النص الكامل لدفاع العادلي
وعلى مدار ساعتين تحدث فيها العادلي، وزير الداخلية السبق والمتهم في القضية، من داخل قفص، محاولاً تبرير تعاملات أفراد الشرطة مع المتظاهرين، والقرارات التي أصدرها لقياداته في الاجتماعين الذي عقدهما قبل الثورة، بشأن التظاهرات، أكد أن الأحداث كانت أكبر من وزارة الداخلية وأفرادها، وقدم في نهاية كلمته العزاء لأسر الشهداء، وتمنى الشفاء العاجل للمصابين في أحداث الثورة.
واستهل العادلي كلمته التي كان يقرأها من ورقة بآية من القرآن الكريم، وقال: "سيادة القاضي وأعضاء هيئة المحكمة.. إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا، لقد ترافع المحامون عني وعن جميع المتهمين الماثلين في قفص الاتهام، تركزت مرافعاتهم في الأبعاد القانونية، وأقاموا أدلة مشروعة، ولكن إذا سمحتم أود أن أقول كلمة، فأرجو أن تفسحوا لي جانباً للحديث عن جوانب هامة، وأقولها للمرة الأولى وأعلن عنها، ولن أكرر ما قاله الدفاع، أقسم بالله العظيم أن ما أقوله هو الحق، وليس للتنصل من الجريمة.
وتناول العادلي في حديثه النقاط التالية:
أولاً: الوضع الأمني في مصر ما قبل 25 يناير 2011.
ثانيًا: مظاهر الحركة السياسية للقوى المطالبة بالتغيير في الشارع السياسي ما قبل 25 يناير 2011.
ثالثاً: الأحداث من 25 يناير حتى 29 يناير 2011 تاريخ استقالة الحكومة.
وسأراعى في سردي ألا أكرر ما سبق أن ذكرته في أقوالي أمام النيابة العامة إلا ما قد يستلزمه ربط الأحداث بما استجد من أقوال غيري ممن تم الاستماع لهم أمام حضراتكم.
رابعاً: عرض التعليق على مرافعات النيابة.
وبدأ بالمحور الأول وهو الوضع الأمني في مصر ما قبل 25 يناير 2011:
وقال" لقد توليت مهام منصبي وزيراً للداخلية في 17 نوفمبر 1997، إثر حادث إرهابي جسيم راح نتيجته ضحايا من جنسيات مختلفة، وذلك يوم 16 نوفمبر 1997، بمدينة الأقصر.. والذى أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة تأثر التوافد السياحى لعدة سنوات.. وكان هذا الحدث امتداداً لحوادث إرهابية شهدتها البلاد على طوال سنوات سابقة فى التسعينيات، كانت تمثل تهديداً خطيراً للأمن.. وتهديداً لحياة المواطنين، وراح نتيجتها العديد من الشهداء والمصابين من المواطنين الأبرياء أغلبهم من رجال الشرطة، مئات من الضباط ومئات من الجنود ماتوا شهداء فى سبيل الواجب.. ولم يُقتل منذ عام 1997 فى مواجهات مع العناصر الإرهابية إلا قلة منهم لا تزيد عن ثلاثين فرداً.. وكنتيجة لمبادأة تلك العناصر بضرب القوات بالنيران.. وتعرض أكثر من وزير داخلية لمحاولات اغتيال، وكان يُعد لى أيضًا ما أُعد لسابقى من وزراء الداخلية.
- وبعد مضى سنوات.. وبفضل من الله سبحانه وتعالى، وبجهد مضن بذله رجال الشرطة انحسر الإرهاب.. ونعمت البلاد بالاستقرار، الذى شهد له الجميع.. بل والعالم أجمع.. وبدأت معدلات النمو الاقتصادى والسياحى والاستثمارى تصل إلى معدلات غير مسبوقة تؤكده الأرقام، والتى لا مجال لسردها هنا.
- لقد اعتمدت خطة التعامل مع قوى التطرف داخل الجماعات الدينية على الدعوة لنبذ العنف.. نعم، نبذ العنف.. وتحقق نتيجة لذلك مراجعة عملية لتصحيح الأفكار والمفاهيم الخاطئة المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، والتى سميت بالمصالحة الفكرية أو المراجعات الفكرية.. والتى قام بها قيادات الجماعة الإسلامية مع عناصرهم فترة تواجدهم بالسجون، والتى ترتب عليها الإفراج عما يزيد على 90% من عناصر الجماعة بعد إعلانهم نبذ العنف، يمارسون حياتهم منذ الإفراج عنهم بحرية كاملة.
- بل أضيف سيادة الرئيس أن أربعة من عناصر الجماعة الإسلامية قد صدر عليهم أحكام قضائية بالإعدام.. لاتهامهم بارتكاب حوادث إرهابية.. وكان بعضهم قد تمكن من الهرب خارج البلاد وتم ضبطه وإعادته، وكان من المقرر أن يتم تنفيذ أحكام الإعدام عليهم، ولكن عندما عُرض عليّ الأمر لتنفيذ هذه الأحكام.. أوقفت تنفيذها، بالعرض على السيد رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت وشرحت وجهة نظرى بأنه لا أهمية لتنفيذ هذه الأحكام حينئذ حقناً للدماء، ومازال هؤلاء الأربعة أحياء انتظاراً لما تقرر بإعادة محاكمتهم.
- وعلى مستوى الأمن العام فقد تحقق أيضاً بفضل الله سبحانه وتعالى الكثير من الإنجازات.. انخفضت معدلات الجرائم انخفاضا ملموساً – تؤكده الإحصاءات – وشعر المواطن المصرى بالأمن فى سفره وترحاله، وتمت مواجهات حاسمة لجرائم الاتجار فى المخدرات خاصة فى السنوات الأخيرة بعد أن انتشرت وأصبحت تمثل تهديداً للشباب، ومصدر إزعاج للأُسر المصرية.
- كم من مواجهات أمنية عديدة حدثت سواء مع عناصر الإرهاب.. أو مع العناصر الإجرامية للقبض عليهم، وكانت المعلومات تؤكد أنهم يتحصنون فى الجبال.. أو فى الزراعات الكثيفة كالقصب.. وأنهم مسلحون بأسلحة آلية للتعدى على القوات.. فكنا نحرص بل ونشدد على السادة المساعدين ومديرى الأمن بألا نبادر بإطلاق الأعيرة النارية إلا إذا بادرت تلك العناصر بإطلاق النيران على القوات، ويكون ذلك فى حالة التعامل الحتمى لسلامة القوات.. وأن نحرص على ألا تكون الإصابة فى مقتل حتى نتمكن من التوصل إلى المزيد من المعلومات من هذه العناصر حتى نُقيم الدليل القاطع على جرائمهم- أمام القضاء.. رغم أنه فى أغلب المهام كان يقع قتلى ومصابون من رجال الشرطة نتيجة لمبادأة تلك العناصر بإطلاق النيران عليهم.
- أقول هذا للتأكيد أن الفكر الأمنى الذى نهجناه كان يعتمد على الفكر.. والصبر.. والاستيعاب وليس العنف والقتل وإراقة الدماء.
- مرت البلاد بظروف عصيبة وأوقات حرجة كثيرة.. وكان منهج التعامل بالسلم.. حافظنا ورجال الشرطة جميعاً على الأمن والأمان فى كافة ربوع مصر خلال سنوات عمرى كضابط.. أو وزير، ولم أتخذ قراراً إلا بعد التشاور مع القيادات.. وأعتقد أنها كانت على صواب إلا فى بعض الإخفاقات نتيجة عدم التوفيق.. وهذا هو حال أى إنسان.. يصيب ويخطئ.
- حافظنا ورجال الشرطة جميعاً ضباطاً وأفراداً على الأمن والأمان.. رغم ضعف الإمكانيات الشرطية.. كثيرون كانوا يعتقدون أن أعداد قوات الشرطة تزيد على المليونى فرد، وهذا غير حقيقى، ولم أكن أُعلق لأنى كنت أعتبر المحافظة على عدد القوات يجب أن يكون من أسرار العمل حتى لا نُقلل فيستهان بالقوات.. ولا نُضخم فنكون من الكاذبين.. ولولا ما حدث ما كنت قد صرحت بقوام القوات- قوات الأمن المركزى عددها مائة وعشرون ألف فرد (120000)- ويعمل فعلياً يومياً اثنان وخمسون ألف فرد فقط (52000) وقوات الشرطة الأخرى عددها مائتان وخمسة وسبعون ألفاً (275000) موزعة على محافظات الجمهورية، وباقى جهات الوزارة المختلفة.
- لقد تضاعف حجم المسئوليات الأمنية نتيجة التوسعات العمرانية- وزيادة عدد السكان وتحقيق مزيد من الإنجازات فى مجال الصناعة والسياحة والبنية الأساسية من طرق وكبارى وإنشاءات خدمية حكومية كالمدارس والمستشفيات ومحاكم وغيرها وتعمير الصحارى- كل هذه المجالات التى تحتاج إلى تواجد شرطى للتأمين وأداء خدمات للمواطنين.
- وقد يتبادر سؤال.. ولماذا لم يتم مضاعفة عدد القوات، أقول وفى حدود ما لا أريد الإفصاح عنه، ليس من السهولة مضاعفة الأعداد لأنى لست صاحب القرار المنفرد لإيجاد كوادر شرطية إلا فى كادر الضباط، لأن ذلك مرتبط بجوانب مالية، فالحكومة منذ سنوات طوال اتخذت قراراً بعدم التعيينات الجديدة فى الوزارات حداً من الإنفاق العام.. أما بالنسبة للضباط فلقد ضاعفت أعدادها، فبعد أن كان يتخرج سنوياً ما لا يزيد عن مائتى ضابط.. فقد أصبح لسنوات مضت عدد المتخرجين سنوياً يزيد على ألف ضابط وأكثر.
- لقد بذل رجال الشرطة بتوفيق من الله جهداً يفوق الطاقة البشرية خلال سنوات طوال قضيتها فى موقعى، الأمر الذى مكننا من تحقيق المعادلة الصعبة بين حجم المسئوليات الضخمة وحجم الإمكانيات الشرطية المحدودة.. وساد الأمن والاستقرار.