«هتلر» طلب الاتصال ب«البنا» لمعرفة ما إذا كان يمكن العمل معه..
وهو ما حدث ب«زيارات سرية وعلنية» ووفقاً للمدعى العام السابق فى وزارة الخارجية الأمريكية جون لوفتوس، الذى كتب كثيرا عن علاقة الإخوان بالنازيين، فقد «كان (مستر البنا) معجباً بشدة بكاتب نمساوى شاب يدعى أدولف هتلر، وكانت رسائله إلى هتلر تكشف عن دعم كبير لأفكاره. وعندما جاء هتلر إلى السلطة فى الثلاثينات من القرن العشرين، طلب من المخابرات النازية الاتصال بالبنا لمعرفة ما إذا كان يمكن له العمل معه».
وازدهر التحالف السياسى والعسكرى بين الإخوان وألمانيا النازية، وأسفر عن زيارات رسمية للجماعة قام بها سفراء ألمانيا «الفعليون» ومشاريع مشتركة علنية وسرية بين الطرفين.
وساعد مؤسسها حسن البنا فى توزيع الترجمات العربية من كتاب هتلر «كفاحى» وكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون»، وبالتالى ساعد فى تأجيج العداء المتزايد تجاه اليهود ومؤيديهم الغربيين.
وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، عمل «البنا» على دعم تحالفاته مع هتلر وموسولينى، فأرسل لهما برسائل مع مبعوثين، وحثهما على مساعدته فى نضاله ضد البريطانيين والنظام الغربى للملك فاروق فى مصر.
وعمل بالفعل جهاز المخابرات الخاص بالجماعة «المخترق من قِبَل المخابرات البريطانية» على إنشاء شبكة تجسس لألمانيا النازية فى جميع أنحاء العالم العربى، وجمع المعلومات عن أهم رموز النظام فى القاهرة وتحركات الجيش البريطانى، وتقديم هذه المعلومات وغيرها للألمان فى مقابل علاقات أوثق. ووفقا ل«لوفتوس»، فإن مفتى القدس، الحاج محمد أفندى أمين الحسينى، ممثل جماعة الإخوان فى فلسطين، لعب دورا حيويا فى الاتصال بهتلر.
لكن كل ذلك كان يحدث تحت سمع وبصر المخابرات البريطانية التى كانت تسيطر على كل من فلسطين ومصر، بل إن تعيين «الحسينى» مفتيا جاء بقرار مباشر بين عامى 1917-1948 من البريطانيين رغم احتجاجات قوية من معظم العرب الفلسطينيين، وكذلك من المستوطنين اليهود على تعيينه.
ورغم الصلات القوية بين الحسينى والنازيين، فإن الإنجليز والصهيونيين عملوا على تصعيده، إذ لم يكن خفيا على المندوب السامى البريطانى فى فلسطين، السير هيربرت صموئيل -وهو يهودى صهيونى- حقيقة ميول «الحسينى» واتصالاته مع النازيين وكذلك دوره فى النضال ضد اليهود، وتحديدا فى مذبحة اليهود المعروفة ب«عيد الفصح الدامى» فى القدس فى عام 1920.
وبعد محاولة فاشلة لإطلاق انتفاضة مؤيدة للنازية فى العراق، هرب المفتى إلى أوروبا لحشد قوات عربية لخوض الحرب فى صفوف الرايخ الثالث. لكن الملفت للنظر وفقا ل«لوفتوس» فإنه «على الرغم من كون الحسينى يعد مجرم حرب (من جانب بريطانيا) فإنها لم تلاحقه فى مصر التى جاء إليها بعد ذلك».
عميلة بريطانية أنشأت جمعية «إخوان الحرية» بالقاهرة لتتبّع أنشطة الألمان ووفقا ل«مارك كورتيس» فى كتابه «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع المتطرفين الإسلاميين».
الذى اعتمد على الوثائق السرية الرسمية التى أفرجت عنها الحكومة البريطانية فقد حدث أول اتصال مباشر ومعلن بين مسئولين بريطانيين والإخوان فى عام 1941. بعده مباشرة، بدأت جماعة الإخوان مرحلتها التالية: إنشاء «الجهاز السرى».
وبداية من عام 1941-1942، أسس الإخوان ذراعا استخباراتية، تحولت بسرعة إلى منظمة شبه عسكرية.
ويشير «كورتيس» فى كتابه إلى أنه بحلول عام 1942، بدأت بريطانيا على وجه اليقين فى تمويل الإخوان. فى 18 مايو 1942، عقد مسئولو السفارة البريطانية اجتماعا مع وزير المالية المصرى أمين عثمان باشا، نوقشت فيه العلاقات مع الإخوان واتفق على أن «حكومة الوفد ستدفع سرا مساعدات مالية لجماعة الإخوان، بالإضافة إلى مساعدات أخرى للجماعة ستقدمها السفارة البريطانية، على أن تقوم الحكومة المصرية بزرع عملاء لها داخل الجماعة لمراقبة أنشطة الجماعة عن كثب وإطلاع الجانب البريطانى على هذه المعلومات.. ونحن، من جانبنا، سنطلع الحكومة على أى معلومات (تتعلق بالجماعة) نحصل عليها من المصادر البريطانية».