عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2010, 11:31 PM   #4
محمد جمرة
مُشرف المنتدى العام

الصورة الرمزية محمد جمرة



محمد جمرة is on a distinguished road

افتراضي رد: مع الاعتذار لنجلاء : 19 ديسمبر الحقيقة المجردة وخلفياتها


وهنا نجد أن هذا الخوف على انقسام الحزب يقع على كلام النواب أصحاب القسم المبرور ذاك كالحافر على الحافر!!! ويمكننا أيضا القول بأن سبب القوة في حديث حمزة بعد أسبوع واحد هو مقابلة مناديب هؤلاء النواب للسيد علي في بورتسودان حيث أصبحت أغلبية نواب الحزب المتمعة بدعم الميرغني القوي مع الاستقلال فقرأ هذا السفير الواقع قراءة مهنية صحيحة فقال: صار مستقبل السودان يعتمد على قرار من الميرغني!! وبالعودة إلى مذكرات الشيخ طيفور محمد شريف تظهر هذه الحقيقة بوضوح . . يقول رحمه الله: ( وبعد شهور من تسليمنا رؤوس المواضيع التي نريد مناقشتها مع السيد إسماعيل الأزهري حدد لنا موعدا للقاءه وكان ذلك في منزله وتحدث كل منا في الموضوع الذي أوكل إليه ووعدنا بأن يعرض هذه المذكرة على الهيئة البرلمانية التي كونت لجنة من عشرة أشخاص كنت من بينهم وسميت هذه اللجنة لجنة العشرة أذكر منهم: المرحوم مبارك زروق والمرحوم أمين السيد والمرحوم أحمد يوسف علقم والمرحوم حماد توفيق وآخرين وكانت اجتماعاتنا كلها في منزل المرحوم حماد توفيق واتفقنا أن يغير الحزب مبدأه إلى الاستقلال وكتبنا توصياتنا بذلك ثم اجتمعت الهيئة البرلمانية لمناقشة هذه التوصيات وكان النقاش حاداً بين الاستقلاليين والاتحاديين وأذكر في تلك الليلة أن قال الشاذلي الشيخ الريح: إن رأي مولانا السيد علي غامض لا نعرفه إذا كان مع الاستقلال أو مع الاتحاد فقام البعض بإثارة شغب بسبب هذا الكلام وأخرجت المسدسات فيه وكان ذلك الاجتماع الصاخب على سطوح نادي الخريجين فرفع الرئيس الأزهري الاجتماع وكان يوم خميس على أن نواصل الاجتماع الساعة 8 صباحاً يوم الجمعة وقد رفعت تلك الجلسة بعد الساعة الواحدة صباحاً فطلب مني المرحوم أحمد يوسف علقم أن نذهب للسيد علي ونحكي له بما حدث ونطالب بتدخله فذهبنا ووجدنا مولانا السيد علي يجلس على كرسيه ويقف بجواره أحد الخلفاء فحكينا له ما حدث وقلنا إن الكلام الذي يصدر من أخواننا المحتجين سيفسر بأنه هو رأيكم أنتم فطلب من الخليفة أن يذهب في نفس الليلة ويتحدث معهم ويطلب منهم أن يكونوا مع أغلبية الأعضاء. إن هذه الهيئة البرلمانية تتكون من مجلس النواب المنتمين للحزب ومن لجنة الحزب الستينية, وفعلاً عندما اجتمعنا في نادي الخريجين في الصباح طلب منا الرئيس أن نصوت على الاستقلال أو الاتحاد فكانت الأغلبية الساحقة مع الاستقلال إلا الدكاترة كما كنا نسميهم وهم أحمد السيد وعبد الوهاب زين العابدين ومحمد أمين حسين وعقيل ومنهم محمد نور الدين ونواب شرق السودان, فصدرت جرائد السبت تعلن بأن الحزب الوطني الاتحادي قد اتخذ من الاستقلال التام مبدأ له. بمجرد إعلان الاستقلال قدم الدكاترة ونور الدين ونواب الشرق استقالاتهم من الحزب الوطني الاتحادي ونادوا بالاتحاد مع مصر إلا أنهم لم يستطيعوا أن يجذبوا إليهم الجماهير, وكانوا يعتمدون إعتمادا كليا على الختمية إلا أن الختمية كلهم وقفوا مع الحزب الوطني الاتحادي وبدأوا يفكرون في قيام حزب جديد بالاتفاق مع المرحوم ميرغني حمزة ورفاقه الذين استقالوا من الحزب وكونوا الحزب الوطني الاتحادي الاستقلالي الجمهوري. ) كان هذا الاجتماع التاريخي يوم 30/3/1955م وبهذا يتضح بجلاء سر جسارة الرئيس الأزهري رحمه الله عندما اعتد بسيادة بلاده في مؤتمر باندونق في أبريل بعد أيام قلائل من هذا التاريخ فهو إنما يعتمد على قرار هيئة الحزب البرلمانية وإن كان هذا خلافا لما يريد ولكن هذه الواقعة تشهد له بالإيمان الكامل بالديمقراطية.
الأستاذ محجوب محمد عثمان في مقاله بصحيفة الأحداث بعدد 19 ديسمبر 2010م كتب تحت عنوان الاثنين 19 ديسمبر 1955م: كيف تحول الأزهري من الاتحاد مع مصر إلى الاستقلال التام؟ البعض يقول إنه لم يكن وحدويا وكان يستتر خلف ذلك ليكسب دعم مصر للتخلص من الانجليز ولكن قرائن الأحوال تظهر أن الرجل كان وحدويا حتى النخاع إلا أن تأثيرات هائلة أبعدته من موقعه تجاه النغيض. رأى الكاتب أن هناك عاملان أكثر أهمية كان لهما تأثيرهما المباشر على الرئيس إسماعيل الأزهري ليتجه نحو الاستقلال بدلا من الوحدة مع مصر أولهما مشاركة السودان في مؤتمر باندونق والثاني لقاء السيدين واتفاقهما برغم عمق الشقاق بينهما على تشكيل الحكومة القومية كترياق مضاد يبعد الازهري عن الواجهة. ثم يحكي الكاتب أن الرئيس في جلسة عادية وهادئة يوم الخميس 15 ديسمبر قال: إن مهمة حكومتي تقتصر على السودنة والجلاء والاستقلال وقد حققنا الأول والثاني وسنعلن الثالث وهو الاستقلال من هذا البرلمان ومن داخل هذه القاعة يوم الاثنين القادم 19 ديسمبر إن شاء الله. ويصف الكاتب رد الفعل بأن كلام الرئيس كان كالقنبلة التي انفجرت وكانت الجملة الأخيرة هي إنذار للقوى السياسية ثم تسارعت الأحداث أحزاب المعارضة وافقت على المقترح دون تحفظ ثم تلتها باقي الأحزاب. مصر بادرت في نفس اليوم وأعلنت موافقتها المطلقة.


ونواصل .....

محمد جمرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس