الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْأَسْوَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا
الشرح:
قوله: (سمعت الأسود) هو ابن يزيد، وعبد الله هو ابن مسعود.
قوله: (وسجد من معه غير شيخ) سماه في تفسير سورة النجم من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق: أمية بن خلف، ووقع في سيرة ابن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة، وفيه نظر لأنه لم يقتل، وفي تفسير سنيد: الوليد بن المغيرة أو عتبة بن ربيعة بالشك وفيه نظر لما أخرجه الطبراني من حديث مخرمة بن نوفل قال " لما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام أسلم أهل مكة حتى إنه كان ليقرأ السجدة فيسجدون فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام، حتى قدم رؤساء قريش الوليد بن المغيرة وأبو جهل، وغيرهما وكانوا بالطائف فرجعوا وقالوا: تدعون دين آبائكم " لكن في ثبوت هذا نظر، لقول أبي سفيان في الحديث الطويل: " إنه لم يرتد أحد ممن أسلم " ويمكن أن يجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطا لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه.
وروى الطبري من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه هو سعيد بن العاص ابن أمية أبو أحيحة وتبعه النحاس، وذكر أبو حيان شيخ شيوخنا في تفسيره أنه أبو لهب ولم يذكر مستنده، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة " سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة".
وللنسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة قال " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم، فسجد وسجد من معه، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد " ولم يكن المطلب يومئذ أسلم.
ومهما ثبت من ذلك فلعل ابن مسعود لم يره أو خص واحدا بذكره لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره.
وأفاد المصنف في رواية إسرائيل أن النجم أول سورة أنزلت فيها سجدة، وهذا هو السر في بداءة المصنف في هذه الأبواب بهذا الحديث، واستشكل بأن (اقرأ باسم ربك) أول السور نزولا وفيها أيضا سجدة فهي سابقة على النجم، وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها، وأما بقيتها فنزل بعد ذلك.
بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، أو الأولية مقيدة بشيء محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند ابن مردويه بلفظ " أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم " وله من رواية عبد الكبير صلى الله عليه وسلم بن دينار عن أبي إسحاق " أول سورة تلاها على المشركين " فذكره، فيجمع بين الروايات الثلاث بأن المراد أول سورة فيها سجدة تلاها جهرا على المشركين.
وسيأتي بقية الكلام عليه في تفسير سورة النجم إن شاء الله تعالى.
*3*
باب سَجْدَةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ
الشرح:
قوله: (باب سجدة تنزيل السجدة) قال ابن بطال: اجمعوا على السجود فيها، وإنما اختلفوا في السجود بها في الصلاة.
انتهى.
وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى حديث أبي هريرة المذكور في الباب في كتاب الجمعة مستوفى.
*3*
باب سَجْدَةِ "ص"
الشرح:
قوله: (باب سجدة "ص") أورد فيه حديث ابن عباس " ص ليس من عزائم السجود " يعني السجود في "ص" إلى آخره، والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلا بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب، وقد روى ابن المنذر وغيره عن علي بن أبي طالب بإسناد حسن: أن العزائم حم والنجم واقرأ والم تنزيل.
وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر، وقيل: الأعراف وسبحان وحم والم، أخرجه ابن أبي شيبة.
الحديث:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "ص" لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا
الشرح:
قوله: (وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها) وقع في تفسير "ص" عند المصنف من طريق مجاهد قال " سألت ابن عباس من أين سجدت في ص؟ " ولابن خزيمة من هذا الوجه " من أين أخذت سجدة ص " ثم اتفقا فقال (ومن ذريته داود وسليمان) إلى قوله: (فبهداهم اقتده) ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية، وفي الأول أنه أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تعارض بينهما لاحتمال أن يكون استفاده من الطريقين.
وقد وقع في أحاديث الأنبياء من طريق مجاهد في آخره " فقال ابن عباس: نبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم " فاستنبط وجه سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الآية، وسبب ذلك كون السجدة التي في "ص" إنما وردت بلفظ الركوع فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة.
وفي النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا " سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا " فاستدل الشافعي بقوله " شكرا " على أنه لا يسجد فيها في الصلاة لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة.
ولأبي داود وابن خزيمة والحاكم من حديث أبي سعيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وهو على المنبر "ص"، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها في يوم آخر فتهيأ الناس للسجود فقال: " إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم فنزل وسجد وسجدوا معه " فهذا السياق يشعر بأن السجود فيها لم يؤكد كما أكد في غيرها، واستدل بعض الحنفية من مشروعية السجود عند قوله: (وخر راكعا وأناب) بأن الركوع عندها ينوب عن السجود، فإن شاء المصلي ركع بها وإن شاء سجد، ثم طرده في جميع سجدات التلاوة، وبه قال ابن مسعود.
*3*
باب سَجْدَةِ النَّجْمِ
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (باب سجدة النجم قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم) يأتي موصولا في الذي يليه.
والكلام على حديث ابن مسعود يأتي في التفسير إن شاء الله تعالى.
واستدل به على أن من وضع جبهته على كفه ونحوه لا يعد ساجدا حتى يضعها بالأرض، وفيه نظر.
*3*
باب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ
الشرح:
قوله: (باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء) قال ابن التين: روينا قوله " نجس بفتح النون والجيم ويجوز كسرها.
وقال الفراء تسكن الجيم إذا ذكرت اتباعا في قولهم: رجس نجس.
قوله: (وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء) كذا للأكثر.
وفي رواية الأصيلي بحذف " غير".
والأول أولى، فقد روى ابن أبي شيبة من طريق عبيد بن الحسن عن رجل زعم أنه كنفسه عن سعيد بن جبير قال " كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ " وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن ابن عمر قال " لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر " فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله طاهر الطهارة الكبرى، أو الثاني على حالة الاختيار والأول على الضرورة.
وقد اعترض ابن بطال على هذه الترجمة فقال: إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين فلا حجة فيه لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة، وإنما كان لما ألقى الشيطان إلى آخر كلامه، قال: وإن أراد الرد على ابن عمر بقوله " والمشرك نجس " فهو أشبه بالصواب.
وأجاب ابن رشيد بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود، لأن المشرك قد أقر على السجود، وسمى الصحابي فعله سجودا مع عدم أهليته، فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة.
ويؤيده أن في حديث ابن مسعود أن الذي ما سجد عوقب بأن قتل كافرا فلعل جميع من وفق للسجود يومئذ ختم له بالحسنى فأسلم لبركة السجود.
قال: ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر ابن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء، لأنهم لم يتأهبوا لذلك، وإذا كان كذلك فمن بادر منهم إلى السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء، ويؤيده أن لفظ المتن " وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس " فسوى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع، وفيهم من لا يصح منه الوضوء فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء، والله أعلم.
والقصة التي أشار إليها سيحصل لنا إلمام بشيء منها في تفسير سورة الحج إن شاء الله تعالى.
(فائدة) : لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح، وأخرجه أيضا بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسلم صلى الله عليه وسلم وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ إيماء.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ
الشرح:
قوله: (سجد بالنجم) زاد الطبراني في الأوسط من هذا الوجه " بمكة " فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود.
قوله: (والجن) كأن ابن عباس استند في ذلك إلى إخبار النبي صلى الله عليه وسلم إما مشافهة له وإما بواسطة، لأنه لم يحضر القصة لصغره.
وأيضا فهو من الأمور التي لا يطلع الإنسان عليها إلا بتوقيف وتجويز أنه كشف له عن ذلك بعيد لأنه لم يحضرها قطعا.
قوله: (ورواه إبراهيم بن طهمان عن أيوب) يأتي الكلام عليه في تفسير سورة النجم.
*3*
باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ
الشرح:
قوله: (باب من قرأ السجدة ولم يسجد) يشير بذلك إلى الرد على من احتج بحديث الباب على أن المفصل لا سجود فيه كالمالكية، أو أن النجم بخصوصهما لا سجود فيها كأبي ثور، لأن ترك السجود فيها في هذه الحالة لا يدل على تركه مطبقا، لاحتمال أن يكون السبب في الترك إذ ذاك إما لكونه كان بلا وضوء أو لكون الوقت كان وقت كراهة أو لكون القارئ كان لم يسجد كما سيأتي تقريره بعد باب، أو ترك حينئذ لبيان الجواز، وهذا أرجح الاحتمالات وبه جزم الشافعي، لأنه لو كان واجبا لأمره بالسجود ولو بعد ذلك.
وأما ما رواه أبو داود وغيره من طريق مطر الوراق عن عكرمة عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة " فقد ضعفه أهل العلم بالحديث لضعف في بعض رواته واختلاف في إسناده.
وعلى تقدير ثبوته، فرواية من أثبت ذلك أرجح إذ المثبت مقدم على النافي، فسيأتي في الباب الذي يليه ثبوت السجود في (إذا السماء انشقت) وروى البزار والدار قطني من طريق هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في سورة النجم وسجدنا معه " الحديث رجاله ثقات، وروى ابن مردويه في التفسير بإسناد حسن عن العلاء بن عبد الرحمن وعن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم فسأله فقال: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة.
وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن الأسود ابن يزيد عن عمرو أنه سجد في (إذا السماء انشقت) ومن طريق نافع ابن عمر أنه سجد فيها، وفي هذا رد على من زعم أن عمل أهل المدينة استمر على ترك السجود في المفصل.
ويحتمل أن يكون المنفي المواظبة على ذلك لأن المفصل تكثر قرأته في الصلاة فترك السجود فيه كثيرا لئلا تختلط الصلاة على من لم يفقه، أشار إلى هذه العلة مالك في قوله بترك السجود في المفصل أصلا وقال ابن القصار: الأمر بالسجود في النجم ينصرف إلى الصلاة، ورد بفعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم قبل.
وزعم بعضهم أن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على ترك السجود فيها، وفيه نظر لما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الرحمن ابن أبزي عن عمر أنه قرأ النجم في الصلاة فسجد فيها ثم قام فقرأ (إذا زلزلت) ، ومن طريق إسحاق بن سويد عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في النجم.
الحديث:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا
الشرح:
قوله: (حدثنا يزيد بن خصيفة) بالخاء المعجمة والصاد المهملة مصغر، وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة نسب إلى جده، وشيخه ابن قسيط هو يزيد بن عبد الله بن قسيط المذكور في الإسناد الثاني، ورجال الإسنادين معا مدنيون غير شيخي البخاري.
قوله: (أنه سأل زيد بن ثابت فزعم) حذف المسئول عنه، وظاهر السياق يوهم أن المسئول عنه السجود في النجم وليس كذلك، وقد بينه مسلم عن علي بن حجر وغيره عن إسماعيل بن جعفر بهذا الإسناد قال " سألت زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام، فقال: لا قراءة مع الإمام في شيء، وزعم أنه قرأ النجم " الحديث.
فحذف المصنف الموقوف لأنه ليس من غرضه في هذا المكان ولأنه يخالف زيد بن ثابت في ترك القراءة خلف الإمام وفاقا لمن أوجبها من كبار الصحابة تبعا للحديث الصحيح الدال على ذلك كما تقدم في صفة الصلاة.
قوله: (فزعم) أراد أخبر، والزعم يطلق على المحقق قليلا كهذا وعلى المشكوك كثيرا، قد تكرر ذلك، ومن شواهده قول الشاعر: على الله أرزاق العباد كما زعم.
ويحتمل أن يكون زعم في هذا الشعر بمعنى ضمن ومنه الزعيم غارم أي الضامن.
واستنبط بعضهم من حديث زيد بن ثابت أن القارئ إذا تلا على الشيخ لا يندب له سجود التلاوة ما لم يسجد الشيخ أدبا مع الشيخ وفيه نظر.
(فائدة) : اتفق ابن أبي ذئب ويزيد بن خصيفة على هذا الإسناد على ابن قسيط، وخالفهما أبو صخر فرواه عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد عن أبيه أخرجه أبو داود والطبراني فإن كان محفوظا حمل على أن لابن قسيط فيه شيخين، وزاد أبو صخر في روايته " وصليت خلف عمر بن عبد العزيز وأبي بكر ابن حزم فلم يسجدا فيها".