[علي الشريف احمد]

	وُلد الرومي أو (مولانا) كما يُلقّب في بلخ من بلاد فارس الذي يمثل أفغانستان حالياً عام 1207م الموافق 6 ربيع الأول 604ه لأسرة دينية وصوفية كانت على صلة مصاهرة بالأسرة الحاكمة في تلك المنطقة ، فوالده بهاء الدين ولد كان على سعة في العِلم والتصوّف ، وأمّه كانت تنتمي للأسرة الحاكمة في خوارزم . أمَّا نسب الرومي الذي سطَّره بنفسه ، فينتهي إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أوَّل الخلفاء الراشدين . مما لا شكَّ فيه أنَّ الدارس لسيرة حياة الرومي سيلاحظ التنوّع الكبير في الثقافات التي احتك بها والتي كان لها بالغ الأثر في تكوين فكره الصوفي وفلسفته الإشراقية ، فالرومي جمع بين ثقافة الفرس من ناحية ، وثقافة العرب والروم من ناحية أخرى ، هذا التمازج الثقافي والإثني خَلَقَ نمطاً من التفكير المرن والمتسامح أهَّل الرومي ليكون موفقاً في استقطاب أشخاص وتلامذة من ديانات ومِلَل أخرى ، وطريقته الصوفية تشجع على هذا النوع من التسامح ، كما تدعو إلى حث واستجداء معاني الخير والإحسان في الإنسانية كافَّة ، وإلى فهم الأمور بروح الحب . تلقَّى جلال الدين الرومي تعليمه الأوَّل على يد والده بهاء الدين ولد الذي كان يُلقَّب بسلطان العارفين لتبحره في علوم الشريعة والحقيقة ، وفي أعقاب الغزو المغولي هجرت الأسرة بلخ بلا عودة لتبدأ سفراً طويلاً ، كانت نيسابور في خراسان أولى محطاته ، وقونية في تركية آخرها . في نيسابور كان أوَّل لقاءات الرومي برجال التصوّف الذي جمعه بفريد الدين العطَّار النيسابوري وهو في الثالثة عشر من عمره ، وعلى الرغم من أنَّ العطَّار كان يتبوَّأ المكانة الصوفية والعرفانية الرفيعة ، إلاّ أنَّه لا يبدو أنَّ الرومي قد تأثَّر كثيراً بالقطب الصوفي الكبير ، لا على النطاق الصوفي العرفاني ، ولا حتى الشعري . المستشرق الإنجليزي الشهير نيكلسون في كتابه : (الرومي - الشعر والأسطورة) لا يرى أنَّ الرومي قد تأثَّر شعراً بالعطَّار الذي أهداه ديوان شعره : رسالة الأسرار (أسرار نامه) ، لكن ربَّما يمكننا القول أنَّ الرومي قد استلهم فكرة الشعر الرمزي الصوفي من