الجواب:
لو حدثتك عما قلته وأقوله في المجالس الخاصة لكبار المسؤولين مما يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة عامة، وبمسائل خاصة، والتذكير بضرورة التوبة.. إذن لأهدرت ثوابي عند الله إن كان لي على ذلك من ثواب عنده، فلماذا تحرجني؟
على أني أقول: عندما يصلح أن يكون المنبر العام أداة تبليغ للخاصة، وتكون الفرصة مواتية لذلك، فلا حرج من استعمال المنبر لذلك، وأضرب لذلك مثلاً يوم دعا المسؤولون ممثلاً في وزير الأوقاف إلى الاجتماع لإقامة صلاة الاستسقاء، فقد كانت تلك الدعوة فرصة مناسبة للتذكير بالمعاصي التي لا تفيد معها تلك الصلاة، وقد أعلنت عندئذ ذلك للناس مبيناً عذري في اليقين بأننا لن نجد استجابة من الله، أعلنت عن التجاوزات التي تقع في وزارة التربية وتسريح المنقبات والترحيب بمسلسل "ما ملكت أيمانكم" وما فيه من سخرية بكتاب الله وشرعه.
ولكن فلتعلم أن ذلك كان حديثاً مرتبطاً بميقاته، وبياناً جاء اعتذاراً عن الاستجابة لدعوة.. ولتعلم أن الجو لم يكن آنذاك مشحوناً بعوامل الخروج إلى المسيرات، وتصادم الأفعال مع ردود الأفعال .
إنني لو ذكّرت بمثل تلك الأمور اليوم على ملأ من الناس، لتسبب عن ذلك هياجات لا ضابط لها من عقل ولا شرع، ولكانت نتيجة ذلك أعداداً من القتلى أنا أتحمّل عند الله مسؤولياتهم، ولجاءت هذه التذكرة بالشر بدلاً من أن تأتي بأي خير.
وإني لعلى يقين بأن كلامي هذا لا يجهله أي عاقل منصف، ولكن يتجاهله المفتئت على شرع الله أولاً وعلى مدارك العقل ثانياً، والمستجيب لعصبيته ثالثاً .
أقول بل إن د. البوطي جهر في إنكاره المنكر فقد نقلت عنه فيما سبق إعلانه على التلفاز تحريم قتل المتظاهرين أكثر من مرة في أحاديثه التلفزيونية وفي فتاويه وإهدار دم الشبيح المعتدي وتسمية القتل بالجريمة وسؤاله الله للشهداء أن ينالوا أجر الشهادة وصلاته عليهم وهل تريدون أكثر من هذا وهل يستطيع أن يفعل أكثر من هذا ؟! بل إن بعض منتقديه تجده يدخل على الإنترنت باسم مستعار ثم يطلب من العلماء أن يجهروا ، وقد جهروا ولم يسكتوا ونصحوا الظالم سراً وعلانية ، وأقول للمنتقدين " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ، إن علماءنا أشجع منا وأكثر خوفاً من الله منا وأتقى منا وأكثر إخلاصاً منا وهم حريصون على تطبيق الشريعة أكثر منا ،وكانوا ينكرون على النظام المنكرات عندما كنا نائمين ، وهل عند المتدينين والعلماء من باب أولى شيء أهم من تطبيق الشريعة والحكم بالشريعة وعدم التضييق عليهم ؟
وهنا لابد لنا أن نتساءل، لماذا أولئك الكذابين المنحرفين الذين نشروا المقطع المبتور وشوهوا الفتاوى ،لماذا لم يعرضوا ولا واحدة من هذه الفتاوى التي عرضتها ؟!
وعلى شعبنا الانتباه من بعض العلمانيين واليساريين الذين هم ضد الدين فقد يكونوا هم الذين أساؤوا الأدب مع العلماء ليفتحوا الباب أمام الآخرين ، ليقطعوا الصلة والثقة بين الشعب والعلماء ، فاليوم يسقطون البوطي وغداً غيره .