نواصل إخوتي الكرام...
وإليكم حال الجيش المدني الغير متاهِّب:
كما ذكرنا آنفاً أن الجيش المدني لم يكن يتوقع أن يجد قتالاً بل خرج بما كانوا عليه من غير أهبة وإستعداد... فقسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائد العام جيشه إلى كتائب... كتيبة المهاجرين ودفع لوائها إلى الإمام علي كرم الله وجهه وكان يُقال لها العقاب... وكتيبة الأنصار ودفع لوائها إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه... أما اللواء العام كان من نصيب مصعب بن عمير القرشي العبدري رضي الله عنه... وظلت القيادة العامة بيده صلى الله عليه وسلم....
إستعدادات جيش العدو...
ومعاني الشورى التي تجلت بين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه...
أعظم قائد على أعظم جُند
في هذه المرحلة المهمة وهذه اللحظات العصيبة وجيش العدو قرابة الألف يقابل الثلاثمائة صحابي من المسلمين الصادقين.. في أول مواجهة صريحة بين الحق والباطل...
ينزل الجيش المدني بعد أن جهزه النبي صلى الله عليه وسلم وعقد ألويته كما ذكرنا خلف بئر بدر فيأتي صحابي (الحباب بن المنذر بن الجموح رضي الله عنه) من بين الصفوف ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم.. (أترى يا رسول الله أن هذا منزلاً أنزلكه الله لا يجوز لنا أن نتقدمه أو نتأخره أم هو الرأي والحرب والمكيدة).. فرد عليه صلى الله عليه وسلم أنه الرأي والحرب والمكيدة... فقال له الحباب الرأي يا رسول الله... هو أن نجعل البئر خلفنا ونملأ منها حياضاً تكون خلفنا وندفن ما بقي من القُلب ونشرب ولا يشربون... فهنا تبلورت الشورى الحقيقية ... لم يقل له صلى الله عليه وسلم (كما كُت يا جندي شِن عرَّفك بالراي إنت وأنا قائدك الأعلى؟؟؟!!) بل قال الرأي ما أشِرْت به يا حباب!!!
وهنا تتجلى عظمة القيادة وأسمى معاني الشورى وديموقراطية الرأي كما يقولون فهو صلى الله عليه وسلم كان خير قائد لخير جند صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم... ورضي الله عن أصحابه الكرام جند الحق وصُنَّاع المعجزات...
أحبتي الكرام ...
الآن الجيش المكي بقيادة أعتى العتاة وأشجع فرسان العرب آنذاك... أسماء تقشعِرُّ الأبدان لسماعها ناهيك عن مواجهتها... عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الاسود وعمرو بن هشام (أبو جهل) وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبدود الذين عندما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على رجاله وقال لهم (هذه مكة قد القت اليكم أفلاذ كبدها)... نعم أفلاذ كبدها ووجهائها وفرسانها... فلكن يا إخوتي الكرام... هل يغير ذلك شئ في جند الرحمن؟؟؟!!! هل تزعزعت عزيمتهم وهم قادمون لملاقاة أربعون رجل فقط بقيادة أبو سيفان قائد رحلة الشام... فيُواجَهون بهذا الكم الهائل من الفرسان والجنود من مشركي قريش؟؟؟!!
كلا والذي بعث النبي بالحق.. إنما زادهم ذلك عزيمة وإصرارا للتنافُس على إحدى الحسنيين التي وعدهم الله بها...
ما أرهب المنظر إصطفَّ الجيشان ... مائة فارس في جيش مكة (الذين يركبون الخيل) مقابل فارسان فقط في الجيش المدني هما (الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود) رضي الله عنهما... أكثر من تسعمائة في الجيش المكي مدججين بأعتى الأسلحة مقابل ثلاثمائة ونيف من الجيش المدني ليس معهم إلا السيوف لأنهم أصلاً لم يكن يتوقعون قتالاً...
ونواصل إن شاء الله
وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد... وعلى آله الطيبين الطاهرين... وصحبه المجتبين...