راعت قلوبَ العدا أنباءُ بعثته **** كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ **** حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به **** أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَها **** ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل ساحتهم **** بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ سابحةٍ **** يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِمِ
من كل منتدب لله محتسبٍ **** يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ **** من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخير أبٍ **** وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهم **** ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً **** فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ **** منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ **** أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِمِ
شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهمْ **** والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهمُ **** فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى
كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً **** منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً **** فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصرتُه **** إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ **** به ولا من عدوّ غير منقصمِ
أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّته **** كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ **** فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِمِ
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجزةً **** في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِ