الموضوع
:
مقوِّمات بناء الحضارة: القواعد
عرض مشاركة واحدة
09-01-2011, 06:49 PM
#
1
علي الشريف احمد
المُشرف العام
مقوِّمات بناء الحضارة: القواعد
أ. د. / علي جمعة
إن بناء الحضارة عملية فكرية فى مقامها الأول تبدأ فور إدراكنا محور هذه الحضارة حيث يجب أن تسير عملية البناء فى فلك هذا المحور، فلا تشذ عنه ولا تتعارض معه، وتبدأ عملية البناء من تحديد القواعد وتنتهى عند تحقيق الغايات، فلكل حضارة قواعد أساسية يقوم عليها البناء وغايات عليا تسعى لتحقيقها، وهذه القواعد وتلك الغايات هما طرفا عملية البناء الدائرة حول المحور.
وإذا نظرنا لحضارة الإسلام وجدنا أن محورها كما بينَّا هو النص بشقيه القرآن والسنة، وتبدأ عملية بنائها الفكرى بتحديد القواعد الكلية التى سيتم تنظيم الفكر وفقاً لها، ثم تحديد الغايات المقصودة من بناء هذه الحضارة، ثم نرسم خطاً مستقيماً بين القواعد والغايات وهو الخط الفكرى للحضارة، ثم يبدأ بعد ذلك البناء المادى الذى يكون فى حقيقته انعكاساً واقعياً لما تم بناؤه فى الفكر، فمع تحديد القواعد يتكون عقل المسلم فيعرف كيف يفكر؟ وبم يفكر؟ وما القواعد الضابطة له فى التفكير؟
وكيف يتعامل مع الأحكام ومع الشريعة، ومع الواقع، ومع الآخر، بل مع نفسه؟ ويتعلم كيف ينظم علاقته مع ربه، ومع الكون، ومع الإنسان، ويتعلم كيف يرى ماضيه، وحاضره، ومستقبله، فإذا أدرك كل هذا استطاع أن يبنى حضارة تجوب الآفاق.
وأمهات القواعد فى الفكر الإسلامى خمس، وهى التى يدور عليها معظم أحكام الشريعة الإسلامية، وقد نظمها بعضهم فى قوله:
خمسٌ محرَّرة قواعد مذهب للشافعى بها تكون خبيرا
ضررٌ يُزَالُ وعادةٌ قد حُكِّمَتْ وكذا المشقةُ تجلب التيسيرا
والشك لا ترفع به متيقنا والنية اخلص إن أردت أجورا
وتفصيل هذه القواعد الكلية الخمس فيما يلى:
القاعدة الأولى: الضرر يزال:
وهذه القاعدة مسوقة لبيان وجوب إزالة الضرر إذا وقع، وأصل هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه أحمد وابن ماجة)، وتتعلق بهذه القاعدة قواعد فرعية مهمة تؤسس الفكر والحضارة معاً منها: الضرورات تبيح المحظورات، بشرط عدم نقصانها عنها، ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة، وجاز التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه، وغير ذلك، ومنها: ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، ومن ثم فلا يأكل من الميتة إلا بقدر سد الرمق، ومنها: الضرر لايزال بالضرر، ومنها: إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، ومنها: درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة، قدم دفع المفسدة غالباً، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (رواه البخارى ومسلم)
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم
بالتسجيل من هنا
علي الشريف احمد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى علي الشريف احمد
زيارة موقع علي الشريف احمد المفضل
البحث عن كل مشاركات علي الشريف احمد