الاستاذ معاوية عثمان محمد خير متحدثاً نيابة عن اصدقاء الفقيدين حيث ألقى الكلمة التالي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فهذه ليلة الشكر الجزيل والثناء العميم وليلة الإقرار بالفضل لأهل الفضل وأحق الناس بالراحلان العزيزان محمد الأمين وإبراهيم عبد الرحمن طه وقد درج الناس هنا في السودان على ألا يثنوا على المرء أمام ناظريه ادباً وحياءاً وان ينادوا عند الرحيل – إن كان من الفضلاء- باكين وشاهدين عند ربهم بالخير الذي عرفوه عنه ولعل ما جرى يوم الرحيل الأليم كان الدلالة الكبرى وكان البرهان الساطع على ما يكنه الجميع ذكوراً وانثاً قصراً وراشدين من محبة وتقدير فاقا كل تصور للراحلين العزيزين فتوالت الشهادات النواصع وتدفقت كلمات الثناء فكانت أزاهر جعلت أيام المأتم كالحديقة الغناء تضوع عطراً بسيرة الراحلين العزيزين.
محمد الأمين... ... ولد فراق من يومك... ... فتاً أغر ناصع جميل المحيا لاتحتاج إلى عنت ولا إلى معرفة بكلام العرب لابتداع أوصاف تليق به فهي كلمة واحدة (السماحة) خلقة واخلاقاً تصدر عن طبع أصيل لا منتحلا ولا متكلفا وسمت تعامله مع الجميع فكان بهم جميعاً حفياً وكان لهم جميعاً صديقاً لا يفرق بين احد منهم حتى ليظن كل واحد منهم انه الأثير عنده وانه الحبيب لديه وكذا شانهم جميعاً، حتى الأطفال كان يعرفهم بأسمائهم ويسال عنهم في حب صادق ويدعوهم لزيارتهم في بيته العامر ويستقبلهم بتواضع وأريحية لاتصدر إلا عن نفس كبيرة وروح عظيمة ندر مثلها في مثل هذا الزمان وكأنما تحدر إلينا محمد الأمين من عهد الصحابة .. طبت حياً وميتاً يا أبا عبد الرحمن وغفر الله لك وجازاك بأكثر مما قدمت في جنة عرضها السموات والأرض مع حبيبك المصطفي وال بيته والشهداء والصالحين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم الآخر رفيقه في الجنة بإذن الله إبراهيم ... الشهم المفضال أخا أدب وحياء ... شاب ينضح بالرجولة وبالحزم وبالعزم نال نصيبه مما قدر له في وظيفته بصبر وشجاعة تليق به وبأسلافه الكرام لم يعتريه الضعف ولم تتخاذل ركبتاه بل مضى واثقاً مطمئناً يشق دربه في الحياة كما السيف اليماني، تعلق قبله بالصالحين وبمناقب الأولياء وبسيرة الفلاح فتجد عنده في كل زيارة قصة وفي كل جلسة رواية يحدثك عن السيد الحسن أو عن الخليفة ود المتعارض فيشع النور من وجهه الوضيء وتلين قسماته وقد حلق في سماوات علا ويضوع المجلس بأريحية الفلاح فلا غيبة ولا نميمة حتى تخال نفسك في زمان غير الزمان وفي مكان غير المكان وقد تجادله في بعض ما يعتقد ديناً وسياسة فلا يتمادى في عناد ولا يلج في خصومة هادئاً واثقاً مكتمل الاعتقاد – لله درك يا آبا مجذوب فقد تسلسلت إليك والى بقية إخوتك فضائل ومكارم أسلافك الكرام الاماجد.
يبكيكما الاضياف الذين ما أغلف باب أمامهم ... يبكيكما الجيران وقد فقدوا برحيلكما قدراً كبيراً من أمان الدنيا... يبكيكما النادي وقد كنتما تشكلان فيه حضوراً أنيقاً وتضفيان عليه ادباً واحتراماً ... تبكيكما الزاوية ويبكيكما المسجد ... يبكيكما إخوانكم في الطريقة الختمية وقد وجدوا في داركم داراً أخرى للطريقة ... يبكيكما كل من عرفكما في هذه الفانية ويستبشرون لكم بقول اصدق من قال ( ألا أن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ) ولا نزكيكم على الله فهو اعلم بكم منا ولكنا نتوسل إليه بأسمائه الحسنى أن يفيض عليكم من رحمته وهو الرحيم وان يغفر لكم ما سلف من ذنبكم وهو الغفور وان يلطف بكم وهو اللطيف وان ينيلكم النصيب الأوفى من كرمه وهو الكريم ولا راد لمشيئته ولا حول ولا قوة ألا بالله وجعل الله بركتهم في أهلهم وإخوانهم وأبنائهم عبد الرحمن وعبد الحكم ومجذوب ومصطفى وحرائر بيتهم الكريم ...
معاوية عثمان محمد
عن/ أصدقاء الفقيدين