[العوضابي]

" ثلاث حكايات "
الأولى : قال ذو النون المصرى رضى الله عنه : " رأيت صبيانا يرجمون رجلا , فقلت لهم فى ذلك , فقالوا : مجنون يزعم أنه يرى ربه , فدنوت منه , فأخبرته بذلك , فقال : لو احتجب عنى طرفة عين , لتقطعت من ألم البين , ثم قال :
طلب الحبيب من الحبيب رضاه ومنى الحبيب من الحبيب لقاه
أبدا يلاحظه بأعين قلبه والقلب يعرف ربّه ويراه
فقلت له : أمجنون أنت ؟ قال : عند أهل الأرض , نعم , وأما عند أهل السماء فلا , فقلت له كيف أنت مع الله ؟ قال : ما جفوته مذ عرفته , قلت متى ؟ قال : لما جعل اسمى فى المجانين . "
الثانية : قال الخواص رضى الله عنه : " رأيت فى البصرة عبدا يباع بعيوب ثلاثة : لا ينام من الليل الاّ قليل , ولا يأكل بالنهار , ولا يتكلم الاّ عند الحاجة , فقلت لسيده كيف تبيعه ؟ قال : رأيت درجته أرفع من درجتى , فكلما أفقت وقمت على باب الخدمة , وجدته سبقنى , فأرت بيعه غيرة منه , فقلت بعنى أيّاه , قال : نعم أنت مجنون , والعبد مجنون , والمجنون , بالمجنون أليق , فقلت من أين عرفتنى ؟ قال : لأنى أراك كل ليلة واقف على الباب , فعرفت أنك من جملة الأحباب "
الثالثة : قال الشبلى رضى الله عنه : " رأيت صبيانا يرجمون مجنونا , فسألتهم , فقال : أنه يزعم أنه يرى ربه , فدنوت منه , فاذا هو يرمق ببصره نحو السماء , ويقول : يا مولاى , أجميل منك تسلط على هولاء الصبيان ؟ فقلت له : تزعم أنك ترى ربك , فقال : وحق من تيمنى بحبه , وهيمنى بقربه , لو احتجب عنى طرفة عين , لتقطعت من ألم البين , ثم ولّى وهو يقول :

جمالك فى عينى وذكرك فى فمى * وحبك فى قلبى فأين تغيب