الموضوع
:
أسئلة في الإرادة والسلوك والمعرفة
عرض مشاركة واحدة
12-31-2010, 10:11 PM
#
11
علي الشريف احمد
المُشرف العام
رد: أسئلة في الإرادة والسلوك والمعرفة
الوساوس هي أحاديث في النفس يصاحبها التصوير بالشرّ أو السوء، فإن كانت الأحاديث تزييناً من النفس لصاحبها بأمر ما فهو تسويل:
(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا) (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)
.. والنفس محلّها الصدر، وهو محلّ الأضداد من خير أو شر ومن شك أو يقين ومن تفاؤل أو تشاؤم إلخ، ألا ترَ الصدر ينبسط وينقبض
(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)
.. لذا فالنفس محلّ الإلهام ومحلّ الوسوسة
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)
..
ويصدر الوسواس من مادة نفس شرّيرة مظلمة لأنه نفث شيطاني، يقول تعالى:
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ)
، حتى لو كانت الوسوسة من النفس فهي لا تكون إلاّ من المادة الشيطانية التي فيها.. فلمّا كانت كذلك فقد كان نور الحقّ سبحانه يخنس تلك المادة فتتلاشى أمام عظمة الحق، ولهذا سُمّي بالوسواس الخنّاس، لخنوسه حال الذكر، وكلّ ذكر صاحبه حضور مع الحق ولّد نوراً في القلب ينعكس على النفس فيضيؤها بجمال جلال الله جلّ وتقدّس في علاه، إلى أن يستولي الإخلاص على النفس لله جلّ جلاله فتسجد لله المعبود فينتفي تأثير المادة الشيطانية عنها
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (.) إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
، وإنّ النفس إذا ذلّت لله عبوديّةً، وسجدت عوالمها لله خضوعاً، فإنّ الشيطان يعتزلها كما يعتزل الساجدين من عباد الله..
يقول رسول الله
:
(إذا قرأ أبن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: ياويله أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)
والوسواس خفيّ ليس بظاهر للمرء، وكما أنّ الشيطان يسوس فإنّ لإنسان يوسوس كذلك، وصورته أن يسوّل لك أحدهم أمراً فتظلّ تتذكره وتعيد فيه وتزيد فيسيطر على خيالك، فعليك توخّي الحذر من الخيال الفاسد ومن التفكير السيء.. فإن أردتَ كشف الوسواس فعلامته قبضٌ يأتيك في صدرك وله أحياناً نخزات، فالجأ إلى الدعاء والعبودية لله والاستعاذة به، يقول تعالى:
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
والزم العبودية وسجود الحسّ والمعنى له جلّ جلاله، ألا تراه أتبع الآية بقوله:
(وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
..
واعلم يرحمك الله أنّ الوسواس لا يؤثر في السلوك إلى الله إلاّ إذا اتبعه المرء وانقاد له؛ لأنّ الانقياد للوساوس هو انقياد للمادة الشيطانية وتعزيزها فيصبح المرء شيطانيّ الفكر وهذا هو ما يُسمّى بالغواية.. ومن كرم الحقّ سبحانه أنه قد جعل الثواب لمن كبح النوايا السيئة، فلو أمضاها المرء فعلاً كتب السيئة سيئة واحدة وأمر ملك الشمال أن لا يكتبها إلاّ بعد مضي مدة من الزمن عسى أن يستغفر مقترف السيئة، وهذا من الفضل الإلهي والرحمة التي تبدّد الظلمات، يقول رسول الله
:
(إنّ الله كتب الحسنات والسيئات ثمّ بين ذلك: فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة)
..
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم
بالتسجيل من هنا
علي الشريف احمد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى علي الشريف احمد
زيارة موقع علي الشريف احمد المفضل
البحث عن كل مشاركات علي الشريف احمد