إذا قل مال المرء قل بهاؤه
وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدرى إن كان حازما
أقدامه خير له أم وراؤه
ولم يمض فى وجه من الأرض واسع
من الناس إلا ضاق عنه فضاؤه
لكن الشاعر احمد شوقي فينصحنا بان نقتصد فى جمع المال، وصرفه بحكمة ،عندما يقول :
ولم أر مثل جمع المال داء ولا مثل البخيل له مصابا
فلا تقتلك شهوته وزنها
كما تزن الطعام أو الشرابا
وخذ لبنيك والأيام ذخرا
وأعط الله حصته احتسابا
نعم المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وبالعلم والمال يبنى الناس ملكهم، لم يبنى ملك على جهل وإقلال ،والمال هو ما ملكته من متاع ،او عروض تجارة، أو عقار، أو نقود ،أو حيوان، وقد قال عليه الصلاة والسلام (انك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس )نعم ينبغى أن نسعى وراء الدرهم والدينار، والدولار والاسترلينى ،وحتى الجنيه السوداني، لا ينبغى أن نحقره، فهو الذى ينفعنا وإياكم فى اليوم الأسود ،ولن يكون الفقر عيبا عند أولئك الذين تعلقت قلوبهم بالله، لان الله هو الذي فاضل بين عبد وآخر، من عباده فى الرزق ،لحكمة عظيمة نجهلها، حينما قال : (والله فضل بعضكم على بعض، فى الرزق )وقال فى موضع آخر (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. )
وينبغى علينا أن نتحرى الحلال فى كسبنا ،حتى يكون دعاؤنا مستجابا كما يرى يحيي بن معين :
المال يذهب حله وحرامه يوما وتبقي غد فى آثامه
ليس التقي بمتق لإلهه حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما يحوى وتكسب كفه ويكون فى حسن الحديث كلامه
نطق النبي لنا به عن ربه فعلى النبي صلاته وسلامه
وليس عيبا أن يتغرب المرء مثلنا ،عن دياره بحثا عن رزقه المكتوب،كما يرى حفي الدين الحلي :
تغرب وابغ فى الأسفار رزقا
لتفتح بالتقرب باب نجح
فلن تجد الثراء بغير سعي
وهل يورى الزناد بغير قدح
لكن غنى النفس والقناعة بما كتبه الله لنا من أرزاق، هو الأصل والمطلوب يقول أبو فراس الحمداني فى ذلك :
غنى النفس لمن يعقل
خير من غنى المال
وفضل الناس فى الأنفس
ليس الفضل فى المال
والغنى على كل حال ليس مذموما،بينما احد الخلفاء الراشدين احسبه الفاروق عمر قال : اذا كان الفقر رجلا لقتلته ،اما نحن فقد تزوجنا الفقر زواجا كاثوليكيا ، وليس كلنا نريد ان نكون مثل سيدنا ابى ذر الغفاري بأن نحشر مثله فى زمرة المساكين، وكما قال سيدنا على بن أبى طالب :
إن الغنى من الرجال مكرم
وتراه يرحى ما لديه ويرهب
ويبشر بالترحيب عند قدومه
ويقام عند سلامه ويقرب
والفقر شين للرجال فانه
يزرى به الشهم الأديب الأنسب
لكن لا ينبغى أن ننسى أننا سوف نسأل يوم القيامة، عن أموالنا من أين اكتسبناها وفيم أنفقناها ؟وقد تكون علينا حسرة وندامة، لذلك نختم بقول الإمام الشافعي عليه رضوان الله :
عليك بتقوى الله إن كنت غافلا يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدرى
فكيف تخاف الفقر والله رازق فقد رزق الطير والحوت فى البحر
ومن ظن أن الرزق ياتى بقوة ما أكل العصفور شيئا مع النسر
تزول عن الدنيا فانك لا تدرى إذا جن عليك الليل هل تعيش الى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا وأكفانه فى الغيب تنسج وهو لا يدرى
فمن عاش ألفا وألفين فلابد من يوم يسير إلى القبر
لذلك أيضا لا ينبغى أن نحمل هم أن يحبنا كل الناس، أو معظمهم لان هذه غاية لا تدرك، ومهما فعلنا فلن نكون مثل المغنطيس نجذبهم، سيما أن الناس فى زماننا هذا أصبحوا يقيمون بعضهم، بما لديهم من أموال لذا فأنهم ربما يحبونك، لمالك ليس إلا، بمعنى ربما لن يكون هنالك من يحبك لله فى الله أو لوجه الله . ومهما تجرى جري الوحوش غير رزقك ما تحوش .