عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2013, 12:14 AM   #456
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا قُلْنَا لَا قَالَ لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ قُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ قَالَ يَزِيدُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنْ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ وَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ قَالَا نَعَمْ أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمْ الزُّنَاةُ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَالدَّارُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ قَالَا ذَاكَ مَنْزِلُكَ قُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَوْ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ
الشرح‏:‏
حديث ابن عمر في قصة ابن صياد وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الباب المشار إليه في الجهاد، ومقصود البخاري منه الاستدلال هنا بقوله صلى الله عليه وسلم لابن صياد ‏"‏ أتشهد أني رسول الله ‏"‏‏؟‏ وكان إذ ذاك دون البلوغ قوله‏:‏ ‏"‏ أطم ‏"‏ بضمتين بناء كالحصن‏.‏
و ‏"‏ مغالة ‏"‏ بفتح الميم والمعجمة الخفيفة بطن من الأنصار، وابن صياد في رواية أبي ذر صائد وكلا الأمرين كان يدعى به، وقوله ‏"‏فرفضه ‏"‏ للأكثر بالضاد المعجمة أي تركه، قال الزين بن المنير‏:‏ أنكرها القاضي‏.‏
ولبعضهم بالمهملة أي دفعه برجله، قال عياض‏:‏ كذا في رواية أبي ذر عن غير المستملي ولا وجه لها‏.‏
قال المازري‏:‏ لع له رفسه بالسين المهملة أي ضربه برجله، قال عياض‏:‏ لم أجد هذه اللفظة في جماهير اللغة يعني بالصاد، قال‏:‏ وقد وقع في رواية الأصيلي بالقاف بدل الفاء‏.‏
وفي رواية عبدوس ‏"‏ فوقصه ‏"‏ بالواو والقاف، وقوله ‏"‏وهو يختل ‏"‏ بمعجمة ساكنة بعدها مثناة مكسورة أي يخدعه، والمراد أنه كان يريد أن يستغفله ليسمع كلامه وهو لا يشعر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏له فيها رمزة أو زمرة‏)‏ كذا للأكثر على الشك في تقديم الراء على الزاي أو تأخيرها، ولبعضهم ‏"‏ زمزمة أو رمرمة ‏"‏ على الشك هل هو بزايين أو براءين مع زيادة ميم فيهما، ومعاني هذه الكلمات المختلفة متقاربة، فأما التي بتقديم الراء وميم واحدة فهي فعلة من الرمز وهو الإشارة، وأما التي بتقديم الزاي كذلك فمن الزمر والمراد حكاية صوته، وأما التي بالمهملتين وميمين فأصله من الحركة وهي هنا بمعني الصوت الخفي، وأما التي بالمعجمتين كذلك فقال الخطابي‏:‏ هو تحريك الشفتين بالكلام‏.‏
وقال غيره‏:‏ وهو كلام العلوج وهو صوت يصوت من الخياشيم والحلق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فثار ابن صياد‏)‏ أي قام كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ فثاب ‏"‏ بموحدة أي رجع عن الحالة التي كان فيها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال شعيب زمزمة فرفصه‏)‏ في رواية أبي ذر بالزايين وبالصاد المهملة‏.‏
وفي رواية غيره ‏"‏ وقال شعيب في حديثه فرفصه زمزمة أو رمرمة ‏"‏ بالشك‏.‏
وسيأتي في الأدب موصولا من هذا الوجه بالشك، لكن فيه ‏"‏ فرصه ‏"‏ بغير فاء وبالتشديد، وذكر الخطابي في غريبه بمهملة أي ضغطه وضم بعضه إلى بعض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسحاق الكلبي وعقيل رمرمة‏)‏ يعني بمهملتين ‏(‏وقال معمر رمزة‏)‏ يعني براء ثم زاي، أما رواية إسحاق فوصلها الذهلي في الزهريات وسقطت من رواية المستملي والكشميهني وأبي الوقت، وأما رواية عقيل فوصلها المصنف في الجهاد وكذا رواية معمر‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَوْتِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب موت يوم الاثنين‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ تعين وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار، لكن في التسبب في حصوله مدخل كالرغبة إلى الله لقصد التبرك فمن لم تحصل له الإجابة أثيب على اعتقاده‏.‏
وكأن الخبر الذي ورد في فضل الموت يوم الجمعة لم يصح عند البخاري فاقتصر على ما وافق شرطه، وأشار إلى ترجيحه على غيره، والحديث الذي أشار إليه أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا ‏"‏ ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ‏"‏ وفي إسناده ضعف، وأخرجه أبو يعلى من حديث أنس نحوه وإسناده أضعف‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ فِي كَمْ كَفَّنْتُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَقَالَ لَهَا فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قَالَ فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالَتْ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ قَالَ أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا قُلْتُ إِنَّ هَذَا خَلَقٌ قَالَ إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالت عائشة‏:‏ دخلت على أبي بكر‏)‏ تعني أباها، زاد أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من هذا الوجه ‏"‏ فرأيت به الموت، فقلت هيج هيج من لا يزال دمعه مقنعا فإنه في مرة مدفوق فقال‏:‏ لا تقولي هذا، ولكن قولي ‏(‏وجاءت سكرة الموت بالحق‏)‏ الآية - ثم قال - في أي يوم ‏"‏ الحديث‏.‏
وهذه الزيادة أخرجها ابن سعد مفردة عن أبي سامة عن هشام‏.‏
وقولها ‏"‏ هيج ‏"‏ بالجيم حكاية بكائها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي كم ثوبا كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم فيه‏؟‏ وقوله ‏"‏ في كم ‏"‏ معمول مقدم لكفنتم، قيل‏:‏ ذكر لها أبو بكر ذلك بصيغة الاستفهام توطئة لها للصبر على فقده، واستنطاقا لها بما يعلم أنه يعظم عليها ذكره، لما في بداءته لها بذلك من إدخال الغم العظيم عليها، لأنه يبعد أن يكون أبو بكر نسي ما سأل عنه مع قرب العهد، ويحتمل أن يكون السؤال عن قدر الكفن على حقيقته، لأنه لم يحضر ذلك لاشتغاله بأمر البيعة‏.‏
وأما تعيين اليوم فنسيانه أيضا محتمل لأنه صلى الله عليه وسلم دفن ليلة الأربعاء، فيمكن أن يحصل التردد هل مات يوم الاثنين أو الثلاثاء‏.‏
وقد تقدم الكلام على الكفن في موضعه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلت يوم الاثنين‏)‏ بالنصب أي في يوم الاثنين، وقولها بعد ذلك ‏"‏ قلت يوم الاثنين ‏"‏ بالرفع أي هذا يوم الاثنين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أرجو فيما بيني وبين الليل‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ الليلة ‏"‏ ولابن سعد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة ‏"‏ أول بدء مرض أبي بكر أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يوما باردا، فحم خمسة عشر يوما، ومات مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ‏"‏ وأشار الزين بن المنير إلى أن الحكمة في تأخر وفاته عن يوم الاثنين مع أنه كان يحب ذلك ويرغب فيه لكونه قام في الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم فناسب أن تكون وفاته متأخرة عن الوقت الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏به ردع‏)‏ بسكون المهملة بعدها عين مهملة أي لطخ لم يعمه كله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزيدوا عليه ثوبين‏)‏ زاد ابن سعد عن أبي معاوية عن هشام ‏"‏ جديدين‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكفنوني فيهما‏)‏ أي المزيد والمزيد عليه‏.‏
وفي رواية غير أبي ذر ‏"‏ فيها ‏"‏ أي الثلاثة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏خلق‏)‏ بفتح المعجمة واللام أي غير جديد‏.‏
وفي رواية أبي معاوية عند ابن سعد ‏"‏ ألا نجعلها جددا كلها‏؟‏ قال‏:‏ لا،‏"‏، وظاهره أن أبا بكر كان يرى عدم المغالاة في الأكفان‏.‏
ويؤيده قوله بعد ذلك ‏"‏ إنما هو للمهلة ‏"‏ وروى أبو داود من حديث علي مرفوعا ‏"‏ لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعا ‏"‏ ولا يعارضه حديث جابر في الأمر بتحسين الكفن أخرجه مسلم، فإنه يجمع بينهما بحمل التحسين على الصفة وحمل المغالاة على الثمن‏.‏
وقيل التحسين حق الميت، فإذا أوصى بتركه اتبع كما فعل الصديق، ويحتمل أن يكون اختار ذلك الثوب بعينه لمعنى فيه من التبرك به لكونه صار إليه من النبي صلى الله عليه وسلم، أو لكونه كان جاهد فيه أو تعبد فيه‏.‏
ويؤيده ما رواه ابن سعد من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال‏:‏ قال أبو بكر ‏"‏ كفنوني في ثوبي اللذين كنت أصلي فيهما‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إنما هو‏)‏ أي الكفن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏للمهلة‏)‏ قال عياض‏:‏ روي بضم الميم وفتحها وكسرها‏.‏
قلت‏:‏ جزم به الخليل‏.‏
وقال ابن حبيب‏:‏ هو بالكسر الصديد، وبالفتح التمهل، وبالضم عكر الزيت‏.‏
والمراد هنا الصديد‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بقوله ‏"‏ إنما هو ‏"‏ أي الجديد، وأن يكون المراد ‏"‏ بالمهلة ‏"‏ على هذا التمهل أي إن الجديد لمن يريد البقاء، والأول أظهر‏.‏
ويؤيده قول القاسم بن محمد بن أبي بكر قال ‏"‏ كفن أبو بكر في ريطة بيضاء وريطة ممصرة وقال‏:‏ إنما هو لما يخرج من أنفه وفيه ‏"‏ أخرجه ابن سعد‏.‏
وله عنه من وجه آخر ‏"‏ إنما هو للمهل والتراب ‏"‏ وضبط الأصمعي هذه بالفتح‏.‏
وفي هذا الحديث استحباب التكفين في الثياب البيض وتثليث الكفن وطلب الموافقة فيما وقع للأكابر تبركا بذلك‏.‏
وفيه جواز التكفين في الثياب المغسولة، وإيثار الحي بالجديد، والدفن بالليل، وفضل أبي بكر وصحة فراسته وثباته عند وفاته‏.‏
وفيه أخذ المرء العلم عمن دونه‏.‏
وقال أبو عمر‏:‏ فيه أن التكفين في الثوب الجديد والخلق سواء‏.‏
وتعقب بما تقدم من احتمال أن يكون أبو بكر اختاره لمعنى فيه، وعلى تقدير أن لا يكون كذلك فلا دليل فيه على المساواة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَوْتِ الْفَجْأَةِ الْبَغْتَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب موت الفجاءة، البغتة‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ هو مضبوط بالكسر على البدل، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هي البغتة، ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ بغتة‏"‏‏.‏
والفجاءة بضم الفاء وبعد الجيم مد ثم همز، ويروى بفتح ثم سكون بغير مد، وهي الهجوم على من لم يشعر به‏.‏
وموت الفجأة وقوعه بغير سبب من مرض وغيره، قال ابن رشيد‏:‏ مقصود المصنف والله أعلم الإشارة إلى أنه ليس بمكروه، لأنه لم يظهر منه كراهيته لما أخبره الرجل بأن أمه افتلتت نفسها، وأشار إلى ما رواه أبو داود بلفظ ‏"‏ موت الفجأة أخذة أسف ‏"‏ وفي إسناده مقال، فجرى على عادته في الترجمة بما لم يوافق شرطه، وإدخال ما يومئ إلى ذلك ولو من طرف خفي انتهى‏.‏
والحديث المذكور أخرجه أبو داود من حديث عبيد بن خالد السلمي ورجاله ثقات، إلا أن راويه رفعه مرة ووقفه أخرى‏.‏
وقوله ‏"‏أسف ‏"‏ أي غضب وزنا ومعنى، وروي بوزن فاعل أي غضبان، ولأحمد من حديث أبي هريرة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بجدار مائل فأسرع وقال‏:‏ أكره موت الفوات ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ وكان ذلك - والله أعلم - لما في موت الفجأة من خوف حرمان الوصية، وترك الاستعداد للمعاد بالتوبة وغيرها من الأعمال الصالحة‏.‏
وقد روى ابن أبي الدنيا في ‏"‏ كتاب الموت ‏"‏ من حديث أنس نحو حديث عبيد بن خالد وزاد فيه ‏"‏ المحروم من حرم وصيته ‏"‏ انتهى‏.‏
وفي ‏"‏ مصنف ابن أبي شيبة ‏"‏ عن عائشة وابن مسعود ‏"‏ موت الفجأة راحة للمؤمن وأسف على الفاجر ‏"‏ وقال ابن المنير لعل البخاري أراد بهذه الترجمة أن من مات فجأة فليستدرك ولده من أعمال البر ما أمكنه مما يقبل النيابة، كما وقع في حديث الباب‏.‏
وقد نقل عن أحمد وبعض الشافعية كراهة موت الفجأة، ونقل النووي عن بعض القدماء أن جماعة من الأنبياء والصالحين ماتوا كذلك، قال النووي‏:‏ وهو محبوب للمراقبين‏.‏
قلت‏:‏ وبذلك يجتمع القولان‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن جعفر‏)‏ أي ابن أبي كثير المدني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلا‏)‏ هو سعد بن عبادة، واسم أمه عمرة، وسيأتي حديثه والكلام عليه في الوصايا إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏افتلتت‏)‏ بضم المثناة وكسر اللام أي سلبت، على ما لم يسم فاعله، يقال افتلت فلان أي مات فجأة وافتلتت نفسه كذلك، وضبطه بعضهم بفتح السين إما على التمييز، وإما على أنه مفعول ثان، والفلتة والافتلات ما وقع بغتة من غير روية، وذكره ابن قتيبة بالقاف وتقديم المثناة وقال‏:‏ هي كلمة تقال لمن فتله الحب ولمن مات فجأة، والمشهور في الرواية بالفاء‏.‏
والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَقْبَرَهُ أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ أُقْبِرُهُ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا وَقَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ كِفَاتًا يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ قال بعضهم مراده بقوله ‏"‏ قبر النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ المصدر من قبرته قبرا، والأظهر عندي أنه أراد الاسم، ومقصوده بيان صفته من كونه مسنما أو غير مسنم وغير ذلك مما يتعلق بعضه ببعض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قول الله عز وجل‏:‏ فأقبره‏)‏ يريد تفسير الآية ‏(‏ثم أماته فأقبره‏)‏ أي جعله ممن يقبر لا ممن يلقى حتى تأكله الكلاب مثلا‏.‏
وقال أبو عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ أقبره أمر بأن يقبر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أقبرت الرجل إذا جعلت له قبرا وقبرته دفنته‏)‏ قال يحيى الفراء في المعاني‏:‏ يقال أقبره جعله مقبورا وقبره دفنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كفاتا إلخ‏)‏ روى عبد بن حميد من طريق مجاهد قال في قوله‏:‏ ‏(‏ألم نجعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا‏)‏ قال‏:‏ يكونون فيها ما أرادوا ثم يدفنون فيها‏.‏
ثم أورد المصنف في الباب أحاديث‏:‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ هِشَامٍ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ أَيْنَ أَنَا غَدًا اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي
الشرح‏:‏
قوله ‏"‏إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه ‏"‏ وقد ضبط في روايتنا بالعين المهملة والذال المعجمة أي يتمنع، وحكى ابن التين أنه في رواية القابسي بالقاف والدال المهملة أي يسأل عن قدر ما بقي إلى يومها، لأن المريض يجد عند بعض أهله من الأنس ما لا يجد عند بعض‏.‏
وسيأتي الكلام على فوائد هذا الحديث والذي بعده في ‏"‏ باب الوفاة النبوية ‏"‏ آخر المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏
والمقصود من إيرادهما هنا بيان أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيت عائشة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلَالٍ هُوَ الْوَزَّانُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَوْ خُشِيَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَعَنْ هِلَالٍ قَالَ كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِي
الشرح‏:‏
تقدم في ‏"‏ باب ما يكره من اتخاذ القبور على المساجد ‏"‏ من طريق هلال المذكور، وفي ‏"‏ باب بناء المسجد على القبر ‏"‏ من وجه آخر، وفي أبواب المساجد أيضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن هلال‏)‏ يعني بالإسناد المذكور إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كناني عروة بن الزبير‏)‏ أي الذي روى عنه ذلك الحديث‏.‏
واختلف في كنية هلال‏:‏ فالمشهور أنه أبو عمرو، وقيل أبو أمية، وقيل أبو الجهم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سفيان التمار‏)‏ هو ابن دينار على الصحيح، وقيل ابن زياد، والصواب أنه غيره، وكل منهما عصفري كوفي‏.‏
وهو من كبار أتباع التابعين، وقد لحق عصر الصحابة، ولم أر له رواية عن صحابي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مسنما‏)‏ أي مرتفعا، زاد أبو نعيم في المستخرج ‏"‏ وقبر أبي بكر وعمر كذلك ‏"‏ واستدل به على أن المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية، وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي وبه جزم الماوردي وآخرون‏.‏
وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنما، فقد روى أبو داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال‏:‏ ‏"‏ دخلت على عائشة فقلت‏:‏ يا أمة اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ‏"‏ زاد الحاكم ‏"‏ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وهذا كان في خلافة معاوية، فكأنها كانت في الأول مسطحة، ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة‏.‏
وقد روى أبو بكر الآجري في ‏"‏ كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من طريق إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند عن غنيم بن بسطام المديني قال‏:‏ رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من أربع أصابع، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه‏.‏
ثم الاختلاف في ذلك في أيهما أفضل لا في أصل الجواز، ورجح المزني التسنيم من حيث المعنى بأن المسطح يشبه ما يصنع للجلوس بخلاف المسنم، ورجحه ابن قدامة بأنه يشبه أبنية أهل الدنيا وهو من شعار أهل البدع فكان التسنيم أولى‏.‏
ويرجح التسطيح ما رواه مسلم من حديث فضالة بن عبيد أنه أمر بقبر فسوي، ثم قال‏:‏ ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمْ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ لَا وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هِيَ إِلَّا قَدَمُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا فروة‏)‏ هو ابن أبي المغراء، وعلي هو ابن مسهر، وثبت ذلك في رواية أبي ذر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لما سقط عليهم الحائط‏)‏ أي حائط حجرة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفي رواية الحموي عنهم‏:‏ والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال‏:‏ أخبرني أبي قال ‏"‏ كان الناس يصلون إلى القبر فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحد، فلما هدم بدت قدم بساق وركبة ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال‏:‏ هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز ‏"‏ وروى الآجري من طريق مالك بن مغول عن رجاء بن حيوة قال‏:‏ كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز - وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - أن اهدمها ووسع بها المسجد، فقعد عمر في ناحية، ثم أمر بهدمها، فما رأيته باكيا أكثر من يومئذ‏.‏
ثم بناه كما أراد‏.‏
فلما أن بنى البيت على القبر وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الرمل الذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له‏:‏ أصلحك الله، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلا أن يصلحها، ورجوت أنه يأمرني بذلك، فقال‏:‏ يا مزاحم - يعني مولاه - قم فأصلحها‏.‏
قال رجاء‏:‏ وكان قبر أبي بكر عند وسط النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر خلف أبي بكر رأسه عند وسطه‏.‏
وهذا ظاهره يخالف حديث القاسم، فإن أمكن الجمع وإلا فحديث القاسم أصح‏.‏
وأما ما أخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن عائشة ‏"‏ أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره ‏"‏ فسنده ضعيف، ويمكن تأويله‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن هشام‏)‏ هو بالإسناد المذكور، وقد أخرجه المصنف في الاعتصام من وجه آخر عن هشام وأخرجه الإسماعيلي من طريق عبدة عن هشام وزاد فيه ‏"‏ وكان في بيتها موضع قبر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا أزكى‏)‏ بضم أوله وفتح الكاف على البناء للمجهول، أي لا يثنى علي بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل وأنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قولها لعمر كنت أريده لنفسي فكأن اجتهادها في ذلك تغير أو لما قالت ذلك لعمر كان قبل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل فاستحيت بعد ذلك أن تدفن هناك وقد قال عنها عمار بن ياسر وهو أحد من حاربها يومئذ‏:‏ إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، وسيأتي ذلك مبسوطا في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى، وهو كما قال رضي الله تعالى عنهم أجمعين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْ يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ قَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَمَنْ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الْخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ كَانَ لَكَ مِنْ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَالَ لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ خَيْرًا أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏رأيت عمر بن الخطاب قال يا عبد الله بن عمر‏)‏ هذا طرف من حديث طويل سيأتي في مناقب عثمان وزاد فيه ‏"‏ وقل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين ‏"‏ وفي أوله قدر ورقة في سياق مقتله وفي آخره قدر صفحة في قصة بيعة عثمان‏.‏
قال ابن التين‏.‏
قول عائشة في قصة عمر ‏"‏ كنت أريده لنفسي ‏"‏ يدل على أنه لم يبق ما يسع إلا موضع قبر واحد، فهو يغاير قولها عند وفاتها لا تدفني عندهم فإنه يشعر بأنه بقي من البيت موضع للدفن‏.‏
والجمع بينهما أنها كانت أولا تظن أنه لا يسع إلا قبرا واحدا فلما دفن ظهر لها أن هناك وسعا لقبر آخر، وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ إنما استأذنها عمر لأن الموضع كان بيتها وكان لها فيه حق، وكان لها أن تؤثر به على نفسها فآثرت عمر‏.‏
وفيه الحرص على مجاورة الصالحين في القبور طمعا في إصابة الرحمة إذا نزلت عليهم وفي دعاء من يزورهم من أهل الخير‏.‏
وفي قول عمر ‏"‏ قل يستأذن عمر فإن أذنت ‏"‏ أن من وعد عدة جاز له الرجوع فيها ولا يلزم بالوفاء‏.‏
وفيه أن من بعث رسولا في حاجة مهمة أن له أن يسأل الرسول قبل وصوله إليه ولا يعد ذلك من قلة الصبر بل من الحرص على الخير‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس