أحبتي الكرام.. سلامات وتحايا نواضر...
من سلسلة مقالات للأخ الفاضل علي ياسين الكنزي عن تاريخ الشيخ بابكر بدري نشرها بصحيفة السوداني... إخترت هذا الجزء من المقال الخامس... والشيخ بابكر بدري (رحمه الله) يوثِّق ويرجع الفضل لأهله ويُخبرنا بأن السيد محمد عثمان الميرغني (عليه السلام) هُو رائد التعليم النظامي للبنات في السودان...
التحية والتقدير لهذا الكاتب المُتفرِّد الأخ الكنزي... ونسأل الله أن يوفقه ويهديه دوماً إلى طريق الصلاح...
تاريخ حياتي لبابكر بدري... الإمتاع والمؤانسة 5-9:
بقلم: علي يس الكنزي
هل هو رائد تعليم المرأة في السودان؟ أم من رواده؟
نجد الأجابة على هذا السؤال في الصفحة (84) من الجزء الثاني من كتابه، حيث يكشف لنا شيخنا حقيقة كانت غائبة عنا في قوله: "أن مدرسة البنات التي أنشأها بمنزله برفاعة في سنة 1907، هي تجربة استقاها من السيد محمد عثمان الميرغني الأكبر الذي أمر بفتح مدرسة الكتاتيب لتعليم البنات بسواكن". وقد رأي شيخنا هذه المدرسة في عام 1310 هجرية (1892-1893)، هذا يعني أن وجود هذه المدرسة قد سبق ذلك التاريخ. هذه الحقيقة التي أوردها شيخنا ربما تجرده من أنه أول من قام بتعليم المرأة تعليماً نظامياً في السودان، ولكنها لن تجرده بوصفه رائداً لتعليم المرأة في السودان. فقد أقر شيخنا بارجاع الفضل للسيد محمد عثمان الميرغني الأكبر الذي سبقه في تجربة تعليم المرأة في المدارس المنتظمة.
شيء مؤسف أن تغيب مثل هذه الحقيقة عن الناس، حتى عن آل الميرغني وأبناء الختمية، ولا يشير إليها أحد غير شيخنا بابكر الذي عرف بأمانته وحفظه لحقوق الآخرين. والأكثر أسفاً أن بروفسور محمد عمر بشير، الذي وثق لنهضة التعليم في السودان غابت عنه هذه المعلومة فلم يوردها في كتابه (تطور التعليم في السودان 1898- 1956)، ترجمه هنري رياض وآخرون. غير أنه أشار في كتابه أن تجربة تعليم البنات في السودان بدأها الأب الإيطالي دانيال كمبوني الذي عمل في حقل العمل التبشيري المسيحي في السودان، وعلى اسمه أسست مدارس الكمبوني السودانية. وذكر أن في عام 1877، كان عدد طلاب وطالبات مدرسة الخرطوم 200 بنت و300 ولد.
هذا يدل على أن تجربة تعليم البنات النظامية لم يكن شيخنا هو أول من ابتدعها، فقد سبقه إليها السيد محمد عثمان الميرغني الأكبر، والأب كمبوني بثلاثين عاماً. إلا أن تجربة السيد الميرغني الأكبر لم تحدثنا عنها كتب التاريخ، لذا نجهل مصيرها! هل تطورت أم ماتت في مهدها؟ كما أننا لا نعلم أي التجربتين أسبق، هل هي تجربة السيد الميرغني الأكبر، أم تجربة الأب كمبوني؟ أما الذي لا شك فيه، أن تجربة الأب كمبوني وشيخنا بابكر بدري بقتا إلى يومنا هذا، وستبقيان إلى أمد بعيد إن شاء الله.
واستدار الزمان في يوم رحيل شيخنا:
توافق غريب، قمتُ بارسال المقال للنشر في نهار الجمعة 2 يوليو 2010، وفي المساء عدتُ للكتاب (الجزء الثالث) لمواصلة مقالاتي، فتنبهت أن الصفحة الأخيرة من الكتاب تقول: ان في صباح يوم الأحد 4 يوليو 1954، دخل شيخنا في حالة احتضار مفاجيء وأنتقل إلى الرفيق الأعلى في تمام الساعة الخامسة إلا ربعاً، لتنطوي صفحة إنسان مارس كل أنواع الجهاد، باليد وباللسان، وبالقلب وبالمال. وإنه من غرائب الصدف أن يستدير الزمان بعد مضي 56 عاماً لوفاته، ويكون يوم امس هو يوم الأحد 4 يوليو الذي إنتقل فيه شيخنا لرب كريم رحيم نطمع منه ونرجو أن يرحم ويغفر لشيخنا ويقبله قبولا حسنا مع الصديقين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقاً، ويبارك فيما أورثه من علم وعمل ما بقت السماء والأرض.
وإلى لقاء متجدد في يوم الاثنين القادم، مع الإمتاع والمؤانسة، مع المرأة في حياة شيخنا بابكر بدري وزوجته البقيع.
____________________
ونرجو من الإخوة وليد قاسم ومحمد جمرة وكل الشباب المهتمين بالتراث الميرغني البحث والتنقيب عن هذه التساؤلات التي طرحها أخونا الكنزي في مقاله عاليه...
وللجميع محبتنا...
أبو الحُسين...