وشهدت بداية الفترة الثانية (1961-1968-1971) مزيدا من الانتشار الأفقي للرأسمالية الزراعية السودانية في القطاع المطري الآلي، حيث اتسع المال ليشمل مشاريع جديدة في منطقة أقدى والقرابين، إضافة إلى مشاريع القضارف والدالي والمزموم، غير أن وتيرة نمو الرأسمالية الزراعية في ذلك الحين اتسمت بالركود السبي، ولم تكن مساوية لتلك التي تحققت في الفترة الأولى، بسبب عدة عوامل كان من أهمها معارضة الحركة الديمقراطية المتسعة والقوية للسياسات الزراعية لحكومات الأحزاب التقليدية تجاه ذلك القطاع، والتي كانت ترمي لتوسيع مجال ذلك الاستثمار بحسبانه مجالا سريع العائد، دونما اعتبار لما يترتب علي ذلك من إهدار لطاقات البلاد البشرية، وتبديد لمواردها الطبيعية ، وهبوط الطلب علي المعدات الزراعية المستوردة، ونقص الاسبيرات اللازمة لتشغيل الآليات والمعدات الزراعية المتوفرة وقتها، نتيجة الشح المتعاظم لموارد البلاد من النقد الأجنبي.
سمة أخري مميزة لتلك الفترة أيضا، خاصة في نهايتها، تمثلت في دخول رأس المال الأجنبي من خلال الدعوة التي وجهتها الدولة آنذاك للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، الذي عمل علي تأسيس هيئة الزراعة الآلية في عام 168م، وقام برسم الخطوط العريضة للسياسة الزراعية للهيئة لتوفير الشروط الموضوعية التي تضع خدمات الجهات الحكومية ذات الصلة بقطاع الزراعة المطرية الآلية، وتوجيه القروض المقدمة في شكل الآلات زراعية ومعدات وسلفيات لنظافة الأشجار لخدمة الاستثمار الفردى، وساهم تطبيق تلك السياسة في إنعاش الرأسمالية الزراعية في مجال الزراعة المطرية الآلية في نهاية الفترة الثانية من تطورها، بعد أن خمدت جذوتها في بداية ذلك العقد، وترتب علي ذلك تثبيت وتقوية مواقع قدامي الرأسماليين في مناطق مثل أم صفورة، وأم بلبل وأم سينات بإقليم القضارف، وتحضير تجار جدد لدخول المجال بالمناطق الجديدة التي تمت تنميتها وتعميرها بذات الإقليم وإقدام تجار آخرين بصحبة أبناء الجيل الثاني من بيوتات الإدارة الأهلية لتوسيع الامتداد الأفقي للرأسمالية الزراعية في منطق جديدة مثل منطقة هبيلا بجنوب كردفان.
إضافة إلى ضم بعض القدامى من أصحاب المشاريع الخصوصية للقطن وتمكينهم من تعويض ما فقدوا من مواقع في استثمار القطن استيعابهم في مجال إنتاج وتجارة الحبوب في مختلف أقاليم الزراعة المطرية الآلية.