عرض مشاركة واحدة
قديم 09-29-2011, 12:33 PM   #3
علي الشريف احمد
المُشرف العام
الصورة الرمزية علي الشريف احمد



علي الشريف احمد is on a distinguished road

B18 رد: النفحات المكية واللمحات الحقيقية



وأخذ هو الطريقة (النقشبندية) عن شيخ إرشاده المذكور وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث (سيدي عبد العزيز الدباغ)

وهو أخذ سلوكه عن (الخضر عليه السلام) وسند الطريقة النقشبندية الذي عن سيدي عبد الوهاب التازي غير سنده عن الدباغ .

وأخذت بعض هذه الطرق عن سيدي وشيخي العالم العامل العارف عمي وصنو أبي (السيد محمد يس) وهو أخذ عن والده الجد (السيد عبد الله الميرغني المحجوب) وكان هذا الرجل صاحب قدم في الولاية إلا إنه كان مختفي ، قال: فقدت مقلمة لي كانت في جيبي وكنت بالمدينة ، وصار لي أمر مزعج ألجأني للرجوع لمكة ، فوقفت تجاه المواجهة وأنا متحير في الأمر ، وهو أن أمانات كانت في بيتي لبعض الأهل والأحباب ، وبلغني أن من تركته في بيتي جاء إلى المدينة وترك المحل بلا أقفال ولا أبواب محكمة وحين وقوفي في المواجهة وجدت السكين التي تركتها في جيبي فقلت: إن ذلك تطمين من النبي صلى الله عليه وسلم وعلى نحو ذلك وبعض كرامات .

وأخذت الصلاة المشيشية ونحوها عن سيدي الوالد الولي (السيد محمد أبو بكر) وكان من الأولياء المستورين فذكر لي صادق أفندي بأسيوط وكان من أهل مكة وكان له تلق من الوالد قال : كنا بجبل السكراي بالطائف فجاء أخوك (السيد عبد الله) فقال: جاء مفتي الظاهر ، ثم جئت أنت فقال: جاء مفتي الباطن ، وأخبرني بهذه الواقعة قبل أن يتولى أخي المذكور الإفتاء بسنوات ، ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة والدي في ليالي انتقاله فقلت: يا رسول الله أين والدي فقال لي فقال : {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} . ولما انتهى الكلام على ذكر بعض مشايخي الذين تلقيت منهم وانتفعت بهم في طريق أهل الله أردت الكلام على السند الذي أغلب إجازاتنا به وهو سند الطريقة (النقشبندية) .

وها نحن نشرع في الكلام على الأساس الذي هو مبني طريقتنا قد تضمن كما قدمنا نهج الطريقة (النقشبندية) ، و(القادرية) و(الشاذلية) و(الجنيدية) و(الميرغنية) لأن فيه الاستغفار والكلمة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذه الطرق مبناها وجل أوردها ذلك والطريقة (الميرغنية) مثلهم ولها طريق خاص وهو جلاء البصيرة بكثرة رؤية المصطفى r ، وكل الطرق لابد لها من ذلك لكن يتفاوت الحال في ذلك .
[ntecenter]شرح الأساس[/cer]
بسم الله الرحمن الرحيم


بدأ الأساس بالبسملة إقتدا بقول سيد أولي الألباب : (بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب) (الحمد لله والشكر لله) أللإيقان بجلال الله (حمدا وشكرا من الله) بمنه سبحانه وتعالى (وإلى الله) صادرا من حضرته لأنه هو اللائق بعظمته وفي الحديث: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) (كما يليق بعظمة ذات الله) وهو المناسب لكبرياء الإله ، (في كل لمحة) تلمحها العيون (ونفس) يتنفسه المتنفسون (عدد ما وسعه علم الله) وهذه الأعداد لا يحصيها كاتب ، (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلاة أنال ببركتها حسن الختام) أي الذي هو أقصى المرام (صلاة بعدد تجليات الله لسيد الأنام) أي بعدد تجلي الحق للحضرة الأحمدية وذلك لا يتناهى وحق رب البرية (وعلى آله وصحبه) الذين هم هداتنا ومصابيح الظلام . (السلام) ثم يقول الذاكر: (اللهم إني أقدم إليك بين يدي كل (نفس)هو الصاعد من كل متنفس (ولمحة) يلمحها (ولحظة) يلحظها (وطرفة يطرف بها) جميع عوالمك (أهل السموات وأهل الأرض وكل شيء هو في علمك) يا محيطا بكل شيء (كائن) يبرز (أو قد كان) برز (أقدم إليك بين يدي ذلك كله) يا من وسع علمه كل شيء ، ] اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حفظُهُمَا وَهُوَ لْعَلِيُّ الْعَظِيمُ. [ ورد في الحديث عن موسى عليه السلام عن جبريل : (إن ربك يقول لك: من قال في دبر كل صلاة مكتوبة مرة واحدة : اللهم إني أقدم إليك إلى آخر آية الكرسي ، فإن الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة ليس منها ساعة وإلا يصعد إلي منه فيها سبعون ألف ألف حسنة حتى ينفخ فيها إسرافيل في الصور وتشتغل الملائكة بكتب ثوبها وقال r : (إن أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها يبعث الله له ملك يكتب له من حسناته ويمحو من سيئاته إلى الغد من تلك الساعة) ، وورد مرفوعا : (إنها ما قرأت في دار إلا هجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحره) ، وإلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضائلها . ثم يقرأ الذاكر آخر سورة البقرة ] لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (*) آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (*) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَي الَّذِينَ منْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَي الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[ وفي الخبر مرفوعا : ( إنها نزلت من كنز تحت العرش ، وإن من قرأها في كل ليلة تكفيه) ، ثم يقرأ الذاكر ].شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (*) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ[ ، ثم يقرأ الذاكر ] قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (*) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ ثم يقرأ الذاكر (الإخلاص ثلاثا والمعوذتين مرة مرة ، والفاتحة مرة ، ذكر الجد في (جواذب القلوب) عن سيدي عبد الوهاب الشعراني عن الخضر عليه السلام قال (سألت أربع وعشرون ألف نبي عن استعمال شيء يأمن به العبد من سلب الإيمان ، فلم يجيبني أحد منهم حتى اجتمعت بمحمد r فسألته عن ذلك ؟ فقال : حتى أسأل رب العزة فقال : من واظب على قراءة آية الكرسي وآمن الرسول إلى آخر السورة ،وشهد الله إلى قوله : الإسلام ، وقل الله مالك الملك إلى قوله: بغير حساب وسورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة عقب كل صلاة أمن من سلب الإيمان) أقول : ولذلك جعلت هذه الأشياء العظيمة في الأساس لعظمة فائدتها بل هي بغية كل أحد وأعظم رأس مال كل ولي مؤمن ، ثم يقول الذاكر { استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه (ثلاثا)} وفي الحديث : {أن من قال ذلك ثلاث مرات غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر } وينوي في الأولى ما وقع منه في حين الأساس من التقصير والنقص وبالثانية ما خطر له من الخواطر الكونية ، وبالثالثة ما جرى على فكره من طلب ما سوى الله . ثم يقول الذاكر: (لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله ) فضل الكلمة لا يحصى ، وأسرارها لا تستقصى وبها الدخول في الإسلام والترقي لأعلى درجات الإيمان والإحسان ، قال الله تعالى : {فأعلم أنه لا إله إلا الله} وقال النبي r ( أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ) إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة والواردة في فضلها ، ومن أراد ذلك فعليه ب (شرحنا الكبير على راتبنا) فقد بسطنا الكلام عليها هنالك وكل الطرق هي عمدة أذكارها ومنبع أسرارها ، والكلمتان هاتان عن سيدي أحمد بن إدريس تلقيتهما في المعابدة وهو واقف وذكر لنا أنه تلقاها من الحضرة العلية . قال الجد في (الجواذب) : في الذكر بالكلمتين وإفراد الأولى ما محصله إن من العارفين من اختار الجمع بين الكلمتين ليبوسة وحرارة الأولى فتردها الثانية لبرودتها ورطوبتها وإن من لا يتأذى بحرارة لا إله إلا الله وكانت موافقة لطبعه فالأولى له الإفراد وهي متضمنة معنى الثانية (مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) ، فما كان بالقلب فهو من سلك الطريقة (النقشبندية) وما كان باللسان فهو منها ومن باقي الطرق الأخرى المذكورة. ثم يقول الذكر (الله الله مائة ، نصف بالقلب ونصف باللسان) أيضا ، والشأن فيهما كل ما تقدم، وهذا الاسم هو سر الذات وسلطان الأسماء ، وأكمل الذكر به ، وأعظم الأمور بمدده وأسماء الحق كلها يتخلق بها إلا هذا الاسم فلا يتخلق به ، لان مضمونه الإلوهية ، وكان سيدي القطب الغوث أبو العباس المرسي t يحث أصحابه على كثرة الذكر به ويقول هذا الاسم سلطان الأسماء ، وله بساط وثمره ، فبساطه العلم وثمرته النور ، وإذا حصل النور حصل الكشف والعيان . ثم يقول الذاكر (هو هو مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) والشأن في التقسيم كما مره يا فهيم ، والذكر بالهوية له فيوضات بهية . قال سيدي عبد الله الميرغني في (الجواذب) : منهم ، أي من أهل الله من اختار الذكر بلفظ هو فإنه وإن كان موضوعا عند أهل الظاهر للإشارة ولا يتم إلا بمميز فهو عند أهل الباطن إخبار عن نهاية التحقيق وموضوع للدلالة على الحقيقة فيكتفون به عن كل بيان يتلوه لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم فما سواه لا شيء حتى تقع الإشارة إليه . ثم يقول الذاكر (حي قيوم مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) وقد مر البيان وهذا الذكر له في تنوير القلب وتصفيته وفتحه إلى مشاهدة الملكوت ،والإطلاع على الجبروت ، والفناء في اللاهوت شأن عظيم وقد قال كثير من أهل الله فيه : إنه هو الاسم الأعظم أخرج السيوطي في الجامع الصغير عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } {الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفيه عن أبي أمامة مرفوعا : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن العظيم : في البقرة لأنه هو (الحي القيوم) ، وورد أنه : ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم) ، والحاصل أن اسم الله الأعظم سبعة هو عشر حرفا ، ولا يقدر على الذكر به بالحال إلا الكمل ، ولا يعرف حقيقته إلا من تكمل ، وبعض من حروفه في بعض تركيب أسماء لها بعض الشأن .

مما قاله بعض العارفين في الذكر: أعلم أن (لا إله إلا الله ) قوت القلوب ، و(الله الله) قوت الأرواح (وهو هو) قوت السر .وأعلم أن هذه الثلاثة : أعني القلب والروح والسر ليست من عالم الخلق بل هي من عالم الأمر وهو المراد من قول القطب العيدروس قدس الله سره ونفعنا به : ثلاثة أحرف بين أهل العلم سارت ، قلوب الكل فيها قد تاهت ونارت . واختلف في محل هذه الثلاثة ، فأما القلب فلا خلاف في أنه يتعلق بالجنب الأيسر ، وأما الروح فهو يتعلق بالجنب الأيمن وقال : إن السر في الجنب الأيسر فوق القلب وقيل أن نور القلب أصفر ، ونور الروح أحمر ، ونور السر أبيض . وفي كلام بعضهم : إن القلب تحت الثدي الأيسر بأصبعين ، والروح تحت الثدي الأيمن بحذاء القلب والسر فوق الثدي الأيمن مائلا إلى وسط الصدر. وفي كلام البعض إن الروح تحت الثدي الأيمن والقلب تحت الثدي الأيسر ، والسر تحت أضلاع الصدر في الوسط .

قلت: والذي تقتضيه العبارة أن بعضها في البعض والسر في الروح والروح في القلب، ذلك ثلاث دوائر: الدائرة الأولى في القلب والدائرة الثانية التي هي وسط هذه الدوائر هي الروح، والدائرة الثالثة التي وسط هذه الدوائر هي السر. ولما كانت طريقة الإرادة لي هي (الختمية) جنحت إلى ذاك كما أشرت إليه . إذا علمت ذلك :

فأعلم أن مكاشفات القلوب لذلك بذكر (لا إله إلا الله) ، ومكاشفات الأرواح بذكر (الله الله) ،ومكاشفات الأسرار بذكر (هو هو) وقوت القلوب ذكر (لا إله إلا الله) ، وقوت الأرواح ذكر (الله الله) ،وقوت الأسرار ذكر (هوهو)، ف (لا إله إلا الله) مغناطيس القلوب و(الله الله) مغناطيس الأرواح (وهو هو) مغناطيس الأسرار ، فالقلب والروح والسر بمنزلة درة في صدفة في حقه فألحقه بمنزلة القلب ، والصدفة بمنزلة الروح ، والدرة بمنزلة السر وإن شئت قلت بمنزلة طائر في قفص في بيت فالبيت بمنزلة القلب والقفص بمنزلة الروح والطائر بمنزلة السر ، فهما لم تصل إلى البيت لا تصل إلى القفص ومهما لم تصل إلى القفص لا تصل إلى الطائر وكذلك مهما لم تصل إلى القلب لم تصل إلى الروح ومهما لم تصل إلى الروح لم تصل إلى السر ، فإذا وصلت إلى البيت فقد وصلت إلى عالم القلوب الذي هو عالم الملكوت المقابل لعالم الملك الذي هو عالم الشهادة ، أعني عالم الدنيا وإذا وصلت إلى القفص فقد وصلت إلى عالم الأرواح الذي هو عالم الجبروت وإذا وصلت إلى الطائر فقد وصلت إلى الحضرة اللاهوت ، وهو عالم الأسرار

وأعلم أنك متى فنيت عن عالم الشهادة هذا ، وهو عالم الملك الذي قدمناه وغبت عنه بدخول في عالم الملكوت يصير عالم الشهادة غائبا عنك ،وعالم الغيوب الذي هو عالم الملكوت شهادة لك ، أي تكون معاينا له تراه بعين بصيرتك ، فعالم الملك ما يرى بعين البصر وعالم الملكوت ما يرى بعين البصيرة ، وهذا عندهم هو الفناء الأول ، ولا يزال في سيره حتى يقطع هذا العالم لأنه كما أن الوقوف مع عالم الملك حجاب ، غير أن الأول حجاب ظلماني ، والثاني حجاب نوراني ، وأكثر ما يحتاج السالك إلى المشايخ في قطع هذا الحجاب ، فإنه بعض ظهوره ربما ظن السالك أنه وصل إلى المقصود فينحجب به وينقطع به ، فإذا جاوز عالم الملكوت وهو عالم القلوب ، دخل في عالم الجبروت الذي هو عالم الأرواح وهذا العالم غيبي بالنسبة إلى عالم الملكوت ، فيصير عالم الملكوت له غيبا وعالم الجبروت له شهادة فهذا مبدأ الفناء الثاني ، ولا يزال مستمرا على سلوكه ملازما على إقباله حتى يدخل حضرة اللاهوت وهو عالم الأسرار ، وهذا هو كمال الفناء الثاني ، ويسمى فناء الفناء ، فيفنى عن الخلق ويفنى عن فنائه، وهذا هو فناء منتهى سير السالكين ، وهو الفناء المحض ومن هنا يرجع إلى عالم البقاء ، المعبر عنه أيضا بالفرق الثاني ، وبالصحو بعد المحو ، ويعبر عنه أيضا بانصداع الجمع وبالفرق بعد الجمع بظهور الكثرة في الوحدة واعتبارها فيها ، ويعبر عنها بمحو المحو وفناء الفناء الذي هو عين البقاء وجمع الجمع ، وشهود الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة فيحصل له شهود التفرقة في عين الجمع حيث لا يكون أحدهما حجابا عن الآخر ، فصاحب هذا المقام لا يحجبه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق ، بل يشهد الحق في الخلق والخلق في الحق فيعطي كل ذي حق حقه وأما من شهد الظاهر فقط فإنه فني به عن المظهر فلم يشهده وهذا هو صاحب الجمع والاستهلاك والاضمحلال في الذات البحت ، وهو صاحب السير الأول من الخلق إلى الحق ، وهذه المنزلة هي المعبر عنها بالولاية ، وكذلك من يشهد المظهر فقط فإنه يفنى عنه الظاهر فلم يشهده وهو صاحب الذوق الأول ، وأما من يشهد جميعا فهو الذي لم يحجبه حق عن خلق ولا خلق عن حق وهو الراجع من الحق إلى الخلق مع شهود الحق وهذه المنزلة المعبر عنها بالفتوة ، وفناء الفناء ، والبقاء والتكميل في الورى ، وصاحب هذا المقام هو الذي له من كل المقامات واردات ، وفي كل الحضرات له مشاهدات ، ومن كل الأسماء عليه تجليات ، فتارة يتكلم بلسان الحقيقة مع استهلاك الصرف ، وتارة بلسان الصحو الثاني فرقا أو مع شيء من السكر ، وهو الذي يصلح للإرشاد ، لا أن هذا المقام هو مقام إرشاد المريدين وتربية السالكين ، فهذا المقام في الولاية بمنزلة الرسالة في حق المرسلين من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، لأنه مقام دعاء الخلق إلى الله بالله ، وهو المشار إليه مع مقام الولاية بقوله عليه الصلاة والسلام : (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) و(العلماء ورثة الأنبياء) والحديث الأول وإن وقع فيه كلام من علماء الظاهر فقد تداولته في كتبهم وعلى ألسنتهم علماء الباطن ولنا أسوة بهم ولعله صح عندهم عن طريق الكشف ، كحديث (كنت كنزا مخفيا) فقد صححه كشف الشيخ الأكبر قدس الله سره في كتابه (الفتوحات المكية) . ثم يقول الذاكر (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك يا أحد) ولا يعلم أحد مقدار ذلك إلا الله المالك (ثلاثة عشر مرة) وهذا العدد له مدد يمد التالي إلى مراقي درج القطبية والغوثية ، كما يعلم من أطلع على درجة الولاية البهية ، ثم يقول الذاكر


علي الشريف احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس