عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2010, 01:52 PM   #20
أبو الحُسين
شباب الميرغني
الصورة الرمزية أبو الحُسين



أبو الحُسين is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو الحُسين
Icon15 رد: ألف مبروك صلاح الباشا الوجه المُشرق للختمية والإتحاديين...


كنا نحن في السودان وفي فورة شبابنا بالمرحلة الثانوية في منتصف عقد الستينيات من القرن الماضي ، وأيضا كل الطلاب بالمرحلة الجامعية ، ندعم معنويا وتظاهريا وثقافيا خطوة شن مصر لحرب ضد إسرائيل وتحرير فلسطين المحتلة ، حيث كانت فلسطين تشكل الوجدان العربي تماماً ، فضلا علي ما كانت تحدثه الثورة المصرية الوليدة من آمال عظام في نفوس الشعوب العربية وحتي الإسلامية منها بفضل إعلامها القوي الذي كان يتمثل في إذاعة ( صوت العرب ) وصحف الأهرام والأخبار واخباراليوم والجمهورية ومطبوعات دار الهلال وهي : آخر ساعة والمصور وحتي حواء النسائية ، فضلا علي روز اليوسف وصباح الخير ، تلك الصحف والمجلات قد نشرت الفكري العربي التحرري داخل أفئدة الأمة العربية حيث كانت تخاطب الوجدان العربي بأن هذه الثورة المصرية واعدة وصادقة وعالية الوطنية والعمق العربي التحرري ، بإعتبارها واحدة من حركات التحرر الوطني التي أنهت حكم الإحتلال الإنجليزي لمصر وإنهاء حكم الخديوية فيها بعد أن كان الإنجليز مسيطرين تماماُ علي الملك فاروق ملك مصر والسودان في ذلك الزمان .
ولكن ، ومن جانب آخر ، وفي أيام الحرب في حزيران/ يونيو 1967م ،كان القائد العام للقوات المسلحة المصرية ، وهو في ذات الوقت كان نائبا للرئيس جمال عبدالناصر ، ومقربا منه أكثر ، وهو المشير عبدالحكيم عامر ، برغم بعض الخلافات التي كانت تطفو علي السطح من وقت لآخر بينهما ، لم ينفذ المشير عامر ما إقترحه عليه عبدالناصر إبان الأيام الأولي للحرب في بداية يونيو 1967م حسب توصية كبار الضباط في الجيش المصري لعبدالناصر ... والمقترح هو أن يقوم المشير بتحريك معظم طاقم الطائرات الحربية المصرية من كافة مواقعها بالمطارات الحربية في مصر ، ونقلها إلي السودان ، تحسبا لأي هجمات جوية إسرائيلية عليها ، ذلك أن عبدالناصر كان يعرف قوة وحجم الطيران الإسرائيلي الذي شيدته ورعته الولايات المتحدة بما يحتويه من مقاتلات متقدمة من طراز فانتوم وإسكاي هوك ، فضلا علي الصواريخ المضادة للطائرات .
غير أن المشير لم يعر للأمر إهتماماُ مطلقا ، ما جعل العديد من الخبراء والمحللين العرب والعالميين تغلب عليهم الدهشة من عدم تنفيذ هذا الطلب الإستراتيجي البديهي في معركة سيغلب عليها الطابع الجوي في القتال ، جنبا إلي جنب مع الطابع البري وربما البحري أيضا . فالطيران الجوي المصري هو الذي يعمل علي تغطية القوات البرية المتمددة في صحراء سيناء صوب إسرائيل ، فضلا علي إستخدام الطيران في الهجمات الجوية علي مواقع العدو العسكرية حسب ماهو معروف في الحروب الحديثة ، وقد تمثلت فوائد إستخدام الحرب جويا في مصر لاحقا عند قيامها بحرب العبور في 6 أكتور 1973م حيث دكت القوات الجوية المصرية حصون القوات الإسرائيلية المرابطة في خط بارليف الترابي علي الضفة الشرقية لقناة السويس حين كان قائد القوات الجوية في حرب أكتوبر 1973م هو الفريق طيار محمد حسني مبارك ، الذي أصبح لاحقا رئيس لجمهورية مصر العربية بعد إغتيال الرئيس محمد أنور السادات في حادثة المنصة الشهيرة بتاريخ 6 أكتوبر 1981م إبان إحتفالات الجيش بذكري حرب العبور .
كما أن هناك جانبا آخر ، ادي إلي سرعة أنهاء المعركة لصالح إسرائيل في حزيران/ يونيو 1967م ، وهو أنه حين توغلت القوات المصرية بحجمها الكبير داخل سيناء وقد إقتربت من حدود إسرائيل القديمة ، كان لابد من القيادة المصرية من توظيف سلاح الطيران ليأخذ زمام المبادرة ويبدأ ضرباته الجوية في العمق الإسرائيلي ، خاصة وأن مساحة إسرائيل كانت ضئيلة وقد كانت تحيط بها في شكل طوق كل من سوريا ولبنان والأردن وسيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني السكان والبحر الأبيض المتوسط ، ومن السهولة إحداث خسائر فيها بحيث لا تستطيع درء مخاطرها .
وهنا ... حدثت الخدعة الكبري من الصديق الكبير لمصر وقتذاك ، وهو الإتحاد السوفيتي ، فقد كان الرئيس الأمريكي ( ليندون جونسون ) من الحزب الديمقراطي والذي خلف الرئيس جون فيستجيرالد كينيدي الذي إغتيل في مدينة دالاس داخل سيارته المكشوفة وهو يحي الجماهير في شوارع المدينة في العام 1963م وبجانبه زوجته جاكلين والتي تزوجت من الملياردير اليوناني أوناسيس فيما بعد ، كان الرئيس ليندون جونسون تصله التقارير من القيادة الإسرائيلية إبان تلك الظروف وقد كانت رئاسة الوزارة الإسرائيلية في يد السياسية العريقة والماكرة( قولدا مائير ) من حزب العمل ، وكان يساعدها وزراء متمكنون وذوو خبرة رفيعة ، مثل وزير الخارجية ( أبا إيبان ) ووزير دفاعها( موشيه دايان ) ، فإتصل الرئيس الأمريكي ليندون جونسون بالزعيم السوفيتي ( ليونيد برجينيف ) مستخدما ذكاء ماكرا لصالح إسرائيل ، قائلا له بأن الولايات المتحدة سوف تدعو مجلس الأمن للتدخل لوقف أي حرب محتملة بين مصر وإسرائيل ، وفي ذات الوقت سوف تضغط علي إسرائيل للدخول في مباحثات سلام جادة مع مصر ومع كل العرب لتحفظ لكل الأطراف حقوقها ، بما في ذلك إيجاد وطن للفلسطينين يكون مستقرا لهم كدولة بدلا عن هذا اللجوء المكثف للفلسطينيين بالدول العربية ، وقد إشترط الرئيس جونسون علي بريجنيف إخطار عبدالناصر اليوم قبل الغد بعدم إستخدام مصر لأي ضربة جوية ضد إسرائيل ، أي ألا تبدأ مصر بالهجوم مطلقا حتي لا تعطي مبررا للطيران الإسرائيلي المتطور من الهجوم جوا علي كل مصر ، خاصة وأن عبدالاناصر هو الذي طلب من الأمم المتحدة سحب قوات السلام الدولية التي كانت تتواجد في الحدود بين البلدين ، خاصة في مضائي تيران مثلما ذكرنا سابقاً .
وعلي الفور وفي ذات الليل ، قام برجنيف بإستدعاء كل من رئيس وزرائه ( إليكس كوسيجين) ووزير خارجيته السياسي العريق ( أندريه جروميكو ) ولم ينس إستدعاء وزير دفاعه العجوز المارشال ( جريشكو ) ، وقد شرح لهم الحالة في مصر وفي الشرق الأوسط تماماً ، وطلب من وزير الخارجية جروميكو الإتصال بالسفير السوفيتي بالقاهرة وإيقاظه من النوم فورا للذهاب إلي الرئيس جمال عبدالناصر في بيته فوراً ، وإخطاره بما تم الإتفاق عليه بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي في ذات الليلة ، وهو ألا تبدأ مصر بالهجوم الجوي علي إسرائيل مطلقا ً ...
وهنا فقد إنطلت الحيلة الذكية علي السوفييت وعلي عبدالناصر نظرا لمايربط الطرفين من تحالف إستراتيجي ضد القوي الإمبريالية بالمنطقة حسب حالة الحرب الباردة السائدة وقتذاك . وبالتالي فقد أكد عبدالناصر للسفير السوفييتي وقد كان الوقت في الساعة الثالثة من صباح الإثنين الخامس من يونيو / حزيران 1967م ، موافقته علي المقترح ، فرجع السفير وإتصل بجروميكو والذي بدوره إتصل بالرئيس برجينيف ، فقام الأخير بتأكيد الأمر للرئيس ليندون جونسون عن طريق الخط الهاتفي الساخن والذي كان يطلق عليه ( الخط الأحمر ) بين قصر الكرملين في موسكو والبيت الأبيض في واشنطن .. ثم وصل الخبر من واشنطن إلي تل أبيب بالطبع بنجاح الخطة الجهنمية.
وهنا ... يصحو عبدالناصر من نومه في السادسة من صباح ذات اليوم الخامس من حزيران/ يونيو حيث أيقظه مدير المخابرات الحربية اللواء ( صلاح نصر ) ليبلغه الخبر الأليم بالغدر الإسرائيلي الناتج من الخدعة الأمريكية الكبري ، وهو أن الطيران الحربي الإسرائيلي قد قضي علي جميع المطارات الحربية في مصر محطما معظم أسطول الطيران الحربي ( من طراز ميج السوفيتية ) في ساعة واحدة ، في الخامسة فجرا بتاريخ الخامس من حزيران/يونيو 1967م . ما أدي إلي دخول عبدالناصر وكل القيادة المصرية والشعب المصري والسوداني والعربي في حالة إحباط وإرتباك لا حدود لها ، خاصة وأن عبدالناصر نام ليلتها وقد كان يعتقد أن المشير عبدالحكيم عامر قد قام بإجلاء ثلثي الطيران المصري علي الأقل إلي الخرطوم حسب الخطة والطلب ، وهذا بالطبع لم يحدث ، ولم يعرف سبب تصرف المشير ذاك حتي اللحظة ، ولذلك أمر المشير كل القوات المصرية البرية بإلإنسحاب الفوري من الصحراء إلي غرب القناة حيث إنعدم الغطاء الجوي لها بسبب ضرب الطيران الحربي المصري بواسطة القوات الجوية الإسرائلية ، فتم الإنسحاب عشوائياً ، و لكن الطيران الإسرائيلي كان هنا أسرع حيث تمكن من ضرب كافة الأسلحة والمدرعات والآليات التابعة للجيش المصري في سيناء ، ما دعا القوات المصرية إلي تركها خلفه في صحراء سيناء التي سيطرت عليها إسرائيل تماماً ولم تنسحب منها إلا بعد تطبيق إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد بأمريكا في زمان الرئيس السادات وبيجين في العام 1978م ، فتم إنسحاب إسرائيل من سيناء في أبريل 1983م حسب نصوص الإتفاقية .وهنا فقد قدم الجيش المصري الشجاع تضحيات كبيرة وعظيمة وتاريخية تتطلب توثيقا أكبر وأعرض، فقد كان جيشا يمثل الجسارة والتضحية في أبهي معانيها ، حيث قدم الجيش والشعب المصري زهرات شبابهم من أجح قضية العرب المحورية وهي تحرير فلسطين.
وبعد تلك الهزيمة الخدعة شعرت القيادة السوفيتية كلها بالحرج البالغ بسبب قبولها مقترح ليندون جونسون الذي خدعها تماماً ، فقام رئيس وزراء السوفييت إليكس كوسيجين ووزير خارجيته إندريه جرومكيو وبرفقتهما وزير الدفاع جريشكو ، بزيارة القاهرة ، وقد إلتزم السوفييت للقيادة المصرية بتعويض السلاح المصري بالكامل ، وببناء وإعادة تأهيل وتدريب القوات المسلحة ، وإقامة حائط لصواريخ سام 6 المتطورة في عدة مواقع علي طول الضفة لغربية لقناة السويس .
وما يجدر ذكره أن الجيش الأردني كان قد إستبسل جدا داخل الضفة الغربية لنهر الأردن والتي كانت تحت الإدارة الأردنية منذ حرب 1948م ويسكنها الفلسطينيون منذ ذللك الزمان وقد 1كر عبدالناصر في خطابه الشهير بأنه يشعر بالألم حين يتذكر جيش الأردن وإستبساله ، فإحتلت إسرائيل الضفة الغربية لنهر الدرن بالكامل ولم تخرج منها حتي اللحظة ، بمثلما إحتلت أيضا مرتفعات الجولان السورية منذ حزيران وحتي اللحظة ايضا ، ثم جنوب لبنان الذي خرجت إسرائيل منه قبل عدة أعوام بعد نضالات قوات حسن نصر الله زعيم حزب الله الشيعي في جنوب لبنان .

أبو الحُسين غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس