عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-2011, 06:55 PM   #3
مصطفى علي
مُشرف المكتبة الصوتية
الصورة الرمزية مصطفى علي



مصطفى علي is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر MSN إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى علي
افتراضي رد: سلسلة مقالات شيقة -ورشة عمل بزاوية الختمية بصنعاء


ثانيا : الإنقاذ وحق تقرير المصير

جاءت مسألة جنوب السودان على رأس برنامج سلطة " الإنقاذ" التى أعلنت فى بيانها الأول أن القوات المسلحة السودانية قد قامت بالثورة، لإنقاذ الوطن من التردى والانهيار الذى أدت إليه سياسات الحكومة المنتخبة، خاصة استمرار الحرب الى ورثتها عن النظام المايوى.
والتقت الحكومة بالحركة الشعبية لتحرير السودان، لأول مرة فى أديس أبابا فى أغسطس 1989، وكان واضحا منذ البداية أن اللقاء لن يسفر عن نتائج تذكر، فقد كان معلوماً أن الانقلاب الذى وقع فى 30 يونيو 1989، كان إجهاضاً لاتفاق الميرغنى / قرنق، وأن وفد الإنقاذ جاء إلى أديس أبابا وهو يحمل مشروعاً جاهزاً لحل مشكلة الجنوب، هو عبارة عن المشروع الذى طرحته الجبهة الإسلامية القومية فى مؤتمرها الأول الذى عقدته خلال الفترة الديمقراطية عام 1987، ورغم فشل الاجتماع الأول، إلا أنه تم عقد اجتماع ثان بين الطرفين فى نيروبى فى ديسمبر 1989، بوساطة من الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، والذى كان قد بدأ آنذاك فى الاهتمام بالمسألة السودانية من خلال " مركز كارتر لحل النزاعات سلميا"، وقد لحق الفشل بهذا الاجتماع أيضا، الا أن الرئيس كارتر أعلن فى مؤتمر صحفى أن الاجتماع لم يحقق النجاح المطلوب، لأن الوفد الحكومى لم يكن مفوضا من قبل الخرطوم لاتخاذ موقف حول المبادرة التى طرحها كارتر على الجانبين، وأن وفد الحركة الشعبية جاء مزوداً بهذا التفويض، الأمر الذى أثار حفيظة الخرطوم التى اتهمت كارتر صراحة بالانحياز للحركة الشعبية مما أدى الى توقف المفاوضات بين الجانبين، وقد كانت حكومة الخرطوم تهدف فى الحقيقة الى تعديل الموقف العسكرى فى الجنوب، الذى كان يميل بقوة لصالح الحركة الشعبية فى نهاية فترة الديمقراطية الثانية، حيث كانت الحركة قد استولت على مساحات هائلة فى الجنوب، بل أصبحت قواتها على وشك أن تدق أبواب المدن الشمالية، وهو الوضع الذى أثار الكثير من القلق والاضطراب فى ذلك الوقت، ودفع الجيش الى تقديم مذكرته الشهيرة إلى حكومة الصادق المهدى فى فبراير 1989، والتى احتج فيها على الأوضاع المتردية للقوات المسلحة آنذاك، وعلى عدم توافر الدعم الكافى لها.
ومن خلال الاستراتيجية الجديدة لنظام الإنقاذ والتى هدفت أساساً إلى تعديل الميزان العسكرى لصالحها، نجحت الحكومة السودانية فى تحقيق مكاسب ميدانية هامة من خلال تركيزها على تحسين أوضاع الجيش، وأيضا من خلال رفدها للقوات المسلحة بأعداد ضخمة من قوات الدفاع الشعبى، بعد أن أعلنت الجهاد وأطلقت على مقاتلى الجنوب أسم " الخوارج"، وخلقت أجواء تعبوية شاملة، تعلى من قيمة التضحية والفداء والقتال فى الجنوب، باعتباره جهاداً إسلامياً للدفاع عن الثغور ضد حركة التمرد التى تستند إلى القوى المعادية "للمشروع الحضارى" لنظام الإنقاذ، وقد بالغ نظام الإنقاذ فى سياسته التعبوية هذه على المستوى الاجتماعى حتى أدخل تقليداً جديداً على الحياة الاجتماعية بإقامة أعراس صاخبة لقتلى العمليات العسكرية فى الجنوب، فيما عرف باسم "عرس الشهيد"، تطلق فيه الزغاريد ويترنم الحاضرون خلاله بالأهازيج والأناشيد الدينية، ويرتدى ذوو الشهيد الملابس البيضاء باعتبار أن هذا عرساً له يزف من خلاله إلى "الحور العين" فى الجنة.
وعلى الصعيد الإقليمي كانت الأحداث تسير فى غير صالح الحركة الشعبية بعد انهيار نظام منجتسو هايلى مريام فى أثيوبيا، و سقوطه فى مايو 1991، والذى كان الداعم الرئيسى لجون قرنق، الأمر الذى ساهم فى إضعاف الحركة بعد فقدانها لحليفها الرئيسى، والذى كان يسعى من وراء هذا الدعم الى استخدام قرنق كورقة ضغط ضد الخرطوم، حتى يجبر الأخيرة على إيقاف دعمها للحركات المناوئه لنظام منجستو داخل أثيوبيا، وأيضاً لحركات التحرير الإريترية وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير إريتريا بقيادة اسياس أفورقى.

مصطفى علي غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس