بدءاً من اليوم، تنفرد «الوطن» بنشر حلقات كتاب «داعش.. الحقيقة والوهم» للكاتب الصحفى مصطفى بكرى الصادر عن «كتاب الوطن» قبل طرحه بالأسواق، وتتناول الحلقات تفاصيل وأسرر نشأة تنظيم داعش الإرهابى والأهداق الحقيقية وراء نشأته وتصوراته المستقبلية لدولة الخلافة وعلاقتها بالقوى الدولية والإقليمية.
قبل أن تقرأ*:
تعود جذور الفكر* السلفى الجهادى إلى أول خلاف حدث فى فجر الإسلام، بين الإمام على بن أبى طالب* (رضى الله عنه*)، ومعاوية بن أبى سفيان فى أعقاب قضية التحكيم بينهما، الذى أفضى إلى إنهاء عهد الخلافة ليحل بدلاً* منه عصر التوريث*.
منذ هذا الوقت ظهر ما سُمِْى بفكر* «الخوارج»، حيث انطلق هذا الفكر من رؤية سياسية مغايرة ومعارضة لمبدأ التحكيم من الأساس، وكان من رأيهم* «أن التحكيم سيقود إلى نهاية عهد الخلافة»، مما دعاهم إلى رفض حكم معاوية بن أبى سفيان وتكفير الإمام على بن أبى طالب هو ومَنْ* أيدوه فى فكرة التحكيم من الأئمة والدعاة*.
غير أن هذا* الفكر وجد له أنصاراً فى كل مكان وزمان منذ هذا الوقت، حيث اعتُبر ابن تيمية* (661728م*) عماد هذا الفكر المتطرف، وأصبحت فتاواه بمثابة الأساس الفقهى لجماعات التطرف والعنف الأصولى فى العديد من البلدان العربية والإسلامية*.
ويُنظَر إلى تنظيم* «داعش» فى العراق وسوريا باعتباره من أكثر هذه التنظيمات تشدداً وتطرفاً، بما فى ذلك تنظيم* «القاعدة» الذى خرج منه* أبو مصعب الزرقاوى الذى يُعَدُّ* بمثابة الأب الشرعى لتنظيم* «داعش».
لقد سعى الخوارج والأمويون وغيرهما، إلى استخدام كافة أساليب القهر والترهيب وارتكاب المجازر الجماعية، إما بهدف توطيد أركان حكمهم أو فرض ثقافتهم العقائدية بحد السيف، وكل ذلك كان يجرى تحت راية القتال فى سبيل الله وشريعته*.
إن الملاحَظ فى كل هذه الحروب والمواجهات هو استدعاء نصوص الدين والأحاديث النبوية وتوظيفها وفقاً للحسابات السياسية، وهو نفس ما ينطبق على تنظيم* «داعش» الذى أضاف على ذلك* استدعاء رواية نهاية العالم بخروج المسيح عليه السلام وكذلك معركة* «هرمجدون»، بالضبط كما حدث مع جهيمان العتيبى الذى هاجم الحرم المكى فى نوفمبر*1979، بادعاء أنه* «المهدى المنتظر».
هكذا قدَّم* «أبوبكر البغدادى» نفسه فى صورة* «المخلِّص» الذى سيحرر العالم بسيفه، مستنداً فى ذلك إلى روايات تاريخية ودينية متعددة، فباسم الشريعة الإلهية أقام المذابح والمجازر واستخدم أساليب السحل والعبودية، وباسم الحرب على المرتدين امتدت أنهار الدماء من تكريت والموصل بالعراق إلى الرقة* وحلب وإدلب وحمص فى سوريا*. وإذا كانت* «داعش» قد أشهرت سلاح* «الشريعة الإلهية» بزعم أن السماء منحتهم التصريح المطلق لشن حرب مقدسة ضد من تسميهم الكفرة والمرتدين، فإن الثقافة التى أصبحت سائدة بين عناصر هذا التنظيم هى ثقافة الدم والانتقام بلا حدود*. لقد قامت* «داعش» بنشر واستغلال صورة لطفل من بوليفيا* بعين واحدة، وراحوا يروِّجون فى محاولة لتجنيد المزيد من الشباب بأن هذا الطفل هو* «المسيخ الدجال» الذى يأتى فى آخر الزمان*.