القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > المنتدى العام

المنتدى العام لقاء الأحبة في الله لمناقشة جميع المواضيع

توثيق لمسجد وخلاوي وأسرة ودالفكي علي - الحلفا - غرب بربر

المنتدى العام

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-03-2012, 09:46 AM   #1
عثمان عوض الكريم

الصورة الرمزية عثمان عوض الكريم



عثمان عوض الكريم is on a distinguished road

افتراضي توثيق لمسجد وخلاوي وأسرة ودالفكي علي - الحلفا - غرب بربر


أنا : عثمان عوض الكريم




بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وأصلي وأسلم على سيد الخلق أجمعين خير من اتقى ونصح لله وهدى وعلى آله وصحبه ومن به اقتدى.
إعلم أخي المسلم الكريم أجّل نعمة منَّ بها علينا أن جعلنا من أمته صلى الله عليه وسلم نؤمن بكل ما جاء به ونعمل بما نستطيع أوامره ونقف ممتنعين عن زواجره. فالذي يجب علينا أن نحمده آناء الليل وأطراف النهار "أن كنا" من خير أمة أخرجت للناس قال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...)( )
وبعد أن اختار الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جواره وتركنا على المحجة البيضاء أورث الله كتابه الذين اصطفى من عباده. ليحفظوا للأمة هداها ويضيئوا طريقها إذا حلك الحوالك لينجوا من أريد له من الهوالك. وجعل أولئك الأعلام أئمة يهدون بأمره تعالى بعد أن ألبسهم لباس التقوى في الظواهر وعمَّر بالإيمان منهم الجواهر. فصاروا هدى قرءان يمشي على قدم وتعاليم سنةٍ نبوية في كل حركة أو سكون. فلا يتردد قلب العاقل والعادل أنهم بإذن الله عباداً للرحمن يمشون في رضائه تعالى ويبطشون لأجله ويسمعونه كتابه ويرددون كلماته. فجمع الله عباده على حبهم فدخلوا قلوبهم بلا استئذان فأصبحوا يعلمون جاهلهم ويرضون غاضبهم ويمسحون على رأس اليتيم منهم ويؤمنون خائفهم ويرشدون إلى سواء السبيل. كل ذلك بما رحمة من الله وفضله.
فولايتهم لاشك كما قال تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) ( ). فهم المؤمنون المتقون وإذا رآهم المؤمن ذكر الله تعالى وكفى بها من نعمه، وهم أنفع الناس للناس مع تواضع لله بلا تكلف وقوّة في الحق بلا تعسف.
كذلك حاولت أن أجمع للمريدين شيئاً من محاسنهم بلا إفراط ولا تفريط عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( اذكروا محاسن موتاكم ). ثم توصية لأنجالهم ومحبيهم أن يعضوا على سنة أسلافهم بالنواجذ ليصينوا تلك الأمانة ذات الثمن الغالي والتكليف الشاق إلا من يسره الله عليه.
بل كما أن ذلك حقاً لهم علينا أن نعرّف بهم تعريفاً موضوعياً اقتصرت فيه على حقائق التاريخ وجميل الوصف وتجاوزت فيه عن كثير مما يتردد على ألسنة البعض من خوافٍ وكرامات حتى نحفظ كرامتهم من ألسنة الذين لا يحسنون مجرد الفهم لما حبا الله عباده المخلصين في قوله تعالى : (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ) ( ).
فما عرَّف من أتباعهم وورعهم وزهدهم يغني عن ما تبقى من إكرام الله لهم ورحمته بهم ونظراً لتعميم الفائدة مع التخفيف في زمن قل فيه الإطلاع. جاء سفري هذا في أربع فصول:
الأول : مقدمه
الثاني : الشيخ محمد الفكي على "ود الفكي على" المؤسس الأول للخلاوي بالحلفا.
الثالث : الشيخ أحمد بن محمد الفكي على.
الرابع : الشيخ محمد الأمين بن أحمد بن محمد الفكي على
ثم خاتمة قصيرة.

الفصل الأول
بحمد الله ونعمته لقد ارتبط اسم مولانا الفكى على مصطفى بكتاب الله الكريم ارتباطاً وثيقاً. فما ذكرت سيرته إلا وذكر القرءان حفظاً وتحفيظاً، وحسبه ذلك من شرف الانتماء والحسب والنسب. وفي ما تواترت به الروايات من طلاب وأحباب لم تبدأ سلسلة الانتساب لأهل القرءان من عند مولانا الفكى على بل كانت تنحدر بانحدار نسبه المبارك فهو سليل آباء وحفيد أسلاف جعلوا القرءان دأبهم وشغلهم. إلا أن شح الوثائق وانشغال الأجيال حولهم جعل أهل الهمة من المحدثين منهم لا يجدون طريقاً للوثائق والمصادر التى تتعمق في التاريخ وراء الشيخ الفكى على مصطفى جد الأسرة التى تتولى رعاية طلاب القرءان الكريم بمنطقة الحلفا غرب بربر حالياً.
والذي يغلب على الظن أنَّ أكثر ما جعل تلاميذهم يغفلون عن تدوين تاريخ أولئك الأعلام ما تميزوا به من زهدهم في المطاهر وورعهم الذي تذخر به الجواهر، وهذا ما شهدت به ثقات عصرهم جيلٌ عن جيل. منذ أن وطأت أقدام جدهم ديار بربر واستقر بهم المقام بها فعرفوا بأنهم أرفع أهل زمانهم عن الشغف بالدنيا والسعي خلف حطامها البالي.
فما شغل جدهم منذ نعومة أظفاره بإرث أجداده من أرض وعرض ورغم الثروة التى خلفها له أسلافه بأرض الشايقية "نوري" فلم تتجه إليها أنظاره ولم تعبأ بها أفكاره، ولكن ظلَّ القرءان يملأ جوانحه وعلوم الفقه والشرع تملأ سوانحه. فأخذ العلم زاداً لعمر شبابه فنال منه حظاً وافراً بحمد الله وتوفيقه. فبعد أن قوي عوده واستقام عموده ظل ينفق مما آتاه الله تعالى من نور القرءان الكريم وعلوم شرعه الحنيف.
وفيما يلي نفصل تاريخه وحياته :
أولاً اسمه : على مصطفى – أما "الفكي" فهو لقب مصورة عمله وشغله بكتاب الله تعالى وهى تحريف لكلمة "الفقيه" حيث كان الذي يعمل على تدريس الطلاب في ذلك الزمان يلقب ب "الفكى" وذلك شرف لا يتطاول إليه أحدٌ ولن يناله سوى أهل القرءان الكريم وعلومه.
ثانياً نسبه : أما نسبه الميمون فيكفيه شرفاً أن ينتمي إلى دوحة تنتهي جذورها إلى سيدنا العباس عمَّ سيد الناس من أباءٍ وأجدادٍ شيمتهم الفضل وشهرتهم القرءان الكريم وعلومه. عبر قرون التاريخ فهو:
الفكي على بن مصطفى بن أحمد بن يماني بن رحمه بن يماني بن الحاج عووضه بن الترجم بن عيسى بن صالح بن كدنقه بن شايق بن حميدان بن صبح أبو مرخه بن مسمار بن سرار بن كَردَم بن أبو الديس بن قضاعه بن حرقان ابن مسروق بن أحمد اليماني بن إبراهيم الجعل بن إدريس بن قيس بن يمن الخزرجي "نسبة إلى أمه من الخزرج" بن عدنان بن قصاص بن كرب الكامل بن هاطل بن ياطل بن ذي الكلاع الحميري "نسبة إلى أمه من الحمير" بن سعد الأنصاري "نسبة إلى أمه من الأنصار" بن الفضل بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.
وافتخاراً بهذا النسب وتفوهاً بمكارم أخلاقهم فقد نظمه ابنهم الشيخ محمد الحسن أحمد الفكى على شعراً جيداً مثله در نضيد في قول سديد. فقال رحمه الله:

أنا حسن من أحمد اسمى نما ابن علىّ ناشر القرءان
من مصطفى من أحمد من معشر لهم السوابق في العلا بيماني
رحمه يماني والحاج عووضه وترجم عيسى الصالح قل كدنقه عيان
إن العروبة تجمعت في شايق فخراً تليداً جاء من حميدان
سجل لصبح إن مررت باسمه في نسبة كالدر والمرجان
انظم لمسمار فسرار فهم عصبة من كردم فاقت على كيوان
لا تنس أبا الديس العظيم فإنه في عقدنا كالزهر في البستان
من بعده اذكرن لقضاعة أهل الفخار العالي من حرقان
واذكر لمسروق نمته فطاحلٌ هم الأشاوس فخرهم بيماني
واذكر أبا الأمجاد إبراهيم في تسجيلك الجعلي في السودان
إدريس وقيس من سلالة هاشم من بعد أيمن اتبعن عدنان
ومن بعد قصّاص لكرب هاطل من ياطل ذاك عظيم الشان
وذي الكلاع الحميري بأمِّه يسعدنا والفضل جزنا على المريخ والميزان
بالحبر عبد الله نلنا للمُنى وبجدنا العباس عقد جمان
وبقرية المختار هذا عزنا وكفانا فخراً محكمُ التبيان
في فضل أهل البيت عُصبة أحمد قطع المطامع عنهم وملان
أكرم بهم من عصبية هاشمية سدوا الثغور بأبلقٍ ومهند وسنان


ثالثاً : ميلاده ونشأته:
ولد شيخنا الفكي على بأرض الشايقية منطقة نوري الحالية في العام 1222ه في أغلب ما ذكر من الروايات، من أبٍ وأمٍ ينتسبان لقبيلة الشايقية من فرع يسمى العيساب.
وقد نشأ العارف بالله بين أقرانه صبياً ذكياً ترعاه عناية الله يتقلب بين إمالة الرواية وقلم التمام والدواية. قد رضع لبان الفضلاء وأخلاق النبلاء فحفظ القرءان وبرع في تجويده ببلدة في خلوة الشيخ محمد صادق الكاروري جد أسرة الكوارير المعروفة اليوم، ولم يقف على الحفظ والتجويد فقط بل جمع قدراً وفيراً من علوم الشرع والعربية.
رابعاً : رحلاته:
وبعد أن جمع الله له من شتى صنوف العلوم عزم على الهجرة في سبيل نشر القرءان الكريم وتربية أبناء المسلمين على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتجر في بضاعة لن تبور وعزم لن تهدمه حُمّى الدهور تتجاذبه قلوب الأخيار، وتتلاقاه أيدي الأعيان كل ما مرَّ ببلدةٍ على طول هجرته من أرض أجداده ومرتع صباه الأوّل "نوري" ماراً بمنطقة بربر يُعلم طلابه وينهل من غزير علمه أصحابه حتى وصل إلى مدينة الخرطوم وافتتح بها خلوة لتحفيظ الكتاب العزيز وتدريس علومه، وقيل كانت تلك الخلوة بأرض المقرن – حسب رواية الأكابر من أحفاده.
غير أنه لم يُحدد موقعها ولم تُكشف آثارها حتى يومنا هذا، وهذا ما يؤكد أنه – رحمه الله – لم يهجر دياره بحثاً عن الدراهم ولا الدينار وإنما نشراً لكتابه تعالى.
خامساً : زيارته للسيد الحسن الميرغني "رضي الله عنه" بالخرطوم بحري حلة خوجلي:
خلال رحلته للخرطوم التقى الشيخ الفكى على ببعض الأشراف من الشناقيط من دولة موريتانيا التى عرف أهلها بحبهم للعلم وحفظهم وضبطهم للقرءان وعلومه. فأعجبوا بضبطه وحفظه وتجويده فأشاروا إليه بالذهاب إلى بلادهم. وهمَّ رحمه الله تعالى بذلك.
فعندما كان يفكر في ذلك ويهتم به. فإذا هو يزور السيِّد الحسن الميرغني شيخ طريقته الذي قصد الرحلة لزيارته بحلة خوجلي. فقدمه مولانا السيد الحسن للصلاة إماماً الأمر الذي أثار حفيظة كبار خلفائه من العلماء والأعيان بحجة أن فيهم من هم أولى منه بالصلاة. فأشار إليهم السيد الحسن بأني قدمته لنورٍ في ظهره. إن شاء الله وهي نظرة العارفين الدين ترى قلوبهم ما لا ترى عيون الناظرين. فهي عبارة دقيقة وإشارة لطيفة.
فبإشارة الذاكرين وفراسة المؤمنين، قال : فلتكن فائدتُك في بلدك" ففكر رحمه الله من حينها في الرجوع إلى بلاده بربر.
ثم عاد أدراجه مرَّة أخرى شمالاً نحو أرض بربر حتى استقر به المقام بخلوة العويضياب بقرية الفريخة شمال بربر، ومن هنا ظلت تتعالى سمعته وتزداد شهرته من إتقان حفظه وتجويده، إلى جانب الفقه وغيره من علوم الدين الحنيف، يأتي إليه العظماء من أهل القيادة في البلاد من قضاةٍ ونظَّار وأشراف ليغترف أبناؤهم من معين بحره وينهلوا من فيض أدبه ووقاره.
فهكذا كانت حياته كتاباً تترصع صفحاته دراً نضيضاً بمكارم الأخلاق وسماحة الشمائل نفعاً للمسلمين وعطاءاً لأبنائهم منتهجاً بهم طريق السالكين وعلم العارفين حتى لبى نداء ربه.
خامساً : أبناؤه : أما أبناؤه فهم
• الشيخ محمد بن الفكى على "ود الفكى على" مؤسس خلاوي ود الفكى على بالحلفا غرب بربر.
• والشيخ أحمد بن الفكى على والد الأستاذ والشاعر المتفرد بمدرسة الشيخ محمد الحسن، وقد توفي الشيخ أحمد في ريعان شبابه وترك ابنيه صغيرين أكبرهما هو الشاعر المذكور آنفاً وأصغرهما من شهد بصلاحه وبركته الكثير من أبناء جيله وهو الشيخ مصطفى المتوفى في ثمانينيات القرن الماضي وله أبناء وأحفاد كثر والحمد لله.
سادساً : زوجاته:
أما زوجاته "الفكى على" فهما زوجتان
إحداهما : هي مدينة بت عبد الحميد – شايقية الأصل ومن أبناء عمومته وتنتسب إلى آل الزوره وهى والدة إبنه الأكبر الشيخ محمد "ود الفكى على".
والأخرى : هي فاطمة بت الزين من العويضياب أصحاب خلوة الفريخة التى ختم بها حياته ودفن بها، وهي والدة ابنه الأصغر الشيخ أحمد والد الشاعر محمد الحسن وأخيه مصطفى المذكورين آنفاً.
سابعاً : إخوانه:
عرف من إخوته الذين جاءوا لمدينة بربر بعده
• الفكى المرضي والد عبد الرحمن المرضي جد أسرة المرضي ببربر حيث لازالت منازلهم بمدينة بربر "الدكة" جوار المنطقة التى تسمى بالخلوة سابقاً، ويسكن معظم أحفادهم الخرطوم بحري "حلة خوجلي" و"الدناقلة".
• محمد مصطفى "جد الفكى الشكري" وهو غير شقيق ويكبره بكثير .
ثامناً : خلاويه:
أسس الفكى على كثيراً من خلاوي تحفيظ القرءان قبل استقراره بقرية الفريخة حسب إفادة أحفاد طلابه ومريديه ولكن لم تبق لغير الفريخة معالم وآثار واضحة.

تاسعاً : أهم تلاميذه:
ملأ شيخنا الفكى على مصطفى أرجاء الوطن بحملة كتابه الكريم ممن تخرجوا على يديه وأصبح كل واحد منهم قمراً يضئ زمانه ومكانه، وحظوا "بحمد الله" بالوقار أينما حلَّوا بفضل ما رباهم عليه من أدب رفيع وعلم وسيع. فكان على رأسهم أبو البركات وصاحب الكرامات والناشئ في كنفه ابنه الشيخ محمد الفكى على "ود الفكى على" الذي سنبسط الحديث عنه في الفصل القادم بإذن الله.
ثم أيضاً من أهم تلاميذه الشيخ الطيب هاشم أوَّل مفتي للديار السودانية. من منطقة كمير الجعليين وعميد أسرة الهاشماب المعروفة بأمدرمان اليوم.
ومنهم أيضاً الشيخ الشريف "ود السيّد" العالم النحرير المُستفتَى في أمور الشريعة من قبل العلماء قبل العوام وهو من منطقة بربر "نقزو" حيث يوجد بها مسجده حالياً. وقد رثاه الشيخ محمد الحسن أحمد الفكى على بقصيدة عصماء مطلعها:
دمع جرى بين المحاجر هاطل وبلوعة النيران قلبي شاعل
برز الزمان وقد رمى بنباله وسطا علينا سطوة المتطاول
وسقى دوائرنا بكأس مرارةٍ وأذاقنا طعم المنون القاتل
بفقيد بدر طالع وسط الدجى بقواعد شريعة وفواصل
العالم العامل القائم الصائم الذاكر العادل
ومن تلاميذه أيضاً:
• الشيخ عبد القادر الأغا من عنيبس جنوب بربر .
• الشيخ محمد فقيري من أدرأما بنهر عطبرة.
• الشيخ محمد الطاهر الكمالابي.
• الشيخ الفكي الطاهر ود حنين من التميراب غرب الدامر.
• الفكى عبد الله الخليفة محمد على، الفكى أبشر محمد إمام، الفكى محمد حاج الحسن محمد إمام وهؤلاء من الفاضلاب.
• ومن أبناء الرباطاب:
• الفكى أحمد فاضل وأخوه سمساعه – الرباطاب "العبيداب".
• الفكى عثمان الحاج مهيوبه جزيرة "أم حجير". وقيل أنه من تلاميذ شيخنا محمد.
• الفكى أحمد الفكى الحسين "جزيرة كرقس".
• الفكى حاج الحواربي "أبو هشيم".
• الشيخ كرم الله محمد عبد الكريم وابن عمه عبد الله عمر عبد الكريم من الجريف غرب أبوهشيم – الرباطاب. وغيرهم
• الشيخ محمد أبوفاق "جاد الله" غرب بربر.
• الفكى على سليمان الحاج عبد الله "العبيدية الطاشاب شمال بربر" صاحب خلوة الطاشاب.
• الشيخ الفقير أحمد محمد من العبيدية "الطاشاب".
• الشيخ محمد القرفيط – العبيدية – الطاشاب.
• الفكى محي الدين – الباوقة – التكاويين. وكان يمازح شيخنا محمد الفكى على وحصلت له معه كرامات وخوارق عادات.
• الشيخ إبراهيم بن المك على صبير "بربر".
• الشيخ محمد القاضي حمد "الطاشاب". وله أيضاً كرامات تحكي مع الشيخ محمد الفكى على.
• الشيخ أحمد الحاج الأحمر "من أبو هشيم الرباطاب". وله كرامة تحكى مع شيخنا محمد الفكى على أثناء طلبهم على الجد الفكى على.
• الفكى العالم، الفكى الزاكى، والفكى أحمد الرابعاوي وغيرهم من أبناء فتوار "شمال الباوقة".
• الشيخ الفكى محمد الشكري وهو ابن أحمد بن محمد مصطفى "الفكى على جده عم والده".
• الشيخ خلف الله حاج محمد "من الضانقيل".
• الشيخ الجعلى إبراهيم من الروضياب بحلة الحصا ولا زالت خلافتهم قائمة بقرية الحصا شمال بربر.
وقد قال الفكى على رحمه الله تعالى يتحدثا بنعمه الله : ممن حفظ على يدى القرءان الكريم ممن اسمه محمد فقط مائة لم يكن فيهم مثل محمّد ابني.
وهذا يكفي دليلاً بأن طلابه لا يحصون عدداً وإنما هذا غيض من فيض رحمهم الله جميعاً.
وقد حرصنا على ذكر ممن حفظوا القرءان حفظاً جيِّداً وجوّدوه تجويداً متقناً.
عاشراً : السياسة في حياة الفكى على:
لم تسجل في تاريخ حياته المباركة مواقف سياسية من ولاءٍ ولا عداءٍ لأي نظام من أنظمة الحكم التى شهدها. فلم يؤثر عنه غير القرءان وعلومه وغيرها من علوم الشريعة والعربية. فيما وجد عند من يعرفون عنه سوى ذلك من بعيد أو قريب. فلله درها من حياة وسيرة قلما توجد من مثلُها.
حادي عشر : وفاته:
بعد أن ملأ صفحات كتاب عمره بالسماحة والعلم والفصاحة والظرافة والملاحة – حيث كان سراجه قوله صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرءان وعلَّمه".( ).
فيه بدأ حياته وبه ختم عند ما أسلم روحه لبارئها بين أحبابه وطلابه بخلوة الفريخة وذلك في سنة 1307ه عن عمر ناهز "85" الخمس والثمانين عاماً، وبها دفن وضريحه لا زال مشهوداً إلى يومنا هذا. ألا رحمه الله تعالى بقدر ما نشر من نور كتاب الله بين أبناء المسلمين.



الفصل الثاني
الشيخ محمد الفكي على "ود الفكى على"
جاء دور مؤسس خلاوي القرءان الكريم بالحلفا غرب بربر وسيد الاسم الذي منه امتدت الأسرة "ود الفكي على" فهو الشيخ العارف التقي فريد عصره وعلامة وقته محمد بن الفكى على مصطفى المولود في عام 1278ه بمدينة بربر– من أمّه "مدينة بت عبد الحميد" التى أشرنا إليها سابقاً.
نشأته:
على يدي والده الذي تملأ جوانحهَ همُ نشر القرءان الكريم وتعليم أبناء المسلمين أمور شرع الله وتوريثهم علوم السُنَّة وأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم – نشأ وترعرع شيخنا محمد الفكى على "ود الفكى على" فمنذ ولادته ظل يستنشق عبير الكتاب الكريم وتظله آداب الأولياء وتهمس في أذنيه أصوات المجوّدين. فأخذه والده معه إلى خلوته بدار العوضياب بالفريخة شمال بربر فشبَّ صبيّاً متميزاً عن غيره من طلاب والده.
حفظ القرءان الكريم مجوّداً في نعومة أظفاره ثم تلقى ما كتب الله له من علوم على يد والده الذي لم تثبت له تلمذة لغيره . إلا أنه قد بارك الله له فيما تلقاه فأصبح بحراً متلاطم الأمواج في علوم شتى حتى تحيرت فيه جهابذة العلماء فشهدوا له بالنبوغ على فتيانه ونجباء زمانه.
فبعد أن قوى عوده واستقام عموده جاءته يقظة سلفه ومربيه ومعلمه الأوّل والده إذ فكر في نشر القرءان وتربية أبناء المسلمين على نهج السالكين الذين تأدبوا بآداب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
فبدأ التدريس بخلوة والده وبحضرته ثم افتتح خلوة بقرية "طيبة" – "الخرابة" شمال بربر حيث قام على أنقاضها مسجد جامع حالياً إلا أنه لم يطل مقامه بها.
تأسيس خلوته بالحلفا غرب بربر:
تأسست هذه الخلوة عندما دعى شيخنا الفكى على من قبل الفكى عبد الباقي فأثناء تلبية الدعوة – وهى الرواية الوحيدة عن زيارة الفكى على للحلفا – طلب منه إنشاء خلوة فوافق شيخنا الفكى على ووجه إبنه الشيخ محمد "ود الفكى على" بتأسيسها فقام على أمرها شيخنا محمد وقد بدأ بنيانها من القش، متوكلاً على الله تعالى وكان ذلك في عام 1305ه قبل وفاة الشيخ الفكي على بعامين فقط حيث كان عمر شيخنا محمد حوالي 33 عاماً ثلاثة وثلاثين عاماً.
فكانت تلك أوَّل لبنة توضع لخلاويه بالحلفا غرب بربر ، ومنذ ذلك التاريخ ظلت تعلو أصوات قرءانه فتوافدت إليه جموع الطلاب من شتى بقاع الوطن وخارجه آمين سوحه إلى جانب القاصدين قضاء حوائجهم من شفاء وغيره كما كان - رحمه الله تعالى - ملاذاً للخائفين من بطش الظلم والقهر ناصراً لهم، مطمئناً لمخافتهم فمن وصل حماه زال روعه، وسكن وجعه، وقضيت بإذن الله حاجته.
ولله در أحد تلاميذه حين وصفه – قائلاً في بعض أبيات من قصيدة عصماء :
كيف السلّوُ وسوقي يا ابن أم جل من حيث همت بذات الأعين النحِل( ).
غراء فرعاء( ) لو برزت لناظرها أضحى قتيل سهام اللحظ والمُقَل
من لي بها وبجمع الشمل في رغدٍ بأحسن دهر على الأحباب مشتمل
إن الهوى للفتى رمز به عرفت ميولَه ولغير الحب لم يمل
دع الديار وسارع إن قسا زمن والدهر أصبح دهر غير معتدل
واطلب حليف هدىً والزم سراح دجىً محمد المستغاث بن الفقيه على( )
بره بوالديه – رحمهم الله - :-
تواترت الأخبار عن أحبابه وطلابه بأنه لم ينظر لوالده في وجهه قط منذ ولادته وحتى وفاة والده - رحمه الله - فلا ينظر إليه نظر المولود لوالده فحسب بل شيخ القرءان وعلومه وأب روحه قبل جسده ودليله وقدوته في دينه ودنياه. ومما يؤكد ذلك عندما توفي والده قال : سبحان الله شيخنا مشلخ شايقي – وكان ذلك عند غسله –
أما والدته "مدينة بت عبد الحميد" لم يدخل عليها بوجهه أدباً معها ورحمة بها.
فياله من أدب وبر لم يعرف مثيلاهما وانقطع نظيراهما.
إخوانه:
لم نجد ذكراً عبر المهتمين بتاريخ الأسرة المباركة لأخوة ذكورٍ ولا إناثٍ لشيخنا محمد "ود الفكى على" من الأشقاء.
أما من جهة الأب فأخوه الوحيد هو الشيخ أحمد بن الفكى على والد العالم الفقيه الشاعر محمد الحسن أحمد الفكى على وكان الشيخ أحمد شاباً متصفاً بالقولِ والزهد. إلا أنه مات في ريعان شبابه – رحمه الله تعالى –
زوجته:
خطب الشيخ محمد الفكي على إحدى بنات أعيان منطقة الحفّاب وذلك عندما كان برفقة والده بخلوة الفريخة.
وعندما انتقل ليؤسس خلوتُهُ بغرب النيل فسخ تلك الخطوبة ليتزوج من رقية بت الحاج على والدها من السنجراب بالجزيرة مقرات ووالدتها زهراء من الأحمداب "سويكتاب" البيوت الموجودة حالياً بمنطقة العشير بكدباس، ومنطقة الشرام ببربر. جدتها حاجة فرحين التى عمرت كثيراً.
وقد وصفت الحاجة رقية بالصلاح ورعاية طلابها والتفاني في خدمتهم حيث كانت تسمى "أم الفقرا"، وقد توفيت بعد زوجها بشهورٍ قلائل.
أبناؤه:
رزقه الله تعالى من تلك الزوجة المباركة أبناءاً وهم :
• الشيخ أحمد خليفته الذي سنذكره لاحقاً.
• الفكى على وهو أكبرهم.
• ومحمد صالح وتؤمان اسمهما حسن وحسين توفوا جميعاً ولم يبقَ سوى خليفته في سن الطفولة ودفنوا بجاد الله "مقبرة سليمان ود الحاج".
أما بناته فهن:
عائشة، حاجة مدينة، سكينة . متن منهن اثنان وتبقت حاجة مدينة ذات البركة والصلاح والتى لم تخرج حياتها قط لغير حج بيته الحرام ولم ير وجهها إلا محارمها. فكانت ساعد أخيها الأيمن في تربية طلابه ورعايتهم. حتى كتب الله لها حج بيته الحرام فتوفيت هناك ودفنت بمقبرة المعلى بمكة المكرمة وكان ذلك في 1973م أيام التشريق عند رمي الجمرات رحمها الله تعالى.
أهم تلاميذه:
ممن حفظ وجوّد على يديه المباركتين عندما أوقد الشيخ محمد الفكى على تار قرءانه "التقابه" بتلك القرية "الحلفا" وعلا شأنها وذاع صيتها حتى ملأ شروق الأرض وغروبها. فتوافدت عليه جموع طلاب كتاب الله الكريم تختلف دولهم وأقطارهم وألسنتهم وقبائلهم، وتجمعهم روضة وريفة الظلال تملأ أركانها البركات. فكان من الصعوبة البالغة أن نحصي نحن وكل من جاء باحثاً في هذا الشأن العظيم من جاد الله عليهم بأن يكونوا مع السفرة الكرام البرره بفضل مهارتهم بالقرءان الكريم. وقد عرف طلابه بذلك . فلنقتصر هنا على بعض الأعلام الذين يسَّر الله لنا معرفتهم من أهل الحفظ والتجويد والاتقان.
فعلى رأسهم ابنه الشيخ أحمد وخليفته فيما بعد من قال فيه شاعره :
موضع السر من نشأ كاتم لابس القرءان في اليمين خاتم
أي كان لا يفارقه قرآنه أبداً. وسنكتب عنه تفصيلاً لاحقاً بإذن الله تعالى.
ثم يتلوه هؤلاء
• الشيخ الفكى العوض "ود بقويا" وقد افتتح معه الخلوة عندما جاء معه من خلوة والده بالفريخة.
• الشيخ حُميدة وعمر أولاد بقويا" أخوان الفكى العوض.
• الهادي سليمان عجول "من أهل حلة يونس" كان خطاطاً ومجوّداً متقناً رحمه الله تعالى.
• الشيخ مختار أحمد عجول "حلة يونس" شيخ القرية.
• الشيخ محمد مصطفى "ود الفقرا" وكان عالماً بعلوم الشعر والعربية إلى جانب حفظه وتجويده من أهالي الرباطاب – أبو هشيم وقد هاجر إلى مكة المكرمة حيث استقر بها وتزوج بمنطقة "جرول" بمكة المكرمة وأنجب ابنة توجد أسرتها بمكة المكرمة حالياً.
• الشيخ أحمد مصطفى "ود الفقرا" شقيق الشيخ محمد آنف الذكر – وهو صاحب خلوة أسلافه بمنطقة أبوهشيم بالرباطاب عرف بالتقوى والأدب خاصة مع شيوخه بالحلفا، وشوهدت له كرامات وخوارق عادات بلغت حدَّ التواتر، وظل ملازماً للخلاوي بالحلفا – حتى فاضت بها روحه الطاهرة في عام 1988م، ودفن جوار خلوته بأبو هشيم بالرباطاب.
• الشيخ حاج الشيخ مصطفى. من العبيدية شمال بربر "الطاشاب" افتتح خلوة بسلم النميراب، ودفن جوار شيخه بالحلفا.
• الشيخ جعفر أحمد رحمة الله – من الفاضلاب "ود سمباي" وكان نابغة ذا حفظ ممتاز.
• الشيخ يس المكابرابي، وهو شايقي الأصل ونسب إلى المكابراب لسكنته بها فقط.
• الشيخ عبد القادر المكي من أهالي المسيد .
• الشيخ عبد الواحد بابُكر شيخ خلوة ومسجد منطقة العكد، شمال الدامر ولا زال أبناؤه ذوي علاقة وطيده بالخلاوي في كل المناسبات، وخصوصاً ابنه عبد الله عبد الواحد شفاه الله وعافاه.
ومن أبناء الرباطاب:
• الشيخ حسين أحمد بديري – منطقة "كرقس".
• الشيخ محمد حاج نور الرفاعي "منطقة عتمور". والد الشيخ إبراهيم محمد حاج نور الذي أملأ علينا هذا التاريخ مفصلاً "حفظه الله تعالى".
• الفكى محمد صالح شمسون.
• الشيخ الحسين محمد صالح الحسين.
• الشيخ المحجوب حاج وداعة الله.
• الشيخ محمد الفكى أحمد العماس "عتمور".
• الشيخ يوسف كرم الله "الجريف غرب أبو هشيم".
• الشيخ حاج الأمين – "أبو هشيم" جزيرة "اماردي".
• الشيخ أحمد بشير شبث أبو هشيم جزيرة "مرو".
ومن غيرهم
• الشيخ أحمد الهكولابي – من قبائل شرق السودان – كسلا.
• الشيخ إبراهيم الفكي من الباوقة – التكاويين.
ولا يسعنى من الجهد ولا الوقت أن أُعدد تلاميذه الذين شربوا من عذب معينه قرءاناً مجوداً وعلوماً شرعية وأدباً وخلقاً جعلت منهم أقماراً تضئ بلادهم وقلوب أبناء المسلمين أين ما حلوا وحيث ما نزلوا فهم كالغيث حيثما وقع نفع. فكم نفعت بهم البلاد وصلحت على أيديهم قلوب العباد.

صفته:
وصف – رحمه الله تعالى – بأنه طويل القامة نحيف الجسم كثيف الشعر وخصوصاً شاربه ملثم( ) لم ير وجهه إلا نادراً جداً، أسمر اللون، مشلخ رأسياً على غير عادة الشايقية، مهيب الطلعه مع وقار، عالي الصوت ، قصير الخُطا لا يفرق بين رجليه إذا مشى.
شمائله:
عرف الشيخ محمد الفكى على – رحمه الله تعالى – بالتقوى وحسن الأخلاق وسماحة المعاشرة بين أحبابه وطلابه، عطوف على الضعفاء والمساكين، ناصر للمظلوم، لا يخاف في الحق لومة لائم، شجاع لا يعبأ بهيبة السلاطين أو الملوك بل يهابونه ويجلونه، يغضب إذا انتهكت حرمات الله وضيعت حدوده، تحل البركة والخيرات أينما حلَّ.
ينحدر العلم من فمه إذا تحدث، تحيرت واندهشت من غزارة علمه العلماء واستمع لحكمته جهابذة الحكماء، لا يكون كلامه إلا ذكراً ولا صمته إلا فكراً لا يُرى في غيرعبادةٍ قط. ولا تشغله سوى الطاعات.
قال عنه تلميذه الشاعر محمد على الفراش( ) شاعر بربر المادح المعروف.
قاهر الشيطان والنفس معا ولغير الله حاشا ما سعا
كم عثرنا وكم قال لسعاً( ) وقضى أيامه ..... متبعاً
شرعة الحق فيا نعم العمل
مستجاب الدعوة، وقد قال – رحمه الله - : ما سألت الله شيئاً وردَّني قط إلا أنّي أتأدب مع ربي إذ يبتلي بعض عباده لحكمة يعلمها جل شأنه فلا أتدخل بينه وبين عباده.
ومما يصدق ذلك ما أشار لشئ إلا تمَّ بإذن الله ولم يمس على مريض إلا شفي عاجلاً بحول الله وقوته. وقد شهد بذلك أعداؤه قبل أصدقائه، ومناوءيه قبل مُواليه0
وتواتر الأخبار بما حصل على يديه من الخوارق من شفاء المجذوم والمصروع ومعضلات الأمراض التى أعيت فطاحلة الأطباء.
ويصدق تلك الروايات ربيبه وتلميذه وابن أخيه الوحيد – وشاهد العيان – الشيخ محمد الحسن الفكى على في بعض مرثيته له التى قال فيها:
هيهات تهضم عزمه وجنابه حمُّ الشدائد أو مرور طوار
إن حلَّ وسط الجمع خلت كأنه أسد الشرى إذ جاء بالإبدار
ذو منطق عذب يعذب شهده عسل ويسكر سامعيه عقار
ما جاء ذو عجز وحلّ بربعه إلا ونادى أشكر بالإكثار
أبرى الجذام بمسه وتفيفه أحيا جسوماً صابهن ضرار

كما كان رحمه الله – مثلاً يحتذى في الزهد والإعراض عن حطام الدنيا وزينتها بل يراها من القذر. وقد ذكر ذلك كل من شاهدوه وعرفوه. وعلى رأسهم شاعرنا المذكور حيث قال :
سيان مستويان عند جنابه الجيف والفخر بالدينار
والله قسماً لست فيه بحانث ما مدَّ منظره لدار بوار

وبذلك أيضاً قال محبهم الشاعر الفحل محمد على الفراش:
وفجعت قبلك في أبيك الباسل المتبتل الصوّام
الزاهد الدنيا وزينة أهلها والطالب الأخرى بعز سامى
والخارق العادات كم من أمره عجبٌ كبرء المبتلى بجذام
وحليف سقم عزَّ نفع دوائه متنوَّع الأوجاع والآلام
أعيا تداويه الطبيب وحيّرت مراضه نسطاً من الأعلام
نال الشفاء بنظرةٍ من طرفه لله درُّ ملثم بلثام

وكان رحمه الله يتحدث في غرائب العلوم وعجائبها من علوم التاريخ وخصائص الأولياء وما أنعم الله عليهم به من كرامات الأحياء منهم والأموات 0
يتحدث عن بعض الأماكن الجغرافية التى قل من يعرفها من المتخصصين علماً بأنه لم يخرج من بربر قط ولا بعيداً عن خلاويه إلا بعض الكيلومترات قبل مغادرتها إلى بربر.
كما كان يتحدث عن علم الفلك وقد أثبت العلم الحديث الكثير مما أخبر به جلساؤه( ).
• يغشى عليه أحياناً عندما يسمع بعض المهرة بالقرءان الكريم( ).
موقفه السياسي من حكومة الإنجليز:
لقد ذاع صيت الشيخ محمد الفكى على حتى ملأ الأرجاء وأصبح ملجأً تقصده الوفود من طلاب وعلماء وأدباء وحكماء والأعيان من جميع القبائل والعشائر لما اتسم به من فضائل وقضاء الحوائج وإصلاح المهج والأرواح، فأثار ذلك حفيظة المستعمر الذي لم يكن يخفي الشيخ عداوته لهم لا يخشى في ذلك جبروتهم وقهرهم.
وقد لعب عملاؤهم دوراً عندما أبلغوا الحكومة بأن الشيخ يشكل حكومة بنفسه من سجن وقيد وتأديب ونحو ذلك وربما ينوي قيام ثورة كالمهدية. حسب زعمهم فاستدعاه الحاكم الإنجليزي بمركز بربر للحضور ليتم استجوابه. فرفض ذلك الاستدعاء لمدة ثلاث سنوات. وطلب الأعيان ببربر الحضور لدى الحاكم بدلاً عنه . وهم الناظر أيوبيه عبد الماجد وعبد العظيم بيه، وذلك لمعرفتهم بمكانته وعظيم قدره. فرفض الحاكم إلا أن يحضر الشيخ بنفسه. وظلَّ يكرر دعوته له. ولم يكن يستجب لطلبه الشيخ لولا أن أصرَّ عليه كبار أعوانه وأعضاء مجلسه. فاستجاب لطلبهم وتحرك شيخنا - رحمه الله - نحو مشرع العواضين بجاد الله، وكان يقف على ضفة النيل ثم يرجع ويقول : أنتو نقضتوا نحن نقضنا، ويرجع إلى المنزلة( ) بحلة جاد الله. فاستمر ذلك الحال لمدة (7) سبعة أيام ثم عبر النيل في اليوم الثامن ليلاً، وتبعته وفود أحبابه وأعيان المنطقة وكان برفقته أخيه الشيخ أحمد الفكى على ودخل على الحاكم أمامه فسأل المفتش أن البلاغ يقول أن الشيخ يسجن ويقيِّد ويؤدِب. فرد الشيخ أحمد بأنه يفعل ذلك لمن يرفض القراءة وممكن أن يتركه . فتعجل شيخنا محمَّد راداً على المفتش بكل شجاعة بأنى لا أتركه "وأسوى الدايره".
وعندما رآه المسؤول الإنجليزي ورأى من معه من المريدين والطلاب. أجلَّه وأهابه. ثم قال : الشيخ ضعيف لا يحتمل الوقوف وأشار إليه بالرجوع – فقال شيخنا : أنا قوي بحمد الله. ولن أرجع حتى أعرف لماذا أحضرتموني فاتجه نحو – الدكة ببربر – ومكث بخلوته بحوش حاج العالم( ).
وتحوّل نحوه المريدون من جميع البلاد. وكان ذلك عام 1913م. فأصبح له مجلس ينعقد كل يوم يحرص عليه الأعيان وكبار المسؤولين بمدينة بربر في مختلف المؤسسات الحكومية من تعليمية وغيرها. حيث كان ينعقد ضحىً بعد أن يطوف يومياً عقب صلاة الفجر من شمال بربر( ) وحتى خور الدكة جنوباً .
يكرم ضيوفه بمنزل أخيه الشيخ أحمد بمنطقة الخلوة( ) وأهدى إليه الشيخ أبرسي منازله "جوار منزل عبد العزيز فرج" ورفض شيخنا الإهداء دون ثمن فتم شراءها منه بمبلغ زهيد ليضعه أبرسي بخزنته تبركاً إلى وقت متأخر جداً( ).
وأظهر ذلك النزاع الذي أثاره أحد المدعين من مريدي الشيخ ممن غرهم الشيطان بعد وفاته عافاه الله وغفر له . فأثبتت المحكمة ملكيتها لأسرة الشيخ.
وهكذا ظلَّ الشيخ قبلة لقصاده يشير إليهم بما يصلح دينهم ودنياهم يوجههم ويرشدهم بنفائس النصيحة وغوالي الدر الثمينة.
زاره تلميذ والده ابن السودان البر الذي أصبح علماً، وهو مفتى الديار السودانية الشيخ الطيب هاشم المفتى، وقد طالب منه أن يقوم بتكاليف زواج شيخنا أحمد إسداءاً لنعمة القرءان الكريم الذي حفظه على والده الشيخ الفكى على فقال الشيخ – جزاك الله خيراً. أما الزوجة لم تولد بعد( ).
وفي أثناء إقامته ببربر حصل له من الكرامات ما شهد به الأتقياء والفضلاء من غرائب وعجائب حملتها صدور جيله الذين ما زال منهم بقية ضابطه ومشاهدة لبعض تلك الأحداث( ).
إدارته الخلاوي خلال إقامته ببربر:
عندما تحرك الشيخ من خلاويه لم يترك بها سوى ابنه الشيخ أحمد ووالدته رقية حاج على الذي يبلغ من العمر "22" إثنين وعشرين عاماً فقط – مع بعض الأعيان من جيرانه كأمثال الشيخ العوض "ود بقويا" والشيخ عبد الماجد الكميلابي وغيرهما ممن يشكلون السواعد اليُمنى لشيخنا الشاب أحمد محمد الفكى على إلا أن كل كبير وصغير من إضافة بناء أو أدنى من ذلك لا يتم إلا بإذن شيخنا محمد الفكى على من مقر إقامته ببربر.
وفاته:
كان شيخنا - رحمه الله – يتحرك كعادته فلم يلزم فراش المرض كثيراً حتى يوم الاثنين 20/يناير/1936م وعقد مجلسه المعهود، رغم نحول جسمه.
وقد تحرك لزيارته شيخنا أحمد ومعه شيخ الخلوة الشيخ العوض "ودبقويا" فوصلا إلى بربر عقب صلاة المغرب ولكن لم يدخل على والده حتى ساعات متأخرة من تلك الليلة ، فعندما دخل عليه وجد الناس على سريره وهو في الرمق الأخير محتضراً. فهب المحتضر جالساً وقال : من هذا؟ فقيل له : شيخنا أحمد ثم استلقى مرة أخرى لتخرج روحه الطاهرة رحمه الله إلى رضوان الله إن شاء الله في فجر ذلك اليوم.
وقد قيل أنه غسل ببربر وعندما طلب غطاء ادعى أمين مخازنه أن الشيخ لا يملك شيئاً، حتى ما يغطى به من الثياب( ). فخلع شيخنا أحمد ثوبه ووضعه على والده، وعندما رأى ذلك الشيخ عبد الرحمن المرضي – ابن عم شيخنا محمد – خلع هو الآخر ثوبه وألبسه شيخنا أحمد و"ابن أخيه"، وقد امتلأت الساحات بجموع المحبين والمريدين وضاقت بهم الشوارع والدور. فتحرك نعشه المبارك نحو مشرع العواضين بجاد الله إلى خلاويه تشيعه حشود الباكين الكل ينتحب نحيباً، وكان يتقدم الجثمان شيخنا أحمد ليغسل( ) مرة أخرى بخلوته ليدفن حيث أشار إلى ذلك القبر إلى تلميذه النجيب الشيخ العوض ودبقويا( ) أي سفح الجبل. لتنطوى صفحات كتاب عامر كتب أسطره بماء الذهب. قرأته أيام دهر ولطالما افتخرت بمثلها حيث كانت آخر حروفه في الثلاثاء شهر شوال 1355ه الموافق 21/يناير 1936م – حيث كان يوماً قاتماً اضطرب فيه الناس وسمعت أصوات دوىّ غريبة( ) فلتهنأ سيدي برياض الجنة بإذن الله.
وقد رثاه أحباؤه وطلابه ومريدوه بدموع الأسى وبالغ الحزن حيث يظهر ذلك جلياً في كلماتهم التى
وقد رثاه أحباؤه وتلاميذه رثاءً قل نظيره نقرأ من خلال كلماتهم حبَّه الذي تيمهم وعطفه عليهم عطف الوالد على صغاره، وأخلاق المربي ووقاره. وعلى رأس أولئك الشاعر محمد على الفراش الذي سبقت الإشارة إليه. وقد سكب دموع الأسى في هذه القصيدة التى يقول فيها:
خبرى بانفس( ) فالخطب جلل هل يطاق العيش من غير أمل
أنت يا صاح( ) إن شئت فسل كيف حالي عندما خرّ الجبل
كنت في روع( ) ومثلي لم يزل
ذهب الشيخ فيا طول الألم حبذا يا ليل عين لم تنم
تسكب الدمع على الخدين دم يالعرب البئر( ) في غرب السلم( )
وقف الوابل( ) والوقت محل
ودعي يا نفس أحلام الصبا والزمي الحزن كذا والغضبا
واذهبي في الفجر يا ريح الصبا واحملي منى سلاما طيبا
لأبي أحمد في سفح الجبل
قاهر الشيطان والنفس معا ولغير الله حاشى ما سعا
كم عثرنا ولكم قال لعا وقضى أيامه متبعا
منهج الحق فيا نعم العمل
أنا يا شيخى كما تعهد بي لم أزل أرعى زمام العرب
قسما لو خيروني بالنبى( ) كنتُ أفديك بنفسي وأبي
لو رسول الموت يرضى بالبدل
يا لماضٍ في لقاءٍ ما نبأ بطبيب الناس والوقت وبا( )
إيه يا هدهد جيئنى من سبأ علَّه ينعشني بعض النبا
أيّ هام لبست تاج الرجل( )
إنه أحمد هذا ما أود إن أكثر الميراث من حظ الولد
كيف لا والشبل من ذاك الأسد صانك الرحمن من عين الحسد
كن لنا كالشيخ مقداما بطل
هاك يا أحمد جدٌ وولا إشرب الدن فما أحلا الطَّلا
واملا البلدان نفعاً للملأ نحن لا نرضاك بالشمس علا
ومقام الشيخ أسمى من زحل
كما رثاه أيضاً من تربى بين يديه ابن أخيه الشيخ محمد الحسن أحمد الفكى على بقصيدته التى حكى فيها كرم ربه عليه من عظيم الفضائل وسمح الشمائل بعد أن بكى فيها بالحسرة والأسى على فقده العظيم فقال رحمه الله تعالى :
دمع التأوه في المحاجر جاري ينهل مثل الهاطل المدرار
أسفاً وحزناً لا يزال مضاجعاً لفؤادنا في ليلنا ونهار
نزل البلاء بنا وحل بربعنا وأذاقنا طعم المنون( ) الهار
البين صاح وطاف حول خيامنا وسطا علينا الدهر بالأطفار
أعنى السماح بذي الصلاح مشيد النهج القويم لساير الأقطار
مَن لو فى الكون أسفر وجهه لأنهالت الهالات بالأقمار
أستاذنا الشيخ محمد طودنا وعمادنا في دهرنا المضرار
بالأمس كان مخاطباً بمقاله واليوم حلَّ لربع تلك الدار
يا عينى مالي أرى لك مقلة تنهل مثل تزاحم الأمطار
مالي أرى كل الرؤوس خضَّعاً مالي أرى كل الوجوه غبار
رزءٌ عظيم قصَّ زهرة دوحة كنا نشم نسيمها المعطار
هيهات تهضم عزمه وجنابه حمُّ الشدائد أو مرور طوارى
إن حلَّ وسط الجمع خلت كأنه أسد الشرى إذ جاء بالإبدار
ذو منطق عذب يعذب شهده عسلاً ويسكر سامعيه عقار
ما جاء ذو عجز وحل بربعه إلا ونادى الشكر بالإكثار
أبرى الجذام بمسه وتفيفه أحيا جسوماًصابهن ضرار
سيَّان مستويان جنابه الجيف والإفخار بالدينار
والله قسماً لستُ فيه بحانثٍ ما مدَّ منظره لدار بوار
يا ربّ أجبر كسرنا بفقيدنا واربط قلوباً حرّهن شرار
واعبق شذاه بأريج نسمه جنةٍ تجري دوماً تحتها الأنهار
وتوّل تالية( ) بخبر وفادةٍ يسلك بهم نهج الطريق الساري
وصلّ ربّ على المختار سيدنا ما صَبّ دمعُ حزين دانى الدار

وقد تبارى الشعراء من أحبابه وتلاميذه في رثائه وبكائه ينظم كل منهم دراً غالياً ونفيساً، ومعظمهم بالشعر العامي الجيّد، الذي يعبر عن صدقهم وإخلاصهم لشيخ الشيوخ فريد عصره وقطب زمانه ولكن قصدنا أن نلمح إلى بعض الذين لم يعرفهم الكثيرون من المعاصرين كما قصدنا الإشارة إلى ما يتمتعوا به من ملكة شاعرية ومتانة أسلوب ورقة تعبير مع دقته ورصانته.
نوَّر الله أضرحتهم ورفع درجاتهم بقدر ما أخلصوا وعبروا به.


الفصل الثالث
الشيخ أحمد بن محمد الفكى على "ابن الملثم"
نحاول فيما يلي أن نقف على بعض من شواهد تاريخ صاحب الوقار والأدب جاني ثمرة تقوى أبيه وحاصد زرع جدَّه فهو فرع من أصل طاب بفخار الأجداد وبناء العباد من لم يكن إرثهم عرضاً زائلاً ولا حطاماً تفنيه يد الدَّهر. أعني الشيخ أحمد رحمه الله تعالى من وصفه يحلو بما يلي:
سمح الخصائل من نشا والجود فيه محوشا
مطر البطين والرشا( ) للظامئين والأَجهد
وكذلك وصف ثروته وميراثه من أسلافه يندر بين الورثاء والمورثين : فهو
ميراثهم عينٌ وقاف( ) وبذل مالٍ من سلاف
وعطاؤهم خاطى الكُلف للقاء يوم المشهد( )
ميلاده ونشأته:
ولد الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الفكى على في عام 1310ه ونشأ وتربى وتعلم على يد والده لم تثبت له هجرة قط لطلب القرءان والعلم. ومع هذا كان بحراً لا تُحدَّ شواطؤه ولا تنضب نفائسه وجواهره وقد انقطع نظائره في الحفظ والتجويد متقضاً للفقه. ذو أدب يقصر عنه الوصف الممتاز، وخصوصاً مع والده الذي لم تسمع منه غير شيخنا. مما يدل على أنه لا ينظر إليه بعين الأبوّه فقط وإنما القدوة والأسوة الحسنة مما أكسبه جميع بركاته وكل سماته وكريم صفاته. فلله درُّ واصفه حيث قال عنه:
مما فصلت من الرضاع لين العريكة والطباع
ذكراك عمّت للبقاع والدرس ليك بيشهد
كما عرف بالصمت إلا بما يرضي الله تعالى ويصلح عباده. فإذا تكلم قوىّ العبارة وإذا أشار لطيف الإشارة، لا تخطأه الحكمة في قول أو فعل يحب الضعفاء، رحيم بالمساكين، عطوف على المسلمين. شفوق بالطلاب والمريدين. يتدفق ودَّاً نحو أحبابه. فو الله ما كذب ولا تعالى شاعرة عندما نظم قائلاً:
إن جالدتك( ) مصائب وسط عدوٌ رائب( )
فالزم لأحمد نائب( ) تلقى بساحته الهنا

إن جيت ليلاً زائراً تلقى بساحته القِرى
كهف المساكين لم ترَ واللآجئين في الأزمنا

المعوذين( ) ببابه دوماً مع طلابه
يرجون فضل جنابه من رفد( ) كفه الأيمنا

في ظلِّه القرءان درس والفضل كله قد غُرس
لاشك هذا من إرث آبائه أستاذنا

مجدٌ عظيم تالد( ) قد حازه من والده
لاشك هذا خالدُ في الآخرة ثم الدُنا

خلق أرق من الصبا وهدير زهرات الربا
حاشاه سيفٌ ما نبا عند الخطوب ولا ونا
زواجه:
تزوّج رحمه الله تعالى من الحاجة : آمنة على النمير بعد عمر بلغ السبعة وأربعين عاماً، وكانت تلك الزيجة بإشارة من والدته رحمها الله تعالى، وقد أوصت بها المرحوم أحمد حاج محمد – وهي عمته – وكان ذلك بحضرة إبنها شيخنا أحمد بنفسه رحمهم الله جميعاً.
وكان زواجه بعد وفاة والده ووالدته بنحو عامين حيث كان ذلك الزواج المبارك في 1357ه / 1938م.

بناته وأبناؤه:
1/ أولهم الفكى محمد – سمي على جده – توفي ولم يكمل عاماً ونصف عام.
2/ حاجة : زهراء توفيت 11/2009م بجمهورية مصر ودفنت جوار والديها بالحلفا.
3/ حاجة : رقية – أطال الله عمرها – وسميت على جدتها أم والدها "أم الفقرا" تزوّجها المرحوم حاج عبد الوهاب محمد أحمد من أهلها بالشايقية ولم ينجب منها.
4/ توفي بعدها ولدان في طفولتهم.
5/ حاجة : فاطمة إتوفيت في أبريل 2012م0
6/ حاجة : عائشة توفيت وهي طفلة.
7/ الشيخ : محمد الأمين المتوفى في 4/2010م، وسنفرد له فصلاً كاملاً بإذن الله تعالى.
8/ الشيخ : على أطال الله عمره وحفظه وأولاده المولود في 1957م.
9/ الشيخ : إبراهيم أطال الله عمره وبقاءه الذي ولد في 1959م.
10/ الحاجة : سكينة التى لم يرها الناس منذ طفولتها الأولى وحتى الآن.

رحلاته خارج الخلاوي:
لم يخرج رحمه الله تعالى منذ توليه رعاية الخلاوي منذ خرج والده إلى بربر في 1936م سوى ثلاث مرات فقط.
الأولى: عندما زار والده الشيخ الطيب هاشم المفتى ببربر وطلب المفتى زيارة شيخنا أحمد بالخلاوي. فقال شيخنا محمد سيأتيك هنا فجاء شيخنا أحمد لمقابلة الشيخ الطيب ببربر مع والده.
الثانية : قبل وفاة والده بيوم حينما علم بتأخر صحته ليحضر وفاته ببربر الدكة.
الثالثة: وهى الأخيرة عندما خرج حاجاً بيت الله الحرام برحلة بدأت من خلاويه مروراً بالخرطوم وإلى المملكة، ثم العودة عن طريق بورتسودان وإلى الخلاوي مباشرة وكان ذلك في عام 1968م.
عمله بالخلاوي:
لم يكن يشغل شيخنا أحمد سوى تربية طلابه وقضاء حوائج أحبابه يدير شؤون عيشهم إدارة محكمة لا يفرط في حقوقهم ولا يهمل أدنى أمورهم، يعمل على راحتهم ولا يكلفهم بما يتعارض مع دراستهم، ولا يكون ذلك إلا لمن يرغب منهم في ذلك.
يجلس مع ضيوفه وأذنه وروحه مع طلابه يصوّب مخطئهم، ولا يبارح جلوسُه مرأى ومسمع تلاوة القرءان الكريم.
يكرم زواره في بشاشه له هيبة العظماء وليس ذا سلطان يشتفي بلحظة المرضاء، ويعز إلى جنبه الأذلاء ويتواضع عنده الشرفاء، وكان يقوم بزراعة مشاريعه بالجزاير حول المنطقة، كما يزرع العتمور في كل موسم، وكل ذلك بتدبير محكم. وتخطيط سليم شأنه في ذلك شأن المتخصص وليس كذلك.
بعد عام 1946م عام الفيضان الذي كاد أن يضر بالخلاوي قام بناء الخلاوي بكاملها من سكنات طلاب وقرءانية وتكايا وضيافات في الناحية الغربية من الخلاوي وشرق حلة الخيراب – ولم يحتج إليها – حيث استقلت داخليات لطلاب المعاهد لاحقاً.
• حدَّد المساحة التى أقيمت عليها المعاهد حالياً وكان ذلك بحضرة العمدة مصطفى عمر الفقير.
• بدأ تأسيس المسجد الجامع الذي لم يكمل إلا بعد وفاته رحمه الله تعالى.
زهده وورعه:
لم تعرف الدنيا إليه سبيل ولم يعرفها ولا زينة أهلها لا يمسك بيده المال قط، وإذا ما أعطى هدية لبعض الأشراف يمعك يده بعدها بمكان جلوسه وكأنه ينظفها من دنس النقود. لم يره أحد من طلابه في مأكل ومشرب قط سوى شاي "تقيل" صباحاً ومساءاً.
له غياران من الملابس أحدهما يغسل والآخر يستر بدنه، ولا يغسلهما غيرُ تلاميذه المقربين منه.
يعرف مقاس ملابسه الخليفة المرحوم أبشر سليم( ) ويأتي بها من أروما بكسلا "حيث كان يقيم هناك".
وفاته:
لازالت حياة شيخنا أحمد كتاباً تلألأ أبوابه وفصوله بحروف من ذهب، من أولى صفحاته وحتى آخر سطر منه، حيث اختاره تعالى لجواره حيث روضه والده بإذن الله بسفح الجبل في اليوم ذو الحجة 1390ه الموافق فبراير 1971م ليخرج من الدنيا ولم يعرفها ولم تكن تعرفه. وقد تبعته دموع أحبابه وطلابه الذين فقدوا طيب العيش ولذة الحياة في ذلك الموقف الذي نزفت منه قلوبهم فيه، وسكبت فيه عيونهم دماً، وودعت نفوسهم أحلام الصبا وسكرت عقولهم وعمّيت أبصارهم. كما قال ذلك محبه وراثيه حينما جُدِّدت للشاعر محمد على "ود الفراش" مصيبته في والده بفقد إبنه وخليفته الذي كان سلوه به بعده فلله دره حين أنشد ناعياً:
نعى أثار مكامن الآلام والقول في المذياع قول حذام
كم ذا فقدت الصبر عند سماعه وسبحت في بحر من الأوهام
وإذا المنية قد مضت بأحبتي فالأمر أمر مسير الأحكام
يا أحمد بن محمد نسل الأولى أهل التقى والبِّر والإكرام
كنت المجاهد في حياتك كلها للنفس حتى جاوزت كل مقام
وسلكت منهاج النبي المصطفى في الفضل والأخلاق والإقدام
ولقد جبلت( )على السماحة والندى للقاصدين الخير والأيتام
والوافدين عليك من أهل القُرى والقاطنين سوحك المترامي
ماذا أقول وعن رثائك قاصر شعري ولا يحصى ثناك كلامي
أوليتني رفقاً كأنك والدي وشفيتني بالله من أسقامي
وفجعت قبلك في أبيك محمد الباسل المتبتل الصوّام
الزاهد الدنيا وزينة أهلها والطالب الأخرى بعز سامي
والخارق العادات كم من أمره عجبٌ كبرء المبتلى بجذام
وحليف نفع عزّ نفع دوائه متنوع الأوجاع والآلام
أعيا تداويه الطبيب وحيرت أمراضه نسطاً من الأعلام
نال الشفاء بنظرة من طرفه لله درُّ ملثم بلثام
والآن قد جددت فيه مصيبتي فالقلب من ألم الفجيعة دامي
يا أحمد يا خير أهل زمانه عند النوائب أنت كالدرغام
ليت المنية أبدلتك بمهجتي وفدتك من ناب الردى أيّامي( )
منى إليك مع النسيم تحيتي وتشوّقي وتلهفي وسلامي
وعليك رضوان الإله بقدر ما أسديت من فضل ومن أنعام

وهكذا كان أحبابه وطلابه يحبونه إلى حد الثمالة ويعشقونه إلى حد الغزل. فبذكره كانت تطيب مجالسهم وبمآثره تعمر وتحلو مسامرتهم. فإليك جانباً آخر من ذلك:
قمري الأراك غننا * من صدحك المتفننا
شنف لسمعنا إننا * أسرى عريب المنحنا
يا نازلاً بالابرق * حسمت سيوفك مفرقي
ما بال جيدك مشرقي * يطفى العيون من السَّنا
هلا ذكرتَ قتيلكم * بين الربوع ونزيلكم
سهران يرقب ليلكم * أرثو لحاله والعنا
إني بكم صبٌّ( ) هوى * وبرانى تبريح الجوى
ما بال قلبي باللوى( ) * يرنو( ) لمن يك قد رنا
هذا هو الجبل العظيم * هذا هو الحبر الفخيم
هذا سراط مستقيم * من زاره يلقى المنا( ).
أهم تلاميذه:
لقد حفظ على يد شيخنا أحمد – رحمه الله تعالى – المئات من لا يستطيع كاتب عدَّهم ولا يمكن لطي صفحات شملهم. فمنهم من جاءت به سمعة شيخنا من خلف حدود هذا الوطن من بلاد أفريقيا وغيرها من بلاد العجم والعرب.
ولكن اختصر هنا على بعض الأعلام الذين أسعفت بهم ذاكرة من أخذت منهم هذا التاريخ بالتركيز على من أكملوا على يديه الحفظ مع ما أفاض الله عليهم من بركته وأدبه وخلقه المصطفوى.
فكلهم أعلام لا تخطأهم عين أينما حلَّوا وحيث ما عرفوا شيمتهم العلم وعنوانهم التقوى يتقدمون الصفوف أينما يوجدون. بفضل ما تعلموه من فيض هذا البحر المتلاطم الأمواج من حسن الشيم وعوالي القيم، فطوبى لهم جميعاً فمنهم من بدأ على والده ثم أكمل على يده، ومن أولئك بعض الذين ذكرناهم في تلاميذ شيخنا محمد الفكى على.
أما من تلاميذه بدءاً وانتهاءاً. فعلى رأسهم راوي معظم هذه الأخبار، الشيخ إبراهيم محمد حاج نور.
ذلك المخلص الصفي والتلميذ الوفي، من سقاه الحبَّ فيهم كأساً رويّاً وصنع منه شابَّاً تقياً، من رأى شيخه رؤية الصدق. إذا حدثك تتدفق منه عبرات الروح والريحان، وتفوح منه كلمات الودّ والحنان. فتجد قلبه يعبَّر قبل لسانه ويكتب وجده قبل بنانه.
يحفظ قصصهم ويروي تاريخهم رواية تسوقه ولا يسوقها، لا يريد النهاية إذا بدأ حكايته بضبط الكلمة والتاريخ ضبطاً لا يتكلفه. تزرف دموعه في بعض المواقف، بينما يتبسم في أخريات.
وممّا لاحظته عليه حين يحكى عن شيخيه لا يقول – رحمه الله – ليس إنكاراً بقدر الله، ولكن كأنَّه بين يديه. ماثلاً بحضرته.
جاء راويتنا هذا للخلاوي في حوالي 1941م. أكمل حفظه جيّداً في العام 1946م عندما قدّمه الشيخ إماماً حيث كان لا يصلي بالناس إلا من أكمل الحفظ، ثم أخذ يدرس الحيران، ويكتب المصاحف على رواية الدوري.
وظل في خدمة شيخه لا يبارحه حتى طلب الإذن بسبب ظروف والده وكبر سنّه. فقال الشيخ : "والله ما قايل بعد هذه المدّة القضيته معاي بشوفلك أهل غيري".
وكفى بها من قرابة.
فقال راويتنا : يا شيخنا أجعلني كأحد طلابك بالخلاوي متى طلبت مني سأحضر فأذن له الشيخ، وظل التلميذ وفيّاً حتى لحظتنا هذه. أمدَّ الله في عمره وبقائه وهو يناهز "85" خمس وثمانين عاماً من عمره. وهو من مواليد عام 1926م بقرية عتمور بمنطقة الرباطاب.
2/ الشيخ السيد محمد سالم من قرية الحافاب شمال بربر.
3/ الشيخ محمد محمود من أبناء البني عامر شرق السودان.
4/ الشيخ محمد عمر – رحمه الله – بنى عامر صاحب خلاوي كبرى بحلفا الجديدة.
5/ الشيخ أحمد محمد على من أريتريا "منطقة كرن".
6/ عبد القادر إبراهيم "طوكر" شرق السودان.
7/ محمد على فارسي "شرق السودان".
8/ محمد نور من بنى عامر له مجمع إسلامي بأريتريا.
9/ الشيخ عبد القادر أحمد سومى ، درس بالخلاوي ما ناف على الخمسين عاماً حتى دفن بجوار شيخه 1988م، كان متبتلاً من أرض الجعلينن "التميراب غرب الدامر".
10/ الشيخ الشبلي أحمد بابكر، إمام وصاحب سجادة بالبجراوية ريفي شندى.
11/ الشيخ آدم عبد الحليم، من منطقة العيسياب شرق.
12/ الشيخ عبد الكريم يوسف كرم الله، من الجريف الرباطاب، غرب أبو هشيم.
فهذا يسير من كثير وغاية وصفهم أنهم كلهم نجباء وسادة فضلاء كما وصفهم الشاعر:
بالفرقدين( ) مقامه * والدِّين حاز وسامه
بين الملأ أعلامُه * بالذكر دانية الجنا
أعطا الإله سبحانه* وحباه من قرءانه
بين الورى حيرانه * أعلام هدى الأزمنا( )

الشيخ محمد الحسن بن أحمد الفكى على:
توقفت وكان حقاً علىَّ أن أتوقف عندما يبدأ القلم صريره ليكتب تاريخ عَلَم وعالِم شاعر وله من الصفات التى قلما تتوفر بين أبناء جيله وأقران زمانه. ثم يحتار مثلي في أي عناوين هذا البحث أضعه. وهو الأوْلى بكل صفحة من هذه الصفحات، فإن كان الحديث عن الأسرة فهو إبنها من صلبها ورحمها وإن كان عن أعلامها وتلاميذه فهو الأكثر حظاً دون غيره سابقين له أو لاحقين.
ففي عَلَمنا هذا تجتمع خصال تميزه عن أفراد الأسرة الكريمة. ومريد وفي ومحبٌّ صفي تفجرت ينابيع قلبه فتدفقت عبر كلمات لم يجود بمثلها الزمن فريدة في مفرداتها ونظمها.
فمزيج شخصيته وخاصيته يجعلني أفرد لسطوره تقسيماً مختلفاً عن سابقيه.
أولاً نسبه:
هو ابن الشيخ أحمد بن الفكى على وله أخ غير شقيق للشيخ محمد الفكى على مؤسس الخلاوي بالحلفا.
ثانياً : ميلاده ونشأته:
ولد الشيخ محمد الحسن بمدينة بربر – الدكة في عام 1908م توفي والده وهو صبيّ، أشرف على تعليمه ابن عمّه الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الفكى عندما أمر بدخوله الخلاوي بالحلفا الشيخ محمد الفكى على بنفسه حال إقامته ببربر. فهكذا ترعرعت شبيبته ونمت تحت رعاية الله سجيته ورويت من رصيف التقوى منازعه. فشبَّ عفيفاً تقيَّاً نظيفاً فعمَّه يلحظه وابن عمَّه وشيخُه يحفظه فيا حسن شباب بين عين لاحظه ويدٍ بعون الله حافظه.
ثالثاً : حياته العلمية:
حفظ القرءان في مقتبل عمره برواية الدوري لم يهاجر لطلب القرءان الكريم. مشغوفاً بقراءة الشعر والأدب العربي، يحفظ معلقات ودواوين الكثيرين منهم، نحوي عالماً بفن الإعراب وقواعده ومجود لألفية ابن مالك حتى أصبحت الفصحى سليقته. حافظ لمتون منظومات التجويد كالجزرية ونحوها.
يجيد مسائل الفقه باباً باباً "خصوصاً المذهب المالكي" كما يمتع سامعيه إذا تحدث عن السيرة النبوية وتاريخ السلف من الصحابة وغيرهم من الأئمة والتابعين.
فغاية ما أقول عنه أنه بحر زاخر بالعلم والمعرفة مع أدب ووقار كساه هيبة تتقدمه وسماحته تجلله وملاحة تجمله.
كان يفكر ملياً في الهجرة إلى الأزهر الشريف ولم يكتب له ذلك.
رابعاً : حياته السياسية:
لم يكن بعيداً عمَّا تصنعه الأحداث السياسية في عصره وأهمها بعد أن نال السودان استقلاله في 1956م وأيام الديمقراطية الأولى. فقد كان المقرّب جداً لدى زعيم الحركة الوطنية مولانا السيد على الميرغني. فلا تنعقد أهم جلسات القيادة للحزب الاتحادي الديمقراطي إلا بحضرته وأخذ مشورته. كما كان يقود الوفود إلى أقاليم السودان المختلفة بتوجيه شيخ الطريقة الختمية وراعي الحركة الوطنية يتحدث باسمه وله إجازة منه في تلقين بيعة الطريقة وقد سلك على يديه مما لا يحصى عدّهم من مختلف جهات الوطن.
وقع اختياره بلا منازع ممثلاً للدائرة في إحدى فترات الديمقراطية. فلم يثنى على ذلك الاختيار مربيه وابن عمه وشيخه الشيخ أحمد الذي عهد إلى نفسه عدم مخالفته فرفض ذلك الاختيار عندما لم يوافق عليه شيخه.
كان عضواً بمجلس حاكم الإقليم الشمالي إبان فترة حكم الرئيس جعفر نميري.
خامساً : عمله بالخلاوي:
بدأت حياته ركناً يمانياً منذ أن كان شاباً في مقتبل عمره وفي حياة شيخنا محمد الفكى على، ثم تفرغ رسمياً عندما استلم مقاليد الخلاوي ورعايتها كاملة شيخنا أحمد محمد الفكى على في العام 1936م لا يبارحه في صيف أو شتاء ينفذ إشارته ويحسن إستشارته في كل شؤون أحبابه وحياة طلابه.
• أشرف على تأسيس مسجد الخلاوي الجامع حتى تم إفتتاحه ثم تولى الخطبة فيها عشرات السنين.
• أبلى في تأسيس المعهدين المتوسط والثانوي بلاءاً حسناً وقاد حملة قوية مع بعض مسؤولي التعليم الديني في نظام مايو حتى تم الله له ومن معه القصد فتأسست على خير حال وأدَّت رسالتها كما خطط لها( ) والحمد لله.
سادساً : شاعريته:
لم أكن مغالياً حينما قلت فريداً بين أعيان أسرة ود الفكى على. إذ الأسرة عرفت بفن التجويد ومتانة الحفظ والتزوّد بعلوم الشرع ولم تذكر لها علاقة بفن الشعر وصناعته وهذا ما جعلني أقول مميز بينهم. فضلاً عن تفرده بين الشعراء في عصره بمدرسة لم تعرف لغيره. من مزج لعبارات الفصحى بشئ من الدارجة في أسلوب طريف وتعبير لطيف. ويُلمح ذلك في كثير من قصائده في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو آل بيته الأطهار وخصوصاً مدائح السادة المراغنة – رضي الله عنهم – وكذلك تتجلى فصاحته وبراعته حينما يتحدث بحبه لشيخه الذي تيمه وملأ أحشاءه يخاطب وجدانه ويغازل روحه مما يدهش الألباب ويطرب الأحباب، ومن ذلك قوله في المدح النبوي.

الفصل الرابع
العارف بالله / الشيخ محمد الأمين أحمد الفكي على
لقد اعتمدت في كل ما كتب من صفحات سابقه على رواية المخلصين الذين رأوا وسمعوا أولئك الأكابر من هذه الأسرة الكريمة متلمساً المتواتر من أخبارهم علي لسان الحافظين لتاريخهم ومواقفهم المختلفة والمجودين لصفاتهم الخلقية والأخلاقية .
أما في هذه السطور فسيكون الكثير منها رواية شاهد العيان لحقبه تزيد على العقدين من الزمان , فهي رواية من تربي تحت أقدامه منذ باكوره العمر وأيام الصبا – حينما كان رحمه الله تعالي في ريعان شبابه وجمال ثيابه الأول حيث تملأ تلك الفترة – أيام طفولة تحت أقدام والد رحيم – ثم طالبيه بين يدي مربي بارع وأستاذ يجيد فن التربية في شتي مناحي المعرفة . ثم صداقة لم أعرف لها حدوداً لأعبر عنها. فلذا تجدني أتلعثم إذا وددت القول وربما لا يطاوعني قلمي إذا أردت الكتابة . متحيراً من أي الأبواب الدخول ومن أي الطرق يمكنني الوصول ، حتى أدون لهذا البحر الزاخر والفريد بين أقرانه شهامة وكرامة وحكمة ، وشجاعة تفوق الوصف .
وحتى لا أسهب قائلاً في مقدمتي هذه . ما سأكتب لا يمثل إلا قطفات من بستان مترامي الأطراف . يحوى صندوق الثمار الكل يأخذ منه ما يشتهى.
ميلاده :-
ولد رحمه الله في 10/1953م بعد عدد من البنات – وبميلاده رحمه الله – فرحت جموع المحبين – وحمل بعضهم إلي بعض البشرى . عندما كان يخشى الكل على مستقبل الخلاوى بعد أن تقدمت السن بشيخنا أحمد رحمه الله ولم يولد له ولد ذكر ، واشتد ذلك عليهم عندما ألمت به وعكة ظن الكثير ممن حوله أنه سينتقل . فكانت عناية الله إن جاء ولي العهد ليطمئن الخائفين ويثبت قلوب المريدين – والحمد الله .
نشأته وتعليمه :-
نشأ تحت أقدام والده لايبارح قرءانيته عندما وصل سن التعلم . فمن حينها سكن وسط الطلاب المهاجرين بالخلاوي يأكل مما يكلون وينام كما ينامون لا تميزه بينهم سوي كرم الخلق وحسن السّمت .صغير السن كبير الفهم . ومن ذلك أنه لا ينظر لوالده ولا يمر بين يديه .
لا يبارح لوحه. فهكذا شيمه حتى آلت إليه خلافة والده وهو ابن السابعة عشر من العمر . فتحمل أمانته رغم صغر سنه تحمل العارفين وقام بأداء مهمته بأحسن مما كان يتوقعه المريدون .
يرشد طلابه ويوجه أحبابه نحو منهج السالكين ويصلح المتخاصمين ، وينصر الضعفاء والمظلومين .
وصفه :-
طويل القامة ، اسمر اللون ، جسيم وسيم لا يطيل اللحية ، لا يرتدي العمامه في اغلب أوقاته وخصوصاً إذا كان بمسجده ، لا يلبس غير بيض الثياب . ضخم الصوت واسع الصدر عريض الوجة يميل للدوران . أعسل العيون أوسعها .
أخلاقة وسماته :-
مليح يميل إلي الدعابة في اغلب أحيانه ، يوقر الكبير ويمازح الصغير ، تعلو وجهه البسمة دائماً ، وقور إلي حد المهابة أبيٌ إلي حد الصلابة إذا دعته المواقف ، لا يهاب حاكماً لسلطته و لا يحقر مسكيناً لذلته ، لا يفارق لسانه الذكر ولا تبارح آنامله مسبحته ، شغوف بالعلم يحب طلابه ويجل أساتذته ، يقدمهم على غيرهم في مجلسة , يصفح عن الزلات ويقبل العثرات غيور على أحبابه ، صبور عند مصابه ، تقيُ ورع لا تدانيه الشبهات ، يغضب إذا انتهكت الحرمات . لا تقابله النساء و لا يمر بطريق يخشي فيه رؤيتهن . كثير البركات مستجاب الدعوات ، فطن لا تخطاه الحكمة ، لماح إلي خفايا الأمور وتتجلي براعته في مجالس الصلح يصمت حين يثور الخصوم .
فسألته ذات مرٌة . أراك تسكت حينما تكاد تتشابك أيدي المتخاصمين ويغلب علي ظن الحاضرين أن ثورتهم لن تهدأ أبداً ؟
فقال : كل منهم مشحون صدره بغيظ يتمني افراغة فإذا خرج ذلك من صدره ارتاح وأصبح جوفه فارغاً ، يقبل ما وجه إليه .
ولذا كان تحل على يديه عواصي الأمور بين القبائل والإفراد ، كما في الأرض الزراعية بين الجول والباوقه ، والأهل بنهر عطبره – وأما قضايا الرقاب فلا حصر لها فضلاً عن غيرها من الخلافات التي خمدت حرارتها بفضل الله على يديه . يكرم ضيوفه في شهامة وطلاقه وبشاشه يقضي حاجاتهم ويصون أسرارهم .
اهتمامه بالشباب :-
يولي الشباب إهتماماً بالغاً يجالسهم بلا ملل . فتجدهم يحبونه لما يجدون فيه من حسن التعامل ولين الجانب ، فيألفهم ويألفونه ، تشقله همومهم ومستقبلهم الاجتماعي وشأنهم العلمي والثقافي والرياضي فكثيراً ما تجده يشاركهم الرأي والتكاليف في ذلك ، فكونت على يديه – الروابط الطالبيه والاتحادات الشبابية والاجتماعية .
فأولها :– رابطة طلاب وخريجي مجمع ود الفكي على بالجامعات والمعاهد العليا ، التي احتفلت به في عام 1993م بدار اتحاد جامعة أم درمان الإسلامية بحضرة عميد الطلاب البروفسير يوسف سليمان .
ثانيها :-اتحاد شباب قري ود الفكي علي بالمنطقة .
ثالثها :- اتحاد المرأة بقري ود الفكي علي
رابعها :- مجلس العرب الرحل بالولاية الذي انعقدت له عدة مؤتمرات بالخلاوي في عام 2006م حيث كان يجرى العمل فيه بخطه محكمة لتحقيق أهداف سامية في خدمة شؤونهم وحل كافة قضاياهم الاجتماعية وخدماتهم الأساسية من تعليم وتوطين إلي جانب مشاريع الإعاشة وقد استلم تلك الخطة الأخ الوزير الدكتور محمد المجذوب مفوٌض الرحل والمناطق الأقل نمواً بالولاية .
ثم لم تسمح ظروف الشيخ الصحية بمواصلة تلك المسيرة . فكان رحمة الله لا يعرف السكون عن التفكير والتفكر –هميم نشط ، لا تهضم عزيمته بلايا ولا محن بل يتحدى نوائب الدهر ، حريص علي الوعد وفي بالعهد شفوق تسيل دمعته من شدة رحمته بخلقه ، تبكيه مفارقة ألأحبه ودود في معاشرته سهل في معاملته ، يشاور أصحابه ، ولا يقطع أمراً دونهم . يسهر ليله فكر وذكراً ، ويقضي نهاره حمداً وشكراً ، بين استقبال الناس وخدمتهم تجتمع عند حبه وتوقيره قلوب المتفرقين في غيره لحسن مخاطبته وكريم سجيته , إذا رأيته هبته وإذا جالسته أحببته ، يعلمك وكأنه يتعلم منك ، إذا زرته تلقتك أريحيته وأخذت بلبك سماحته وأدهشتك وظرافته وربما تشتاق إليه وأنت لا تفارقه .
يعترف بعلمه جهابزة الفكر والعلم والثقافة , ويستمعون له بإصغاء المستفيد خصوصاً ممن شهدتهم من مديري وأساتذة الجامعات .
فلله در الرجل فياله من زينة الشباب ومليح الكهول والأكابر
أهم انجازاته من المؤسسات :-
قدم فضيلة الشيخ تقديماً لا تخطأوه العيون لكل قاصي وداني من مؤسسات علمية وتعبدية نلخص بعضها في الآتي :-
1- تشييد المسجد الجامع الذي بدأ تأسيسه والده الشيخ احمد رحمهما الله تعالي
2- تأسيس المعهد الديني الثانوي العلمي الذي أفتتح علي يد الرئيس جعفر نميري 1985م
3- المركز المتعدد الأغراض .
4- خلاوي تحفيظ القرآن الكريم بمناطق متعددة بالولاية بتولي التدريس بها خريجو مجمعه .
5- أسس قطعة أرض بالمخيرف ليؤسس عليها مجمع إسلامي .
6- شرع في قيام مجمع بمدينة بربر ليؤسس عليه مجمع إسلامي بمساحة 10 فدان – ( لم تكتمل إجراءاتها )
(توقفت بعد دفع رسوم المساحة )
7- بدأ تأسيس مركز اتحاد الشباب بالمنطقة .
8- بدأ تأسيس بمجمع الإسلامي بمدينة البشير السكنية بأم درمان . احتفل آخر يوم بالسودان ببدء العمل فيه ثم
غادر في آخر رحلاته إلي جمهورية مصر العربية .
9- كان حادياً – رحمة الله – علي إنشاء مجمع بالحارة (14) أمبده .
وفاته رحمه الله تعالي :-
في يوم عمت مصيبته وغمت غمته حينما جاء نبأ وفاة فقيد الإسلام ومراحم الأحباب وحبيب الطلاب . وكافل الأيتام والأرامل وصاحب الهمة التي لا تعرف الثبوط والراية التي لا تميل إلي السقوط وبذلك فجعت قلوب وزهلت عقول الصناديد من الرجال . فأصبح الكل يبكي نحيباً ولا أظن لأحد مثلي لاقي ما لاقيناه في يوم 19/ربيع أول 1431ه الموافق 3/4/2010م . عندما فاضت روحه الطاهرة بقاهرة المعز .
حيث كان في رحلة الإستشفاء الأخيرة . وبرفقة إبنه الأصغر الذي استأسد لحظتها . وواجه محنته وقابل رزيته بصدر البطولة فتصرف بعقل الأقوياء! كيف لا وهو الشبل من ذاك الأسد . فجهز جثمان والده كاملاً ليحمله إلي دار الوطن عبر مطار الخرطوم وبرفقته أخوة فضلاء ورجال شرفاء من أبناء الوطن ومنطقته تحديداً ممن عرفوا قدره وفضله
فاستقبلته جماهير الأحباب والمريدين بمطار الخرطوم ليصلي عليه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني بنفسه
( شيخ الطريقة الختمية بمسجد مولانا السيد علي الميرغني حيث معه الآلاف من المصليين ).
ثم حمل الجثمان الطاهر بموكب لا نظير له الي خلاويه وطلابه ليودعهم فوصل النعش الي الخلاوي في فجر اليوم الثالث في تمام الساعة الخامسة صباحاً فأدخل الي القرآنية بين زرافات الدموع مع إرتفاع أصوات التهليل والتكبير ليواري الثري بجوار والديه في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً حيث تبادل الكلمات الحزينة وأشعار الألم والفراق نبغاء وبلغاء وفصحاء . فما خفف ذلك شيئاً من آلامهم حيث كان بالمشهد قيادات البلاد من البيوت الدينية والكيانات السياسية وكبار المسئولين علي رأسهم والي الولاية المكلف حينها د/ جبريل عبد اللطيف وأعضاء حكومته وبذلك غاب بدر الجمال وزعيم الرجال . بعد رحلة شاقة مع الداء العضال إستمرت خمس سنوات متواصلة .
وإنا لله وإنا إليه راجعون فإلي جنات النعيم بإذن الله مثواك وعن قرءآنه وأحبابه يا سيدي اجزاك . بقدر وأضعاف ما أسديت من نصح وعقدت من صلح وعلمت وهديت لسبيل الخير سعيت . وفي حب رسوله همت وبكيت .. وبارك فيما تركت من ذرية وبقية . فما نملك غير أكف الضراعة ونسأل الله أن يكون خلفه كما تمني وأراد . في أبنائه و تلاميذه
ولله در مادحه حين قال :-
وشيخ نعم هذا الشيخ شيخاً ***** يعالج عاصياتٍ كالعباب
ولست تراه إلا مشتمعلاً ***** صبوراً باسماً عند الصعاب
تلاميذ لهم غرً الجباه ***** لهم خلق وآداب الطلاب
أبناؤه :-
أنجب الشيخ أبناءً وبناتٍ صاروا بحمد الله مضرباً للمثل من الأدب والتقي ودماثة الخلق –
أكبرهم : المرحوم الذاكر الزاهد الشيخ أحمد المولود في 1975م الذي تميز في طفولته وهام في الله شاباً – المشهود له باستجابة الدعاء وإذا مس المريض شفي بإذن الله . وربما غاب حسه في كثير من الأحيان حتي لبي نداء ربه مأسوفاً علي شبابه بعد سنوات من المرض والشدة في يوليو 2004م ليدفن جوار أسلافه بالحلفا ..
ثانيهم : الشيخ حمد النيل المولود 1976م الذي زوجه بحياته رحمه الله تعالي أطال الله عمره . وهو ساعد خليفة والده الأيمن والمشرف علي الأسرة.
ثالثهم : خليفة آبائه المولود في 15/7/1979م وراعي صرحهم ووصي والده منذ أن ألم به المرض حيث كان يوكل إليه أمر السجادة حال غيابه . وهو الشيخ الشاب المليح ذي الوجه الصبيح ( يُماني ) الذي نشأ نشأة الفتيان وتدثره ثياب التقوي والإيمان , فلم تشاهد عليه إلا مواقف الرزانة والوقار منذ طفولته ونعومة أظافره وحتي جاء ذلك اليوم الذي أثلج فيه صدور الأحبة والمريدين عندما وقف عمه الشيخ علي احمد محمد الفكي علي أمام الملأ واعتذر عن أمر الخلافة نسبة لظروفه الصحية فباركه خليفة وراعياً للخلاوي والمجمع الإسلامي في ذلك اليوم توَجه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني – مرشد الختمية – خليفةً للطريقة الختمية وشيخاً لسجادة آبائه . وكان ذلك بالخلاوي عندما جاء مولانا معزياً ومتفقداً لأحبابه بالولاية .
وقد تزوج الشيخ يماني بحمد الله تعالي بعد عام من وفاة والده في 26/رجب 1432ه . بارك الله له وعليه . وهو خريج بجامعة أم درمان الإسلامية كلية الشريعة والقانون – ويعمل علي نيل الشهادات العليا بالجامعة نفسها.
رابعهم : الشيخ السر محمد الأمين المولود في 1983م رفيق والده في آخر لحظات حياته وهو أيضاً يمثل ساعداً آخر لشقيقه الشيخ يماني في شؤون الخلاوي والمجمعات الإسلامية .
وأما بناته:
فالأولي : نسيبة (أم يماني)
المتزوجة من أهلها بالشايقية وهي تلي الشيخ يماني في الترتيب
الثانية : تيسير المتزوجة من أحد أبناء منطقة العزيراب ينتمي لأسرة الفنوب وهي حائزة علي بكالريوس الحاسوب بحياة والدها رحمه الله تعالي
الثالثة : آخر العنقود ريحانة أبيها وصديقته كذلك . يمازحها وتمازحه وفي أدب الأبوة وتوقير النبوة – وهي علوية الحائزة علي شهادة البكالوريوس بأمر والدها ومخطوبة لإبن عمها 0
زوجاته :
تزوج الشيخ محمد الأمين رحمه الله تعالي – بثلاث نسوة
أولاهن وأولهُن :- إبنة عمه الشيخ محمد الحسن أحمد الفكي علي – وأسمها سكينة . التي لم يكتب له منها ذرية وقد تزوجها في مطلع السبعينات عقب وفاة والده0
ثانيتهن : أم أبنائه وبناته – عائشة السر محمد صغير من مدينة بربر الحبالة0
ثالثتهن : رواض أحمد دفع الله تزوجها أخيراً . ولم ينجب منها . من أهالي الفريخة تنتمي إلي بيت الجراداب والحداديد 0
الخاتمة :
بحمد الله ونعمته وبما يسر الله لي وحسن توفيقه فقد جمعت ما شاء الله لي جمعه من تاريخ هذه الاسرة الكريمة , ثم من وصف القائمين علي شأن الخلاوي وكذلك اعلام طلابهم القدامي سائلاً الله تعالي أن يحفظ قائميهم ويرحم سابقيهم علماً بأن هذا السفر المتواضع جداً يمثل قطرة من فيض متلاطم الأمواج شاسع المراسي واسع الشواطي بالفضائل وكريم الخصائل
وما هو إلا باكورة عمل باتت تؤرقني فكرته منذ أن كنت تلميذاً عندما نظرت في تاريخهم وأحداث الخلاوي ووقائعها فلم أر تدويناً وتوثيقاً يحفظ تلك الجواهر الغالية . ليعلم جيلنا ومن بعدهم ماذا قدم أولئك الأفذاذ لنا ولآبائنا وللمسلمين الذين كتب الله لهم النفع بهم علماً أو أدباً وسلوكاً أو شفاءً بفضل خدمة القرآن الكريم والعمل به
كما يجئ هذا البحث الصغير وفاءاً لعهد قطعته علي نفسي لأقدمن ولو بيسير رد لما قدم إلي من حسن تربيةٍ وعظيم ودٍ أراني لست بقيمته ولكن لحسن سمتهم واخلاقهم . وكل ذلك وما سأقوم بإذن الله به أن كتب الله في العمر بقيه بمثابة جزاكم الله خيراً وسدد الله خطاكم . كما أسأله أن نكون دائماً وأبداً عند حسن الظن . والله ولي المقاصد .



د. الريح رحمة
16/محرم /1433م
10/12/2011م

عثمان عوض الكريم غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة صلاح الدين سر الختم ; 05-05-2012 الساعة 09:44 AM.
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع عثمان عوض الكريم مشاركات 47 المشاهدات 38065  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه