القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > مكتبة الميرغني الإليكترونية
التسجيل التعليمات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة

فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه

مكتبة الميرغني الإليكترونية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-27-2013, 12:37 PM   #201
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ
وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب‏)‏ أي ما حكمها‏؟‏ وذكر العذاب بعد الخسف من العام بعد الخاص لأن الخسف من جملة العذاب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر أن عليا‏)‏ هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي المحل وهو بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام قال ‏"‏ كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل، فلم يصل حتى أجازه ‏"‏ أي تعداه‏.‏
ومن طريق أخرى عن علي قال ‏"‏ ما كنت لأصلي في أرض خسف الله بها ثلاث مرار ‏"‏ والظاهر أن قوله ‏"‏ ثلاث مرار ‏"‏ ليس متعلقا بالخسف لأنه ليس فيها إلا خسف واحد، وإنما أراد أن عليا قال ذلك ثلاثا، ورواه أبو داود مرفوعا من وجه آخر عن علي ولفظه ‏"‏ نهاني حبيبي صلى الله عليه وسلم أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة ‏"‏ في إسناده ضعف، واللائق بتعليق المصنف ما تقدم، والمراد بالخسف هنا ما ذكر الله تعالى في قوله‏:‏ ‏(‏فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم‏)‏ الآية، ذكر أهل التفسير والأخبار أن المراد بذلك أن النمرود بن كنعان بنى ببابل بنيانا عظيما يقال إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع، فخسف الله بهم، قال الخطابي‏:‏ لا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل، فإن كان حديث علي ثابتا فلعله نهاه أن يتخذها وطنا لأنه إذا أقام بها كانت صلاته فيها، يعني أطلق الملزوم وأراد اللازم‏.‏
قال‏:‏ فيحتمل أن النهي خاص بعلي إنذارا له بما لقي من الفتنة بالعراق‏.‏
قلت‏:‏ وسياق قصة علي الأولى يبعد هذا التأويل‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن عبد الله‏)‏ هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا تدخلوا‏)‏ كان هذا النهي لما مروا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر ديار ثمود في حال توجههم إلى تبوك، وقد صرح المصنف في أحاديث الأنبياء من وجه آخر عن ابن عمر ببعض ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هؤلاء المعذبين‏)‏ بفتح الذال المعجمة‏.‏
وله في أحاديث الأنبياء ‏"‏ لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلا أن تكونوا باكين‏)‏ ليس المراد الاقتصار في ذلك على ابتداء الدخول، بل دائما عند كل جزء من الدخول، وأما الاستقرار فالكيفية المذكورة مطلوبة فيه بالأولوية، وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم لم ينزل فيه البتة‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ هذا يدل على إباحة الصلاة هناك، لأن الصلاة موضع بكاء وتضرع، كأنه يشير إلى عدم مطابقة الحديث لأثر علي‏.‏
قلت‏:‏ والحديث مطابق له من جهة أن كلا منهما فيه ترك النزول كما وقع عند المصنف في المغازي في آخر الحديث ‏"‏ ثم قنع صلى الله عليه وسلم رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي ‏"‏ فدل على أنه لم ينزل ولم يصل هناك كما صنع علي في خسف بابل‏.‏
وروى الحاكم في ‏"‏ الإكليل ‏"‏ عن أبي سعيد الخدري قال ‏"‏ رأيت رجلا جاء بخاتم وجده بالحجر في بيوت المعذبين فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم واستتر بيده أن ينظر إليه وقال‏:‏ ألقه‏.‏
فألقاه ‏"‏ لكن إسناده ضعيف، وسيأتي نهيه صلى الله عليه وسلم أن يستقى من مياههم في كتاب أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يصيبكم‏)‏ بالرفع على أن ‏"‏ لا ‏"‏ نافية والمعنى لئلا يصيبكم‏.‏
ويجوز الجزم على أنها ناهية وهو أوجه، وهو نهي بمعنى الخبر‏.‏
وللمصنف في أحاديث الأنبياء ‏"‏ أن يصيبكم ‏"‏ أي خشية أن يصيبكم، ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار، فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه، وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك‏.‏
والتفكر أيضا في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له، فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتبارا بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال، ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه، فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم، وبهذا يندفع اعتراض من قال‏:‏ كيف يصيب عذاب الظالمين من ليس بظالم‏؟‏ لأنه بهذا التقرير لا يأمن أن يصير ظالما فيعذب بظلمه‏.‏
وفي الحديث الحث على المراقبة، والزجر عن السكنى في ديار المعذبين، والإسراع عند المرور بها، وقد أشير إلى ذلك في قوله تعالى ‏(‏وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم‏)‏ ‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي الْبِيعَةِ
وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي الْبِيعَةِ إِلَّا بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في البيعة‏)‏ بكسر الموحدة بعدها مثناة تحتانية‏:‏ معبد للنصارى‏.‏
قال صاحب المحكم، البيعة صومعة الراهب‏.‏
وقيل كنيسة النصارى والثاني هو المعتمد‏.‏
ويدخل في حكم البيعة الكنيسة وبيت المدراس والصومعة وبيت الصنم وبيت النار ونحو ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر‏:‏ إنا لا ندخل كنائسكم‏)‏ وفي رواية الأصيلي ‏"‏ كنائسهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من أجل التماثيل‏)‏ هو جمع تمثال بمثناة ثم مثلثة بينهما ميم، وبينه وبين الصورة عموم وخصوص مطلق فالصورة أعم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏التي فيها‏)‏ الضمير يعود على الكنيسة، والصور بالجر على أنها بدل من التماثيل أو بيان لها، أو بالنصب على الاختصاص، أو بالرفع أي أن التماثيل مصورة والضمير على هذا للتماثيل‏.‏
وفي رواية الأصيلي ‏"‏ والصور ‏"‏ بزيادة الواو العاطفة‏.‏
وهذا الأثر وصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر قال‏:‏ لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعاما وكان من عظمائهم وقال‏:‏ أحب أن تجيئني وتكرمني‏.‏
فقال له عمر‏:‏ إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها، يعني التماثيل‏.‏
وتبين بهذا أن روايتي النصب والجر أوجه من غيرهما، والرجل المذكور من عظمائهم اسمه قسطنطين سماه مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مسجعة بن ربعي عن عمر في قصة طويلة أخرجها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان ابن عباس‏)‏ وصله البغوي في ‏"‏ الجعديات ‏"‏ وزاد فيه ‏"‏ فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر ‏"‏ وقد تقدم في ‏"‏ باب من صلى وقدامه تنور ‏"‏ أن لا معارضة بين هذين البابين، وأن الكراهة في حال الاختيار‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:38 PM   #202
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد‏)‏ هو ابن سلام كما صرح به ابن السكن في روايته‏.‏
وعبده هو ابن سليمان، وقد تقدم الكلام على المتن قبل خمسة أبواب، ومطابقته للترجمة من قوله ‏"‏ بنوا على قبره مسجدا ‏"‏ فإن فيه إشارة إلى نهي المسلم عن أن يصلي في الكنيسة فيتخذها بصلاته مسجدا‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏لما نزل‏)‏ كذا لأبي ذر بفتحتين والفاعل محذوف أي الموت، ولغيره بضم النون وكسر الزاي، وطفق أي جعل‏.‏
والخميصة كساء له أعلام كما تقدم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال وهو كذلك‏)‏ أي في تلك الحال، ويحتمل أن يكون ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه أم سلمة وأم حبيبة أمر الكنيسة التي رأتاها بأرض الحبشة، وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه مرتحل من ذلك المرض فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم، و قوله‏:‏ ‏(‏اتخذوا‏)‏ جملة مستأنفة على سبيل البيان لموجب اللعن، كأنه قيل ما سبب لعنهم‏؟‏ فأجيب بقوله ‏"‏ اتخذوا‏"‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏يحذر ما صنعوا‏)‏ جملة أخرى مستأنفة من كلام الراوي، كأنه سئل عن حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت فأجيب بذلك‏.‏
وقد استشكل ذكر النصارى فيه لأن اليهود لهم أنبياء بخلاف النصارى فليس بين عيسى وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نبي غيره وليس له قبر، والجواب أنه كان فيهم أنبياء أيضا لكنهم غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول، أو الجمع في قوله ‏"‏ أنبيائهم ‏"‏ بإزاء المجموع من اليهود والنصارى، والمراد الأنبياء وكبار أتباعهم فاكتفي بذكر الأنبياء، ويؤيده قوله في رواية مسلم من طريق جندب ‏"‏ كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ‏"‏ ولهذا لما أفرد النصارى في الحديث الذي قبله قال ‏"‏ إذا مات فيهم الرجل الصالح ‏"‏ ولما أفرد اليهود في الحديث الذي بعده قال ‏"‏ قبور أنبيائهم‏"‏، أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعا أو اتباعا، فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت، ولا ريب أن النصارى تعظم قبور كثير من الأنبياء الذين تعظمهم اليهود‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ هُوَ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ
الشرح‏:‏
تقدم الكلام على حديث جابر في أوائل كتاب التيمم، وأخرجه هناك عن محمد بن سنان أيضا وسعيد بن النضر لكنه ساقه هناك على لفظ سعيد وهنا على لفظ ابن سنان وليس بينهما تفاوت من حيث المعنى لا في السند ولا في المتن، وإيراده له هنا يحتمل أن يكون أراد أن الكراهة في الأبواب المتقدمة ليست للتحريم لعموم قوله ‏"‏ جعلت لي الأرض مسجدا ‏"‏ أي كل جزء منها يصلح أن يكون مكانا للسجود، أو يصلح أن يبنى فيه مكان للصلاة، ويحتمل أن يكون أراد أن الكراهة فيها للتحريم، وعموم حديث جابر مخصوص بها، والأول أولى لأن الحديث سيق في مقام الامتنان فلا ينبغي تخصيصه، ولا يرد عليه أن الصلاة في الأرض المتنجسة لا تصح، لأن التنجس وصف طارئ، والاعتبار بما قبل ذلك‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب نوم المرأة في المسجد‏)‏ أي وإقامتها فيه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا فَكَانَتْ مَعَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ قَالَتْ فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقًى فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ قَالَتْ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ قَالَتْ فَاتَّهَمُونِي بِهِ قَالَتْ فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا قَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إِذْ مَرَّتْ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ قَالَتْ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ قَالَتْ فَقُلْتُ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ وَهُوَ ذَا هُوَ قَالَتْ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي قَالَتْ فَلَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا إِلَّا قَالَتْ وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهَا مَا شَأْنُكِ لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إِلَّا قُلْتِ هَذَا قَالَتْ فَحَدَّثَتْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن وليدة‏)‏ أي أمة، وهي في الأصل المولودة ساعة تولد قاله ابن سيده، ثم أطلق على الأمة وإن كانت كبيرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالت فخرجت‏)‏ القائلة ذلك هي الوليدة المذكورة، وقد روت عنها عائشة هذه القصة، والبيت الذي أنشدته، ولم يذكرها أحد ممن صنف في رواة البخاري ولا وقفت على اسمها ولا على اسم القبيلة التي كانت لهم ولا على اسم الصبية صاحبة الوشاح‏.‏
والوشاح بكسر الواو ويجوز ضمها ويجوز إبدالها ألفا‏:‏ خيطان من لؤلؤ يخالف بينهما وتتوشح به المرأة، وقيل ينسج من أديم عريضا ويرصع باللؤلؤ وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها‏.‏
وعن الفارسي‏:‏ لا يسمى وشاحا حتى يكون منظوما بلؤلؤ وودع‏.‏
انتهى‏.‏
وقولها في الحديث ‏"‏ من سيور ‏"‏ يدل على أنه كان من جلد، وقولها بعد ‏"‏ فحسبته لحما ‏"‏ لا ينفي كونه مرصعا لأن بياض اللؤلؤ على حمرة الجلد يصير كاللحم السمين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فوضعته أو وقع منها‏)‏ شك من الراوي، وقد رواه ثابت في الدلائل من طريق أبي معاوية عن هشام فزاد فيه أن الصبية كانت عروسا فدخلت إلى مغتسلها فوضعت الوشاح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدياة‏)‏ بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وتشديد الياء التحتانية تصغير حدأة بالهمز بوزن عنبة، ويجوز فتح أوله‏.‏
وهي الطائر المعروف المأذون في قتله في الحل والحرم، والأصل في تصغيرها حديأة بسكون الياء وفتح الهمزة لكن سهلت الهمزة وأدغمت ثم أشبعت الفتحة فصارت ألفا، وتسمى أيضا الحدى بضم أوله وتشديد الدال مقصور، ويقال لها أيضا الحدو بكسر أوله وفتح الدال الخفيفة وسكون الواو وجمعها حدأ كالمفرد بلا هاء، وربما قالوه بالمد‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى فتشوا قبلها‏)‏ كأنه من كلام عائشة، وإلا فمقتضى السياق أن تقول ‏"‏ قبلي ‏"‏ وكذا هو في رواية المصنف في أيام الجاهلية من رواية علي بن مسهر عن هشام، فالظاهر أنه من كلام الوليدة أوردته بلفظ الغيبة التفاتا أو تجريدا، وزاد فيه ثابت أيضا ‏"‏ قالت‏:‏ فدعوت الله أن يبرئني فجاءت الحديا وهم ينظرون‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وهو ذا هو‏)‏ تحتمل أن يكون ‏"‏ هو ‏"‏ الثاني خبرا بعد خبر أو مبتدأ وخبره محذوف أو يكون خبرا عن ذا والمجموع خبرا عن الأول ويحتمل غير ذلك‏.‏
ووقع في رواية أبي نعيم ‏"‏ وها هو ذا ‏"‏ وفي رواية ابن خزيمة ‏"‏ وهو ذا كما ترون‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالت‏)‏ أي عائشة ‏(‏فجاءت‏)‏ أي المراة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكانت‏)‏ أي المرأة، وللكشميهني ‏"‏ فكان‏"‏‏.‏
والخباء بكسر المعجمة بعدها موحدة وبالمد‏:‏ الخيمة من وبر أو غيره، وعن أبي عبيد لا يكون من شعر‏.‏
والحفش بكسر المهملة وسكون الفاء بعدها شين معجمة‏:‏ البيت الصغير القريب السمك، مأخوذ من الانحفاش وهو الانضمام، وأصله الوعاء الذي تضع المرأة فيه غزلها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فتحدث‏)‏ بلفظ المضارع بحذف إحدى التاءين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تعاجيب‏)‏ أي أعاجيب واحدها أعجوبة، ونقل ابن السيد أن تعاجيب لا واحد له من لفظه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ألا إنه‏)‏ بتخفيف اللام وكسر الهمزة، وهذا البيت الذي أنشدته هذه المرأة عروضه من الضرب الأول من الطويل وأجزاؤه ثمانية ووزنه فعولن مفاعيلن أربع مرات، لكن دخل البيت المذكور القبض وهو حذف الخامس الساكن في ثاني جزء منه، فإن أشبعت حركة الحاء من الوشاح صار سالما‏.‏
أو قلت ويوم وشاح بالتنوين بعد حذف التعريف صار القبض في أول جزء من البيت وهو أخف من الأول، واستعمال القبض في الجزء الثاني وكذا السادس في أشعار العرب كثير جدا نادر في أشعار المولدين، وهو عند الخليل بن أحمد أصلح من الكف، ولا يجوز الجمع عندهم بين الكف - وهو حذف السابع الساكن - وبين القبض بل يشترط أن يتعاقبا‏.‏
وإنما أوردت هذا القدر هنا لأن الطبع السليم ينفر من القبض المذكور‏.‏
وفي الحديث إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلا كان أو امرأة عند أمن الفتنة، وإباحة استظلاله فيه بالخيمة ونحوها، وفيه الخروج من البلد الذي يحصل للمرء فيه المحنة، ولعله يتحول إلى ما هو خير له كما وقع لهذه المرأة‏.‏
وفيه فضل الهجرة من دار الكفر، وإجابة دعوة المظلوم ولو كان كافرا لأن في السياق أن إسلامها كان بعد قدومها المدينة‏.‏
والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب نوم الرجال في المسجد‏)‏ أي جواز ذلك، وهو قول الجمهور، وروي عن ابن عباس كراهيته إلا لمن يريد الصلاة، وعن ابن مسعود مطلقا، وعن مالك التفصيل بين من له مسكن فيكره وبين من لا مسكن له فيباح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو قلابة عن أنس‏)‏ هذا طرف من قصة العرنيين، وقد تقدم حديثهم في الطهارة‏.‏
وهذا اللفظ أورده في المحاربين موصولا من طريق وهيب عن أيوب عن أبي قلابة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الرحمن بن أبي بكر‏)‏ هو أيضا طرف من حديث طويل يأتي في علامات النبوة‏.‏
والصفة موضع مظلل في المسجد النبوي كانت تأوي إليه المساكين، وقد سبق البخاري إلى الاستدلال بذلك سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار رواه ابن أبي شيبة عنهما‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ و القطان ‏(‏عن عبيد الله‏)‏ هو العمري، وحديث عبد الله بن عمر هذا مختصر أيضا من حديث له طويل يأتي في باب فضل قيام الليل، وأورده ابن ماجه مختصرا أيضا بلفظ ‏"‏ كنا ننام‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أعزب‏)‏ المهملة والزاي أي غير متزوج‏.‏
والمشهور فيه عزب بفتح العين وكسر الزاي، والأول لغة قليلة مع أن القزاز أنكرها‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏لا أهل له‏)‏ هو تفسير لقوله أعزب، ويحتمل أن يكون من العام بعد الخاص فيدخل فيه الأقارب ونحوهم‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏في مسجد‏)‏ متعلق بقوله ينام‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حازم‏)‏ هو سلمة بن دينار والد عبد العزيز المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أين ابن عمك‏)‏ فيه إطلاق ابن العم على أقارب الأب لأنه ابن عم أبيها لا ابن عمها، وفيه إرشادها إلى أن تخاطبه بذلك لما فيه من الاستعطاف بذكر القرابة، وكأنه صلى الله عليه وسلم فهم ما وقع بينهما فأراد استعطافها عليه بذكر القرابة القريبة التي بينهما‏.‏
قوله ‏(‏فلم يقل عندي‏)‏ بفتح الياء التحتانية وكسر القاف، من القيلولة وهو نوم نصف النهار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال لإنسان‏)‏ يظهر لي أنه سهل راوي الحديث لأنه لم يذكر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم غيره‏.‏
وللمصنف في الأدب ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أين ابن عمك‏؟‏ قالت في المسجد ‏"‏ وليس بينه وبين الذي هنا مخالفة لاحتمال أن يكون المراد من قوله‏:‏ ‏(‏انظر أين هو‏)‏ المكان المخصوص من المسجد‏.‏
وعند الطبراني ‏"‏ فأمر إنسانا معه فوجده مضطجعا في فيء الجدار‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هو راقد في المسجد‏)‏ فيه مراد الترجمة، لأن حديث ابن عمر يدل على إباحته لمن لا مسكن له، وكذا بقية أحاديث الباب، إلا قصة علي فإنها تقتضي التعميم، لكن يمكن أن يفرق بين نوم الليل وبين قيلولة النهار‏.‏
وفي حديث سهل هذا من الفوائد أيضا جواز القائلة في المسجد، وممازحة المغضب بما لا يغضب منه بل يحصل به تأنيسه، وفيه التكنية بغير الولد وتكنية من له كنية، والتلقيب بالكنية لمن لا يغضب، وسيأتي في الأدب أنه كان يفرح إذا دعي بذلك‏.‏
وفيه مدارة الصهر وتسكينه من غضبه، ودخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها حيث يعلم رضاه، وأنه لا بأس بإبداء المنكبين في غير الصلاة‏.‏
وسيأتي بقية ما يتعلق به في فضائل علي إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا ابن فضيل‏)‏ هو محمد بن فضيل بن غزوان، وأبو حازم هو سلمان الأشجعي، وهو أكبر من أبي حازم الذي قبله في السن واللقاء، وإن كانا جميعا مدنيين تابعيين ثقتين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة‏)‏ يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضا لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة، وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر، وفي بعض ما ذكروه اعتراض ومناقشة، لكن لا يسع هذا المختصر تفصيل ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رداء‏)‏ هو ما يستر أعالي البدن فقط‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏إما إزار‏)‏ أي فقط ‏(‏وإما كساء‏)‏ أي على الهيئة المشروحة في المتن‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏قد ربطوا‏)‏ أي الأكسية فحذف المفعول للعلم به‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏فمنها‏)‏ أي من الأكسية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيجمعه بيده‏)‏ أي الواحد منهم، زاد الإسماعيلي أن ذلك في حال كونهم في الصلاة‏.‏
ومحصل ذلك أنه لم يكن لأحد منهم ثوبان‏.‏
وقد تقدم نحو هذه الصفة في ‏"‏ باب إذا كان الثوب ضيقا‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:38 PM   #203
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إذا قدم من سفر‏)‏ أي في المسجد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال كعب‏)‏ هو طرف من حديثه الطويل في قصة تخلفه وتوبته، وسيأتي في أواخر المغازي، وهو ظاهر فيما ترجم له، وذكر بعده حديث جابر ليجمع بين فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره فلا يظن أن ذلك من خصائصه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ قَالَ ضُحًى فَقَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏قال مسعر أراه‏)‏ بالضم أي أظنه، والضمير لمحارب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان لي عليه دين‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي وكان ‏"‏ له ‏"‏ أي لجابر ‏"‏ عليه ‏"‏ أي على النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفي قوله بعد ذلك ‏(‏فقضاني‏)‏ التفات‏.‏
وهذا الدين هو ثمن جمل جابر‏.‏
وسيأتي مطولا في كتاب الشروط، ونذكر هناك فوائده إن شاء الله تعالى‏.‏
وقد أخرجه المصنف أيضا في نحو من عشرين موضعا مطولا ومختصرا وموصولا ومعلقا‏.‏
ومطابقته للترجمة من جهة أن تقاضيه لثمن الجمل كان عند قدومه من السفر كما سيأتي واضحا‏.‏
وغفل مغلطاي حيث قال‏:‏ ليس فيه ما بوب عليه‏.‏
لأن لقائل أن يقول إن جابرا لم يقدم من سفر لأنه ليس فيه ما يشعر بذلك، قال النووي‏:‏ هذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر ينوي بها صلاة القدوم، لا أنها تحية المسجد التي أمر الداخل بها قبل أن يجلس، لكن تحصل التحية بها‏.‏
وتمسك بعض من منع الصلاة في الأوقات المنهية ولو كانت ذات سبب بقوله ‏"‏ ضحى ‏"‏ ولا حجة فيه لأنها واقعة عين‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:24 PM   #204
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا دخل المسجد‏)‏ حذف الفاعل للعلم به، وذكر في رواية الأصيلي وكريمة كلفظ المتن‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي قتادة‏)‏ بفتحتين، هكذا اتفق عليه الرواة عن مالك، ورواه سهيل بن أبي صالح عن عامر بن عبد الله بن الزبير فقال ‏"‏ عن جابر ‏"‏ بدل أبي قتادة، وخطأه الترمذي والدارقطني وغيرهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏السلمي‏)‏ بفتحتين لأنه من الأنصار، والإسناد كله مدني كالذي بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليركع‏)‏ أي فليصل، من إطلاق الجزء وإرادة الكل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ركعتين‏)‏ هذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق، واختلف في أقله، والصحيح اعتباره فلا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين‏.‏
واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب، ونقل ابن بطال عن أهل الظاهر الوجوب، والذي صرح به ابن حزم عدمه، ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم الذي رآه يتخطى ‏"‏ اجلس فقد آذيت ‏"‏ ولم يأمره بصلاة، كذا استدل به الطحاوي وغيره وفيه نظر‏.‏
وقال الطحاوي أيضا‏:‏ الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها‏.‏
قلت‏:‏ هما عمومان تعارضا، الأمر بالصلاة لكن داخل من غير تفصيل، والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة، فلا بد من تخصيص أحد العمومين، فذهب جمع إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر - وهو الأصح عند الشافعية - وذهب جمع إلى عكسه وهو قول الحنفية والمالكية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قبل أن يجلس‏)‏ صرح جماعة بأنه إذا خالف وجلس لا يشرع له التدارك، وفيه نظر لما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر أنه ‏"‏ دخل المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أركعت ركعتين‏؟‏ قال لا، قال‏:‏ قم فاركعهما ‏"‏ ترجم عليه ابن حبان أن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس‏.‏
قلت‏:‏ ومثله قصة سليك كما سيأتي في الجمعة‏.‏
وقال المحب الطبري‏:‏ يحتمل أن يقال وقتهما قبل الجلوس وقت فضيلة وبعده وقت جواز، أو يقال وقتهما قبله أداء وبعده قضاء، ويحتمل أن تحمل مشروعيتهما بعد الجلوس على ما إذا لم يطل الفصل‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ حديث أبي قتادة هذا ورد على سبب، وهو ‏"‏ أن أبا قتادة دخل المسجد فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بين أصحابه فجلس معهم، فقال له‏:‏ ما منعك أن تركع‏؟‏ قال‏:‏ رأيتك جالسا والناس جلوس‏.‏
قال‏:‏ فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ‏"‏ أخرجه مسلم‏.‏
وعند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي قتادة ‏"‏ أعطوا المساجد حقها، قيل له‏:‏ وما حقها‏؟‏ قال ركعتين قبل أن تجلس‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:25 PM   #205
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الحدث في المسجد‏)‏ قال المازري‏:‏ أشار البخاري إلى الرد على من منع المحدث أن يدخل المسجد أو يجلس فيه وجعله كالجنب، وهو مبني على أن الحدث هنا الريح ونحوه، وبذلك فسره أبو هريرة كما تقدم في الطهارة‏.‏
وقد قيل المراد بالحدث هنا أعم من ذلك، أي ما لم يحدث سوءا‏.‏
ويؤيده رواية مسلم ‏"‏ ما لم يحدث فيه، ما لم يؤذ فيه ‏"‏ وفي أخرى للبخاري ‏"‏ ما لم يؤذ فيه بحدث فيه‏"‏، وسيأتي قريبا بناء على أن الثانية تفسير للأولى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏الملائكة تصلي‏)‏ للكشميهني ‏"‏ إن الملائكة تصلي ‏"‏ بزيادة إن، والمراد بالملائكة الحفظة أو السيارة أو أعم من ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تقول الخ‏)‏ هو بيان لقوله تصلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما دام في مصلاه‏)‏ مفهومه أنه إذا انصرف عنه انقضى ذلك، وسيأتي في ‏"‏ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة ‏"‏ بيان فضيلة من انتظر الصلاة مطلقا سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد أم تحول إلى غيره، ولفظه ‏"‏ ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ‏"‏ فأثبت للمنتظر حكم المصلي، فيمكن أن يحمل قوله ‏"‏ في مصلاه ‏"‏ على المكان المعد للصلاة، لا الموضع الخاص بالسجود، فلا يكون بين الحديثين تخالف‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏ما لم يحدث‏)‏ يدل على أن الحدث يبطل ذلك ولو استمر جالسا‏.‏
وفيه دليل على أن الحدث في المسجد أشد من النخامة لما تقدم من أن لها كفارة، ولم يذكر لهذا كفارة، بل عومل صاحبه بحرمان استغفار الملائكة، ودعاء الملائكة مرجو الإجابة لقوله تعالى ‏(‏ولا يشفعون إلا لمن ارتضى‏)‏ وسيأتي بقية فوائد هذا الحديث في ‏"‏ باب من جلس ينتظر ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكِنَّ النَّاسَ مِنْ الْمَطَرِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ وَقَالَ أَنَسٌ يَتَبَاهَوْنَ بِهَا ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب بنيان المسجد‏)‏ أي النبوي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو سعيد‏)‏ هو الخدري، والقدر المذكور هنا طرف من حديثه في ذكر ليلة القدر، وقد وصله المؤلف في الاعتكاف وغيره من طريق أبي سلمة عنه، وسيأتي قريبا في أبواب صلاة الجماعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمر عمر‏)‏ هو طرف من قصة في ذكر تجديد المسجد النبوي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أكن الناس‏)‏ وقع في روايتنا أكن بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون المضمومة بلفظ الفعل المضارع من أكن الرباعي يقال‏:‏ أكننت الشيء إكنانا أي صنته وسترته، وحكى أبو زيد كننته من الثلاثي بمعنى أكننته، وفرق الكسائي بينهما فقال كننته أي سترته وأكننته في نفسي أي أسررته، ووقع في رواية الأصيلي ‏"‏ أكن ‏"‏ بفتح الهمزة والنون فعل أمر من الإكنان أيضا ويرجحه قوله قبله ‏"‏ وأمر عمر ‏"‏ وقوله بعده ‏"‏ وإياك ‏"‏ وتوجه الأولى بأنه خاطب القوم بما أراد ثم التفت إلى الصانع فقال له ‏"‏ وإياك‏"‏، أو يحمل قوله وإياك على التجريد كأنه خاطب نفسه بذلك، قال عياض‏:‏ وفي رواية غير الأصيلي والقابسي - أي وأبي ذر - ‏"‏ كن الناس ‏"‏ بحذف الهمزة وكسر الكاف وهو صحيح أيضا‏.‏
وجوز ابن مالك ضم الكاف على أنه من كن فهو مكنون‏.‏
انتهى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:26 PM   #206
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




وهو متجه، لكن الرواية لا تساعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فتفتن الناس‏)‏ بفتح المثناة من فتن، وضبطه ابن التين بالضم من أفتن، وذكر أن الأصمعي أنكره وأن أبا عبيدة أجازه فقال فتن وأفتن بمعنى، قال ابن بطال‏:‏ كان عمر فهم ذلك من رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها وقال ‏"‏ إنها ألهتني عن صلاتي‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة فقد روى ابن ماجه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعا ‏"‏ ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم ‏"‏ رجاله ثقات إلا شيخه جبارة بن المغلس فقيه مقال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ يتباهون بها‏)‏ بفتح الهاء أي يتفاخرون، وهذا التعليق رويناه موصولا في مسند أبي يعلى وصحيح ابن خزيمة من طريق أبي قلابة أن أنسا قال ‏"‏ سمعته يقول‏:‏ يأتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد ثم لا يعمرونها إلا قليلا ‏"‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان مختصرا من طريق أخرى عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ‏"‏ والطريق الأولى أليق بمراد البخاري‏.‏
وعند أبي نعيم في كتاب المساجد من الوجه الذي عند ابن خزيمة ‏"‏ يتباهون بكثرة المساجد‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ ثم لا يعمرونها ‏"‏ المراد به عمارتها بالصلاة وذكر الله، وليس المراد به بنيانها، بخلاف ما يأتي في ترجمة الباب الذي بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ لتزخرفنها‏)‏ بفتح اللام وهي لام القسم وضم المثناة وفتح الزاي وسكون الخاء المعجمة وكسر الراء وضم الفاء وتشديد النون وهي نون التأكيد، والزخرفة الزينة، وأصل الزخرف الذهب ثم استعمل في كل ما يتزين به‏.‏
وهذا التعليق وصله أبو داود وابن حبان من طريق يزيد بن الأصم عن ابن عباس هكذا موقوفا، وقبله حديث مرفوع ولفظه ‏"‏ ما أمرت بتشييد المساجد ‏"‏ وظن الطيبي في شرح المشكاة أنهما حديث واحد فشرحه على أن اللام في ‏"‏ لتزخرفنها ‏"‏ مكسورة وهي لام التعليل للمنفي قبله، والمعنى‏:‏ ما أمرت بالتشييد ليجعل ذريعة إلى الزخرفة، قال‏:‏ والنون فيه لمجرد التأكيد، وفيه نوع توبيخ وتأنيب، ثم قال‏:‏ ويجوز فتح اللام على أنها جواب القسم‏.‏
قلت‏:‏ وهذا هو المعتمد، والأول لم تثبت به الرواية أصلا فلا يغتر به، وكلام ابن عباس فيه مفصول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المشهورة وغيرها، وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله، قال البغوي‏:‏ التشييد رفع البناء وتطويله، وإنما زخرفت اليهود والنصارى معابدها حين حرفوا كتبهم وبدلوها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏)‏ زاد الأصيلي ابن سعد‏.‏
ورواية صالح بن كيسان عن نافع من رواية الأقران لأنهما مدنيان ثقتان تابعيان من طبقة واحدة، وعبد الله ‏"‏ هو ابن عمر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏باللبن‏)‏ بفتح اللام وكسر الموحدة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعمده‏)‏ بفتح أوله وثانيه ويجوز ضمهما، وكذا قوله ‏"‏ خشب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه‏)‏ أي بجنس الآلات المذكورة ولم يغير شيئا من هيئته إلا توسيعه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم غيره عثمان‏)‏ ، أي من الوجهين‏:‏ التوسيع، وتغيير الآلات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالحجارة المنقوشة‏)‏ أي بدل اللبن، وللحموي والمستملي ‏"‏ بحجارة منقوشة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والقصة‏)‏ بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهي الجص بلغة أهل الحجاز‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ تشبه الجص وليست به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وسقفه‏)‏ بلفظ الماضي عطفا على جعل، وبإسكان القاف على عمده، والساج نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند‏.‏
وقال ابن بطال وغيره‏:‏ هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه، فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه، وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه، ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة، ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه كما سيأتي بعد قليل‏.‏
وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، وذلك في أواخر عصر الصحابة، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة، ورخص في ذلك بعضهم - وهو قول أبي حنيفة - إذا وقع على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة‏.‏
وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال، وإن كان لخشية شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة‏.‏
وفي حديث أنس علم من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع، فوقع كما قال‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التعاون في بناء المسجد، ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله‏)‏ كذا في رواية أبي ذر‏.‏
وزاد غيره قبل قوله ما كان ‏"‏ وقول الله عز وجل ‏"‏ وفي آخره ‏"‏ إلى قوله المهتدين ‏"‏ وذكره لهذه الآية مصير منه إلى ترجيح أحد الاحتمالين من أحد الاحتمالين في الآية، وذلك أن قوله تعالى ‏(‏مساجد الله‏)‏ يحتمل أن يراد بها مواضع السجود، ويحتمل أن يراد بها الأماكن المتخذة لإقامة الصلاة، وعلى الثاني يحتمل أن يراد بعمارتها بنيانها، ويحتمل أن يراد بها الإقامة لذكر الله فيها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد‏)‏ هذا الإسناد كله بصري، لأن ابن عباس أقام على البصرة أميرا مدة ومعه مولاه عكرمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏انطلقا إلى أبي سعيد‏)‏ أي الخدري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هو‏)‏ زاد المصنف في الجهاد ‏"‏ فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلحه‏)‏ قال في الجهاد ‏"‏ يسقيانه ‏"‏ والحائط البستان، وهذا الأخ زعم بعض الشراح أنه قتادة بن النعمان وهو أخو أبي سعيد لأمه، ولا يصح أن يكون هو، فإن علي بن عبد الله بن عباس ولد في أواخر خلافة علي ومات قتادة بن النعمان قبل ذلك في أواخر خلافة عمر بن الخطاب، وليس لأبي سعيد أخ شقيق ولا أخ من أبيه ولا من أمه إلا قتادة، فيحتمل أن يكون المذكور أخاه من الرضاعة ولم أقف إلى الآن على اسمه‏.‏
وفي الحديث إشارة إلى أن العلم لا يحوى جميعه أحد، لأن ابن عباس مع سعة علمه أمر ابنه بالأخذ عن أبي سعيد، فيحتمل أن يكون علم أن عنده ما ليس عنده، ويحتمل أن يكون إرساله إليه لطلب علو الإسناد، لأن أبا سعيد أقدم صحبة وأكثر سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عباس، وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وإكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ رداءه فاحتبى‏)‏ فيه التأهب لإلقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى أتى على ذكر بناء المسجد‏)‏ أي النبوي‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ حتى إذا أتى‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعمار لبنتين‏)‏ زاد معمر في جامعه ‏"‏ لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر، وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح، وفضل بنيان المساجد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فبنفض‏)‏ فيه التعبير بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهد‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فجعل ينفض‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏التراب عنه‏)‏ زاد في الجهاد ‏"‏ عن رأسه ‏"‏ وكذا لمسلم، وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويقول‏)‏ أي في تلك الحال ‏(‏ويح عمار‏)‏ هي كلمة رحمة، وهي بفتح الحاء إذا أضيفت، فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يدعوهم‏)‏ أعاد الضمير على غير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر ‏"‏ تقتله الفئة الباغية يدعوهم الخ ‏"‏ وسيأتي التنبيه عليه‏.‏
فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار‏؟‏ فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم‏.‏
وقال ابن بطال تبعا للمهلب‏:‏ إنما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارا يدعوهم إلى الجماعة، ولا يصح في أحد من الصحابة‏.‏
وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح‏.‏
وفيه نظر من أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ أن الخوارج إنما خرجوا على علي بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم لذلك، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا، فكيف يبعثه إليهم علي بعد موته‏.‏
ثانيها‏:‏ أن الذين بعث إليهم علي عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك‏.‏
ثالثها‏:‏ أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة، ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح، لكن وقع في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بأن الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ‏"‏ ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم ‏"‏ الحديث، واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال‏:‏ إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود‏.‏
قال الحميدي‏:‏ ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدا‏.‏
قال‏:‏ وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث‏.‏
قلت‏:‏ ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد ‏"‏ فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية ‏"‏ ا ه‏.‏
وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه‏.‏
وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال ‏"‏ حدثني من هو خير مني أبو قتادة، فذكره ‏"‏ فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث‏.‏
وفي هذا الحديث زيادة أيضا لم تقع في رواية البخاري، وهي عند الإسماعيلي وأبي نعيم في المستخرج من طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء وهي‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك‏؟‏ قال‏:‏ إني أريد من الله الأجر ‏"‏ وقد تقدمت زيادة معمر فيه أيضا‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى حديث ‏"‏ تقتل عمارا الفئة الباغية ‏"‏ جماعة من الصحابة‏:‏ منهم قتادة بن النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان ابن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه‏.‏
قوله في آخر الحديث ‏(‏يقول عمار أعوذ بالله من الفتن‏)‏ فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن، ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق، لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه‏.‏
قال ابن بطال وفيه رد للحديث الشائع‏:‏ لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين‏.‏
قلت‏:‏ وقد سئل ابن وهب قديما عنه فقال‏:‏ إنه باطل، وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من أحكامها وما ينبغي من العمل عند وقوعها‏.‏
أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:27 PM   #207
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد‏)‏ الصناع بضم المهملة جمع صانع، وذكره بعد النجار من العام بعد الخاص، أو في الترجمة لف ونشر فقوله في أعواد المنبر ليتعلق بالنجار وقوله والمسجد يتعلق بالصناع، أي والاستعانة بالصناع في المسجد أي في بناء المسجد‏.‏
وحديث الباب من رواية سهل وجابر جميعا يتعلق بالنجار فقط، ومنه تؤخذ مشروعية الاستعانة بغيره من الصناع لعدم الفرق، وكأنه أشار بذلك إلى حديث طلق بن علي قال ‏"‏ بنيت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول‏:‏ قربوا اليمامي من الطين، فإنه أحسنكم له مسا وأشدكم له سبكا ‏"‏ رواه أحمد‏.‏
وفي لفظ له ‏"‏ فأخذت المسحاة فخلطت الطين فكأنه أعجبه فقال‏:‏ دعوا الحنفي والطين، فإنه أضبطكم للطين ‏"‏ ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه ‏"‏ فقلت يا رسول الله أأنقل كما ينقلون‏؟‏ فقال‏:‏ لا ولكن اخلط لهم الطين فأنت أعلم به‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد العزيز‏)‏ هو ابن أبي حازم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلى امرأة‏)‏ تقدم ذكرها في باب الصلاة على المنبر والسطوح، والتنبيه على غلط من سماها علاثة، وكذا التنبيه على اسم غلامها‏.‏
وساق المتن هنا مختصرا، وساقه بتمامه في البيوع بهذا الإسناد‏.‏
وسنذكر فوائده في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَلَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا قَالَ إِنْ شِئْتِ فَعَمِلَتْ الْمِنْبَرَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خلاد‏)‏ هو ابن يحيى، وأيمن بوزن أفعل وهو الحبشي مولى بني مخزوم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن امرأة‏)‏ هي التي ذكرت في حديث سهل، فإن قيل ظاهر سياق حديث جابر مخالف لسياق حديث سهل لأن في هذا أنها ابتدأت بالعرض، وفي حديث سهل أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل إليها يطلب ذلك، أجاب ابن بطال باحتمال أن تكون المراة ابتدأت بالسؤال متبرعة بذلك، فلما حصل لها القبول أمكن أن يبطئ الغلام بعمله فأرسل يستنجزها إتمامه لعلمه بطيب نفسها بما بذلته‏.‏
قال‏:‏ ويمكن إرساله إليها ليعرفها بصفة ما يصنعه الغلام من الأعواد وأن يكون ذلك منبرا‏.‏
قلت‏:‏ قد أخرجه المصنف في علامات النبوة من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ ألا أجعل لك منيرا ‏"‏ فلعل التعريف وقع بصفة للمنبر مخصوصة‏.‏
أو يحتمل أنه لما فوض إليها الأمر بقوله لها ‏"‏ إن شئت ‏"‏ كان ذلك سبب البطء، لا أن الغلام كان شرع وأبطأ، ولا أنه جهل الصفة، وهذا أوجه الأوجه في نظري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ألا أجعل لك‏)‏ أضافت الجعل إلى نفسها مجازا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإن لي غلاما نجارا‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فإني لي غلام نجار ‏"‏ وقد اختصر المؤلف هذا المتن أيضا، ويأتي بتمامه في علامات النبوة‏.‏
وفي الحديث قبول البذل إذا كان بغير سؤال، واستنجاز الوعد ممن يعلم منه الإجابة، والتقرب إلى أهل الفضل بعمل الخير، وسيأتي بقية فوائده في علامات النبوة إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ بَنَى مَسْجِدًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من بنى مسجدا‏)‏ أي ما له من الفضل‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني عمرو‏)‏ هو ابن الحارث، وبكير بالتصغير هو ابن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله هو ابن الأسود‏.‏
وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق‏:‏ بكير وعاصم وعبيد الله، وثلاثة من أوله مصريون، وثلاثة من آخره مدنيون، وفي وسطه مدني سكن مصر وهو بكير، فانقسم الإسناد إلى مصري ومدني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عند قول الناس فيه‏)‏ وقع بيان ذلك عند مسلم حيث أخرجه من طريق محمود بن لبيد الأنصاري - وهو من صغار الصحابة - قال ‏"‏ لما أراد عثمان بناء المسجد كره الناس ذلك وأحبوا أن يدعوه على هيئته ‏"‏ أي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وظهر بهذا أن قوله في حديث الباب ‏"‏ حين بنى ‏"‏ أي حين أراد أن يبني‏.‏
وقال البغوي في شرح السنة‏:‏ لعل الذي كره الصحابة من عثمان بناؤه بالحجارة المنقوشة لا مجرد توسيعه‏.‏
انتهى‏.‏
ولم يبن عثمان المسجد إنشاء، وإنما وسعه وشيده كما تقدم في باب بنيان المسجد، فيؤخذ منه إطلاق البناء في حق من جدد كما يطلق في حق من أنشأ‏.‏
أو المراد بالمسجد هنا بعض المسجد من إطلاق الكل على البعض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مسجد الرسول‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي والكشميهني ‏"‏ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏إنكم أكثرتم‏)‏ حذف المفعول للعلم به، والمراد الكلام بالإنكار ونحوه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور، وقيل في آخر سنة من خلافته‏.‏
ففي كتاب السير عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب أخبرني مالك أن كعب الأحبار كان يقول عند بنيان عثمان المسجد‏:‏ لوددت أن هذا المسجد لا ينجز، فإنه إذا فرغ من بنيانه قتل عثمان‏.‏
قال مالك‏:‏ فكان كذلك‏.‏
قلت‏:‏ ويمكن الجمع بين القولين بأن الأول كان تاريخ ابتدائه والثاني تاريخ انتهائه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من بنى مسجدا‏)‏ التنكير فيه للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير، ووقع في رواية أنس عند الترمذي صغيرا أو كبيرا، وزاد ابن أبي شيبة في حديث الباب من وجه آخر عن عثمان ‏"‏ ولو كمفحص قطاة ‏"‏ وهذه الزيادة أيضا عند ابن حبان والبزار من حديث أبي ذر‏.‏
وعند أبي مسلم الكجي من حديث ابن عباس، وعند الطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر، وعند أبي نعيم في الحلية من حديث أبي بكر الصديق، ورواه ابن خزيمة من حديث جابر بلفظ ‏"‏ كمفحص قطاة أو أصغر‏"‏، وحمل أكثر العلماء ذلك على المبالغة لأن المكان الذي تفحص القطاة عنه لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة فيه‏.‏
ويؤيده رواية جابر هذه‏.‏
وقيل بل هو على ظاهره، والمعنى أن يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر، وهذا كله بناء على أن المراد بالمسجد ما يتبادر إلى الذهن، وهو المكان الذي يتخذ للصلاة فيه، فإن كان المراد بالمسجد موضع السجود وهو ما يسع الجبهة فلا يحتاج إلى شيء مما ذكر، لكن قوله ‏"‏ بنى ‏"‏ يشعر بوجود بناء على الحقيقة‏.‏
ويؤيده قوله في رواية أم حبيبة ‏"‏ من بنى لله بيتا ‏"‏ أخرجه سمويه في فوائده بإسناد حسن، وقوله في رواية عمر ‏"‏ من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله ‏"‏ أخرجه ابن ماجه وابن حبان‏.‏
وأخرج النسائي نحوه من حديث عمرو بن عبسة، فكل ذلك مشعر بأن المراد بالمسجد المكان المتخذ لا موضع السجود فقط، لكن لا يمتنع إرادة الآخر مجازا، إذ بناء كل شيء بحسبه، وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر، وبعضها لا تكون أكثر من قدر موضع السجود‏.‏
وروى البيهقي في الشعب من حديث عائشة نحو حديث عثمان وزاد‏:‏ قلت وهذه المساجد التي في الطرق‏؟‏ قال نعم‏.‏
وللطبراني نحوه من حديث أبي قرصافة وإسنادهما حسن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال بكير حسبت أنه‏)‏ أي شيخه عاصما بالإسناد المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يبتغي به وجه الله‏)‏ أي يطلب به رضا الله، والمعنى بذلك الإخلاص‏.‏
وهذه الجملة لم يجزم بها بكير في الحديث، ولم أرها إلا من طريقه هكذا، وكأنها ليست في الحديث بلفظها، فإن كل من روى حديث عثمان من جميع الطرق إليه لفظهم ‏"‏ من بنى لله مسجدا ‏"‏ فكأن بكيرا نسيها فذكرها بالمعنى مترددا في اللفظ الذي ظنه، فإن قوله ‏"‏ لله ‏"‏ بمعنى قوله يبتغي به وجه الله، لاشتراكهما في المعنى المراد وهو الإخلاص‏.‏
فائدة‏:‏ قال ابن الجوزي من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من الإخلاص‏.‏
انتهى‏.‏
ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة‏.‏
وروى أصحاب السنن وابن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر مرفوعا ‏"‏ إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة‏:‏ صانعه المحتسب في صنعته، والرامي به، والممد به ‏"‏ فقوله ‏"‏ المحتسب في صنعته ‏"‏ أي من يقصد بذلك إعانة المجاهد، وهو أعم من أن يكون متطوعا بذلك أو بأجرة، لكن الإخلاص لا يحصل إلا من المتطوع، وهل يحصل الثواب المذكور لمن جعل بقعة من الأرض مسجدا بأن يكتفي بتحويطها من غير بناء، وكذا من عمد إلى بناء كان يملكه فوقفه مسجدا‏؟‏ إن وقفنا مع ظاهر اللفظ فلا، وإن نظرنا إلى المعنى فنعم وهو المتجه، وكذا قوله ‏"‏ بنى ‏"‏ حقيقة في المباشر بشرطها، لكن المعنى يقتضي دخول الآمر بذلك أيضا، وهو المنطبق على استدلال عثمان رضي الله عنه، لأنه استدل بهذا الحديث على ما وقع منه، ومن المعلوم أنه لم يباشر ذلك بنفسه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بنى الله‏)‏ إسناد البناء إلى الله مجاز، وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه، أو لئلا تتنافر الضمائر، أو يتوهم عوده على باني المسجد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مثله‏)‏ صفة لمصدر محذوف أي بنى بناء مثله، ولفظ ‏"‏ المثل ‏"‏ له استعمالان‏:‏ أحدهما الإفراد مطلقا كقوله تعالى ‏(‏فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا‏)‏ والآخر المطابقة كقوله تعالى ‏(‏أمم أمثالكم‏)‏ فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة، فيحصل جواب من استشكل التقييد بقوله ‏"‏ مثله ‏"‏ مع أن الحسنة بعشرة أمثالها، لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله، والأصل أن ثواب الحسنة الواحدة واحد بحكم العدل، والزيادة عليه بحكم الفضل‏.‏
وأما من أجاب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل نزول قوله تعالى ‏(‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏)‏ ففيه بعد، وكذا من أجاب بأن التقييد بالواحد لا ينفي الزيادة عليه‏.‏
ومن الأجوبة المرضية أيضا أن المثلية هنا بحسب الكمية، والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من عشرة بل من مائة‏.‏
أو أن المقصود من المثلية أن جزاء هذه الحسنة من جنس البناء لا من غيره مع قطع النظر عن غير ذلك، مع أن التفاوت حاصل قطعا بالنسبة إلى ضيق الدنيا وسعة الجنة، إذ موضع شبر فيها خير من الدنيا وما فيها كما ثبت في الصحيح، وقد روى أحمد من حديث واثلة بلفظ ‏"‏ بنى الله له في الجنة أفضل منه ‏"‏ وللطبراني من حديث أبي أمامة بلفظ ‏"‏ أوسع منه ‏"‏ وهذا يشعر بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه‏.‏
وقال النووي‏:‏ يحتمل أن يكون المراد أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الجنة‏)‏ يتعلق ببنى، أو هو حال من قوله ‏"‏ مثله‏"‏، وفيه إشارة إلى دخول فاعل ذلك الجنة، إذ المقصود بالبناء له أن يسكنه، وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:28 PM   #208
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يأخذ‏)‏ أي الشخص ‏(‏بنصول‏)‏ جمع نصل، ويجمع أيضا على نصال كما سيأتي في حديث الباب الذي بعده‏.‏
‏(‏والنبل‏)‏ بفتح النون وسكون الموحدة وبعدها لام‏:‏ السهام العربية، وهي مؤنثة ولا واحد لها من لفظها‏.‏
وجواب الشرط في قوله‏:‏ ‏(‏إذا مر‏)‏ محذوف ويفسره قوله‏:‏ ‏(‏يأخذ‏)‏ ، أو التقدير يستحب لمن معه نبل أنه يأخذ إلخ‏.‏
وسفيان المذكور في الإسناد هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار‏.‏
ولم يذكر قتيبة في هذا السياق جواب عمرو عن استفهام سفيان، كذا في أكثر الروايات، وحكي عن رواية الأصيلي أنه ذكره في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ ولم أره فيها‏.‏
وقد ذكره غير قتيبة أخرجه المصنف في الفتن عن علي بن عبد الله عن سفيان مثله وقال في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ ورواه مسلم من وجه آخر عن سفيان عن عمرو بغير سؤال ولا جواب، لكن سياق المصنف يفيد تحقق الاتصال فيه، وقد أخرجه الشيخان من غير طريق سفيان أيضا أخرجاه من طريق حماد بن زيد عن عمرو ولفظه ‏"‏ أن رجلا مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها، فأمر أن يأخذ بنصولها كي لا تخدش مسلما ‏"‏ وليس في سياق المصنف ‏"‏ كي‏"‏‏.‏
وأفادت رواية سفيان تعيين الآمر المبهم في رواية حماد، وأفادت رواية حماد بيان علة الأمر بذلك‏.‏
ولمسلم أيضا من طريق أبي الزبير عن جابر أن المار المذكور كان يتصدق بالنبل في المسجد، ولم أقف على اسمه إلى الآن‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال ابن بطال‏:‏ حديث جابر لا يظهر فيه الإسناد لأن سفيان لم يقل إن عمرا قال له نعم‏.‏
قال‏:‏ ولكن ذكره البخاري في غير كتاب الصلاة وزاد في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ فبان بقوله نعم إسناد الحديث‏.‏
قلت‏:‏ هذا مبني على المذهب المرجوح في اشتراط قول الشيخ ‏"‏ نعم ‏"‏ إذا قال له القارئ مثلا‏:‏ أحدثك فلان‏؟‏ والمذهب الراجح الذي عليه أكثر المحققين - ومنهم البخاري - أن ذلك لا يشترط، بل يكتفى بسكوت الشيخ إذا كان متيقظا، وعلى هذا فالإسناد في حديث جابر ظاهر والله أعلم‏.‏
وفي الحديث إشارة إلى تعظيم قليل الدم كثيرة، وتأكيد حرمة المسلم، وجواز إدخال السلاح المسجد‏.‏
وفي الأوسط للطبراني من حديث أبي سعيد قال ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقليب السلاح في المسجد ‏"‏ والمعنى فيه ما تقدم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المرور في المسجد‏)‏ أي جوازه، وهو مستنبط من حديث الباب من جهة الأولوية، فإن قيل‏:‏ ما وجه تخصيص حديث أبي موسى بترجمة المرور، وحديث جابر بترجمة الأخذ بالنصال، مع أن كلا من الحديثين يدل على كل من الترجمتين‏؟‏ أجيب باحتمال أن يكون ذلك بالنظر إلى لفظ المتن، فإن حديث جابر ليس فيه ذكر المرور من لفظ الشارع، بخلاف حديث أبي موسى فإن فيه لفظ المرور مقصودا حيث جعل شرطا ورتب عليه الحكم، وهذا بالنظر إلى اللفظ الذي وقع للمصنف على شرطه وإلا فقد رواه النسائي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ ‏"‏ إذا مر أحدكم ‏"‏ الحديث‏.‏
وعبد الواحد المذكور في الإسناد هو ابن زياد، وأبو بردة بن عبد الله اسمه بريد، وشيخه هو جده أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وقد أخرجه المصنف في الفتن من طريق أبي أسامة عن بريد نحوه، وكذا أخرجه مسلم من طريقه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو أسواقنا‏)‏ هو تنويع من الشارع وليس شكا من الراوي، والباء في قوله ‏"‏ بنبل ‏"‏ للمصاحبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على نصالها‏)‏ ضمن الأخذ معنى الاستعلاء للمبالغة، أو ‏"‏ على ‏"‏ بمعنى الباء كما تقدم في طريق حماد عن عمرو، وسيأتي من طريق ثابت عن أبي بردة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يعقر‏)‏ أي لا يجرح، وهو مجزوم نظرا إلى أنه جواب الأمر، ويجوز الرفع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بكفه‏)‏ متعلق بقوله ‏"‏ فليأخذ ‏"‏ وكذا رواية الأصيلي ‏"‏ لا يعقر مسلما بكفه ‏"‏ ليس قوله بكفه متعلقا بيعقر، والتقدير‏:‏ فليأخذ بكفه على نصالها لا يعقر مسلما‏.‏
ويؤيده رواية أبي أسامة ‏"‏ فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين ‏"‏ لفظ مسلم، وله من طريق ثابت عن أبي بردة ‏"‏ فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الشعر في المسجد‏)‏ أي ما حكمه‏؟‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة‏)‏ كذا رواه شعيب، وتابعه إسحاق بن راشد عن الزهري أخرجه النسائي، ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري فقال ‏"‏ عن سعيد بن المسيب ‏"‏ بدل أبي سلمة، أخرجه المؤلف في بدء الخلق، وتابعه معمر عند مسلم وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن أمية عند النسائي، وهذا من الاختلاف الذي لا يضر، لأن الزهري من أصحاب الحديث‏.‏
فالراجح أنه عنده عنهما معا فكان يحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وهذا من جنس الأحاديث التي يتعقبها الدارقطني على الشيخين لكنه لم يذكره فليستدرك عليه‏.‏
وفي الإسناد نظر من وجه آخر، وهو على شرط التتبع أيضا، وذلك أن لفظ رواية سعيد بن المسيب ‏"‏ مر عمر في المسجد وحسان ينشد فقال‏:‏ كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك‏.‏
ثم التفت إلى أبي هريرة فقال‏:‏ أنشدك الله ‏"‏ الحديث‏.‏
ورواية سعيد لهذه القصة عندهم مرسلة، لأنه لم يدرك زمن المرور، ولكن يحمل على أن سعيدا سمع ذلك من أبي هريرة بعد أو من حسان، أو وقع لحسان استشهاد أبي هريرة مرة أخرى فحضر ذلك سعيد، ويقويه سياق حديث الباب فإن فيه أن أبا سلمة سمع حسان يستشهد أبا هريرة، وأبو سلمة لم يدرك زمن مرور عمر أيضا فإنه أصغر من سعيد، فدل على تعدد الاستشهاد، ويجوز أن يكون التفات حسان إلى أبي هريرة واستشهاده به إنما وقع متأخرا لأن ‏"‏ ثم ‏"‏ لا تدل على الفورية، والأصل عدم التعدد، وغايته أن يكون سعيد أرسل قصة المرور ثم سمع بعد ذلك استشهاد حسان لأبي هريرة وهو المقصود لأنه المرفوع، وهو موصولا بلا تردد‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يستشهد‏)‏ أي يطلب الشهادة، والمراد الإخبار بالحكم الشرعي وأطلق عليه الشهادة مبالغة في تقوية الخبر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنشدك‏)‏ بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة، أي سألتك الله، والنشد بفتح النون وسكون المعجمة التذكر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أجب عن رسول الله‏)‏ في رواية سعيد ‏"‏ أجب عني ‏"‏ فيحتمل أن يكون الذي هنا بالمعنى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أيده‏)‏ أي قوه، وروح القدس المراد هنا جبريل، بدليل حديث البراء عند المصنف أيضا بلفظ ‏"‏ وجبريل معك ‏"‏ والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي الترمذي من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار، وذكر المزي في ‏"‏ الأطراف ‏"‏ أن البخاري أخرجه تعليقا نحوه، وأتم منه، لكني لم أره فيه، قال ابن بطال‏:‏ ليس في حديث الباب أن حسان أنشد شعرا في المسجد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن رواية البخاري في بدء الخلق من طريق سعيد تدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم لحسان ‏"‏ أجب عني ‏"‏ كان في المسجد، وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين‏.‏
وقال غيره‏:‏ يحتمل أن البخاري أراد أن الشعر المشتمل على الحق حق، بدليل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لحسان على شعره، وإذا كان حقا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق، ولا يمنع منه كما يمنع من غيره من الكلام الخبيث واللغو الساقط‏.‏
قلت‏:‏ والأول أليق بتصرف البخاري، وبذلك جزم المازري وقال‏:‏ إنما اختصر البخاري القصة لاشتهارها ولكونه ذكرها في موضع آخر‏.‏
انتهى‏.‏
وأما ما رواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد ‏"‏ وإسناده صحيح إلى عمرو - فمن يصحح نسخته يصححه - وفي المعنى عدة أحاديث لكن في أسانيدها مقال، فالجمع بينها وبين حديث الباب أن يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون فيه ما سلم من ذلك‏.‏
وقيل‏:‏ المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه‏.‏
وأبعد أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي وادعى النسخ في حديث الإذن ولم يوافق على ذلك حكاه ابن التين عنه، وذكر أيضا أنه طرد هذه الدعوى فيما سيأتي من دخول أصحاب الحراب المسجد وكذا دخول المشرك‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:28 PM   #209
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب أصحاب الحراب في المسجد‏)‏ الحراب بكسر المهملة جمع حربة، والمراد جواز دخولهم فيه ونصال حرابهم مشهورة، وأظن المصنف أشار إلى تخصيص الحديث السابق في النهي عن المرور في المسجد بالنصل غير مغمود، والفرق بينهما أن التحفظ في هذه الصورة وهي صورة اللعب بالحراب سهل، بخلاف مجرد المرور فإنه قد يقع بغتة فلا يتحفظ منه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ
الشرح‏:‏
قوله في الإسناد ‏(‏عن صالح‏)‏ هو ابن كيسان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد‏)‏ فيه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة‏:‏ أما القرآن فقوله تعالى ‏(‏في بيوت أذن الله أن ترفع‏)‏ وأما السنة فحديث ‏"‏ جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم‏"‏‏.‏
وتعقب بأن الحديث ضعيف، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ‏.‏
وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث، وفي بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ دعهم‏"‏‏.‏
واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو‏.‏
وقال المهلب‏:‏ المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه‏.‏
وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح، وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله، وكرم معاشرته، وفضل عائشة وعظيم محلها عنده‏.‏
وسيأتي بقية الكلام على فوائده في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في باب حجرتي‏)‏ عند الأصيلي وكريمة على باب حجرتي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يسترني بردائه‏)‏ يدل على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، ويدل على جواز نظر المرأة إلى الرجل‏.‏
وأجاب بعض من منع بأن عائشة كانت إذ ذاك صغيرة، وفيه نظر لما ذكرنا‏.‏
وادعى بعضهم النسخ بحديث ‏"‏ أفعمياوان أنتما‏؟‏ ‏"‏ وهو حديث مختلف في صحته‏.‏
وسيأتي للمسألة مزيد بسط في موضعه إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزاد إبراهيم المنذر‏)‏ يريد أن إبراهيم رواه من رواية يونس - وهو ابن يزيد - عن ابن شهاب كرواية صالح، لكن عين أن لعبهم كان بحرابهم وهو المطابق للترجمة، وفي ذلك إشارة إلى أن البخاري يقصد بالترجمة أصل الحديث لا خصوص السياق الذي يورده، ولم أقف على طريق يونس من رواية إبراهيم بن المنذر موصولة، نعم وصلها مسلم عن أبي طاهر بن السرح عن ابن وهب، ووصلها الإسماعيلي أيضا من طريق عثمان بن عمر عن يونس وفيه الزيادة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد‏)‏ مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب من قوله ‏"‏ ما بال أقوام يشترطون ‏"‏ فإن فيه إشارة إلى القصة المذكورة، وقد اشتملت على بيع وشراء وعتق وولاء‏.‏
ووهم بعض من تكلم على هذا الكتاب فقال‏:‏ ليس فيه أن البيع والشراء وقعا في المسجد، ظنا منه أن الترجمة معقودة لبيان جواز ذلك، وليس كما ظن، للفرق بين جريان ذكر الشيء والإخبار عن حكمه فإن ذلك حق وخير، وبين مباشرة العقد فإن ذلك يفضي إلى اللغط المنهي عنه، قال المازري‏:‏ واختلفوا في جواز ذلك في المسجد مع اتفاقهم على صحة العقد لو وقع‏.‏
ووقع لابن المنير في تراجمه وهم آخر، فإنه زعم أن حديث هذه الترجمة هو حديث أبي هريرة في قصة ثمامة بن أثال، وشرع يتكلف لمطابقته لترجمة البيع والشراء في المسجد، وإنما الذي في النسخ كلها في ترجمة البيع والشراء حديث عائشة، وأما حديث أبي هريرة المذكور فسيأتي بعد أربعة أبواب بترجمة أخرى، وكأنه انتقل بصره من موضع لموضع، أو تصفح ورقة فانقلبت ثنتان‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي وَقَالَ أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ قَالَ عَلِيٌّ قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ نَحْوَهُ وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن سعيد‏.‏
وللحميدي في مسنده ‏"‏ عن سفيان حدثنا يحيى‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالت أتتها‏)‏ فيه التفات إن كان فاعل قالت عائشة، ويحتمل أن يكون الفاعل عمرة فلا التفات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تسألها في كتابتها‏)‏ ضمن ‏"‏ تسأل ‏"‏ معنى تستعين، وثبت كذلك في رواية أخرى، والمراد بقولها ‏"‏ أهلك ‏"‏ مواليك، وحذف مفعول ‏"‏ أعطيت ‏"‏ الثاني لدلالة الكلام عليه، والمراد بقية ما عليها، وسيأتي تعيينه في كتاب العتق إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال سفيان مرة‏)‏ أي أن سفيان حدث به على وجهين، وهو موصول غير معلق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكرته ذلك‏)‏ كذا وقع هنا بتشديد الكاف، فقيل‏:‏ الصواب ما وقع في رواية مالك وغيره بلفظ ‏"‏ ذكرت له ذلك ‏"‏ لأن التذكير يستدعي سبق علم بذلك، ولا يتجه تخطئة هذه الرواية لاحتمال السبق أولا على وجه الإجمال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يشترطون شروطا ليس في كتاب الله‏)‏ كأنه ذكر باعتبار جنس الشرط ولفظ ‏"‏ مائة ‏"‏ للمبالغة فلا مفهوم له‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في كتاب الله‏)‏ قال الخطابي‏:‏ ليس المراد أن ما لم ينص عليه في كتاب الله فهو باطل، فإن لفظ ‏"‏ الولاء لمن أعتق ‏"‏ من قوله صلى الله عليه وسلم، لكن الأمر بطاعته في كتاب الله فجاز إضافة ذلك إلى الكتاب‏.‏
وتعقب بأن ذلك لو جاز لجازت إضافة ما اقتضاه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، والجواب عنه أن تلك الإضافة إنما هي بطريق العموم لا بخصوص المسألة المعينة، وهذا مصير من الخطابي إلى أن المراد بكتاب الله هنا القرآن، ونظير ما جنح إليه ما قاله ابن مسعود لأم يعقوب في قصة الواشمة‏:‏ مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله‏.‏
ثم استدل على كونه في كتاب الله بقوله تعالى ‏(‏وما آتاكم الرسول فخذوه‏)‏ ‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بقوله هنا ‏"‏ في كتاب الله ‏"‏ أي في حكم الله، سواء ذكر في القرآن أم في السنة‏.‏
أو المراد بالكتاب المكتوب أي في اللوح المحفوظ‏.‏
وحديث عائشة هذا في قصة بريرة قد أخرجه البخاري في مواضع أخرى من البيوع والعتق وغيرهما، واعتنى به جماعة من الأئمة فأفردوه بالتصنيف‏.‏
وسنذكر فوائده ملخصة مجموعة في كتاب العتق إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورواه مالك‏)‏ وصله في باب المكاتب عن عبد الله بن يوسف عنه، وصورة سياقه الإرسال، وسيأتي الكلام عليه هناك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال علي‏)‏ يعني ابن عبد الله المذكور أول الباب، ويحيى هو ابن سعيد القطان، وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي‏.‏
والحاصل أن علي بن عبد الله حدث البخاري عن أربعة أنفس حدثه كل منهم به عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما أفرد رواية سفيان لمطابقتها الترجمة بذكر المنير فيها، ويؤيد ذلك أن التعليق عن مالك متأخر في رواية كريمة عن طريق جعفر بن عون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرة نحوه‏)‏ يعني نحو رواية مالك، وقد وصله الإسماعيلي من طريق محمد بن بشار عن يحيى القطان وعبد الوهاب كلاهما عن يحيى بن سعيد قال ‏"‏ أخبرتني عمرة أن بريرة ‏"‏ فذكره، وليس فيه ذكر المنبر أيضا، وصورته أيضا الإرسال، لكن قال في آخره ‏"‏ فزعمت عائشة أنها ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكر الحديث، فظهر بذلك اتصاله‏.‏
وأفادت رواية جعفر بن عون التصريح بسماع يحيى من عمرة وبسماع عمرة من عائشة فأمن بذلك ما يخشى فيه من الإرسال المذكور وغيره‏.‏
وقد وصله النسائي والإسماعيلي أيضا من رواية جعفر بن عون وفيه عن عائشة قالت ‏"‏ أتتني بريرة ‏"‏ فذكر الحديث وليس فيه ذكر المنبر أيضا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:29 PM   #210
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّقَاضِي وَالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التقاضي‏)‏ أي مطالبة الغريم قضاء الدين‏.‏
‏(‏والملازمة‏)‏ أي ملازمة الغريم، و ‏(‏في المسجد‏)‏ يتعلق بالأمرين‏.‏
فإن قيل‏:‏ التقاضي ظاهر من حديث الباب دون الملازمة، أجاب بعض المتأخرين فقال‏:‏ كأنه أخذه من كون ابن أبي حدرد لزمه خصمه في وقت التقاضي، وكأنهما كانا ينتظران النبي صلى الله عليه وسلم ليفصل بينهما‏.‏
قال‏:‏ فإذا جازت الملازمة في حال الخصومة فجوازها بعد ثبوت الحق عند الحاكم أولى‏.‏
انتهى‏.‏
قلت‏:‏ والذي يظهر لي من عادة تصرف البخاري أنه أشار بالملازمة إلى ما ثبت في بعض طرقه، وهو ما أخرجه هو في باب الصلح وغيره من طريق الأعرج عن عبد الله بن كعب عن أبيه أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي مال، فلقيه فلزمه، فتكلما حتى ارتفعت أصواتهما‏.‏
ويستفاد من هذه الرواية أيضا تسمية ابن أبي حدرد وذكر نسبته‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال الجوهري وغيره‏:‏ لم يأت من الأسماء على ‏"‏ فعلع ‏"‏ بتكرير العين غير حدرد، وهو بفتح المهملة بعدها دال مهملة ساكنة ثم راء مفتوحة ثم دال مهملة أيضا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُمْ فَاقْضِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن كعب‏)‏ هو ابن مالك، أبوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏دينا‏)‏ وقع في رواية زمعة بن صالح عن الزهري أنه كان أوقيتين أخرجه الطبراني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في المسجد‏)‏ متعلق بتقاضي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فخرج إليهما‏)‏ في رواية الأعرج ‏"‏ فمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فظاهر الروايتين التخالف، وجمع بعضهم بينهما باحتمال أن يكون مر بهما أو لا ثم إن كعبا أشخص خصمه للمحاكمة فسمعهما النبي صلى الله عليه وسلم أيضا وهو في بيته‏.‏
قلت‏:‏ وفيه بعد، لأن في الطريقين أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى كعب بالوضيعة وأمر غريمه بالقضاء، فلو كان أمره صلى الله عليه وسلم بذلك تقدم لهما لما احتاج إلى الإعادة‏.‏
والأولى فيما يظهر لي أن يحمل المرور على أمر معنوي لا حسي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سجف‏)‏ بكسر المهملة وسكون الجيم وحكى فتح أوله وهو الستر، وقيل أحد طرفي الستر المفرج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أي الشطر‏)‏ بالنصب أي ضع الشطر، لأنه تفسير لقوله ‏"‏ هذا ‏"‏ والمراد بالشطر النصف وصرح به في رواية الأعرج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد فعلت‏)‏ مبالغة في امتثال الأمر‏.‏
وقوله ‏"‏قم ‏"‏ خطاب لابن أبي حدرد، وفيه إشارة إلى أنه لا يجتمع الوضيعة والتأجيل‏.‏
وفي الحديث جواز رفع الصوت في المسجد، وهو كذلك ما لم يتفاحش، وقد أفرد له المصنف بابا يأتي قريبا، والمنقول عن مالك منعه في المسجد مطلقا، وعنه التفرقة بين رفع الصوت بالعلم والخير وما لا بد منه فيجوز، وبين رفعه باللغط ونحوه فلا‏.‏
قال المهلب‏:‏ لو كان رفع الصوت في المسجد لا يجوز لما تركهما النبي صلى الله عليه وسلم ولبين لهما ذلك‏.‏
قلت‏:‏ ولمن منع أن يقول‏:‏ لعله تقدم نهيه عن ذلك فاكتفى به، واقتصر على التوصل بالطريق المؤدية إلى ترك ذلك بالصلح المقتضى لترك المخاصمة الموجبة لرفع الصوت‏.‏
وفيه الاعتماد على الإشارة إذا فهمت، والشفاعة إلى صاحب الحق، وإشارة الحاكم بالصلح وقبول الشفاعة، وجواز إرخاء الستر على الباب‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان‏)‏ أي منه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي رافع‏)‏ هو الصائغ تابعي كبير، ووهم بعض الشراح فقال‏:‏ إنه أبو رافع الصحابي‏.‏
وقال‏:‏ هو من رواية صحابي عن صحابي‏.‏
وليس كما قال فإن ثابتا البناني لم يدرك أبا رافع الصحابي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلا أسود أو امرأة سوداء‏)‏ الشك فيه من ثابت لأنه رواه عنه جماعة هكذا، أو من أبي رافع‏.‏
وسيأتي بعد باب من وجه آخر عن حماد بهذا الإسناد قال‏:‏ ولا أراه إلا امرأة ورواه ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فقال امرأة سوداء ولم يشك‏.‏
ورواه البيهقي بإسناد حسن من حديث ابن بريدة عن أبيه فسماها ‏"‏ أم محجن ‏"‏ وأفاد أن الذي أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق‏.‏
وذكر ابن منده في الصحابة ‏"‏ خرقاء امرأة سوداء كانت تقم المسجد ‏"‏ ووقع ذكرها في حديث حماد بن زيد عن ثابت عن أنس، وذكرها ابن حبان في الصحابة بذلك بدون ذكر السند، فإن كان محفوظا فهذا اسمها وكنيتها ‏"‏ أم محجن‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان يقم المسجد‏)‏ بقاف مضمومة أي يجمع القمامة وهي الكناسة‏.‏
فإن قيل‏:‏ دل الحديث على كنس المسجد فمن أين يؤخذ التقاط الخرق وما معه‏؟‏ أجاب بعض المتأخرين بأنه يؤخذ بالقياس عليه، والجامع التنظيف‏.‏
قلت‏:‏ والذي يظهر لي من تصرف البخاري أنه أشار بكل ذلك إلى ما ورد في بعض طرقه صريحا، ففي طريق العلاء المتقدمة ‏"‏ كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ‏"‏ وفي حديث بريدة المتقدم ‏"‏ كانت مولعة بلقط القذى من المسجد ‏"‏ والقذى بالقاف والذال المعجمة مقصور‏:‏ جمع قذاة، وجمع الجمع أقذية قال أهل اللغة القذى في العين والشراب ما يسقط فيه، ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان يسيرا‏.‏
وتكلف من لم يطلع على ذلك فزعم أن حكم الترجمة يؤخذ من إتيان النبي صلى الله عليه وسلم القبر حتى صلى عليه، قال‏:‏ فيؤخذ من ذلك الترغيب في تنظيف المسجد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عنه‏)‏ أي عن حاله، ومفعوله محذوف أي الناس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏آذنتموني‏)‏ بالمد أي أعلمتموني، زاد المصنف في الجنائز ‏"‏ قال فحقروا شأنه ‏"‏ وزاد ابن خزيمة في طريق العلاء ‏"‏ قالوا مات من الليل فكرهنا أن نوقظك ‏"‏ وكذا في حديث بريدة، زاد مسلم عن أبي كامل الجحدري عن حماد بهذا الإسناد في آخره ثم قال ‏"‏ إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ‏"‏ وإنما لم يخرج البخاري هذه الزيادة لأنها مدرجة في هذا الإسناد، وهي من مراسيل ثابت، بين ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد، وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب ‏"‏ بيان المدرج‏"‏، قال البيهقي‏:‏ يغلب على الظن أن هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد بن عبدة، أو من رواية ثابت عن أنس يعني كما رواه ابن منده‏.‏
ووقع في مسند أبي داود الطيالسي عن حماد بن زيد وأبي عامر الخزاز كلاهما عن ثابت بهذه الزيادة، وزاد بعدها ‏"‏ فقال رجل من الأنصار‏:‏ إن أبي - أو أخي - مات أو دفن فصل عليه‏.‏
قال فانطلق معه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏
وفي الحديث فضل تنظيف المسجد، والسؤال عن الخادم والصديق إذا غاب‏.‏
وفيه المكافأة بالدعاء، والترغيب في شهود جنائز أهل الخير، وندب الصلاة على الميت الحاضر عند قبره لمن لم يصل عليه، والإعلام بالموت‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تحريم تجارة الخمر في المسجد‏)‏ أي جواز ذكر ذلك وتبيين أحكامه، وليس مراده ما يقتضيه مفهومه من أن تحريمها مختص بالمسجد، وإنما هو على حذف مضاف، أي باب ذكر تحريم، كما تقدم نظيره في ‏"‏ باب ذكر البيع والشراء‏"‏‏.‏
وموقع الترجمة أن المسجد منزه عن الفواحش فعلا وقولا، لكن يجوز ذكرها فيه للتحذير مها ونحو ذلك لها دل عليه هذا الحديث‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتْ الْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حمزة‏)‏ هو السكري، ومسلم هو ابن صبيح أبو الضحى‏.‏
وسيأتي الكلام على حديث الباب في تفسير سورة البقرة إن شاء الله تعالى‏.‏
قال القاضي عياض‏:‏ كان تحريم الخمر قبل نزول آية الربا بمدة طويلة، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بتحريمها مرة بعد أخرى تأكيدا‏.‏
قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون تحريم التجارة فيها تأخر عن وقت تحريم عينها‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:30 PM   #211
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهَا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب الخدم للمسجد‏)‏ في رواية كريمة ‏"‏ الخدم في المسجد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏)‏ هذا التعليق وصله ابن أبي حاتم بمعناه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏محررا‏)‏ أي معتقا، والظاهر أنه كان في شرعهم صحة النذر في أولادهم، وكأن غرض البخاري الإشارة بإيراد هذا إلى أن تعظيم المسجد بالخدمة كان مشروعا عند الأمم السالفة حتى أن بعضهم وقع منه نذر ولده لخدمته‏.‏
ومناسبة ذلك لحديث الباب من جهة صحة تبرع تلك المرأة بإقامة نفسها لخدمة المسجد لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لها على ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا امْرَأَةً فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد بن واقد‏)‏ واقد جده، واسم أبيه عبد الملك، وشيخه حماد هو ابن زيد، ورجاله إلى أبي هريرة بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا أراه‏)‏ بضم الهمزة، أي أظنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي الذي تقدم قبل بباب‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْأَسِيرِ أَوْ الْغَرِيمِ يُرْبَطُ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الأسير أو الغريم‏)‏ كذا للأكثر بأو، وهي للتنويع‏.‏
وفي رواية ابن السكن وغيره ‏"‏ والغريم ‏"‏ بواو العطف‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا روح‏)‏ هو ابن عبادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تفلت‏)‏ بالفاء وتشديد اللام أي تعرض لي فلتة، أي بغته‏.‏
وقال القزاز‏:‏ يعني توثب‏.‏
وقال الجوهري‏:‏ أفلت الشيء فانفلت وتفلت بمعنى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏البارحة‏)‏ قال صاحب المنتهى‏:‏ كل زائل بارح، ومنه سميت البارحة‏.‏
وهي أدنى ليلة زالت عنك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو كلمة نحوها‏)‏ قال الكرماني‏:‏ الضمير راجع إلى البارحة أو إلى جملة تفلت على البارحة‏.‏
قلت‏:‏ رواه شبابة عن شعبة بلفظ ‏"‏ عرض لي فشد علي ‏"‏ أخرجه المصنف في أواخر الصلاة‏.‏
وهو يؤيد الاحتمال الثاني‏.‏
ووقع في رواية عبد الرزاق ‏"‏ عرض لي في صورة هر ‏"‏ ولمسلم من حديث أبي الدرداء ‏"‏ جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ‏"‏ وللنسائي من حديث عائشة ‏"‏ فأخذته فصرعته فخنقته حتى وجدت لسانه على يدي ‏"‏ وفهم ابن بطال وغيره منه أنه كان حين عرض له غير متشكل بغير صورته الأصلية فقالوا‏:‏ إن رؤية الشيطان على صورته التي خلق عليها خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأما غيره من الناس فلا لقوله تعالى ‏(‏إنه يراكم هو وقبيله‏)‏ الآية‏.‏
وسنذكر بقية مباحث هذه المسألة في ‏"‏ باب ذكر الجن ‏"‏ حيث ذكره المؤلف في بدء الخلق، ويأتي الكلام على بقية فوائد حديث الباب في تفسير سورة ‏"‏ص‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏رب اغفر لي وهب لي‏)‏ كذا في رواية أبي ذر، وفي بقية الروايات هنا رب هب لي‏.‏
قال الكرماني‏:‏ لعله ذكره على طريق الاقتباس لا على قصد التلاوة‏.‏
قلت‏:‏ ووقع عند مسلم كما في رواية أبي ذر على نسق التلاوة، فالظاهر أنه تغيير من بعض الرواة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال روح فرده‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم رد العفريت ‏(‏خاسئا‏)‏ أي مطرودا‏.‏
وظاهره أن هذه الزيادة في رواية روح دون رفيقه محمد بن جعفر، لكن أخرجه المصنف في أحاديث الأنبياء عن محمد ابن بشار عن محمد بن جعفر وحده، وزاد في آخره أيضا ‏"‏ فرده خاسئا‏"‏، ورواه مسلم من طريق النضر عن شعبة بلفظ ‏"‏ فرده الله خاسئا‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الِاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ وَرَبْطِ الْأَسِيرِ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضا في المسجد‏)‏ هكذا في أكثر الروايات، وسقط للأصيلي وكريمة قوله ‏"‏ وربط الأسير الخ‏"‏، وعند بعضهم ‏"‏ باب ‏"‏ بلا ترجمة، وكأنه فصل من الباب الذي قبله، ويحتمل أن يكون بيض للترجمة فسد بعضهم البياض بما ظهر له، ويدل عليه أن الإسماعيلي ترجم عليه ‏"‏ باب دخول المشرك المسجد ‏"‏ وأيضا فالبخاري لم تجر عادته بإعادة لفظ الترجمة عقب الأخرى، والاغتسال إذا أسلم لا تعلق له بأحكام المساجد إلا على بعد، وهو أن يقال‏:‏ الكافر جنب غالبا والجنب ممنوع من المسجد إلا لضرورة، فلما أسلم لم تبق ضرورة للبثه في المسجد جنبا فاغتسل لتسوغ له الإقامة في المسجد‏.‏
وادعى ابن المنير أن ترجمة هذا الباب ذكر البيع والشراء في المسجد‏.‏
قال‏:‏ ومطابقتها لقصة ثمامة أن من تخيل منع ذلك أخذه من عموم قوله ‏"‏ إنما بنيت المساجد لذكر الله ‏"‏ فأراد البخاري أن هذا العموم مخصوص بأشياء غير ذلك منها ربط الأسير في المسجد، فإذا جاز ذلك للمصلحة فكذلك يجوز البيع والشراء للمصلحة في المسجد‏.‏
قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه من التكلف، وليس ما ذكره من الترجمة مع ذلك في شيء من نسخ البخاري هنا، وإنما تقدمت قبل خمسه أبواب لحديث عائشة في قصة بريرة، ثم قال‏:‏ فإن قيل إيراد قصة ثمامة في الترجمة التي قبل هذه وهي ‏"‏ باب الأسير يربط في المسجد ‏"‏ أليق فالجواب أنه يحتمل أن البخاري آثر الاستدلال بقصة العفريت على قصة ثمامة، لأن الذي هم بربط العفريت هو النبي صلى الله عليه وسلم، والذي تولى ربط ثمامة غيره، وحيث رآه مربوطا قال ‏"‏ أطلقوا ثمامة ‏"‏ قال فهو بأن يكون إنكارا لربطه أولى من أن يكون تقريرا‏.‏
انتهى‏.‏
وكأنه لم ينظر سياق هذا الحديث تاما لا في البخاري ولا في غيره، فقد أخرجه البخاري في أواخر المغازي من هذا الوجه بعينه مطولا وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مر على ثمامة ثلاث مرات وهو مربوط في المسجد، وإنما أمر بإطلاقه في اليوم الثالث، وكذا أخرجه مسلم غيره، وصرح ابن إسحاق في المغازي من هذا الوجه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بربطه، فبطل ما تخيله ابن المنير، وإني لأتعجب منه كيف جوز أن الصحابة يفعلون في المسجد أمرا لا يرضاه رسول صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فهو كلام فاسد، مبني على فاسد، فالحمد لله على التوفيق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان شريح يأمر الغريم أن يحبس‏)‏ قال ابن مالك‏:‏ فيه وجهان، أحدهما أن يكون الأصل يأمر بالغريم، وأن يحبس بدل اشتمال، ثم حذفت الباء‏.‏
ثانيهما أن معنى قوله ‏"‏ أن يحبس ‏"‏ أي ينحبس، فجعل المطاوع موضع المطاوع لاستلزامه إياه‏.‏
انتهى‏.‏
والتعليق المذكور في رواية الحموي دون رفقته، وقد وصله معمر عن أيوب عن ابن سيربن قال ‏"‏ كان شريح إذا قضى على رجل بحق أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم بما عليه، فإن أعطى الحق وإلا أمر به إلى السجن‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏خيلا‏)‏ أي فرسانا، والأصل أنهم كانوا رجالا على خيل، وثمامة بمثلثة مضمومة وأثال بضم الهمزة بعدها مثلثة خفيفة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلى نخل‏)‏ في أكثر الروايات بالخاء المعجمة، وفي النسخة المقروءة على أبي الوقت بالجيم، وصوبها بعضهم‏.‏
وقال‏:‏ والنجل الماء القليل النابع وقيل الجاري‏.‏
قلت‏:‏ ويؤيد الرواية الأولى أن لفظ ابن خزيمة في صحيحه في هذا الحديث ‏"‏ فانطلق إلى حائط أبي طلحة ‏"‏ سيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث حيث أورده المصنف تاما إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:31 PM   #212
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْخَيْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الخيمة في المسجد‏)‏ أي جواز ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ فِيهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زكريا بن يحيى‏)‏ هو البلخي اللؤلؤي وكان حافظا، وفي شيوخ البخاري زكريا بن يحيى أبو السكين، وقد شارك البلخي في بعض شيوخه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أصيب سعد‏)‏ أي ابن معاذ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الأكحل‏)‏ هو عرق في اليد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏خيمة في المسجد‏)‏ أي لسعد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلم يرعهم‏)‏ أي يفزعهم، قال الخطابي‏:‏ المعنى أنهم بينما هم في حال طمأنينة حتى أفزعتهم روية الدم فارتاعوا له‏.‏
وقال غيره‏:‏ المراد بهذا اللفظ السرعة لا نفس الفزع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وفي المسجد خيمة‏)‏ هذه الجملة معترضة بين الفعل والفاعل، والتقدير‏:‏ فلم يرعهم إلا الدم، والمعنى فراعهم الدم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من قبلكم‏)‏ بكسر القاف، أي من جهتكم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يغذو‏)‏ غين وذال معجمتين، أي يسيل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فمات فيها‏)‏ أي في الخيمة، أو في تلك المرضة‏.‏
وفي رواية المستملي والكشميهني ‏"‏ فمات منها ‏"‏ أي الجراحة‏.‏
وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في كتاب المغازي حيث أورده المؤلف هناك بأتم من هذا السياق‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إدخال البعير في المسجد للعلة‏)‏ أي للحاجة، وفهم منه بعضهم أن المراد بالعلة الضعف فقال هو ظاهر في حديث أم سلمة دون حديث ابن عباس، ويحتمل أن يكون المصنف أشار بالتعليق المذكور إلى ما أخرجه أبو داود من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته، وأما اللفظ المعلق فهو موصول عند المصنف كما سيأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
ويأتي أيضا قول جابر ‏"‏ أنه إنما طاف على بعيره ليراه الناس وليسألوه ‏"‏ ويأتي الكلام على حديث أم سلمة أيضا في الحج، وهو ظاهر فيما ترجم له، ورجال إسناده مدنيون، وفيه تابعيان محمد وعروة، وصحابيتان زينب وأمها أم سلمة‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ في هذا الحديث جواز دخول الدواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك لأن بولها لا ينجسه، بخلاف غيرها من الدواب‏.‏
وتعقب بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز مع ‏[‏عدم‏]‏ الحاجة، بل ذلك دائر على التلويث وعدمه، فحيث يخشى التلويث يمتنع الدخول‏.‏
وقد قيل إن ناقته صلى الله عليه وسلم كانت منوقة، أي مدربة معلمة فيؤمن منها ما يحذر من التلويث وهي سائرة فيحتمل أن يكون بعير أم سلمة كان كذلك‏.‏
والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الخوخة والممر في المسجد‏)‏ الخوخة باب صغير قد يكون بمصراع وقد لا يكون، وإنما أصلها فتح في حائط، قاله ابن قرقول‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنْ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْعَبْدَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد‏)‏ هكذا في أكثر الروايات، وسقط في رواية الأصيلي عن أبي زيد ذكر بسر بن سعيد فصار عن عبيد بن حنين عن أبي سعيد، وهو صحيح في نفس الأمر لكن محمد بن سنان إنما حدث به كالذي وقع في بقية الروايات، فقد نقل ابن السكن عن الفربري عن البخاري أنه قال‏:‏ هكذا حدث به محمد بن سنان، وهو خطأ، وإنما هو عن عبيد بن حنين وعن بسر بن سعيد يعني بواو العطف، فعلى هذا يكون أبو النضر سمعه من شيخين حدثه كل منهما به عن أبي سعيد، وقد رواه مسلم كذلك عن سعيد بن منصور عن فليح عن أبي النضر عن عبيد وبسر جميعا عن أبي سعيد وتابعه يونس ابن محمد عن فليح أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عنه، ورواه أبو عامر العقدي عن فليح عن أبي النضر عن بسر وحده، أخرجه المصنف في مناقب أبي بكر، فكأن فليحا كان يجمعهما مرة ويقتصر مرة على أحدهما‏.‏
وقد رواه مالك عن أبي النضر عن عبيد وحده عن أبي سعيد أخرجه المصنف أيضا في الهجرة، وهذا مما يقوى أن الحديث عند أبي النضر عن شيخين، ولم يبق إلا أن محمد بن سنان أخطأ في حذف الواو العاطفة مع احتمال أن يكون الخطأ من فليح حال تحديثه له به، ويؤيد هذا الاحتمال أن المعافي بن سليمان الحراني رواه عن فليح كرواية محمد بن سنان، وقد نبه المصنف على أن حذف الواو خطأ فلم يبق للاعتراض عليه سبيل، قال الدارقطني‏:‏ رواية من رواه عن أبي النضر عن عبيد عن بسر غير محفوظة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن يكن الله خير عبدا‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ إن يكن لله عبد خير ‏"‏ والهمزة في ‏"‏ إن ‏"‏ مكسورة على أنها شرطية، وجوز ابن التين فتحها على أنها تعليلية وفيه نظر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن أمن الناس‏)‏ قال النووي‏:‏ قال العلماء معناه أكثرهم جودا لنا بنفسه وماله، وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة، لأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ هو من الامتنان، والمراد أن أبا بكر له من الحقوق ما لو كان لغيره نظيرها لامتن بها، يؤيده قوله في رواية ابن عباس ‏"‏ ليس أحد أمن على‏"‏، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولكن أخوة الإسلام‏)‏ كذا للأكثر وللأصيلي ‏"‏ ولكن خوة الإسلام ‏"‏ بحذف الألف كأنه نقل حركة الهمزة إلى النون وحذف الهمزة، فعلى هذا يجوز ضم نون لكن كما قاله ابن مالك، وخبر هذه الجملة محذوف، والتقدير أفضل كما وقع في حديث ابن عباس الذي بعده ‏"‏ ولكن فيه خلة الإسلام ‏"‏ ويأتي ما في ذلك من الإشكال وبيانه في كتاب المناقب إن شاء الله تعالى‏.‏
وبين حديث ابن عباس أيضا أن ذلك كان في مرض موته صلى الله عليه وسلم، وذلك لما أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فلذلك استثنى خوخته بخلاف غيره، وقد قيل‏:‏ إن ذلك من جملة الإشارات إلى استخلافه كما سيأتي أيضا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏غير خوخة أبي بكر‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ إلا ‏"‏ بدل غير‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْأَبْوَابِ وَالْغَلَقِ لِلْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَا عَبْدَ الْمَلِكِ لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الأبواب والغلق‏)‏ بفتح المعجمة واللام، أي ما يغلق به الباب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال لي عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، وسفيان هو ابن عيينة، وعبد الملك هو اسم ابن جريج‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏لو رأيت‏)‏ محذوف الجواب وتقديره‏:‏ لرأيت عجبا أو حسنا، لإتقانها أو نظافتها ونحو ذلك‏.‏
وهذا السياق يدل على أنها في ذلك الوقت كانت قد اندرست‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ ثُمَّ أَغْلَقَ الْبَابَ فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلَالًا فَقَالَ صَلَّى فِيهِ فَقُلْتُ فِي أَيٍّ قَالَ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالا حدثنا حماد بن زيد‏)‏ لم يقل الأصيلي ‏"‏ ابن زيد‏"‏، وسيأتي الكلام على حديث ابن عمر هذا في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ الحكمة في غلق الباب حينئذ لئلا يظن الناس أن الصلاة فيه سنة فيلتزمون ذلك، كذا قال‏.‏
ولا يخفى ما فيه‏.‏
وقال غيره‏:‏ يحتمل أن يكون ذلك لئلا يزدحموا عليه، لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه، أو ليكون ذلك أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه‏.‏
وإنما أدخل معه عثمان لئلا يظن أنه عزل عن ولاية الكعبة، وبلالا وأسامة لملازمتهما خدمته‏.‏
وقيل‏:‏ فائدة ذلك التمكن من الصلاة في جميع جهاتها، لأن الصلاة إلى جهة الباب وهو مفتوح لا تصح‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:32 PM   #213
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب دخول المشرك المسجد‏)‏ هذه الترجمة ترد على الإسماعيلي حيث ترجم بها فيما مضى بدل ترجمة الاغتسال إذا أسلم، وقد يقال إن في هذه الترجمة بالنسبة إلى ترجمة ‏"‏ الأسير يربط في المسجد ‏"‏ تكرارا، لأن ربطه فيه يستلزم إدخاله‏.‏
لكن يجاب عن ذلك بأن هذا أعم من ذاك، وقد اختصر المصنف الحديث مقتصرا على المقصود منه، وسيأتي تاما في المغازي‏.‏
وفي دخول المشرك المسجد مذاهب‏:‏ فعن الحنفية الجواز مطلقا، وعن المالكية والمزني المنع مطلقا، وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره للآية‏.‏
وقيل‏:‏ يؤذن للكتابي خاصة، وحديث الباب يرد عليه، فإن ثمامة ليس من أهل الكتاب‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع الصوت في المسجد‏)‏ أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك، فقد كرهه مالك مطلقا سواء كان في العلم أم في غيره، وفرق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني أو نفع دنيوي وبين ما لا فائدة فيه، وساق البخاري في الباب حديث عمر الدال على المنع، وحديث كعب الدال على عدمه، إشارة منه إلى أن المنع قيما لا منفعة فيه وعدمه فيما تلجئ الضرورة إليه‏.‏
وقد تقدم البحث فيه في باب التقاضي‏.‏
ووردت أحاديث في النهي عن رفع الصوت في المساجد، لكنها ضعيفة أخرج ابن ماجه بعضها، فكأن المصنف أشار إليها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ فَجِئْتُهُ بِهِمَا قَالَ مَنْ أَنْتُمَا أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا قَالَا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ الجعد بن أوس ‏"‏ وهو هو، فإن اسمه الجعد وقد يصغر، وهو ابن عبد الرحمن بن أوس، فقد ينسب إلى جده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني بزيد بن خصيفة‏)‏ هو ابن عبد الله بن خصيفة نسب إلى جده، وروى حاتم بن إسماعيل هذا الحديث عن الجعيد عن السائب بلا واسطة، أخرجه الإسماعيلي، والجعيد صح سماعه من السائب كما تقدم في الطهارة، فليس هذا الاختلاف قادحا، وعند عبد الرزاق له طريق أخرى عن نافع قال ‏"‏ كان عمر يقول لا تكثروا اللغط‏.‏
فدخل المسجد فإذا هو برجلين قد ارتفعت أصواتهما‏.‏
فقال‏:‏ إن مسجدنا هذا لا يرفع فيه الصوت ‏"‏ الحديث‏.‏
وفيه انقطاع، لأن نافعا لم يدرك ذلك الزمان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كنت قائما في المسجد‏)‏ كذا في الأصول بالقاف‏.‏
وفي رواية ‏"‏ نائما ‏"‏ بالنون‏.‏
ويؤيده رواية حاتم عن الجعيد بلفظ ‏"‏ كنت مضطجعا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فحصبني‏)‏ أي رماني بالحصباء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإذا عمر‏)‏ الخبر محذوف تقديره قائم أو نحوه، ولم أقف على تسمية هذين الرجلين، لكن في رواية عبد الرزاق أنهما ثقفيان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لو كنتما‏)‏ يدل على أنه كان تقدم نهيه عن ذلك، وفيه المعذرة لأهل الجهل بالحكم إذا كان مما يخفى مثله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لأوجعتكما‏)‏ زاد الإسماعيلي ‏"‏ جلدا‏"‏‏.‏
ومن هذه الجهة يتبين كون هذا الحديث له حكم الرفع، لأن عمر لا يتوعدهما بالجلد إلا على مخالفة أمر توقيفي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ترفعان‏)‏ هو جواب عن سؤال مقدر كأنهما قالا له‏:‏ لم توجعنا‏؟‏ قال‏:‏ لأنكما ترفعان‏.‏
وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ برفعكما أصواتكما ‏"‏ وهو يؤيد ما قدرناه‏.‏
وقد تقدم توجيه جمع أصواتكما في حديث ‏"‏ يعذبان في قبورهما‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ قَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ فَاقْضِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد‏)‏ في رواية أبي علي الشبوب عن الفربري ‏"‏ حدثنا أحمد بن صالح ‏"‏ وبذلك جزم ابن السكن، وقد تقدم الكلام على حديث كعب في ‏"‏ باب التقاضي ‏"‏ قبل عشرة أبواب أو نحوها‏.‏
وقوله هنا ‏"‏ حتى سمعها ‏"‏ في رواية الأصيلي ‏"‏ سمعهما‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الحلق‏)‏ بفتح المهملة ويجوز كسرها واللام مفتوحة على كل حال‏:‏ جمع حلقة بإسكان اللام على غير قياس وحكى فتحها أيضا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ قَالَ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد الله‏)‏ هو ابن عمر العمري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سأل رجل‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما ترى‏)‏ أي ما رأيك‏؟‏ من الرأي، ومن الرؤية بمعنى العلم، و ‏(‏مثنى مثنى‏)‏ بغير تنوين أي اثنتين اثنتين، وكرر تأكيدا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأوترت‏)‏ بفتح الراء، أي تلك الواحدة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنه كان يقول‏)‏ بكسر الهمزة على الاستئناف، وقائل ذلك هو نافع، والضمير لابن عمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالليل‏)‏ هي في رواية الكشميهني والأصيلي فقط‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَقَالَ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ
الشرح‏:‏
قوله في طريق أيوب عن نافع ‏(‏توتر‏)‏ بالجزم جوابا للأمر، وبالرفع على الاستئناف، وزاد الكشميهني والأصيلي ‏"‏ لك‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال الوليد بن كثير‏)‏ هذا التعليق وصله مسلم من طريق أبي أسامة عن الوليد، وهو بمعنى حديث نافع عن ابن عمر، وسيأتي الكلام على ذلك مفصلا في كتاب الوتر إن شاء الله تعالى‏.‏
وأراد البخاري بهذا التعليق بيان أن ذلك كان في المسجد ليتم له الاستدلال لما ترجم له‏.‏
وقد اعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ ليس فيما ذكر دلالة على الحلق ولا على الجلوس في المسجد بحال‏.‏
وأجيب بأن كونه كان في المسجد صريح من هذا المعلق، وأما التحلق فقال المهلب‏:‏ شبه البخاري جلوس الرجال في المسجد حول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب بالتحلق حول العالم، لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم لا يكون في المسجد وهو على المنبر إلا وعنده جمع جلوس محدقين به كالمتحلقين، والله أعلم‏.‏
وقال غيره‏:‏ حديث ابن عمر يتعلق بأحد ركني الترجمة وهو الجلوس، وحديث أبي واقد يتعلق بالركن الآخر وهو التحلق‏.‏
وأما ما رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة قال ‏"‏ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهم حلق فقال‏:‏ مالي أراكم عزين ‏"‏ فلا معارضة بينه وبين هذا، لأنه إنما كره تحلقهم على ما لا فائدة فيه ولا منفعة بخلاف تحلقهم حوله فإنه كان لسماع العلم والتعلم منه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد‏)‏ زاد في العلم ‏"‏ والناس معه ‏"‏ وهو أصرح فيما ترجم له‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرأي فرجة‏)‏ زاد في العلم ‏"‏ في الحلقة ‏"‏ وزادها الأصيلي والكشميهني أيضا في هذه الرواية، وقد تقدم الكلام على فوائده في كتاب العلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الِاسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الاستلقاء في المسجد‏)‏ زاد في نسخة الصغاني ‏"‏ ومد الرجل‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن مسلمة‏)‏ هو القعنبي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عمه‏)‏ هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واضعا إحدى رجليه على الأخرى‏)‏ قال الخطابي‏:‏ فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمن ذلك‏.‏
قلت‏:‏ الثاني أولى من ادعاء النسخ لأنه لا يثبت بالاحتمال، وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين، وجزم ابن بطال ومن تبعه بأنه منسوخ‏.‏
وقال المازري‏:‏ إنما بوب على ذلك لأنه وقع في كتاب أبي داود وغيره، لا في الكتب الصحاح، النهي عن أن يضع إحدى رجليه على الأخرى، لكنه عام لأنه قول يتناول الجميع، واستلقاؤه في المسجد فعل قد يدعي قصره عليه فلا يؤخذ منه الجواز، لكن لما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دل على أنه ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم، بل هو جائز مطلقا، فإذا تقرر هذا صار بين الحديثين تعارض، فيجمع بينهما، فذكر نحو ما ذكره الخطابي‏.‏
وفي قوله عن حديث النهي ‏"‏ ليس في الكتب الصحاح ‏"‏ إغفال، فإن الحديث عند مسلم في اللباس من حديث جابر‏.‏
وفي قوله ‏"‏ فلا يؤخذ منه الجواز ‏"‏ نظر لأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس لما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال الخطابي‏:‏ وفيه جواز الاتكاء في المسجد والاضطجاع وأنواع الاستراحة‏.‏
وقال الداودي‏:‏ فيه أن الأجر الوارد للابث في المسجد لا يختص بالجالس بل يحصل للمستلقي أيضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب‏)‏ هو معطوف على الإسناد المذكور، وقد صرح بذلك أبو داود في روايته عن القعنبي، وهو كذلك في الموطأ، وقد غفل عن ذلك من زعم أنه معلق‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:33 PM   #214
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس‏)‏ قال المازري‏:‏ بناء المسجد في ملك المرء جائز بالإجماع‏.‏
وفي غير ملكه ممتنع بالإجماع، وفي المباحات حيث لا يضر بأحد جائز أيضا، لكن شذ بعضهم فمنعه، لأن مباحات الطرق موضوعة لانتفاع الناس، فإذا بنى بها مسجد منع انتفاع بعضهم، فأراد البخاري الرد على هذا القائل واستدل بقصة أبي بكر، لكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره‏.‏
قلت‏:‏ والمنع المذكور مروي عن ربيعة، ونقله عبد الرزاق عن علي وابن عمر، لكن بإسنادين ضعيفين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبه قال الحسن‏)‏ يعني أن المذكورين ورد التصريح عنهم بهذه المسألة، وإلا فالجمهور على ذلك كما تقدم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأخبرني عروة‏)‏ هو معطوف على مقدر، والمراد بأبوي عائشة أبو بكر وأم رومان، وهو دال على تقدم إسلام أم رومان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم بدا لأبي بكر‏)‏ اختصر المؤلف المتن هنا، وقد ساقه في كتاب الهجرة مطولا بهذا الإسناد فذكر بعد قوله ‏"‏ وعشية ‏"‏ وقبل قوله ‏"‏ ثم بدا ‏"‏ قصة طويلة في خروج أبي بكر عن مكة ورجوعه في جوار ابن الدغنة واشتراطه عليه أن لا يستعلن بعبادته، فعند فراغ القصة قال ‏"‏ ثم بدا لأبي بكر ‏"‏ أي ظهر له رأى فبنى مسجدا، فذكر باقي القصة مطولا كما سيأتي الكلام عليه مبسوطا هناك إن شاء الله تعالى‏.‏
ولم يجد بعض المتأخرين - حيث شرح جميع الحديث هنا - مع أنه لم يقع منه هنا سوى قدر يسير، وقد اشتمل من فضائل الصديق على أمور كثيرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ
وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمْ الْبَابُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في مسجد السوق‏)‏ ولغير أبي ذر ‏"‏ مساجد‏"‏‏.‏
موقع الترجمة الإشارة إلى أن الحديث الوارد في أن الأسواق شر البقاع وأن المساجد خير البقاع كما أخرجه البزار وغيره لا يصح إسناده، ولو صح لم يمنع وضع المسجد في السوق لأن بقعة المسجد حينئذ تكون بقعة خير‏.‏
وقيل‏:‏ المراد بالمساجد في الترجمة مواضع إيقاع الصلاة لا الأبنية الموضوعة لذلك، فكأنه قال‏:‏ باب الصلاة في مواضع الأسواق ولا يخفى بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وصلى ابن عون‏)‏ كذا في جميع الأصول، وصحفه ابن المنير فقال‏:‏ وجه مطابقة الترجمة لحديث ابن عمر - مع كونه لم يصل في سوق - أن المصنف أراد أن يبين جواز بناء المسجد داخل السوق لئلا يتخيل متخيل من كونه محجورا منع الصلاة فيه لأن صلاة ابن عمر كانت في دار تغلق عليهم فلم يمنع التحجير اتخاذ المسجد‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لعل غرض البخاري منه الرد على الحنفية حيث قالوا بامتناع اتخاذ المسجد في الدار المحجوبة عن الناس ا ه‏.‏
والذي في كتب الحنفية الكراهة لا التحريم، وظهر بحديث أبي هريرة أن الصلاة في السوق مشروعة، وإذا جازت الصلاة فيه فرادى كان أولى أن يتخذ فيه مسجد للجماعة، أشار إليه ابن بطال‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ وَتُصَلِّي يَعْنِي عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ
الشرح‏:‏
حديث أبي هريرة الذي ساقه المصنف هنا أخرجه بعد في ‏"‏ باب فضل صلاة الجماعة ‏"‏ ويأتي الكلام على فوائده هناك إن شاء الله تعالى‏.‏
وزاد في هذه الرواية ‏"‏ وتصلي الملائكة‏.‏
إلخ ‏"‏ وقد تقدمت في ‏"‏ باب الحدث في المسجد ‏"‏ من وجه آخر عن أبي هريرة‏.‏
قوله في هذه الرواية ‏(‏صلاة الجميع‏)‏ أي الجماعة، وتكلف من قال التقدير في الجميع، و قوله‏:‏ ‏(‏على صلاته‏)‏ أي الشخص‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإن أحدكم‏)‏ كذا للأكثر بالفاء، وللكشميهني بالموحدة وهي سببية أو للمصاحبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأحسن‏)‏ أي أسبغ الوضوء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما لم يؤذ يحدث‏)‏ كذا للأكثر بالفعل المجزوم على البدلية ويجوز بالرفع على الاستئناف، وللكشميهني ‏"‏ ما لم يؤذ يحدث فيه ‏"‏ بلفظ الجار والمجرور متعلقا بيؤذ، والمراد بالحدث الناقض للوضوء‏.‏
ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، لكن صرح في رواية أبي داود من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بالأول‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره‏)‏ أورد فيه حديث أبي موسى، وهو دال على جواز التشبيك مطلقا، وحديث أبي هريرة وهو دال على جوازه في المسجد، وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز‏.‏
ووقع في بعض الروايات قبل هذين الحديثين حديث آخر، وليس هو في أكثر الروايات ولا استخرجه الإسماعيلي ولا أبو نعيم، بل ذكره أبو مسعود في الأطراف عن رواية ابن رميح عن الفربري وحماد ابن شاكر جميعا عن البخاري قال ‏"‏ حدثنا حامد بن عمر حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عاصم بن محمد حدثنا واقد يعني أخاه، عن أبيه يعني محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر أو ابن عمرو قال‏:‏ شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه‏"‏‏.‏
قال البخاري ‏"‏ وقال عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد قال سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد عن أبيه قال‏:‏ سمعت أبي وهو يقول قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس ‏"‏ وقد ساقه الحميدي في الجمع بين الصحيحين نقلا عن أبي مسعود، وزاد هو ‏"‏ قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه ‏"‏ الحديث‏.‏
وحديث عاصم بن علي الذي علقه البخاري وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث له قال ‏"‏ حدثنا عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد عن واقد سمعت أبي يقول قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ وجه إدخال هذه الترجمة في الفقه معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك في المسجد، وقد وردت فيه مراسيل مسندة من طرق غير ثابتة ا ه‏.‏
وكأنه يشير بالمسند إلى حديث كعب بن عجرة قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة ‏"‏ أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي إسناده اختلاف ضعفه بعضهم بسببه‏.‏
وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ ‏"‏ إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه فإن التشبيك من الشيطان‏.‏
وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه ‏"‏ وفي إسناده ضعيف ومجهول‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل، وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس‏.‏
قلت‏:‏ هو في حديث أبي موسى وابن عمر كما قال، بخلاف حديث أبي هريرة‏.‏
وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدا لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية عن ذلك، أما الأولان فظاهران، وأما حديث أبي هريرة فلأن تشبيكه إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه، فهو في حكم المنصرف من الصلاة‏.‏
والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة كما قدمنا، فهي غير معارضة لحديث أبي هريرة كما قال ابن بطال‏.‏
واختلف في حكمة النهي عن التشبيك فقيل‏:‏ لكونه من الشيطان كما تقدم في رواية ابن أبي شيبة‏.‏
وقيل لأن التشبيك يجلب النوم وهو ‏[‏من‏]‏ مظان الحدث، وقيل لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف كما نبه عليه في حديث ابن عمر فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهي عنه وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين ‏"‏ ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في موضعه، ويأتي الكلام على حديث ابن عمر في كتاب الفتن، وعلى حديث أبي موسى في كتاب الأدب، وعلى حديث أبي هريرة في سجود السهو‏.‏
وسفيان هو الثوري وأبو بردة هو ابن عبد الله‏.‏
ووقع للكشميهني ‏"‏ عن بريد ‏"‏ وهو اسمه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَنَا وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَوْ ابْنِ عَمْرٍو شَبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي فَلَمْ أَحْفَظْهُ فَقَوَّمَهُ لِي وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنْ النَّاسِ بِهَذَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره‏)‏ أورد فيه حديث أبي موسى، وهو دال على جواز التشبيك مطلقا، وحديث أبي هريرة وهو دال على جوازه في المسجد، وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز‏.‏
ووقع في بعض الروايات قبل هذين الحديثين حديث آخر، وليس هو في أكثر الروايات ولا استخرجه الإسماعيلي ولا أبو نعيم، بل ذكره أبو مسعود في الأطراف عن رواية ابن رميح عن الفربري وحماد ابن شاكر جميعا عن البخاري قال ‏"‏ حدثنا حامد بن عمر حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عاصم بن محمد حدثنا واقد يعني أخاه، عن أبيه يعني محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر أو ابن عمرو قال‏:‏ شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه‏"‏‏.‏
قال البخاري ‏"‏ وقال عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد قال سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد عن أبيه قال‏:‏ سمعت أبي وهو يقول قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس ‏"‏ وقد ساقه الحميدي في الجمع بين الصحيحين نقلا عن أبي مسعود، وزاد هو ‏"‏ قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه ‏"‏ الحديث‏.‏
وحديث عاصم بن علي الذي علقه البخاري وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث له قال ‏"‏ حدثنا عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد عن واقد سمعت أبي يقول قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ وجه إدخال هذه الترجمة في الفقه معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك في المسجد، وقد وردت فيه مراسيل مسندة من طرق غير ثابتة ا ه‏.‏
وكأنه يشير بالمسند إلى حديث كعب بن عجرة قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة ‏"‏ أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي إسناده اختلاف ضعفه بعضهم بسببه‏.‏
وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ ‏"‏ إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه فإن التشبيك من الشيطان‏.‏
وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه ‏"‏ وفي إسناده ضعيف ومجهول‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل، وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس‏.‏
قلت‏:‏ هو في حديث أبي موسى وابن عمر كما قال، بخلاف حديث أبي هريرة‏.‏
وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدا لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية عن ذلك، أما الأولان فظاهران، وأما حديث أبي هريرة فلأن تشبيكه إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه، فهو في حكم المنصرف من الصلاة‏.‏
والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة كما قدمنا، فهي غير معارضة لحديث أبي هريرة كما قال ابن بطال‏.‏
واختلف في حكمة النهي عن التشبيك فقيل‏:‏ لكونه من الشيطان كما تقدم في رواية ابن أبي شيبة‏.‏
وقيل لأن التشبيك يجلب النوم وهو ‏[‏من‏]‏ مظان الحدث، وقيل لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف كما نبه عليه في حديث ابن عمر فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهي عنه وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين ‏"‏ ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في موضعه، ويأتي الكلام على حديث ابن عمر في كتاب الفتن، وعلى حديث أبي موسى في كتاب الأدب، وعلى حديث أبي هريرة في سجود السهو‏.‏
وسفيان هو الثوري وأبو بردة هو ابن عبد الله‏.‏
ووقع للكشميهني ‏"‏ عن بريد ‏"‏ وهو اسمه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ
الشرح‏:‏
و قوله‏:‏ ‏(‏يشد بعضه‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ شد ‏"‏ بلفظ الماضي‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَخَرَجَتْ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا قَصُرَتْ الصَّلَاةُ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ الصَّلَاةُ قَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ فَقَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ ثُمَّ سَلَّمَ فَيَقُولُ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ هو ابن منصور كما جزم به أبو نعيم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إحدى صلاتي العشي‏)‏ كذا للأكثر وللمستملي والحموي العشاء بالمد وهو وهم، فقد صح أنها الظهر أو العصر كما سيأتي، وابتداء العشي من أول الزوال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى‏)‏ عند الكشميهني ‏"‏ خده الأيمن ‏"‏ بدل يده اليمنى وهو أشبه لئلا يلزم التكرار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فربما سألوه‏:‏ ثم سلم‏؟‏‏)‏ أي ربما سألوا ابن سيرين هل في الحديث ‏"‏ ثم سلم فيقول نبئت الخ ‏"‏ وهذا يدل على أنه لم يسمع ذلك من عمران‏.‏
وقد بين أشعث في روايته عن ابن سيرين الواسطة بينه وبين عمران فقال ‏"‏ قال ابن سيرين حدثني خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمه أبي المهلب عن عمران بن حصين ‏"‏ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، ووقع لنا عاليا في جزء الذهلي، فظهر أن ابن سيرين أبهل ثلاثة‏.‏
وروايته عن خالد من رواية الأكابر عن الأصاغر‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:35 PM   #215
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المساجد التي على طرق المدينة‏)‏ أي في الطرق التي بين المدينة النبوية ومكة، وقوله ‏(‏والمواضع‏)‏ أي الأماكن التي تجعل مساجد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنْ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ وَسَأَلْتُ سَالِمًا فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وحدثني نافع‏)‏ القائل ذلك هو موسى بن عقبة، ولم يسق البخاري لفظ فضيل بن سليمان، بل ساق لفظ أنس بن عياض، وليس في روايته ذكر، بل ذكر نافع فقط، وقد دلت رواية فضيل على أن رواية سالم ونافع متفقتان إلا في الموضع الواحد الذي أشار إليه، وكأنه اعتمد رواية أنس بن عياض لكونه أتقن من فضيل‏.‏
ومحصل ذلك أن ابن عمر كأن يتبرك بتلك الأماكن، وتشدده في الاتباع مشهور، ولا يعارض ذلك ما ثبت عن أبيه أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان فسأل عن ذلك فقالوا‏:‏ قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ من عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض، فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا، لأن ذلك من عمر محمول على أنه كره زيارتهم لمثل ذلك بغير صلاة أو خشي أن يشكل ذلك على من لا يعرف حقيقة الأمر فيظنه واجبا، وكلا الأمرين مأمون من ابن عمر، وقد تقدم حديث عتبان وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ليتخذه مصلى وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فهو حجة في التبرك بآثار الصالحين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الْأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ يُصَلِّي فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنْ الرَّوْحَاءِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ
وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ وَقَدْ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْقُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنْ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنْ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيْ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الْأَكَمَةِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ تَدَعُ مِنْ الْأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنْ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏تحت سمرة‏)‏ أي شجرة ذات شوك، وهي التي تعرف بأم غيلان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان في تلك الطريق‏)‏ أي طريق ذي الحليفة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بطن واد‏)‏ أي وادي العقيق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فعرس‏)‏ بمهملات والراء مشددة، قال الخطابي‏:‏ التعريس نزول استراحة لغير إقامة، وأكثر ما يكون في آخر الليل، وخصه بذلك الأصمعي وأطلق أبو زيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على الأكمة‏)‏ هو الموضع المرتفع على ما حوله، وقيل هو تل من حجر واحد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان ثم خليج‏)‏ كرر لفظ ‏"‏ ثم ‏"‏ في هذه القصة، وهو بفتح المثلثة والمراد به الجهة، والخليج واد له عمق، والكثب بضم الكاف والمثلثة جمع كثيب وهو رمل مجتمع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فدحا‏)‏ بالحاء المهملة أي دفع‏.‏
وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فدخل ‏"‏ بالخاء المعجمة واللام، ونقل بعض المتأخرين عن بعض الروايات ‏"‏ قد جاء ‏"‏ بالقاف والجيم على أنهما كلمتان حرف التحقيق والفعل الماضي من المجيء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأن عبد الله بن عمر حدثه‏)‏ أي بالإسناد المذكور إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بشرف الروحاء‏)‏ هي قوية جامعة على ليلتين من المدينة، وهي آخر السيالة للمتوجه إلى مكة، والمسجد الأوسط هو في الوادي المعروف الآن بوادي بني سالم‏.‏
وفي الآذان من صحيح مسلم أن بينهما ستة وثلاثين ميلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يعلم المكان‏)‏ بضم أوله من أعلم يعلم من العلامة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقول ثم عن يمينك‏)‏ قال القاضي عياض‏:‏ هو تصحيف، والصواب ‏"‏ بعواسج عن يمينك‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ توجيه الأول ظاهر، وما ذكره إن ثبتت به رواية فهو أولى، وقد وقع التوقف في هذا الموضع قديما فأخرجه الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ يعلم المكان الذي صلى ‏"‏ قال فيه هنا لفظة لم أضبطها ‏"‏ عن يمينك ‏"‏ الحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلي إلى العرق‏)‏ أي عرق الظبية، وهو واد معروف قاله أبو عبيد البكري، ‏(‏ومنصرف الروحاء‏)‏ بفتح الراء، أي آخرها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقد ابتنى‏)‏ بضم المثناة مبني للمفعول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سرحة ضخمة‏)‏ أي شجرة عظيمة و ‏(‏الرويثة‏)‏ بالراء والمثلثة مصغرا، قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخا‏.‏
‏(‏ووجاه الطريق‏)‏ بكسر الواو، أي مقابلة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بطح‏)‏ بفتح الموحدة وسكون الطاء وبكسرها أيضا، أي واسع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى يفضي‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي والحموي ‏"‏ حين يفضي‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏دوين بريد الرويثة بميلين‏)‏ أي بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرويثة ميلان، قيل المراد بالبريد سكة الطريق‏.‏
قوله ‏(‏فانثنى‏)‏ بفتح المثلثة مبني للفاعل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تلعة‏)‏ بفتح المثناة وسكون اللام بعدها مهملة وهي مسيل الماء من فوق إلى أسفل، ويقال أيضا لما ارتفع من الأرض ولما انهبط، و ‏(‏العرج‏)‏ بفتح المهملة وسكون الراء بعدها جيم‏:‏ قرية جامعة بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر أو أربعة عشر ميلا و ‏(‏الهضبة‏)‏ بسكون الضاد المعجمة فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل، وقيل الجبل المنبسط على الأرض، وقيل الأكمة الملساء و ‏"‏ الرضم ‏"‏ الحجارة الكبار واحدها رضمة بسكون الضاد المعجمة في الواحد والجمع، ووقع عند الأصيلي بالتحريك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عند سلمات الطريق‏)‏ أي ما يتفرع عن جوانبه، والسلمات بفتح المهملة وكسر اللام في رواية أبي ذر والأصيلي‏.‏
وفي رواية الباقين بفتح اللام، وقيل‏:‏ هي بالكسر الصخرات، وبالفتح الشجرات و ‏"‏ السرحات ‏"‏ بالتحريك جمع سرحة وهي الشجرة الضخمة كما تقدم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في مسيل دون هرشي‏)‏ المسيل المكان المنحدر، وهرشي بفتح أوله وسكون الراء بعدها شين معجمة مقصور، قال البكري هو جبل على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجحفة، وكراع هرشي طرفها، و ‏"‏ الغلوة ‏"‏ بالمعجمة المفتوحة غاية بلوغ السهم، وقيل قدر ثلثي ميل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مر الظهران‏)‏ بفتح الميم وتشديد الراء وبفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء هو الوادي الذي تسميه العامة بطن مرو بإسكان الراء بعدها واو‏.‏
قال البكري‏:‏ بينه وبين مكة ستة عشر ميلا‏.‏
وقال أبو غسان سمي بذلك لأن في بطن الوادي كتابة بعرق من الأرض أبيض هجاء ‏"‏ م ر ا ‏"‏ الميم منفصلة عن الراء، وقيل سمي بذلك لمرارة مائه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قبل المدينة‏)‏ بكسر القاف وبفتح الموحدة، أي مقابلها‏.‏
و ‏(‏الصفراوات‏)‏ بفتح المهملة وسكون الفاء جمع صفراء وهو مكان بعد مر الظهران‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ينزل بذي طوى‏)‏ بضم الطاء للأكثر وبه جزم الجوهري‏.‏
وفي رواية الحموي والمستملي ‏"‏ بذي الطوى ‏"‏ بزيادة ألف ولام قيده الأصيلي بالكسر وحكى عياض وغيره الفتح أيضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏استقبل فرضتي الجبل‏)‏ الفرضة بضم الفاء وسكون الراء بعدها ضاد معجمة‏:‏ مدخل الطريق إلى الجبل، وقيل الشق المرتفع كالشرافة، ويقال أيضا لمدخل النهر‏.‏
‏(‏تنبيهات‏)‏ ‏:‏ الأول اشتمل هذا السياق على تسعة أحاديث أخرجها الحسن بن سفيان في مسنده مفرقة من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أنس بن عياض يعيد الإسناد في كل حديث، إلا أنه لم يذكر الثالث‏.‏
وأخرج مسلم منها الحديثين الأخيرين في كتاب الحج‏.‏
الثاني‏:‏ هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجدي ذي الحليفة، والمساجد التي بالروحاء يعرفها أهل تلك الناحية‏.‏
وقد وقع في رواية الزبير بن بكار في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ له من طريق أخرى عن نافع عن ابن عمر في هذا الحديث زيادة بسط في صفة تلك المساجد‏.‏
وفي الترمذي من حديث عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم في وادي الروحاء وقال ‏"‏ لقد صلى في هذا المسجد سبعون نبيا‏"‏‏.‏
الثالث‏:‏ عرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بها، وقد قال البغوي من الشافعية‏:‏ إن المساجد - التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها - لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة‏.‏
الرابع‏:‏ ذكر البخاري المساجد التي في طرق المدينة، ولم يذكر المساجد التي كانت بالمدينة لأنه لم يقع له إسناد في ذلك على شرطه‏.‏
وقد ذكر عمر بن شبة في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ المساجد والأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مستوعبا، وروى عن أبي غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد المدينة سأل الناس - وهم يومئذ متوافرون - عن ذلك ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة ا ه‏.‏
وقد عين عمر بن شبة منها شيئا كثيرا، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر، وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفضيخ وهو شرقي مسجد قباء، ومسجد بني قريظة، ومشربة أم إبراهيم وهي شمالي مسجد بني قريظة، ومسجد بني ظفر شرقي البقيع ويعرف بمسجد البغلة، ومسجد بني معاوية ويعرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح قريب من جبل سلع، ومسجد القبلتين في بني سلمة، هكذا أثبته بعض شيوخنا، وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغوي، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:35 PM   #216
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب سترة الإمام سترة من خلفه‏)‏ أورد فيه ثلاثة أحاديث، الثاني والثالث منها مطابقان للترجمة لكونه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه أن يتخذوا سترة غير سترته، وأما الأول وهو حديث ابن عباس ففي الاستدلال به نظر لأنه ليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى سترة، وقد بوب عليه البيهقي ‏"‏ باب من صلى إلى غير سترة ‏"‏ وقد تقدم في كتاب العلم في الكلام على هذا الحديث في ‏"‏ باب متى يصح سماع الصغير ‏"‏ قول الشافعي‏:‏ إن المراد بقول ابن عباس ‏"‏ إلى غير جدار ‏"‏ أي إلى غير سترة، وذكرنا تأييد ذلك من رواية البزار‏.‏
وقال بعض المتأخرين‏:‏ قوله ‏"‏ إلى غير جدار ‏"‏ لا ينفي غير الجدار، إلا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم وعدم إنكارهم لذلك مشعر بحدوث أمر لم يعهدوه، فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار لم يكن لهذا الإخبار فائدة، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلا‏.‏
وكأن البخاري حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي في الفضاء إلا والعنزة أمامه، ثم أيد ذلك بحديثي ابن عمر وأبي جحيفة، وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة وهو قوله بعد ذكر الحربة ‏"‏ وكان يفعل ذلك في السفر ‏"‏ وقد تبعه النووي فقال في شرح مسلم في كلامه على فوائد هذا الحديث‏:‏ فيه أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏ناهزت الاحتلام‏)‏ أي قاربته، وقد ذكرت الاختلاف في قدر عمره في ‏"‏ باب تعليم الصبيان ‏"‏ من كتاب فضيلة القرآن وفي ‏"‏ باب الاختتان بعد الكبر ‏"‏ من كتاب الاستئذان‏.‏
وتوجيه الجمع بين المختلف من ذلك وبيان الراجح من الأقوال ولله الحمد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلي بالناس بمنى‏)‏ كذا قال مالك وأكثر أصحاب الزهري، ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة ‏"‏ بعرفة ‏"‏ قال النووي‏:‏ يحمل ذلك على أنهما قضيتان، وتعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث، فالحق أن قول ابن عيينة ‏"‏ بعرفة ‏"‏ شاذ‏.‏
ووقع عند مسلم أيضا من رواية معمر عن الزهري ‏"‏ وذلك في حجة الوداع أو الفتح ‏"‏ وهذا الشك من معمر لا يعول عليه، والحق أن ذلك كان في حجة الوداع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بعض الصف‏)‏ زاد المصنف في الحج من رواية ابن أخي ابن شهاب عن عمه ‏"‏ حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
وهو يعين أحد الاحتمالين اللذين ذكرناهما في كتاب العلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلم ينكر ذلك على أحد‏)‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة‏.‏
قلت‏:‏ وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معا‏.‏
ويستفاد منه أن ترك الإنكار حجة على الجواز بشرطه وهو انتفاء الموانع من الإنكار وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل، ولا يقال لا يلزم مما ذكر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك لاحتمال أن يكون الصف حائلا دون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم له لأنا نقول قد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يرى في الصلاة من ورائه كما يرى من أمامه، وتقدم أن في رواية المصنف في الحج أنه مر بين يدي بعض الصف الأول، فلم يكن هناك حائل دون الرؤية، ولو لم يرد شيء من ذلك لكان توفر دواعيهم على سؤاله صلى الله عليه وسلم عما يحدث لهم كافيا في الدلالة على اطلاعه على ذلك والله أعلم‏.‏
واستدل به على مرور الحمار لا يقطع الصلاة، فيكون ناسخا لحديث أبي ذر الذي رواه مسلم في كون مرور الحمار يقطع الصلاة، وكذا مرور المرأة والكلب الأسود‏.‏
وتعقب بأن مرور الحمار متحقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه، وقد تقدم أن ذلك لا يضر لكون الإمام سترة لمن خلفه، وأما مروره بعد أن نزل عنه فيحتاج إلى نقل‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد ‏"‏ إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ‏"‏ فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد، فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا، قال‏:‏ وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء‏.‏
وكذا نقل عياض الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة، لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أم سترتهم الإمام نفسه ا ه‏.‏
فيه نظر، لما رواه عبد الرزاق عن الحكم بن عمرو الغفاري الصحابي ‏"‏ أنه صلى بأصحابه في سفر وبين يديه سترة، فمرت حمير بين يدي أصحابه فأعاد بهم الصلاة‏"‏‏.‏
وفي رواية له أنه قال لهم ‏"‏ إنها لم تقطع صلاتي ولكن قطعت صلاتكم، فهذا يعكر على ما نقل من الاتفاق‏.‏
ولفظ ترجمة الباب ورد في حديث مرفوع رواه الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن عبد العزيز عن عاصم عن أنس مرفوعا ‏"‏ سترة الإمام سترة لمن خلفه ‏"‏ وقال‏:‏ تفرد به سويد عن عاصم ا ه‏.‏
وسويد ضعيف عندهم‏.‏
ووردت أيضا في حديث موقوف على ابن عمر أخرجه عبد الرزاق، ويظهر أثر الخلاف الذي نقله عياض فيما لو مر بين يدي الإمام أحد، فعلى قول من يقول إن سترة الإمام سترة من خلفه يضر صلاته وصلاتهم معا، وعلى قول من يقول إن الإمام نفسه سترة من خلفه يضر صلاته ولا يضر صلاتهم، وقد تقدمت بقية مباحث حديث ابن عباس في كتاب العلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ قال أبو علي الجياني‏:‏ لم أجد إسحاق هذا منسوبا لأحد من الرواة‏:‏ قلت‏:‏ وقد جزم أبو نعيم وخلف وغيرها بأنه إسحاق بن منصور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أمر بالحربة‏)‏ أي أمر خادمه بحمل الحربة، وللمصنف في العيدين من طريق الأوزاعي عن نافع ‏"‏ كان يغدو إلى المصلي والعنزة تحمل وتنصب بين يديه فيصلي إليها ‏"‏ زاد ابن ماجه وابن خزيمة والإسماعيلي ‏"‏ وذلك أن المصلي كان فضاء ليس فيه شيء يستره‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والناس‏)‏ بالرفع عطفا على فاعل فيصلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان يفعل ذلك‏)‏ أي نصب الحربة بين يديه حيث لا يكون جدار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فمن ثم‏)‏ أي فمن تلك الجهة اتخذ الأمراء الحربة يخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه، وهذه الجملة الأخيرة فصلها علي ابن مسهر من حديث ابن عمر فجعلها من كلام نافع كما أخرجه ابن ماجه، وأوضحته في كتاب ‏"‏ المدرج‏"‏‏.‏
وفي الحديث الاحتياط للصلاة وأخذ آلة دفع الأعداء لا سيما في السفر، وجواز الاستخدام وغير ذلك‏.‏
والضمير في ‏"‏ اتخذها ‏"‏ يحتمل عوده إلى الحربة نفسها أو إلى جنس الحربة، وقد روى عمر بن شبة في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ من حديث سعد القرظ ‏"‏ إن النجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حربة فأمسكها لنفسه، فهي التي يمشي بها مع الإمام يوم العيد‏"‏‏.‏
ومن طريق الليث أنه بلغه أن العنزة التي كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كانت لرجل من المشركين، فقتله الزبير بن العوام يوم أحد فأخذها منه النبي صلى الله عليه وسلم فكان ينضبها بين يديه إذا صلى‏.‏
ويحتمل الجمع بأن عنزة الزبير كانت أولا قبل حربة النجاشي‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ حديث أبي جحيفة أخرجه المصنف مطولا ومختصرا، وقد تقدم في الطهارة في ‏"‏ باب استعمال فضل وضوء الناس ‏"‏ وفي حديث ستر العورة من الصلاة في ‏"‏ باب الصلاة في الثوب الأحمر ‏"‏ وذكره أيضا هنا وبعد بابين أيضا وفي الأذان وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين وفي اللباس في موضعين، ومداره عنده على الحكم بن عتيبة وعلى عون بن أبي جحيفة كلاهما عن أبي جحيفة وعند أحدهما ما ليس عند الآخر، وقد سمعه شعبة منهما كما سيأتي واضحا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى‏)‏ بهم بالبطحاء يعني بطحاء مكة، وهو موضع خارج مكة، وهو الذي يقال له الأبطح، وكذا ذكره من رواية أبي العميس عن عون، وزاد من رواية آدم عن شعبة عن عون أن ذلك كان بالهاجرة، فيستفاد منه - كما ذكره النووي - أنه صلى الله عليه وسلم جمع حينئذ بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، ويحتمل أن يكون قوله ‏"‏ والعصر ركعتين ‏"‏ أي بعد دخول وقتها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبين يديه عنزة‏)‏ تقدم ضبطها وتفسيرها في الطهارة في حديث أنس‏.‏
وفي رواية أبي العميس ‏"‏ جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم خرج بالعنزة حتى ركزها بين يديه وأقام الصلاة ‏"‏ وأول رواية عمر بن أبي زائدة عن عون عن أبيه ‏"‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه ‏"‏ وفيها أيضا ‏"‏ وخرج في حلة حمراء مشمرا ‏"‏ وفي رواية مالك بن مغول عن عون ‏"‏ كأني أنظر إلى وبيص ساقيه ‏"‏ وبين فيها أيضا أن الوضوء الذي ابتدره الناس كان فضل الماء الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا هو في رواية شعبة عن الحكم‏.‏
وفي رواية مسلم من طريق الثوري عن عون ما يشعر بأن ذلك كان بعد خروجه من مكة بقوله ‏"‏ ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يمر بين يديه‏)‏ أي بين العنزة والقبلة لا بينه وبين العنزة، ففي رواية عمر بن أبي زائدة في باب الصلاة في الثوب الأحمر ‏"‏ ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة‏"‏‏.‏
وفي الحديث من الفوائد التماس البركة مما لامسه الصالحون، ووضع السترة للمصلي حيث يخشى المرور بين يديه والاكتفاء فيها بمثل غلظ العنزة، وأن قصر الصلاة في السفر أفضل من الإتمام لما يشعر به الخبر من مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وأن ابتداء القصر من حين مفارقة البلد الذي يخرج منه، وفيه تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه استحباب تشمير الثياب لا سيما في السفر، وكذا استصحاب العنزة ونحوها، ومشروعية الأذان في السفر كما سيأتي في الأذان، وجواز النظر إلى الساق وهو إجماع في الرجل حيث لا فتنة، وجواز لبس الثوب الأحمر، وفيه خلاف يأتي ذكره في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:36 PM   #217
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب قدركم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة‏)‏ أي من ذراع ونحوه‏.‏
‏(‏والمصلي‏)‏ بكسر اللام على أنه اسم فاعل، ويحتمل أن يكون بفتح اللام، أي المكان الذي يصلي فيه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ في رواية أبي داود والإسماعيلي ‏"‏ أخبرني أبي‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سهل‏)‏ زاد الأصيلي ‏"‏ ابن سعد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي مقامه في صلاته، وكذا هو في رواية أبي داود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبين الجدار‏)‏ ، أي جدار المسجد مما يلي القبلة، وصرح بذلك من طريق أبي غسان عن أبي حازم في الاعتصام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ممر الشاة‏)‏ بالرفع، وكان تامة، أو ممر اسم كان بتقدير قدر أو نحوه، والظرف الخبر‏.‏
وأعربه الكرماني بالنصب على أن ممر خير كان واسمها نحو قدر المسافة، قال‏:‏ والسياق يدل عليه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتْ الشَّاةُ تَجُوزُهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سلمة‏)‏ يعني ابن الأكوع وهذا ثاني ثلاثيات البخاري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان جدار المسجد‏)‏ كذا وقع في رواية مكي، ورواه الإسماعيلي من طريق أبي عاصم عن يزيد بلفظ ‏"‏ كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما تمر العنزة، فتبين بهذا السياق أن الحديث مرفوع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تجوزها‏)‏ ولبعضهم ‏"‏ أن تجوزها ‏"‏ أي المسافة، وهي ما بين المنبر والجدار‏.‏
فإن قيل‏:‏ من أين يطابق الترجمة‏؟‏ أجاب الكرماني فقال‏:‏ من حيث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم بجنب المنبر، أي ولم يكن لمسجده محراب، فتكون مسافة ما بينه وبين الجدار نظير ما بين المنبر والجدار، فكأنه قال‏:‏ والذي ينبغي أن يكون بين المصلي وسترته قدر ما كان بين منبره صلى الله عليه وسلم وجدار القبلة‏.‏
وأوضح من ذلك ما ذكره ابن رشيد أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث سهل بن سعد الذي تقدم في ‏"‏ باب الصلاة على المنبر والخشب ‏"‏ فإن فيه أنه صلى الله عليه وسلم قام على المنبر حين عمل فصلى عليه فاقتضى ذلك أن ذكر المنبر يؤخذ منه موضع قيام المصلي‏.‏
فإن قيل‏:‏ إن في ذلك الحديث أنه لم يسجد على المنبر، وإنما نزل فسجد في أصله، وبين أصل المنبر وبين الجدار أكثر من ممر الشاة، أجيب بأن أكثر أجزاء الصلاة قد حصل في أعلى المنبر، وإنما نزل عن المنبر لأن الدرجة لم تتسع لقدر سجوده فحصل به المقصود‏.‏
وأيضا فإنه لما سجد في أصل المنبر صارت الدرجة التي فوقه سترة له وهو قدر ما تقدم‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته، يعني قدر ممر الشاة، وقيل أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال ‏"‏ إن النبي صلى صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، كما سيأتي قريبا بعد خمسة أبواب‏.‏
وجمع الداودي بأن أقله ممر الشاة‏.‏
وأكثره ثلاثة أذرع‏.‏
وجمع بعضهم بأن الأول في حال القيام والقعود، والثاني في حال الركوع والسجود‏.‏
وقال ابن الصلاح‏:‏ قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع‏.‏
قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه‏.‏
وقال البغوي‏:‏ استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف‏.‏
وقد ورد الأمر بالدنو منها، وفيه بيان الحكمة في ذلك، وهو ما رواه أبو داود وغيره من حديث سهل ابن أبي حثمة مرفوعا ‏"‏ إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن مها لا يقطع الشيطان عليه صلاته‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِلَى الْحَرْبَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إلى الحربة‏)‏ ساق فيه حديث ابن عمر مختصرا، وقد تقدم قبل بباب‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏تركز‏)‏ أي تغرز في الأرض‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِلَى الْعَنَزَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إلى العنزة‏)‏ ساق فيه حديث أبي جحيفة عن آدم عن شعبة عن عون، وقد تقدم الكلام عليه أيضا‏.‏
واعترض عليه في هذه الترجمة بأن فيها تكرارا فإن العنزة هي الحربة، لكن قد قيل إن الحربة إنما يقال لها عنزة إذا كانت قصيرة ففي ذلك جهة مغايرة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏والمرأة والحمار يمرون من ورائها‏)‏ كذا ورد بصيغة الجمع، فكأنه أراد الجنس‏.‏
ويؤيده رواية ‏"‏ والناس والدواب يمرون ‏"‏ كما تقدم، أو فيه حذف تقديره وغيرهما أو المراد الحمار براكبه، وقد تقدم بلفظ ‏"‏ يمر بين يديه المرأة والحمار ‏"‏ فالظاهر أن الذي وقع هنا من تصرف الرواة‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ الصواب يمران، إذ في يمرون إطلاق صيغة الجمع على الاثنين‏.‏
وقال ابن مالك‏:‏ أعاد ضمير الذكور العقلاء على مؤنث ومذكر غير عاقل وهو مشكل، والوجه فيه أنه أراد المرأة والحمار وراكبه فحذف الراكب لدلالة الحمار عليه، ثم غلب تذكير الراكب المفهوم على تأنيث المرأة وذا العقل على الحمار‏.‏
وقد وقع الإخبار عن مذكور ومحذوف في قولهم ‏"‏ راكب البعير طريحان ‏"‏ أي البعير وراكبه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلَامٌ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ وَمَعَنَا إِدَاوَةٌ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ نَاوَلْنَاهُ الْإِدَاوَةَ
الشرح‏:‏
ساق البخاري حديث أنس، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في الطهارة‏.‏
قوله فيه ‏(‏ومعنا عكازة أو عصا عنزة‏)‏ كذا للأكثر بالمهملة والنون والزاي المفتوحات‏.‏
وفي رواية المستملي والحموي ‏"‏ أو غيره ‏"‏ بالمعجمة والياء والراء، أي سواه، أي المذكور‏.‏
والظاهر أنه تصحيف‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:38 PM   #218
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السترة بمكة وغيرها‏)‏ ساق فيه حديث أبي جحيفة عن سليمان بن حرب عن شعبة عن الحكم، والمراد منه هنا قوله ‏"‏ بالبطحاء ‏"‏ فقد قدمنا أنها بطحاء مكة‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ إنما خص مكة بالذكر دفعا لتوهم من يتوهم أن السترة قبلة، ولا ينبغي أن يكون لمكة قبلة إلا الكعبة، فلا يحتاج فيها إلى سترة‏.‏
انتهى‏.‏
والذي أظنه أنه أراد أن ينكت على ما ترجم به عبد ا الرزاق حيث قال في ‏"‏ باب لا يقطع الصلاة بمكة شيء ‏"‏ ثم أخرج عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه عن جده قال ‏"‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام ليس بينه وبينهم - أي الناس - سترة ‏"‏ وأخرجه من هذا الوجه أيضا أصحاب السنن، ورجاله موثقون إلا أنه معلول، فقد رواه أبو داود عن أحمد عن ابن عيينة قال‏:‏ كان ابن جريج أخبرنا به هكذا، فلقيت كثيرا فقال‏:‏ ليس من أبي سمعته، ولكن عن بعض أهلي عن جدي‏.‏
فأراد البخاري التنبيه على ضعف هذا الحديث وأن لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة، واستدل على ذلك بحديث أبي جحيفة، وقد قدمنا وجه الدلالة منه‏.‏
وهذا هو المعروف عند الشافعية وأن لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها‏.‏
واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة، وعن بعض الحنابلة جواز ذلك في جميع مكة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السترة بمكة وغيرها‏)‏ ساق فيه حديث أبي جحيفة عن سليمان بن حرب عن شعبة عن الحكم، والمراد منه هنا قوله ‏"‏ بالبطحاء ‏"‏ فقد قدمنا أنها بطحاء مكة‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ إنما خص مكة بالذكر دفعا لتوهم من يتوهم أن السترة قبلة، ولا ينبغي أن يكون لمكة قبلة إلا الكعبة، فلا يحتاج فيها إلى سترة‏.‏
انتهى‏.‏
والذي أظنه أنه أراد أن ينكت على ما ترجم به عبد ا الرزاق حيث قال في ‏"‏ باب لا يقطع الصلاة بمكة شيء ‏"‏ ثم أخرج عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه عن جده قال ‏"‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام ليس بينه وبينهم - أي الناس - سترة ‏"‏ وأخرجه من هذا الوجه أيضا أصحاب السنن، ورجاله موثقون إلا أنه معلول، فقد رواه أبو داود عن أحمد عن ابن عيينة قال‏:‏ كان ابن جريج أخبرنا به هكذا، فلقيت كثيرا فقال‏:‏ ليس من أبي سمعته، ولكن عن بعض أهلي عن جدي‏.‏
فأراد البخاري التنبيه على ضعف هذا الحديث وأن لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة، واستدل على ذلك بحديث أبي جحيفة، وقد قدمنا وجه الدلالة منه‏.‏
وهذا هو المعروف عند الشافعية وأن لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها‏.‏
واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة، وعن بعض الحنابلة جواز ذلك في جميع مكة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ
وَقَالَ عُمَرُ الْمُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِي مِنْ الْمُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا وَرَأَى عُمَرُ رَجُلًا يُصَلِّي بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ فَقَالَ صَلِّ إِلَيْهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إلى الأسطوانة‏)‏ أي السارية، وهي بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم الطاء بوزن أفعوانة على المشهور، وقيل بوزن فعلوانة، والغالب أنها تكون من بناء، بخلاف العمود فإنه من حجر واحد‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ لما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى الحربة، كانت الصلاة إلى الأسطوانة أولى لأنها أشد سترة‏.‏
قلت‏:‏ لكن أفاد ذكر ذلك التنصيص على وقوعه، والنص أعلى من الفحوي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر‏)‏ هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة والحميدي من طريق همدان - وهو بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة، وكان بريد عمر، أي رسوله إلى أهل اليمن - عن عمر به‏.‏
ووجه الأحقية أنهما مشتركان في الحاجة إلى السارية المتخذة إلى الاستناد والمصلي لجعلها سترة، لكن المصلي في عبادة محققة فكان أحق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورأي ابن عمر‏)‏ كذا ثبت في رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما، وعند بعض الرواة ‏"‏ ورأى عمر ‏"‏ بحذف ابن وهو أشبه بالصواب، فقد رواه ابن أبي شيبة من طريق معاوية بن قرة بن إياس المزني عن أبيه وله صحبة قال ‏"‏ رآني عمر وأنا أصلي ‏"‏ فذكر مثله سواء لكن زاد ‏"‏ فأخذ بقفاي‏"‏‏.‏
وعرف بذلك تسمية المبهم المذكور في التعليق‏.‏
وأراد عمر بذلك أن تكون صلاته إلى سترة، وأراد البخاري بإيراد أثر عمر هذا أن المراد بقول سلمة ‏"‏ يتحرى الصلاة عندها ‏"‏ أي إليها، وكذا قول أنس ‏"‏ يبتدرون السواري ‏"‏ أي يصلون إليها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ كُنْتُ آتِي مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَيُصَلِّي عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةِ قَالَ فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا المكي‏)‏ هو ابن إبراهيم كما ثبت عند الأصيلي وغيره، وهذا ثالث ثلاثيات البخاري‏.‏
وقد ساوى فيه البخاري شيخه أحمد بن حنبل، فإنه أخرجه في مسنده عن مكي بن إبراهيم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏التي عند المصحف‏)‏ هذا دال على أنه كان للمصحف موضع خاص به، ووقع عند مسلم بلفظ ‏"‏ يصلي وراء الصندوق ‏"‏ وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع فيه، والأسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة، وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين‏.‏
قال‏:‏ وروى عن عائشة أنها كانت تقول ‏"‏ لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام ‏"‏ وأنها أسرتها إلى ابن الزبير فكان يكثر الصلاة عندها‏.‏
ثم وجدت ذلك في تاريخ المدينة لابن النجار وزاد ‏"‏ أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها ‏"‏ وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يا أبا مسلم‏)‏ هي كنية سلمة، و ‏"‏ يتحرى ‏"‏ أي يقصد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ وَزَادَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري، وعمرو بن عامر هو الكوفي الأنصاري، لا والد أسد فإنه يجلي، ولا عمرو بن عامر البصري فإنه سلمى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد رأيت‏)‏ في رواية المستملي والحموي ‏(‏لقد أدركت‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عند المغرب‏)‏ أي عند أذان المغرب، وصرح بذلك الإسماعيلي من طريق ابن مهدي عن سفيان، ولمسلم من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس نحوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزاد شعبة عن عمرو‏)‏ هو ابن عامر المذكور، قد وصله المصنف في كتاب الأذان من طريق غندر عن شعبة فقال ‏"‏ عن عمرو بن عامر الأنصاري ‏"‏ وزاد فيه أيضا ‏"‏ يصلون الركعتين قبل المغرب ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه هناك مع بقية مباحثه وتعيين من وقفنا عليه من كبار الصحابة المشار إليهم فيه إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة بين السواري في غير جماعة‏)‏ إنما قيدها بغير الجماعة لأن ذلك يقطع الصفوف، وتسوية الصفوف في الجماعة مطلوب‏.‏
وقال الرافعي في شرح المسند‏:‏ احتج البخاري بهذا الحديث - أي حديث ابن عمر عن بلال - على أنه لا بأس بالصلاة بين الساريتين إذا لم يكن في جماعة، وأشار أن الأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية، ومع هذه الأولوية فلا كراهة في الوقوف بينهما - أي للمنفرد - وأما في الجماعة فالوقوف بين الساريتين كالصلاة إلى السارية‏.‏
انتهى كلامه‏.‏
وفيه نظر لورود النهي الخاص عن الصلاة بين السواري كما رواه الحاكم من حديث أنس بإسناد صحيح، وهو في السنن الثلاثة، وحسنه الترمذي‏.‏
قال المحب الطبري‏:‏ كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك، ومحل الكراهة عند عدم الضيق، الحكمة فيه إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع النعال‏.‏
انتهى‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ روى في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلَالٌ فَأَطَالَ ثُمَّ خَرَجَ وَكُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ دَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ فَسَأَلْتُ بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى قَالَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا جويرية‏)‏ هو بالجيم بصيغة التصغير وهو ابن أسماء الضبعي، واتفق أن اسمه واسم أبيه من الأعلام المشتركة بين الرجال والنساء‏.‏
وقد سمع جويرية المذكور من نافع، وروى أيضا عن مالك عنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كنت أول الناس‏)‏ كذا في رواية أبي ذر وكريمة‏.‏
وفي رواية الأصيلي وابن عساكر ‏"‏ وكنت ‏"‏ بزيادة واو في أوله وهي أشبه، ورواه الإسماعيلي من هذا الوجه فقال بعد قوله ثم خرج ‏"‏ ودخل عبد الله على أثره أول الناس‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بين العمودين المقدمين‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ المتقدمين ‏"‏ كذا في هذه الرواية‏.‏
وفي رواية مالك التي تليها ‏"‏ جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه‏"‏، وليس بين الروايتين مخالفة، لكن قوله في رواية مالك ‏"‏ وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ‏"‏ مشكل لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ولهذا عقبه البخاري برواية إسماعيل التي قال فيها ‏"‏ عمودين عن يمينه‏"‏، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه حيث ثنى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وحيث أفرد أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك ويرشد إلى ذلك قوله ‏"‏ وكان البيت يومئذ ‏"‏ لأن فيه إشعارا بأنه تغير عن هيئته الأولى‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين، فهو مجمل بينته رواية ‏"‏ وعمودين‏"‏، ويحتمل أن يقال‏:‏ لم تكن الأعمدة الثلاثة على سمت واحد بل اثنان على سمت والثالث على غير سمتهما، ولفظ ‏"‏ المقدمين ‏"‏ في الحديث السابق مشعر به، والله أعلم‏.‏
قلت‏:‏ ويؤيده أيضا رواية مجاهد عن ابن عمر التي تقدمت في ‏"‏ باب‏:‏ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ‏"‏ فإن فيها ‏"‏ بين الساريتين اللتين على يسار الداخل ‏"‏ وهو صريح في أنه كان هناك عمودان على اليسار وأنه صلى بينهما، فيحتمل أنه كان ثم عمود آخر عن اليمين لكنه بعيد أو على غير سمت العمودين فيصح قول من قال ‏"‏ جعل عن يمينه عمودين ‏"‏ وقول من قال ‏"‏ جعل عمودا عن يمينه‏"‏‏.‏
وجوز الكرماني احتمالا آخر وهو أن يكون هناك ثلاثة أعمدة مصطفة فصلى إلى جنب الأوسط، فمن قال جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره لم يعتبر الذي صلى إلى جنبه ومن قال عمودين اعتبره‏.‏
ثم وجدته مسبوقا بهذا الاحتمال، وأبعد منه قول من قال‏:‏ انتقل في الركعتين من مكان إلى مكان، ولا تبطل الصلاة بذلك لقلته، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا فَسَأَلْتُ بِلَالًا حِينَ خَرَجَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى وَقَالَ لَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ وَقَالَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسماعيل‏)‏ أي ابن أبي أويس، كذا في رواية أبي ذر والأصيلي ‏"‏ قال ‏"‏ مجردة‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ قال لنا ‏"‏ فوضح وصله‏.‏
وقد ذكر الدارقطني الاختلاف على مالك فيه، فوافق الجمهور عبد الله بن يوسف في قوله‏:‏ ‏(‏عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره ‏"‏ ووافق إسماعيل في قوله ‏"‏ عمودين عن يمينه ‏"‏ ابن القاسم والقعنبي وأبو مصعب ومحمد بن الحسن وأبو حذافة وكذا الشافعي وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما‏.‏
وقال يحيى بن يحيى النيسابوري فيما رواه عنه مسلم ‏"‏ جعل عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه ‏"‏ عكس رواية إسماعيل، وكذلك قال الشافعي وبشر بن عمر في إحدى الروايتين عنهما، وجمع بعض المتأخرين بين هاتين الروايتين باحتمال تعدد الواقعة، وهو بعيد لاتحاد مخرج الحديث، وقد جزم البيهقي بترجيح رواية إسماعيل ومن وافقه، وفيه اختلاف رابع‏.‏
قال عثمان بن عمر عن مالك ‏"‏ جعل عمودين عن يمينه وعمودين عن يساره ‏"‏ ويمكن توجيهه بأن يكون هناك أربعة أعمدة اثنان مجتمعان واثنان منفردان فوقف عند المجتمعين، لكن يعكر عليه قوله ‏"‏ وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ وثلاثة أعمدة وراءه ‏"‏ وقد قال الدارقطني، لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخُلُ وَجَعَلَ الْبَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ صَلَّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ بِلَالٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ قَالَ وَلَيْسَ عَلَى أَحَدِنَا بَأْسٌ إِنْ صَلَّى فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى يكون بينه وبين الجدار قريبا‏)‏ كذا وقع بالنصب على أنه خبر كان واسمها محذوف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من ثلاث أذرع‏)‏ كذا لأبي ذر، ولغيره ثلاثة بالتأنيث والذراع يذكر ويؤنث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يتوخى‏)‏ المعجمة، أي يقصد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال‏)‏ أي ابن عمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن يصلي‏)‏ كذا للكشميهني ولغيره أن صلى بلفظ الماضي، ومراد ابن عمر أنه لا يشترط في صحة الصلاة في البيت موافقة المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، بل موافقة ذلك أولى وإن كان يحصل الغرض بغيره‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:38 PM   #219
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ وَالْبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إلى الراحلة والبعير‏)‏ قال الجوهري‏:‏ الراحلة الناقة التي تصلح لأن يوضع الرحل عليها‏.‏
وقال الأزهري‏:‏ الراحلة المركوب النجيب ذكرا كان أو أنثى‏.‏
والهاء فيها للمبالغة، والبعير يقال لما دخل في الخامسة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والشجر والرحل‏)‏ المذكور في حديث الباب الراحلة والرحل، فكأنه ألحق البعير بالراحلة بالمعنى الجامع بينهما، ويحتمل أن يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد رواه أبو خالد الأحمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ ‏"‏ كان يصلي إلى بعيره‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
فإن كان هذا حديثا آخر حصل المقصود، وإن كان مختصرا من الأول - أن يكون المراد يصلي إلى مؤخرة رحل بعيره - اتجه الاحتمال الأول‏.‏
ويؤيد الاحتمال الثاني ما أخرجه عبد الرزاق أن ابن عمر كان يكره أن يصلي إلى بعير إلا وعليه رحل، وسأذكره بعد‏.‏
وألحق الشجر بالرحل بطريق الأولوية، ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى حديث على قال ‏"‏ لقد رأيتنا يوم بدر وما فينا إنسان إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصلي إلى شجرة يدعو حتى أصبح ‏"‏ رواه النسائي بإسناد حسن‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا قُلْتُ أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتْ الرِّكَابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏يعوض‏)‏ بتشديد الراء، أي يجعلها عرضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلت أفرأيت‏)‏ ظاهره أنه كلام نافع والمسئول ابن عمر، لكن بين الإسماعيلي من طريق عبيدة ابن حميد عن عبيد الله بن عمر أنه كلام عبيد الله والمسئول نافع، فعلى هذا هو مرسل لأن فاعل يأخذ هو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه نافع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هبت الركاب‏)‏ أي هاجت الإبل، يقال هب الفحل إذا هاج، وهب البعير في السير إذا نشط‏.‏
والركاب الإبل التي يسار عليها ولا واحد لها من لفظها، والمعنى أن الإبل إذا هاجت شوشت على المصلي لعدم استقرارها، فيعدل عنها إلى الرحل فيجعله سترة‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏فيعدله‏)‏ بفتح أوله وسكون العين وكسر الدال، أي يقيمه تلقاء وجهه‏.‏
ويجوز التشديد‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏إلى أخرته‏)‏ بفتحات بلا مد ويجوز المد، ‏(‏ومؤخرته‏)‏ بضم أوله ثم همزة ساكنة، وأما الخاء فجزم أبو عبيد بكسرها وجوز الفتح، وأنكر ابن قتيبة الفتح، وعكس ذلك ابن مكي فقال‏:‏ لا يقال مقدم ومؤخر بالكسر إلا في العين خاصة، وأما في غيرها فيقال بالفتح فقط‏.‏
ورواه بعضهم بفتح الهمزة وتشديد الخاء‏.‏
والمراد بها العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب‏.‏
قال القرطبي‏:‏ في هذا الحديث دليل على جواز التستر بما يستقر من الحيوان، ولا يعارضه النهي في معاطن الإبل لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء، وكراهة الصلاة حينئذ عندها إما لشدة نتنها وإما لأنهم كانوا يتخلون بينها مستترين بها‏.‏
انتهى‏.‏
وقال غيره‏:‏ علة النهي عن ذلك كون الإبل خلقت من الشياطين، وقد تقدم ذلك، فيحمل ما وقع منه في السفر من الصلاة إليها على حالة الضرورة ونظيره صلاته إلى السرير الذي عليه المرأة لكون البيت كان ضيقا‏.‏
وعلى هذا فقول الشافعي في البويطي‏:‏ لا يستتر بامرأة ولا دابة، أي في حال الاختيار‏.‏
وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يكره أن يصلي إلى بعير إلا وعليه رحل، وكأن الحكمة في ذلك أنها في حال شد الرحل عليها أقرب إلى السكون من حال تجريدها‏.‏
‏(‏تكملة‏)‏ اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة، واختلفوا في تقديرها بفعل ذلك‏.‏
فقيل ذراع، وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر، لكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ إِلَى السَّرِيرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة إلى السرير‏)‏ أورد فيه حديث الأسود عن عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسط السرير الذي هي مضطجعة عليه‏.‏
واعترضه الإسماعيلي بأنه دال على الصلاة على السرير لا إلى السرير‏.‏
ثم أشار إلى أن رواية مسروق عن عائشة دالة على المراد، لأن لفظه ‏"‏ كان يصلي والسرير بينه وبين القبلة ‏"‏ كما سيأتي، فكان ينبغي له ذكرها في هذا الباب‏.‏
وأجاب الكرماني عن أصل الاعتراض بأن حروف الجر تتناوب، فمعنى قوله في الترجمة ‏"‏ إلى السرير ‏"‏ أي على السرير، وادعى قبل ذلك أنه وقع في بعض الروايات بلفظ على السرير‏.‏
قلت‏:‏ ولا حاجة إلى الحمل المذكور، فإن قولها ‏"‏ فيتوسط السرير ‏"‏ يشمل ما إذا كان فوقه أو أسفل منه، وقد بان من رواية مسروق عنها أن المراد الثاني‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي مُضْطَجِعَةً عَلَى السَّرِيرِ فَيَجِيءُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيرَ فَيُصَلِّي فَأَكْرَهُ أَنْ أُسَنِّحَهُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْ السَّرِيرِ حَتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أعدلتمونا‏)‏ هو استفهام إنكار من عائشة، قالته لمن قال بحضرتها ‏"‏ يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة ‏"‏ كما سيأتي من رواية مسروق عنها بعد خمسة أبواب، وهناك نذكر مباحث هذا المتن إن شاء الله تعالى‏.‏
وقولها ‏"‏ رأيتني ‏"‏ بضم المثناة وقولها ‏"‏ أن أسنحه ‏"‏ بفتح النون والحاء المهملة أي أظهر له من قدامه‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ هو من قولك سنح لي الشيء إذا عرض لي، تريد أنها كانت تخشى أن تستقبله وهو يصلي ببدنها، أي منتصبة‏.‏
وقولها ‏"‏ أنسل ‏"‏ بفتح السين المهملة وتشديد اللام، أي أخرج بخفية أو برفق‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:39 PM   #220
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يَرُدُّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ
وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ فِي التَّشَهُّدِ وَفِي الْكَعْبَةِ وَقَالَ إِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَهُ فَقَاتِلْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يرد المصلي من مر بين يديه‏)‏ أي سواء كان آدميا أم غيره‏.‏
قوله ‏(‏ورد ابن عمر في التشهد‏)‏ أي رد المار بين يديه في حال التشهد، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق، وعندهما أن المار المذكور هو عمرو بن دينار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وفي الكعبة‏)‏ قال ابن قرقول‏:‏ وقع في بعض الروايات ‏"‏ وفي الركعة ‏"‏ وهو أشبه بالمعنى‏.‏
قلت‏:‏ ورواية الجمهور متجهة، وتخصيص الكعبة بالذكر لئلا يتخيل أنه يغتفر فيها المرور لكونها محل المزاحمة‏.‏
وقد وصل الأثر المذكور بذكر الكعبة فيه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له من طريق صالح بن كيسان قال ‏"‏ رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة فلا يدع أحدا يمر بين يديه يبادره ‏"‏ قال‏:‏ أي يرده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن أبى‏)‏ أي المار ‏(‏إلا أن يقاتله‏)‏ أي المصلي ‏(‏قاتله‏)‏ كذا للأكثر بصيغة الفعل الماضي وهو على سبيل المبالغة‏.‏
وللكشميهني ‏(‏إلا أن يقاتله‏)‏ بصيغة المخاطبة ‏(‏فقاتله‏)‏ بصيغة الأمر‏.‏
وهذه الجملة الأخيرة من كلام ابن عمر أيضا، وقد وصلها عبد الرزاق ولفظه عن ابن عمر قال ‏"‏ لا تدع أحدا يمر بين يديك وأنت تصلي، فإن أبى إلا أن تقاتله فقاتله ‏"‏ وهذا موافق لسياق الكشميهني‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏يونس‏)‏ هو ابن عبيد، وقد قرن البخاري روايته برواية سليمان بن المغيرة، وتبين من إيراده أن القصة المذكورة في رواية سليمان لا في رواية يونس، ولفظ المتن الذي ساقه هنا هو لفظ سليمان أيضا لا لفظ يونس، وإنما ظهر لنا ذلك من المصنف حيث ساق الحديث في كتاب بدء الخلق بالإسناد المذكور الذي ساقه هنا من رواية يونس بعينه، ولفظ المتن مغاير للفظ الذي ساقه هنا، وليس فيه تقييد الدفع بما إذا كان المصلي يصلي إلى سترة‏.‏
وذكر الإسماعيلي أن سليم بن حيان تابع يونس عن حميد على عدم التقييد‏.‏
قلت‏:‏ والمطلق في هذا محمول على المقيد، لأن الذي يصلي إلى غير سترة مقصر بتركها ولا سيما إن صلى في مشارع المشاة، وقد روى عبد الرزاق عن معمر التفرقة بين من يصلي إلى سترة وإلى غير سترة‏.‏
وفي الروضة تبعا لأصلها‏:‏ ولو صلى إلى غير سترة أو كانت وتباعد منها فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره ولا يحرم المرور حينئذ بين يديه ولكن الأولى تركه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ذكر أبو مسعود وغيره أن البخاري لم يخرج لسليمان بن المغيرة شيئا موصولا إلا هذا الحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأراد شاب من بني أبي معيط‏)‏ وقع في كتاب الصلاة لأبي نعيم أنه الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخرجه عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن زيد بن أسلم قال ‏"‏ بينما أبو سعيد قائم يصلي في المسجد فأقبل الوليد ابن عقبة بن أبي معيط فأراد أن يمر بين يديه، فدفعه، فأبى إلا أن يمر بين يديه فدفعه ‏"‏ هذا آخر ما أورده من هذه القصة‏.‏
وفي تفسير الذي وقع في الصحيح بأنه الوليد هذا نظر، لأن فيه أنه دخل على مروان‏.‏
زاد الإسماعيلي ‏"‏ ومروان يومئذ على المدينة ‏"‏ ا ه‏.‏
ومروان إنما كان أميرا على المدينة في خلافة معاوية، ولم يكن الوليد حينئذ بالمدينة لأنه لما قتل عثمان تحول إلى الجزيرة فسكنها حتى مات في خلافة معاوية، ولم يحضر شيئا من الحروب التي كانت بين علي ومن خالفه‏.‏
وأيضا فلم يكن الوليد يومئذ شابا، بل كان في عشر الخمسين فلعله كان فيه‏:‏ فأقبل ابن الوليد بن عقبة فيتجه‏.‏
وروى عبد الرزاق حديث الباب عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه فقال فيه ‏"‏ إذ جاء شاب ‏"‏ ولم يسمه أيضا‏.‏
وعن معمر عن زيد بن أسلم وقال فيه ‏"‏ فذهب ذو قرابة لمروان‏"‏‏.‏
ومن طريق أبي العلاء فيه عن أبي سعيد فقال فيه ‏"‏ مر رجل بين يديه من بني مروان‏"‏‏.‏
وللنسائي من وجه آخر ‏"‏ فمر ابن لمروان ‏"‏ وسماه عبد الرزاق من طريق سليمان بن موسى ‏"‏ داود بن مروان ‏"‏ ولفظه ‏"‏ أراد داود بن مروان أن يمر بين يدي أبي سعيد ومروان يومئذ أمير المدينة ‏"‏ فذكر الحديث، وبذلك جزم ابن الجوزي ومن تبعه في تسمية المبهم الذي في الصحيح بأنه داود بن مروان، وفيه نظر لأن فيه أنه من بني أبي معيط وليس مروان من بنيه، بل أبو معيط ابن عم والد مروان، لأنه أبو معيط بن أبي عمرو بن أمية، ووالد مروان هو الحكم بن أبي العاص بن أمية، وليست أم داود ولا أم مروان ولا أم الحكم من ولد أبي معيط، فيحتمل أن يكون داود نسب إلى أبي معيط من جهة الرضاعة أو لكون جده لأمه عثمان بن عفان كان أخا للوليد بن عقبة بن أبي معيط لأمه فنسب داود إليه وفيه بعد، والأقرب أن تكون الواقعة تعددت لأبي سعيد مع غير واحد، ففي مصنف ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي سعيد في هذه القصة ‏"‏ فأراد عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن يمر بين يديه ‏"‏ الحديث، وعبد الرحمن مخزومي ما له من أبي معيط نسبة، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلم يجد مساغا‏)‏ بالغين المعجمة، أي ممرا‏.‏
وقوله ‏"‏فنال من أبي سعيد‏"‏، أي أصاب من عرضه بالشتم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال مالك ولابن أخيك‏)‏ ‏؟‏ أطلق الأخوة باعتبار الإيمان، وهذا يؤيد أن المار غير الوليد، لأن أباه عقبة قتل كافرا، واستدل الرافعي بهذه القصة على مشروعية الدفع ولو لم يكن هناك مسلك غيره، خلافا لإمام الحرمين‏.‏
ولابن الرفعة فيه بحث سنشير إليه في الحديث الذي بعده إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليدفعه‏)‏ ، ولمسلم ‏"‏ فليدفع في نحره ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ أي بالإشارة ولطيف المنع‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏فليقاتله‏)‏ أي يزيد في دفعه الثاني أشد من الأول‏.‏
قال‏:‏ وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح، لمخالفة ذلك لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها والخشوع فيها ا ه‏.‏
وأطلق جماعة من الشافعية أن له أن يقاتله حقيقة، واستبعد ابن العربي ذلك في ‏"‏ القبس ‏"‏ وقال‏:‏ المراد بالمقاتلة المدافعة‏.‏
وأغرب الباجي فقال‏:‏ يحتمل أن يكون المراد بالمقاتلة اللعن أو التعنيف‏.‏
وتعقب بأنه يستلزم التكلم في الصلاة وهو مبطل، بخلاف الفعل اليسير‏.‏
ويمكن أن يكون أراد أنه يلعنه داعيا لا مخاطبا، لكن فعل الصحابي يخالفه، وهو أدرى بالمراد‏.‏
وقد رواه الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ فإن أبى فليجعل يده في صدره ويدفعه ‏"‏ وهو صريح في الدفع باليد‏.‏
ونقل البيهقي عن الشافعي أن المراد بالمقاتلة دفع أشد من الدفع الأول، وما تقدم عن ابن عمر يقتضي أن المقاتلة إنما تشرع إذا تعينت في دفعه، وبنحوه صرح أصحابنا فقالوا‏:‏ يرده بأسهل الوجوه، فإن أبى فبأشد، ولو أدى إلى قتله‏.‏
فلو قتل فلا شيء عليه لأن الشارع أباح له مقاتلته، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها‏.‏
ونقل عياض وغيره أن عندهم خلافا في وجوب الدية في هذه الحالة‏.‏
ونقل ابن بطال وغيره الاتفاق على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه، ولا العمل الكثير في مدافعته، لأن ذلك أشد في الصلاة من المرور‏.‏
وذهب الجمهور إلى أنه إذا مر ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يرده لأن فيه إعادة للمرور، وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وغيره أن له ذلك، ويمكن حمله على ما إذا رده فامتنع وتمادى، لا حيث يقصر المصلي في الرد‏.‏
وقال النووي‏:‏ لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع، بل صرح أصحابنا بأنه مندوب‏.‏
انتهى‏.‏
وقد صرح بوجوبه أهل الظاهر، فكأن الشيخ لم يراجع كلامهم فيه أو لم يعتد بخلافهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإنما هو شيطان‏)‏ أي فعله فعل الشيطان، لأنه أبى إلا التشويش على المصلي‏.‏
وإطلاق الشيطان على المارد من الإنس سائغ شائع، وقد جاء في القرآن قوله تعالى ‏(‏شياطين الإنس والجن‏)‏ ‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشيطان على من يفتن في الدين، وأن الحكم للمعاني دون الأسماء، لاستحالة أن يصير المار شيطانا بمجرد مروره‏.‏
انتهى‏.‏
وهو مبني على أن لفظ ‏"‏ الشيطان ‏"‏ يطلق حقيقة على الجني ومجازا على الإنسي، وفيه بحث‏.‏
ويحتمل أن يكون المعنى‏:‏ فإنما الحامل له على ذلك الشيطان‏.‏
وقد وقع في رواية للإسماعيلي ‏"‏ فإنما هو شيطان ‏"‏ ونحوه لمسلم من حديث ابن عمر بلفظ ‏"‏ فإن معه القرين‏"‏‏.‏
واستنبط ابن أبي جمرة من قوله ‏"‏ فإنما هو شيطان ‏"‏ أن المراد بقوله ‏"‏ فليقاتله ‏"‏ المدافعة اللطيفة لا حقيقة القتال، قال‏:‏ لأن مقاتلة الشيطان إنما هي بالاستعاذة والتستر عنه بالتسمية ونحوها، وإنما جاز الفعل اليسير في الصلاة للضرورة، فلو قاتله حقيقة المقاتلة لكان أشد على صلاته من المار‏.‏
قال‏:‏ وهل المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلي من المرور، أو لدفع الإثم عن المار‏؟‏ الظاهر الثاني‏.‏
انتهى‏.‏
وقال غيره‏:‏ بل الأول أظهر لأن إقبال المصلي على صلاته أولى له من اشتغاله بدفع الإثم عن غيره‏.‏
وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود ‏"‏ أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته ‏"‏ وروى أبو نعيم عن عمر ‏"‏ لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس‏"‏‏.‏
فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي، ولا يختص بالمار، وهما وإن كانا موقوفين لفظا فحكمهما حكم الرفع، لأن مثلهما لا يقال بالرأي‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِثْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم المار بين يدي المصلي‏)‏ أورد فيه حديث بسر بن سعيد أن زيد بن خالد - أي الجهني الصحابي - أرسله إلى أبي جهيم، أي ابن الحارث الصمة الأنصاري الصحابي الذي تقدم حديثة في ‏"‏ باب التيمم في الحضر ‏"‏ هكذا روى مالك هذا الحديث في الموطأ لم يختلف عليه فيه أن المرسل هو زيد، وأن المرسل إليه هو أبو جهيم، وتابعه سفيان الثوري عن أبي النضر عند مسلم وابن ماجه وغيرهما، وخالفهما ابن عيينة عن أبي النضر فقال ‏"‏ عن بسر بن سعيد قال‏:‏ أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله ‏"‏ فذكر هذا الحديث‏.‏
قال ابن عبد البر‏.‏
هكذا رواه ابن عيينة مقلوبا، أخرجه ابن أبي خثيمة عن أبيه عن ابن عيينة‏.‏
ثم قال ابن أبي خيثمة‏:‏ سئل عنه يحيى بن معين فقال‏:‏ هو خطأ، إنما هو ‏"‏ أرسلني زيد إلى أبي جهيم ‏"‏ كما قال مالك‏.‏
وتعقب ذلك ابن القطان فقال‏:‏ ليس خطأ ابن عيينة فيه بمتعين، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسرا إلى زيد، وبعثه زيد إلى أبي جهيم يستثبت كل واحد منهما ما عند الآخر‏.‏
قلت‏:‏ تعليل الأئمة للأحاديث مبني على غلبة الظن، فإذا قالوا أخطأ فلان في كذا لم يتعين خطؤه في نفس الأمر، بل هو راجح الاحتمال فيعتمد‏.‏
ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذ، وهو ما يخالف الثقة من هو أرجح منه في حد الصحيح قوله‏:‏ ‏(‏بين يدي المصلي‏)‏ أي أمامه بالقرب منه، وعبر باليدين لكون أكثر الشغل يقع بهما، واختلف في تحديد ذلك فقيل‏:‏ إذا مر بينه وبين مقدار سجوده، وقيل بينه وبين قدر ثلاثة أذرع، وقيل بينه وبين قدر رمية بحجر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏ماذا عليه‏)‏ زاد الكشميهني ‏"‏ من الإثم ‏"‏ وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره، والحديث في الموطأ بدونها‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ لم يختلف على مالك في شيء منه، وكذا رواه باقي الستة وأصحاب المسانيد والمستخرجات بدونها، ولم أرها في شيء من الروايات مطلقا‏.‏
لكن في مصنف ابن أبي شيبة ‏"‏ يعني من الإثم ‏"‏ فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية فظنها الكشميهني أصلا لأنه لم يكن من أهل العلم ولا من الحفاظ بل كان راوية‏.‏
وقد عزاها المحب الطبري في الأحكام للبخاري وأطلق، فعيب ذلك عليه وعلى صاحب العمدة في إبهامه أنها في الصحيحين، وأنكر ابن الصلاح في مشكل الوسيط على من أثبتها في الخير فقال‏:‏ لفظ الإثم ليس في الحديث صريحا‏.‏
ولما ذكره النووي في شرح المهذب دونها قال‏:‏ وفي رواية رويناها في الأربعين لعبد القادر الهروي ‏"‏ ماذا عليه من الإثم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لكان أن يقف أربعين‏)‏ يعني أن المار لو علم مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ جواب ‏"‏ لو ‏"‏ ليس هو المذكور، بل التقدير‏:‏ لو يعلم ما عليه لوقف أربعين ولو وقف أربعين لكان خيرا له‏.‏
وليس ما قاله متعينا، قال‏:‏ وأبهم المعدود تفخيما للأمر وتعظيما‏.‏
قلت‏:‏ ظاهر السياق أنه عين المعدود، ولكن شك الراوي فيه، ثم أبدى الكرماني لتخصيص الأربعين بالذكر حكمتين، إحداهما كون الأربعة أصل جميع الأعداد، فلما أريد التكثير ضربت في عشرة‏.‏
ثانيتهما كون كمال أطوار الإنسان بأربعين كالنطفة والمضغة والعلقة، وكذا بلوغ الأشد‏.‏
ويحتمل غير ذلك ا ه‏.‏
وفي ابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة ‏"‏ لكان أن يقف مائة عام خيرا له من الخطوة التي خطاها‏"‏‏.‏
وهذا يشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين‏.‏
وجنح الطحاوي إلى أن التقييد بالمائة وقع بعد التقييد بالأربعين زيادة في تعظيم الأمر على المار، لأنهما لم يقعا معا إذ المائة أكثر من الأربعين والمقام مقام زجر وتخويف فلا يناسب أن يتقدم ذكر المائة على الأربعين، بل المناسب أن يتأخر‏.‏
ومميز الأربعين إن كان هو السنة ثبت المدعي، وأما دونها فمن باب الأولى، وقد وقع في مسند البزار من طريق ابن عيينة التي ذكرها ابن القطان ‏"‏ لكان أن يقف أربعين خريفا ‏"‏ أخرجه عن أحمد بن عبدة الضبي عن ابن عيينة‏.‏
وقد جعل ابن القطان الجزم في طريق ابن عيينة والشك في طريق غيره دالا على التعدد، لكن رواه أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وغيرهم من الحفاظ عن ابن عيينة عن أبي النضر على الشك أيضا وزاد فيه ‏"‏ أو ساعة ‏"‏ فيبعد أن يكون الجزم والشك وقعا معا من راو واحد في حالة واحدة، إلا أن يقال‏:‏ لعله تذكر في الحال فجزم، وفيه ما فيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏خيرا له‏)‏ كذا في روايتنا بالنصب على أنه خبر كان، ولبعضهم ‏"‏ خير ‏"‏ بالرفع وهي رواية الترمذي، وأعربها ابن العربي على أنها اسم كان، وأشار إلى تسويغ الابتداء بالنكرة لكونها موصوفة ويحتمل أن يقال‏:‏ اسمها ضمير الشأن والجملة خبرها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو النضر‏)‏ هو كلام مالك وليس من تعليق البخاري، لأنه ثابت في الموطأ من جميع الطرق‏.‏
وكذا ثبت في رواية الثوري وابن عيينة كما ذكرنا‏.‏
قال النووي‏:‏ فيه دليل على تحريم المرور، فإن معنى الحديث النهي الأكيد والوعيد الشديد على ذلك‏.‏
انتهى‏.‏
ومقتضى ذلك أن يعد في الكبائر وفيه أخذ القرين عن قرينه ما فاته أو استثباته فيما سمع معه‏.‏
وفيه الاعتماد على خبر الواحد لأن زيدا اقتصر على النزول مع القدرة على العلو اكتفاء برسوله المذكور‏.‏
وفيه استعمال ‏"‏ لو ‏"‏ في باب الوعيد، ولا يدخل ذلك في النهي، لأن محل النهي أن يشعر بما يعاند المقدور كما سيأتي في كتاب القدر حيث أورده المصنف إن شاء الله تعالى‏.‏
‏(‏تنبيهات‏)‏ ‏:‏ أحدها استنبط ابن بطال من قوله ‏"‏ لو يعلم ‏"‏ أن الإثم يختص بمن يعلم بالنهي وارتكبه‏.‏
انتهى‏.‏
وأخذه من ذلك فيه بعد، لكن هو معروف من أدلة أخرى‏.‏
ثانيها‏:‏ ظاهر الحديث أن الوعيد المذكور يختص بمن مر لا بمن وقف عامدا مثلا بين يدي المصلي أو قعد أو رقد، لكن إن كانت العلة فيه التشويش على المصلي فهو في معنى المار‏.‏
ثالثها‏:‏ ظاهره عموم النهي في كل مصل، وخصه بعض المالكية بالإمام والمنفرد لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه لأن سترة إمامه سترة له أو إمامه سترة له ا ه‏.‏
والتعليل المذكور لا يطابق المدعي، لأن السترة تفيد رفع الحرج عن المصلي لا عن المار، فاستوى الإمام والمأموم والمنفرد في ذلك‏.‏
رابعها‏:‏ ذكر ابن دقيق العيد أن بعض الفقهاء أي المالكية قسم أحوال المار والمصلي في الإثم وعدمه إلى أربعة أقسام‏:‏ يأثم المار دون المصلي، وعكسه، يأثمان جميعا، وعكسه‏.‏
فالصورة الأولى أن يصلي إلى سترة في غير مشرع وللمار مندوحة فيأثم المار دون المصلي‏.‏
الثانية أن يصلي في مشرع مسلوك بغير سترة أو متباعدا عن السترة ولا يجد المار مندوحة فيأثم المصلي دون المار‏.‏
الثالثة مثل الثانية لكن يجد المار مندوحة فيأثمان جميعا‏.‏
الرابعة مثل الأولى لكن لم يجد المار مندوحة فلا يأثمان جميعا‏.‏
انتهى‏.‏
وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقا ولو لم يجد مسلكا بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته‏.‏
ويؤيده قصة أبي سعيد السابقة فإن فيها ‏"‏ فنظر الشاب لم يجد مساغا ‏"‏ وقد تقدمت الإشارة إلى قول إمام الحرمين‏:‏ إن الدفع لا يشرع للمصلي في هذه الصور، وتبعه الغزالي، ونازعه الرافعي، وتعقبه ابن الرفعة بما حاصله أن الشاب إنما استوجب من أبي سعيد الدفع لكونه قصر في التأخر عن الحضور إلى الصلاة حتى وقع الزحام‏.‏
انتهى‏.‏
وما قاله محتمل، لكن لا يدفع الاستدلال، لأن أبا سعيد لم يعتذر بذلك، ولأنه متوقف على أن ذلك وقع قبل صلاة الجمعة أو فيها مع احتمال أن يكون ذلك وقع بعدها فلا يتجه ما قاله من التقصير بعدم التبكير، بلى كثرة الزحام حينئذ أوجه، والله أعلم‏.‏
خامسها وقع في رواية أبي العباس السراج من طريق الضحاك ابن عثمان عن أبي النضر ‏"‏ لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلى ‏"‏ فحمله بعضهم على ما إذا قصر المصلي في دفع المار أو بأن صلى في الشارع، ويحتمل أن يكون قوله ‏"‏ والمصلى ‏"‏ بفتح اللام أي بين يدي المصلى من داخل سترته، وهذا أظهر، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:40 PM   #221
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي
وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب استقبال الرجل الرجل وهو يصلي‏)‏ في نسخة الصغاني ‏"‏ استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته ‏"‏ أي هل يكره أو لا، أو يفرق بين ما إذا ألهاه أو لا‏؟‏ وإلى هذا التفصيل جنح المصنف وجمع بين ما ظاهره الاختلاف من الأثرين اللذين ذكرهما عن عثمان وزيد بن ثابت، ولم أره عن عثمان إلى الآن، وإنما رأيته في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهما من طريق هلال بن يساف عن عمر أنه زجر عن ذلك، وفيهما أيضا عن عثمان ما يدل على عدم كراهية ذلك، فليتأمل لاحتمال أن يكون فيما وقع في الأصل تصحيف من عمر إلى عثمان‏.‏
وقول زيد بن ثابت ‏"‏ ما باليت ‏"‏ يريد أنه لا حرج في ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَقَالُوا يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ قَالَتْ لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلَابًا لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ فَتَكُونُ لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ فَأَنْسَلُّ انْسِلَالًا وَعَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏فتكون لي الحاجة وأكره أن استقبله‏)‏ ، كذا للأكثر بالواو، وهي حالية‏.‏
وللكشميهني فأكره بالفاء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن الأعمش عن إبراهيم‏)‏ هو معطوف على الإسناد الذي قبله، يعني أن علي بن مسهر روى هذا الحديث عن الأعمش بإسنادين إلى عائشة عن مسلم - وهو أبو الضحى - عن مسروق عنها باللفظ المذكور، وعن إبراهيم عن الأسود عنها بالمعنى، وقد تقدم لفظه في ‏"‏ باب الصلاة على السرير ‏"‏ وأما ظن الكرماني أن مسلما هذا هو البطين فلم يصب في ظنه ذلك، قال ابن المنير‏:‏ الترجمة لا تطابق حديث عائشة، لكنه يدل على المقصود بالأولى، لكن ليس فيه تصريح بأنها كانت مستقبلته، فلعلها كانت منحرفة أو مستدبرة‏.‏
وقال ابن رشيد قصد البخاري أن شغل المصلي بالمرأة إذا كانت في قبلته على أي حالة كانت أشد من شغله بالرجل، ومع ذلك فلم تضر صلاته صلى الله عليه وسلم لأنه غير مشتغل بها، فكذلك لا تضر صلاة من لم يشتغل بها، والرجل من باب الأولى‏.‏
واقتنع الكرماني بأن حكم الرجل والمرأة واحد في الأحكام الشرعية، ولا يخفى ما فيه‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة خلف النائم‏)‏ أورد فيه حديث عائشة أيضا من وجه آخر بلفظ آخر للإشارة إلى أنه قد يفرق مفرق بين كونها نائمة أو يقظى، وكأنه أشار أيضا إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم، فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس‏.‏
وقال أبو داود‏:‏ طرقه كلها واهية، يعني حديث ابن عباس‏.‏
انتهى‏.‏
وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي، وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط وهما واهيان أيضا‏.‏
وكره مجاهد وطاوس ومالك الصلاة إلى النائم خشية أن يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته‏.‏
وظاهر تصرف المصنف أن عدم الكراهية حيث يحصل الأمن من ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ
الشرح‏:‏
حديث عائشة ورد أيضا من وجه آخر بلفظ آخر للإشارة إلى أنه قد يفرق مفرق بين كونها نائمة أو يقظى، وكأنه أشار أيضا إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم، فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس‏.‏
وقال أبو داود‏:‏ طرقه كلها واهية، يعني حديث ابن عباس‏.‏
انتهى‏.‏
وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي، وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط وهما واهيان أيضا‏.‏
وكره مجاهد وطاوس ومالك الصلاة إلى النائم خشية أن يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته‏.‏
وظاهر تصرف المصنف أن عدم الكراهية حيث يحصل الأمن من ذلك‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ يحيى المذكور في الإسناد هو القطان، وهشام هو ابن عروة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّطَوُّعِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التطوع خلف المرأة‏)‏ أورد فيه حديث عائشة أيضا بلفظ آخر، وقد تقدم في ‏"‏ باب الصلاة على الفراش ‏"‏ من هذا الوجه‏.‏
ودلالة الحديث على التطوع من جهة أن صلاته هذه في بيته بالليل، وكانت صلاته الفرائض بالجماعة في المسجد‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لفظ الترجمة يقتضي أن يكون ظهر المرأة إليه، ولفظ الحديث لا تخصيص فيه بالظهر‏.‏
ثم أجاب بأن السنة للنائم أن يتوجه إلى القبلة والغالب من حال عائشة ذلك‏.‏
انتهى‏.‏
ولا يخفى تكلفه‏.‏
وسنة ذلك للنائم في ابتداء النوم لا في دوامه، لأنه ينقلب وهو لا يشعر‏.‏
والذي يظهر أن معنى ‏"‏ خلف المرأة ‏"‏ وراءها، فتكون هي نفسها أمام المصلي لا خصوص ظهرها، ولو أراده لقال‏:‏ خلف ظهر المرأة، والأصل عدم التقدير‏.‏
وفي قولها ‏"‏ والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح ‏"‏ إشارة إلى عدم الاشتغال بها‏.‏
ولا يعكر على ذلك كونه يغمزها عند السجود ليسجد مكان رجليها كما وقع صريحا في رواية لأبي داود، لأن الشغل بها مأمون في حقه صلى الله عليه وسلم، فمن أمن ذلك لم يكره في حقه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ الظاهر أن هذه الحالة غير الحالة التي تقدمت في صلاته صلى الله عليه وسلم إلى جهة السرير الذي كانت عليه، لأنه في تلك الحالة غير محتاج لأن يسجد مكان رجليها، ويمكن أن يوجه بين الحالتين بأن يقال‏:‏ كانت صلاته فوق السرير لا أسفل منه كما جنح إليه الإسماعيلي فيما سبق، لكن حمله على حالتين أولى، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ
الشرح‏:‏
حديث عائشة ورد أيضا بلفظ آخر، وقد تقدم في ‏"‏ باب الصلاة على الفراش ‏"‏ من هذا الوجه‏.‏
ودلالة الحديث على التطوع من جهة أن صلاته هذه في بيته بالليل، وكانت صلاته الفرائض بالجماعة في المسجد‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لفظ الترجمة يقتضي أن يكون ظهر المرأة إليه، ولفظ الحديث لا تخصيص فيه بالظهر‏.‏
ثم أجاب بأن السنة للنائم أن يتوجه إلى القبلة والغالب من حال عائشة ذلك‏.‏
انتهى‏.‏
ولا يخفى تكلفه‏.‏
وسنة ذلك للنائم في ابتداء النوم لا في دوامه، لأنه ينقلب وهو لا يشعر‏.‏
والذي يظهر أن معنى ‏"‏ خلف المرأة ‏"‏ وراءها، فتكون هي نفسها أمام المصلي لا خصوص ظهرها، ولو أراده لقال‏:‏ خلف ظهر المرأة، والأصل عدم التقدير‏.‏
وفي قولها ‏"‏ والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح ‏"‏ إشارة إلى عدم الاشتغال بها‏.‏
ولا يعكر على ذلك كونه يغمزها عند السجود ليسجد مكان رجليها كما وقع صريحا في رواية لأبي داود، لأن الشغل بها مأمون في حقه صلى الله عليه وسلم، فمن أمن ذلك لم يكره في حقه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ الظاهر أن هذه الحالة غير الحالة التي تقدمت في صلاته صلى الله عليه وسلم إلى جهة السرير الذي كانت عليه، لأنه في تلك الحالة غير محتاج لأن يسجد مكان رجليها، ويمكن أن يوجه بين الحالتين بأن يقال‏:‏ كانت صلاته فوق السرير لا أسفل منه كما جنح إليه الإسماعيلي فيما سبق، لكن حمله على حالتين أولى، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:41 PM   #222
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من قال لا يقطع الصلاة شيء‏)‏ أي من فعل غير المصلي‏.‏
والجملة المترجم بها أوردها في الباب صريحا من قول الزهري، ورواها مالك في الموطأ عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه من قوله، وأخرجها الدارقطني مرفوعة من وجه آخر عن سالم لكن إسنادها ضعيف، ووردت أيضا مرفوعة من حديث أبي سعيد عند أبي داود، ومن حديث أنس وأبي أمامة عند الدارقطني، ومن حديث جابر عند الطبراني في الأوسط وفي إسناد كل منهما ضعف، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن علي وعثمان وغيرهما نحو ذلك موقوفا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ح قَالَ الْأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِي مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال الأعمش‏)‏ هو مقول حفص بن غياث وليس بتعليق، وهو نحو ما تقدم من رواية علي بن مسهر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عائشة ذكر عندها‏)‏ أي أنه ذكر عندها‏.‏
وقوله الكلب الخ فيه حذف، وبيانه في رواية علي بن مسهر ‏"‏ ذكر عندها ما يقطع الصلاة فقالوا يقطعها ‏"‏ ورواه مسلم من طريق أبي بكر بن حفص عن عروة قال ‏"‏ قالت عائشة‏:‏ ما يقطع الصلاة‏؟‏ فقلت‏:‏ المرأة والحمار ‏"‏ ولسعيد بن منصور من وجه آخر ‏"‏ قالت عائشة‏:‏ يا أهل العراق قد عدلتمونا ‏"‏ الحديث‏.‏
وكأنها أشارت بذلك إلى ما رواه أهل العراق عن أبي ذر وغيره في ذلك مرفوعا، وهو عند مسلم وغيره من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذر، وقيد الكلب في روايته بالأسود وعند ابن ماجه من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل، وعند الطبراني من طريق الحسن أيضا، عن الحكم بن عمر ونحوه من غير تقييد، وعند مسلم من حديث أبي هريرة كذلك، وعند أبي داود من حديث ابن عباس مثله، لكن قيد المرأة بالحائض، وأخرجه ابن ماجه كذلك وفيه تقييد الكلب أيضا بالأسود‏.‏
وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الأحاديث، فمال الطحاوي وغيره إلى أن حديث أبي ذر وما وافقه منسوخ بحديث عائشة وغيرها، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وتعذر الجمع، والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر‏.‏
ومال الشافعي وغيره إلى تأويل القطع في حديث أبي ذر بأن المراد به نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالأسود فأجيب بأنه شيطان‏.‏
وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم تفسد صلاته كما سيأتي في الصحيح ‏"‏ إذا ثوب بالصلاة أدبر الشيطان، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ‏"‏ الحديث، وسيأتي في ‏"‏ باب العمل في الصلاة ‏"‏ حديث ‏"‏ إن الشيطان عرض لي فشد علي ‏"‏ الحديث‏.‏
وللنسائي من حديث عائشة ‏"‏ فأخذته فصرعته فخنقته ‏"‏ ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث أنه جاء ليقطع صلاته، لأنا نقول‏:‏ قد بين في رواية مسلم سبب القطع، وهو أنه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه، وأما مجرد المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ حديث أبي ذر مقدم، لأن حديث عائشة على أصل الإباحة‏.‏
انتهى‏.‏
وهو مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض‏.‏
وقال أحمد‏:‏ يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي النفس من الحمار والمرأة شيء‏.‏
ووجهه ابن دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس، يعني الذي تقدم في مروره وهو راكب بمنى، ووجد في المرأة حديث عائشة يعني حديث الباب، وسيأتي الكلام في دلالته على ذلك بعد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏شبهتمونا‏)‏ هذا اللفظ رواية مسروق، ورواية الأسود عنها ‏"‏ أعدلتمونا ‏"‏ والمعنى واحد‏.‏
وتقدم من طريق علي بن مسهر بلفظ ‏"‏ جعلتمونا كلابا ‏"‏ وهذا على سبيل المبالغة‏.‏
قال ابن مالك‏:‏ في هذا الحديث جواز تعدي المشبه به بالباء، وأنكره بعض النحويين حتى بالغ فخطأ سيبويه في قوله‏:‏ شبه كذا بكذا، وزعم أنه لا يوجد في كلام من يوثق بعربيته، وقد وجد في كلام من هو فوق ذلك وهي عائشة رضي الله عنها قال‏:‏ والحق أنه جائز وإن كان سقوطها أشهر في كلام المتقدمين وثبوتها لازم في عرف العلماء المتأخرين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأكره أن أجلس فئوذي النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ استدل به على أن التشويش بالمرأة وهي قاعدة يحصل منه ما لا يحصل بها وهي راقدة، والظاهر أن ذلك من جهة الحركة والسكون، وعلى هذا فمرورها أشد‏.‏
وفي النسائي من طريق شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عنها في هذا الحديث ‏"‏ فأكره أن أقوم فأمر بين يديه، فأنسل انسلالا ‏"‏ فالظاهر أن عائشة إنما أنكرت إطلاق كون المرأة تقطع الصلاة في جميع الحالات، لا المرور بخصوصه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأنسل‏)‏ برفع اللام عطفا على ‏"‏ فأكره‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ عَنْ الصَّلَاةِ يَقْطَعُهَا شَيْءٌ فَقَالَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فَيُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏)‏ هو الحنظلي المعروف بابن راهويه، وبذلك جزم ابن السكن‏.‏
وفي رواية غير أبي ذر ‏"‏ حدثنا إسحاق ‏"‏ غير منسوب، وزعم أبو نعيم أنه ابن منصور الكوسج، والأول أولى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنه سأل عمه الخ‏)‏ ووجه الدلالة من حديث عائشة الذي احتج به ابن شهاب أن حديث ‏"‏ يقطع الصلاة المرأة الخ ‏"‏ يشمل ما إذا كانت مارة أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى وهي مضطجعة أمامه دل ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، وفي الباقي بالقياس عليه‏.‏
وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة، وقد تقدم ما فيه، فلو ثبت أن حديثها متأخر عن حديث أبي ذر لم يدل إلا على نسخ الاضطجاع فقط‏.‏
وقد نازع بعضهم في الاستدلال به مع ذلك من أوجه أخرى‏:‏ أحدها‏:‏ أن العلة في قطع الصلاة بها ما يحصل من التشويش، وقد قالت إن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح فانتفى المعلول بانتفاء علته‏.‏
ثانيها‏:‏ أن المرأة في حديث أبي ذر مطلقة وفي حديث عائشة مقيدة بكونها زوجته، فقد يحمل المطلق على المقيد، ويقال يتقيد القطع بالأجنبية لخشية الافتتان بها بخلاف الزوجة فإنها حاصلة‏.‏
ثالثها‏:‏ أن حديث عائشة واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، بخلاف حديث أبي ذر فإنه مسوق مساق التشريع العام، وقد أشار ابن بطال إلى أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأنه كان يقدر من ملك أربه على ما لا يقدر عليه غيره‏.‏
وقال بعض الحنابلة يعارض حديث أبي ذر وما وافقه أحاديث صحيحة غير صريحة وصريحة غير صحيحة، فلا يترك العمل بحديث أبي ذر الصريح بالمحتمل، يعني حديث عائشة وما وافقه‏.‏
والفرق بين المار وبين النائم في القبلة أن المرور حرام بخلاف الاستقرار نائما كان أم غيره، فهكذا المرأة يقطع مرورها دون لبسها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على فراش أهله‏)‏ كذا للأكثر‏.‏
وهو متعلق بقوله فيصلي‏.‏
ووقع للمستملي ‏"‏ عن فراش أهله ‏"‏ وهو متعلق بقوله ‏"‏ يقوم ‏"‏ والأول يقتضي أن تكون صلاته كانت واقعة على الفراش، بخلاف الثاني ففيه احتمال‏.‏
وقد تقدم في ‏"‏ باب الصلاة على الفراش ‏"‏ من رواية عقيل عن ابن شهاب مثل الأول‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ أراد البخاري أن حمل المصلي الجارية إذا كان لا يضر الصلاة فمرورها بين يديه لا يضر لأن حملها أشد من مرورها‏.‏
وأشار إلى نحو هذا الاستنباط الشافعي، لكن تقييد المصنف بكونها صغيرة قد يشعر بأن الكبيرة ليست كذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي قتادة‏)‏ في رواية عبد الرزاق عن مالك ‏"‏ سمعت أبا قتادة ‏"‏ وكذا في رواية أحمد من طريق ابن جريج عن عامر عن عمرو بن سليم أنه ‏"‏ سمع أبا قتادة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وهو حامل أمامة‏)‏ المشهور في الروايات بالتنوين ونصب أمامة، وروى بالإضافة كما قرئ في قوله تعالى ‏(‏إن الله بالغ أمره‏)‏ بالوجهين، وتخصيص الحمل في الترجمة بكونه على العنق - مع أن السياق يشمل ما هو أعم من ذلك - مأخوذ من طريق أخرى مصرحة بذلك وهي لمسلم من طريق بكير بن الأشج عن عمرو بن سليم، ورواه عبد الرزاق عن مالك بإسناد حديث الباب فزاد فيه ‏"‏ على عاتقه ‏"‏ وكذا لمسلم وغيره من طرق أخرى، ولأحمد من طريق ابن جريج ‏"‏ على رقبته‏"‏‏.‏
وأمامة بضم الهمزة تخفيف الميمين كانت صغيرة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوجها علي بعد وفاة فاطمة بوصية منها ولم تعقب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولأبي العاص‏)‏ قال الكرماني‏:‏ الإضافة في قوله ‏"‏ بنت زينب ‏"‏ بمعنى اللام، فأظهر في المعطوف وهو قوله ‏"‏ ولأبي العاص ‏"‏ ما هو مقدر في المعطوف عليه‏.‏
انتهى‏.‏
وأشار ابن العطار إلى أن الحكمة في ذلك كون والد أمامة كان إذ ذاك مشركا فنسبت إلى أمها تنبيها على أن الولد ينسب إلى أشرف أبويه دينا ونسبا‏.‏
ثم بين أنها من أبي العاص تبيينا لحقيقة نسبها‏.‏
انتهى‏.‏
وهذا السياق لمالك وحده، وقد رواه غيره عن عامر بن عبد الله فنسبوها إلى أبيها، ثم بينوا أنها بنت زينب كما هو عند مسلم وغيره، ولأحمد من طريق المقبري عن عمرو بن سليم ‏"‏ يحمل أمامة بنت أبي العاص - وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - على عاتقه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ابن ربيعة بن عبد شمس‏)‏ كذا رواه الجمهور عن مالك، ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى وأبو مصعب وغيرهم عن مالك فقالوا ‏"‏ ابن الربيع ‏"‏ وهو الصواب‏.‏
وغفل الكرماني فقال خالف القوم البخاري فقال‏:‏ ربيعة، وعندهم الربيع، والواقع أن من أخرجه من القوم من طريق مالك كالبخاري فالمخالفة فيه إنما هي من مالك، وادعى الأصيلي أنه ابن الربيع بن ربيعة فنسبه مالك مرة إلى جده، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه‏.‏
نعم قد نسبه مالك إلى جده في قوله ‏"‏ ابن عبد الشمس ‏"‏ وإنما هو ابن عبد العزى بن عبد شمس، أطبق على ذلك النسابون أيضا، واسم أبي العاص لقيط وقيل مقسم وقيل القاسم وقيل مهشم وقيل هشيم وقيل ياسر وهو مشهور بكنيته‏.‏
أسلم قبل الفتح وهاجر، ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب وماتت معه وأثنى عليه في مصاهرته، وكانت وفاته في خلافة أبي بكر الصديق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإذا سجد وضعها‏)‏ كذا لمالك أيضا، ورواه مسلم أيضا من طريق عثمان بن أبي سليمان ومحمد ابن عجلان، والنسائي من طريق الزبيدي، وأحمد من طريق ابن جريج، وابن حبان من طريق أبي العميس كلهم عن عامر بن عبد الله شيخ مالك فقالوا ‏"‏ إذا ركع وضعها ‏"‏ ولأبي داود من طريق المقبري عن عمرو ابن سليم ‏"‏ حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده قام وأخذها فردها في مكانها‏"‏، وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا منها، بخلاف ما أوله الخطابي حيث قال‏:‏ يشبه أن تكون الصبية كانت قد ألفته، فإذا سجد تعلقت بأطرافه والتزمته فينهض من سجوده فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع فيرسلها‏.‏
قال‏:‏ هذا وجهه عندي‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ من المعلوم أن لفظ حمل لا يساوي لفظ وضع في اقتضاء فعل الفاعل لأنا نقول‏:‏ فلان حمل كذا ولو كان غيره حمله، بخلاف وضع، فعلى هذا فالفعل الصادر منه هو الوضع لا الرفع فيقل العمل‏.‏
قال‏:‏ وقد كنت أحسب هذا حسنا إلى أن رأيت في بعض طرقه الصحيحة ‏"‏ فإذا قام أعادها‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ وهي رواية لمسلم‏.‏
ورواية أبي داود التي قدمناها أصرح في ذلك وهي ‏"‏ ثم أخذها فردها في مكانها ‏"‏ ولأحمد من طريق ابن جريج ‏"‏ وإذا قام حملها فوضعها على رقبته‏"‏‏.‏
قال القرطبي‏:‏ اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم عن مالك أنه كان في النافلة، وهو تأويل بعيد، فإن ظاهر الأحاديث أنه كان في فريضة‏.‏
وسبقه إلى استبعاد ذلك المازري وعياض، لما ثبت في مسلم ‏"‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة على عاتقه‏"‏‏.‏
قال المازري‏:‏ إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة‏.‏
ولأبي داود ‏"‏ بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر - أو العصر - وقد دعاه بلال إلى الصلاة إذ خرج علينا وأمامة على عاتقه فقام في مصلاه فقمنا خلفه فكبر فكبرنا وهي في مكانها‏"‏، وعند الزبير بن بكار وتبعه السهيلي الصبح، ووهم من عزاه للصحيحين‏.‏
قال القرطبي‏:‏ وروى أشهب وعبد الله بن نافع عن مالك أن ذلك للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها‏.‏
انتهى‏.‏
وقال بعض أصحابه‏:‏ لأنه لو تركها لبكت وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها‏.‏
وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة‏.‏
وقال الباجي‏:‏ إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما‏.‏
قال القرطبي‏:‏ وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ‏.‏
قلت‏:‏ روى ذلك الإسماعيلي عقب روايته للحديث من طريقه، لكنه غير صريح، ولفظه‏:‏ قال التنيسي قال مالك‏:‏ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ناسخ ومنسوخ، وليس العمل على هذا‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة‏.‏
وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن في الصلاة لشغلا ‏"‏ لأن ذلك كان قبل الهجرة، وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعا بمدة مديدة‏.‏
وذكر عياض عن بعضهم أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم لكونه كان معصوما من أن تبول وهو حاملها، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص وبأنه لا يلزم من ثبوت الاختصاص في أمر ثبوته في غيره بغير دليل، ولا مدخل للقياس في مثل ذلك‏.‏
وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجد الطمأنينة في أركان صلاته‏.‏
وقال النووي‏:‏ ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ، وبعضهم أنه من الخصائص، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لبيان الجواز‏.‏
وقال الفاكهاني‏:‏ وكأن السر في حمله أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول‏.‏
واستدل به على ترجيح العمل بالأصل على الغالب كما أشار إليه الشافعي‏.‏
ولابن دقيق العيد هنا بحث من جهة أن حكايات الأحوال لا عموم لها، وعلى جواز إدخال الصبيان في المساجد، وعلى أن لمس الصغار الصبايا غير مؤثر في الطهارة، ويحتمل أن يفرق بين ذوات المحارم وغيرهن، وعلى صحة صلاة من حمل آدميا، وكذا من حمل حيوانا طاهرا، وللشافعية تفصيل بين المستجمر وغيره، وقد يجاب عن هذه القصة بأنها واقعة حال فيحتمل أن تكون أمامة كانت حينئذ قد غسلت، كما يحتمل أنه كان صلى الله عليه وسلم يمسها بحائل‏.‏
وفيه تواضعه صلى الله عليه وسلم، وشفقته على الأطفال، وإكرامه لهم جبرا لهم ولوالديهم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2013, 07:43 PM   #223
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض‏)‏ أي هل يكره أو لا‏؟‏ وحديث الباب يدل على أن لا كراهة‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ جواب إذا محذوف تقديره صحت صلاته، أو معناه باب حكم المسألة الفلانية، وقد تقدم الكلام عليه في أبواب ستر العورة في ‏"‏ باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته ‏"‏ وهذه الترجمة أخص من تلك، وتقدمت له طريق أخرى في آخر كتاب الحيض‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ أَخْبَرَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ قَالَتْ كَانَ فِرَاشِي حِيَالَ مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَيَّ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حيال‏)‏ بكسر المهملة بعدها ياء تحتانية أي بجنبه كما ذكره في الطريق الثانية‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ نَائِمَةٌ فَإِذَا سَجَدَ أَصَابَنِي ثَوْبُهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَزَادَ مُسَدَّدٌ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ وَأَنَا حَائِضٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإذا سجد أصابني ثوبه‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي والكشميهني ‏"‏ ثيابه ‏"‏ وللأصيلي ‏"‏ أصابتني ثيابه‏"‏‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ هذا الحديث وشبهه من الأحاديث التي فيها اعتراض المرأة بين المصلي وقبلته يدل على جواز القعود لا على جواز المرور‏.‏
انتهى‏.‏
وتعقب بأن ترجمة الباب ليست معقودة للاعتراض بل مسألة الاعتراض تقدمت، والظاهر أن المصنف قصد بيان صحة الصلاة ولو كانت الحائض بجنب المصلي ولو أصابتها ثيابه، لا كون الحائض بين المصلي وبين القبلة‏.‏
وتعبيره بقوله ‏"‏ إلى ‏"‏ أعم من أن تكون بينه وبين القبلة، فإن الانتهاء يصدق على ما إذا كانت أمامه أو عن يمينه أو عن شماله، وقد صرح في الحديث بكونها كانت إلى جنبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنا حائض‏)‏ كذا لأبي ذر وسقطت هذه الجملة لغيره، لكن في رواية كريمة بعد قوله ‏"‏ أصابني ثوبه ‏"‏ زاد مسدد عن خالد عن الشيباني ‏"‏ وأنا حائض‏"‏، ورواية مسدد هذه ساقها المصنف في ‏"‏ باب إذا أصاب ثوب المصلي ‏"‏ وفيها هذه الزيادة، وهي أصرح بمراد الترجمة والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يغمز الرجل امرأته الخ‏)‏ في الترجمة التي قبلها بيان صحة الصلاة ولو أصابت المرأة بعض ثياب المصلي، وفي هذه الترجمة بيان صحتها ولو أصابها بعض جسده‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ فَقَبَضْتُهُمَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمرو بن علي‏)‏ هو الفلاس، ويحيى هو القطان، وعبيد الله هو العمري، والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بئسما عدلتمونا‏)‏ تخفيف الدال، و ‏"‏ ما ‏"‏ نكرة مفسرة لفاعل بئس، والمخصوص بالذم محذوف تقديره عدلكم، أي تسويتكم إيانا بما ذكر‏.‏
وقد تقدم الكلام على مباحث الحديث في ‏"‏ باب التطوع خلف المراة‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنْ الْمُصَلِّي شَيْئًا مِنْ الْأَذَى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المرأة تطرح عن المصلي شيئا من الأذى‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ هذه الترجمة قريبة من التراجم التي قبلها، وذلك أن المرأة إذا تناولت ما على ظهر المصلي فإنها تقصد إلى أخذه من أي جهة أمكنها تناوله، فإن لم يكن هذا المعنى أشد من مرورها بين يديه فليس بدونه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّورَمَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلَاهَا فَيَجِيءُ بِهِ ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنْ الضَّحِكِ فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثُمَّ سَمَّى اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد بن إسحاق‏)‏ هو من صغار شيوخ البخاري، وقد شاركه في الرواية عن شيخه عبيد الله بن موسى المذكور، وعبيد الله ومن فوقه كلهم كوفيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ألا تنظرون إلى هذا المرائي‏)‏ مأخوذ من الرياء وهو التعبد في الملأ دون الخلوة ليرى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏جزور آل فلان‏)‏ لم أقف على تعيينهم لكن يشبه أن يكونوا آل أبي معيط لمبادرة عقبة بن أبي معيط إلى إحضار ما طلبوه منه، وهو المعنى بقوله أشقاهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانطلق منطلق‏)‏ لم أقف على تسميته، ويحتمل أن يكون هو ابن مسعود الراوي، وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في الطهارة قبل الغسل بقليل‏.‏
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتملت أبواب استقبال القبلة - وما معها من أحكام المساجد وسترة المصلى - من الأحاديث المرفوعة على ستة وثمانين حديثا، المكرر منها ستة وثلاثون حديثا عشرة تقدمت وستة وعشرون فيها الخالص منها خمسون حديثا، وافقه مسلم على تخريج أصولها سوى حديث أنس ‏"‏ من استقبل قبلتنا ‏"‏ وحديث ابن عباس في الصلاة في قبل الكعبة، لكن أوضحنا أن مسلما أخرجه عن ابن عباس عن أسامة، وحديث جابر في الصلاة على الراحلة، وحديث عائشة في قصة الوليدة صاحبة الوشاح، وحديث أبي هريرة ‏"‏ رأيت سبعين من أصحاب الصفة‏"‏، وحديث ابن عمر ‏"‏ كان المسجد مبنيا باللبن‏"‏، وحديث ابن عباس في قصة عمار في بناء المسجد، وحديثه في الخطبة في خوخة أبي بكر، وحديث عمر في رفع الصوت في المسجد، وحديث ابن عمر في المساجد التي على طرق المدينة وهو مشتمل على عشرة أحاديث، وحديث عائشة ‏"‏ لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين‏"‏‏.‏
وفيها من المعلقات ثمانية عشر حديثا كلها مكررة إلا حديث أنس في قصة العباس ومال البحرين وهو من أفراده أيضا عن مسلم، فجملة ما فيها من الأحاديث بالمكرر مائة وأربعة أحاديث، وفيها من الآثار ثلاثة وعشرون كلها معلقات، إلا أثر مساجد ابن عباس، وأثر عمر وعثمان أنهما كانا يستلقيان في المسجد، وأثرهما أنهما زادا في المسجد، فإن هذه موصولة‏.‏
والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:21 PM   #224
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*1*المجلد الثاني
*2*كتاب مواقيت الصلاة
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا
وَقَوْلِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا مُوَقَّتًا وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ
الشرح‏:‏
‏(‏باب مواقيت الصلاة - بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ كذا للمستملي وبعده البسملة، ولرفيقيه البسملة مقدمة وبعدها ‏"‏ باب مواقيت الصلاة وفضلها ‏"‏ وكذا في نسخة الصغاني، وكذا لكريمة لكن بلا بسملة، وكذا للأصيلي لكن بلا باب‏.‏
و ‏"‏ المواقيت ‏"‏ جمع ميقات وهو مفعال من الوقت وهو القدر المحدد للفعل من الزمان أو المكان‏.‏
قوله ‏(‏كتابا موقوتا موقتا وقته عليهم‏)‏ كذا وقع في أكثر الروايات، وسقط في بعضها لفظ ‏"‏ موقتا ‏"‏ فاستشكل ابن التبن تشديد القاف من وقته‏.‏
وقال‏:‏ المعروف في اللغة التخفيف ا ه‏.‏
والظاهر أن المصنف أراد بقوله ‏"‏ موقتا ‏"‏ بيان أن قوله ‏"‏ موقوتا ‏"‏ من التوقيت، فقد جاء عن مجاهد في معنى قوله موقوتا قال‏:‏ مفروضا، وعن غيره محدودا‏.‏
وقال صاحب المنتهى‏:‏ كل شيء جعل له حين وغاية فهو موقت، يقال وقته ليوم كذا، أي أجله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْعِرَاقِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بِهَذَا أُمِرْتُ فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ أو أن جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلَاةِ قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا عبد الله بن مسلمة‏)‏ هو القعنبي، وهذا الحديث أول شيء في الموطأ، ورجاله كلهم مدنيون‏.‏
قوله ‏(‏أخر الصلاة يوما‏)‏ وللمصنف في بدء الخلق من طريق الليث عن ابن شهاب بيان الصلاة المذكورة ولفظه ‏"‏ أخر العصر شيئا ‏"‏ قال ابن عبد البر‏:‏ ظاهر سياقه أنه فعل ذلك يوما ما، لا أن ذلك كان عادة له وإن كان أهل بيته معروفين بذلك ا ه‏.‏
وسيأتي بيان ذلك قريبا في ‏"‏ باب تضييع الصلاة عن وقتها ‏"‏ وكذا في نسخة الصغاني‏.‏
وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب ‏"‏ أخر الصلاة مرة ‏"‏ يعني العصر، وللطبراني من طريق أبي بكر بن حزم أن عروة حدث عمر بن عبد العزيز - وهو يومئذ أمير المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك - وكان ذلك زمان يؤخرون فيه الصلاة، يعني بني أمية‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ المراد أنه أخرها حتى خرج الوقت المستحب، لا أنه أخرها حتى غربت الشمس ا ه‏.‏
ويؤيده سياق رواية الليث المتقدمة‏.‏
وأما ما رواه الطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب في هذا الحديث قال ‏"‏ دعا المؤذن لصلاة العصر فأمسى عمر بن عبد العزيز قيل أن يصليها ‏"‏ فمحمول على أنه قارب المساء لا أنه دخل فيه‏.‏
وقد رجع عمر بن عبد العزيز عن ذلك، فروى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز - يعني في خلافته - كان يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين تدخل‏.‏
قوله ‏(‏أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما‏)‏ بين عبد الرزاق في روايته عن ابن جريج عن ابن شهاب أن الصلاة المذكورة العصر أيضا، ولفظه ‏"‏ أمسى المغيرة بن شعبة بصلاة العصر‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏وهو بالعراق‏)‏ في الموطأ رواية القعنبي وغيره عن مالك ‏"‏ وهو بالكوفة‏"‏، وكذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة عن القعنبي‏.‏
والكوفة من جملة العراق، فالتعبير بها أخص من التعبير بالعراق، وكان المغيرة إذ ذاك أميرا عليها من قبل معاوية بن أبي سفيان‏.‏
قوله ‏(‏أبو مسعود‏)‏ أي عقبة بن عمرو البدري‏.‏
قوله ‏(‏ما هذا‏)‏ أي التأخير‏.‏
قوله ‏(‏أليس‏)‏ كذا الرواية، وهو استعمال صحيح، لكن الأكثر في الاستعمال في مخاطبة الحاضر ‏"‏ ألست ‏"‏ وفي مخاطبة الغائب ‏"‏ أليس‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏قد علمت‏)‏ قال عياض يدل ظاهره على علم المغيرة بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل الظن من أبي مسعود لعلمه بصحبة المغيرة‏.‏
قلت‏:‏ ويؤيد الأول رواية شعيب عن ابن شهاب عند المصنف في غزوة بدر بلفظ ‏"‏ فقال لقد علمت ‏"‏ بغير أداة استفهام، ونحوه لعبد الرزاق عن معمر وابن جريج جميعا‏.‏
قوله ‏(‏أن جبريل نزل‏)‏ بين ابن إسحاق في المغازي أن ذلك كان صبيحة الليلة التي فرضت فيها الصلاة وهي ليلة الإسراء، قال ابن إسحاق ‏"‏ حدثني عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير ‏"‏ وقال عبد الرزاق ‏"‏ عن ابن جريج قال‏:‏ قال نافع بن جبير وغيره‏:‏ لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسرى به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سميت ‏"‏ الأولى ‏"‏ أي صلاة الظهر، فأمر فصيح بأصحابه‏:‏ ‏"‏ الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصلى به جبريل وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس ‏"‏ فذكر الحديث، وفيه رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله ‏(‏نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال عياض‏:‏ ظاهره أن صلاته كانت بعد فراغ صلاة جبريل، لكن المنصوص في غيره أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم، فيحمل قوله ‏"‏ صلى فصلى ‏"‏ على أن جبريل كان كلما فعل جزءا من الصلاة تابعه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ا ه‏.‏
وبهذا جزم النووي‏.‏
وقال غيره‏:‏ الفاء بمعنى الواو، واعترض بأنه يلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقدم في بعض الأركان على جبريل على ما يقتضيه مطلق الجمع‏.‏
وأجيب بمراعاة الحيثية وهي التبيين، فكان لأجل ذلك يتراخى عنه‏.‏
وقيل‏:‏ الفاء للسببية كقوله تعالى ‏(‏فوكزه موسى فقضى عليه‏)‏ وفي رواية الليث عند المصنف وغيره ‏"‏ نزل جبريل فأمنى فصليت معه‏"‏‏.‏
وفي رواية عبد الرزاق عن معمر ‏"‏ نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الناس معه ‏"‏ وهذا يؤيد رواية نافع بن جبير المتقدمة، وإنما دعاهم إلى الصلاة بقوله ‏"‏ الصلاة جامعة ‏"‏ لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ، واستدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره، ويجاب عنه بما يجاب به عن قصة أبي بكر في صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة الناس خلفه، فإنه محمول على أنه كان مبلغا فقط كما سيأتي تقريره في أبواب الإمامة‏.‏
واستدل به أيضا على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل من جهة أن الملائكة ليسوا مكلفين بمثل ما كلف به الإنس‏.‏
قاله ابن العربي وغيره‏.‏
وأجاب عياض باحتمال أن لا تكون تلك الصلاة كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ‏.‏
وتعقبه بما تقدم من أنها كانت صبيحة ليلة فرض الصلاة، وأجاب باحتمال أن الوجوب عليه كان معلقا بالبيان، فلم يتحقق الوجوب إلا بعد تلك الصلاة‏.‏
قال‏:‏ وأيضا لا نسلم أن جبريل كان متنفلا بل كانت تلك الصلاة واجبة عليه لأنه مكلف بتبليغها، فهي صلاة مفترض خلف مفترض ا ه‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ قد يتعلق به من يجوز صلاة مفترض بفرض خلف مفترض بفرض آخر، كذا قال، وهو مسلم له في صورة المؤداة مثلا خلف المقضية لا في صورة الظهر خلف العصر مثلا‏.‏
قوله ‏(‏بهذا أمرت‏)‏ بفتح المثناة على المشهور، والمعنى هذا الذي أمرت به أن تصليه كل يوم وليلة، وروى بالضم، أي هذا الذي أمرت بتبليغه لك‏.‏
قوله ‏(‏اعلم‏)‏ بصيغة الأمر‏.‏
قوله ‏(‏أو إن جبريل‏)‏ بفتح الهمزة وهي للاستفهام والواو هي العاطفة والعطف على شيء مقدر وبكسر همزة إن ويجوز الفتح‏.‏
قوله ‏(‏وقوت الصلاة‏)‏ كذا للمستملي بصيغة الجمع، وللباقين ‏"‏ وقت الصلاة ‏"‏ بالإفراد وهو للجنس‏.‏
قوله ‏(‏كذلك كان بشير‏)‏ هو بفتح الموحدة بعدها معجمة بوزن فعيل‏.‏
وهو تابعي جليل ذكر في الصحابة لكونه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ هذا السياق منقطع عند جماعة من العلماء لأن ابن شهاب لم يقل حضرت مراجعة عروة لعمر، وعروة لم يقل حدثني بشير، لكن الاعتبار عند الجمهور بثبوت اللقاء والمجالسة لا بالصيغ ا ه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ أعلم أن الحديث بهذا الطريق ليس متصل الإسناد إذ لم يقل أبو مسعود‏:‏ شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قلت‏:‏ هذا لا يسمى منقطعا اصطلاحا، وإنما هو مرسل صحابي لأنه لم يدرك القصة، فاحتمل أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه عنه بتبليغ من شاهده أو سمعه كصحابي آخر‏.‏
على أن رواية الليث عند المصنف تزيل الإشكال كله، ولفظه ‏"‏ فقال عروة‏:‏ سمعت بشير بن أبي مسعود يقول‏:‏ سمعت أبي يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏
وكذا سياق ابن شهاب، وليس فيه التصريح بسماعه له من عروة، وابن شهاب قد جرب عليه التدليس، لكن وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب قال ‏"‏ كنا مع عمر بن عبد العزيز‏"‏؛ فذكره‏.‏
وفي رواية شعيب عن الزهري ‏"‏ سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز ‏"‏ الحديث‏.‏
قال القرطبي‏:‏ قول عروة إن جبريل نزل ليس فيه حجة واضحة على عمر بن عبد العزيز إذ لم يعين له الأوقات‏.‏
قال‏:‏ وغاية ما يتوهم عليه أنه نبهه وذكره بما كان يعرفه من تفاصيل الأوقات‏.‏
قال‏:‏ وفيه بعد، لإنكار عمر على عروة حيث قال له ‏"‏ اعلم ما تحدث يا عروة ‏"‏ قال‏:‏ وظاهر هذا الإنكار أنه لم يكن عنده علم من إمامة جبريل‏.‏
قلت‏:‏ لا يلزم من كونه لم يكن عنده علم منها أن لا يكون عنده علم بتفاصيل الأوقات المذكورة من جهة العمل المستمر، لكن لم يكن يعرف أن أصله بتبيين جبريل بالفعل، فلهذا استثبت فيه، وكأنه كان يرى أن لا مفاضلة بين أجزاء الوقت الواحد، وكذا يحمل عمل المغيرة وغيره من الصحابة، ولم أقف في شيء من الروايات على جواب المغيرة لأبي مسعود، والظاهر أنه رجع إليه والله أعلم‏.‏
وأما ما زاده عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري في هذه القصة قال‏:‏ فلم يزل عمر يعلم الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا، ورواه أبو الشيخ في ‏"‏ كتاب المواقيت ‏"‏ له من طريق الوليد عن الأوزاعي عن الزهري قال ‏"‏ ما زال عمر بن عبد العزيز يتعلم مواقيت الصلاة حتى مات‏"‏‏.‏
ومن طريق إسماعيل بن حكيم ‏"‏ أن عمر بن عبد العزيز جعل ساعات ينقضين مع غروب الشمس ‏"‏ زاد من طريق ابن إسحاق عن الزهري ‏"‏ فما أخرها حتى مات ‏"‏ فكله يدل على أن عمر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط إلا بعد أن حدثه عروة بالحديث المذكور‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ورد في هذه القصة من وجه آخر عن الزهري بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح توجيه احتجاج عروة به، فروى أبو داود وغيره، وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق ابن وهب، والطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أسامة بن زيد عن الزهري هذا الحديث بإسناده وزاد في آخره ‏"‏ قال أبو مسعود‏:‏ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الطهر حين تزول الشمس ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏
وذكر أبو داود أن أسامة بن زيد تفرد بتفسير الأوقات فيه، وأن أصحاب الزهري لم يذكروا ذلك‏.‏
قال‏:‏ وكذا رواه هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة لم يذكرا تفسيرا ا ه‏.‏
ورواية هشام أخرجها سعيد بن منصور في سننه، ورواية حبيب أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسنده‏.‏
وقد وجدت ما يعضد رواية أسامة ويزيد عليها أن البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه الباغندي في ‏"‏ مسند عمر بن عبد العزيز ‏"‏ والبيهقي في ‏"‏ السنن الكبرى ‏"‏ من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم أنه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعا، لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة، ووضح أن له أصلا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارا، وبذلك جزم ابن عبد البر، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ‏.‏
وفي الحديث من الفوائد‏:‏ دخول العلماء على الأمراء، وإنكارهم عليهم ما يخالف السنة، واستثبات العالم فيما يستغربه السامع، والرجوع عند التنازع إلى السنة‏.‏
وفيه فضيلة عمر بن عبد العزيز‏.‏
وفيه فضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل‏.‏
وقبول خبر الواحد الثبت‏.‏
واستدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له لما أن أرسل الحديث بذكر من حدثه به فرجع إليه، فكأن عمر قال له‏:‏ تأمل ما تقول، فلعله بلغك عن غير ثبت‏.‏
فكأن عروة قال له‏:‏ بل قد سمعته ممن قد سمع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصاحب قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة كصنيع عروة حين احتج على عمر قال‏:‏ وإنما راجعه عمر لتثبته فيه لا لكونه لم يرض به مرسلا‏.‏
كذا قال، وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطال‏.‏
وقال ابن بطال أيضا‏:‏ في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أم بالنبي صلى الله عليه وسلم في يومين لوقتين مختلفين لكل صلاة، قال‏:‏ لأنه لو كان صحيحا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجا بصلاة جبريل، مع أن جبريل قد صلى في اليوم الثاني في آخر الوقت وقال ‏"‏ الوقت ما بين هذين ‏"‏ وأجيب باحتمال أن تكون صلاة عمر كانت خرجت عن وقت الاختيار وهو مصير ظل الشيء مثليه، لا عن وقت الجواز وهو مغيب الشمس، فيتجه إنكار عروة، ولا يلزم منه ضعف الحديث‏.‏
أو يكون عروة أنكر مخالفة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصلاة في أول الوقت ورأى أن الصلاة بعد ذلك إنما هي لبيان الجواز، فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضا‏.‏
وقد روى سعيد بن منصور من طريق طلق بن حبيب مرسلا قال ‏"‏ إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته، ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله ‏"‏ ورواه أيضا عن ابن عمر من قوله، ويؤيد ذلك احتجاج عروة بحديث عائشة في كونه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، وهي الصلاة التي وقع الإنكار بسببها، وبذلك تظهر مناسبة ذكره لحديث عائشة بعد حديث أبي مسعود، لأن حديث عائشة يشعر بمواظبته على صلاة العصر في أول الوقت، وحديث أبي مسعود يشعر بأن أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل‏.‏
قوله ‏(‏قال عروة‏:‏ ولقد حدثتني عائشة‏)‏ قال الكرماني‏:‏ هو إما مقول ابن شهاب أو تعليق من البخاري‏.‏
قلت‏:‏ الاحتمال الثاني - على بعده - مغاير للواقع كما سيظهر في ‏"‏ باب وقت العصر ‏"‏ قريبا‏.‏
فقد ذكره مسندا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، فهو مقوله وليس بتعليق، وسنذكر الكلام على فوائده هناك إن شاء الله تعالى‏.‏3

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:22 PM   #225
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب منيبين إليه‏)‏ كذا عند أبي ذر بتنوين باب، ولغيره ‏"‏ باب قوله تعالى ‏"‏ بالإضافة‏.‏
والمنيب‏:‏ التائب، من الإنابة وهي الرجوع‏.‏
وهذه الآية مما استدل به من يرى تكفير تارك الصلاة لما يقتضيه مفهومها، وأجيب بأن المراد أن ترك الصلاة من أفعال المشركين فورد النهي عن التشبه بهم، لا أن من وافقهم في الترك صار مشركا‏.‏
وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة‏.‏
ومناسبتها لحديث وفد عبد القيس أن في الآية اقتران نفي الشرك بإقامة الصلاة، وفي الحديث اقتران إثبات التوحيد بإقامتها، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الإيمان‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا فَقَالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ وَأَنْهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالنَّقِيرِ
الشرح‏:‏
وقوله في هذه الرواية ‏"‏ حدثنا عباد وهو ابن عباد ‏"‏ كذا لأبي ذر، وسقطت الواو لغيره، وهو ممن وافق اسمه اسم أبيه، واسم جده حبيب بن المهلب بن أبي صفرة‏.‏
وقوله ‏"‏إنا من هذا الحي ‏"‏ هو بالنصب على الاختصاص، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْبَيْعَةِ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب البيعة على إقام الصلاة‏)‏ وفي رواية كريمة ‏"‏ إقامة‏"‏، والمراد بالبيعة المبايعة على الإسلام‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
الشرح‏:‏
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة لأنها رأس العبادات البدنية، ثم أداء الزكاة لأنها رأس العبادات المالية، ثم يعلم كل قوم ما حاجتهم إليه أمس، فبايع جريرا على النصيحة لأنه كان سيد قومه فأرشده إلى تعليمهم بأمره بالنصيحة لهم، وبايع وفد عبد القيس على أداء الخمس لكونهم كانوا أهل محاربة من يليهم من كفار مضر، وقد تقدم الكلام على حديث جرير أيضا مستوفى في آخر كتاب الإيمان‏.‏
و ‏"‏ يحيى ‏"‏ في الإسناد أيضا هو القطان، وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب الصلاة كفارة‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي ‏"‏ باب تكفير الصلاة‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ قُلْتُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ وَلَكِنْ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ يُكْسَرُ قَالَ إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا قُلْنَا أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبَابُ عُمَرُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ هو القطان، وشقيق هو ابن سلمة أبو وائل‏.‏
قوله ‏(‏في الفتنة‏)‏ للمستملي ‏"‏ حدثني حذيفة‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏في الفتنة‏)‏ فيه دليل على جواز إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص‏.‏
إذ تبين أنه لم يسأل إلا عن فتنة مخصوصة‏.‏
ومعنى الفتنة في الأصل الاختبار والامتحان، ثم استعملت في كل أمر يكشفه الامتحان عن سوء‏.‏
وتطلق على الكفر، والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب به، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى ‏(‏ونبلوكم بالشر والخير فتنة‏)‏ ‏.‏
قوله ‏(‏أنا كما قاله‏)‏ أي أنا أحفظ ما قاله، والكاف زائدة للتأكيد، أو هي بمعنى على‏.‏
ويحتمل أن يراد بها المثلية، أي أقول مثل ما قاله‏.‏
قوله ‏(‏عليه‏)‏ أي على النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏أو عليها‏)‏ أي على المقالة، والشك من أحد رواته‏.‏
قوله ‏(‏الأمر والنهي‏)‏ أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما صرح به في الزكاة‏.‏
قوله ‏(‏قلنا‏)‏ هو مقول شقيق‏.‏
و قوله ‏(‏إني حدثته‏)‏ هر مقول حذيفة‏.‏
و ‏(‏الأغاليط‏)‏ جمع أغلوطة‏.‏
و قوله ‏(‏فهبنا‏)‏ أي خفنا، وهو مقول شقيق أيضا‏.‏
و قوله ‏(‏الباب عمر‏)‏ لا يغاير قوله قبل ذلك ‏(‏إن بينه وبين الفتنة بابا‏)‏ لأن المراد بقوله بينك وبينها، أي بين زمانك وبين زمان الفتنة وجود حياتك، وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في علامات النبوة إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذَا قَالَ لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏أن رجلا‏)‏ هو أبو اليسر بفتح التحتانية والمهملة الأنصاري، رواه الترمذي وقيل غيره، ولم أقف على اسم المرأة المذكورة، ولكن جاء في بعض الأحاديث أنها من الأنصار‏.‏
قوله ‏(‏لجميع أمتي كلهم‏)‏ فيه مبالغة في التأكيد وسقط ‏"‏ كلهم ‏"‏ من رواية المستملي، وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في آخر تفسير سورة هود إن شاء الله تعالى‏.‏
واحتج المرجئة بظاهره وظاهر الذي قبله على أن أفعال الخير مكفرة للكبائر والصغائر، وحمله جمهور أهل السنة على الصغائر عملا بحمل المطلق على المقيد كما سيأتي بسطه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:23 PM   #226
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب فضل الصلاة لوقتها‏)‏ كذا ترجم، وأورده بلفظ ‏"‏ على وقتها ‏"‏ وهي رواية شعبة وأكثر الرواة، نعم أخرجه في التوحيد من وجه آخر بلفظ الترجمة، وكذا أخرجه مسلم باللفظين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏قال الوليد بن العيزار أخبرني‏)‏ هو على التقديم والتأخير‏.‏
قوله ‏(‏حدثنا صاحب هذه الدار‏)‏ كذا رواه شعبة مبهما، ورواه مالك بن مغول عند المصنف في الجهاد وأبو إسحاق الشيباني في التوحيد عن الوليد فصرحا باسم عبد الله، وكذا رواه النسائي من طريق أبي معاوية النخعي عن أبي عمرو الشيباني وأحمد من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه‏.‏
قوله ‏(‏وأشار بيده‏)‏ فيه الاكتفاء بالإشارة المفهمة عن التصريح، وعبد الله هو ابن مسعود‏.‏
قوله ‏(‏أي العمل أحب إلى الله‏)‏ في رواية مالك بن مغول ‏"‏ أي العمل أفضل ‏"‏ وكذا لأكثر الرواة، فإن كان هذا اللفظ هو المسئول به فلفظ حديث الباب ملزوم عنه‏.‏
ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها، وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن ‏"‏ أفضل ‏"‏ ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق، أو المراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ الأعمال في هذا الحديث محمولة على البدنية، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان لأنه من أعمال القلوب، فلا تعارض حينئذ بينه وبين حديث أبي هريرة ‏"‏ أفضل الأعمال إيمان بالله ‏"‏ الحديث‏.‏
وقال غيره‏:‏ المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عين، لأنه يتوقف على إذن الوالدين فيكون برهما مقدما عليه‏.‏
قوله ‏(‏الصلاة على وقتها‏)‏ قال ابن بطال فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب‏.‏
قلت‏:‏ وفي أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء‏.‏
وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم، ولفظ ‏"‏ أحب ‏"‏ يقتضي المشاركة في الاستحباب فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت‏.‏
وأجيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال؛ فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبا، لكن إيقاعها في الوقت أحب‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور في الباب وهو قوله ‏"‏ عن وقتها ‏"‏ وخالفهم علي ابن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم فقال ‏"‏ الصلاة في أول وقتها ‏"‏ أحرجه الحاكم والدار قطني والبيهقي من طريقه‏.‏
قال الدار قطني‏:‏ ما أحسبه حفظه، لأنه كير وتغير حفظه‏.‏
قلت‏:‏ ورواه الحسن بن علي المعمري في ‏"‏ اليوم والليلة ‏"‏ عن أبي موسى محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة كذلك‏.‏
قال الدار قطني‏:‏ تفرد به المعمري، فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه بلفظ ‏"‏ على وقتها ‏"‏ ثم أخرجه الدار قطني عن المحاملي عن أبي موسى كرواية الجماعة، وهكذا رواه أصحاب غندر عنه، والظاهر أن المعمري وهم فيه لأنه كان يحدث من حفظه، وقد أطلق النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ أن رواية ‏"‏ في أول وقتها ‏"‏ ضعيفة ا ه، لكن لها طريق أخرى أخرجها ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وغيرهما من طريق عثمان عن عمر عن مالك بن مغول عن الوليد، وتفرد عثمان بذلك، والمعروف عن مالك بن مغول كرواية الجماعة، كذا أخرجه المصنف وغيره، وكأن من رواها كذلك ظن أن المعنى واحد، ويمكن أن يكون أخذه من لفظة ‏"‏ على ‏"‏ لأنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت فيتعين أوله، قال القرطبي وغيره‏:‏ قوله ‏"‏ لوقتها ‏"‏ اللام للاستقبال مثل قوله تعالى ‏(‏فطلقوهن لعدتهن‏)‏ أي مستقبلات عدتهن، وقيل للابتداء كقوله تعالى ‏(‏أقم الصلاة لدلوك الشمس‏)‏ وقيل بمعنى في، أي في وقتها‏.‏
وقوله ‏"‏على وقتها ‏"‏ قيل على بمعنى اللام ففيه ما تقدم، وقيل لإرادة الاستعلاء على الوقت، وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه‏.‏
قوله ‏(‏ثم أي‏)‏ قيل‏:‏ الصواب أنه غير منون لأنه غير موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثم يؤتي بما بعده قاله الفاكهاني‏.‏
وحكى ابن الجوزي عن ابن الخشاب الجزم بتنوينه لأنه معرب غير مضاف، وتعقب بأنه مضاف تقديرا والمضاف إليه محذوف لفظا، والتقدير‏:‏ ثم أي العمل أحب‏؟‏ فيوقف عليه بلا تنوين‏.‏
وقد نص سيبوبه على أنها تعرب ولكنها تبنى إذا أضيفت، واستشكله الزجاج‏.‏
قوله ‏(‏قال بر الوالدين‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي ‏"‏ قال ثم بر الوالدين ‏"‏ بزيادة ثم، قال بعضهم‏:‏ هذا الحديث موافق لقوله تعالى ‏(‏أن اشكر لي ولوالديك‏)‏ وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال‏:‏ من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما‏.‏
قوله ‏(‏حدثني بهن‏)‏ هو مقول عبد الله بن مسعود، وفيه تقرير وتأكيد لما تقدم من أنه باشر السؤال وسمع الجواب‏.‏
قوله ‏(‏ولو استزدته‏)‏ يحتمل أن يريد من هذا النوع وهو مراتب أفضل الأعمال، ويحتمل أن يريد من مطلق المسائل المحتاج إليها، وزاد الترمذي من طريق المسعودي عن الوليد ‏"‏ فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني ‏"‏ فكأنه استشعر منه مشقة، ويؤيده ما في رواية لمسلم ‏"‏ فما تركت أن أستزيده إلا إرعاء عليه ‏"‏ أي شفقة عليه لئلا يسأم‏.‏
وفي الحديث فضل تعظيم الوالدين، وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض‏.‏
وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد، والرفق بالعالم، والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله، وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والشفقة عليه، وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه‏.‏
وفيه أن الإشارة تتنزل منزلة التصريح إذا كانت معينة للمشار إليه مميز له عن غيره‏.‏
قال ابن بزيزة‏:‏ الذي يقتضيه النظر تقدم الجهاد على جميع أعمال البدن، لأن فيه بذل النفس، إلا أن الصبر على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على بر الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبة أمر الله فيه إلا الصديقون، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:24 PM   #227
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏الصلوات الخمس كفارة‏)‏ كذا ثبت في أكثر الروايات، وهي أخص من الترجمة السابقة على التي قبلها‏.‏
وسقطت الترجمة من بعض الروايات، وعليه مشى ابن بطال ومن تبعه، وزاد الكشميهني بعد قوله ‏"‏ كفارة للخطايا إذا صلاهن لوقتهن في الجماعة وغيرها‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏ابن أبي حازم والدراوردي‏)‏ كل منهما يسمى عبد العزيز، وهما مدنيان، وكذا بقية رجال الإسناد‏.‏
قوله ‏(‏عن يزيد بن عبد الله‏)‏ أي ابن أبي أسامة بن الهاد الليثي، وهو تابعي صغير، ولم أر هذا الحديث بهذا الإسناد إلا من طريقه‏.‏
وأخرجه مسلم أيضا من طريق الليث بن سعد وبكر بن مضر كلاهما عنه‏.‏
نعم روى من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، أخرجه البيهقي في الشعب من طريق محمد بن عبيد عنه، لكنه شاذ لأن أصحاب الأعمش إنما رووه عنه عن أبي سفيان عن جابر، وهو عند مسلم أيضا من هذا الوجه‏.‏
قوله ‏(‏عن محمد بن إبراهيم‏)‏ هو التيمي راوي حديث الأعمال، وهو من التابعين أيضا، ففي الإسناد ثلاثة تابعيون على نسق، قوله ‏(‏أرأيتم‏)‏ هو استفهام تقرير متعلق بالاستخبار، أي أخبروني هل يبقى‏.‏
قوله ‏(‏لو أن نهرا‏)‏ قال الطيبي‏:‏ لفظ ‏"‏ لو ‏"‏ يقتضي أن يدخل على الفعل وأن يجاب، لكنه وضع الاستفهام موضعه تأكيدا وتقريرا، والتقدير لو ثبت نهر صفته كذا لما بقي كذا، والنهر بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبي الوادي، سمي بذلك لسعته، وكذلك سمي النهار لسعة ضوئه‏.‏
قوله ‏(‏ما تقول‏)‏ كذا في النسخ المعتمدة بإفراد المخاطب، والمعنى ما تقول يا أيها السامع‏؟‏ ولأبي نعيم في المستخرج على مسلم وكذا للإسماعيلي والجوزقي ‏"‏ ما تقولون ‏"‏ بصيغة الجمع، والإشارة في ذلك إلى الاغتسال، قال ابن مالك‏:‏ فيه شاهد على إجراء فعل القول مجرى فعل الظن، وشرطه أن يكون مضارعا مسندا إلى المخاطب متصلا باستفهام‏.‏
قوله ‏(‏يبقى‏)‏ بضم أوله على الفاعلية‏.‏
قوله ‏(‏من درنه‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ شيئا ‏"‏ والدرن الوسخ، وقد يطلق الدرن على الحب الصغار التي تحصل في بعض الأجساد، ويأتي البحث في ذلك‏.‏
قوله ‏(‏قالوا لا يبقى‏)‏ بضم أوله أيضا، و ‏(‏شيئا‏)‏ منصوب على المفعولية‏.‏
ولمسلم ‏"‏ لا يبقى ‏"‏ بفتح أوله و ‏"‏ شيء ‏"‏ بالرفع، والفاء في قوله ‏"‏ فذلك ‏"‏ جواب شيء محذوف، أي إذا تقرر ذلك عندكم فهو مثل الصلوات الخ‏.‏
وفائدة التمثيل التأكيد، وجعل المعقول كالمحسوس‏.‏
قال الطيبي‏:‏ في هذا الحديث مبالغة في نفي الذنوب لأنهم لم يقتصروا في الجواب على ‏"‏ لا ‏"‏ أعادوا اللفظ تأكيدا‏.‏
وقال ابن العربي‏:‏ وجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه ويطهره الماء الكثير فكذلك الصلوات تطهر العبد عن أقذار الذنوب حتى لا تبقى له ذنبا إلا أسقطته، انتهى‏.‏
وظاهره أن المراد بالخطايا في الحديث ما هو أعم من الصغيرة والكبيرة، لكن قال ابن بطال‏:‏ يؤخذ من الحديث أن المراد الصغائر خاصة، لأنه شبه الخطايا بالدرن والدرن صغير بالنسبة إلى ما هو أكبر منه من القروح والخراجات، انتهى‏.‏
وهو مبني على أن المراد بالدرن في الحديث الحب، والظاهر أن المراد به الوسخ، لأنه هو الذي يناسبه الاغتسال والتنظف‏.‏
وقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري التصريح بذلك، وهو فيما أخرجه البرار والطبراني بإسناد لا بأس به من طريق عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ أرأيت لو أن رجلا كان له معتمل، وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله فأصابه وسخ أو عرق، فكلما مر بنهر اغتسل منه ‏"‏ الحديث‏.‏
ولهذا قال القرطبي‏:‏ ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير جميع الذنوب، وهو مشكل، لكن روى مسلم قبله حديث العلاء عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ الصلوات الخمس كفارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر ‏"‏ فعلى هذا المقيد يحمل ما أطلق في غيره‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال ابن بزيزة في ‏"‏ شرح الأحكام ‏"‏‏:‏ يتوجه على حديث العلاء إشكال يصعب التخلص منه، وذلك أن الصغائر بنص القرآن مكفرة باجتناب الكبائر، وإذا كان كذلك فما الذي تكفره الصلوات الخمس‏؟‏ انتهى‏.‏
وقد أجاب عنه شيخنا الإمام البلقيني بأن السؤال غير وارد، لأن مراد الله ‏(‏أن تجتنبوا‏)‏ أي في جميع العمر، ومعناه الموافاة على هذه الحالة من وقت الإيمان أو التكليف إلى الموت، والذي في الحديث أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها - أي في يومها - إذا اجتنبت الكبائر في ذلك اليوم، فعلى هذا لا تعارض بين الآية والحديث، انتهى‏.‏
وعلى تقدير ورود السؤال فالتخلص منه بحمد الله سهل، وذلك أنه لا يتم اجتناب الكبائر إلا بفعل الصلوات الخمس، فمن لم يفعلها لم يعد مجتنبا للكبائر، لأن تركها من الكبائر فوقف التكفير على فعلها، والله أعلم‏.‏
وقد فصل شيخنا الإمام البلقيني أحوال الإنسان بالنسبة إلى ما يصدر منه من صغيرة وكبيرة، فقال‏:‏ تنحصر في خمسة، أحدها‏:‏ أن لا يصدر منه شيء البتة، فهذا يعاوض برفع الدرجات‏.‏
ثانيها‏:‏ يأتي بصغائر بلا إصرار، فهذا تكفر عنه جزما‏.‏
ثالثها‏:‏ مثله لكن مع الإصرار فلا تكفر إذا قلنا إن الإصرار على الصغائر كبيرة‏.‏
رابعها‏:‏ أن يأتي بكبيرة واحدة وصغائر‏.‏
خامسها‏:‏ أن يأتي بكبائر وصغائر، وهذا فيه نظر يحتمل إذا لم يجتنب الكبائر أن لا تكفر الكبائر بل تكفر الصغائر، ويحتمل أن لا تكفر شيئا أصلا، والثاني أرجح لأن مفهوم المخالفة إذا لم تتعين جهته لا يعمل به، فهنا لا تكفر شيئا إما لاختلاط الكبائر والصغائر أو لتمحض الكبائر أو تكفر الصغائر فلم تتعين جهة مفهوم المخالفة لدورانه بين الفصلين فلا يعمل به، ويؤيده أن مقتضى تجنب الكبائر أن هناك كبائر، ومقتضى ‏"‏ ما اجتنبت الكبائر ‏"‏ أن لا كبائر فيصان الحديث عنه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم أر في شيء من طرقه عند أحد من الأئمة الستة وأحمد بلفظ ‏"‏ ما تقول ‏"‏ إلا عند البخاري وليس هو عند أبي داود أصلا وهو عند ابن ماجه من حديث عثمان لا من حديث أبي هريرة، ولفظ مسلم ‏"‏ أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل كان يبقى من درنه شيء ‏"‏ وعلى لفظه اقتصر عبد الحق في الجمع بين الصحيحين وكذا الحميدي، ووقع في كلام بعض المتأخرين بعد أن ساقه بلفظ ‏"‏ ما تقولون ‏"‏ أنه في الصحيحين والسنن الأربعة، وكأنه أراد أصل الحديث، لكن يرد عليه أنه ليس عند أبي داود أصلا ولا ابن ماجه من حديث أبي هريرة‏.‏
ووقع في بعض النسخ المتأخرة من البخاري بالياء التحتانية آخر الحروف ‏"‏ من يقول ‏"‏ فزعم بعض أهل العصر أنه غلط وأنه لا يصح من حيث المعنى، واعتمد على ما ذكره ابن مالك مما قدمته وأخطأ في ذلك، بل له وجه وجيه، والتقدير ما يقول أحدكم في ذلك‏.‏
والشرط الذي ذكره ابن مالك وغيره من النحاة إنما هو لإجراء فعل القول مجرى فعل الظن كما تقدم، وأما إذا ترك القول على حقيقته فلا، وهذا ظاهر، وإنما نبهت عليه لئلا يغتر به‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:25 PM   #228
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَضْيِيعِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب في تضييع الصلاة عن وقتها‏)‏ ثبتت هذه الترجمة في رواية الحموي والكشميهني وسقطت للباقين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ الصَّلَاةُ قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏مهدي‏)‏ هو ابن ميمون، وغيلان هو ابن جرير، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله ‏(‏قيل الصلاة‏)‏ أي قيل له الصلاة هي شيء مما كان على عهده صلى الله عليه وسلم وهي باقية فكيف يصح هذا السلب العام‏؟‏ فأجاب بأنهم غيروها أيضا بأن أخرجوها عن الوقت، وهذا الذي قال لأنس ذلل يقال له أبو رافع، بينه أحمد بن حنبل في روايته لهذا الحديث عن روح عن عثمان بن سعد عن أنس فذكر نحوه، ‏"‏ فقال أبو رافع‏:‏ يا أبا حمزة ولا الصلاة‏؟‏ فقال له أنس‏:‏ قد علمتم ما صنع الحجاج في الصلاة‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏ضيعتم‏)‏ بالمهملتين والنون للأكثر، وللكشميهني بالمعجمة وتشديد الياء، وهو أوضح في مطابقة الترجمة، ويؤيد الأول ما ذكرته آنفا من رواية عثمان سعد وما رواه الترمذي من طريق أبي عمران الجوني عن أنس فذكر نحو هذا الحديث وقال في آخره ‏"‏ أو لم يضيعوا في الصلاة ما قد علمتم ‏"‏‏؟‏ وروى ابن سعد في الطبقات سبب قول أنس هذا القول، فأخرج في ترجمة أنس من طريق عبد الرحمن بن العريان الحارثي سمعت ثابتا البناني قال‏:‏ كنا مع أنس بن مالك، فأخر الحجاج الصلاة، فقام أنس يريد أن يكلمه، فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيره ذلك ‏"‏ والله ما أعرف شيئا مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهادة أن لا إله إلا الله ‏"‏ فقال رجل‏:‏ فالصلاة يا أبا حمزة‏؟‏ قال ‏"‏ قد جعلتم الظهر عند المغرب، أفتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ ‏"‏ وأخرجه ابن أبي عمر في مسنده من طريق حماد عن ثابت مختصرا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ وَقَالَ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ نَحْوَهُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏عن عثمان بن أبي رواد‏)‏ هو خراساني سكن البصرة واسم أبيه ميمون‏.‏
قوله ‏(‏أخو عبد العزيز‏)‏ أي هو أخو عبد العزيز، وللكشميهني أخي عبد العزيز وهو بدل من قوله عثمان‏.‏
قوله ‏(‏بدمشق‏)‏ كان قدوم أنس دمشق في إمارة الحجاج على العراق، قدمها شاكيا من الحجاج للخليفة، وهو إذ ذاك الوليد بن عبد الملك‏.‏
قوله ‏(‏مما أدركت‏)‏ أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله ‏(‏إلا هذه الصلاة‏)‏ بالنصب، والمراد أنه لا يعرف شيئا موجودا من الطاعات معمولا به على وجهه غير الصلاة‏.‏
قوله ‏(‏وهذه الصلاة قد ضيعت‏)‏ قال المهلب‏:‏ والمراد بتضييعها تأخيرها عن وقتها المستحب لا أنهم أخرجوها عن الوقت، كذا قال، وتبعه جماعة، وهو مع عدم مطابقته للترجمة مخالف للواقع، فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة، منها ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال‏:‏ أخر الوليد الجمعة حتى أمسى ‏"‏ فجئت فصليت الظهر قبل أن أجلس ثم صليت العصر وأنا جالس إيماء وهو يخطب‏.‏
وإنما فعل ذلك عطاء خوفا على نفسه من القتل‏.‏
ومنها ما رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة من طريق أبي بكر عتبة قال‏:‏ صليت إلى جنب أبي جحيفة فمسى الحجاج بالصلاة، فقام أبو جحيفة فصلى‏.‏
ومن طريق ابن عمر أنه كان يصلي مع الحجاج، فلما أخر الصلاة ترك أن يشهدها معه‏.‏
ومن طريق محمد بن أبي إسماعيل قال‏:‏ كنت بمنى وصحف تقرأ للوليد فأخروا الصلاة، فنظرت إلى سعيد بن جبير وعطاء يومئان إيماء وهما قاعدان‏.‏
قوله ‏(‏وقال بكر بن خلف‏)‏ هو البصري نزيل مكة، وليس له في الجامع إلا هذا الموضع‏.‏
وقد وصله الإسماعيلي قال‏:‏ أخبرنا محمود بن محمد الواسطي قال أخبرنا أبو بشر بكر بن خلف‏.‏
قوله ‏(‏نحوه‏)‏ سياقه عند الإسماعيلي موافق للذي قبله، إلا أنه زاد فيه ‏"‏ وهو وحده ‏"‏ وقال فيه ‏"‏ لا أعرف شيئا مما كنا عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ والباقي سواء‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ إطلاق أنس محمول على ما شاهده من أمراء الشام والبصرة خاصة، وإلا فسيأتي في هذا الكتاب أنه قدم المدينة فقال ‏"‏ ما أنكرت شيئا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف ‏"‏ والسبب فيه أنه قدم المدينة وعمر عبد العزيز أميرها حينئذ، وكان على طريقة هل بيته حتى أخبره عروة عن بشير بن أبي مسعود عن أبيه بالنص على الأوقات، فكان يحافظ بعد ذلك على عدم إخراج الصلاة عن وقتها كما تقدم بيانه في أوائل الصلاة‏.‏
ومع ذلك فكان يراعى الأمر معهم فيؤخر الظهر إلى آخر وقتها‏.‏
وقد أنكر ذلك أنس أيضا كما في حديث أبي أمامة بن سهل عنه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:26 PM   #229
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب المصلي يناجي ربه‏)‏ تقدم الكلام على حديث هذا الباب في أبواب المساجد، ومناسبة هذه الترجمة لما قبلها من جهة أن الأحاديث السابقة دلت على مدح من أوقع الصلاة في وقتها وذم من أخرجها عن وقتها، ومناجاة الرب جل جلاله أرفع درجات العبد، فأشار المصنف بإيراد ذلك إلى الترغيب في المحافظة على الفرائض في أوقاتها لتحصيل هذه المنزلة السنية التي يخشى فواتها على من قصر في ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَتْفِلَنَّ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ لَا يَتْفِلُ قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَقَالَ شُعْبَةُ لَا يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ وَقَالَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْزُقْ فِي الْقِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو ابن أبي عبد الله الدستوائي‏.‏
قوله ‏(‏وقال سعيد‏)‏ أي ابن أبي عروبة ‏(‏عن قتادة‏)‏ أي بالإسناد المذكور، وطريقه موصولة عند الإمام أحمد وابن حبان‏.‏
وقوله فيها ‏"‏ قدامه أو بين يديه ‏"‏ شك من الراوي‏.‏
قوله ‏(‏وقال شعبة‏)‏ أي عن قتادة بالإسناد أيضا، وطريقه موصولة عند المصنف فيما تقدم عن آدم عنه، وتقدم أيضا في ‏"‏ باب حك المخاط من المسجد ‏"‏ عن حفص بن عمر عن شعبة، وأراد بهذين التعليقين بيان اختلاف ألفاظ أصحاب قتادة عنه في رواية هذا الحديث، ورواية شعبة أتم الروايات، لكن ليس فيها المناجاة‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ ليس هذا التعليق موقوفا على قتادة ولا على شعبة، يعني بل هي مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال‏:‏ ويحتمل الدخول تحت الإسناد السابق بأن يكون معناه مثلا‏:‏ حدثنا مسلم حدثنا هشام، وحدثنا مسلم قال‏:‏ قال سعيد، وحدثنا مسلم قال‏:‏ قال شعبة‏.‏
انتهى‏.‏
وهو احتمال ضعيف بالنسبة لشعبة، فإن مسلم بن إبراهيم سمع منه، وباطل بالنسبة لسعيد فإنه لا رواية له عنه، والذي ذكرته هو المعتمد‏.‏
وكذا طريق حميد وصلها المؤلف في أول أبواب المساجد من طريق إسماعيل بن جعفر عنه، لكن ليس فيها قوله ‏"‏ ولا عن يمينه‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ وَإِذَا بَزَقَ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏اعتدلوا في السجود‏)‏ يأتي الكلام عليه في أبواب صفة الصلاة‏.‏
قوله ‏(‏فإنما يناجي‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فإنه يناجي ربه‏"‏‏.‏
قال الكرماني ما حاصله‏:‏ تقدم أن علة النهي عن البزاق عن اليمين بأن عن يمينه ملكا، وهنا علل بالمناجاة، ولا تنافي بينهما، لأن الحكم الواحد يجوز أن يكون له علتان سواء كانتا مجتمعتين أو منفردتين والمناجي تارة يكون قدام من يناجيه وهو الأكثر وتارة يكون عن يمينه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:27 PM   #230
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب الإبراد بالظهر في شدة الحر‏)‏ قدم المصنف باب الإبراد على باب وقت الظهر لأن لفظ الإبراد يستلزم أن يكون بعد الزوال لا قبله، إذ وقت الإبراد هو ما إذا انحطت قوة الوهج من حر الظهيرة، فكأنه أشار إلى أول وقت الظهر‏.‏
أو أشار إلى حديث جابر بن سمرة قال ‏"‏ كان بلال يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس ‏"‏ أي مالت‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الْأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا أيوب‏)‏ هو ابن سليمان بن بلال كما في رواية أبي ذر، وأبو بكر هو ابن أبي أويس وهو من أقران أيوب، وسليمان هو ابن بلال والد أيوب، روى أيوب عنه تارة بواسطة وتارة بلا واسطة‏.‏
قوله ‏(‏حدثنا الأعرج عبد الرحمن وغيره‏)‏ هو أبو سلمة بن عبد الرحمن فيما أظن، وقد رواه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أيوب بن سليمان فلم يقل فيه ‏"‏ وغيره‏"‏‏.‏
والإسناد كله مدنيون‏.‏
قوله ‏(‏ونافع‏)‏ هو بالرفع عطفا على الأعرج، وهو من رواية صالح بن كيسان عن نافع، وقد روى ابن ماجه من طريق عبد الرحمن الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بعضه ‏"‏ أبردوا بالظهر ‏"‏ وروى السراج من هذا الوجه بعضه ‏"‏ شدة الحر من فيح جهنم‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏أنهما‏)‏ أي أبا هريرة وابن عمر ‏(‏حدثاه‏)‏ أي حدثا من حدث صالح بن كيسان، ويحتمل أن يكون ضمير أنهما يعود على الأعرج ونافع، أي أن الأعرج ونافعا حدثاه أي صالح بن كيسان عن شيخيهما بذلك‏.‏
ووقع في رواية الإسماعيلي ‏"‏ أنهما حدثا ‏"‏ بغير ضمير فلا يحتاج إلى التقدير المذكور‏.‏
قوله ‏(‏إذا اشتد‏)‏ أصله اشتدد بوزن افتعل من الشدة ثم أدغمت إحدى الدالين في الأخرى، ومفهومه أن الحر إذا لم يشتد لم يشرع الإبراد، وكذا لا يشرع في البرد من باب الأولى‏.‏
قوله ‏(‏فأبردوا‏)‏ بقطع الهمزة وكسر الراء، أي أخروا إلى أن يبرد الوقت‏.‏
يقال أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة، ومثله في المكان أنجد إذا دخل نجدا، وأتهم إذا دخل تهامة‏.‏
والأمر بالإبراد أمر استحباب، وقيل أمر إرشاد، وقيل بل هو للوجوب‏.‏
حكاه عياض وغيره، وغفل الكرماني فنقل الإجماع على عدم الوجوب، نعم قال جمهور أهل العلم يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج، وخصه بعضهم بالجماعة، فأما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل، وهذا قول أكثر المالكية، والشافعي أيضا لكن خصه بالبلد الحار، وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد، فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل، والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد، وهو قول إسحاق والكوفيين وابن المنذر، واستدل له الترمذي بحديث أبي ذر الآتي بعد هذا لأن في روايته أنهم كانوا في سفر، وهي رواية للمصنف أيضا ستأتي قريبا، قال‏:‏ فلو كان على ما ذهب إليه الشافعي لم يأمر بالإبراد لاجتماعهم في السفر وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد‏.‏
قال الترمذي والأول أولى للاتباع‏.‏
وتعقبه الكرماني بأن العادة في العسكر الكثير تفرقتهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعي فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة‏.‏
انتهى‏.‏
وأيضا فلم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم، بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر، وليس هناك كن يمشون فيه، فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله الشافعي، وغايته أنه استنبط من النص العام - وهو الأمر بالإبراد - معنى يخصصه، وذلك جائز على الأصح في الأصول، لكنه مبني على أن العلة في‏.‏
ذلك تأذيهم بالحر في طريقهم، وللمتمسك بعمومه أن يقول‏:‏ العلة فيه تأذيهم بحر الرمضاء في جباههم حالة السجود، ويؤيده حديث أنس ‏"‏ كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر ‏"‏ رواه أبو عوانة في صحيحه بهذا اللفظ، وأصله في مسلم، وفي حديث أنس أيضا في الصحيحين نحوه وسيأتي قريبا‏.‏
والجواب عن ذلك أن العلة الأولى أظهر، فإن الإبراد لا يزيل الحر عن الأرض، وذهب بعضهم إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا‏.‏
وقالوا‏:‏ معنى أبردوا صلوا في أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله، وهو تأويل بعيد، ويرده قوله ‏"‏ فإن شدة الحر من فيح جهنم ‏"‏ إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير، وحديث أبي ذر الآتي صريح في ذلك حيث قال ‏"‏ انتظر‏.‏‏.‏انتظر ‏"‏ والحامل لهم على ذلك حديث خباب ‏"‏ شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا ‏"‏ أي فلم يزل شكوانا، وهو حديث صحيح رواه مسلم‏.‏
وتمسكوا أيضا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت، وبأن الصلاة حينئذ أكثر مشقة فتكون أفضل، والجواب عن حديث خباب أنه محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا عن وقت الإبراد وهو زوال حر الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت، فلذلك لم يجبهم، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد فإنها متأخرة عنه، واستدل له الطحاوي بحديث المغيرة بن شعبة قال ‏"‏ كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالهاجرة، ثم قال لنا أبردوا بالصلاة ‏"‏ الحديث، وهو حديث رجاله ثقات رواه أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان‏.‏
ونقل الخلال عن أحمد أنه قال‏:‏ هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الإبراد رخصة والتعجيل أفضل، وهو قول من قال إنه أمر إرشاد، وعكسه بعضهم فقال‏:‏ الإبراد أفضل‏.‏
وحديث خباب يدل على الجواز وهو الصارف للأمر عن الوجوب‏.‏
كذا قيل وفيه نظر، لأن ظاهره المنع من التأخير‏.‏
وقيل معنى قول خباب ‏"‏ فلم يشكنا ‏"‏ أي فلم يحوجنا إلى شكوى بل أذن لنا في الإبراد، حكي عن ثعلب، ويرده أن في الخبر زيادة رواها ابن المنذر بعد قوله ‏"‏ فلم يشكنا ‏"‏ وقال ‏"‏ إذا زالت الشمس فصلوا ‏"‏ وأحسن الأجوبة كما قال المازري الأول، والجواب عن أحاديث أول الوقت أنها عامة أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص فهو مقدم، ولا التفات إلى من قال التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل، لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق، بل قد يكون الأخف أفضل كما في قصر الصلاة في السفر‏.‏
قوله ‏(‏بالصلاة‏)‏ كذا للأكثر، والباء للتعدية، وقيل زائدة‏.‏
ومعنى أبردوا أخروا على سبيل التضمين أي أخروا الصلاة‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ عن الصلاة ‏"‏ فقيل زائدة أيضا أو عن بمعنى الباء، أو هي للمجاوزة أي تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر، والمراد بالصلاة الظهر لأنها الصلاة التي يشتد الحر غالبا في أول وقتها، وقد جاء صريحا في حديث أبي سعيد كما سيأتي آخر الباب، فلهذا حمل المصنف في الترجمة المطلق على المقيد والله أعلم‏.‏
وقد حمل بعضهم الصلاة على عمومها بناء على أن المفرد المعرف يعم، فقال به أشهب في العصر‏.‏
وقال به أحمد في رواية عنه في الشتاء حيث قال‏:‏ تؤخر في الصيف دون الشتاء، ولم يقل أحد به في المغرب ولا في الصبح لضيق وقتهما‏.‏
قوله ‏(‏فإن شدة الحر‏)‏ تعليل لمشروعية التأخير المذكور، وهل الحكمة فيه دفع المشقة لكونها قد تسلب الخشوع‏؟‏ وهذا أظهر، أو كونها الحالة التي ينتشر فيها العذاب‏؟‏ ويؤيده حديث عمرو بن عبسة عند مسلم حيث قال له ‏"‏ أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس فإنها ساعة تسجر فيها جهنم ‏"‏ وقد استشكل هذا بأن الصلاة سبب الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب‏.‏
فكيف أمر بتركها‏؟‏ وأجاب عنه أبو الفتح اليعمري بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه، واستنبط له الزين بن المنير معنى يناسبه فقال‏:‏ وقت ظهور أثر الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه، والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاء فناسب الاقتصار عنها حينئذ‏.‏
واستدل بحديث الشفاعة حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم بأن الله تعالى غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، سوى نبينا صلى الله عليه وسلم فلم يعتذر بل طلب لكونه أذن له في ذلك‏.‏
ويمكن أن يقال سجر جهنم سبب فيحها وفيحها سبب وجود شدة الحر وهو مظنة المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع فناسب أن لا يصلي فيها‏.‏
لكن يرد عليه أن سجرها مستمر في جميع السنة والإبراد مختص بشدة الحر فهما متغايران، فحكمة الإبراد دفع المشقة، وحكمة الترك وقت سجرها لكونه وقت ظهور أثر الغضب والله أعلم‏.‏
قوله ‏(‏من فيح جهنم‏)‏ أي من سعة انتشارها وتنفسها، ومنه مكان أفيح أي متسع، وهذا كناية عن شدة استعارها، وظاهره أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة، وقيل هو من مجاز التشبيه، أي كأنه نار جهنم في الحر، والأول أولى‏.‏
ويؤيده الحديث الآتي‏:‏ ‏"‏ اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين ‏"‏ وسيأتي البحث فيه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَقَالَ أَبْرِدْ أَبْرِدْ أَوْ قَالَ انْتَظِرْ انْتَظِرْ وَقَالَ شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏عن المهاجر أبي الحسن‏)‏ المهاجر اسم وليس بوصف والألف واللام فيه للمح الصفة كما في العباس، وسيأتي في الباب الذي بعده بغير ألف ولام‏.‏
قوله ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ في رواية المصنف في صفة النار من طريق أخرى عن شعبة بهذا الإسناد ‏"‏ سمعت أبا ذر‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏أذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو بلال كما سيأتي قريبا‏.‏
قوله ‏(‏الظهر‏)‏ بالنصب، أي أذن وقت الظهر، ورواه الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ أراد أن يؤذن بالظهر ‏"‏ وسيأتي بلفظ للظهر وهما واضحان‏.‏
قوله ‏(‏فقال أبرد‏)‏ ظاهره أن الأمر بالإبراد وقع بعد تقدم الأذان منه، وسيأتي في الباب الذي بعده بلفظ فأراد أن يؤذن للظهر، وظاهره أن ذلك وقع قبل الأذان فيجمع بينهما على أنه شرع في الأذان فقيل له أبرد فترك، فمعنى أذن‏:‏ شرع في الأذان، ومعنى أراد أن يؤذن‏:‏ أي يتم الأذان، والله أعلم‏.‏
قوله ‏(‏حتى رأينا فيء التلول‏)‏ كذا وقع هنا مؤخرا عن قوله ‏"‏ شدة الحر الخ‏"‏، وفي غير هذه الرواية وقع ذلك عقب قوله ‏"‏ أبردوا ‏"‏ وهو أوضح في السياق لأن الغاية متعلقة بالإبراد، وسيأتي في الباب الذي بعده بقية مباحثه إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَاشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حفظناه من الزهري‏)‏ في رواية الإسماعيلي عن جعفر الفريابي عن علي بن المديني شيخ المصنف فيه بلفظ ‏"‏ حدثنا الزهري‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏عن سعيد بن المسيب‏)‏ كذا رواه أكثر أصحاب سفيان عنه، ورواه أبو العباس السراج عن أبي قدامة عن سفيان عن الزهري عن سعيد أو أبي سلمة أحدهما أو كلاهما، ورواه أيضا من طريق شعيب ابن أبي حمزة عن الزهري عن سلمة وحده، والطريقان محفوظان، فقد رواه الليث وعمرو بن الحارث عند مسلم، ومعمر وابن جريج عند أحمد، وابن أخي الزهري وأسامة بن زيد عند السراج، ستتهم عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة كلاهما عن أبي هريرة‏.‏
قوله ‏(‏واشتكت النار‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ قال واشتكت النار ‏"‏ وفاعل قال هو النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالإسناد المذكور قبل، ووهم من جعله موقوفا أو معلقا‏.‏
وقد أفرده أحمد في مسنده عن سفيان، وكذلك السراج من طريق سفيان وغيره، وقد اختلف في هذه الشكوى هل هي بلسان المقال أو بلسان الحال‏؟‏ واختار كلا طائفة‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ لكلا القولين وجه ونظائر، والأول أرجح‏.‏
وقال عياض‏:‏ إنه الأظهر‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته‏.‏
قال‏:‏ وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى‏.‏
وقال النووي نحو ذلك ثم قال‏:‏ حمله على حقيقته هو الصواب‏.‏
وقال نحو ذلك التوربشتي، ورجح البيضاوي حمله على المجاز فقال‏:‏ شكواها مجاز عن غليانها، وأكلها بعضها بعضا مجاز عن ازدحام أجزائها، وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها‏.‏
وقال الزين بن المنير‏:‏ المختار حمله على الحقيقة لصلاحية القدرة لذلك، ولأن استعارة الكلام للحال وإن عهدت وسمعت، لكن الشكوى وتفسيرها والتعليل له والإذن والقبول والتنفس وقصره على اثنين فقط بعيد من المجاز خارج عما ألف من استعماله‏.‏
قوله ‏(‏بنفسين‏)‏ بفتح الفاء، والنفس معروف وهو ما يخرج من الجوف ويدخل فيه من الهواء‏.‏
قوله ‏(‏نفس في الشتاء ونفس في الصيف‏)‏ بالجر فيهما على البدل أو البيان، ويجوز الرفع والنصب‏.‏
قوله ‏(‏أشد‏)‏ يجوز الكسر فيه على البدل، لكنه في روايتنا بالرفع‏.‏
قال البيضاوي‏:‏ هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فذلك أشد‏.‏
وقال الطيبي‏:‏ جعل أشد مبتدأ محذوف الخبر أولى، والتقدير أشد ما تجدون من الحر من ذلك النفس‏.‏
قلت‏:‏ يؤيد الأول رواية الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ فهو أشد، ويؤيد الثاني رواية النسائي من وجه آخر بلفظ فأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم، وفي سياق المصنف لف ونشر غير مرتب، وهو مرتب في رواية النسائي‏.‏
والمراد بالزمهرير شدة البرد، واستشكل وجوده في النار، ولا إشكال لأن المراد بالنار محلها وفيها طبقة زمهريرية‏:‏ وفي الحديث رد على من زعم من المعتزلة وغيرهم أن النار لا تخلق إلا يوم القيامة‏.‏
‏(‏تنبيهان‏)‏ الأول‏:‏ قضية التعليل المذكور قد يتوهم منها مشروعية تأخير الصلاة في وقت شدة البرد، ولم يقل به أحد، لأنها تكون غالبا في وقت الصبح فلا تزول إلا بطلوع الشمس، فلو أخرت لخرج الوقت‏.‏
الثاني‏:‏ النفس المذكور ينشأ عنه أشد الحر في الصيف، وإنما لم يقتصر في الأمر بالإبراد على أشده لوجود المشقة عند شديده أيضا، فالأشدية تحصل عند التنفس، والشدة مستمرة بعد ذلك فيستمر الإبراد إلى أن تذهب الشدة، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ تَابَعَهُ سُفْيَانُ وَيَحْيَى وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏بالظهر‏)‏ قد يحتج به على مشروعية الإبراد للجمعة‏.‏
وقال به بعض الشافعية، وهو مقتضى صنيع المصنف كما سيأتي في بابه، لكن الجمهور على خلافه كما سيأتي توجيهه إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله ‏(‏تابعه سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏
قد وصله المؤلف في صفة النار من بدء الخلق ولفظه ‏"‏ بالصلاة ‏"‏ ولم أره من طريق سفيان بلفظ ‏"‏ بالظهر ‏"‏ وفي إسناده اختلاف على الثوري رواه عبد الرزاق عنه بهذا الإسناد فقال ‏"‏ عن أبي هريرة ‏"‏ بدل أبي سعيد أخرجه أحمد عنه، والجوزقي من طريق عبد الرزاق أيضا، ثم روى عن الذهلي قال‏:‏ هذا الحديث رواه أصحاب الأعمش عنه عن أبي صالح عن أبي سعيد، وهذه الطريق أشهر‏.‏
ورواه زائدة وهو متقن عنه، فقال‏:‏ عن أبي هريرة، قال‏:‏ والطريقان عندي محفوظان، لأن الثوري رواه عن الأعمش بالوجهين‏.‏
قوله ‏(‏ويحيى‏)‏ هو ابن سعيد القطان‏.‏
وقد وصله أحمد عنه بلفظ ‏"‏ بالصلاة ‏"‏ ورواه الإسماعيلي عن أبي يعلى عن المقدمي عن يحيى بلفظ ‏"‏ بالظهر‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏وأبو عوانة‏)‏ لم أقف على من وصله عنه، وقد أخرجه السراج من طريق محمد بن عبيد، والبيهقي من طريق وكيع، كلاهما عن الأعمش أيضا بلفظ ‏"‏ بالظهر‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ رتب المصنف أحاديث هذا الباب ترتيبا حسنا، فبدأ بالحديث المطلق، وثنى بالحديث الذي فيه الإرشاد إلى غاية الوقت التي ينتهي إليها الإبراد وهو ظهور فيء التلول، وثلث بالحديث الذي فيه بيان العلة في كون ذلك المطلق محمولا على المقيد، وربع بالحديث المفصح بالتقييد‏.‏
والله الموفق‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:28 PM   #231
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب الإبراد بالظهر في السفر‏)‏ أراد بهذه الترجمة أن الإبراد لا يختص بالحضر، لكن محل ذلك ما إذا كان المسافر نازلا، أما إذا كان سائرا أو على سير ففيه جمع التقديم أو التأخير كما سيأتي في بابه‏.‏
وأورد فيه حديث أبي ذر الماضي مقيدا بالسفر، مشيرا به إلى أن تلك الرواية المطلقة محمولة على هذه المقيدة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ مَوْلَى لِبَنِي تَيْمِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ أَبْرِدْ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَتَفَيَّأُ تَتَمَيَّلُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏فأراد المؤذن‏)‏ في رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن شبابة، ومسدد عن أمية بن خالد، والترمذي من طريق أبي داود الطيالسي وأبي عوانة من طريق حفص بن عمر، ووهب بن جرير والطحاوي والجوزقي من طريق وهب أيضا، كلهم عن شعبة التصريح بأنه بلال‏.‏
قوله ‏(‏ثم أراد أن يؤذن فقال له أبرد‏)‏ زاد أبو داود في روايته عن أبي الوليد عن شعبة ‏"‏ مرتين أو ثلاثا ‏"‏ وجزم مسلم بن إبراهيم عن شعبة بذكر الثالثة، وهو عند المصنف في ‏"‏ باب الأذان للمسافرين ‏"‏ فإن قيل‏:‏ الإبراد للصلاة فكيف أمر المؤذن به للأذان‏؟‏ فالجواب أن ذلك مبني على أن الأذان هل هو للوقت أو للصلاة‏؟‏ وفيه خلاف مشهور، والأمر المذكور يقوي القول بأنه للصلاة‏.‏
وأجاب الكرماني بأن عادتهم جرت بأنهم لا يتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة، فالإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالعبادة، قال‏:‏ ويحتمل أن المراد بالتأذن هنا الإقامة‏.‏
قلت‏:‏ ويشهد له رواية الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ ‏"‏ فأراد بلال أن يقيم ‏"‏ لكن رواه أبو عوانة من طريق حفص بن عمر عن شعبة بلفظ ‏"‏ فأراد بلال أن يؤذن ‏"‏ وفيه ‏"‏ ثم أمره فأذن وأقام ‏"‏ ويجمع بينهما بأن إقامته كانت لا تتخلف عن الأذان لمحافظته صلى الله عليه وسلم على الصلاة في أول الوقت، فرواية ‏"‏ فأراد بلال أن يقيم ‏"‏ أي أن يؤذن ثم يقيم، ورواية ‏"‏ فأراد أن يؤذن ‏"‏ أي ثم يقيم‏.‏
قوله ‏(‏حتى رأينا فيء التلول‏)‏ هذه الغاية متعلقة بقوله ‏"‏ فقال له أبرد ‏"‏ أي كان يقول له في الزمان الذي قبل الرؤية أبرد، أو متعلقة بأبرد أي قال له أبرد إلى أن ترى، أو متعلقة بمقدر أي قال له أبرد فأبرد إلى أن رأينا، والفيء بفتح الفاء وسكون الياء بعدها همزة هو ما بعد الزوال من الظل، والتلول جمع تل بفتح المثناة وتشديد اللام‏:‏ كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر، وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد، فقيل‏:‏ حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال، وقيل ربع قامة، وقيل ثلثها، وقيل نصفها، وقيل غير ذلك‏.‏
ونزلها المازري على اختلاف الأوقات، والجاري على القواعد أنه يختلف باختلاف الأحوال، لكن يشترط أن لا يمتد إلى آخر الوقت، وأما ما وقع عند المصنف في الأذان عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ ‏"‏ حتى ساوى الظل التلول ‏"‏ فظاهره يقتضي أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شيء مثله، ويحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التل بعد أن لم يكن ظاهرا فساواه في الظهور لا في المقدار، أو يقال‏:‏ قد كان ذلك في السفر فلعله أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر‏.‏
قوله ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ يتفيأ‏:‏ يتميل‏)‏ أي قال في تفسير قوله تعالى ‏(‏يتفيأ ظلاله‏)‏ معناه يتميل، كأنه أراد أن الفيء سمي بذلك لأنه ظل مائل من جهة إلى أخرى، وتتفيأ في روايتنا بالمثناة الفوقانية أي الظلال، وقرئ أيضا بالتحتانية، أي الشيء، والقراءتان شهيرتان‏.‏
وهذا التعليق في رواية المستملي وكريمة، وقد وصله ابن أبي حاتم في تفسيره‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَقْتُ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ
وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالْهَاجِرَةِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏وقت الظهر‏)‏ أي ابتداؤه ‏(‏عند الزوال‏)‏ أي زوال الشمس، وهو ميلها إلى جهة المغرب‏.‏
وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم من الكوفيين أن الصلاة لا تجب بأول الوقت كما سيأتي‏.‏
ونقل ابن بطال أن الفقهاء بأسرهم على خلاف ما نقل عن الكرخي عن أبي حنيفة أن الصلاة في أول الوقت تقع نفلا، انتهى‏.‏
والمعروف عند الحنفية تضعيف هذا القول‏.‏
ونقل بعضهم أن أول الظهر إذا صار الفيء قدر الشراك‏.‏
قوله ‏(‏وقال جابر‏)‏ هو طرف من حديث وصله المصنف في ‏"‏ باب وقت المغرب ‏"‏ بلفظ ‏"‏ كان يصلي الظهر بالهاجرة ‏"‏ والهاجرة اشتداد الحر في نصف النهار، قيل سميت بذلك من الهجر وهو الترك لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر ويقيلون‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ فَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ
الشرح‏:‏
حديث أنس تقدم في العلم في ‏"‏ باب من برك على ركبتيه ‏"‏ بهذا الإسناد لكن باختصار، وسيأتي الكلام على فوائده مستوعبا إن شاء الله تعالى في كتاب الاعتصام‏.‏
قوله ‏(‏زاغت‏)‏ أي مالت، وقد رواه الترمذي بلفظ ‏"‏ زالت ‏"‏ والغرض منه هنا صدر الحديث وهو قوله ‏"‏ خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر ‏"‏ فإنه يقتضي أن زوال الشمس أول وقت الظهر، إذ لم ينقل أنه صلى قبله، وهذا هو الذي استقر عليه الإجماع، وكان فيه خلاف قديم عن بعض الصحابة أنه جوز صلاة الظهر قبل الزوال‏.‏
وعن أحمد وإسحاق مثله في الجمعة كما سيأتي في بابه‏.‏
قوله ‏(‏في عرض هذا الحائط‏)‏ بضم العين، أي جانبه أو وسطه‏.‏
قوله ‏(‏فلم أر كالخير والشر‏)‏ أي المرئي في ذلك المقام‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا يُبَالِي بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ وَقَالَ مُعَاذٌ قَالَ شُعْبَةُ لَقِيتُهُ مَرَّةً فَقَالَ أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏عن أبي المنهال‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ حدثنا أبو المنهال ‏"‏ وهو سيار بن سلامة الآتي ذكره في ‏"‏ باب وقت العصر ‏"‏ من رواية عوف عنه‏.‏
قوله ‏(‏يعرف جليسه‏)‏ أي الذي بجنبه، ففي رواية الجوزقي من طريق وهب بن جرير عن شعبة ‏"‏ فينظر الرجل إلى جليسه إلى جنبه فيعرف وجهه ‏"‏ ولأحمد ‏"‏ فينصرف الرجل فيعرف وجه جليسه ‏"‏ وفي رواية لمسلم ‏"‏ فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه‏"‏‏.‏
وله في أخرى ‏"‏ وننصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏والعصر‏)‏ بالنصب أي ويصلي العصر‏.‏
قوله ‏(‏وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية‏)‏ كذا وقع هنا في رواية أبي ذر والأصيلي‏.‏
وفي رواية غيرهما ‏"‏ ويرجع ‏"‏ بزيادة واو وبصيغة المضارعة عليها شرح الخطابي، وظاهره حصول الذهاب إلى أقصى المدينة والرجوع من ثم إلى المسجد، لكن في رواية عوف الآتية قريبا ‏"‏ ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ‏"‏ فليس فيه إلا الذهاب فقط دون الرجوع، وطريق الجمع بينها وبين رواية الباب أن يقال‏:‏ يحتمل أن الواو في قوله ‏"‏ وأحدنا ‏"‏ بمعنى ‏"‏ ثم ‏"‏ على قول من قال إنها ترد للترتيب مثل ثم، وفيه تقديم وتأخير، والتقدير ثم يذهب أحدنا أي ممن صلى معه‏.‏
وأما قوله ‏"‏ رجع ‏"‏ فيحتمل أن يكون بمعنى يرجع ويكون بيانا لقوله يذهب، ويحتمل أن يكون رجع في موضع الحال أي يذهب راجعا، ويحتمل أن أداة الشرط سقطت إما لو أو إذا، والتقدير ولو يذهب أحدنا الخ، وجوز الكرماني أن يكون رجع خبرا للمبتدأ الذي هو أحدنا ويذهب جملة حالية، وهو وإن كان محتملا من جهة اللفظ لكنه يغاير رواية عوف، وقد رواه أحمد عن حجاج بن محمد عن شعبة بلفظ ‏"‏ والعصر يرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية ‏"‏ ولمسلم والنسائي من طريق خالد بن الحارث عن شعبة مثله لكن بلفظ ‏"‏ يذهب ‏"‏ بدل يرجع‏.‏
وقال الكرماني أيضا بعد أن حكى احتمالا آخر وهو أي قوله رجع عطف على يذهب والواو مقدرة ورجع بمعنى يرجع‏.‏
انتهى‏.‏
وهذا الاحتمال الأخير جزم به ابن بطال، وهو موافق للرواية التي حكيناها‏.‏
ويؤيد ذلك رواية أبي داود عن حفص بن عمر شيخ المصنف فيه بلفظ ‏"‏ وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية ‏"‏ وقد قدمنا ما يرد عليها وأن رواية عوف أوضحت أن المراد بالرجوع الذهاب أي من المسجد، وإنما سمي رجوعا لأن ابتداء المجيء كان من المنزل إلى المسجد فكان الذهاب منه إلى المنزل رجوعا، وسيأتي الكلام على بقية مباحث هذا الحديث في ‏"‏ باب وقت العصر ‏"‏ قريبا‏.‏
قوله ‏(‏وقال معاذ‏)‏ هو ابن معاذ البصري ‏(‏عن شعبة‏)‏ أي بإسناده المذكور‏.‏
وهذا التعليق وصله مسلم عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به، والإسناد كله بصريون، وكذا الذي قبله‏.‏
وجزم حماد بن سلمة عن أبي المنهال عند مسلم بقوله ‏"‏ إلى ثلث الليل ‏"‏ وكذا لأحمد عن حجاج عن شعبة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّهَائِرِ فَسَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا محمد‏)‏ كذا للأصيلي وغيره، ولأبي ذر ‏"‏ ابن مقاتل‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك‏.‏
قوله ‏(‏أخبرنا خالد بن عبد الرحمن‏)‏ كدا وقع هنا مهملا، وهو السلمي واسم جده بكير، وثبت الأمران في مستخرج الإسماعيلي، وليس له عند البخاري غير هذا الحديث الواحد، وفي طبقته خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق وخالد بن عبد الرحمن الكوفي العبدي ولم يخرج لهما البخاري شيئا‏.‏
قوله ‏(‏بالظهائر‏)‏ جمع ظهيرة وهي الهاجرة، والمراد صلاة الظهر‏.‏
قوله ‏(‏سجدنا على ثيابنا‏)‏ كذا في رواية أبي ذر والأكثرين‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ فسجدنا ‏"‏ بزيادة فاء وهي عاطفة على شيء مقدر‏.‏
قوله ‏(‏اتقاء الحر‏)‏ أي للوقاية من الحر، وقد روى هذا الحديث بشر بن المفضل عن غالب كما مضى، ولفظه مغاير للفظه، لكن المعنى متقارب، وقد تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب السجود على الثوب في شدة الحر ‏"‏ وفيه الجواب عن استدلال من استدل به على جواز السجود على الثوب ولو كان يتحرك بحركته، وفيه المبادرة لصلاة الظهر ولو كان في شدة الحر‏.‏
ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد، بل هو لبيان الجواز وإن كان الإبراد أفضل، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب تأخير الظهر إلى العصر‏)‏ أي إلى أول وقت العصر‏.‏
والمراد أنه عند فراغه منها دخل وقت صلاة العصر كما سيأتي عن أبي الشعثاء راوي الحديث‏.‏
وقال الزين بن المنير‏:‏ أشار البخاري إلى إثبات القول باشتراك الوقتين، لكن لم يصرح بذلك على عادته في الأمور المحتملة لأن لفظ الحديث يحتمل ذلك ويحتمل غيره، قال‏:‏ والترجمة مشعرة بانتفاء الفاصلة بين الوقتين، وقد نقل ابن بطال عن الشافعي وتبعه غيره فقالوا‏:‏ قال الشافعي بين وقت الظهر وبين وقت العصر فاصلة لا تكون وقتا للظهر ولا للعصر ا ه‏.‏
ولا يعرف ذلك في كتب المذهب عن الشافعي، وإنما المنقول عنه أنه كان يذهب إلى أن آخر وقت الظهر ينفصل من أول وقت العصر، ومراده نفي القول بالاشتراك‏.‏
ويدل عليه أنه احتج بقول ابن عباس ‏"‏ وقت الظهر إلى العصر والعصر إلى المغرب ‏"‏ فكما أنه لا اشتراك بين العصر والمغرب فكذلك لا اشتراك بين الظهر والعصر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏عن جابر بن زيد‏)‏ هو أبو الشعثاء، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله ‏(‏سبعا وثمانيا‏)‏ أي سبعا جميعا وثمانيا جميعا كما صرح به في ‏"‏ باب وقت المغرب ‏"‏ من طريق شعبة عن عمرو بن دينار‏.‏
قوله ‏(‏فقال أيوب‏)‏ هو السختياني، والمقول له هو أبو الشعثاء‏.‏
قوله ‏(‏عسى‏)‏ أي أن يكون كما قلت، واحتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه‏.‏
وقال بدل قوله بالمدينة ‏"‏ من غير خوف ولا سفر ‏"‏ قال مالك‏:‏ لعله كان في مطر، لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ ‏"‏ من غير خوف ولا مطر ‏"‏ فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر، وجوز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض، وقواه النووي، وفيه نظر، لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته، قال النووي‏:‏ ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر دخل فصلاها، قال وهو باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء ا ه‏.‏
وكأن نفيه الاحتمال مبني على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنده خلافه، وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء، فعلى هذا فالاحتمال قائم‏.‏
قال‏:‏ ومنهم من تأوله على أن الجمع المذكور صوري، بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها‏.‏
قال‏:‏ وهو احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ا ه‏.‏
وهذا الذي ضعفه استحسنه القرطبي ورجحه قبله إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به، وذلك فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار، فذكر هذا الحديث وزاد‏:‏ قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء‏.‏
قال‏:‏ وأنا أظنه‏.‏
قال ابن سيد الناس‏:‏ وراوي الحديث أدري بالمراد من غيره‏.‏
قلت‏:‏ لكن لم يجزم بذلك، بل لم يستمر عليه، فقد تقدم كلامه لأيوب وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر، لكن يقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع‏.‏
فإما أن تحمل على مطلقها فيستلزم إخراح الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث، والجمع الصوري أولى والله أعلم صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة، وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث، واستدل لهم بما وقع عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير قال‏:‏ فقلت لابن عباس لم فعل ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج أحدا من أمته‏.‏
وللنسائي من طريق عمرو ابن هرم عن أبي الشعثاء أن ابن عباس صلى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شغل، وفيه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفي رواية لمسلم من طريق عبد الله بن شقيق أن شغل ابن عباس المذكور كان بالخطبة وأنه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم، ثم جمع بين المغرب والعشاء‏.‏
وفيه تصديق أبي هريرة لابن عباس في رفعه‏.‏
وما ذكره ابن عباس من التعليل بنفي الحرج ظاهر في مطلق الجمع، وقد جاء مثله عن ابن مسعود مرفوعا أخرجه الطبراني ولفظه ‏"‏ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فقيل له في ذلك فقال‏:‏ صنعت هذا لئلا تحرج أمتي ‏"‏ وإرادة نفي الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري، لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:29 PM   #232
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب وَقْتُ الْعَصْرِ
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ مِنْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا
الشرح‏:‏
‏(‏وقال أبو أسامة عن هشام من قعر حجرتها‏)‏ كذا وقع هذا التعليق في رواية أبي ذر والأصيلي وكريمة‏.‏
والصواب تأخيره عن الإسناد الموصول كما جرت به عادة المصنف‏.‏
والحاصل أن أنس بن عياض وهو أبو ضمرة الليثي وأبا أسامة رويا الحديث عن هشام وهو ابن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة وزاد أبو أسامة التقييد بقعر الحجرة، وهو أوضح في تعجيل العصر من الرواية المطلقة، وقد وصل الإسماعيلي طريق أبي أسامة في مستخرجه لكن بلفظ ‏"‏ والشمس واقعة في حجرتي ‏"‏ وعرف بذلك أن الضمير في قوله ‏"‏ حجرتها ‏"‏ لعائشة، وفيه نوع التفات‏.‏
وإسناد أبي ضمرة كلهم مدنيون، والمراد بالحجرة - وهي بضم المهملة وسكون الجيم - البيت، والمراد بالشمس ضوؤها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا لَمْ يَظْهَرْ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا
الشرح‏:‏
وقوله في رواية الزهري ‏(‏والشمس في حجرتها‏)‏ أي باقية، وقوله ‏"‏لم يظهر الفيء ‏"‏ أي في الموضع الذي كانت الشمس فيه‏.‏
وقد تقدم في أول المواقيت من طريق مالك عن الزهري بلفظ ‏"‏ والشمس في حجرتها قبل أن تظهر ‏"‏ أي ترتفع، فهذا الظهور غير ذلك الظهور‏.‏
ومحصله أن المراد بظهور الشمس خروجها من الحجرة، وبظهور الفيء انبساطه في الحجرة‏.‏
وليس بين الروايتين اختلاف، لأن انبساط الفيء لا يكون إلا بعد خروج الشمس‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِي حُجْرَتِي لَمْ يَظْهَرْ الْفَيْءُ بَعْدُ وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَشُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَالشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏ابن عيينة عن الزهري‏)‏ في رواية الحميدي في مسنده ‏"‏ عن ابن عيينة حدثنا الزهري ‏"‏ وفي رواية محمد بن منصور عند الإسماعيلي ‏"‏ عن سفيان سمعته أذناي ووعاه قلبي من الزهري‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏والشمس طالعة‏)‏ ، أي ظاهرة‏.‏
قوله ‏(‏بعد‏)‏ بالضم بلا تنوين‏.‏
قوله ‏(‏وقال مالك الخ‏)‏ يعني أن الأربعة المذكورين رووه عن الزهري بهذا الإسناد فجعلوا الظهور للشمس، وابن عيينة جعله الفيء‏.‏
وقد قدمنا توجيه ذلك وطريق الجمع بينهما، وأن طريق مالك وصلها المؤلف في أول المواقيت، وأما طريق يحيى بن سعيد وهو الأنصاري فوصلها الذهلي في الزهريات، وأما طريق شعيب، وهو ابن أبي حمزة فوصلها الطبراني في مسند الشاميين، وأما طريق ابن أبي حفصة وهو محمد بن ميسرة فرويناها من طريق ابن عدي في نسخة إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي حفصة‏.‏
والمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها، وهذا هو الذي فهمته عائشة، وكذا الراوي عنها عروة واحتج به على عمر بن عبد العزيز في تأخيره صلاة العصر كما تقدم‏.‏
وشذ الطحاوي فقال‏:‏ لا دلالة فيه على التعجيل لاحتمال أن الحجرة كانت قصيرة الجدار فلم تكن الشمس تحتجب عنها إلا بقرب غروبها فيدل على التأخير لا على التعجيل، وتعقب بأن الذي ذكره من الاحتمال إنما يتصور مع اتساع الحجرة، وقد عرف بالاستفاضة والمشاهدة أن حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن متسعة، ولا يكون ضوء الشمس باقيا في قعر الحجرة الصغيرة إلا والشمس قائمة مرتفعة، وإلا متى مالت جدا ارتفع ضوؤها عن قاع الحجرة، ولو كانت الجدر قصيرة‏.‏
قال النووي‏:‏ كانت الحجرة ضيقة العرصة قصيرة الجدار بحيث كان طول جدارها أقل من مسافة العرصة بشيء يسير، فإذا صار ظل الجدار مثله كانت الشمس بعد في أواخر العرصة ا ه‏.‏
وكأن المؤلف لما لم يقع له حديث على شرطه في تعيين أول وقت العصر - وهو مصير ظل كل شيء مثله - استغنى بهذا الحديث الدال على ذلك بطريق الاستنباط، وقد أخرج مسلم عدة أحاديث مصرحة بالمقصود‏.‏
ولم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك، إلا عن أبي حنيفة، فالمشهور عنه أنه قال‏:‏ أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية، قال القرطبي‏:‏ خالفه الناس كلهم في ذلك حتى أصحابه - يعني الآخذين عنه - وإلا فقد انتصر له جماعة ممن جاء بعدهم فقالوا ثبت الأمر بالإبراد ولا يحصل إلا بعد ذهاب اشتداد الحر، ولا يذهب في تلك البلاد إلا بعد أن يصير ظل الشيء مثليه، فيكون أول وقت العصر مصير الظل مثليه، وحكاية مثل هذا تغني عن رده‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فَقَالَ لَهُ أَبِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك وعوف هو الأعرابي‏.‏
قوله ‏(‏دخلت أنا وأبي‏)‏ زاد الإسماعيلي ‏"‏ زمن أخرج ابن زياد من البصرة ‏"‏ قلت‏:‏ وكان ذلك في سنة أربع وستين كما سيأتي في كتاب الفتن، وسلامة والد سيار حكى عنه ولده هنا ولم أجد من ترجمه، وقد وقعت لابنه عنه رواية في الطبراني الكبير في ذكر الحوض‏.‏
قوله ‏(‏المكتوبة‏)‏ أي المفروضة، واستدل به على أن الوتر ليس من المكتوبة لكون أبي برزة لم يذكره وفيه بحث‏.‏
قوله ‏(‏كان يصلي الهجير‏)‏ أي صلاة الهجير، والهجير والهاجرة بمعنى، وهو وقت شدة الحر، وسميت الظهر بذلك لأن وقتها يدخل حينئذ‏.‏
قوله ‏(‏تدعونها الأولى‏)‏ قيل سميت الأولى لأنها أول صلاة النهار وقيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بين له الصلوات الخمس‏.‏
قوله ‏(‏حين تدحض الشمس‏)‏ أي تزول عن وسط السماء مأخوذ من الدحض وهو الزلق‏.‏
وفي رواية لمسلم ‏"‏ حين تزول الشمس ‏"‏ ومقتضى ذلك أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها، ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد لاحتمال أن يكون ذلك في زمن البرد أو قبل الأمر بالإبراد أو عند فقد شروط الإبراد لأنه يختص بشدة الحر، أو لبيان الجواز‏.‏
وقد يتمسك بظاهره من قال إن فضيلة أول الوقت لا تحصل إلا بتقديم ما يمكن تقديمه من طهارة وستر وغيرهما قبل دخول الوقت، ولكن الذي يظهر أن المراد بالحديث التقريب‏.‏
فتحصل الفضيلة لمن لم يتشاغل عند دخول الوقت بغير أسباب الصلاة‏.‏
قوله ‏(‏إلى رحله‏)‏ بفتح الراء وسكون المهملة، أي مسكنه‏.‏
قوله ‏(‏في أقصى المدينة‏)‏ صفة للرحل‏.‏
قوله ‏(‏والشمس حية‏)‏ أي بيضاء نقية‏.‏
قال الزين بن المنير‏:‏ المراد بحياتها قوة أثرها حرارة ولونا وشعاعا وإنارة، وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء ا ه‏.‏
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن خيثمة أحد التابعين قال‏:‏ حياتها أن تجد حرها‏.‏
قوله ‏(‏ونسيت ما قال في المغرب‏)‏ قائل ذلك هو سيار، بينه أحمد في روايته عن حجاج عن شعبة عنه‏.‏
قوله ‏(‏أن يؤخر من العشاء‏)‏ أي من وقت العشاء، قال ابن دقيق العيد‏:‏ فيه دليل على استحباب التأخير قليلا لأن التبعيض يدل عليه، وتعقب بأنه بعض مطلق لا دلالة فيه على قلة ولا كثرة، وسيأتي في ‏"‏ باب وقت العشاء ‏"‏ من حديث جابر أن التأخير إنما كان لانتظار من يجيء لشهود الجماعة‏.‏
قوله ‏(‏التي تدعونها العتمة‏)‏ فيه إشارة إلى ترك تسميتها بذلك، وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد‏.‏
وقال الطيبي‏:‏ لعل تقييده الظهر والعشاء دون غيرهما للاهتمام بأمرهما، فتسمية الظهر بالأولى يشعر بتقديمها، وتسمية العشاء بالعتمة يشعر بتأخيرها، وسيأتي الكلام على كراهة النوم قبلها في باب مفرد‏.‏
قوله ‏(‏وكان ينفتل‏)‏ أي ينصرف من الصلاة، أو يلتفت إلى المأمومين‏.‏
قوله ‏(‏من صلاة الغداة‏)‏ أي الصبح، وفيه أنه لا كراهة في تسمية الصبح بذلك‏.‏
قوله ‏(‏حين يعرف الرجل جليسه‏)‏ تقدم الكلام على اختلاف ألفاظ الرواية فيه، واستدل بذلك على التعجيل بصلاة الصبح لأن ابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه يكون في أواخر الغلس، وقد صح بأن ذلك كان عند فراغ الصلاة‏.‏
ومن المعلوم من عادته صلى الله عليه وسلم ترتيل القراءة وتعديل الأركان، فمقتضى ذلك أنه كان يدخل فيها مغلسا، وادعى الزين بن المنير أنه مخالف لحديث عائشة الآتي حيث قالت فيه‏:‏ ‏"‏ لا يعرفن من الغلس‏"‏، وتعقب بأن الفرق بينهما ظاهر، وهو أن حديث أبي برزة متعلق بمعرفة من هو مسفر جالس إلى جنب المصلي فهو ممكن، وحديث عائشة متعلق بمن هو متلفف مع أنه على بعد فهو بعيد‏.‏
قوله ‏(‏ويقرأ‏)‏ أي في الصبح ‏(‏بالستين إلى المائة‏)‏ يعني من الآي‏.‏
وقدرها في رواية الطبراني بسورة الحاقة ونحوها، وتقدم في ‏"‏ باب وقت الظهر ‏"‏ بلفظ ‏"‏ ما بين الستين إلى المائة ‏"‏ وأشار الكرماني أن القياس أن يقول ما بين الستين والمائة لأن لفظ ‏"‏ بين ‏"‏ يقتضي الدخول على متعدد‏.‏
قال‏:‏ ويحتمل أن يكون التقدير‏:‏ ويقرأ ما بين الستين وفوقها إلى المائة، فحذف لفظ فوقها لدلالة الكلام عليه‏.‏
وفي السياق تأدب الصغير مع الكبير، ومسارعة المسئول بالجواب إذا كان عارفا به‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏إلى بني عمرو بن عوف‏)‏ أي بقباء لأنها كانت منازلهم‏.‏
وإخراج المصنف لهذا الحديث مشعر بأنه كان يرى أن قول الصحابي ‏"‏ كنا نفعل كذا ‏"‏ مسند ولو لم يصرح بإضافته إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو اختيار الحاكم‏.‏
وقال الدار قطني والخطيب وغيرهما‏:‏ هو موقوف‏.‏
والحق أنه موقوف لفظا مرفوع حكما، لأن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج، فيحمل على أنه أراد كونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقد روى ابن المبارك هذا الحديث عن مالك فقال فيه ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ‏"‏ الحديث، أخرجه النسائي‏.‏
قال النووي‏:‏ قال العلماء كانت منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة، وكانوا يصلون العصر في وسط الوقت لأنهم كانوا يشتغلون بأعمالهم وحروثهم، فدل هذا الحديث على تعجيل النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة العصر في أول وقتها، وسيأتي في طريق الزهري عن أنس أن الرجل كان يأتيهم والشمس مرتفعة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ يَقُولُ صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ قَالَ الْعَصْرُ وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏سمعت أبا أمامة‏)‏ هو أسعد بن سهل بن حنيف، وهو عم الراوي عنه‏.‏
وفي القصة دليل على أن عمر بن عبد العزيز كان يصلي الصلاة في آخر وقتها تبعا لسفله، إلى أن أنكر عليه عروة فرجع إليه كما تقدم، وإنما أنكر عليه عروة في العصر دون الظهر لأن وقت الظهر لا كراهة فيه بخلاف وقت العصر‏.‏
وفيه دليل على صلاة العصر في أول وقتها أيضا، وهو عند انتهاء وقت الظهر، ولهذا تشكك أبو أمامة في صلاة أنس أهي الظهر أو العصر، فيدل أيضا على عدم الفاصلة بين الوقتين‏.‏
وقوله له ‏"‏ يا عم ‏"‏ هو على سبيل التوقير ولكونه أكبر سنا منه مع أن نسبهما مجتمع في الأنصار، لكنه ليس عمه على الحقيقة، والله أعلم‏.‏
قوله ‏(‏باب وقت العصر‏)‏ كذا وقع وفي رواية المستملي دون غيرة، وهو خطأ لأنه تكرار بلا فائدة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَبَعْضُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏والشمس مرتفعة حية‏)‏ فيه إشارة إلى بقاء حرها وضوئها كما تقدم‏.‏
وقوله بعد ذلك ‏(‏فيأتيهم والشمس مرتفعة‏)‏ أي دون ذلك الارتفاع‏.‏
لكنها لم تصل إلى الحد الذي توصف به بأنها منخفضة، وفي ذلك دليل على تعجيله صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضي مسافة أربعة أميال، وروى النسائي والطحاوي واللفظ له من طريق أبي الأبيض عن أنس قال ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا العصر والشمس بيضاء محلقة، ثم أرجع إلى قومي في ناحية المدينة فأقول لهم قوموا فصلوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى ‏"‏ قال الطحاوي‏:‏ نحن نعلم أن أولئك - يعني قوم أنس - لم يكونوا يصلونها إلا قبل اصفرار الشمس، فدل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجلها‏.‏
قوله ‏(‏وبعض العوالي‏)‏ كذا وقع هنا أي بين بعض العوالي والمدينة المسافة المذكورة، وروى البيهقي حديث الباب من طريق أبي بكر الصغاني عن أبي اليماني شيخ البخاري فيه وقال في آخره ‏"‏ وبعد العوالي ‏"‏ بضم الموحدة وبالدال المهملة، وكذلك أخرجه المصنف في الاعتصام تعليقا، ووصله البيهقي من طريق الليث عن يونس عن الزهري لكن قال ‏"‏ أربعة أميال أو ثلاثة‏"‏، وروى هذا الحديث أبو عوانة في صحيحه وأبو العباس السراج جميعا عن أحمد بن الفرج أبي عتبة عن محمد بن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري ولفظه ‏"‏ والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال‏"‏، أخرجه الدار قطني عن المحاملي عن أبي عتبة المذكور بسنده فوقع عنده ‏"‏ على ستة أميال ‏"‏ ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فقال فيه ‏"‏ على ميلين أو ثلاثة ‏"‏ فتحصل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت رواية المحاملي محفوظة‏.‏
ووقع في المدونة عن مالك ‏"‏ أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال ‏"‏ قال عياض‏:‏ كأنه أراد معظم عمارتها وإلا فأبعدها ثمانية أميال‏.‏ انتهى‏.‏
وبذلك جزم ابن عبد البر وغير واحد آخرهم صاحب النهاية‏.‏
ويحتمل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي كان يذهب إليها الذاهب في هذه الوقعة، والعوالي عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السافلة‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏(‏وبعض العوالي الخ‏)‏ مدرج من كلام الزهري في حديث أنس، بينه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في هذا الحديث فقال فيه - بعد قوله والشمس حية - قال الزهري‏:‏ والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة، ولم يقف الكرماني على هذا فقال‏:‏ هو إما كلام البخاري أو أنس أو الزهري كما هو عادته‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ
الشرح‏:‏
قوله في الطريق الأخرى ‏(‏كنا نصلي العصر‏)‏ أي مع النبي صلى الله عليه وسلم كما يظهر ذلك من الطرق الأخرى، وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك كذلك مصرحا به أخرجه الدار قطني في غرائبه‏.‏
قوله ‏(‏ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء‏)‏ كأن أنسا أراد بالذاهب نفسه كما تشعر بذلك رواية أبي الأبيض المتقدمة‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ لم يختلف على مالك أنه قال في هذا الحديث ‏"‏ إلى قباء ‏"‏ ولم يتابعه أحد من أصحاب الزهري بل كلهم يقولون ‏"‏ إلى العوالي ‏"‏ وهو الصواب عند أهل الحديث‏.‏
قال‏:‏ وقول مالك إلى قباء وهم لا شك فيه‏.‏
وتعقب بأنه روى عن ابن أبي ذئب عن الزهري ‏"‏ إلى قباء ‏"‏ كما قال مالك، نقله الباجي عن الدار قطني فنسبة الوهم فيه إلى مالك منتقد، فإنه إن كان وهما احتمل أن يكون منه وأن يكون من الزهري حين حدث به مالكا، وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال فيه ‏"‏ إلى العوالي ‏"‏ كما قال الجماعة، فقد اختلف فيه على مالك وتوبع عن الزهري بخلاف ما جزم به ابن عبد البر‏.‏
وأما قوله‏:‏ الصواب عند أهل الحديث العوالي، فصحيح من حيث اللفظ‏.‏
ومع ذلك فالمعنى متقارب، لكن رواية مالك أخص لأن قباء من العوالي وليست العوالي كل قباء، ولعل مالكا لما رأى أن في رواية الزهري إجمالا حملها على الرواية المفسرة وهي روايته المتقدمة عن إسحاق حيث قال فيها ‏"‏ ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف ‏"‏ وقد تقدم أنهم أهل قباء، فبنى مالك على أن القصة واحدة لأنهما جميعا حدثاه عن أنس والمعنى متقارب، فهذا الجمع أولى من الجزم بأن مالكا وهم فيه‏.‏
وأما استدلال ابن بطال على أن الوهم فيه ممن دون مالك برواية خالد بن مخلد المتقدمة الموافقة لرواية الجماعة عن الزهري ففيه نظر، لأن مالكا أثبته في الموطأ باللفظ الذي رواه عنه كافة أصحابه، فرواية خالد بن مخلد عنه شاذة‏.‏
فكيف تكون دالة على أن رواية الجماعة وهم‏؟‏ بل إن سلمنا أنها وهم فهو من مالك كما جزم به البزار والدار قطني ومن تبعهما‏؟‏ أو من الزهري حين حدثه به‏؟‏ والأولى سلوك طريق الجمع التي أوضحناها والله الموفق‏.‏
قال ابن رشيد‏:‏ قضى البخاري بالصواب لمالك بأحسن إشارة وأوجز عبارة، لأنه قدم أولا المجمل ثم أتبعه بحديث مالك المفسر المعين‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قباء تقدم ضبطها في باب ما جاء في القبلة‏.‏
قوله ‏(‏إلى قباء فيأتيهم‏)‏ أي أهل قباء وهو على حد قوله تعالى ‏(‏واسأل القرية‏)‏ والله أعلم‏.‏
قال النووي‏:‏ في الحديث المبادرة بصلاة العصر في أول وقتها، لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين أو أكثر والشمس لم تتغير، ففيه دليل للجمهور في أن أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثله خلافا لأبي حنيفة‏.‏ وقد مضى ذلك في الباب الذي قبله‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:32 PM   #233
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِثْمُ مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب إثم من فاتته صلاة العصر‏)‏ أشار المصنف بذكر الإثم إلى أن المراد بالفوات تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذر، لأن الإثم إنما يترتب على ذلك، وسيأتي البحث في ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ يَتِرَكُمْ وَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا أَوْ أَخَذْتَ لَهُ مَالًا
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏الذي تفوته‏)‏ قال ابن بزيزة‏:‏ فيه رد على من كره أن يقول فاتتنا الصلاة‏.‏
قلت‏:‏ وسيأتي الكلام على ذلك في باب مفرد في صلاة الجماعة‏.‏
قوله ‏(‏صلاة العصر فكأنما‏)‏ كذا للكشميهني، وسقط للأكثر لفظ صلاة والفاء من قوله فكأنما‏.‏
قوله ‏(‏وتر أهله‏)‏ هو بالنصب عند الجمهور على أنه مفعول ثان لوتر، وأضمر في وتر مفعول لم يسم فاعله وهو عائد على الذي فاتته، فالمعنى أصيب بأهله وماله‏.‏
وهو متعد إلى مفعولين‏.‏
ومثله قوله تعالى ‏(‏ولن يتركم أعمالكم‏)‏ ، وإلى هذا أشار المصنف فيما وقع في رواية المستملي قال‏:‏ قال أبو عبد الله يتركم‏.‏
انتهى‏.‏
وقيل وتر هنا بمعنى نقص، فعلى هذا يجوز نصبه ورفعه، لأن من رد النقص إلى الرجل نصب وأضمر ما يقوم مقام الفاعل، ومن رده إلى الأهل رفع‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ يروى بالنصب على أن وتر بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين، وبالرفع على أن وتر بمعنى أخذ فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله‏.‏
ووقع في رواية المستملي أيضا وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا أو أخذت ماله، وحقيقة الوتر كما قال الخليل هو الظلم في الدم، فعلى هذا فاستعماله في المال مجاز، لكن قال الجوهري‏:‏ الموتور هو الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه، تقول منه وتر وتقول أيضا وتره حقه أي نقصه‏.‏
وقيل الموتور من أخذ أهله أو ماله وهو ينظر إليه وذلك أشد لغمه، فوقع التشبيه بذلك لمن فاتته الصلاة لأنه يجتمع عليه غمان‏:‏ غم الإثم وغم فقد الثواب‏.‏
كما يجتمع على الموتور غمان‏:‏ غم السلب، وغم الطلب بالثأر‏.‏
وقيل‏:‏ معنى وتر أخذ أهله وماله فصار وترا أي فردا، ويؤيد الذي قبله رواية أبي مسلم الكجي من طريق حماد بن سلمة عن أيوب نافع فذكر نحو هذا الحديث وزاد في آخره ‏"‏ وهو قاعد‏"‏، وظاهر الحديث التغليظ على من تفوته العصر، وأن ذلك مختص بها‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ يحتمل أن يكون هذا الحديث خرج جوابا لسائل سأل عن صلاة العصر فأجيب، فلا يمنع ذلك إلحاق غيرها من الصلوات بها‏.‏
وتعقبه النووي بأنه إنما يلحق غير المنصوص بالمنصوص إذا عرفت العلة واشتركا فيها‏.‏
قال‏:‏ والعلة في هذا الحكم لم تتحقق فلا يلتحق غير العصر بها‏.‏
انتهى‏.‏
وهذا لا يدفع الاحتمال‏.‏
وقد احتج ابن عبد البر بما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق أبي قلابة عن أبي الدرداء مرفوعا ‏"‏ من ترك صلاة مكتوبة حتى تفوته ‏"‏ الحديث‏.‏
قلت‏:‏ وفي إسناده انقطاع لأن أبا قلابة لم يسمع من أبي الدرداء‏.‏
وقد رواه أحمد من حديث أبي الدرداء بلفظ ‏"‏ من ترك العصر ‏"‏ فرجع حديث أبي الدرداء إلى تعيين العصر‏.‏
وروى ابن حبان وغيره من حديث نوفل بن معاوية مرفوعا ‏"‏ من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله ‏"‏ وهذا ظاهره العموم في الصلوات المكتوبات‏.‏
وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن نوفل بلفظ ‏"‏ لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن يفوته وقت صلاة ‏"‏ وهذا أيضا ظاهره العموم‏.‏
ويستفاد منه أيضا ترجيح توجيه رواية النصب المصدر بها، لكن المحفوظ من حديث نوفل بلفظ ‏"‏ من الصلوات صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله ‏"‏ أخرجه المصنف في علامات النبوة ومسلم أيضا والطبراني وغيرهم، ورواه الطبراني من وجه آخر وزاد فيه عن الزهري‏:‏ قلت لأبي بكر - يعني ابن عبد الرحمن وهو الذي حدثه به - ما هذه الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ العصر‏.‏
ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر فصرح بكونها العصر في نفس الخبر، والمحفوظ أن كونها العصر من تفسير أبي بكر بن عبد الرحمن، ورواه الطحاوي والبيهقي من وجه آخر وفيه أن التفسير من قول ابن عمر، فالظاهر اختصاص العصر بذلك، وسيأتي تقريره في الكلام على الحديث الذي بعده‏.‏
ومما يدل على أن المراد بتفويتها إخراجها عن وقتها ما وقع في رواية عبد الرزاق فإنه أخرج هذا الحديث عن ابن جريج عن نافع فذكر نحوه وزاد ‏"‏ قلت لنافع‏:‏ حين تغيب الشمس‏؟‏ قال‏:‏ نعم ‏"‏ وتفسير الراوي إذا كان فقيها أولى من غيره، لكن روى أبو داود عن الأوزاعي أنه قال في هذا الحديث ‏"‏ وفواتها أن تدخل الشمس صفرة ‏"‏ ولعله مبني على مذهبه في خروج وقت العصر‏.‏
ونقل عن ابن وهب أن المراد إخراجها عن الوقت المختار‏.‏
وقال المهلب ومن تبعه من الشراح‏:‏ إنما أراد فواتها في الجماعة لا فواتها باصفرار الشمس أو بمغيبها‏.‏
قال‏:‏ ولو كان لفوات وقتها كله لبطل اختصاص العصر، لأن ذهاب الوقت موجود في كل صلاة ونوقض بعين ما ادعاه، لأن فوات الجماعة موجود في كل صلاة لكن في صدر كلامه أن العصر اختصت بذلك لاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها، وتعقبه ابن المنير بأن الفجر أيضا فيها اجتماع المتعاقبين فلا يختص العصر بذلك، قال‏:‏ والحق أن الله تعالى يختص ما شاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة‏.‏
انتهى‏.‏
وبوب الترمذي على حديث الباب ‏"‏ ما جاء في السهو عن وقت العصر ‏"‏ فحمله على الساهي، وعلى هذا فالمراد بالحديث أنه يلحقه من الأسف عند معاينة الثواب لمن صلى ما يلحق من ذهب منه أهله وماله، وقد روى بمعنى ذلك عن سالم بن عبد الله بن عمر، ويؤخذ منه التنبيه على أن أسف العامد أشد، لاجتماع فقد الثواب وحصول الإثم‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ في هذا الحديث إشارة إلى تحقير الدنيا وأن قليل العمل خير من كثير منها‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ لا يوجد حديث يقوم مقام هذا الحديث، لأن الله تعالى قال ‏(‏حافظوا على الصلوات‏)‏ وقال‏:‏ ولا يوجد حديث فيه تكييف المحافظة غير هذا الحديث‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب من ترك العصر‏)‏ أي ما يكون حكمه‏؟‏ قال ابن رشيد‏:‏ أجاد البخاري حيث اقتصر على صدر الحديث فأبقى فيه محلا للتأويل‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان ينبغي أن يذكر حديث الباب في الباب الذي قبله ولا يحتاج إلى هذه الترجمة‏.‏
وتعقب بأن الترك أصرح بإرادة التعمد من الفوات‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا مسلم بن إبراهيم‏)‏ سقط عند الأصيلي ‏"‏ ابن إبراهيم‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ وقع عند غير أبي ذر ‏"‏ أنبأنا هشام ‏"‏ وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي‏.‏
قوله ‏(‏أخبرنا يحيى‏)‏ عند غير أبي ذر ‏"‏ حدثنا‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏عن أبي قلابة‏)‏ عند ابن خزيمة من طريق أبي داود الطيالسي عن هشام عن يحيى أن أبا قلابة حدثه‏.‏
قوله ‏(‏عن أبي المليح‏)‏ عند المصنف في ‏"‏ باب التبكير بالصلاة في يوم الغيم ‏"‏ عن معاذ بن فضالة عن هشام في هذا الإسناد أن أبا المليح حدثه، وأبو المليح هو ابن أسامة بن عمير الهذلي، وقد تقدم أن اسمه عامر وأبوه صحابي، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق‏.‏
وتابع هشاما على هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كثير شيبان ومعمر وحديثهما عند أحمد، وخالفهم الأوزاعي فرواه عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن بريدة، والأول هو المحفوظ، وخالفهم أيضا في سياق المتن كما سيأتي التنبيه عليه في ‏"‏ باب التبكير ‏"‏ المذكور إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله ‏(‏كنا مع بريدة‏)‏ هو ابن الحصيب الأسلمي‏.‏
قوله ‏(‏ذي غيم‏)‏ قيل خص يوم الغيم بذلك لأنه مظنة التأخير إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت‏.‏
قوله ‏(‏بكروا‏)‏ أي عجلوا، والتبكير يطلق لكل من بادر بأي شيء كان في أي وقت كان، وأصله المبادرة بالشيء أول النهار‏.‏
قوله ‏(‏فإن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ الفاء للتعليل، وقد استشكل معرفة تيقن دخول أول الوقت مع وجود الغيم لأنهم لم يكونوا يعتمدون فيه إلا على الشمس، وأجيب باحتمال أن بريدة قال ذلك عند معرفة دخول الوقت، لأنه لا مانع في يوم الغيم من أن تظهر الشمس أحيانا‏.‏
ثم إنه لا يشترط - إذا احتجبت الشمس - اليقين بل يكفي الاجتهاد‏.‏
قوله ‏(‏من ترك صلاة العصر‏)‏ زاد معمر في روايته ‏"‏ متعمدا ‏"‏ وكذا أخرجه أحمد من حديث أبي الدرداء‏.‏
قوله ‏(‏فقد حبط‏)‏ سقط ‏"‏ فقد ‏"‏ من رواية المستملي‏.‏
وفي رواية معمر ‏"‏ أحبط الله عمله‏"‏‏.‏
وقد استدل بهذا الحديث من يقول بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم وقالوا‏:‏ هو نظير قوله تعالى ‏(‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله‏)‏ وقال ابن عبد البر‏:‏ مفهوم الآية أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله فيتعارض مفهومها ومنطوق الحديث فيتعين تأويل الحديث، لأن الجمع إذا أمكن كان أولى من الترجيح‏.‏
وتمسك بظاهر الحديث أيضا الحنابلة ومن قال بقولهم من أن تارك الصلاة يكفر، وجوابهم ما تقدم‏.‏
وأيضا فلو كان على ما ذهبوا إليه لما اختصت العصر بذلك‏.‏
وأما الجمهور فتأولوا الحديث، فافترقوا في تأويله فرقا‏.‏
فمنهم من أول سبب الترك، ومنهم من أول الحبط، ومنهم من أول العمل فقيل‏:‏ المراد من تركها جاحدا لوجوبها، أو معترفا لكن مستخفا مستهزئا بمن أقامها‏.‏
وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط، ولهذا أمر بالمبادرة إليها، وفهمه أولى من فهم غيره كما تقدم‏.‏
وقيل المراد من تركها متكاسلا لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد كقوله ‏"‏ لا يزني الزاني وهو مؤمن ‏"‏ وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى‏:‏ فقد أشبه من حبط عمله، وقيل معناه كاد أن يحبط، وقيل المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة، أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ، وقيل المراد بالحبط الإبطال أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به، كمن رجحت سيئاته على حسناته فإنه موقوف في المشيئة فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك وإن عذب ثم غفر له فكذلك‏.‏
قال معنى ذلك القاضي أبو بكر بن العربي، وقد تقدم مبسوطا في كتاب الإيمان في ‏"‏ باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله ‏"‏ ومحصل ما قال أن المراد بالحبط في الآية غير المراد بالحبط في الحديث‏.‏
وقال في شرح الترمذي‏:‏ الحبط على قسمين، حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات، وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته‏.‏
وقيل المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة، بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع، وأقرب هذه التأويلات قول من قال‏:‏ إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:33 PM   #234
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب فضل صلاة العصر‏)‏ أي على جميع الصلوات إلا الصبح، وإنما حملته على ذلك لأن حديثي الباب لا يظهر منهما رجحان العصر عليها، ويحتمل أن يكون المراد أن العصر ذات فضيلة لا ذات أفضلية
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ افْعَلُوا لَا تَفُوتَنَّكُمْ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، ووقع عند ابن مردويه من طريق شعبة عن إسماعيل التصريح بسماع إسماعيل من قيس وسماع قيس من جرير‏.‏
قوله ‏(‏فنظر إلى القمر ليلة‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ ليلة البدر ‏"‏ وكذا للمصنف من وجه آخر، وهو خال من العنعنة أيضا كما سيأتي في ‏"‏ باب فضل صلاة الفجر‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏لا تضامون‏)‏ بضم أوله مخففا، أي لا يحصل لكم ضيم حينئذ، وروى بفتح أوله والتشديد من الضم، والمراد نفي الازدحام، وسيأتي بسط ذلك في كتاب التوحيد‏.‏
قوله ‏(‏فإن استطعتم أن لا تغلبوا‏)‏ فيه إشارة إلى قطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة كالنوم والشغل ومقاومة ذلك بالاستعداد له‏.‏
و قوله ‏(‏فافعلوا‏)‏ أي عدم الغلبة، وهو كناية عما ذكر من الاستعداد‏.‏
ووقع في رواية شعبة المذكورة ‏"‏ فلا تغفلوا عن صلاة ‏"‏ الحديث‏.‏
قوله ‏(‏قبل طلوع الشمس وقبل غروبها‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ يعني العصر والفجر ‏"‏ ولابن مردويه من وجه آخر عن إسماعيل ‏"‏ قبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل غروبها صلاة العصر ‏"‏ وقال ابن بطال قال المهلب‏:‏ قوله ‏"‏ فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة ‏"‏ أي في الجماعة‏.‏
قال‏:‏ وخص هذين الوقتين لاجتماع الملائكة فيهما ورفعهم أعمال العباد لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم‏.‏
قلت‏:‏ وعرف بهذا مناسبة إيراد حديث ‏"‏ يتعاقبون ‏"‏ عقب هذا الحديث، لكن لم يظهر لي وجه تقييد ذلك بكونه في جماعة، وإن كان فضل الجماعة معلوما من أحاديث أخر، بل ظاهر الحديث يتناول من صلاهما ولو منفردا، إذ مقتضاه التحريض على فعلهما أعم من كونه جماعة أو لا‏.‏
قوله ‏(‏فافعلوا‏)‏ قال الخطابي‏:‏ هذا يدل على أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين ا ه‏.‏
وقد يستشهد لذلك بما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر رفعه، قال ‏"‏ إن أدنى أهل الجنة منزلة ‏"‏ فذكر الحديث وفيه ‏"‏ وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ‏"‏ وفي سنده ضعف‏.‏
قوله ‏(‏ثم قرأ‏)‏ كذا في جميع روايات الجامع، وأكثر الروايات في غيره بإبهام فاعل قرأ، وظاهره أنه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لم أر ذلك صريحا، وحمله عليه جماعة من الشراح، ووقع عند مسلم عن زهير بن حرب عن مروان بن معاوية بإسناد حديث الباب ‏"‏ ثم قرأ جرير ‏"‏ أي الصحابي، وكذا أخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد، فظهر أنه وقع في سياق حديث الباب وما وافقه إدراج‏.‏
قال العلماء‏:‏ ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية أن الصلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازي المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى‏.‏
وقيل لما حقق رؤية الله تعالى برؤية القمر والشمس - وهما آيتان عظيمتان شرعت لخسوفهما الصلاة والذكر - ناسب من يحب رؤية الله تعالى أن يحافظ على الصلاة عند غروبها ا ه‏.‏
ولا يخفى بعده وتكلفه، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏يتعاقبون‏)‏ أي تأتي طائفة عقب طائفة، ثم تعود الأولى عقب الثانية‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ وإنما يكون التعاقب بين طائفتين أو رجلين بأن يأتي هذا مرة ويعقبه هذا، ومنه تعقيب الجيوش أن يجهز الأمير بعثا إلى مدة ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز غيرهم إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز الأولين‏.‏
قال القرطبي‏:‏ الواو في قوله ‏"‏ يتعاقبون ‏"‏ علامة الفاعل المذكر المجموع على لغة بلحارث وهم القائلون أكلوني البراغيث، ومنه قول الشاعر بحوران يعصرن السليط أقاربه وهي لغة فاشية وعليها حمل الأخفش قوله تعالى ‏(‏وأسروا النجوى الذين ظلموا‏)‏ قال‏:‏ وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها وردها للبدل، وهو تكلف مستغنى عنه، فإن تلك اللغة مشهورة ولها وجه من القياس واضح‏.‏
وقال غيره في تأويل الآية‏:‏ قوله ‏(‏وأسروا‏)‏ عائد على الناس المذكورين أولا‏.‏
و ‏(‏الذين ظلموا‏)‏ بدل من الضمير‏.‏
وقيل التقدير أنه لما قيل ‏(‏وأسروا النجوى‏)‏ قيل‏:‏ من هم‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الذين ظلموا‏)‏ حكاه الشيخ محيي الدين، والأول أقرب إذ الأصل عدم التقدير‏.‏
وتوارد جماعة من الشراح على أن حديث الباب من هذا القبيل، ووافقهم ابن مالك وناقشه أبو حيان زاعما أن هذه الطريق اختصرها الراوي، واحتج لذلك بما رواه البزار من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم‏:‏ ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار ‏"‏ الحديث، وقد سومح في العزو إلى مسند البزار مع أن هذا الحديث بهذا اللفظ في الصحيحين فالعزو إليهما أولى، وذلك أن هذا الحديث رواه عن أبي الزناد مالك في الموطأ ولم يختلف عليه باللفظ المذكور وهو قوله ‏"‏ يتعاقبون فيكم ‏"‏ وتابعه على ذلك عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أخرجه سعيد بن منصور عنه، وقد أخرجه البخاري في بدء الخلق من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد بلفظ ‏"‏ الملائكة يتعاقبون‏:‏ ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار‏"‏، وأخرجه النسائي أيضا من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزناد بلفظ ‏"‏ إن الملائكة يتعاقبون فيكم ‏"‏ فاختلف فيه علي أبي الزناد، فالظاهر أنه كان تارة يذكره هكذا وتارة هكذا، فيقوي بحث أبي حيان، ويؤيد ذلك أن غير الأعرج من أصحاب أبي هريرة قد رووه تاما فأخرجه أحمد ومسلم من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة مثل رواية موسى بن عقبة لكن بحذف ‏"‏ إن ‏"‏ من أوله، وأخرجه ابن خزيمة والسراج من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إن لله ملائكة يتعاقبون ‏"‏ وهذه هي الطريقة التي أخرجها البزار، وأخرجه أبو نعيم في الحلية بإسناد صحيح من طريق أبي موسى عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إن الملائكة فيكم يتعقبون ‏"‏ وإذا عرف ذلك فالعزو إلى الطريق التي تتحد مع الطريق التي وقع القول فيها أولى من طريق مغايرة لها، فليعز ذلك إلى تخريج البخاري والنسائي من طريق أبي الزناد لما أوضحته‏.‏
والله الموفق‏.‏
قوله ‏(‏فيكم‏)‏ أي المصلين أو مطلق المؤمنين‏.‏
قوله ‏(‏ملائكة‏)‏ قيل هم الحفظة نقله عياض وغيره عن الجمهور، وتردد ابن بزيزة‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ الأظهر عندي أنهم غيرهم، ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد، ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار، وبأنهم لو كانوا هم الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن حالة الترك دون غيرها في قوله ‏"‏ كيف تركتم عبادي‏"‏‏.‏
قوله ‏(‏ويجتمعون‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ التعاقب مغاير للاجتماع، لكن ذلك منزل على حالين‏.‏
قلت‏:‏ وهو ظاهر‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ الأظهر أنهم يشهدون معهم الصلاة في الجماعة، واللفظ محتمل للجماعة وغيرها، كما يحتمل أن التعاقب يقع بين طائفتين دون غيرهم، وأن يقع التعاقب بينهم في النوع لا في الشخص‏.‏
قال عياض‏:‏ والحكمة في اجتماعهم في هاتين الصلاتين من لطف الله تعالى بعباده وإكرامه لهم بأن جعل اجتماع ملائكته في حال طاعة عباده لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة‏.‏
قلت‏:‏ وفيه شيء، لأنه رجح أنهم الحفظة، ولا شك أن الذين يصعدون كانوا مقيمين عندهم مشاهدين لأعمالهم في جميع الأوقات، فالأولى أن يقال‏:‏ الحكمة في كونه تعالى لا يسألهم إلا عن الحالة التي تركوهم عليها ما ذكر، ويحتمل أن يقال إن الله تعالى يستر عنهم ما يعملونه فيما بين الوقتين، لكنه بناء على أنهم غير الحفظة‏.‏
وفيه إشارة إلى الحديث الآخر ‏"‏ إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ‏"‏ فمن ثم وقع السؤال من كل طائفة عن آخر شيء فارقوهم عليه‏.‏
قوله ‏(‏ثم يعرج الذين باتوا فيكم‏)‏ استدل به بعض الحنفية على استحباب تأخير صلاة العصر ليقع عروج الملائكة إذا فرغ منها آخر النهار، وتعقب بأن ذلك غير لازم، إذ ليس في الحديث ما يقتضي أنهم لا يصعدون إلا ساعة الفراغ من الصلاة بل جائز أن تفرغ الصلاة ويتأخروا بعد ذلك إلى آخر النهار، ولا مانع أيضا من أن تصعد ملائكة النهار وبعض النهار باق وتقيم ملائكة الليل، ولا يرد على ذلك وصفهم بالمبيت بقوله ‏"‏ باتوا فيكم ‏"‏ لأن اسم المبيت صادق عليهم ولو تقدمت إقامتهم بالليل قطعة من النهار‏.‏
قوله ‏(‏الذين باتوا فيكم‏)‏ اختلف في سبب الاقتصار على سؤال الذين باتوا دون الذين ظلوا، فقيل‏:‏ هو من باب الاكتفاء بذكر أحد المثلين عن الآخر كقوله تعالى ‏(‏فذكر إن نفعت الذكرى‏)‏ أي وإن لم تنفع، وقوله تعالى ‏(‏سرابيل تقيكم الحر‏)‏ أي والبرد، وإلى هذا أشار ابن التين وغيره، ثم قيل‏:‏ الحكمة في الاقتصار على ذلك أن حكم طرفي النهار يعلم من حكم طرفي الليل، فلو ذكره لكان تكرارا‏.‏
ثم قيل‏:‏ الحكمة في الاقتصار على هذا الشق دون الآخر أن الليل مظنة المعصية فلما لم يقع منهم عصيان - مع إمكان دواعي الفعل من إمكان الإخفاء ونحوه - واشتغلوا بالطاعة كان النهار أولى بذلك، فكان السؤال عن الليل أبلغ من السؤال عن النهار لكون النهار محل الاشتهار‏.‏
وقيل‏:‏ الحكمة في ذلك أن ملائكة الليل إذا صلوا الفجر عرجوا في الحال، وملائكة النهار إذا صلوا العصر لبثوا إلى آخر النهار لضبط بقية عمل النهار، وهذا ضعيف، لأنه يقتضي أن ملائكة النهار لا يسألون عن وقت العصر، وهو خلاف ظاهر الحديث كما سيأتي‏.‏
ثم هو مبني على أنهم الحفظة وفيه نظر لما سنبينه، وقيل بناه أيضا على أنهم الحفظة أنهم ملائكة النهار فقط وهم لا يبرحون عن ملازمة بني آدم، وملائكة الليل هم الذين يعرجون ويتعاقبون، ويؤيده ما رواه أبو نعيم في ‏"‏ كتاب الصلاة ‏"‏ له من طريق الأسود بن يزيد النخعي قال‏:‏ يلتقي الحارسان - أي ملائكة الليل وملائكة النهار - عند صلاة الصبح فيسلم بعضهم على بعض فتصعد ملائكة الليل وتلبث ملائكة النهار‏.‏
وقيل‏:‏ يحتمل أن يكون العروج إنما يقع عند صلاة الفجر خاصة، وأما النزول فيقع في الصلاتين معا، وفيه التعاقب، وصورته أن تنزل طائفة عند العصر وتبيت، ثم تنزل طائفة ثانية عند الفجر، فيجتمع الطائفتان في صلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فقط ويستمر الذين نزلوا وقت الفجر إلى العصر فتنزل الطائفة الأخرى حصل اجتماعهم عند العصر أيضا ولا يصعد منهم أحد بل تبيت الطائفتان أيضا ثم تعرج إحدى الطائفتين ويستمر ذلك فتصح صورة التعاقب مع اختصاص النزول بالعصر والعروج بالفجر، فلهذا خص السؤال بالذين باتوا، والله أعلم‏.‏
وقيل‏:‏ إن قوله في هذا الحديث ‏"‏ ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ‏"‏ وهم لأنه ثبت في طرق كثيرة أن الاجتماع في صلاة الفجر من غير ذكر صلاة العصر كما في الصحيحين من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في أثناء حديث قال فيه ‏"‏ وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر ‏"‏ قال أبو هريرة‏:‏ وأقرؤوا إن شئتم ‏(‏وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا‏)‏ وفي الترمذي والنسائي من وجه آخر بإسناد صحيح عن أبي هريرة في قوله تعالى ‏(‏إن قرآن الفجر كان مشهودا‏)‏ قال‏:‏ ‏"‏ تشهده ملائكة الليل والنهار ‏"‏ وروى ابن مردويه من حديث أبي الدرداء مرفوعا نحوه، قال ابن عبد البر‏:‏ ليس في هذا دفع للرواية التي فيها ذكر العصر، إذ لا يلزم من عدم ذكر العصر في الآية والحديث الآخر عدم اجتماعهم في العصر لأن المسكوت عنه قد يكون في حكم المذكور بدليل آخر، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون الاقتصار وقع في الفجر لكونها جهرية، وبحثه الأول متجه لأنه لا سبيل إلى ادعاء توهيم الراوي الثقة مع إمكان التوفيق بين الروايات، ولا سيما أن الزيادة من العدل الضابط مقبولة‏.‏
ولم لا يقال‏:‏ إن رواية من لم يذكر سؤال الذين أقاموا في النهار واقع من تقصير بعض الرواة، أو يحمل قوله ‏"‏ ثم يعرج الذين باتوا ‏"‏ على ما هو أعم من المبيت بالليل والإقامة بالنهار، فلا يختص ذلك بليل دون نهار ولا عكسه، بل كل طائفة منهم إذا صعدت سئلت، وغاية ما فيه أنه استعمل لفظ ‏"‏ بات ‏"‏ في أقام مجازا، ويكون قوله ‏"‏ فيسألهم ‏"‏ أي كلا من الطائفتين في الوقت الذي يصعد فيه، ويدل على هذا الحمل رواية موسى بن عقبة عن أبي الزناد عند النسائي ولفظه ‏"‏ ثم يعرج الذين كانوا فيكم ‏"‏ فعلى هذا لم يقع في المتن اختصار ولا اقتصار، وهذا أقرب الأجوبة‏.‏
وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق أخرى واضحا وفيه التصريح بسؤال كل من الطائفتين، وذلك فيما رواه ابن خزيمة في صحيحه وأبو العباس السراج جميعا عن يوسف بن موسى عن جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعد ملائكة الليل وتبيت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتبيت ملائكة الليل، فيسألهم ربهم‏:‏ كيف تركتم عبادي ‏"‏ الحديث‏.‏
وهذه الرواية تزيل الإشكال وتغني عن كثير من الاحتمالات المتقدمة، فهي المعتمدة، ويحمل ما نقص منها على تقصير بعض الرواة‏.‏
قوله ‏(‏فيسألهم‏)‏ قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير، واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة في خلق نوع الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة ‏(‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون‏)‏ أي وقد وجد فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم‏.‏
وقال عياض‏:‏ هذا السؤال على سبيل التعبد للملائكة كما أمروا أن يكتبوا أعمال بني آدم، وهو سبحانه وتعالى أعلم من الجميع بالجميع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كيف تركتم عبادي‏)‏ قال ابن أبي جمرة‏.‏
وقع السؤال عن آخر الأعمال لأن الأعمال بخواتيمها‏.‏
قال والعباد المسئول عنهم هم المذكورون في قوله تعالى ‏(‏إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون‏)‏ لم يراعوا الترتيب الوجودي، لأنهم بدؤوا بالترك قبل الإتيان، والحكمة فيه أنهم طابقوا السؤال لأنه قال‏:‏ كيف تركتم‏؟‏ ولأن المخبر به صلاة العباد والأعمال بخواتيمها فناسب ذلك إخبارهم عن آخر عملهم قبل أوله، وقوله ‏"‏تركناهم وهم ‏"‏ ظاهره أنهم فارقوهم عند شروعهم في العصر سواء تمت أم منع مانع من إتمامها وسواء شرع الجميع فيها أم لا لأن المنتظر في حكم المصلي، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم ‏"‏ وهم يصلون ‏"‏ أي ينتظرون صلاة المغرب‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ الواو في قوله ‏"‏ وهم يصلون ‏"‏ واو الحال أي تركناهم على هذه الحال، ولا يقال يلزم منه أنهم فارقوهم قبل انقضاء الصلاة فلم يشهدوها معهم، والخبر ناطق بأنهم يشهدونها لأنا نقول‏:‏ هو محمول على أنهم شهدوا الصلاة مع من صلاها في أول وقتها، وشهدوا من دخل فيها بعد ذلك، ومن شرع في أسباب ذلك‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ استنبط منه بعض الصوفية أنه يستحب أن لا يفارق الشخص شيئا من أموره إلا وهو على طهارة كشعره إذا حلقه وظفره إذا قلمه وثوبه إذا أبدله ونحو ذلك‏.‏
وقال ابن أبي جمرة‏:‏ أجابت الملائكة بأكثر مما سئلوا عنه، لأنهم علموا أنه سؤال يستدعى التعطف على بني آدم فزادوا في موجب ذلك‏.‏
قلت‏:‏ ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث ‏"‏ فاغفر لهم يوم الدين ‏"‏ قال‏:‏ ويستفاد منه أن الصلاة أعلى العبادات لأنه عنها وقع السؤال والجواب، وفيه الإشارة إلى عظم هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان وفي غيرهما طائفة واحدة والإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله، والله أعلم‏.‏
ويترتب عليه حكمة الأمر بالمحافظة عليهما والاهتمام بهما، وفيه تشريف هذه الأمة على غيرها، ويستلزم تشريف نبيها على غيره‏.‏
وفيه الإخبار بالغيوب، ويترتب عليه زيادة الإيمان‏.‏
وفيه الإخبار بما نحن فيه من ضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي ونفرح في هذه الأوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنا‏.‏
وفيه إعلامنا بحب ملائكة الله لنا لنزداد فيهم حبا ونتقرب إلى الله بذلك‏.‏
وفيه كلام الله تعالى مع ملائكته‏.‏
وغير ذلك من الفوائد والله أعلم‏.‏
وسيأتي الكلام على ذلك في ‏"‏ باب قوله ثم يعرج ‏"‏ في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:35 PM   #235
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب‏)‏ أورد فيه حديث أبي سلمة عن أبي هريرة ‏"‏ إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته ‏"‏ فكأنه أراد تفسير الحديث، وأن المراد بقوله ‏"‏ فيه سجدة ‏"‏ أي ركعة‏.‏
وقد رواه الإسماعيلي من طريق حسين بن محمد عن شيبان بلفظ ‏"‏ من أدرك منكم ركعة ‏"‏ فدل على أن الاختلاف في الألفاظ وقع الرواة، وستأتي رواية مالك في أبواب وقت الصبح بلفظ ‏"‏ من أدرك ركعة ‏"‏ ولم يختلف على راويها في ذلك فكان عليها الاعتماد‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها فسميت على هذا المعنى سجدة‏.‏
انتهى‏.‏
وقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق محمد بن الحسين بن أبي الحسين عن الفضل بن دكين وهو أبو نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ ‏"‏ إذا أدرك أحدكم أول سجدة من صلاة العصر ‏"‏ وإنما لم يأت المصنف في الترجمة بجواب الشرط لما في لفظ المتن الذي أورده من الاحتمال وهو قوله ‏"‏ فليتم صلاته ‏"‏ لأن الأمر بالإتمام أعم من أن يكون ما يتمه أداء أو قضاء، فحذف جواب الشرط لذلك‏.‏
ويحتمل أن تكون ‏"‏ من ‏"‏ في الترجمة موصوله، وفي الكلام حذف تقديره‏:‏ باب حكم من أدرك الخ، لكن سيأتي من حديث مالك بلفظ ‏"‏ فقد أدرك الصلاة ‏"‏ وهو يقتضي أن تكون أداء، وستأتي مباحثه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ الْإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَيْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس‏)‏ ظاهره أن بقاء هذه الأمة وقع في زمان الأمم السالفة، وليس ذلك المراد قطعا، وإنما معناه أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار، فكأنه قال‏:‏ إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما سلف الخ، وحاصله أن ‏"‏ في ‏"‏ بمعنى إلى، وحذف المضاف وهو لفظ ‏"‏ نسبة‏"‏‏.‏
وقد أخرج المصنف هذا الحديث وكذا حديث أبي موسى الآتي بعده في أبواب الإجارة، ويقع استيفاء الكلام عليهما هناك إن شاء الله تعالى، والغرض هنا بيان مطابقتهما للترجمة والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أوتي أهل التوراة التوراة‏)‏ ظاهره أن هذا كالشرح والبيان لما تقدم من تقدير مدة الزمانين، وقد زاد المصنف من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر في فضائل القرآن هنا ‏"‏ وأن مثلكم ومثل اليهود والنصارى الخ ‏"‏ وهو يشعر بأنهما قضيتان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قيراطا قيراطا‏)‏ كرر قيراطا ليدل على تقسيم القراريط على العمال، لأن العرب إذا أرادت تقسيم الشيء على متعدد كررته كما يقال‏:‏ اقسم هذا المال على بني فلان درهما درهما، لكل واحد درهم‏.‏
قوله في حديث ابن عمر ‏(‏عجزوا‏)‏ قال الداودي‏:‏ هذا مشكل، لأنه إن كان المراد من مات منهم مسلما فلا يوصف بالعجز لأنه عمل ما أمر به، وإن كان من مات بعد التغيير والتبديل فكيف يعطى القيراط من حبط عمله بكفره‏؟‏ وأورده ابن التين قائلا‏:‏ قال بعضهم ولم ينفصل عنه وأجيب بأن المراد من مات منهم مسلما قبل التغيير والتبديل، وعبر بالعجز لكونهم لم يستوفوا عمل النهار كله وإن كانوا قد استوفوا عمل ما قدر لهم، فقوله عجزوا أي عن إحراز الأجر الثاني دون الأول، لكن من أدرك منهم النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به أعطى الأجر مرتين كما سبق مصرحا به في كتاب الإيمان‏.‏
قال المهلب ما معناه‏:‏ أورد البخاري حديث ابن عمر وحديث أبي موسى في هذه الترجمة ليدل على أنه قد يستحق بعمل البعض أجر الكل، مثل الذي أعطى من العصر إلى الليل أجر النهار كله، فهو نظير من يعطى أجر الصلاة كلها ولو لم يدرك إلا ركعة، وبهذا تظهر مطابقة الحديثين للترجمة‏.‏
قلت‏:‏ وتكملة ذلك أن يقال إن فضل الله الذي أقام به عمل ربع النهار مقام عمل النهار كله هو الذي اقتضى أن يقوم إدراك الركعة الواحدة من الصلاة الرباعية التي هي العصر مقام إدراك الأربع في الوقت، فاشتركا في كون كل منهما ربع العمل، وحصل بهذا التقرير الجواب عمن استشكل وقوع الجميع أداء مع أن الأكثر إنما وقع خارج الوقت، فيقال في هذا ما أجيب به أهل الكتابين ‏(‏ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‏)‏ ‏.‏
وقد استبعد بعض الشراح كلام المهلب ثم قال‏:‏ هو منفك عن محل الاستدلال، لأن الأمة عملت آخر النهار فكان أفضل من عمل المتقدمين قبلها، ولا خلاف أن تقديم الصلاة أفضل من تأخيرها‏.‏
ثم هو من الخصوصيات التي لا يقاس عليها، لأن صيام آخر النهار لا يجزئ عن جملته، فكذلك سائر العبادات‏.‏
قلت‏:‏ فاستبعد غير مستبعد، وليس في كلام المهلب ما يقتضي أن إيقاع العبادة في آخر وقتها أفضل من إيقاعها في أوله‏.‏
وأما إجزاء عمل البعض عن الكل فمن قبيل الفضل، فهو كالخصوصية سواء‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ يستنبط من هذا الحديث أن وقت العمل ممتد إلى غروب الشمس، وأقرب الأعمال المشهورة بهذا الوقت صلاة العصر، قال‏:‏ فهو من قبيل الإشارة لا من صريح العبارة، فإن الحديث مثال، وليس المراد العمل الخاص بهذا الوقت، بل هو شامل لسائر الأعمال من الطاعات في بقية الأمهال إلى قيام الساعة‏.‏
وقد قال إمام الحرمين‏:‏ أن الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التي تأتي لضرب الأمثال‏.‏
قلت‏:‏ وما أبداه مناسب لإدخال هذا الحديث في أبواب أوقات العصر لا لخصوص الترجمة وهي ‏"‏ من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب ‏"‏ بخلاف ما أبداه المهلب وأكملناه، وأما ما وقع من المخالفة بين سياق حديث ابن عمر وحديث أبي موسى فظاهرهما أنهما قضيتان، وقد حاول بعضهم الجمع بينهما فتعسف‏.‏
وقال ابن رشيد ما حاصله‏:‏ إن حديث ابن عمر ذكر مثالا لأهل الأعذار لقوله ‏"‏ فعجزوا ‏"‏ فأشار إلى أن من عجز عن استيفاء العمل من غير أن يكون له صنيع في ذلك أن الأجر يحصل له تاما فضلا من الله‏.‏
قال‏:‏ وذكر حديث أبي موسى مثالا لمن أخر بغير عذر، وإلى ذلك الإشارة بقوله عنهم ‏(‏لا حاجة لنا إلى أجرك‏)‏ فأشار بذلك إلى أن من أخر عامدا لا يحصل له ما حصل لأهل الأعذار‏.‏
قوله في حديث أبي موسى ‏(‏فقال أكملوا‏)‏ كذا للأكثر بهمزة قطع وبالكاف وكذا وقع في الإجازة‏.‏
ووقع هنا للكشميهني ‏"‏ اعملوا ‏"‏ بهمزة وصل وبالعين‏.‏
قوله في حديث ابن عمر ‏(‏ونحن كنا أكثر عملا‏)‏ تمسك به بعض الحنفية كأبي زيد في كتاب الأسرار إلى أن وقت العصر من مصير ظل كل شيء مثليه، لأنه لو كان من مصير ظل كل شيء مثله لكان مساويا لوقت الظهر، وقد قالوا ‏(‏كنا أكثر عملا‏)‏ فدل على أنه دون وقت الظهر، وأجيب بمنع المساواة، وذلك معروف عند أهل العلم بهذا الفن، وهو أن المدة التي بين الظهر والعصر أطول من المدة التي بين العصر والمغرب، وأما ما نقله بعض الحنابلة من الإجماع على أن وقت العصر ربع النهار فمحمول على التقريب إذا فرغنا على أن أول وقت العصر مصير الظل مثله كما قال الجمهور، وأما على قول الحنفية فالذي من الظهر إلى العصر أطول قطعا، وعلى التنزل لا يلزم من التمثيل والتشبيه التسوية من كل جهة، وبأن الخبر إذا ورد في معنى مقصود لا تؤخذ منه المعارضة لما ورد في ذلك المعنى بعينه مقصودا في أمر آخر، وبأنه ليس في الخبر نص على أن كلا من الطائفتين أكثر عملا لصدق أن كلهم مجتمعين أكثر عملا من المسلمين، وباحتمال أن يكون أطلق ذلك تغليبا، وباحتمال أن يكون ذلك قول اليهود خاصة فيندفع الاعتراض من أصله كما جزم به بعضهم، وتكون نسبة ذلك للجميع في الظاهر غير مرادة بل هو عموم أريد به الخصوص أطلق ذلك تغليبا، وبأنه لا يلزم من كونهم أكثر عملا أن يكونوا أكثر زمانا لاحتمال كون العمل في زمنهم كان أشق، ويؤيده قوله تعالى ‏(‏ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا‏)‏ ‏.‏
ومما يؤيد كون المراد كثرة العمل وقلته لا بالنسبة إلى طول الزمان وقصره كون أهل الأخبار متفقين على أن المدة التي بين عيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم دون المدة التي بين نبينا صلى الله عليه وسلم وقيام الساعة لأن جمهور أهل المعرفة بالأخبار قالوا أن مدة الفترة بين عيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة وثبت ذلك في صحيح البخاري عن سليمان، وقيل إنها دون ذلك حتى جاء عن بعضهم أنها مائة وخمس وعشرون سنة وهذه مدة المسلمين بالمشاهدة أكثر من ذلك، فلو تمسكنا بأن المراد التمثيل بطول الزمانين وقصرهما للزم أن يكون وقت العصر أطول من وقت الظهر ولا قائل به، فدل على أن المراد كثرة العمل وقلته، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:37 PM   #236
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَقْتُ الْمَغْرِبِ
وَقَالَ عَطَاءٌ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وقت المغرب‏.‏
وقال عطاء‏:‏ يجمع المريض بين المغرب والعشاء‏)‏ أشار بهذا الأثر في هذه الترجمة إلى أن وقت المغرب يمتد إلى العشاء، وذلك أنه لو كان مضيقا لانفصل عن وقت العشاء، ولو كان منفصلا لم يجمع بينهما كما في الصبح والظهر‏.‏
ولهذه النكتة ختم الباب بحديث ابن عباس الدال على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وأما الأحاديث التي أوردها في الباب فليس فيها ما يدل على أن الوقت مضيق، لأنه ليس فيها إلا مجرد المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، وكانت تلك عادته صلى الله عليه وسلم في جميع الصلوات إلا فيما ثبت فيه خلاف ذلك كالإبراد وكتأخير العشاء إذا أبطئوا كما في حديث جابر والله أعلم‏.‏
وأما أثر عطاء فوصله عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عنه، واختلف العلماء في المريض هل يحوز له أن يجمع بين الصلاتين كالمسافر لما فيه من الرفق به أو لا‏؟‏ فجوزه أحمد وإسحاق مطلقا، واختاره بعض الشافعية، وجوزه مالك بشرطه، والمشهور عن الشافعي وأصحابه المنع، ولم أر في المسألة نقلا عن أحد من الصحابة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ صُهَيْبٌ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏الوليد‏)‏ هو ابن مسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هو عطاء بن صهيب‏)‏ هو مولى رافع بن خديج شيخه، قال ابن حبان‏:‏ صحبه ست سنين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنه ليبصر مواقع نبله‏)‏ بفتح النون وسكون الموحدة، أي المواضع التي تصل إليها سهامه إذا رمى بها‏.‏
وروى أحمد في مسنده من طريق علي بن بلال عن ناس من الأنصار قالوا ‏"‏ كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم نرجع فنترامى حتى نأتي ديارنا، فما يخفى علينا مواقع سهامنا ‏"‏ إسناده حسن، والنبل هي السهام العربية، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، قاله ابن سيده، وقيل واحدها نبلة مثل تمر وتمرة، ومقتضاه المبادرة بالمغرب في أول وقتها بحيث أن الفراغ منها يقع والضوء باق‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا إِذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَوْا أَخَّرَ وَالصُّبْحَ كَانُوا أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏محمد بن جعفر‏)‏ هو غندر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن عمرو‏)‏ في مسلم من طريق معاذ عن شعبة عن سعد ‏"‏ سمع محمد بن عمرو بن الحسن‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قدم الحجاج‏)‏ بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم وآخره جيم هو ابن يوسف الثقفي، وزعم الكرماني أن الرواية بضم أوله قال‏:‏ وهو جمع حاج‏.‏
انتهى‏.‏
وهو تحريف بلا خلاف، فقد وقع في رواية أبي عوانة في صحيحه من طرق أبي النضر عن شعبة‏:‏ سألنا جابر بن عبد الله في زمن الحجاج وكان يؤخر الصلاة عن وقت الصلاة‏.‏
وفي رواية مسلم من طريق معاذ عن شعبة ‏"‏ كان الحجاج يؤخر الصلاة‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ كان قدوم الحجاج المدينة أميرا عليها من قبل عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين وذلك عقب قتل ابن الزبير، فأمره عبد الملك على الحرمين وما معهما، ثم نقله بعد هذا إلى العراق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالهاجرة‏)‏ ظاهره يعارض حديث الإبراد، لأن قوله كان يفعل يشعر بالكثرة والدوام عرفا قاله ابن دقيق العيد، ويجمع بين الحديثين بأن يكون أطلق الهاجرة على الوقت بعد الزوال مطلقا لأن الإبراد كما تقدم مقيد بحال شدة الحر وغير ذلك كما تقدم، فإن وجدت شروط الإبراد أبرد وإلا عجل، فالمعنى كان يصلي الظهر بالهاجرة إلا إن احتاج إلى الإبراد‏.‏
وتعقب بأنه لو كان ذلك مراده لفصل كما فصل في العشاء، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نقية‏)‏ بالنون أوله، أي خالصة صافية لم تدخلها صفرة ولا تغير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا وجبت‏)‏ أي غابت، وأصل الوجوب السقوط، والمراد سقوط قرص الشمس، وفاعل وحبت مستتر وهو الشمس‏.‏
وفي رواية أبي داود عن مسلم بن إبراهيم ‏"‏ والمغرب إذا غربت الشمس ‏"‏ ولأبي عوانة من طريق أبي النضر عن شعبة ‏"‏ والمغرب حين تجب الشمس ‏"‏ وفيه دليل على أن سقوط قرص الشمس يدخل به وقت المغرب، ولا يخفى أن محله ما إذا كان لا يحول بين رؤيتها غاربة وبين الرائي حائل، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والعشاء أحيانا وأحيانا‏)‏ ولمسلم أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، كان إذا رآهم قد اجتمعوا الخ ‏"‏ وللمصنف في ‏"‏ باب وقت العشاء ‏"‏ عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة ‏"‏ إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر ‏"‏ ونحوه لأبي عوانة في رواية‏.‏
والأحيان جمع حين، وهو اسم مبهم يقع على القليل والكثير من الزمان على المشهور، وقيل الحين ستة أشهر وقيل أربعون سنة وحديث الباب يقوي المشهور‏.‏
وسيأتي الكلام على حكم وقت العشاء في بابه‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ إذا تعارض في شخص أمران أحدهما أن يقدم الصلاة في أول الوقت منفردا أو يؤخرها في الجماعة، أيهما أفضل‏؟‏ الأقرب عندي أن التأخير لصلاة الجماعة أفضل، وحديث الباب يدل عليه لقوله ‏"‏ وإذا رآهم أبطئوا أخر ‏"‏ فيؤخر لأجل الجماعة مع إمكان التقديم‏.‏
قلت‏:‏ ورواية مسلم بن إبراهيم التي تقدمت تدل على أخص من ذلك، وهو أن انتظار من تكثر بهم الجماعة أولى من التقديم، ولا يخفى أن محل ذلك ما إذا لم يفحش التأخير ولم يشق على الحاضرين، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كانوا أو كان‏)‏ قال الكرماني‏:‏ الشك من الراوي عن جابر، ومعناهما متلازمان لأن أيهما كان يدخل فيه الآخر، إن أراد النبي صلى الله عليه وسلم فالصحابة في ذلك كانوا معه، وإن أراد الصحابة فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إمامهم، أي كان شأنه التعجيل لها دائما لا كما كان يصنع في العشاء من تعجيلها أو تأخيرها‏.‏
وخبر كانوا محذوف يدل عليه قوله يصليها، أي كانوا يصلون‏.‏
والغلس بفتح اللام ظلمة آخر الليل‏.‏
وقال ابن بطال ما حاصله‏:‏ فيه حذفان، حذف خبر كانوا وهو جائز كحذف خبر المبتدأ في قوله ‏(‏واللائي لم يحضن‏)‏ أي فعدتهن مثل ذلك، والحذف الثاني حذف الجملة التي بعد ‏"‏ أو ‏"‏ تقديره‏:‏ أو لم يكونوا مجتمعين‏.‏
قال ابن التين‏:‏ ويصح أن يكون كانوا هنا تامة غير ناقصة بمعنى الحضور والوقوع، فيكون المحذوف ما بعد ‏"‏ أو ‏"‏ خاصة‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ يحتمل أن يكون شكا من الراوي هل قال كان النبي صلى الله عليه وسلم، أو كانوا‏.‏
ويحتمل أن يكون تقديره‏:‏ والصبح كانوا مجتمعين مع النبي، أو كان النبي صلى الله عليه وسلم وحده يصليها بالغلس‏.‏
قلت‏:‏ والتقدير المتقدم أولى‏.‏
والحق أنه شك من الراوي، فقد وقعت في رواية مسلم ‏"‏ والصبح كانوا أو قال كان النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏، وفيه حذف واحد تقديره‏:‏ والصبح كانوا يصلونها أو كان النبي صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس، فقوله ‏"‏ بغلس ‏"‏ يتعلق بأي اللفظين كان هو الواقع، ولا يلزم من قوله ‏"‏ كانوا يصلونها ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معهم، ولا من قوله ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أنه كان وحده، بل المراد بقوله ‏"‏ كانوا يصلونها ‏"‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وهكذا قوله ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ‏"‏ أي بأصحابه، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سلمة‏)‏ هو ابن الأكوع، وهذا من ثلاثيات البخاري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا توارت بالحجاب‏)‏ أي استترت، والمراد الشمس، قال الخطابي‏:‏ لم يذكرها اعتمادا على أفهام السامعين، وهو كقوله في القرآن ‏(‏حتى توارت بالحجاب‏)‏ ‏.‏
انتهى‏.‏
وقد رواه مسلم من طريق حاتم ابن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد بلفظ ‏"‏ إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب ‏"‏ فدل على أن الاختصار في المتن من شيخ البخاري، وقد صح بذلك الإسماعيلي، ورواه عبد بن حميد عن صفوان بن عيسى، وأبو عوانة والإسماعيلي من طريق صفوان أيضا عن يزيد بن أبي عبيد بلفظ ‏"‏ كان يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس حين يغيب حاجبها ‏"‏ والمراد حاجبها الذي يبقى بعد أن يغيب أكثرها، والرواية التي فيها ‏"‏ توارت ‏"‏ أصرح في المراد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا
الشرح‏:‏
قد تقدم الكلام على حديث ابن عباس في الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر والله أعلم‏.‏
واستدل بهذه الأحاديث على ضعف حديث أبي بصرة بالموحدة ثم المهملة رفعه في أثناء حديث ‏"‏ ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد ‏"‏ والشاهد النجم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:38 PM   #237
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من كره أن يقال للمغرب العشاء‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ عدل المصنف عن الجزم كأن يقول باب كراهية كذا لأن لفظ الخبر لا يقتضي نهيا مطلقا، لكن فيه النهي عن غلبة الأعراب على ذلك، فكأن المصنف رأى أن هذا القدر لا يقتضي المنع من إطلاق العشاء عليه أحيانا، بل يجوز أن يطلق على وجه لا يترك له التسمية الأخرى كما ترك ذلك الأعراب وقوفا مع عادتهم، قال‏:‏ وإنما شرع لها التسمية بالمغرب لأنه اسم يشعر بمسماها أو بابتداء وقتها، وكره إطلاق اسم العشاء عليها لئلا يقع الالتباس بالصلاة الأخرى، وعلى هذا لا يكره أيضا أن تسمى العشاء بقيد كأن يقول العشاء الأولى، ويؤيده قولهم العشاء الآخرة كما ثبت في الصحيح، وسيأتي من حديث أنس في الباب الذي يليه، ونقل ابن بطال عن غيره أنه لا يقال للمغرب العشاء الأولى ويحتاج إلى دليل خاص، أما من حديث الباب فلا حجة له‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ قَالَ الْأَعْرَابُ وَتَقُولُ هِيَ الْعِشَاءُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عبد الوارث‏)‏ هو ابن سعيد التنوري، و قوله‏:‏ ‏(‏عن الحسين‏)‏ هو المعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عبد الله المزني‏)‏ كذا للأكثر لم يذكر اسم أبيه، زاد في رواية كريمة هو ابن مغفل بالغين المعجمة والفاء المشددة، وكذلك وقع منسوبا بذكر أبيه في رواية عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عند الإسماعيلي وغيره، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا تغلبكم‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يقال غلبه على كذا غصبه منه أو أخذه منه قهرا، والمعنى لا تتعرضوا لما هو من عادتهم من تسمية المغرب بالعشاء والعشاء بالعتمة فيغصب منكم الأعراب اسم العشاء التي سماها الله بها‏.‏
قال‏:‏ فالنهي على الظاهر للأعراب وعلى الحقيقة لهم‏.‏
وقال غيره‏:‏ معنى الغلبة أنكم تسمونها اسما وهم يسمونها اسما، فإن سميتموها بالاسم الذي يسمونها به وافقتموهم، وإذا وافق الخصم خصمه صار كأنه انقطع له حتى غلبه، ولا يحتاج إلى تقدير غصب ولا أخذ‏.‏
وقال التوربشتي‏:‏ المعنى لا تطلقوا هذا الاسم على ما هو متداول بينهم فيغلب مصطلحهم على الاسم الذي شرعته لكم‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ الأعراب من كان من أهل البادية وإن لم يكن عربيا، والعربي من ينتسب إلى العرب ولو لم يسكن البادية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على اسم صلاتكم‏)‏ التعبير بالاسم يبعد قول الأزهري أن المراد بالنهي عن ذلك أن لا تؤخر صلاتها عن وقت الغروب، وكذا قول ابن المنير‏:‏ السر في النهي سد الذريعة لئلا تسمى عشاء فيظن امتداد وقتها عن غروب الشمس أخذا من لفظ العشاء ا ه‏.‏
وكأنه أراد تقوية مذهبه في أن وقت المغرب مضيق، وفيه نظر، إذ لا يلزم من تسميتها المغرب أن يكون وقتها مضيقا، فإن الظهر سميت بذلك لأن ابتداء وقتها عند الظهيرة وليس وقتها مضيقا بلا خلاف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال وتقول الأعراب هي العشاء‏)‏ سر النهي عن موافقتهم على ذلك أن لفظ العشاء لغة هو أول ظلام الليل، وذلك من غيبوبة الشفق، فلو قيل للمغرب عشاء لأدى إلى أن أول وقتها غيبوبة الشفق، وقد جزم الكرماني بأن فاعل قال هو عبد الله المزني راوي الحديث، ويحتاج إلى نقل خاص لذلك وإلا فظاهر إيراد الإسماعيلي أنه من تتمة الحديث، فإنه أورده بلفظ ‏"‏ فإن الأعراب تسميها ‏"‏ والأصل في مثل هذا أن يكون كلاما واحدا حتى يقوم دليل على إدراجه‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ لا يتناول النهي تسمية المغرب عشاء على سبيل التغليب كمن قال مثلا‏:‏ صليت العشاءين، إذا قلنا إن حكمة النهي عن تسميتها عشاء خوف اللبس لزوال اللبس في الصيغة المذكورة، والله أعلم‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ أورد الإسماعيلي حديث الباب من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه، واختلف عليه في لفظ المتن فقال هارون الحمال عنه كرواية البخاري‏.‏
قلت‏:‏ وكذلك رواه أحمد بن حنبل في مسنده وأبو خيثمة زهير بن حرب عند أبي نعيم في مستخرجه وغير واحد عن عبد الصمد، وكذلك رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه ا ه‏.‏
وقال أبو مسعود الرازي عن عبد الصمد ‏"‏ لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإن الأعراب تسميها عتمة ‏"‏ قلت‏:‏ وكذلك رواه علي بن عبد العزيز البغوي عن أبي معمر شيخ البخاري فيه أخرجه الطبراني عنه، وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه عن الطبراني كذلك، وجنح الإسماعيلي إلى ترجيح رواية أبي مسعود لموافقته حديث ابن عمر - يعني الذي رواه مسلم - كما سنذكره في صدر الباب الذي يليه‏.‏
والذي يتبين لي أنهما حديثان‏:‏ أحدهما في المغرب، والآخر في العشاء، كانا جميعا عند عبد الوارث بسند واحد، والله تعالى أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب ذِكْرِ الْعِشَاءِ وَالْعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالْفَجْرِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَقُولَ الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَأَعْتَمَ بِهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِشَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَمَةِ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ وَقَالَ أَنَسٌ أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو أَيُّوبَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعا‏)‏ غاير المصنف بين هذه الترجمة والتي قبلها مع أن سياق الحديثين الواردين فيهما واحد، وهو النهي عن غلبة الأعراب على التسميتين، وذلك لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق اسم العشاء على المغرب، وثبت عنه إطلاق اسم العتمة على العشاء، فتصرف المصنف في الترجمتين بحسب ذلك‏.‏
والحديث الذي ورد في العشاء أخرجه مسلم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر بلفظ ‏"‏ لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها في كتاب الله العشاء، وأنهم يعتمون بحلاب الإبل‏"‏، ولابن ماجه نحوه من حديث أبي هريرة وإسناده حسن، ولأبي يعلى والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن عوف كذلك، زاد الشافعي في روايته في حديث ابن عمر ‏"‏ وكان ابن عمر إذا سمعهم يقولون العتمة صاح وغضب‏"‏‏.‏
وأخرج عبد الرزاق هذا الموقوف من وجه آخر عن ابن عمر، واختلف السلف في ذلك‏:‏ فمنهم من كرهه كابن عمر راوي الحديث، ومنهم من أطلق جوازه، نقله ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق وغيره، ومنهم من جعله خلاف الأولى وهو الراجح، وسيأتي للمصنف، وكذلك نقله ابن المنذر عن مالك والشافعي واختاره، ونقل القرطبي عن غيره‏:‏ إنما نهى عن ذلك تنزيها لهذه العبادة الشرعية الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية وهي الحلبة التي كانوا يجلبونها في ذلك الوقت ويسمونها العتمة‏.‏
قلت‏:‏ وذكر بعضهم أن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة لا تطلق على فعلة دينية محبوبة، ومعنى العتم في الأصل تأخير مخصوص‏.‏
وقال الطبري‏:‏ العتمة بقية اللبن تغبق بها الناقة بعد هوى من الليل، فسميت الصلاة بذلك لأنهم كانوا يصلونها في تلك الساعة‏.‏
وروى ابن أبي شيبة من طريق ميمون بن مهران قال‏:‏ قلت لابن عمر من أول من سمي صلاة العشاء العتمة‏؟‏ قال‏:‏ الشيطان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو هريرة‏)‏ شرع المصنف في إيراد أطراف أحاديث محذوفة الأسانيد كلها صحيحة مخرجة في أمكنة أخرى، حاصلها ثبوت تسمية هذه الصلاة تارة عتمة وتارة عشاء، وأما الأحاديث التي لا تسمية فيها بل فيها إطلاق الفعل كقوله ‏"‏ أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ففائدة إيراده لها الإشارة إلى أن النهي عن ذلك إنما هو لإطلاق الاسم، لا لمنع تأخير هذه الصلاة عن أول الوقت‏.‏
وحديث أبي هريرة المذكور وصله المصنف باللفظ الأول في ‏"‏ باب فضل العشاء جماعة‏"‏، وباللفظ الثاني وهو العتمة في ‏"‏ باب الاستهام في الأذان‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والاختيار‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ هذا لا يتناوله لفظ الترجمة فإن لفظ الترجمة يفهم التسوية وهذا ظاهر في الترجيح‏.‏
قلت‏:‏ لا تنافي بين الجواز والأولوية، فالشيئان إذا كانا جائزي الفعل قد يكون أحدهما أولى من الآخر، وإنما صار عنده أولى لموافقته لفظ القرآن، ويترجح أيضا بأنه أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبأن تسميتها عشاء يشعر بأول وقتها بخلاف تسميتها عتمة لأنه يشعر بخلاف ذلك، وبأن لفظه في الترجمة لا ينافي ما ذكر أنه الاختيار، وهو واضح لمن نظره، لأنه قال ‏"‏ من كره ‏"‏ فأشار إلى الخلاف، ومن نقل الخلاف لا يمتنع عليه أن يختار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر عن أبي موسى‏)‏ سيأتي موصولا عند المصنف مطولا بعد باب واحد، وكأنه لم يجزم به لأنه اختصر لفظه، نبه على ذلك شيخنا الحافظ أبو الفضل، وأجاب به من اعترض على ابن الصلاح حيث فرق بين الصيغتين، وحاصل الجواب أن صيغة الجزم تدل على القوة، وصيغة التمريض لا تدل‏.‏
ثم بين مناسبة العدول في حديث أبي موسى عن الجزم مع صحته إلى التمريض بأن البخاري قد يفعل ذلك لمعنى غير التضعيف، وهو ما ذكره من إيراد الحديث بالمعنى، وكذا الاقتصار على بعضه لوجود الاختلاف في جوازه وإن كان المصنف يرى الجواز‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس وعائشة‏)‏ أما حديث ابن عباس فوصله المصنف في ‏"‏ باب النوم قبل العشاء ‏"‏ كما سيأتي قريبا، وأما حديث عائشة بلفظ ‏"‏ أعتم بالعشاء ‏"‏ فوصله في ‏"‏ باب فضل العشاء ‏"‏ من طريق عقيل، وفي الباب الذي بعده من طريق صالح بن كيسان كلاهما عن الزهري عن عروة عنها، وأما حديثها بلفظ ‏"‏ أعتم بالعتمة ‏"‏ فوصله المصنف أيضا في ‏"‏ باب خروج النساء إلى المساجد بالليل ‏"‏ بعد ‏"‏ باب وضوء الصبيان ‏"‏ من كتاب الصلاة أيضا من طريق شعيب عن الزهري بالسند المذكور، وأخرجه الإسماعيلي من طريق عقيل أيضا ويونس وابن أبي ذئب وغيرهم عن الزهري بلفظ ‏"‏ أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بالعشاء وهي التي يدعو الناس العتمة ‏"‏ وهذا يشعر بأن السياق المذكور من تصرف الراوي‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ معنى أعتم دخل في وقت العتمة، ويطلق أعتم بمعنى أخر لكن الأول هنا أظهر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء‏)‏ هو طرف من حديث وصله المؤلف في ‏"‏ باب وقت المغرب ‏"‏ وفي ‏"‏ باب وقت العشاء‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو برزة‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء‏)‏ هو طرف من حديث وصله المؤلف في ‏"‏ باب وقت العصر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء‏)‏ هو طرف من حديث وصله المؤلف في ‏"‏ باب وقت العشاء إلى نصف الليل‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عمر وأبو أيوب وابن عباس‏:‏ صلى النبي صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء‏)‏ أما حديث ابن عمر فأسنده المؤلف في الحج بلفظ ‏"‏ صلى النبي صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا ‏"‏ أما حديث أبي أيوب فوصله أيضا بلفظ ‏"‏ جمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بين المغرب والعشاء وأما حديث ابن عباس فوصله في ‏"‏ باب تأخير الظهر إلى العصر ‏"‏ كما تقدم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال سالم أخبرني عبد الله‏)‏ هو سالم بن عبد الله بن عمر، وشيخه عبد الله هو أبوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلى لنا‏)‏ أي لأجلنا أو اللام بمعنى الباء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وهي التي يدعونها الناس العتمة‏)‏ تقدم نظير ذلك في حديث أبي برزة في قوله ‏"‏ وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة ‏"‏ وتقدم أيضا من حديث عائشة عند الإسماعيلي، وفي كل ذلك إشعار بغلبة استعمالهم لها بهذا الاسم، فصار من عرف النهي عن ذلك يحتاج إلى ذكره لقصد التعريف، قال النووي وغيره‏:‏ يجمع بين النهي عن تسميتها عتمة وبين ما جاء من تسميتها عتمة بأمرين‏:‏ أحدهما أنه استعمل ذلك لبيان الجواز وأن النهي للتنزيه لا للتحريم، والثاني بأنه خاطب بالعتمة من لا يعرف العشاء لكونه أشهر عندهم من العشاء، فهو لقصد التعريف لا لقصد التسمية‏.‏
ويحتمل أنه استعمل لفظ العتمة في العشاء لأنه كان مشتهرا عندهم استعمال لفظ العشاء للمغرب، فلو قال‏:‏ لو يعلمون ما في الصبح والعشاء، لتوهموا أنها المغرب‏.‏
قلت‏:‏ وهذا ضعيف لأنه قد ثبت في نفس هذا الحديث ‏"‏ لو يعلمون ما في الصبح والعشاء‏"‏، فالظاهر أن التعبير بالعشاء تارة وبالعتمة تارة من تصرف الرواة، وقيل إن النهي عن تسمية العشاء عتمة نسخ الجواز، وتعقب بأن نزول الآية كان قبل الحديث المذكور، وفي كل من القولين نظر للاحتياج في مثل ذلك إلى التاريخ، ولا بعد في أن ذلك كان جائزا، فلما كثر إطلاقهم له نهوا عنه لئلا تغلب السنة الجاهلية على السنة الإسلامية، ومع ذلك فلا يحرم ذلك بدليل أن الصحابة الذين رووا النهي استعملوا التسمية المذكورة وأما استعمالها في مثل حديث أبي هريرة فلرفع الالتباس بالمغرب، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وهي التي يدعو الناس العتمة‏)‏ فيه إشعار بغلبة هذه التسمية عند الناس ممن لم يبلغهم النهي، وقد تقدم الكلام على متن الحديث في ‏"‏ باب السمر في العلم‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:41 PM   #238
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَوْ تَأَخَّرُوا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا‏)‏ أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من قال إنها تسمى العشاء إذا عجلت والعتمة إذا أخرت، أخذا من اللفظين‏.‏
وأراد هذا القائل الجمع بوجه غير الأوجه المتقدمة فاحتج عليه المصنف بأنها قد سميت في حديث الباب في حال التقديم والتأخير باسم واحد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ وَالْعِشَاءَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ
الشرح‏:‏
قد تقدم الكلام على حديث جابر في ‏"‏ باب وقت المغرب‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ الْعِشَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل العشاء‏)‏ لم أر من تكلم على هذه الترجمة، فإنه ليس في الحديثين اللذين ذكرهما المؤلف في هذا الباب ما يقتضي اختصاص العشاء بفضيلة ظاهرة، وكأنه مأخوذ من قوله ‏"‏ ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم ‏"‏ فعلى هذا في الترجمة حذف تقديره ‏"‏ باب فضل انتظار العشاء ‏"‏ والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَخَرَجَ فَقَالَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرَكُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عروة‏)‏ عند مسلم في رواية يونس عن ابن شهاب ‏"‏ أخبرني عروة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وذلك قبل أن يفشو الإسلام‏)‏ أي في غير المدينة، وإنما فشا الإسلام في غيرها بعد فتح مكة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى قال عمر‏)‏ زاد المصنف من رواية صالح عن ابن شهاب في ‏"‏ باب النوم قبل العشاء ‏"‏‏:‏ ‏"‏ حتى ناداه عمر‏:‏ الصلاة‏"‏‏.‏
وهي بالنصب بفعل مضمر تقديره مثلا صل الصلاة، وساغ هذا الحذف لدلالة السياق عليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نام النساء والصبيان‏)‏ أي الحاضرون في المسجد، وإنما خصهم بذلك لأنهم مظنة قلة الصبر عن النوم، ومحل الشفقة والرحمة، بخلاف الرجال‏.‏
وسيأتي قريبا في حديث ابن عمر في هذه القصة ‏"‏ حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ‏"‏ ونحوه في حديث ابن عباس، وهو محمول على أن الذي رقد بعضهم لأكلهم، ونسب الرقاد إلى الجميع مجازا‏.‏
وسيأتي الكلام على بقية هذا الحديث في ‏"‏ باب النوم قبل العشاء لمن غلب‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَصْحَابِي وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ عَلَى رِسْلِكُمْ أَبْشِرُوا إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ أَوْ قَالَ مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ لَا يَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن بريد‏)‏ هو بالموحدة والراء بلفظ التصغير، وشيخه أبو بردة هو جده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في بقيع بطحان‏)‏ بفتح الموحدة من بقيع وضمها من بطحان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وله بعض الشغل في بعض أمره فأعتم بالصلاة‏)‏ فيه دلالة على أن تأخير النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغاية لم يكن قصدا‏.‏
ومثله قوله في حديث ابن عمر الآتي قريبا ‏"‏ شغل عنها ليلة ‏"‏ وكذا قوله في حديث عائشة ‏"‏ أعتم بالصلاة ليلة ‏"‏ يدل على أن ذلك لم يكن من شأنه، والفيصل في هذا حديث جابر ‏"‏ كانوا إذا اجتمعوا عجل، وإذا أبطئوا أخر‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ الشغل المذكور كان في تجهيز جيش، رواه الطبري من وجه صحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى ابهار الليل‏)‏ بالموحدة وتشديد الراء، أي طلعت نجومه واشتبكت، والباهر الممتلئ نورا، قاله أبو سعيد الضرير‏.‏
وعن سيبويه‏:‏ ابهار الليل كثرت ظلمته وابهار القمر كثر ضوؤه‏.‏
وقال الأصمعي‏:‏ ابهار‏:‏ انتصف مأخوذ من بهرة الشيء وهو وسطه، ويؤيده أن في بعض الروايات ‏"‏ حتى إذا كان قريبا من نصف الليل‏"‏، وهو في حديث أبي سعيد كما سيأتي، وسيأتي في حديث أنس عند المصنف ‏"‏ إلى نصف الليل‏"‏‏.‏
وفي الصحاح‏:‏ ابهار الليل ذهب معظمه وأكثره‏.‏
وعند مسلم من رواية أم كلثوم عن عائشة ‏"‏ حتى ذهب عامة الليل‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على رسلكم‏)‏ بكسر الراء ويجوز فتحها، المعنى تأنوا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن من نعمة الله‏)‏ بكسر همز إن، ووهم من ضبطه بالفتح، وأما قوله ‏"‏ أنه ليس أحد ‏"‏ فهو بفتح أنه للتعليل، واستدل بذلك على فضل تأخير صلاة العشاء، ولا يعارض ذلك فضيلة أول الوقت لما في الانتظار من الفضل، لكن قال ابن بطال‏:‏ ولا يصلح ذلك الآن للأئمة لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتخفيف وقال ‏"‏ إن فيهم الضعيف وذا الحاجة ‏"‏ فترك التطويل عليهم في الانتظار أولى‏.‏
قلت‏:‏ وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري ‏"‏ صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل فقال‏:‏ إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل ‏"‏ وسيأتي في حديث ابن عباس قريبا ‏"‏ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا‏"‏‏.‏
وللترمذي وصححه من حديث أبي هريرة ‏"‏ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ‏"‏ فعلى هذا من وجد به قوة على تأخيرها ولم يغلبه النوم ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير في حقه أفضل، وقد قرر النووي ذلك في شرح مسلم، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم، والله أعلم‏.‏
ونقل ابن المنذر عن الليث وإسحاق أن المستحب تأخير العشاء إلى قبل الثلث‏.‏
وقال الطحاوي‏:‏ يستحب إلى الثلث، وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين، وهو قول الشافعي في الجديد‏.‏
وقال في القديم‏:‏ التعجيل أفضل، وكذا قال في الإملاء وصححه النووي وجماعة وقالوا‏:‏ إنه مما يفتى به على القديم، وتعقب بأنه ذكره في الإملاء وهو من كتبه الجديدة، والمختار من حيث الدليل أفضلية التأخير، ومن حيث النظر التفصيل، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرحى‏)‏ جمع فرحان على غير قياس، ومثله ‏"‏ وترى الناس سكرى ‏"‏ في قراءة، أو تأنيث فراح وهو نحو الرجال فعلت‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فرجعنا وفرحنا ‏"‏ ولبعضهم ‏"‏ فرجعنا فرحا ‏"‏ بفتح الراء على المصدر، ووقع عند مسلم كالرواية الأولى، وسبب فرحهم علمهم باختصاصهم بهذه العبادة التي هي نعمة عظمى مستلزمة للمثوبة الحسنى ما انضاف إلى ذلك من تجميعهم فيها خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:44 PM   #239
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا يُكْرَهُ مِنْ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يكره من النوم قبل العشاء‏)‏ قال الترمذي‏:‏ كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء، ورخص بعضهم فيه في رمضان خاصة‏.‏
انتهى‏.‏
ومن نقلت عنه الرخصة قيدت عنه في أكثر الروايات بما إذا كان له من يوقظه أو عرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم، وهذا جيد حيث قلنا إن علة النهي خشية خروج الوقت، وحمل الطحاوي الرخصة على ما قبل دخول وقت العشاء، والكراهة على ما بعد دخوله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن سلام‏)‏ كذا في رواية أبي ذر ووافقه ابن السكن‏.‏
وفي أكثر الروايات ‏"‏ حدثنا محمد ‏"‏ غير منسوب، وقد تعين من رواية أبي ذر وابن السكن وحديث أبي برزة المذكور طرف من حديثه الآتي في السمر بعد العشاء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والحديث بعدها‏)‏ أي المحادثة‏.‏
وسيأتي بعد أبواب أن هذه الكراهة مخصوصة بما إذا لم يكن في أمر مطلوب، وقيل‏:‏ الحكمة فيه لئلا يكون سببا في ترك قيام الليل، أو للاستغراق في الحديث ثم يستغرق في النوم فيخرج وقت الصبح، وسيأتي الجمع بين هذا الحديث وبين حديثه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء في الباب المذكور‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب النوم قبل العشاء لمن غلب‏)‏ في الترجمة إشارة إلى أن الكراهة مختصة بمن تعاطى ذلك مختارا، وقيل ذلك مستفاد من ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من رقد من الذين كانوا ينتظرون خروجه لصلاة العشاء، ولو قيل بالفرق بين من غلبه النوم في مثل هذه الحالة وبين من غلبه وهو في منزله مثلا لكان متجها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ الصَّلَاةَ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَخَرَجَ فَقَالَ مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرُكُمْ قَالَ وَلَا يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني أبو بكر‏)‏ هو عبد الحميد بن أبي أويس واسمه عبد الله أخو إسماعيل شيخ البخاري ويعرف بالأعشى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا تصلي‏)‏ بالمثناة الفوقانية وفتح اللام المشددة أي صلاة العشاء، والمراد أنها لا تصلى بالهيئة المخصوصة وهي الجماعة إلا بالمدينة، وبه صرح الداودي، لأن من كان بمكة من المستضعفين لم يكونوا يصلون إلا سرا، وأما غير مكة والمدينة من البلاد فلم يكن الإسلام دخلها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكانوا‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي هذا بيان الوقت المختار لصلاة العشاء لما يشعر به السياق من المواظبة على ذلك، وقد ورد بصيغة الأمر في هذا الحديث عند النسائي من رواية إبراهيم ابن أبي عبلة عن الزهري ولفظه ‏"‏ ثم قال صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل ‏"‏ وليس بين هذا وبين قوله في حديث أنس ‏"‏ أنه أخر الصلاة إلى نصف الليل ‏"‏ معارضة لأن حديث عائشة محمول على الأغلب من عادته صلى الله عليه وسلم‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ زاد مسلم من رواية يونس عن ابن شهاب في هذا الحديث‏:‏ قال ابن شهاب وذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ وما كان لكم أن تنزروا رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة ‏"‏ وذلك حين صاح عمر، وقوله ‏"‏تنزروا ‏"‏ بفتح المثناة الفوقانية وسكون النون وضم الزاي بعدها راء، أي تلحوا عليه، وروى بضم أوله بعدها موحدة ثم راء مكسورة ثم زاي أي تخرجوا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ يَعْنِي ابْنَ غَيْلَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُبَالِي أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا إِذَا كَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ الصَّلَاةَ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الْآنَ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ ضَمَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الْأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ لَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطُشُ إِلَّا كَذَلِكَ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمود‏)‏ هو ابن غيلان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏شغل عنها ليلة فأخرها‏)‏ هذا التأخير مغاير للتأخير المذكور في حديث جابر وغيره المقيد بتأخير اجتماع المصلين، وسياقه يشعر بأن ذلك لم يكن من عادته‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى رقدنا في المسجد‏)‏ استدل به من ذهب إلى أن النوم لا ينقض الوضوء، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يكون الراقد منهم كان قاعدا متمكنا، أو لاحتمال أن يكون مضطجعا لكنه توضأ وإن لم ينقل، اكتفاء بما عرف من أنهم لا يصلون على غير وضوء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان‏)‏ أي ابن عمر ‏(‏يرقد قبلها‏)‏ أي قبل صلاة العشاء، وهو محمول على ما إذا لم يخش أن يغلبه النوم عن وقتها كما صرح به قبل ذلك حيث قال ‏"‏ وكان لا يبالي أقدمها أم أخرها ‏"‏ وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان ربما رقد عن العشاء الآخرة ويأمر أن يوقظوه، والمصنف حمل ذلك في الترجمة على ما إذا غلبه النوم، وهو اللائق بحال ابن عمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن جريج‏)‏ هو بالإسناد الذي قبله - وهو محمود عن عبد الرزاق عن ابن جريج - ووهم من زعم أنه معلق، وقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بالإسنادين، وأخرجه من طريقه الطبراني، وعنه أبو نعيم في مستخرجه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقام عمر فقال الصلاة‏)‏ ، زاد في التمني ‏"‏ رقد النساء والصبيان ‏"‏ وهو مطابق لحديث عائشة الماضي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واضعا يده على رأسه‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ على رأسي ‏"‏ وهو وهم لما ذكر بعده من هيئة عصره صلى الله عليه وسلم شعره من الماء، وكأنه كان اغتسل قبل أن يخرج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاستثبت‏)‏ هو مقول ابن جريج، وعطاء هو ابن أبي رباح، ووهم من زعم أنه ابن يسار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فبدد‏)‏ أي فرق‏.‏
وقرن الرأس جانبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم ضمها‏)‏ كذا له بالضاد المعجمة والميم، ولمسلم ‏"‏ وصبها ‏"‏ بالمهملة والموحدة، وصوبه عياض قال‏:‏ لأنه يصف عصر الماء من الشعر باليد‏.‏
قلت‏:‏ ورواية البخاري موجهة، لأن ضم اليد صفة للعاصر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى مست إبهامه‏)‏ كذا بالإفراد للكشميهني، ولغيره ‏"‏ إبهاميه ‏"‏ وهو منصوب بالمفعولية وفاعله طرف الأذن، وعلى هذا فهو مرفوع‏.‏
وعلى الرواية الأولى ‏"‏ طرف ‏"‏ منصوب وفاعله إبهامه وهو مرفوع، ويؤيد رواية الأكثر رواية حجاج عن ابن جريج عند النسائي وأبي نعيم ‏"‏ حتى مست إبهاماه طرف الأذن‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يقصر ولا يبطش‏)‏ أي لا يبطئ ولا يستعجل، ويقصر بالقاف للأكثر ووقع عند الكشميهني ‏"‏ لا يعصر ‏"‏ بالعين، والأولى أصوب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لأمرتهم أن يصلوها‏)‏ كذا بين ذلك في كتاب التمني عند المصنف من رواية سفيان بن عيينة عن ابن جريج وغيره في هذا الحديث وقال ‏"‏ إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ وقع في الطبراني من طريق طاوس عن ابن عباس في هذا الحديث بمعناه قال‏:‏ وذهب الناس إلا عثمان بن مظعون في ستة عشر رجلا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ ما صلى هذه الصلاة أمة قبلكم‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ
وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وقت العشاء إلى نصف الليل‏)‏ في هذه الترجمة حديث صريح أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في بيان أول الأوقات وآخرها وفيه ‏"‏ فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل‏"‏‏.‏
قال النووي‏:‏ معناه وقت لأدائها اختيارا، وأما وقت الجواز فيمتد إلى طلوع الفجر، لحديث أبي قتادة عند مسلم ‏"‏ إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى‏"‏‏.‏
وقال الإصطخري إذا ذهب نصف الليل صارت قضاء‏.‏
قال‏:‏ ودليل الجمهور حيث أبي قتادة المذكور‏.‏
قلت‏:‏ وعموم حديث أبي قتادة مخصوص بالإجماع في الصبح، وعلى قول الشافعي الجديد في المغرب فللإصطخري أن يقول إنه مخصوص بالحديث المذكور وغيره من الأحاديث في العشاء والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو برزة‏)‏ هو طرف من حديثه المتقدم في ‏"‏ باب وقت العصر ‏"‏ وليس فيه تصريح بقيد نصف الليل، لكن أحاديث التأخير والتوقيت لما جاءت مرة مقيدة بالثلث وأخرى بالنصف كان النصف غاية التأخير، ولم أر في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثا صريحا يثبت‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا وَزَادَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الرحيم المحاربي‏)‏ كذا لأبي ذر، وقع لأبي الوقت وغيره عبد الرحيم بغير صيغة أداء، وهو عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفي، يكنى أبا زياد، وهو من قدماء شيوخ البخاري، وليس له في الصحيح عنه غير هذا الحديث الواحد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلاة العشاء‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ ليلة ‏"‏ وفيه إشعار بأنه لم يكن يواظب على ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قد صلى الناس‏)‏ أي المعهودون ممن صلى من المسلمين إذ ذاك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزاد ابن أبي مريم‏)‏ يعني سعيد بن الحكم المصري، ومراده بهذا التعليق بيان سماع حميد للحديث من أنس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كأني أنظر الخ‏)‏ الجملة في موضع المفعول لقوله ‏"‏ زاد‏"‏‏.‏
وقد وقع لنا هذا التعليق موصولا عاليا من طريق أبي طاهر المخلص في الجزء الأول من فوائده، قال‏:‏ حدثنا البغوي حدثنا أحمد بن منصور حدثنا ابن أبي مريم بسنده وأوله ‏"‏ سأل أنس‏:‏ هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أخر العشاء ‏"‏ فذكره، وفي آخره ‏"‏ وكأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ ‏"‏ الوبيص بالموحدة والصاد المهملة‏:‏ البريق، وسيأتي الكلام على فضل انتظار الصلاة في أبواب الجماعة، وعلى الخاتم ولبسه في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2013, 02:45 PM   #240
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل صلاة الفجر‏)‏ وقع في رواية أبي ذر بعد هذا ‏"‏ والحديث ‏"‏ ولم يظهر لقوله ‏"‏ والحديث ‏"‏ توجيه في هذا الموضع، ووجهه الكرماني بأن الغرض منه باب كذا وباب الحديث الوارد في فضل صلاة الفجر‏.‏
قلت‏:‏ ولا يخفى بعده، ولم أر هذه الزيادة في شيء من المستخرجات، ولا عرج عليها أحد من الشراح، فالظاهر أنها وهم، ويدل لذلك أنه ترجم لحديث جرير أيضا ‏"‏ باب فضل صلاة العصر ‏"‏ بغير زيادة، ويحتمل أنه كان فيه ‏"‏ باب فضل صلاة الفجر والعصر ‏"‏ فتحرفت الكلمة الأخيرة، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُّونَ أَوْ لَا تُضَاهُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَالَ فَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏يحيى‏)‏ هو القطان، وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم‏.‏
وقد تقدم الكلام على حديث جرير في ‏"‏ باب فضل صلاة العصر‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أبو جمرة‏)‏ بالجيم والراء وهو الضبعي، وشيخه أبو بكر هو ابن أبي موسى الأشعري بدليل الرواية التي بعده حيث وقع فيها ‏"‏ أن أبا بكر بن عبد الله بن قيس ‏"‏ وعبد الله بن قيس هو أبو موسى، وقد قيل إنه أبو بكر بن عمارة بن رويبة والأول أرجح كما سيأتي آخر الباب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من صلى البردين‏)‏ بفتح الموحدة وسكون الراء تثنية برد، والمراد صلاة الفجر والعصر، ويدل على ذلك قوله في حديث جرير ‏"‏ صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ‏"‏ زاد في رواية مسلم ‏"‏ يعني العصر والفجر‏:‏ سميتا بردين لأنهما تصليان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر، ونقل عن أبي عبيد أن صلاة المغرب تدخل في ذلك أيضا‏.‏
وقال البزار في توجيه اختصاص هاتين الصلاتين بدخول الجنة دون غيرهما من الصلوات ما محصله‏:‏ إن من موصولة لا شرطية، والمراد الذين صلوهما أول ما فرضت الصلاة ثم ماتوا قبل فرض الصلوات الخمس، لأنها فرضت أولا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، ثم فرضت الصلوات الخمس، فهو خبر عن ناس مخصوصين لا عموم فيه‏.‏
قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه من التكلف، والأوجه أن ‏"‏ من ‏"‏ في الحديث شرطية‏.‏
وقوله ‏"‏دخل ‏"‏ جواب الشرط، وعدل عن الأصل وهو فعل المضارع كأن يقول يدخل الجنة إرادة للتأكيد في وقوعه بجعل ما سيقع كالواقع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن رجاء‏)‏ هو عبد الله البصري الغداني، وهو أحد شيوخ البخاري، وقد وصله محمد بن يحيى الذهلي قال ‏"‏ حدثنا عبد الله رجاء ‏"‏ ورويناه عاليا من طريقه في الجزء المشهور المروي عنه من طريق السلفي ولفظ المتن واحد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ هو ابن منصور، ولم يقع منسوبا في شيء من الكتب والروايات، واستدل أبو علي الغساني على أنه ابن منصور بأن مسلما روي عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال حديثا غير هذا‏.‏
قلت‏:‏ رأيت في رواية أبي علي الشبوي عن الفربري في ‏"‏ باب البيعان بالخيار ‏"‏ حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا حبان بن هلال فذكر حديثا، فهذه القرينة أقوى من القرينة التي في رواية مسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حبان‏)‏ هو ابن هلال وهو بفتح الحاء المهملة، فاجتمعت الروايات عن همام بأن شيخ أبي جمرة هو أبو بكر بن عبد الله، فهذا بخلاف من زعم أنه ابن عمارة بن رويبه، وحديث عمارة أخرجه مسلم وغيره من طرق عن أبي بكر بن عمارة عن أبيه لكن لفظه ‏"‏ لن يلح النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ‏"‏ وهذا اللفظ مغاير للفظ حديث أبي موسى وإن كان معناهما واحدا، فالصواب أنهما حديثان‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَقْتِ الْفَجْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وقت الفجر‏)‏ ذكر فيه حديث ‏"‏ تسحر زيد بن ثابت مع النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من وجهين عن أنس، فأما رواية همام عن قتادة فهي عن أنس أن زيد بن ثابت حدثه، فجعله من مسند زيد ابن ثابت، ووافقه هشام عن قتادة كما سيأتي في الصيام‏.‏
وأما رواية سعيد - وهو ابن أبي عروبة - عن قتادة فهي ‏"‏ عن أنس أن نبي الله وزيد بن ثابت تسحرا ‏"‏ وفي رواية السرخسي والمستملي ‏"‏ تسحروا ‏"‏ فجعله من مسند أنس، وأما قوله ‏"‏ تسحروا ‏"‏ بصيغة الجمع فشاذة وترجح عند مسلم رواية همام فإنه أخرجها وأعرض عن رواية سعيد، ويدل على رجحانها أيضا أن الإسماعيلي أخرج رواية سعيد من طريق خالد بن الحارث عن سعيد فقال ‏"‏ عن أنس عن زيد بن ثابت ‏"‏ والذي يظهر لي في الجمع بين الروايتين أن أنسا حضر ذلك لكنه لم يتسحر معهما، ولأجل هذا سأل زيدا عن مقدار وقت السحور كما سيأتي بعد، ثم وجدت ذلك صريحا في رواية النسائي وابن حبان ولفظهما ‏"‏ عن أنس قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أنس إني أريد الصيام، أطعمني شيئا‏.‏
فجئته بتمر وإناء فيه ماء، وذلك بعدما أذن بلال‏.‏
قال‏:‏ يا أنس انظر رحلا يأكل معي، فدعوت زيد بن ثابت، فجاء فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة‏"‏‏.‏
فعلى هذا فالمراد بقوله ‏"‏ كم كان بين الأذان والسحور ‏"‏ أي أذان ابن أم مكتوم، لأن بلالا كان يؤذن قبل الفجر‏.‏
والآخر يؤذن إذا طلع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلت كم كان بينهما‏؟‏‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ كان ‏"‏ من رواية السرخسي والمستملي، ووقع عند الإسماعيلي من رواية عفان عن همام ‏"‏ قلنا لزيد‏"‏، ومن رواية خالد بن الحارث عن سعيد قال خالد‏:‏ أنس القائل كم كان بينهما‏.‏
ووقع عند المصنف من رواية روح عن سعيد‏:‏ قلت لأنس، فهو مقول قتادة‏.‏
قال الإسماعيلي‏:‏ والروايتان صحيحتان بأن يكون أنس سأل زيدا، وقتادة سأل أنسا‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى قُلْنَا لِأَنَسٍ كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصليا‏)‏ كذا للكشميهني بصيغة التثنية، ولغيره فصلينا بصيغة الجمع وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى‏.‏
واستدل المصنف به على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر لأنه الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب، والمدة التي بين الفراغ من السحور والدخول في الصلاة - وهي قراءة الخمسين آية أو نحوها - قدر ثلث خمس ساعة، ولعلها مقدار ما يتوضأ‏.‏
فأشعر ذلك بأن أول وقت الصبح أول ما يطلع الفجر‏.‏
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخل فيها بغلس، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِي أَنْ أُدْرِكَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أخيه‏)‏ هو أبو بكر عبد الحميد، وسليمان هو ابن بلال، وسيأتي الكلام على حديث سهل بن سعد في الصيام‏.‏
والغرض منه هنا الإشارة إلى مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الصبح في أول الوقت، وحديث عائشة تقدم في أبواب ستر العورة ولفظه أصرح في مراده في هذا الباب من جهة التغليس بالصبح وأن سياقه يقتضي المواظبة على ذلك، وأصرح منه ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم أسفر بالصبح مرة ثم كانت صلاته بعد بالغلس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر وأما ما رواه أصحاب السنن وصححه غير واحد من حديث رافع بن خديج قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ‏"‏ فقد حمله الشافعي وغيره على أن المراد بذلك تحقق طلوع الفجر، وحمله الطحاوي على أن المراد الأمر بتطويل القراءة فيها حتى يخرج من الصلاة مسفرا، وأبعد من زعم أنه ناسخ للصلاة في الغلس‏.‏
وأما حديث ابن مسعود الذي أخرجه المصنف وغيره أنه قال ‏"‏ ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير وقتها ذلك اليوم ‏"‏ يعني في الفجر يوم المزدلفة، فمحمول على أنه دخل فيها مع طلوع الفجر من غير تأخير، فإن في حديث زيد بن ثابت وسهل بن سعد ما يشعر بتأخير يسير، لا أنه صلاها، قبل أن يطلع الفجر‏.‏
والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَسِ
الشرح‏:‏
قوله في حديث عائشة ‏(‏كن‏)‏ قال الكرماني‏:‏ هو مثل أكلوني البراغيث لأن قياسه الإفراد وقد جمع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نساء المؤمنات‏)‏ تقديره نساء الأنفس المؤمنات أو نحوها ذلك حتى لا يكون من إضافة الشيء إلى نفسه، وقيل إن ‏"‏ نساء ‏"‏ هنا بمعنى الفاضلات أي فاضلات المؤمنات كما يقال رجال القوم أي فضلاؤهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يشهدن‏)‏ أي يحضرن، و قوله‏:‏ ‏(‏لا يعرفهن أحد‏)‏ قال الداودي‏:‏ معناه لا يعرفن أنساء أم رجال، أي لا يظهر للرائي إلا الأشباح خاصة، وقيل لا يعرف أعيانهن فلا يفرق بين خديجة وزينب، وضعفه النووي بأن المتلفعة في النهار لا تعرف عينها فلا يبقى في الكلام فائدة، وتعقب بأن المعرفة إنما تتعلق بالأعيان، فلو كان المراد الأول لعبر بنفي العلم، وما ذكره من أن المتلفعة بالنهار لا تعرف عينها فيه نظر، لأن لكل امرأة هيئة غير هيئة الأخرى في الغالب ولو كان بدنها مغطى‏.‏
وقال الباجي‏:‏ هذا يدل على أنهن كن سافرات إذ لو كن متنقبات لمنع تغطية الوجه من معرفتهن لا الغلس‏.‏
قلت‏:‏ وفيه ما فيه، لأنه مبني على الاشتباه الذي أشار إليه النووي، وأما إذا قلنا إن لكل واحدة منهن هيئة غالبا فلا يلزم ما ذكر‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏متلفعات‏)‏ تقدم شرحه، ‏(‏والمروط‏)‏ جمع مرط بكسر الميم وهو كساء معلم من خز أو صوف أو غير ذلك، وقيل لا يسمى مرطا إلا إذا كان أخضر ولا يلبسه إلا النساء، وهو مردود بقوله مرط من شعر أسود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ينقلبن‏)‏ أي يرجعن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من الغلس‏)‏ من ابتدائية أو تعليلية، ولا معارضة بين هذا وبين حديث برزة السابق أنه كان ينصرف من الصلاة حين يعرف الرجل جليسه، لأن هذا إخبار عن رؤية المتلفعة على بعد، وذاك إخبار عن رؤية الجليس‏.‏
وفي الحديث استحباب المبادرة بصلاة الصبح في أول الوقت وجواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل، ويؤخذ منه جوازه في النهار من باب أولى لأن الليل مظنة الريبة أكثر من النهار، ومحل ذلك إذا لم يخش عليهن أو بهن فتنة، واستدل به بعضهم على جواز صلاة المرأة مختمرة الأنف والفم، فكأنه جعل التلفع صفة لشهود الصلاة‏.‏
وتعقبه عياض بأنها إنما أخبرت عن هيئة الانصراف، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع حسن الخليفه احمد مشاركات 538 المشاهدات 72594  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه