طيارين ومختصين في الصيانة. وعند الحديث عن الميزانية فإنني أذكر أن دول الغرب كلها على استعداد لمساعدة المصريين في كل الميادين التي تؤدي إلى استقرارهم الذي هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة.
لقد أنعشت الثورة قلوب الجميع، بما فيهم هؤلاء الذين يتصورون القتل - قتل الرئيس السادات بالتحديد - نشاطا داخلا في دائرة الاجتهاد يستحق صاحبه عنه أجرين عندما يصيب وأجرا واحدا إذا أخطأ، أو على الأقل هذا ما صرح به السيد عبود الزمر في برنامج تلفزيوني. لقد بدأنا نسمع هذه الأيام عن فصيل جديد من الإسلاميين هو «السلفيون» ليعطي المتطرف الديني نفسه ما شاء من الأسماء والألقاب، غير أني أفضل له اسما واحدا هو «المتطرف الديني». أحد مشايخ هؤلاء التلفزيونيين المتحمسين أعلن فرحته بنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية وسماها «غزوة الصناديق»، ثم صاح في انتصار ونشوة: «البلد بقت بلدنا دلوقت». ترى من هم الكفار في هذه الغزوة؟
كان وقع هذه الكلمات سيئا للغاية على المصريين جميعا، بعد أن رأوا فيها اختطافا لصناديق الاقتراع وبالتالي الديمقراطية لصالح التطرف، فعاد يقول: «الكلام كان بضحك.. كان بهزار.. كان بعفوية.. كان ببساطة.. كان ضحك جدا.. كانت مجرد مزحة ليس أكثر». لا يا سيدي، لم تكن نكتة، لم تكن مزحة، لم يكن هزارا، كان كلاما جادا قلته بإيمان وصدق وكنت تعنيه تماما، كنت تعني أن البلد بات بلدكم. غير أنك تعجلت الأمر في ذلك يا سيدي، هذا البلد الذي يسمى مصر هو بلد كل هؤلاء الذين يعيشون على ترابه، ونصيبك فيه يعادل نصيب أي مواطن فيه. وللحفاظ على كل أنصبة الناس متساوية، لا بد علينا جميعا - بما في ذلك أنت - أن نحترم الدستور والقوانين التي تمنع العمل السياسي على أساس ديني.
أما حكاية الضحك والمزاح والدعابات فهي مهنتي، أنا أفهم في الهزار والمزاح والنكت والنكد أيضا أكثر من كل غزاة الصناديق، وأعرف جيدا بحكم التخصص أن ما قلته أنت لم يكن هزارا.
إن معظم النار من مستصغر الشرر، ودرس التاريخ يقول إن العنف يرد عليه بأكبر قدر من العنف، لقد طالعتنا جرائد الصباح منذ يومين بخبر بشع حدث في قنا وهي عاصمة محافظة في صعيد مصر، أقام بعض الناس الحد على أحد المسيحيين، اقتحموا شقته وقطعوا أذنه بدعوى أنه يدير بيته في شؤون منافية للآداب، وأنه يستخدم فتيات مسلمات في ذلك. والله لو كان الأمر كذلك لذبحوه عدة مرات، هذه أول مرة في حياتي أعرف أن هناك حدا شرعيا بهذه المواصفات، وأتصورها عقوبة من الحكم المملوكي في مصر. هذا هو بالتحديد العنف الذي لا بد أن يرد عليه بأكبر درجات العنف. إن إطفاء النيران عالية الكلفة، بينما اكتشاف مستصغر الشرر والتعامل معه بسرعة هو خطوة على الطريق الصحيح لحماية الناس من هؤلاء الذين يتصورون أن البلد بلدهم وأنهم يستطيعون إخفاء وحشيتهم تحت دعاوى الغيرة الدينية.
نحن جزء من العالم المعاصر المتحضر، فلا يجب أن ينسينا أحد ذلك، ونحن في حاجة إلى الثقة بأنفسنا، وعندما نخدع أنفسنا بالمنطق الصوري ونقول إن الانتخابات المقبلة ستأتي بجماعة الإخوان وأعضاء الحزب الوطني، ثم نتفرغ بعدها لندب حظنا ومستقبلنا الديمقراطي التعس، فعلينا أن نعرف أنه في هذا الجو الذي نعيشه الآن لا الإخوان هم الإخوان ولا أعضاء الحزب الوطني هم أعضاء الحزب الوطني الذي كان. سيكون هناك دستور وقوانين وعلينا حراستها جميعا من كل من يفكر في العدوان عليها. على الناس أن تختار وأن تدفع ثمن اختيارها. والله لا يوجد ما نخشاه.
عضو الحزب الوطني قبل 25 يناير (كانون الثاني) كان عنده الفلوس والمناصب والشرطة والمباحث والبلطجية والمحافظ والمجلس المحلي والصناديق والإعلام، فهل لذلك كله وجود الآن؟
هذا عصر حقوق الإنسان الفرد وزوال الديكتاتورية، وعلى الفرد المتميز أن يتقدم الصفوف حتى لو كان عضوا في حزب أو جماعة العفاريت الزرق
علي سالم