العدد رقم: 1069 2008-11-04
قولوا حسناً
مات الرجل الطيب سمح الخصال
محجوب عروة
كُتب في: 2008-11-04
كان التأثير واضحاً على كل من عرف السيد أحمد علي الميرغني عندما سمع بنبأ وفاته المفاجئ.. فالفقيد لم يكن زعيماً عادياً.. عرفته لأول مرة عام 1965م عقب اعتقال عمي اللواء محمد أحمد عروة بعد أحداث أكتوبر.. كان يصر على لقاء أسرتنا بمنزلنا بالصافية وكان له يوم محدد كل شهر.. يأتي إلينا مجتمعين رجالاً ونساءً وشباباً وصبية يجلس معنا في ذلك اليوم الساعات الطوال يتعرّف فيها على أحوال أسرتنا ويرفع من معنوياتنا مما كان له أعظم الأثر في أسرتنا الممتدة..
الفقيد العزيز أحمد الميرغني امتدت سجاياه ودماثة أخلاقه لكل أهل السودان لذا أحبه الجميع.. كان دوماً داعية للتصالح والوفاق الوطني رغم أنه فقد السلطة بإنقلاب عسكري، لم يمارس الحقد ولا العنف بل تعامل بكل السماحة وطيبة النفس حتى مع منافسيه وحتى مع أولئك الذين ظلوا يمارسون ضده (قتل الشخصية) معنوياً سواءً في الصحف خلال فترة الديمقراطية الثالثة عقب الانتفاضة أو بعدها.. ولم لا أليس هو سليل مؤسسي الطريقة الختمية السيد محمد عثمان الختم الذي جاء من مكة داعية للدين الحنيف كي يشيع التسامح والحب في الله وكريم السجايا ومكارم الأخلاق، ألم يقل رسولنا الكريم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). نعم، إنها ذات الأخلاق الحميدة التي ورثها أبناء وأحفاد السيد الختم فأشاعوا السماحة في المعاملة والتجاوز وكريم الخصال.. ولذلك لم يكن غريباً على فقيدنا الراحل أن يتصف بكل تلك الصفات فتصبح الحِكمةُ (هي البوصلة التي توجه عمله العام والخاص.. لم يرفع سلاحاً ليحارب أو يعارض به ولم يرفع قلماً ليرد الصاع صاعين بل صبر وغفر فذلك شيمة أهل العزم وأهل الورع والتقوى (ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور).. فالانتقام ليس من صفات أهل الله..
إن لله عباداً اختصهم بحسن الخلق، وهو الذي جعل الله من اتصف به أكثرهم استحقاقاً لنيل الرحمة والمغفرة.. جاء في الحديث القدسي (إن الله يغفر الذنوب جميعاً إلا الشرك بالله والإضرار بالناس)..
وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون)، ونحن لا نزكي على الله أحداً ولكن نشهد للفقيد الراحل أحمد الميرغني بحسن الخلق والتواضع الجم والإلفة، اللهم أغفر له وأرحمه وأجعل الجنة مثواه وقبره روضة من رياض الجنة يا كريم..