وتابع قائلا إن أعضاء اللجنة أفهموا بديع أن الأجهزة المختصة تريد فقط أن تحافظ على الدولة المصرية، وتتحاشى الدخول في صدام يسقط فيه ضحايا مع أي جماعة أو مجموعة، وأخطروا المرشد العام ل«الإخوان» أيضا بأنه «لا يوجد لدينا أي مشكلة إلا أن نحافظ على البلد. ستخرج وتتحدث مع الناس.. نحن لا نريد أن نلقي القبض على أحد ولا أن نقتل أحدا..».
وكان المطلوب من المرشد، في حال موافقته على العرض الذي تقدمت به لجنة التفاوض، أن يلقي كلمة في ميدان رابعة العدوية يصرف بها المعتصمين، ويفتح الطريق لصفحة جديدة في التعامل بين الدولة والجماعة، دون أن يكون هناك تفكير حتى ذلك الوقت في حظر «الإخوان» أو إصدار قرار حكومي فقضائي بأنها «منظمة إرهابية». كما لم تكن السلطات قد أحالت أيّا من القيادات الكبيرة للتحقيق في النيابة العامة.
ويقول المصدر، وهو لواء سابق في الجيش، إن بديع وافق على العرض، وأبدى مرونة، وابتسم عدة مرات وهو يهز رأسه بالموافقة، وأظهر أيضا تفهما لكل الأطروحات التي قدمها له رجال اللجنة، وعليه جرى توصيله بطائرة عسكرية إلى مطار تابع للقوات المسلحة بالعاصمة ومن هناك جرى نقله بواسطة سيارات تابعة للسلطات حتى باب بيته في القاهرة، لكي يتهيأ للنزول بعد ذلك إلى ميدان رابعة لإلقاء الخطاب، بعد يومين أو ثلاثة، كما هو متفق عليه.
ويضيف أن الأجهزة المعنية كانت تراقب ما سيقوم به المرشد، إلا أنه بعد أن مكث في بيته «بدأ في التشاور مع باقي قيادات (الإخوان)؛ منهم الشاطر وغيره من الجناح القطبي المتشدد، مثل عصام العريان ومحمد البلتاجي، وتوصلوا لطريقة تتعلق بترتيب وصوله من منزله إلى ميدان رابعة، وقالوا له لو جئت هكذا، سيفكر الجميع أن هناك أمرا غير طبيعي وراء الموضوع، وبالتالي عليك أن ترتدي ملابس امرأة منتقبة وتأتي في سيارة إسعاف، جرى توفيرها له عن طريق أعضاء في (الإخوان)، وأن تدخل داخل الاعتصام كأنك جئت متخفيا، وذلك حتى يكون هناك نفي كامل لما تردد عن أن السلطات ألقت القبض عليك في مرسى مطروح، أو أنك كنت تخطط للذهاب إلى (الإخوان) في ليبيا».
وتابع المصدر أن بديع صعد على منصة رابعة العدوية، وبدلا من الالتزام بالاتفاق، ألقى كلمة تحريضية أمام آلاف المعتصمين، قال فيها: «أنا لم أفر، ولم يقبض علي»، و«نحن نفدي الرئيس مرسي بأرواحنا وسنعيده للقصر الجمهوري على أكتافنا». واختفى بديع بعد ذلك، إلى أن جرى القبض عليه في شقة كان مختبئا فيها، يوم 20 أغسطس 2013، في منطقة سكنية مجاورة لمقر الاعتصام في شرق القاهرة، أي بعد فض اعتصام رابعة بنحو ستة أيام. ويواجه بديع منذ ذلك الوقت حتى الآن تهما بالتحريض على القتل وقطع الطرق وغيرها، مع المئات من قادة وكوادر «الإخوان».