علاقة آل الشريف الهندي بالسادة آل الميرغني
عن خصوصية العلاقة بين البيوتات الدينية الثلاثة الكبرى في السودان؛ كتب الاستاذ يحي العوض (صفحة 23) في كتابه: " أصحاب الوقت.. أشراف السودان رجالا ومقامات" يقول: يتضح لنا الدور الرئيسي الذي قام به الشريف يوسف الهنديفقد كان حجر الرحى وقطب هذه العلاقات بل وله علاقة أكثر من خاصة مع (السادة المراغنة).. كان الشريف يوسف مهموما بخلافة السيد علي الميرغني الذي لم ينجب حتى وقت متأخر من عمره وكان يحثه ليكرمه الله بالذرية؛ وكان الشريف يدعوا له خاصة عندما يتوجه للحجاز.. وذات مرة ألح في الدعاء داخل الحرم النبوي وسمعه مرافقوه وهو يدعو بإلحاح شديد أن يرزق الله السيد علي بولدين..وعندما جاءته البشرى بقدوم المولود الأول للسيد علي الميرغني إبنه السيد محمد عثمان كان الشريف يوسف اكثر الناس فرحا زامر بذبح كل الماشية في زريبته الملحقة بمسيده. وتعيدنا هذه الواقعة (الدعاء) إلى مقام الشريف يوسف نفسه؛ وقد استجاب الله لدعاء والده الشريف محمدالأمين ليرزقه إبنا في مصاف الختم عثمان مؤسس الطريقة الختمية؛ وشرح ذلك في قصيدة (من ديوانه: "رياض المديح" عنوانها: "صلاة ربي مدى الليالي".. قائلا:
أبي تمنى أن يجٍدلُو ابناً (كالختم عثمان) في المثال وقد أجاب الإله قصده فالحمد والشكر بالتوالي أوتيت هذا وزدت عنه من المواهب كذا النوال
".... ويؤكد أن آل الميرغني أكرموه في ارتقائه باطنيا (حين قال في ذات القصيدة) : وسيدي (حسن) المسمى (بالميرغنى) جلي المجال بنومي في التاك قد جمعني بالمصطفى وسَرَّ بالي مكنت من رجله يميني ورجل طه ففي شمالي
ويقول في قصيدة أخرى (من نفس الديوان عنوانها: "أنباء عن أهل الثنية") : أمة المختار فُزْتُم بالدلالات الجلية من رسول الله تُملا بالبراهين القوية بتلقي الختم ضاءت في الأراضي والعلية أعني أستاذي وجدي روح أصل المرغنية سيدي عثمان من قد فاز بالبشرى الملية نِعْم أهل البيت جمعاً وخصوص المرغنية واعفا الهندي يوسف بدعاء ... المرغني ما شدى شادٍ وأهدى في الليالي العددية وصلاة .... وسلامٍ ورضاءٍ ... وتحية لنبيٍ ثم صحبٍ ثم آلٍ ... ذي مزية
ثم يضيف الاستاذ الكاتب يحي العوض (صفحة 25 من كتابه) قائلا: "ويكاد مشهد إحتفاء الشريف يوسف بميلاد السيد محمد عثمان يتكرر بصورة مغايرة؛ وفي مناسبة جزينة ( القصة في مجالس الريفي من اعداد الاستاذ ابراهيم عبد القيوم) يروي تفاصيلها الاستاذ محمد الخليفة طه الريفي (نفسه) قائلا: "لم يكد يذاع بيان رحيل السيد علي الميرغني يوم الأربعاء 12/2/1968م حتىتحول السودان كله إلى مأتم كبير وبدأت الأقاليم تقذف بوفودها على الخرطوم. وفي الوقت الذي كنا نحن مشغولين بما نحن فيه، كان الشريف حسين الهندي مشغولا بشيء آخر؛ فما كاد الجثمان ينقل إلى جنينة السيد علي الميرغني بالخرطوم حتى اخذت اللواري تقبل من بري الشريف وهي محملة بالطعام ووقفت عند باب الجنينة الجنوبي الذي يفتح على شارع الجامعة؛ واخذت براميل الملاح واكوام "الكسرة" تنقل إلى داخل الجنينة واصبح بإمكان كل جائع والناس كلهم جياع وخاصة الذين اتوا من مكان بعيدة أن يتناول ما يحتاج إليه من طعام.. عندما علمت بما فعله الشريف حسين قلت لمن أخبرني جزى الله الشريف حسين كل خير؛ لقد فكر فيما لم يفكر فيه شخص مثلي؛ ولو ترك امر هؤلاء الذين هالهم الخطب إليَّ.. لماتوا جميعا من الجوع.. ورد علي إن الشريف حسين لا يمكن أن يدع امثالك يمتحنون؛ ولو تعلم فإنه عبأ كل اهل بري الشريف لأن يكون تعبيرهم عن حزنهم هو أن يساعدواغيرهم على التعبير عن احزانهم بما يحتاجون اليه نت طعام . وكان ثمر تلك التعبئة هي ما يتحدث عنه الناس الآن. هذه قبسات من العلاقات المتجذرة بين بيتي الهندي والميرغني ويخطئ من يظن انها علاقات سياسية تتأثر بأنواء السياسة وتقلباتها؛ فإلى جانب وشائج الإنتماء إلى الدوحة النبوية فإن هذه العلاقات متشابكة لا يتحكم فيها خلاف سياسي مهما كانت اسبابه ومضاعقاته..
منقول من موقع السادة الهندية |