وكانه يعني قول إبن الرومي :
علي حين شمت الخير من لمحاته ---- وآنست من أفعاله آية الرشد
كان والده كثير التلاوة للقران الكريم وكثيرا ما كان يستيقظ ويجده قريبا منه جالسا علي سجادته ( الفروة ) وهو يذكر الله في عتمة الليل ، ذكر انه لمحه يوما في اخر الليل وهو جالسا قال : قلت في نفسي ماذا يقرأ والدي ؟ فكأنه سمع ما يدور في ذهني فقرأ بصوت جهوري قوي ( فادلي دلوه ) فعلمت انه يتلو من سورة يوسف .
كان مولانا وهو صغير يرعي غنمه ويقوم بخدمة اهله وذات يوم أخذ بخطام بقرتيه ترعي في... الوادي الواقع حول قباب أجداده أولاد جابر وكان الزمان خريفيا واشرأب العشب الاخضر بأعناقه وذات يوم تلبدت الغيوم وتوارت الشمس خلفها واكتست السماء ثوبا داكنا ، والبرق يخطف بالابصار ثم نزل المطر سخيا وسالت المياه وجرت سيولا وزبدا وامتلأت القيعان فاحتمي بنخلة وظن أنه بأمان تحتها ولكن جاءت صاعقة واخذت برأسها كأنها ضربة سياف ، تركها جزعا وأحتمي بقبة جده الحاج حمد وهم أبناء ابراهيم والتي تقع غرب الاخري التي بها ابناء الحاج محمد وهم أبناء ابراهيم البولاد ، كانت غير مكتملة البناء ولكنه قال أحسست بالامان داخلها برغم ان الظلام يكتنفه ، بعد ان توقف المطر خرج الأهل يبحثون عن ابناءهم ، وسمع صوت عمه مختار يناديه بصوته المميز وهو يحمل فانوسا أمامه ، وكان يحب ابن اخيه ويهتم به صفة اورثها لابنائه من بعده ومنهم ابنه عثمان مختار الذي قص رحلته معه الي اهلهم في منطقة ( حجر الطير ) والطرفة التي حدثت لهم في الطريق عند مرورهم بالعقبة التي يطلق عليها هذا الاسم لانها ارض مرتفعة من الحجارة الصخرية تمتد علي مساحة ثم تعقبها القري التي كان أطلق عليها اسمها ، ومنها قري الجابراب ، وهم في طريقهم علي الاقدام قابلهم أحد الدراويش السائحون والذين يعرفون بهيئتهم ، ولحبه لأهل الله لحق به بعد أن تجاوزهم وطلب منه الدعاء فرفع الدرويش يديه للسماء وبعدها لم يعي شيئا ووقع علي الارض ، أدرك عثمان مختار ذلك وقال للدرويش ماذا فعلت به قال له : طلب مني الفاتحة ( الدعاء ) ودعوت له فقال عثمان ( طيب يا مولانا خففها ليه ) فرفع الدرويش يديه الي السماء وبعدها أفاق من غيبوبته حالا .
( 5 )