أجيب عن هذا السؤال:
كثيرون هم الأخوة من المحبون والغيارى على الحق وعلى الناس الذين يثقون بهم, فيرسلون إلي أو على الهاتف أو يخاطبونني شفاهاً يقولون:
كثيرٌ من الناس يتهمونني لمواقفي السابقة في الدرس الخاص الذي ألقيته في هذا المسجد قبل ثلاثة أسابيع وأربع أسابيع وتعلمون الموقف, فيقولون : هؤلاء يتهمونك بالضلال وبالكفر وبالجهالة ويفندون موقفك و ... الخ , فما هو موقفك من هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام ؟
و البعض منهم يحبون أن أرد عليهم حتى أشفي غليلهم، فهم يعلمون ويحسنون الظن بي أنني قلت كلام حق، والبعض منهم يتصورون أن كلام هؤلاء في بعض المواقع أو في بعض الأجهزة ربما يجعل بعض الشباب يرتابون ويشككون في كلامي فينبغي أن أعود فأبين وأوضح.
هنا أحب أن أجيب :
النقطة الأولى : أنا بوسعي أيها الأخوة - والحمد لله قد أُتيت لساناً بيّناً وقدرةً بالغة على التعبير وقدر على حوك الكلام , أنا كنت ولا أزال قادراً عندما أتكلم في المناسبات الجماهيرية المختلفة أن أُرضي الناس كلهم على مختلف المستويات ولكن هذا يكلفني شيء غالي جداً , يكلفني أن أصبح منافقاً , المنافق يستطيع أن يُرضي الناس كلهم وأسأل الله عز وجل أن يُمتني مؤمناً صافي الإيمان, لا أرحل إلى الله وفي إيماني شائبةٌ من الشوائب.
النقطة الثانية : أقول لهؤلاء الأخوة: بوسعي أن أُدافعَ عما قلته وبُثَ في التلفاز أكثر من مرة وأن أدافع عن نفسي مبيناً أني ما قلت إلا الحق المتفق مع كتاب الله عز وجل والمتفق مع وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنني لست كما يقولون وأنني إنسان بريء من هذه التهم , بوسعي أن أقول هذا , لكن يا إخوانا إذا قلت هذا الكلام سأرحل إلى الله غداً بجعبة فارغة ولسوف أصبح مرائياً , إذاً أنا عندما قلت هذا الحق , قلته من أجل أن أبرز قيمة ذاتي , ومن أجل أن أبرز براءتي مما قد أُتهم به وها أنا ذا أُدافع عن نفسي وأقول كذا وكذا , لكن يوم القيامة سيقال لي إنك قلت وفعلت من أجل أن يقال عنك أنك ملتزم وأنك مستقيم وأنك قادر أن تدافع عن نفسك فقد أخذت أجرك (اتفضل مع السلامة) , لا والله يا أخي لا أريد أن أرحل إلى الله سبحانه وتعالى خالي الوفاض بهذا الشكل أبداً, لذلك أنا لن أدافع أبداً , وإذا أردت أن أدافع عن نفسي أكون قد أهدرت كل الثواب لما قد فعلت إن كان لي ثواب.
النقطة الثالثة : موقف عدم الدفاع عن نفسي لا يخولني باسم التواضع مثلاً أن أقول: والله يمكن أن أكون أنا مخطأً وهؤلاء الأخوة الذين يُضللوني ويُكفروني ويعتبروني جاهلاً ويعتبروني بلعام بن باعوراء هذا العصر , ويمكن أن يكونوا هم الصادقين وأنا جاهل كذلك هذا غير جائز , لأن هذا إذا قلته يوجد ناس كثر يثقون بي ومن ثم مواقفهم أنا أتحمل وزرها يوم القيامة, و إذا أردت أن أقول يمكن أن يكونوا على حق و أدافع عنهم ويمكن أن أكون على خطأ وممكن وممكن ... الخ, ففي هذه الحالة أنا أتحمل أوزارهم يوم القيامة.
إذاً ما الحل؟
الحل أن أصمت , لا أدافع عن نفسي فيما قلت وفي منهجي الذي التزمته ورُبيتُ عليه في بيتي وألقى الله عز وجل عليه, ولا أتحدث أيضاً مُبرراً مواقف الآخرين الذين يُكفرون ويُضللون ... الخ , إذا ما الموقف الذي ينبغي أن أتخذه. أقول لهؤلاء الأخوة الذين يلاحقونني بالسؤال : الموقف هو أن أصمت وأن أُحيل الأمر إلى الله سبحانه وتعالى إما أن أكون فيما قد قُلت أبتغي وجه الله إذاً قرار الله يقول ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا))الحج38, وإما أن أكون قد قلت ذلك لأُبرز أمام الناس قُدرتي العلمية والكلامية وإذا جاء من يجادلني أستطيع أن أُجادله وأتغلب عليه بالجدل, إذاً ففي هذه الحالة أنا خسرتُ دنياي وآخرتي.