عرض مشاركة واحدة
قديم 11-30-2010, 01:25 PM   #33
محمد جمرة
مُشرف المنتدى العام

الصورة الرمزية محمد جمرة



محمد جمرة is on a distinguished road

افتراضي رد: كتاب المدخل إلى فهم ودراسة الطريقة الختمية للأستاذ أحمد كرموش خذ نسختك



المبحث الثالث : لمحات من التاريخ السياسي للطريقة الختمية :
نشأت الطريقة الختمية في منطقة الحجاز الذي كان داخلا آنذاك تحت إدارة الخلافة الإسلامية العثمانية والتي كان يدين لها معظم العالم الإسلامي بالولاء ، وعليه فقد كانت صلة آل البيت الميرغني وثيقة بمركز الخلافة في تركيا حيث تولى السيد عبد الله شقيق الإمام الختم رضي الله عنهما منصب مفتي الحرمين الشريفين آنذاك وتولاه من بعده ابنه السيد أحمد رضي الله عنه.
وعندما جاءت الطريقة الختمية إلى السودان على يد مؤسسها الإمام الختم رضي الله عنه وجد البلاد تسيطر عليها مملكة الفونج ، وهي تعد في أساسها تحالفاً كبيراً لمجموعة من القبائل والسلاطين الصغار الذين كان يربطهم بسنار مركز المملكة نوع من الولاء بينما تتمتع كل قبيلة وسلطنة في داخل حدودها بالاستقلال التام الشئ الذي جعل مهمة الإمام الختم رضي الله عنه الدعوية صعبة وسهلة في نفس الوقت.
في الفترة من 1821 وحتى 1881م وقع السودان تحت سيطرة الإدارة المصرية والتي كانت امتداداً للخلافة الإسلامية العثمانية ، وفي هذه الفترة تأرجحت علاقة الختمية مع السلطة ما بين الولاء والخصومة ، ولكن كان الطبع الغالب على الختمية في هذه الفترة التعاون والولاء وذلك لأن النظام كان يستمد سلطاته من مركز الخلافة الإسلامية بتركيا كما ذكرنا.
عندما قامت الثورة المهدية في وجه الإدارة المصرية سنة 1881م كان الخلاف دائراً آنئذ حول فكرة المهدية نفسها ، وهي فكرة إسلامية معروفة تسندها الأدلة والنصوص ، وتقول هذه الفكرة أن رجلا من آل البيت النبوي له علامات معينة يقوم آخر الزمان بالإصلاح ويبلغ من شأنه ما يبلغ ، ويصلي بعيسى بن مريم عليه السلام عند نزوله ببيت المقدس ، والذي تكون على يديه نهاية المسيح الدجال ، وعليه فقد رفض أغلبية العلماء فكرة إدعاء محمد احمد للمهدية لعدم توفر علامات المهدية فيه ، وهو خلاف معروف في تاريخ السودان ، وقد كان الختمية فيمن رفضوا هذه الدعوى ، لذلك فقد ناصبتهم المهدية العداء فيمن ناصبت من العلماء والمشايخ ، حينما منعت الطرق الصوفية ، وأبطلت العمل بالمذاهب الفقهية الأربعة المعروفة .
بعد زوال دولة المهدية في سنة 1898م دخلت البلاد تحت إدارة الحكم الثنائي ، وبطبيعة الحال فقد رفعت الحكومة الجديدة الظلم عن الختمية والعلماء وبقية الطرق الصوفية الأخرى.
في تلك الفترة ظهرت شخصية مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه ، والذي تولى مشيخة الطريقة بعد والده ، فكان أن هادن النظام الجديد إلى أن تمكن من بناء طريقته التي أصابها ما أصابها في زمن المهدية ، ولكن سرعان ما انقلب عليه ، وذلك حينما ساند الحركة الوطنية التي تمثلت في مؤتمر الخريجين ، وساند الأحزاب الاتحادية التي تبلورت فيما بعد من المؤتمر ، وحينما قام برعاية حزب الحركة الوطنية الحزب الوطني الاتحادي ، الذي قاد حركة الكفاح الوطني وحارب مؤسسات الاستعمار كالمجلس الاستشاري لشمال السودان والجمعية التشريعية ، وكان تقرير المصير ، وكانت الانتخابات الوطنية الأولى التي اكتسحها الحزب الوطني الاتحادي ، وتحقق على يد حكومته الاتحادية الخالصة السودنة والجلاء ثم الاستقلال ، وهو رضي الله عنه أول من دعى إلي قيام الجمهورية الإسلامية وذلك عبر بيانه المشهور في سنة 1965م.
بعد وفاة مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه في فبراير سنة 1968م ، وبمبايعة الرئيس إسماعيل الأزهري ورفاقه طيب الله ثراهم ، تولى مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله عنه رعاية الحزب الاتحادي الديمقراطي فقام رضي الله بواجبه خير قيام إلى أن توفى الرئيس إسماعيل الأزهري طيب الله ثراه في ظروف غامضة بعد انقلاب مايو 1969م ، حيث ألقى مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله عنه خطابه الشهير بمقابر البكري وأعلن ( أن الراية لن تسقط ) ، فقام هو ورفاقه في الداخل والخارج بمناهضة نظام مايو إلى أن أزاحته الانتفاضة الشعبية في أبريل 1985م ، فواصل مولانا قيادة الحزب ، ومجاهداته في دعم قوات الشعب المسلحة واضحة إبان تحرير مدينتي الكرمك وقيسان ، كما أن مجاهداته في تحقيق السلام واضحة ، توجها سيادته باتفاقية السلام السودانية النظيفة ( الميرغني قرنق ) ، ثم كان انقلاب 30 يونيو 1989م المشئوم ، وكان اعتقال سيادته ، ومن داخل سجن كوبر كون هو ورفاقه التجمع الوطني الديمقراطي الوعاء الجامع للمعارضة السودانية ، بغرض استرداد الحرية والديمقراطية ، وما زالت نضالات مولانا تترى إلى الآن وراية حزبه تعلو فوق الرايات.










الخاتمة :
وخلاصة الأمر يمكن القول أن دعوة الطريقة الختمية تعتبر في مجملها دعوة صوفية إصلاحية تهتم بأمر الدين والدنيا ، وملخص هذه الدعوة يكمن في ضرورة صياغة الفرد المسلم صياغة إسلامية سنية وإدراجه في مجموعة نموذجية تتعاون فيما بينها على البر والتقوى وتسعى لإقامة المجتمع الإسلامي الفاضل ، ومن ثم الدولة الإسلامية وفق المفهوم الحديث.
أخيراً..
وكما ذكرنا هذه مقتطفات ومدخل لفهم ودراسة الطريقة الختمية ومن أراد الاستزادة فعليه بمؤلفات السادة والخلفاء والكتاب المخلصين ، وليحذر من كتابات المغرضين ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا هذا العمل وان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.

*****

محمد جمرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس