حديث المدينة
أخطاء فنية..!!
مفوضية الانتخابات تستخدم عبارة عجيبة في وصف الأخطاء القاتلة التي غمرت عمليات الاقتراع.. تقول أنها (أخطاء فنية) .. ما معنى (فنية!) هل يقصد بها (الفن) بمعنى الغناء والدراما أو التشكيل.. أم مقصود بها أنّها من شدة إتقانها (فنيّة!) تستحق أن يصف من صممها ونفذّها بأنّه (فنان!).. فالمريض الذي يموت في العملية الجراحية بسبب التخدير.. موته نتيجة أخطاء (فنيّة!!).. وإذا كتبت أي (شيك مصرفي) ووضعت التوقيع في محل التاريخ.. فسيلغى تماماً.. رغم أنه مجرد (خطأ فنّي).. بل إنّ مفوضية الانتخابات نفسها تلغي بطاقة الاقتراع إذا خرجت علامة (الصاح) من الدائرة المحددة في البطاقة.. رغم أنّه مجرد (خطأ فنّي!!).. الواقع الآن أنّ الانتخابات في عدد كبير من الدوائر في السودان سقطت ل(أسباب فنيّة).. ولا يمكن علاجها إلا بإعادتها.. فمثلاً الخطأ الذي حدث في الدائرة رقم (12) الثورة الشرقية التي ترشحت فيها ثمّ انسحبت هو خطأ غير قابل للتصحيح إلا بإعادة الاقتراع في الدائرة. لكنّي موقن أنّ المفوضية ستتحاشى الإعادة في معظم الدوائر ليس لأنّ ذلك أمر مستحيل أو صعب.. بل لأنّه يقذف حجراً ثقيلاً في كفاءة عمل المفوضية في هذه الانتخابات الأهم في تاريخ السودان.. في تقديري أنّ حجم المخالفات والأخطاء التي ارتكبت في العملية الانتخابية لا يمكن أن تكون (عفو الخاطر) أو مجرد ارتباك أو نقص الخبرة.. لأنّها أكبر من ذلك بكثير.. هناك عمل منظم وراءه عقلية خطيرة هي التي رتبت كل الذي حدث.. عقلية قررت أن تدمر مصداقية الانتخابات وتجعل منها (الكمين) الذي سيفتح النار على السودان كله في الأيام القليلة القادمة.. ما الذي يتوقع الناس أن يحدث عندما تلد الانتخابات مزيداً من الغبن وأحاسيس اليأس المستبد من بقاء الحال على ما هو عليه؟ بالتأكيد ستتراكم طاقة الحنق وترتفع لدرجة الغضب المفضي للانفجار.. صدقوني.. مشكلة الشعب السوداني أنّه لا يبعث برسالة تحذير مثل تلك التي ترسلها شركات الاتصالات عندما يقترب الرصيد من النفاذ.. في كل التجارب السابقة كان الشعب يصبر.. ويصبر.. ويصبر.. حتى ينفذ الرصيد.. ثم ينفجر.. فجأة بلا مقدمات لا ينتظر حتى مجرد التيقن من مصائر ما بعد الانفجار.. لن يتغير شيء.. حتى المناصب الوزارية سيفاجأ الناس بأن ذات الأسماء عادت.. ربما التغيير الوحيد الذي أتوقعه.. في وزارة (الأوقاف والإرشاد).. ستتحول إلى وزارة (الإرشاد والأوقاف).. وكان اسم وزيرها (محمد أحمد) سيستبدل بالوزير الجديد (أحمد محمد).. الخلود من صفات الله الخالق.. لم يمنحها أحد من البشر ولا حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم.. و فطرة الله التي فطر الناس عليها أن يكون لكل زمان رجال.. فإذا تيبس الحال فالأقرب للتوقع أن عقارب الساعة لن تتوقف.