الموضوع
:
مقوِّمات بناء الحضارة: القواعد
عرض مشاركة واحدة
09-01-2011, 06:50 PM
#
2
علي الشريف احمد
المُشرف العام
رد: مقوِّمات بناء الحضارة: القواعد
القاعدة الثانية: العادة محكمة:
وأصل هذه القاعدة قوله تعالى: (خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ) [الأعراف:199]، ويقول ابن مسعود، رضى الله عنه: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح» وهو حديث حسن، وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع، لأنه لا مدخل للرأى فيه، وفى السيرة النبوية عدة نماذج توضح لنا كيفية التعايش مع العادات المختلفة، فهناك النموذج المكى قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، وهناك النموذج المكى بعد بعثته، وهناك نموذج الحبشة مع قوم يدينون بدين المسيحية، وهناك نموذج المدينة فى عهدها الأول مع تعدد الديانات من يهودية ومسيحية وإسلام، وهناك أخيراً نموذج المدينة فى عهدها الأخير قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وكيف انفتح المسلمون على الشعوب المختلفة فتعايشوا معها واندمجوا بها دون أن يفقدوا هويتهم.
القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير:
والأصل فى هذه القاعدة قوله تعالى: (يُرِيدُ الله بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ) [البقرة:185]، وقوله تعالى
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الرّفق لا يكون فى شىء إلّا زانه، ولا ينزع من شىء إلّا شانه»(أخرجه مسلم)، وعن عائشة رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول فى بيتى هذا: «اللّهمّ من ولى من أمر أمّتى شيئا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمّتى شيئا فرفق بهم فارفق به») (أخرجه مسلم)، وعن أبى الدّرداء، رضى الله عنه، عن النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أُعْطِىَ حظّه من الرّفق فقد أعطى حظّه من الخير، ومن حرم حظّه من الرّفق حرم حظّه من الخير» (أخرجه الترمذى فى سننه).
القاعدة الرابعة: اليقين لا يُزَالُ بالشك:
واليقين فى الاصطلاح: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت عن دليل، أما الشك فهو التردد بين النقيضين، بلا ترجيح لأحدهما على الآخر، ودليل هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه أَخَرَجَ منه شىء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (أخرجه مسلم)، وهوية الإسلام وأصوله من الأمور اليقينية فلاشك فيها، فعدد صلوات اليوم والليلة هى خمس، وعدد ركعات كل صلاة أمر متفق عليه، ومقدار الزكاة محدد ومعلوم، والصيام الواجب فى شهر رمضان أمر ثابت، والحج إلى بيت الله الحرام فى مكة وغير ذلك من ثوابت الدين أمور يقينية لم يشذ عنها عاقل عبر العصور، أما الخلاف فى المسائل الفرعية فهو سعة ورحمة تؤكد عالمية الإسلام وشموليته.
القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها:
والأصل فى هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (صحيح البخارى)، ويندرج تحت هذه القاعدة قضية كبيرة ومحورية فى بناء الحضارة وهى قضية التغيّر والتغيير، فالفرق بينهما هو القصد والإرادة التى يلزم منهما وضع الخطة والتنفيذ.حيث إن التغيّر يحدث تلقائياً بتبدل الزمان وتغير الناس بالحياة والموت، وجريان الأحداث وتشابكها،
أما التغيير فهو ينظر إلى الواقع ويرى فيه شيئاً لابد أن يتبدل، وهنا يظهر القصد والإرادة لذلك التبديل، ويسعى الإنسان لوضع خطة مناسبة ويقوم بتنفيذها حتى يتم مراده أو بعض مراده من هذا التغيير. وتحت عنوان التغيير يقع المصطلحان (الإصلاح والتجديد)، وهما ليسا ضدين لا يجتمعان، ولا يفرح أحدنا بل ينبغى ألا يصنف نفسه مع الإصلاح فى مقابلة التجديد أو مع التجديد فى مقابلة الإصلاح، أو أن نصنف الناس بأن هذا مصلح وهذا مجدد. لأن التغيير المنشود يحتاج إلى الإصلاح والتجديد معاً. وفى بعض الأحيان تختلف النسبة فنحتاج إلى الإصلاح بنسبة أكبر من التجديد أو العكس، أو نكون على حد سواء فى الاحتياج إليهما معاً وبنسبة متساوية.
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم
بالتسجيل من هنا
علي الشريف احمد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى علي الشريف احمد
زيارة موقع علي الشريف احمد المفضل
البحث عن كل مشاركات علي الشريف احمد