عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-2010, 10:14 PM   #12
علي الشريف احمد
المُشرف العام
الصورة الرمزية علي الشريف احمد



علي الشريف احمد is on a distinguished road

B18 رد: أسئلة في الإرادة والسلوك والمعرفة



أمّا جواب السؤال الثامن عشر، فإنّ الشريعة هي تاجٌ على رؤوس العابدين، وزينة العارفين، وحِمى الملِك المبين، فلا تهاون فيها ولا تقصير، ولا تصحّ المعرفة مع جهلٍ في شرع الله، فأهل الله يُفترض بهم أن يكونوا حُماة الدّين، لأنّه منهاج سيّدهم ومولاهم، فهم أفضل من يقوم به ويذود عنه..

والفقه هو الفهم في دين الله، وفي ذلك يقول رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: (من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدّين).. وأقلّ الحدّ في العلم بالشريعة هو معرفة الحلال والحرام؛ لأنّ ذلك ما يُحاسب الحقّ عليه العبد يوم القيامة، وفقه الطهارة لأنّ العبادة لا تقوم إلاّ بها، وفقه العبادات لقوله عليه الصلاة والسلام: (لفقيه واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد).. كذلك على المرء معرفة الأسس في كلّ عارضٍ يمرّ به، فمثلاً على المتزوّج معرفة فقه الزواج وما يجوز فيه وما لا يجوز، وعلى التاجر أن يعرف فقه البيوع وما له وما عليه، وهكذا كلٌّ بحسب ما يخصّه..

كذلك معرفة الحقوق وأداؤها إلى أصحابها من الأشياء المفروض على المرء تعلّمها والقيام بها؛ لأنّ التفريط في الحقوق وضياعها يُحاسب عليه المرء أمام ربّ العالمين.. لذا يمكننا حصر ما يجب على المرء تعلّمه من الفقه: الفرائض وما تقوم به، والواجبات من حقوق والتزامات عليه للغير، والحلال والحرام في كلّ شيء كالطعام والشراب واللباس والمعاملات وغيرها..


أمّا جواب السؤال التاسع عشر، فإنّ الحقّ سبحانه لو أطلع المريد على شيء من مقام شيخه فهذه كرامة للمريد ليُحسن الاقتداء والمتابعة.. فإنّ العلاقة بين الشيخ والمريد هي علاقة تعليم وتوجيه وإرشاد وتربية، فما دام المريد يتغيّر إلى الأفضل فهذا من فضل الله عليه، وإن لم يتغيّر فليست العلّة بالضرورة من الشيخ المربّي، بل يمكن أن تكون العلّة في المريد ذاته حيث أنه لم يفهم تلك العلاقة ولم يسعى إلى الفائدة في طريق التزكية والسلوك إلى الله ربّ العالمين..

فمعرفة المريد لمقام الشيخ أو لبعض مقامه هي خير وليست شرّ، فصحابة رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة علموا مقامه عند الله وما زادهم ذلك إلاّ إيماناً وتسليماً وهمّة.. فعلى المريد أن يفرح ولا يحزن لهذا الفرق فهو بإذن الله في رعاية الله وحده..


أمّا جواب السؤال التالي، فإنّ حبّ المريد لتحصيل العلم أمرٌ ضروريّ، فطلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، وبالعلم تُنال الرتب عند الله، يقول تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، وقد فضّل الله العلماء على غيرهم في آيات كثيرة، وقد أمر الحقّ سبحانه نبيّه المصطفى نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بطلب الزيادة من العلم فقال سبحانه: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)، فلا تعارض بين طلب العلم سواء أكان لدنياً أو شرعياً مع طلب القرب من الحق ومعرفته؛ فإنّ العلم يثمر الخشية منه سبحانه ويقرّب العبد من مولاه، يقول تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)..

أمّا طلب المقامات والرفعة، فأغلبه يكون لحظوظ نفسية فهذا خطر على المريد، فأهل الله لا يهتمّون بمقام أو بحال، بل همّهم هو قربهم منه سبحانه ورضاه عليهم، وهذا ما يُفترض بالمريد أن يحرص دائماً على رضا مولاه، ويحاول أن يتقرّب إليه بفعل الخيرات ونفع الخلق وجلب السعادة إليهم.. يقول رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)، فكلّ ما لم يكن لله فلا بركة فيه، فعلى المرء أن يتمنّى ما يتمنّى لأجل فائدة الخلق ونفعهم إرضاءً لله العليّ الكريم..

فإن حصل عند المريد شيءٌ من هذا -أي من طلب المقامات أو الكرامات أو غيرها- فعليه أن لا يُعلّق قلبه بذلك، وأن يُحدّث نفسه بأنّ المقام الحقيقي هو حبّ الحق له ورضاه عنه، وأن يجعل هذا هدفه، فإن اختصه الحقّ لأمر ما كمقامٍ أو منصب أو غير ذلك، فهو مسئول عنه أمام الله تعالى، فليس علوّ المقامات شرف بقدر ما هو تكليف ومسئولية..


أمّا إجابة السؤال الحادي والعشرين، فإنّ الذكر عند الفقير يتحقّق بمجرّد الحضور مع الله سبحانه، فتذكّره سبحانه ذكر، والتحدّث بنعمه ذكر، والتفكّر بآلائه ذكر، وأن تعمل العمل ترجو به وجه الله ذكر، فكلّ وجود معه ذكر.. وتختلف الأحوال وقت الذكر فمن هيبة ومن خشية ومن هيام ومن عشق ومن أنس ومن تذلّل ومن تعظيم وغيرها، وهذا الحال يختلف من وقت لوقت ومن شخص لآخر بحسب مشهده وبحسب تجلّي الحقّ له وبحسب درجة القرب منه..

والحقّ سبحانه بمجرّد الحضور معه وذكره فإنه يذكرك على الفور حتى لوكان ذكرك له كان بمجرّد تذكّره في نفسك، وقد ورد في الحديث القدسي: (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي).. فاذكر الله كما تحبّ أن يذكرك، وتوجّه إليه بقلبك توجّهاً حقيقياً وتعلّق به، ولا تحتجب عنه، واجعله مرجعك في جميع شأنك، يصطفيك ويثني عليك في الملأ الأعلى..


علي الشريف احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس