عرض مشاركة واحدة
قديم 08-12-2011, 02:52 AM   #128
سلوى عبد السلام سرور

الصورة الرمزية سلوى عبد السلام سرور



سلوى عبد السلام سرور is on a distinguished road

افتراضي رد: واحة الصائم ،، والمواضيع الرمضانية ،، فلنشارك جميعاً ،،،


أوسطه مغفرة
من رحمه الله سبحانه وتعالى بعباده ، إلى جانب نعمه التي لا تحصى ، أن فتح لهم باب التوبة ، ووعدهم بالمغفرة ، ولعل من أول مظاهر الرحمة ، وأعظم ثمارها ، ما قطعه الله على نفسه ، من عهود ومواثيق المغفرة ، التي منحها لعباده بقوله : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } .. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } .


تلك المغفرة التي تمنح الفرد القدرة الهائلة ، والحرية والإرادة الكاملة ، للفعل والتجديد والتجدد ، بعد الإحساس بها والطمأنينة ، إلى مواثيق الله ، وعهوده ، ومهما كانت تلك الذنوب التي تطارد الإنسان ، وتقض مضجعه ، ومهما كان ذلك التاريخ الطويل ، من السقوط ، والوقوع في الإثم ، والقلق على المصير ، فإن العزيمة على الرشد والتوبة ، كافية لأن تحقق له الولادة الجديدة ، وتمكنه من التخلص ، والانخلاع ، والتجاوز ، والإقلاع صوب فعل الخير من جديد ، دون أن تطارده ذنوب وآثام ومعاصي الماضي ، مهما عظم شأنها ، إنه بالتوبة أو بامتلاك القدرة على التوبة ، بإمكانه أن يتخلص من حالات اليأس ، والقلق ، والقنوط ، الذي يأكل سعادته ، ويشقي حياته.


ولا شك أن للتوبة شروطاً ، تنطلق من داخل النفس ، وإعادة بنائها بشكل سليم ، وذلك بالعزيمة على عدم العودة إلى الفعل السوء ، والتصميم على الثبات على فعل الخير ، ومن ثم الندم على الماضي ، وما تم فعله من السوء فيه والإقلاع عن الذنوب فوراً ، والبدء برحلة الخير ومسالكها ، من فعل الحسنات ، لأن الحسنات يذهبن السيئات.


وكأن التوبة ، تلك الرياضة النفسية ، التي تعني التغيير النفسي ، والتحول ، وإعادة صياغة الإنسان ، هي الباب المفتوح دائماً ، الذي يسمح لنا بالدخول إلى ساحة المغفرة ، التي تتوافر أسبابها في كل حين ، حيث يبسط يده بالليل ، ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ، وفي رمضان بشكل أخص ، تفتح الأبواب على مصاريعها ، وكأن صوم رمضان مناخ لها ، ومعوان عليها ، (إذا جاء رمضان ، فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين).


فإذا أحس الإنسان فعلاً بالنظافة ، والتطهر النفسي ، واستيقن أنه تخلص من الآثام ، وأنه استطاع أن يسقط ، ويلغي من تاريخه ، النقاط السوداء التي تطارده ، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون - فمن منا يخطئ - أصبح بإمكانه أن يكون مطمئناً إلى مصيره ، بعد أن حطم الأغلال والآثار السابقة وانعتق منها : (فمن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) (ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).


إنها الولادة الجديدة التي تحقق في رمضان ، حيث يتغير في رمضان إلى جانب كل المعاني النفسية الكبيرة ، مألوف الإنسان ومعروفه في الطعام ، الشراب ، والنكاح ، والعلاقة مع الناس ، وإيقاف الخصومة ، والتفحش والسباب ، والشتائم ، ومقابلة السوء بالإحسان ، (فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم) الأمر الذي يستدعي التغيير في سلوكه خلال شهر كامل ، حتى يصبح ذلك خلقاً له.


من هنا نجد أن قافلة الخير ، تتسع في رمضان ، وفعل الخير ، يزداد في رمضان ، وروح التراحم والتكافل ، تسود في رمضان ، وكثير من الناس ، يعلقون توبتهم على رمضان ، ويبدأون مشوار الخير في رمضان ، ويقلعون عن مساوئهم في رمضان ، وعلى الرغم من أن الكثير ما يعودون بعد رمضان إلى ما نهوا عنه ، إلا أن الكثير أيضاًَ يشكل رمضان بالنسبة لهم محطة التحول ، والتزود بطاقات الخير ، كما يشكل لهم مرحلة الانعطاف الكبير في حياتهم ، صوب الخير ، فهو رحمة ، ومغفرة ، وعتق من النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوله رحمة ، ورحمة الله وسعت كل شيء وأوسطه مغفرة { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } ، وآخره عتق من النار ) .



وأعتقد أننا لو أحسنا التربية والتدريب على معاني الصوم ، وعطائه في الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، لكانت العبادات بشكل عام ، والصوم بشكل خاص ، علاجاً للمأزومين والقلقين ، واليائسين ، والقانطين ، ليعيشوا من جديد ، في ظلال الرحمة التي تمكنهم من البوح بما في داخلهم إلى الله ، الذي لا تخفى عليه خافية ، ولا يفضح الإنسان ويستره ، ومن ثم غسل نفوسهم وتزكيتها ، ليتخلصوا من مطاردة الذنوب والآثام ، والتوبة والدعاء ليست موقفاً سلبياً لفظياً ، يشكل لحظة في حياة الفرد ، ثم يعود لما تاب عنه ، وإنما هي موقف إيجابي ، يعني المراجعة والانعطاف والتغير والتجدد ، إنها موقف الرشد ، والعزيمة عليه وولوج بابه المفتوح. قال تعالى في أعقاب آيات الصيام ، وما تمنحه من التقوى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

سلوى عبد السلام سرور غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس