الموضوع
:
لم تزل في ضمائر الكون تُختار لك الأمهات والآباء
عرض مشاركة واحدة
03-14-2011, 09:29 AM
#
9
ود محجوب
المدير العام
رد: لم تزل في ضمائر الكون تُختار لك الأمهات والآباء
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد فهذه رسالة للسيد العلامة حسن السقاف حفظه الله تعالى
في نجاة أبي طالب رضي الله عنه فيها فوائد غزيرة.
نجاة أبي طالب
للسيد حسن السقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد لكتاب أسنى المطالب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه البررة المتقين المنتجبين.
أما بعد:
فالسيد أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحوط النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحميه ويدافع عنه وحبس معه في الشعب(1) عند فرض قريش الحصار عليه صلى الله عليه وآله وسلم ونقلت أشعار عن السيد أبي طالب في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن دينه هو دين الحق إلى غير ذلك، وسمي عام وفاته هو والسيدة خديجة عام الحزن فهل يعقل أن هذا الشخص لم يؤمن وأنه مات على الكفر بعد هذا كله ؟!
فلنعقد ههنا فصولاً لنصل إلى حقيقة الأمر في إيمان أبي طالب فنقول:
فصل
سرد ما ورد من أنه كان ينصر الدين ويدافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويمدح النبي والإسلام ويمكننا أن نلخص هذا الأمر بالنقاط التالية:
1- لقد اعترف الجميع حتى القائلون بكفر أبي طالب رضي الله عنه على أنه كان ينصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويمنعه، ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح(2) 7/194: واستمر على نصره بعد أن بعث إلى أن مات أبو طالب... وكان يذب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويرد عنه كل من يؤذيه(3).
وثبت عن ابن مسعود أنه قال: (( فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب(4).
وروى البخاري (3883) ومسلم (209) عن العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك...(5).
وفي روايةٍ لمسلم (209): كان يحوطك وينصرك.
2 - وقال أبو طالب مادحاً النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
وأبيض يُسْتَسْقَى الغمام بوجهه // ثمال اليتامى عصمة للأرامل(6)
يلوذ به الهُلاك من آل هاش // م فهم عنده في نعمة وفواضل
قال ابن كثير(7): إن هذه القصيدة بليغة جداً لا يستطيع أن يقولها إلا مَنْ نُسِبَت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى.
وأخرج البيهقي(8) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشكا الجدب والقحط وأنشد أبياتاً، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صعد المنبر فرفع يديه إلى السماء ودعا فما رَدَّ يديه حتى ألقت السماء بأبراقها، ثم بعد ذلك جاؤا يضجون من كثرة المطر خوف الغرق، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم حوالينا ولا علينا ))(9).
وضحك صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال:
((لله در أبي طالب لو كان حياً لَقَرَّتْ عيناه، مَنْ ينشدنا قوله ؟)) فقال علي رضي الله عنه وكرم وجهه: كأنك تريد قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثِمَال اليتامى عصمة للأرامل
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أجل ))(10).
3- ومما يدل على إيمانه من شعره: ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح (7/194): [ وأخباره في حياطته والذب عنه صلى الله عليه وآله وسلم معروفة مشهورة، ومما اشتهر من شعره في ذلك قوله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم **** حتى أوسد في التراب دفينا
وقوله:
كذبتم وبيت الله نبزي محمداً **** ولما نقاتل حوله ونناضل].
انتهى من (( فتح الباري)).
ومن المشهور عنه أيضاً:
والله لن يصلوا اليك بجمعهم **** حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة **** وابشر بذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وعلمت أنك صادق **** ولقد صدقت وكنت ثَمَّ أمينا
ولقد علمت بأن دين محمد **** من خير أديان البرية دينا
وهذه الأبيات ذكرها القرطبي في (( تفسيره )) (6/406)(11).
4- عام الحزن، وقد حزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على موت عمه أبي طالب وزوجته خديجة في السنة العاشرة للبعثة وسمي ذلك العام عام الحزن(12).
وقال الحاكم في (( المستدرك )) (2/621): (( وتواترت الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما مات عمه أبو طالب لقي هو والمسلمون أذى من المشركين بعد موته))...
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً تهجموا على أذيته قال: يا عم ما أسرع ما وَجَدْتُ فَقْدَك(13).
وبعد هذا كله نقول: رجل ربَّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخاف عليه ونصره وحماه من أعدائه وله أشعار في صحة دينه وفي مدحه وحزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لموته محال أن يكون إلا مسلماً مؤمناً.
ولماذا لا يكون حاله كمؤمن آل فرعون الذي قال الله تعالى عنه: { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يكن كاذباً فعليه كذبه وإن يكن صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } غافر: 28.
فإن قالوا: للأحاديث الصحيحة الواردة في أنه مات على الكفر..
قلنا: لم تصح هذه الأحاديث عندنا لما سنبينه إن شاء الله تعالى وهي من صنع الأمويين وأذنابهم الذين كانوا يشتمون سيدنا علياً وآل البيت ويحتقرونهم، والذين جعلوا أبويه صلى الله عليه وآله وسلم في النار.
فصل ذكر الآيات التي زعموا أنها نزلت في أبي طالب
روى البخاري (3884) ومسلم (24) عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ:
((أَيْ عَمِّ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ )) فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((لاسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } وَنَزَلَتْ { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ }(14).
أقول: هذا حديث شاذ مردود غير مقبول ولا يجوز التعويل عليه ! وبيان ذلك:
اعترف الحافظ ابن حجر في (( الفتح )) (7/195) أن في نزولها في أبي طالب نظر، وهذا طعن صريح في حديث ابن المسيب عن أبيه في رواية قصة موت أبي طالب التي في الصحيحين.
وذكر في الفتح (8/508) أنها نزلت في عمه وقال: (( هذا فيه إشكال، لأن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقاً، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم أتى قبر أمه(15) لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية، والأصل عدم تكرر النزول)).
أقول: وقوله هنا ( ثبت ) أنها نزلت لما أتى قبر أمه، باطل مردود لاسيما وهي من أهل الفترة(16).
وجاء في مسند أحمد (1/99و130) كما أقر بذلك الحافظ في (( الفتح )) (8/508) عن سيدنا علي عليه السلام قال: سمعت رجلاً يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله { ما كان للنبي..} الآية. وهذا حديث صحيح الإسناد(17).
وهذه الروايات توجب الاضطراب في سبب نزول الآية وعدم صحة الاستدلال بها على أنها نزلت في أبي طالب أو في والدة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وانظر كيف ينزلون الآيات وينقلون الأحاديث في الطعن في أمه صلى الله عليه وآله وسلم وأبيه وعمه وهناك أحاديث ذكرناها في موضوع ( عذاب القبر )(18) يُذكر فيها أن القبر ضم بنتيه صلى الله عليه وآله وسلم وابنه القاسم عليهم سلام الله تعالى وهذا يدلك إلى أن أيدي النواصب الأثيمة التي كانت صاحبة النفوذ والدولة في العهد الأموي والعباسي أدخلت وصنعت تلك الروايات وبثتها ليعتقدها الناس، ونحن والحمد لله تعالى لسنا ممن ينطلي عليهم ذلك.
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم
بالتسجيل من هنا
ود محجوب
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ود محجوب
البحث عن كل مشاركات ود محجوب