البناء السياسي للنظام المصري يشبه، إلى حد كبير، جامع محمد علي في القلعة؛ قشرة فضية بيضاء تلمع في أشعة الشمس، موحية بأن البناء حديث، أو جزء من عالم الحداثة، أما ما تحت القشرة الفضية، فهي أحجار قديمة وثقيلة ثقل النظام القديم، يصعب تغييرها أو تكسيرها؛ لأنه متى ما كسرناها لم يعد هناك مسجد، ومتى ما دخلنا انتخابات حرة نزيهة لن يبقى هناك نظام.. فنظام مبارك كان مربوطا بمبارك، الذي ما زال موجودا في شرم الشيخ ولم يقدم لمحاكمة، أو تمس منه شعرة. البناء الإقطاعي القديم الذي يحمل فوقه تلك القشرة اللامعة ما زال قائما، فلقد كان نظام مبارك قشرة، ويبدو أن المجلس العسكري يريد استخدام الثورة كقشرة جديدة أكثر لمعانا، لكن التزوير وتغيير الصناديق ما زالا يسيران في طريقهما الطبيعي.
لقد كتبت، في مقال سابق، أن المجلس العسكري، بضرورة الاستسهال وليس بسوء النية، عقد صفقة مع الإخوان؛ لأنهم كانوا القوة الوحيدة المنظمة للمجتمع، ولم يعرف المجلس أن الصفقة مع الإخوان دائما تأتي محملة، أي زاد الإخوان عليها السلف والجماعات الإسلامية المختلفة. فغريب أن تكون الذراع الشعبية لجيش معروف عنه إيمانه بالدولة المدنية، أن تكون هذه الذراع هي السلف والإخوان والجماعات الإسلامية!