القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > منتديات الفقه والعبادات

منتديات الفقه والعبادات يهتم بفقه العبادات من إصول الكتب الموثوقة...

الفاتحة منقول

منتديات الفقه والعبادات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-2010, 12:55 PM   #1
صلاح


الصورة الرمزية صلاح



صلاح is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى صلاح
افتراضي الفاتحة منقول


أنا : صلاح




1- سورة الفاتحة



"{ بسم الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }

الباء في بسم الله حرف التضمين؛ أي بالله ظهرت الحادثات، وبه وجدت المخلوقات، فما من حادث مخلوق، وحاصل منسوق، من عين وأثر وغبر، وغيرٍ من حجر ومدر، ونجم وشجر، ورسم وطلل، وحكم وعلل - إلا بالحق وجوده، والحق مَلِكُه، ومن الحق بدؤه، وإلى الحق عوده، فبه وَجَدَ من وَحَّد، وبه جحد من الحد، وبه عرف من اعترف، وبه تخلَّف من اقترف.

وقال: { بسم الله } ولم يقل بالله على وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم، وللفَرْقِ بين هذا وبين القَسَم عند الآخرين، ولأن الاسم هو المسمى عند العلماء، ولاستصفاء القلوب من العلائق ولاستخلاص الأسرار عن العوائق عند أهل العرفان، ليكون ورود قوله { الله } على قلبٍ مُنقَّىً وسرٍ مُصَفَّىً. وقوم عند ذكر هذه الآية يتذكرون من الباء (بره) بأوليائه ومن السين سره مع أصفيائه ومن الميم منته على أهل ولايته، فيعلمون أنهم ببره عرفوا سرّه، وبمنته عليهم حفظوا أمره، وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره. وقوم عند سماع بسم الله تذكروا بالباء براءة الله سبحانه وتعالى من كل سوء، وبالسين سلامته سبحانه عن كل عيب، وبالميم مجده سبحانه بعز وصفه، وآخرون يذكرون عند الباء بهاءه، وعند السين سناءه، وعند الميم ملكه، فلما أعاد الله سبحانه وتعالى هذه الآية أعني بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة وثبت أنها منها أردنا أن نذكر في كل سورة من إشارات هذه الآية كلمات غير مكررة، وإشارات غير معادة، فلذلك نستقصي القول ها هنا وبه الثقة.

{ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

قوله جل ذكره: { الحَمْدُ للهِ }.

حقيقة الحمد الثناء على المحمود، بذكر نعوته الجليلة وأفعاله الجميلة، واللام ها هنا للجنس، ومقتضاها الاستغراق؛ فجميع المحامد لله سبحانه إمَّا وصفاً وإمَّا خلقاً، فله الحمد لظهور سلطانه، وله الشكر لوفور إحسانه. والحمد لله لاستحقاقه لجلاله وجماله، والشكر لله لجزيل نواله وعزيز أفضاله، فحمده سبحانه له هو من صفات كماله وحَوْله، وحمد الخَلْق له على إنعامه وطوْلِه، وجلاله وجماله استحقاقه لصفات العلو، واستيجابه لنعوت العز والسمو، فله الوجود (قدرة) القديم، وله الجود الكريم، وله الثبوت الأحدي، والكون الصمدي، والبقاء الأزلي، والبهاء الأبدي، والثناء الديمومي، وله السمع والبصر، والقضاء والقدر، والكلام والقول، والعزة والطوْل، والرحمة والجود، والعين والوجه والجمال، والقدرة والجلال، وهو الواحد المتعال، كبرياؤه رداؤه، وعلاؤه سناؤه، ومجده عزه، وكونه ذاته، وأزله أبده، وقدمه سرمده، وحقه يقينه، وثبوته عينه، ودوامه بقاؤه، وقدره قضاؤه، وجلاله جماله، ونهيه أمره، وغضبه رحمته، وإرادته مشيئته، وهو الملك بجبروته، والأحد في ملكوته. تبارك الله سبحانه!! فسبحانه ما أعظم شأنه!

فصل: عَلمَ الحق سبحانه وتعالى شدة إرادة أوليائه بحمده وثنائه، وعجزَهم عن القيام بحق مدحه على مقتضى عزه وسنائه فأخبرهم أنه حَمِد نفسه بما افتتح به خطابه بقوله: { الحمد لله } فانتعشوا بعد الذِّلة، وعاشوا بعد الخمود، واستقلت أسرارهم لكمال التعزز حيث سمعوا ثناء الحق عن الحق بخطاب الحق، فنطقوا ببيان الرمز على قضية الأشكال. وقالوا:

ولوجهها من وجهها قمر = ولعينها من عينها كحل

هذا خطيب الأولين والآخرين، سيد الفصحاء، وإمام البلغاء، لمَّا سمع حمده لنفسه، ومدحه سبحانه لحقِّه، علم النبي أن تقاصر اللسان أليق به في هذه الحالة فقال: " لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك "

داود لو سمعت أذناه قالتَها = لما ترنّم بالألحان داود
غنت سعاد بصوتها فتخاذلت = ألحان داود من الخجل

فصل: وتتفاوت طبقات الحامدين لتباينهم في أحوالهم؛ فطائفة حمدوه على ما نالوا من إنعامه وإكرامه من نوعي صفة نفعِه ودفعِه، وإزاحته وإتاحته، وما عقلوا عنه من إحسانه بهم أكثره ما عرفوا من أفضاله معهم قال جل ذكره:

{ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا } [النحل: 18]، وطائفة حمدوه على ما لاح لقلوبهم من عجائب لطائفه، وأودع سرائرهم من مكنونات بره، وكاشف أسرارهم به من خفي غيبه، وأفرد أرواحهم به من بواده مواجده. وقوم حمدوه عند شهود ما كاشفهم به من صفات القدم، ولم يردوا من ملاحظة العز والكرم إلى تصفح أقسام النعم، وتأمل خصائص القِسَم، و(فرق بين) من يمدحه بعز جلاله وبين من يشكره على وجود أفضاله، كما قال قائلهم:

وما الفقر عن أرض العشيرة ساقنا = ولكننا جئنا بلقياك نسعد

وقوم حمدوه مُسْتَهْلَكِين عنهم فيما استنطقوا من عبارات تحميده، بما اصطلم أسرارهم من حقائق توحيده، فهم به منه يعبِّرون، ومنه إليه يشيرون، يُجري عليهم أحكام التصريف، وظواهرهم بنعت التفرقة مرعية، وأسرارهم مأخوذه بحكم جمع الجمع، كما قالوا:

بيان بيان الحق أنت بيانه = وكل معاني الغيب أنت لسانه


قوله جل ذكره: { رَبِّ العَلَمِينَ }.

الرب هو السيد، والعالمون جميع المخلوقات، واختصاص هذا الجمع بلفظ العالمين لاشتماله على العقلاء والجمادات فهو مالك الأعيان ومُنشيها، ومُوجِد الرسوم والديار بما فيها.

ويدل اسم الرب أيضاً على تربية الخلق، فهو مُربٍ نفوس العابدين بالتأييد ومربٍ قلوب الطالبين بالتسديد، ومربٍ أرواح العارفين بالتوحيد، وهو مربٍ الأشباح بوجود النِّعم، ومربٍ الأرواح بشهود الكرم.

ويدل اسم الرب أيضاً على إصلاحه لأمور عباده من ربيت العديم أربه؛ فهو مصلح أمور الزاهدين بجميل رعايته، ومصلح أمور العابدين بحسن كفايته، ومصلح أمور الواجدين بقديم عنايته، أصلح أمور قوم فاستغنوا بعطائه، وأصلح أمور آخرين فاشتاقوا للقائه، وثالث أصلح أمورهم فاستقاموا للقائه، قال قائلهم:

ما دام عزُّك مسعوداً طوالعه = فلا أبالي أعاش الناس أم فقدوا
doPoetry()


سُبحانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ

يتبع إن شاء الله تعالى...


اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة صفة أزلية وهي إرادة النعمة وهما اسمان موضوعان للمبالغة ولا فضل بينهما عند أهل التحقيق.

وقيل الرحمن أشد مبالغة وأتم في الإفادة، وغير الحق سبحانه لا يسمى بالرحمن على الإطلاق، والرحيم ينعت به غيره، وبرحمته عرف العبد أنه الرحمن، ولولا رحمته لما عرف أحد أنه الرحمن، وإذا كانت الرحمة إرادة النعمة، أو نفس النعمة كما هي عند قوم فالنعم في أنفسها مختلفة، ومراتبها متفاوتة فنعمة هي نعمة الأشباح والظواهر، ونعمة هي نعمة الأرواح والسرائر.

وعلى طريقة من فرَّق بينهما فالرحمن خاص الاسم عام المعنى، والرحيم عام الاسم خاص المعنى؛ فلأنه الرحمن رزق الجميع ما فيه راحة ظواهرهم، ولأنه الرحيم وفق المؤمنين لما به حياة سرائرهم، فالرحمن بما روَّح، والرحيم بما لوَّح؛ فالترويح بالمَبَارِّ، والتلويح بالأنوار: والرحمن بكشف تَجَلِّيه والرحيم بلطف تولِّيه، والرحمن بما أولى من الإيمان والرحيم بما أسدى من العرفان، والرحمن بما أعطى من العرفان والرحيم بما تولَّى من الغفران، بل الرحمن بما ينعم به من الغفران والرحيم بما يَمُنُّ به من الرضوان، بل الرحمن بما يكتم به والرحيم بما ينعم به من الرؤية والعيان، بل الرحمن بما يوفق، والرحيم بما تحقق، والتوفيق للمعاملات، والتحقيق للمواصلات، فالمعاملات للقاصدين، والمواصلات للواجدين، والرحمن بما يصنع لهم والرحيم بما يدفع عنهم؛ فالصنع بجميل الرعاية والدفع بحسن العناية.

{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }

المالك من له المُلك، ومُلك الحق سبحانه وتعالى قدرته على الإبداع، فالملك مبالغة من المالك وهو سبحانه الملك المالك، وله المُلك. وكما لا إله إلا هو فلا قادر على الإبداع إلا هو، فهو بإلهيته متوحد، وبملكه متفرد، ملك نفوس العابدين فصرفها في خدمته، وملك قلوب العارفين فشرِّفها بمعرفته، وملك نفوس القاصدين فتيَّمها، وملك قلوب الواجدين فهيَّمها. ملك أشباح منْ عبَدَه فلاطفها بنواله وأفضاله، وملك أرواح مَنْ أحبهم (....) فكاشفها بنعت جلاله، ووصف جماله. ملك زمام أرباب التوحيد فصرفهم حيث شاء على ما شاء ووفَّقهم حيث شاء على ما شاء كما شاء، ولم يَكِلْهم إليهم لحظة، ولا مَلَّكَهم من أمرهم سِنَّةٌ ولا خطرة، وكان لهم عنهم، وأفناؤهم له منهم.

فصل: مَلَكَ قلوبَ العابدين إحسانُه فطمعوا في عطائه، وملك قلوب الموحدين سلطانُه فقنعوا ببقائه. عرَّف أربابَ التوحيد أنه مالكهم فسقط عنهم اختيارهم، علموا أن العبد لا ملك له، ومن لا ملك له لا حكم له، ومن لا حكم له لا اختيار له، فلا لهم عن طاعته إعراض ولا على حكمه اعتراض، ولا في اختياره معارضة، ولا لمخالفته تعرّض، { ويوم الدين }. يومُ الجزاء والنشر، ويوم الحساب والحشر - الحق سبحانه وتعالى يجزي كلاً بما يريد، فَمِنْ بين مقبولٍ يوم الحشر بفضله سبحانه وتعالى لا بفعلهم، ومن بين مردودٍ بحكمه سبحانه وتعالى لا بِجُرْمِهم. فأمَّا الأعداء فيحاسبهم ثم يعذبهم وأمَّا الأولياء فيعاتبهم ثم يقربهم:


قومٌ إذا ظفروا بنا = جادوا بعتق رقابنا

"{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

معناه نعبدك وتستعين بك. والابتداء بذكر المعبود أتمُّ من الابتداء بذكر صفته - التي هي عبادته واستعانته، وهذه الصيغة أجزل في اللفظ، وأعذب في السمع. والعبادة الإتيان بغاية ما في (بابها) من الخضوع، ويكون ذلك بموافقة الأمر، والوقوف حيثما وقف الشرع.

والاستعانة طلب الإعانة من الحق.

والعبادة تشير إلى بذل الجهد والمُنَّة، والاستعانة تخبر عن استجلاب الطول والمِنَّة، فبالعبادة يظهر شرف العبد، وبالاستعانة يحصل اللطف للعبد. في العبادة وجود شرفه، وبالاستعانة أمان تلفه. والعبادة ظاهرها تذلل، وحقيقتها تعزز وتجمُّل:



وإذا تذللت الرقاب تقرباً = مِنَّا إليك، فعزُّها في ذُلِّها
وفي معناه:
حين أسلَمْتَني لذالٍ ولام = ألقيتني في عينِ وزاي

فصل: العبادة نزهة القاصدين، ومستروح المريدين، ومربع الأنس للمحبين، ومرتع البهجة للعارفين. بها قُرَّةُ أعينهم، وفيها مسرة قلوبهم، ومنها راحة أرواحهم. وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: " أرِحنا بها يا بلال " ولقد قال مخلوق في مخلوق:
يا قوم ثاري عند أسمائي ... يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدها .... فإنه أصدق أسمائي
والاستعانة إجلالك لنعوت كرمه، ونزلك بساحة جوده، وتسليمك إلى يد حكمه، فتقصده بأمل فسيح، وتخطو إليه بخطو وسيع، وتأمل فيه برجاء قوي، وتثق بكرم أزلي، وتنكل على اختيار سابق، وتعتصم بسبب جوده (غير ضعف)." اه

سُبحانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ

"{ اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }

الهداية الإرشاد، وأصلها الإمالة، والمهديُّ من عرف الحق سبحانه، وآثر رضاه، وآمن به. والأمر في هذه الآية مضمر؛ فمعناه اهدنا بنا - والمؤمنون على الهداية في الحال - فمعنى السؤال الاستدامة والاستزادة. والصراط المستقيم الطريق الحق وهو ما عليه أهل التوحيد. ومعنى اهدنا أي مِلْ بنا إليك، وخُذْنا لك، وكن علينا دليلنا، ويَسِّرْ إليك سبيلنا، وأقم لنا هممنا، واجمع بك همومنا.

فصل: اقطعْ أسرارنا عن شهود الأغيار، ولوِّح في قلوبنا طوالع الأنوار، وأفْرِدْ قصودنا إليك عن دَنَس الآثار، ورقِّنا عن منازل الطلب والاستدلال إلى جَمْع ساحات القُرب والوصال.

فصل: حُلْ بيننا وبين مساكنة الأمثال والأشكال، بما تلاطفنا به من وجود الوصال، وتكاشفنا به من شهود الجلال والجمال.

فصل: أرْشِدْنَا إلى الحق لئلا نتكل على وسائط المعاملات، ويقع على وجه التوحيد غبار الظنون وحسبان الإعلال.

اهدنا الصراط المستقيم أي أزِلْ عنَّا ظلمَاتِ أحوالنا لنستضيء بأنوار قُدْسِك عن التفيؤ بظلال طلبنا، وارفع عنا ظل جهدنا لنستبصر بنجوم جودك، فنجدك بك.

فصل: اهدنا الصراط المستقيم حتى لا يصحبنا قرين من نزغات الشيطان ووساوسه، ورفيق من خطرات النفوس وهواجسها، أو يصدنا عن الوصول تعريج في أوطان التقليد، أو يحول بيننا وبين الاستبصار ركون لي معتاد من التلقين، وتستهوينا آفة من نشو أو هوادة، وظن أو عادة، وكلل أو ضعف إرادة، وطمع مالٍ أو استزادة.

فصل: الصراط المستقيم ما عليه من الكتاب والسنة دليل، وليس للبدعة عليه سلطان ولا إليه سبيل. الصراط المستقيم ما شهدت بصحته دلائل التوحيد، ونبهت عليه شواهد التحقيق، الصراط المستقيم ما دَرَجَ عليه سَلَفُ الأمة، ونطقت بصوابه دلائل العبرة. الصراط المستقيم ما باين الحظوظَ سالكُه، وفارق الحقوقَ قاصدُه. الصراط المستقيم ما يُفْضِي بسالكه إلى ساحة التوحيد، ويُشْهِدُ صاحبَه أثرَ العناية والجود، لئلا يظنَّه موجَبٌ (ببدل) المجهود." اه


"{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ }

يعني طريق من أنعمتَ عليهم بالهداية إلى الصراط المستقيم، وهم الأولياء والأصفياء. ويقال طريق من (أفنيتهم) عنهم، وأقمتهم بك لك، حتى لم يقفوا في الطريق، ولم تصدهم عنك خفايا المكر. ويقال صراط من أنعمت عليهم بالقيام بحقوقك دون التعريج على استجلاب حظوظهم.

ويقال صراط من (طهرتهم) عن آثارهم حتى وصلوا إليك بك.

ويقال صراط من أنعمت عليهم حتى تحرروا من مكائد الشيطان، ومغاليط النفوس ومخاييل الظنون، وحسبانات الوصول قبل خمود آثار البشر (ية).

ويقال صراط من أنعمت عليهم بالنظر والاستعانة بك، والتبري من الحول والقوة، وشهود ما سبق لهم من السعادة في سابق الاختيار، والعلم بتوحيدك فيما تُمضيه من المَسَار والمضار.

ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بحفظ الأدب في أوقات الخدمة، واستشعار نعت الهيبة.

ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بأن حفظت عليهم آداب الشريعة وأحكامها عند غلبات (بواده) الحقائق حتى لم يخرجوا عن حد العلم، ولم يُخِلُّوا بشيء من أحكام الشريعة. ويقال صراط الذين أنعمت عليهم حتى لم تطفئ شموسُ معارفهم أنوارَ ورعهم ولم يُضيِّعُوا شيئاً من أحكام الشرع.

ويقال صراط الذين أنعمتَ عليهم بالعبودية عند ظهور سلطان الحقيقة.

قوله جل ذكره: { غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }.

المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذلان، وأدركتهم مصائب الحرمان، وركبتهم سطوة الرد، وغلبتهم بَوَاده الصد والطرد.

ويقال هم الذين لحقهم ذل الهوان، وأصابهم سوء الخسران، فشغلوا في الحال باجتلاب الحظوظ - وهو في التحقيق (شقاء)؛ إذ يحسبون أنهم على شيء، وللحق في شقائهم سر.

ويقال هم الذين أنِسُوا بنفحات التقريب زماناً ثم أظهر الحق سبحانه في بابهم شانا؛ بُدِّلوا بالوصول بعاداً، وطمعوا في القرب فلم يجدوا مراداً، أولئك الذين ضلّ سعيُهم، وخاب ظنهم.

ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق، والتعامي عن رؤية التأييد. ولا الضالين عن شهود سابق الاختيار، وجريان التصاريف والأقدار.

ويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة، وتقصيرهم في أداء شروط الطاعة.

ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا في مفاوز الغيبة، وتفرّقت بهم الهموم في أودية وجوه الحسبان.
وأقول وأنا الفقير إلى الله غير المغضوب عليهم هم الكافرون (ختم الله على قلوبهم وسمعهم وبصرهم غشاوة ولهم عذاب عظيم
ولا الضالين ... هم المنافقون . والله أعلم
فصل: ويقول العبد عند قراءة هذه السورة آمين، والتأمين سُنَّة، ومعناه يا رب افعل واستجب، وكأنه يستدعي بهذه القالة التوفيق للأعمال، والتحقيق للآمال، وتحط رِجْلُه بساحات الافتقار، ويناجي حضرة الكرم بلسان الابتهال، ويتوسل (بتبريه) عن الحول والطاقة والمُنَّة والاستطاعة إلى حضرة الجود. وإن أقوى وسيلة للفقير تعلقه بدوام الاستعانة لتحققه بصدق الاستغاثة." اه





سُبحانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ
{ وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ }


البحث الثالث: في كلمة { هُوَ } أعلم أن المباحث اللفظية المتعلقة بهو قد تقدمت في { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ } أما الأسرار المعنوية فنقول، اعلم أن الألفاظ على نوعين: مظهرة ومضمرة: أما المظهرة فهي الألفاظ الدالة على الماهيات المخصوصة من حيث هي هي، كالسواد، والبياض، والحجر، والإنسان، وأما المضمرات فهي الألفاظ الدالة على شيء ما، هو المتكلم، والمخاطب، والغائب، من غير دلالة على ماهية ذلك المعين، وهي ثلاثة: أنا، وأنت، وهو، وأعرفها أنا، ثم أنت، ثم هو، والدليل على صحة هذا الترتيب أن تصوري لنفسي من حيث أني أنا مما لا يتطرق إليه الاشتباه، فإنه من المستحيل أن أصير مشتبهاً بغيري، أو يشتبه بي غيري، بخلاف أنت، فإنك قد تشتبه بغيرك، وغيرك يشتبه بك في عقلي وظني، وأيضاً فأنت أعرف من هو، فالحاصل أن أشد المضمرات عرفاناً أَنا وأشدها بعداً عن العرفان. (هو) وأما (أنت) فكالمتوسط بينهما، والتأمل التام يكشف عن صدق هذه القضية، ومما يدل على أن أعرف الضمائر قولاً قولي (أنا) أن المتكلم حصل له عند الإنفراد لفظ يستوي فيه المذكر والمؤنث من غير فصل، لأن الفصل إنما يحتاج إليه عند الخوف من الإلتباس، وههنا لا يمكن الإلتباس، فلا حاجة إلى الفصل، وأما عند التثنية والجمع فاللفظ واحد، أما في المتصل فكقولك: شربنا، وأما المنفصل فقولك: نحن، وإنما كان كذلك للأمن من اللبس، وأما المخاطب فإنه فصل بين لفظ مؤنثه ومذكره، ويثنى ويجمع، لأنه قد يكون بحضرة المتكلم مؤنث ومذكر وهو مقبل عليهما، فيخاطب أحدهما فلا يعرف حتى يبينه بعلامة: وتثنية المخاطب وجمعه إنما حسن لهذه العلة، وأما إن الحاضر أعرف من الغائب فهذا أمر كالضروري، إذا عرفت هذا فنقول: ظهر أن عرفان كل شيء بذاته أتم من عرفانه بغيره سواء كان حاضراً أو غائباً؛ فالعرفان التام بالله ليس إلا الله: لأنه هو الذي يقول لنفسه (أنا) ولفظ (أنا) أعرف الأقسام الثلاثة، فلما لم يكن لأحد أن يسير إلى تلك الحقيقة بالضمير الذي هو أعرف الضمائر وهو قول (أنا) إلا له سبحانه علمنا أن العرفان التام به سبحانه وتعالى ليس الإله.
بقي أن هناك قوماً يجوزون الاتحاد: الأرواح البشرية إذا استنارت بأنوار معرفة تلك الحقيقة اتحد العاقل بالمعقول وعند الاتحاد يصح لذلك العارف أن يقول: أنا الله إلا أن القول بالاتحاد غير معقول، لأن حال الاتحاد إن فنيا أو أحدهما، فذاك ليس باتحاد، وإن بقيا فهما اثنان لا واحد، ولما انسد هذا الطريق الذي هو أكمل الطرق في الإشارة بقي الطريقان الآخران، وهو (أنت) و (هو) أما (أنت) فهو للحاضرين في مقامات المكاشفات والمشاهدات لمن فني عن جميع الحظوظ البشرية على ما أخبر الله تعالى عن يونس عليه السلام أنه بعد أن فنى عن ظلمات عالم الحدوث وعن آثار الحدوث وصل إلى مقام الشهود فقال:
{ فَنَادَىٰ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لاَّ إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ }
[الأنبياء: 87] وهذا ينبهك على أنه لا سبيل إلى الوصول إلى مقام المشاهدة والمخاطبة إلا بالغيبة عن كل ما سواه وقال محمد صلى الله عليه وسلم: " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وأما { هو } فللغائبين، ثم ههنا بحث وهو: أن { هو } في حقه أشرف الأسماء، ويدل عليه وجوه:

أحدها: أن الإسم إما كلي أو جزئي، وأعني بكلي أن يكون مفهومه بحيث لا يمنع تصوره من وقوع الشركة، وأعني بالجزئي أن يكون نفس تصوره مانعاً من الشركة، وهو اللفظ الدال عليه من حيث إنه ذلك المعين، فإن كان الأول فالمشار إليه بذلك الاسم ليس هو الحق سبحانه، لأنه لما كان المفهوم من ذلك الاسم أمراً لا يمنع الشركة وذاته المعينة سبحانه وتعالى مانعة من الشركة وجب القطع بأن المشار إليه بذلك الاسم ليس هو الحق سبحانه، فإذن جميع الأسماء المشتقة: كالرحمن، والرحيم، والحكيم، والعليم، والقادر، لا يتناول ذاته المخصوصة ولا يدل عليها بوجه ألبتة، وإن كان الثاني فهو المسمى باسم العلم والعلم قائم مقام الإشارة فلا فرق بين قولك: يا زيد وبين قولك: يا أنت ويا هو. وإذا كان العلم قائماً مقام الإشارة فالعلم فرع واسم الإشارة أصل والأصل أشرف من الفرع، فقولنا: يا أنت، يا هو أشرف من سائر الأسماء بالكلية إلا أن الفرق أن (أنت) لفظ يتناول الحاضر و (هو) يتناول الغائب وفيه سر آخر وهو أن (هو) إنما يصح التعبير عنه إذا حصل في العقل صورة ذلك الشيء وقولك (هو) يتناول تلك الصورة وهي حاضرة، فقد عاد القول إلى أن (هو) أيضاً لا يتناول إلا الحاضر.
وثانيها: أنا قد دللنا على أن حقيقة الحق منزهة عن جميع أنحاء التراكيب، والفرد المطلق لا يمكن نعته، لأن النعت يقتضي المغايرة بين الموصوف والصفة وعند حصول الغيرية لا تبقى الفردانية، وأيضاً لا يمكن الإخبار عنه لأن الإخبار يقتضي مخبراً عنه ومخبراً به وذلك ينافي الفردانية، فثبت أن جميع الأسماء المشتقة قاصرة عن الوصول إلى كنه حقيقة الحق وأما لفظ (هو) فإنه يصل إلى كنه تلك الحقيقة المفردة المبرأة عن جميع جهات الكثرة فهذه اللفظة لوصولها إلى كنه الحقيقة وجب أن تكون أشرف من سائر الألفاظ التي يمتنع وصولها إلى كنه تلك الحقيقة. وثالثها: أن الألفاظ المشتقة دالة على حصول صفة للذات ثم ماهيات صفة الحق أيضاً غير معلومة إلا بآثارها الظاهرة في عالم الحدوث، فلا يعرف من علمه إلا أنه الأمر الذي باعتباره صح منه الإحكام والإتقان، ومن قدرته إلا أنها الأمر الذي باعتباره صح منه صدور الفعل والترك، فإذن هذه الصفات لا يمكننا تعقلها إلا عند الالتفات إلى الأحوال المختلفة في عالم الحدوث، فالألفاظ المشتقة لا تشير إلى الحق سبحانه وحده، بل تشير إليه وإلى عالم الحدوث معاً والناظر إلى شيئين لا يكون مستكملاً في كل واحد منهما بل يكون ناقصاً قاصراً، فإذن جميع الأسماء المشتقة لا تفيد كمال الاستغراق في مقام معرفة الحق بل كلها تصير حجاباً بين العبد وبين الاستغراق في معرفة الرب، وأما (هو) فإنه لفظ يدل عليه من حيث هو هو لا من حيث عرضت له إضافة أو نسبة بالقياس إلى عالم الحدوث، فكان لفظ (هو) يوصلك إلى الحق ويقطعك عما سواه، وما عداه من الأسماء فإنه لا يقطعك عما سواه، فكان لفظ (هو) أشرف. ورابعها: أن البراهين السالفة قد دلت على أن منبع الجلال والعزة هو الذات، وأن ذاته ما كملت بالصفات بل ذاته لكمالها استلزمت صفات الكمال، ولفظ (هو) يوصلك إلى ينبوع الرحمة والعزة والعلو وهو الذات وسائر الألفاظ لا توقفك إلا في مقامات النعوت والصفات، فكان لفظ (هو) أشرف، فهذا ما خطر بالبال في الكشف عن أسرار لفظ (هو) وإليه الرغبة سبحانه في أن ينور بدرة من لمعات أنوارها صدورنا وأسرارنا، ويروح بها عقولنا وأرواحنا حتى نتخلص من ضيق عالم الحدوث إلى فسحة معارج القدم، ونرقى من حضيض ظلمة البشرية إلى سموات الأنوار وما ذلك عليه بعزيز.انتهى
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ.

صلاح غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2010, 01:53 PM   #2
علي الشريف احمد
المُشرف العام
الصورة الرمزية علي الشريف احمد



علي الشريف احمد is on a distinguished road

افتراضي رد: الفاتحة منقول


أنا : علي الشريف احمد




جزيت خيرا اخي صلاح

علي الشريف احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2010, 02:18 PM   #3
محمد عبده
مُراسل منتديات الختمية
الصورة الرمزية محمد عبده



محمد عبده is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى محمد عبده
افتراضي رد: الفاتحة منقول


أنا : محمد عبده




اللهم أهدنا الصراط المستقيم ،،، صراط الذين أنعمت عليهم ،،،، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ،،،،

محمد عبده غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع صلاح مشاركات 2 المشاهدات 4055  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه