وشهد شاهدٌ آخر من أهلها:
حوار مع المؤتمر الوطني
السوداني محجوب عروة 19 /04 /2010م
في محادثة هاتفية بيني وبين صديقي البروفيسور إبراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني شرحت له وجهة نظري حول هذه الانتخابات من واقع تجربتي وآخرين كما شرح لي هو وجهة نظره وأبدأ بما قال لي باختصار ثم أعقب عليه.
قال لي أنه لا يعتبر هذه الانتخابات مزورة ولكن المؤتمر الوطني عمل بجد واجتهاد منذ اتفاقية السلام واستعد للانتخابات استعداداً كاملاً ودرب كوادره لهذه المناسبة فيما لم تقم الأحزاب المعارضة بأي نشاط ولم تستعد لها كما ينبغي سواء بالتسجيل أو التعبئة أو تدريب كوادرها وظنت أن الانتخابات لن تقوم واعتمدت خطاً سياسياً خاطئا ومعاكساً واعتمدت فقط على الهجوم على المؤتمر الوطني حتى فاجأتها الانتخابات فقاطع بعضها وشاركت أخرى بغير استعداد كاف .. فقلت له قد يكون ذلك صحيحاً وقد يكون المؤتمر الوطني قد عمل بكفاءة ولكني اعتقد أنه لم يعمل بالذكاء السياسي المطلوب ودونك الحزب الحاكم في مصر ضمن لنفسه أغلبية مريحة في البرلمان وترك البقية للأحزاب المعارضة بما فيها ألد أعدائه (الأخوان المسلمين) وكان قادرا على كسبها كلها مما أعطى انطباعاً بأن النظام المصري أكثر ديمقراطية من غيره من الأنظمة العربية ، ثم هناك العلمانيون الأتراك سمحوا لحزب إسلامي الأصل (حزب العدالة والتنمية) أن يفوز بغالب المقاعد فى ممارسة ديمقراطية محترمة فهل يكون علمانيو تركيا أفضل من إسلاميي السودان؟!!
صحيح أن الأحزاب السودانية المعارضة لم تستعد للانتخابات وظلت متشككة فيها وفي صدقية المؤتمر الوطني ولكن لنسأل لماذا حدث هذا؟ حدث لأن الإنقاذ ضربت هذه الأحزاب تحت الحزام منذ قيامها عام 1989 وأضعفتها إضعافاً شديداً وهذا خطأ كبير أدى إلى نمو الجهوية والقبلية والعمل المسلح في دارفور وقبلها الشرق .. في حين فعلت ذلك مع أحزاب الشمال فعلت العكس مع الحركة الشعبية.. أعطتها كامل الجنوب ونصف عائدات النفط ومواقع مهمة في السلطة في الشمال مما جعلها أكثر قوة فكيف تستطيع أحزاب الشمال أن تنافس وتعد نفسها للانتخابات؟ هل من مصلحة حزب المؤتمر الوطني إضعاف القوى السياسية الشمالية؟ ولماذا؟
الذكاء السياسي كان يفرض على حزب المؤتمر الوطني حتى لو كان أكثر استعداداً للانتخابات أن يفسح لأحزاب الشمال بنسبة لا تقل عن 25% من مقاعد البرلمان حتى يصبح خطوة متقدمة في عملية الوفاق الوطني والتحول الديموقراطي والحوار المستمر ويصبح البرلمان (المؤتمر القومي الدستوري الجامع والمستدام) لأربع سنوات قادمات ليدفع بالبلاد نحو التقارب والوفاق والإصلاح السياسي الشامل ويتفقوا على قواسم مشتركة ويصبح الحوار والتفاعل هو السمة الغالبة بدلاً عن الاحتقان .. أما بهذه الطريقة التى نال فيها المؤتمر الوطني 99% من السلطة في الشمال فيكون قد جعل بينه وبين القوى الأخرى حاجزا نفسياً وسياسياً ضارا بالوطن وسيكون في مواجهة الحركة الشعبية لوحدها قبل الاستفتاء وبعده ومعروف تعقيدات ذلك سياسياً وعسكريا واقتصاديا.. هذا غير الوضع الدولي المعقد وعلى رأسه المحكمة الجنائية، والوضع الاقتصادى المعقد ومشكلة دارفور.
أقول: الذكاء السياسي أهم من التمكين، فيا اصدقاءنا ويا اخواننا فى المؤتمر الوطني انظروا بعين المصلحة الوطنية لا الحزبية الضيقة، والله لا نريد غير مصلحتكم وفوقها مصلحة الوطن العزيز الغالي.. لقد سئمنا الصراعات والمكايدات والتنابز.