الشرح:
قوله: (باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف) أشار بهذه الترجمة إلى رد قول من منع ذلك وقال: يصلين فرادى، وهو منقول عن الثوري وبعض الكوفيين.
وفي المدونة: تصلي المرأة في بيتها وتخرج المتجالة.
وعن الشافعي يخرج الجميع إلا من كانت بارعة الجمال.
وقال القرطبي: روي عن مالك أن الكسوف إنما يخاطب به من يخاطب بالجمعة، والمشهور عنه خلاف ذلك وهو إلحاق المصلي في حقهن بحكم المسجد.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَيْ نَعَمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوْ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوْ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ
الشرح:
قوله: (عن أسماء بنت أبي بكر) هي جدة فاطمة وهشام لأبويهما.
قوله: (فأشارت أي نعم) وفي رواية الكشميهني " أن نعم " بنون بدل التحتانية، وقد تقدمت فوائده في " باب من أجاب الفتيا بالإشارة " من كتاب العلم وفي " باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل " من كتاب الطهارة، ويأتي الكلام على ما يتعلق بالقبر في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى.
قال الزين بن المنير: استدل به ابن بطال على جواز خروج النساء إلى المسجد لصلاة الكسوف، وفيه نظر لأن أسماء إنما صلت في حجرة عائشة، لكن يمكنه أن يتمسك بما ورد في بعض طرقه أن نساء غير أسماء كن بعيدات عنها، فعلى هذا فقد كن في مؤخر المسجد كما جرت عادتهن في سائر الصلوات.
*3*
باب مَنْ أَحَبَّ الْعَتَاقَةَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ
الشرح:
قوله: (باب من أحب العتاقة) بفتح العين المهملة (في كسوف الشمس) قيده اتباعا للسبب الذي ورد فيه، لأن أسماء إنما روت قصة كسوف الشمس - وهذا طرف منه - إما أن يكون هشام حدث به هكذا فسمعه منه زائدة، أو يكون زائدة اختصره، والأول أرجح فسيأتي في كتاب العتق من طريق عثام ابن علي عن هشام بلفظ " كنا نؤمر عند الخسوف بالعتاقة".
الحديث:
حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ لَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ
الشرح:
قوله: (لقد أمر) في رواية معاوية بن عمرو عن زائدة عند الإسماعيلي " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم".
*3*
باب صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح:
قوله: (باب صلاة الكسوف في المسجد) أورد فيه حديث عائشة من رواية عمرة عنها وقد تقدم قبل أربعة أبواب من هذا الوجه، ولم يقع فيه التصريح بكونها في المسجد، لكنه يؤخذ من قولها فيه " فمر بين ظهراني الحجر " لأن الحجر بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت لاصقة بالمسجد، وقد وقع التصريح بذلك في رواية سليمان بن بلال عن يحيى سعيد عن عمرة عند مسلم ولفظه " فخرجت في نسوة بين ظهراني الحجر في المسجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم من مركبه حتى أتى إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه " الحديث، والمركب الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيه بسبب موت ابنه إبراهيم كما تقدم في الباب الأول، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم أتى المسجد ولم يصلها ظاهرا، وصح أن السنة في صلاة الكسوف أن تصلى في المسجد، ولولا ذلك لكانت صلاتها في الصحراء أجدر برؤية الانجلاء، والله أعلم.
*3*
باب لَا تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ
رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَالْمُغِيرَةُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
الشرح:
قوله: (باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته) تقدم الكلام على ذلك مبسوطا في الباب الأول.
قوله: (رواه أبو بكرة والمغيرة) تقدم حديثهما فيه.
قوله: (وأبو موسى) سيأتي حديثه في الباب الذي يليه.
قوله: (وابن عباس) تقدم حديثه قبل ثلاثة أبواب.
قوله: (وابن عمر) تقدم حديثه في الباب الأول، وقد ذكر المصنف في الباب أيضا حديث أبي مسعود وفيه ذلك، وقد تقدم في الباب الأول أيضا من وجه آخر، وكذا حديث عائشة، وفي الباب مما لم يذكره عن جابر عند مسلم وعن عبد الله بن عمرو والنعمان بن بشير وقبيصة وأبي هريرة كلها عند النسائي وغيره، وعن ابن مسعود وسمرة بن جندب ومحمود بن لبيد كلها عند أحمد وغيره، وعن عقبة بن عامر وبلال عند الطبراني وغيره، فهذه عدة طرق غالبها على شرط الصحة، وهي تفيد القطع عند من اطلع عليها من أهل الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال، فيحب تكذيب من زعم أن الكسوف علامة على موت أحد أو حياة أحد.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ وَهِيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ
الشرح:
قوله: (معمر عن الزهري وهشام) ساقه على لفظ الزهري، وقد تقدمت رواية هشام مفردة في الباب الثاني، وتقدم الكلام عليه هناك.
وبين عبد الرزاق عن معمر أن في رواية هشام من الزيادة " فتصدقوا " وقد تقدم ذلك أيضا.