ماذا يحدث عندما يُنادي المُنادي
محمد سعيد محمد الحسن
الرأي العام 21 نوفمبر 2010م
«المنادي نادى للحج» هذه مقولة صحيحة (100%) لا احد ينادي أو يصرخ في اذنك وانما هو هتاف قوي مندفع من دواخل القلب يلح بلا انقطاع ويجعل نداء الحج وطواف الكعبة، «لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك». والهرولة بين الصفا والمروة، والوقوف في عرفة وزيارة الحبيب المصطفى «صلى الله عليه وسلم» في المدينة المنورة، يمتلك كل الحواس ويغوص في الوجدان ولا يعد في الخاطر او الذاكرة غير التوق والشوق واللهفة العارمة لأداء فريضة الحج، قلت هذا لابن شقيقتي رأفت سيد ابراهيم وهو يبلغني بعدم ظهور جوازه، أو ضياعه أو اختفائه رغم ظهور جواز والدته واستلامه وموعد سفرها. وقلت له دع والدتك الكريمة تلحق بطائرتها للمدينة المنورة، فاذا كانت أشواقه قوية ونداء الحج في دواخله عارمة فلن يخذله الله ابداً وسيلحق بوالدته ويؤدي الفريضة بإذن الله، وعمدت لاتصالات هنا وهناك ولكن في قرارة نفسي ومن تجربتي وغيري فان النية والرغبة الصادقة لها الفعل النافذ، وفجأة اتصل بي ليبلغني أنهم عثروا على الجواز وبه التأشيرة صدفة في مكان ما، واكتملت اجراءاته ولحق بوالدته وهو الآن يؤدي مناسك الحج وأدى صلاة الجمعة في الحرم الشريف، ويناجي ربه مع ضيوف الرحمن «لبيك اللهم لبيك ان الحمد والنعمة لا شريك لك لبيك» والحمد لله على نعمائه التي لا تحصى، والاعجاز الالهي الآخر المتمثل في نداء الحج أسوقه في هذه الواقعة ولولا انني طرف فيها لما صدقتها، وقد حدثت قبل سنوات، فقد لجأت الىَّ قريبتي الشابة وأشهد لها بالورع والصلاح في بيتها ومع أسرتها وأهلها وجيرانها، ونقلت الىَّ انهم رفضوا منحها التأشيرة او التصديق لها بالحج لصغر سنها والأسبقية والأولوية للأكبر سناً ولم يكن قد تبقى سوى يوم أو يومين وبعده الوقوف في عرفة وكانت هنالك استحالة بسبب عنصر الزمن وسألت الله التوفيق واتصلت بالاخ الكريم عبدالوهاب ابراهيم وزير الداخلية آنذاك ملتمساً التصديق لها بالسفر وتساءل بدوره ولكن هل بالمقدور اللحاق بالحج؟ ووافق.. ولأن العطلة للعيد بدأت بالفعل اتجهت الى اللواء ابو عفان مدير عام الجوازات في منزله ومنحها التأشيرة ثم وجدت انها بلا «كرت صحي» وتم التوفيق في الحصول عليه رغم العطلة ثم مسألة التحويل، ولا بنوك لا صرافات ومع ذلك توافر المبلغ المطلوب، ثم اتجهنا الى سودانير «الخطوط الجوية السودانية » رد الله غربتها فابلغنا ان سفريات الحج اكتملت تماماً باستثناء طائرة او سفرية واحدة اخيرة تجرى اتصالات بمطار جدة لتمكينها من الهبوط بعد اعلان اغلاقه وجاءت الموافقة واكتشفنا ان الطائرة كاملة العدد ولا مجال البتة لراكب اضافي، ووقفنا ثلاثتنا الاخت علوية وزوجها حاج محمد وشخصي على أمل ضئيل في تخلف راكب وبالتالي اللحاق بالحج، وجاءنا مهرولاً مندوب من داخل المطار ليخطرنا بتخلف راكب وبسرعة وبدون حقيبة باستثناء جواز السفر واوراق الحج لحقت بالسفرية الاخيرة الاستثنائية. وفي مطار جدة كان في انتظارها على مدى يومين شيخ من الأهل استحلفته ان يكون في انتظارها لأنها تعول عليه بعد الله في اداء مناسك الحج وانها ستلحق به لا محالة، وقد كان لقد نادوه عبر المايكرفون بوصول «علوية خلف الله» على آخر طائرة سودانية ادخلت استثنائياً مطار جدة. وأدت فريضة الحج وعادت بالسلامة، وصدقت المقولة ان المنادي اذا نادى للحج فهو واصل الى مقصده بإذنه تعالى.
حج مبرور ومقبول للجميع ان شاء الله.