عن الخليفة النقيب أحدثكم..
fijaj@hotmail.com
?{?
جرس أول: نفسح المجال اليوم للأستاذ علي نايل ليحدثنا عن أحد مشايخنا الذين رحلوا عن دنيانا بعد أن عمروها بجلائل الأعمال التي ستخلد ذكراهم على النحو التالي كما ورد بقلم الأخ علي نايل:
من عاداتنا الغريبة بان العظماء في بلادنا لا يأتي ذكرهم أو الأشادة باعمالهم الخيرة أو الحديث عن محاسنهم إلا بعد أن يرحلوا إلى الدار الآخرة . ولهذا السبب تأتي مقولة(إن شاء الله يوم شكرك ما يجي) وهذا دلالة وتأكيد بأن الشكر والثناء لا يأتيان إلا بعد الرحيل. واتباعاً لهذه العادة الخاطئة فإن من جاء وقت شكره والثناء عليه لأن رحيله قد حدث فعلاً ألا وهو الخليفة محمد الحسن عثمان سيد أحمد. وهو من الذين قد كان واجباً علينا أن نذكره ونذكر محاسنه وأن يشار له بأنه قد كان رجل خير وإصلاح قبل رحيله ولكن هذا قد حدث الآن وقد أمتلأت الصحف ناعية له ومعددة لافضاله. وكما قلنا أنها عادة ومهما كان رأينا فيها وفي اعتقادي ولو تغيرت بأن يسمع الخيرون الثناء عليهم في حياتهم لازداد هذا الخير اضعافا . وانطلاقاً من هذه العادة نقول بان فقيدنا المرحوم الخليفة محمد الحسن عثمان سيد أحمد انتقل إلى الرفيق الأعلى في الأسبوع الماضي. وحمل جثمانه من داره بالعمارات حيث ووري الثرى بمقابر السيد المحجوب بالخرطوم بحري وقد رافق نعشه وصلت عليه حشود كبيرة من البشر دلالة على قبوله عند ربه والفقيد قد جاء إلى الحياة في عشرينات القرن الماضي .
وهو من مواليد الغريبة منطقة كورتي . وقد درس القرآن
وحفظه وقد كان من العاملين به متخلقاً باخلاقه في كل سلوكه ومعاملاته ومتأدباً بآدابه في محبة الله ورسوله وآل بيته وبجانب ذلك فقد حرص بأن ينال قسطا من التعليم وتفوق في علوم الحسابات ثم في اللغة الإنجليزية وهذا قد أهله للنجاح في المجال التجاري وأصبح من رجال الإقتصاد البارزين وقد كان من أوائل الذين أسسوا الشركات . وقد كانت أولى شركاته شركة الواردات الوطنية. كما كان من أوائل من عملوا في تجارة الشاي واللساتك كما استطاع أن يكون وكيلاً لعدد من الشركات الأجنبية الأمر الذي جعله كثير الأسفار إلى انجلترا لعلاقاته التجارية هناك بجانب دوره الإقتصادي الرائد فقد كان له دوره الوطني قبل وبعد الأستقلال حيث كان من اوائل أعضاء مؤتمر الخريجين - ورغم ما قدمه في المجال السياسي ولكنه لم يتطلع لتقديم نفسه لاي منصب قيادي أو سياسي.. وقد كان المرحوم من أكثر المقربين لمولانا السيد على الميرغني رضوان الله عليه. وقد كان من القيادات التي يعتمد عليها وكان ينفذ كل ما يوكل له من مهام بكل تضحية ونكران ذات.
وظل يسير على هذا الطريق بكل الأخلاص مع مولانا السيد محمد عثمان الميرغني . ولهذا فقد كان فقيدنا من الرجال الموثوق بهم ويعتبر من أصحاب المهام الصعبة. ولأنه قد كان من المخلصين للطريقة الختمية فقد ساهم في دعم مؤسساتها وهو من الرجال الذين اشرفوا على تشييد مسجد مولانا السيد على الميرغني. وهو من الذين أسسوا ودعموا هيئة الإرشاد والدعوة للطريقة الختمية. وهو من الذين أسسوا هيئة الأغاثة الوطنية وهي أيضاً من مؤسسات الطريقة الختمية .. وقد كان المرحوم أكثر الذين يقفون مع دعم وأحياء المناسبات الدينية والحوليات ولابد أن نوضح بأن اخلاص هذا الرجل للطريقة الختمية اخلاصا موروثا لان فقيدنا من أحفاد الخليفة النقيب - والخليفة النقيب من أوائل خلفاء الطريقة الختمية وهو من الذين وجدوا الإكرام والإهتمام من مولانا السيد محمد عثمان الميرغني الختم شيخ الطريقة الختمية. وقد جاء ذكر الخليفة النقيب في توسلات مولانا الختم والتي تسمى حبل الوصال باسماء الله الحسنى وقد شمل النقيب فيها بالدعاء له حباً وتقديراً (تعم نقيباً صالحاً صادقاً عربي) وكذلك وفي واحدة من المخطوطات النادرة فقد وجدت رسالة بخط مولانا الختم ارسلها إلى الخليفة النقيب وهي رسالة طويلة تحتوى على نصائح غالية . وقد تكرم الخليفة عبدالمجيد عبدالرحيم واعطاني صورة من هذه الرسالة التاريخية المهمة وهي كما أفاد موجودة طرف دار الوثائق. وأريد وحتى يعلم بعضنا شيئاً من أخلاق وتربية سلفنا الصالح لرجالهم ورعاياهم فإني سوف اختار جزءاً يسيراً من هذه الرسالة وما جاء فيها من نصائح خص بها الخليفة النقيب حيث قال له :
وصيتي لكم بتقوى الديان والمحافظة على الذكر وتلاوة القرآن وكثرة الصلاة على سيد الأنس والجان ..فإن بها تتكشف الأسرار وتزول الأمحان.. وبمداومة الذكر جلاء القلوب . وبتلاوة القرآن العظيم رضاء الرب وبالصلاة على الحبيب يحصل القرب والحب وإن توفقتم على ذلك فعن قريب تنجلي أحوالك ويفتح لكم عن سر ما هنالك
إن الكلمات اعلاه هي جزء من رسالة طويلة من شيخ الطريقة الختمية إلى أحد تلاميذه والمقربين منه وهو الخليفة النقيب كما أسلفنا وهو الجد لفقيدنا الراحل لنؤكد بأن حبه للطريقة الختمية موروث ولذلك فقد كان هو من أكثر أهل الصدق والوفاء للطريقة وللسادة المراغنة.
وقد حدثني الخليفة عبدالمجيد عبدالرحيم.. بأن المرحوم محمد الحسن عثمان وفي آخر أيام مرضه قد ناداني وقال عندي لك وصية مهمة فقال محدثي الخليفة عبدالمجيد وقد حسبتها وصية تخص أولاده أو أحد أفراد أسرته لأني قد كنت من المقربين منه ومن الحافظين لأسراره وهو يطلعني على كل أموره الخاصة. ثم جلست لاستمع للوصية فقال لي كلمة واحدة وكررها عدة مرات (حافظوا على الطريقة الختمية)أنها قد كانت آخر وصية وآخر كلمات نطقها فقيدنا العزيز والواضح بأن وصيته ما كان لها علاقة بالأسرة ولا باي أمر من امور الدنيا بل هي وصية من أجل الحفاظ على الطريقة الختمية - والطريقة كما يفهمها المرحوم هي العقيدة والدين- وهي خير حافظة لديننا الإسلامي ولهذا فقد حرص على أن يوصي بالمحافظة عليها ونحن لا نملك عندما نفتقد مثل هؤلاء الرجال العظماء الذين ظلوا طيلة حياتهم لا يهمهم إلا العمل للإسلام وباخلاق الإسلام والمحافظة عليه لا نملك إلا أن نقول : ( إنا لله وإنا إليه راجعون) ورحم الله فقيدنا الخليفة محمد الحسن عثمان سيد أحمد النقيب . وأسكنه فسيح الجنان. وتعازينا الحارة لكافة أهل الطريقة الختمية في هذا الفقد الجلل وتعازينا لمولانا السيد محمد عثمان الميرغني. ونعزي أهلنا الكوارته على مستوى السودان وخاصة آل النقيب من أسرته في الخرطوم وكورتي وودمدني .
لا حول ولا قوة إلا بالله.
على نايل محمد