( وجاء في كتاب الوعظ الثمين فى تعمير أعصار رمضان الثلاثين )
للعارف بالله سيدى الامام محمد عثمان الميرغنى ختم اهل العرفان رضى الله عنه
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة تتزين من الحول إلى الحول لقدوم شهر رمضان فإذا كان أول ليلة منه ، هبت ريح يقال لها المثيرة من تحت العرش فيصفق ورق أشجار الجنة وحلق المصاريع ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه ، وتتزين الحور العين ، ويرقصن بين شرف الجنة ، فيقلن : هل من خاطب إلى الله عز وجل فيزوجه منا ، ثم يقلنا : يا رضوان ما هذه الليلة فيقول : يا خيرات حسان ، هذه أول ليلة من رمضان الذي فضل الله به محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، ثم يقول الله عز وجل : يا رضوان أفتح أبواب الجنان ، ويا مالك أغلق أبواب النيران ، يا جبريل أهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين ، وغلهم بالأغلال ثم أقذفهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا لأمة محمد صيامهم
ويقول الله عز وجل في كل ليلة من شهر رمضان : هل من سائل أعطيه سؤله ، هل من تائبٍ فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ثم ينادي : من يقرض الملي غير العوم الوفي غير المظلوم . . . . (الحديث) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله : صلى الله عليه وسلم أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال ، لم تعطها أمة قبلها : خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك الأذفر ، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخرجون فيه إلى ما كانوا يفعلون في غيره من الشهور ، ويزين الله كل يومٍ جنته ويقول لها : يوشك عبادي الصالحون أن تلقى عنهم المئونة والأذى ، ويصيروا إليك ويغفر لهم في آخر ليلة منه مثل ما غفر لهم من أول الشهر إلى آخره فقيل : يا رسول الله أهي ليلة القدر فقال : لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله .
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال : أيها الناس ، قد أظلكم شهر عظيم مبارك فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فرض الله تعالى صيامه ، وجعل قيام ليله تطوعاً ، فمن تطوع فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة ، وهو شهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن ، فمن فطر فيه صائماً كان له عتق رقبة ومغفرة لذنوبه ، قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم قال : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو شربة من ماء أو تمرة ، ومن أشبع صائماً كان مغفرة لذنوبه ، وسقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء ، وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ، ومن خفف فيه عن مملوكه أعتقه الله من النار ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رجب شهر أمتي ، وفضله على سائر الشهور كفضل أمتي على سائر الأمم ، وشعبان شهري ، وفضله على سائر الشهور كفضلي على سائر الأنبياء ، ورمضان شهر الله وفضله على سائر الشهور كفضل الله على سائر خلقه .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كنت ليلة الثالث والعشرين من رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا حتى مضى ثلث الليل فما كانت ليلة الرابع والعشرين لم يخرج إلينا ، فلما كانت ليلة الخامس والعشرين خرج إلينا فصلى بنا شطر الليل ، فقلت لو تنفلنا ليلتنا هذه فقال : إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله إليه قيام ليلة ، ثم لم يصلي ليلة السادس والعشرين فلما كانت ليلة سبع وعشرين قام وجمع أهله وصلى بنا حتى خشينا الفلاح قيل : وما الفلاح قال : السحور . وعن علي رضي الله عنه قال : إنما أخذ عمر التروايح من حديث سمعه مني قالوا : وما هو يا أمير المؤمنين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن لله حول العرش موضعاً يسمى حظيرة القدس وهو من النور فيه ملائكة لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل يعبدون الله عبادة لا يفترون عنها ساعة فإذا كان في ليالي رمضان استأذنوا ربهم عز وجل أن ينزلوا إلى الأرض فيصلوا مع بني آدم فكل من مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، فقال : فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند ذلك : نحن أحق بهذا فجمع الناس على التراويح وأمر بها فرضي الله عن عمر .