عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-2011, 06:57 PM   #5
مصطفى علي
مُشرف المكتبة الصوتية
الصورة الرمزية مصطفى علي



مصطفى علي is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر MSN إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى علي
Icon15 رد: سلسلة مقالات شيقة -ورشة عمل بزاوية الختمية بصنعاء


رابعا: مبادرة الإيجاد :

واستمراراً فى نفس هذه الاستراتيجية من جانب نظام الإنقاذ، وبالنظر إلى أن حكومة الخرطوم كانت ما تزال فى حاجة إلى مزيد من الوقت لإكمال استعداداتها العسكرية فى الجنوب، وإضعاف معارضتها فى الشمال، فقد طلب الفريق البشير من قمة "الإيجاد" المنعقدة فى أكتوبر 1993، أن تتدخل لحل المشكلة السودانية، الأمر الذى رحبت به المنظمة، خاصة بعد فشل محاولة منظمة الوحدة الأفريقية للوصول إلى حل، و التى جرت برعاية الرئيس بابا نجيدا فى أبوجا الأولى، وأبوجا الثانية وفى مايو 1992 وأبريل 1993 على الترتيب.
رحبت "الإيجاد" بالمطلب السودانى وشكلت على أثره لجنة دائمة للسلام فى السودان فى سبتمبر 1993، تكونت من رؤساء أربعة من الدول الأعضاء، هى كينيا وأوغندا، و إريتريا، وأثيوبيا. وبادرت هذه اللجنة إلى دعوة الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى أول لقاء بينهما تحت مظلة الإيجاد فى مارس 1994، ثم عقدت الجولة الثانية بعد ذلك بشهرين فى مايو 1994 فى نيروبى، وهى الجولة التى شهدت إعلان منظمة الإيجاد عن تصورها فى شأن حل النزاع السودانى، والذى عرف فيما بعد باسم "إعلان المبادئ".
كان من أهم مبادئ هذا الإعلان النص على أن تقوم بالسودان دولة ديمقراطية علمانية، تكفل حرية الاعتقاد والعبادة لكل المواطنين السودانيين، وأنه يجب فصل الدين عن الدولة، وكذلك الاعتراف بالتعدد العرقى والاثنى والثقافى والدينى، وضرورة استيعاب كل أنواع التعدد هذه والاعتراف بها، كما أكد إعلان المبادئ على أن كل الأطراف يجب أن تعطى الأولوية للمحافظة على وحدة السودان، وأنه يجب التأكيد على حق تقرير المصير على أساس الفيدرالية أو الحكم الذاتى لكل أهل المناطق المختلفة، فإذا تعذر الاتفاق على هذه المبادئ يكون للطرف المعنى الخيار فى تقرير المصير بما فى ذلك الاستقلال عن طريق الاستفتاء.
وهكذا انتقل مبدأ تقرير المصير من مجال الصراع السياسى بين الفصائل الجنوبية، ومن محاولات الغزل أو الاستقطاب بين الحكومة وبعض هذه الفصائل، لكى يصبح مبدأ رئيسياً فى مبادرة إقليمية، كانت حكومة الخرطوم هى التى سعت إليها بنفسها، وبالرغم من ذلك فقد بدا أن نظام الإنقاذ قد فوجئ بالبنود الواردة فى إعلان المبادئ، ونتيجة لذلك أعلنت الحكومة السودانية رفضها القاطع على لسان غازى صلاح الدين، رئيس وفدها إلى المفاوضات، وأكدت على رفضها فصل الدين عن الدولة، وأن المشروع الحضارى لنظام الإنقاذ يتعدى حدود السودان، وأنه قادر على مواجهة الاستكبار والصهيونية والصليبية الدولية.
كانت الخرطوم قد أكملت استعداداتها للحرب، ومن ثم لم تعبأ بفشل العملية التفاوضية، وعادت إلى الخيار العسكرى الذى حشدت له بقوه واستطاعت من خلاله أن تحقق العديد من المكاسب الميدانية عام 1995، حدت بها إلى الإعلان أن هذه المعارك هى آخر معارك الجنوب، وأطلقت على صيف ذلك العام اسم "صيف العبور"، وأن الحركة الشعبية لن يكون لها أى وجود مؤثر بعد ذلك، ومن هذا المنطلق بدأت بالتركيز على مشروعها المسمى "السلام من الداخل"، وسارت فيه شوطاً طويلاً، أدى فى النهاية إلى توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997، وإلى تضمين مبدأ تقرير المصير فى دستور 1998.

مصطفى علي غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس