وبعد ذلك سار إلى أن وصل كربلاء وقبل وصولها بلغه أن القوم قد غدروا بابن عمه وقتلوه وصلبوه على قصر الإمارة بالكُوفة... فجمع كل من تبعه في الطريق وقال لهم وهو الحكيم العالم ببواطن الإمور وأمرهم إذا دخل الليل أن يرجعوا سالمين فإن القوم لا يريدون إلا هُو... فضجُّوا مهللين كيف نتركك يا ابن بنت رسول الله وماذا نقول لجدك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة إنا تركنا إبنك الحُسين وحيدا؟؟؟
فاطمأن قلبه المليئ بالسكينة وأصبح عليه صُبح العاشر من محرم وقد أخذ منهم العطش مأخذ... فطلب من جيش بن زياد أن يتركوه يشرب من ماء النهر... فرفضوا وحرموه (يا لتعاستهم وخيبتهم يوم الكوثر المورود)... حينها دعا عليهم الإمام بدُعاء آثاره باقية إلى تاريخنا الحديث حيث قال عندما حرموه شربة الماء: (اللهم إن مَتَّعْتَهم إلى حين فَفَرِّقْهم فِرَقاً، واجعلهم طرائق قدَداً، ولا تُرْضِ الوُلاةَ عنهم أبداً، فإنهم دَعَوْنا لِينصرونا ، ثم عَدَوا علينا فقتلونا) فقد استجاب الله دعواتك يا إمام فما زال أهل العراق من حاكم ظالم إلى أظلم منه من لدُن عبيد الله بن زياد مروراً بالمختار الثقفي والحجاج بن يوسف إلى عهدنا المُعاصر...
ثم تنازل الجيشان غير المتكافآن كوكبة قوامها السبعون مسلم ومُحب لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم تُقابل أكثر من أربعة آلاف جندي مع جيش ابن زياد يتقدمهم عمر بن سعد بن أبي وقاص يا سبحان الله... من يُصدق أن إبن سعد بن أبي وقاص "رضي الله عنه" هذا الصحابي الجليل المُبشَّر بالجنة يناصب العَداء لابن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه... إنها الفتنة وحُب الدنيا وزخرفها والخلل النفسي الرهيب... نسأل الله السلامة...