رضوانك الله في الآباد والقدم *** على قدامة أهل الله كلهم
قطب له سائر الأكوان كالخدم *** وعزه ثابت من حضرة القدم
دارت بأنفاسه الأفلاك وانتظمت *** له عقود الثنا خير منتظم
مستغرقاً أبداً في ذكر خالقه *** تنهلّ منه علوم السر والحكم
مشكاته وسعت كنه التجلي فكل *** الكون في جنبه في حيز العدم
يبدو باسماء رب العرش كيف يشا *** لان رتبته ذاتية العظم
تجلى عليه سرابيل الكمال وتيجان *** الجلال فيجلوا داجن الظلم
سماؤه بنجوم العلم زاهرة *** وفيضة للورى ينهلُّ كالديم
وشمس رتبته في الأفق ساطعة *** فما تماثل في إشراقها العَمِمِ
حطت رحال الأماني حول ساحته *** فأغرق الفضل منها ساير الأمم
وكم له من وراء العقل من رتب *** لا يُبتَغي مجدها العالي ولا يُرَم
قد حاز من قدم المختار ذروته *** والكل مندرج في ذلك القدم
كأنه هو في سرٍ وفي علنٍ *** وفي بهاء وفي خلق وفي شيم
ما زال في دهره دوما يبشره *** بما تقصر عنه غاية الهمم
كماله في سويدا القلب مختزن *** فحاز من جده جوامع الكلم
كم قال يا قرة العينين أنت لنا *** ونحن أيضا لكم في شأننا الضخم
طبتم وطابت بكم كل الدهور كما *** طابت بنا قبلكم ياروضة النعم
وجه العلي لكم حظًا فيا لكم *** من قسمة مالها مثل من القِسَم
الأمر أمركم والملك ملككم *** من رحمة الله في بدء ومختتم
ربا بكم ديننا السامي ودان لكم *** كل الوجود بحكم الواحد الحكم
كم غنت الخطبا في منبر القدس *** الأعلى بمدحكم في المشهد الوسم
وأطرب الكون ذاك المدح وانتظمت *** لكم عقود الثنا في خير منتظم
وأمطرت منكم مزن الفيوض على *** كل المريدين في ميدان صدقهم
وهيئت خلع التاييد وارتقمت *** علوم منشورها الأعلى بلوحهم
وشرفت بكم الأزمان منه كما *** قد شرفت ظاهراً بالأشهر الحرم
وطاف كل أولي التقوى بكعبتكم *** كما سموا بكم في الحل والحرم
فيا جميع الورى هيا هلم إلى *** حضور موعد بحر الجود والكرم
لتغرفوا منه أشتات الفضائل والآلاء *** دنيا وأخرى يا ذوي الهمم
وتصدروا منه بالأجر الجزيل وبال *** فيض الجميل وبالخيرات والنعم
وتدخلوا في رحاب القدس قاطبة *** وتسلموا من جميع الضر والندم
لأنه روضة المختار أحمدنا*** من أجليت من سناه ظلمة العدم
صلى عليه إله العرش ما سبقت *** حقاً نبوته في حضرة القدم
أو ما اجتلت ذاته بالذات واتصلت *** أو نوّر الله منه داجن الظلم
ربي بحقهم عفواً ومغفرة *** تعم جملتنا يا واسع الكرم
وامنح لرقهم سرا يحققه*** بذات أحمد في مكنون غيبهم
عليه رضوانه الذاتي من أزل *** ما أشرق الكون من ياقوته العظم
وعم كل الورى من فيض رحمته *** فيضاً يؤمنهم من ساير النقم
ما قام بالله كل الأمر منه له *** أو ما اطمأن أولو التقوى بذكرهم