التفاوض .. لإنهاء الحرب ورد الحقوق
محمد وداعة
*تزايد الشكوك حول قدرة قيادة الدعم السريع على إلزام مقاتليها بتنفيذ ما يتفق عليه*
*خروج المليشيا من بيوت المواطنين والأعيان المدنية استحقاق بموجب القانون الدولي*
*محاسبة المليشيا المحلولة على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها وارغامها على إعادة المنهوبات والمسروقات*،
*الشعب السودانى وجد نفسه طرفاً في الحرب نتيجة استهدافه من قبل المليشيا*
*التفاوض لن يغير موقف الشعب السوداني من الحرب وضرورة خروج الدعم السريع من المعادلة التي جاءت بالحرب*
تنشب الحروب لأن التواصل والتفاوض لم يعد كافياً لحل المشاكل والأزمات، وتقف الحروب بالتفاوض ونتيجة لعدم رغبة أحد اطرافها، أو احد طرفيها فى الإستمرار فى الحرب، أو عجزه عن تحقيق أهدافه وارتفاع تكلفة استمرار المحاولات الفاشلة وتحول الحرب إلى مناوشات واستنزاف.
حرب 15 أبريل ربما تكون الحرب الأولى من نوعها التي تدور مباشرة بين ثلاثة أطراف، وليس طرفين كما يقول البعض، بدأت الحرب بتمرد قوات الدعم السريع وفشل محاولتها الانقلابية، وما إن جاء الأسبوع الثاني للحرب حتى استهدفت مليشيا الدعم السريع المواطنين وانتزعت منهم بيوتهم، ونهبت وسرقت واتلفت العربات والاثاث، واستباحت المستشفيات العامة والخاصة والأسواق والمصانع والمرافق المدنية والبنوك، واسرت آلاف المدنيين والمعاشيين من النظاميين، وارتكبت جرائم التطهير العرقي والتهجير القسرى، والاغتصابات، وبغباء منقطع النظير استهدفت المليشيا الشعب السودانى وناصبته العداء،فاستحقت الكره والبغضاء والعداء من جموع السودانيين، فلم يعد وجودها مقبولاً .
المليشيا فقدت قوتها الرئيسية بين قتيل وأسير وهارب، وتقاتلت فيما بينها حول المنهوبات والمسروقات، والتنازع فى الرتب والمناصب، والخيار والفقوس فى من يزجون فى المعارك ومن يديرونها من على البعد، وفقدت القيادات علاقتها بالمجموعات المقاتلة وانفرط عقد القيادة والسيطرة، ولم يعد ممكناً تحقيق الهدف من الحرب، ويتعذر بالطبع العودة الى ما قبل 15 ابريل، وتحولت هذه المجموعات إلى عصابات متناحرة على أساس قبلي يهدد بنقل الحرب الى مناطق تواجد هذه القبائل فى دارفور وكردفان.
حسب ما رشح من معلومات فإن التفاوض ينحصر فقط في المسار الإنساني والملف الأمني كما جاء في إعلان جدة، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه باخلاء المليشيا لبيوت المواطنين والأعيان المدنية، وعودة النازحين إلى بيوتهم وتقديم المساعدات الإنسانية وإنهاء الاعتقالات وحالات الإخفاء القسري، واستعادة المواطنين لحياتهم الطبيعية.
بالرغم من تزايد الشكوك حول قدرة قيادة الدعم السريع على إلزام مقاتليها بتنفيذ ما يتفق عليه، خاصة ما ورد في إعلان جدة حول الالتزام بالقانون الدولي الإنساني لوضع المدنيين والاعيان المدنية أثناء الحرب، فهذا استحقاق بموجب القانون الدولي، وإذا تحقق بالتفاوض فهذه منفعة وجبت، وهي لا تغير شيئاً فى الموقف الأخلاقي والسياسي من الحرب لجهة محاسبة المليشيا المحلولة على كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها وارغامها على اعادة المنهوبات والمسروقات إلى أصحابها.
الشعب السودانى وجد نفسه طرفاً في الحرب نتيجة لاستهدافه من قبل المليشيا، تحمل وصبر على ويلات الحرب وآلامها، ولم تنطلي عليه الادعاءات المضللة بعد ان داهمته في عقر داره جموع المرتزقة الأجانب من مختلف دول الجوار، وبعد أن واجه خطاب الكراهية والحقد الأعمى والقصف العشوائي والقتل لمجرد الرغبة فى القتل، وشاهد مقاطع مصورة لأسواق دقلو حيث تباع ممتلكاته ومقتنياته،الرأي العام السوداني يرفض بقوة أي جلوس أو تفاوض مع المليشيا المتمردة، وهو معذور فى ذلك لانه لا يرى فى هذه المليشيا إلا مجموعات خارجة على القانون ومرتزقة من الأجانب يقاتلون لأجل الغنائم ويسرقون وينهبون ويغتصبون علناً.
الشعب السودانى يتمنى إنهاء الحرب وفقاً للاستحقاق القانوني والدستوري، يريد استرداد حياته وكرامته، واستعادة أمواله وبيوته وعرباته واثاث بيته ومستشفياته ومصانعه، الشعب السودانى يطالب بحقه القانونى في محاسبة المتورطين فى القتل والتطهير العرقي والاغتصاب، وسيرفض أي خلط للأوراق، ولن يقبل أية عملية سياسية قبل رد الحقوق وجبر الضرر والتعويض وفقاً للقانون، كيف يتم ذلك، هذه مسؤولية من يفاوضون.
23 أكتوبر 2023م