القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > المنتدى العام
التسجيل التعليمات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

المنتدى العام لقاء الأحبة في الله لمناقشة جميع المواضيع

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

المنتدى العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-18-2012, 10:05 AM   #1
الشريف زين العابدين


الصورة الرمزية الشريف زين العابدين



الشريف زين العابدين is on a distinguished road

افتراضي لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : الشريف زين العابدين




لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

الحمد لله رب العاملين ، والصلاة والسلام علي سيدالأنبياء ، صلي الله عليه وعلي آله وصحبه ، والداعين بدعوته إلي يوم الدين .

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} وَلَاتُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَىاللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً{48} صدق الله العظيم

يتحدث القرآن الكريم عن رسول الله ن صلوات الله وسلامه عليه ، في كثير من سورة ، يقول سبحانه :
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراًوَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46}(1) .
ويقول سبحانه :
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَنتَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً{80}(2)
(قُلْ إِن كُنتُمْتُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{31}(3)
ومن أجل هذه الصلة الإلهية برسولالله ، صلي الله عليه وسلم
أرشدنا الله – سبحانه وتعالي – إلي اتخاذ الرسولأسوة فقال سبحانه : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌلِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَكَثِيراً{21}(4) .
بل أمرنا سبحانه أن نأخذ ما آتانا ، وأن ننهي ما نهانا عنه (........وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواوَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{7}( 5) .
أما السر في ذلكفهو :
1- أن الرسول الصلوات الله وسلامة عليه : لا ينطبق عن الهوى ، ولا ينحرفعن صراط المستقيم ، ولقد أقسم الله تعالي علي ذلك فقد سبحانه : (وَالنَّجْمِ إِذَاهَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4}(6)
2- كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليهفي جميع أحواله : حركة وسكوناً ، إشارة ونطقاً ، قلباً وقالباً ، يمثل القرآنالكريم ، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه تطبيقاً للقرآن ، لقد لبس القرآن ظاهراًوباطناً ، لقد كان قرآناً .
ولقد وصفته السيدة عائشة – رضي الله عنها – وصفاًدقيقاً حيما سئلت عن خلقه ، فقال : (كانت خلقه القرآ ) .
ومن كان خلقه القرآنكان أسوة ، وكان قدوة ، وكان علي خلق عظيم : ومن هنا وصفه الله سبحانه وتعالي إذيقول (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{4}(1) .
والحق ، أننا حينما نريد أن نكونصورة واضحة تامة عن رسول الله ، صلوات الله وسلامه عليه ، فإن الطريق الوحيد لذلك : إنما هو الإحاطة بالقرآن إحاطة واضحة تامة ، والإحاطة بالقرآن علي هذا النسقليست من السهولة بمكان ، بل ليست بممكنة : فالقرآن في كل يوم يتفتح عن معان جديدةللإنسانية ، ويتفتح عن معان جديدة للشخص المتأمل المتدبر : وهذه المعاني الجديدة : إنسانية عامة ، أو فردية شخصية ، إنما هي إيضاح وتفسير للصورة النبوية الكريمة .
والعكس أيضاً صحيح ، فإن المتدبر المتأمل في الصورة النبوية الكريمة عن طريقالسيرة الصحيحة ، والأحاديث المعتمدة ، يفهم عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه كليوم جديداً ، وهذا الفهم إنما هو تفسير وإيضاح لجوانب من القرآن الكريم .
لقدامتزج الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالقرآن – كما قدمنا - روحاً وقلباً وجسماً ،وامتزج القرآن به عقيدة وأخلاقاً وتشريعاً : فكان ، صلوات الله وسلامه عليه : قرآنايسير في الناس ، وكان القرآن روحاً ينتقل ، وكان قلباً ينبض ، وكان لسانا ً ينطقبالهداية والإرشاد .
ولقد كان صلوات الله وسلامه عليه حريصاً كل الحرص علي أنيكون خلق الأمة الإسلامية القرآن ، لقد عمل لذلك طيلة بعثته .
ويحدثنا القرآنالكريم عن موقف الرسول صلوات الله وسلامه عليه من الأمة فيقول سبحانه وتعالى:
(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْحَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{128}(1) . صلوات الله وسلامهعليك يا سيدي يا رسول الله .
ويتحدث صلوات الله وسلامه عليه عن حرصه ا لشديد عليهداية أمتة فيقول :
( مثلي ومثلكم : كمثل رجل أوقد ناراُ ، فجعل الجنادبوالفراش يقعن فيها ، وهو يذبهن عنها ، وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون منيدي ) .
هذه هي صلة الرسول صلي الله عليه وسلم بربه ، وهذه هي صلته بأمه .
لقد ارتفع صلوات الله وسلامه عليه إلي السماء ، بل وتجاوزها إلي سدرة المنهي، ورأي من آيات ربه الكبرى . لقد ارتفع إلي الأفق الأعلي ، وتجاوز بذلك النهاياتالكونية ، لقد كان فعلاً : أدنى من قاب قوسين ، فانغمس في الأفق الأعلى وتلقى عنالله مباشرة كيفية الصلة به ، وهي الصلاة ، ثم انبسط إلي الأرض سراجاً منيراً ،رءوفاً رحيماً ، هادياً ، يدعو إلي الله علي بصيرة هو ومن اتبعه .
بيد أن الرسولصلوات الله وسلامه عليه نبي ورسول فهو متصل بالله دائماً : إنه في السماء عليالدوام ، وهو متصل بالبشر ، يؤدي رسالة السماء كاملة غير منقوصة . إنه كان علي حدتعبير القرآن – ( بشراً رسولاً ) فهو ببشريته مع الناس ، وهو بسره مع الله : إنهمع الناس بإرادة الله وتوجيهه وأمره إنه مع الناس بكلمة الله ورسالته ، إنه معالناس رسول من قبل الله .


وبهذه المعاني كلها يمكننا أن نقول : إنه دائماً معالله ، ويمكننا أن نقول : إنه – منذ اللحظة الأولي للبعثة – لم ينزل إلي الأرض قط ،وإنما كان دائماً مع الله سبحانه وتعالي ، فهو صلوات الله وسلامه عليه يبيت عندربه ، يقول صلي الله عليه وسلم :
( ليست كهيئتكم : أبيت عند ربي ... ) .
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ....)(1).
إنهصلوات الله وسلامه عليه : ( بشر ) وما يجول في خلد مسلم قط أن يخرجه عن البشرية ،ولكنه صلوات الله وسلامه عليه ( بشر يوحي إليه ) وما يتأتي قط أن يوحي الله إلي بشرإلا إذا أصبح وكأنه قطعة من النور : صفاء نفس ، وطهارة قلب ، وتزكية روح .
فمنتهى القول فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
وبعض الناس حينما يقرأالقرن الكريم ، فتمر عليه الآية الكريمةقُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىإِلَيَّ)
يقف عند كلمة : ( بشر ) فيحاول التركيز عليها وتوجيه الانتباه كلهإليها ، وتحويل الأنظار كلها نحوها ، فيتحدث عن خصائص البشرية العادية ويبرزها ،ويندفع في هذا الاتجاه المنحرف اندفاعاً لا يتناسب قط مع قوله تعالييوحى إلي ) بل إنه في اندفاعته الهوجاء ينسى ( يوحي إلي ) ويهملها إهمالاً .

الشريف زين العابدين غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة الشريف زين العابدين ; 09-18-2012 الساعة 10:25 AM. سبب آخر: طول الموضوع
رد مع اقتباس
قديم 09-18-2012, 10:28 AM   #2
الشريف زين العابدين


الصورة الرمزية الشريف زين العابدين



الشريف زين العابدين is on a distinguished road

افتراضي رد: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : الشريف زين العابدين




إنه ليس بنادر في العصر الحاضر أن يجرؤ بعض الناس فتحدث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، وعن خطئه – معاذ الله – في الرأي ، وعن إصابته فيه ، ويسير هذا البعض في حديث أو في كتابته مستنتجاً ومستنبطاً وحاكماً ،وينسى في كل ذلك :
(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3}(2) ،وينسى في كل ذلك يوحي إلي) ، وينسى لست كهيئتكم ) ، وينسى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءالرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً.....{63}
وينسى أن بعض المسائل يمكن أن تكون لها حلول مختلفة كلها صحيحة : بعضها رفيق رحيم ، وبعضها عادل حاسم ، و أن الله سبحانه وتعالي قد بين للأمة الإسلامية أن رسوله صلوات الله وسلامه عليه – وهو علي صواب دائماً – إنما يتخذ الحل يتناسب مع حلاه الله به من الرأفة ، وما فطره عليه سبحانه من الرحمة ، وهو الحل الذي يتناسب مع طابع الرسالة الإسلامية العام :
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ{107}(1) .
والله سبحانه وتعالى ببيانه ذلك في هذه المواضع التي كان من الممكن أن يقف فيها الرسول صلوات الله وسلامه عليه مع العدالة الحاسمة ،فعدل عن ذلك إلي الرافة الرحيمة .... إن الله سبحانه وتعالي ببيانه ذلك ، إنما يمدح الرسول صلوات وسلامه عليه ، ويبين أن منزع الرحمة إنماهو الغالب عليه ، صلوات الله وسلامه عليه .
ولم يلغ الله سبحانه اتجاهاً عاماً سار فيه الرسول ، ولم ينقض قضية كلية أقرها ، الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، ولم ينف مبدأ أثبته رسوله ، فما كان صلوات الله وسلامه عليه يسير إلا علي هدى من ربه ، وعلي بصيرة من أمره ، وقد شهد الله بذلك حيث قال :
( ..... وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{52} صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ..... ) (2) .
وما فعل الله في كل ما تمسك به المنحرفون ، وتمحك فيه المتمحكون إلا بيان رحمه الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، ورأفته : أي أنه سبحانه وتعالي كان يبين في هذه المواطن فضله صلوات الله عليه وسلام عليه وأنه – كما وصفه سبحانه - : علي خلق عظيم ، والبون شاسع بين هذه الوجهة الربانية ، وبين التحدث عن خطأ وصواب ، وأوضاع بشرية يركز عليها ولا يلتفت لسواها .
ولنضرب لذلك مثلاً : إن الذين ديدنهم الجدل يتحدثون كثيراً عن قوله تعالي : (عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَأَذِنتَ لَهُمْ ......{43}(3) . ويقذفون مباشرة بقولهم : ( إن العفو لا يكون إلاعن خطأ .
ولهؤلاء نقول : إن الأساليب العربية فيها من أمثال هذا الكثير ، ومنها قولهم مثلاً : غفر الله لك ، لم تشق علي نفسك كل هذه المشقة ؟
عفا الله عنك لم تعني نفسك في سبيل هؤلاء ، وكأن القائل يقول :
رضي الله عنك لم ترهق نفسك كل هذا الإرهاق ؟ إن الآية القرآنية من هذا الوادي .
وضم هذه الآية الكريمة إلي أختها التي في سورة النور: (.....ِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ ........{62} (1) . تجد المعني واضحاً جلياً ، وهو أن الله سبحانه ، فوض الأمر لنبيه ، صلوات الله وسلامه عليه ، في أن يأذن لهم أولا يأذن .
ليس النبي إذن معاتبا ً بهذه الأية – وحاشاه – بل كان صلي الله عليه وسلم مخيراً ، فلما إذن لهم أعلمه الله أنه لو لم يأذن لهم لقعدوا ولتخلفوا بسبب نفاقهم، وأنه مع ذلك لا حرج عليه في الإذن لهم ، إنها أية مدح للرسول غاية في الرقة .. ومن غير شك قد صدر الإذن لهم عن قلب رحيم ، وعن هذا القلب الرحيم ، وعن هذه الرحمة الفياضة ، كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يصدر في أحكامه ، وما كان في ذلك إلامتبعاً لقوله تعالي :
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ{107} (2)
وهكذا الأمر في كل ما يماري فيه الممارون :
ومع ذلك فإننا نريد أن نزيد الأمر وضوحاً في الفرق بين من يركز علي ( بشر ) ومن يركز علي ( يوحي إلي ) لأهميته الكبري ، فنقص القصة التالية ، ذات المغزي العميق والتي وردت في بعض مصنفات شيوخنا: زار بعض السلاطين ضريح أحد الشيوخ – وقال : - هل هنا أحد ممن اجتمع بهذا الشيخ ؟
فأشير إلي شيخ كبير في السن كان حاضراً هنالك ؟
فقال له : هل سمعت شيئاً من كلام الشيخ ؟
فقال : نعم سمعته قال : ( من زارني لا تحرقه النار ) .
فاستغرب السلطان ذلك الكلام ، فقال : كيف يقول شيخكم ذلك ، وأبو جهل رأي النبي صلي الله عليه وسلم وتحرقه النار ؟
فقال ذلك الشيخ لسلطان : أبو جهل لم ير النبي صلي الله عليه وسلم ، إنما رأي ( يتيم أبي طا لب ) ، ولو رآه صلي الله عليه وسلم لم تحرقه النار :
ففهم السلطان كلامه وأعجبه هذا الجواب منه ، أي أنه لم يره بالتعظيم والإكرام والأسوة ، واعتقاد أنه رسول الله ، و لو رآه بهذا المعني لم تحرقه النار ، لكنه رآه باحتقار ، واعتقاد أنه ( يتيم أبي طالب ) فلم تنفعه تلك الرؤية .
ولسنا هنا بصدد الحديث عن كلام الشيخ والدخول في جدل يبعدنا عن موضوعنا ، وإنما يهمنا من الأمر أن تتحدث عن كلمة الشيخ للسلطان من أن أبا جهل لم ير النبي صلي الله عليه وسلم وإنما رأي ( يتيم أبي طالب ) .
هذه النظرة لأبي جهل التي نريد أن يتنزه المؤمنون عنها ، و المؤمنون – بحمد الله – لا يقعون في هذاالإثم متعمدين ، وإنما يتسلل هذا الإثم إلي بعض النفوس في صورة لا شعورية ، عندما يركز بعضهم علي بشرية الرسول صلي الله عليه وسلم وكأنه لا شيء فيه غير البشرية .
ومن الغريب أنهم حينما يتحدثون عن البشرية ، ويركزون عليها يعتبرون أنفسهم تقدمين متطورين ، وفاتهم أن هذه النظرة لأبي جهل إنما هي النظرة التي يتبناها المستشرقون والمبشرون في العصر الحاضر ، ليقللوا من شأن الرسول في نظر مواطنيهم .
وما كان المستشرقون في تركيزهم علي بشرية الرسول إلا متابعين في ذلك زعيمهم الأكبر – في هذه النزعة – وهو ابو جهل ، وكل من يركز علي بشرية الرسول من الكتاب المسلمين إنما هو بذلك يتابع المستشرقين والمبشرين في هذه النزعة ، و ترجع فكرتهم إلي ما قبل ثلاثة عشر قرناً مضت ، يتزعمهم فيها أبو جهل، وأبو الظلمة القلبية كلها !!
ليس هناك إذن اجتهاد وخطأ وصواب ، وإنما هناك تصرفات تصدر عن الكرم والرحمة، فتحدث الله مبيناً طبيعة رسوله الكريمة ، وفطرته الرحيمة ورأفته الواضحة ،ويبين في الوقت نفسه : أن بعض هؤلاء الذين فاضت عليهم هذه الرحمة ليسوا جديرين بها وليسوا أهلا لها ، لفساد فطرهم وسوء نواياهم .
ومن الحقائق المعروفة أن الإنسان يميل إلي التركيز علي ( بشر ) أو علي : ( يوحي إلي ) إلي حسب قوة شعوره الديني وضعفه ، فالذي لا إيمان له لا يرى إلا البشرية ، ومن ضعف إيمانه يركز علي البشرية ، ويخفف التركيز علي البشرية كلما قوى الإيمان ، ويزداد التركيز علي : ( يوحي إلي) كلما ازداد الإيمان ، حتي يصل الإنسان إلي ألا يرى أو لا يكاد يرى إلا ( يوحي إلي . ) صلوا ت الله وسلام عليه يا سيدي يا رسول الله .
وهناك إذن طرفان يمثلان فريقين من الناس .طرف : ( بشراً ) أو ،( قل :إنما بشر مثلكم ) .
وطرق : ( يوحي إلي ) أو ( رسولا ) وبين الطرفين يتأرجح عدد لا يحصى من المسلمين نزولاً وارتفاعاً ، انخفاضاً وسمواً .
وإن مقياس الإيمان قوة وضعفاً ، مقياس درجة الإيمان الذي لا يخطئ ، إنما هو ما وقر في القلب أو غلب عليه ، من البشرية ) أو من : ( يوحي إلي ) إنهما يمثلان ما يوضع في كفتي ميزان ..
دع ما ادعته النصارى في نبيهمو** واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
ولعلك تتساءل الآن عن هذا الذي لا يرى أو لا يكاد يرى ، إلا : ( يوحي إلي ) ماذا يرى ؟ وكيف يرى ؟
ما هي النظرة التي تناي بنا عن : ( يتيم أبي طالب) لتفربنا من : (الأسوة) . كيف ينبغي أن تكون نظرة المؤمن لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه ؟
والواقع أن الصورة الكاملة عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يلزم لها أن يصل الإنسان إلي مستواه صلوات الله وسلامه عليه ، أو إلي ما يقرب من مستواه وذلك لا يتاتي .
بيد أنه إذا استحال ذلك فإنه من الميسور أن نورد صورتين ، إحداهما : جاهلية ، والأخرى إسلامية . والصورتان لسيدنا عمر رضي الله عنه .
أما الصورة الأولي : فإنها ( يتيم أبي طالب ) كان سيدنا عمر ، يراها قبل أن يهديه الله للإسلام ، وأراد سيدنا عمر أن يقتل ( يتيم أبي طالب ) حتي لا تتفرق كلمة القرشين بسببه ، ولكن دعاء رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : ( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك : بعمرو بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ) كانت قد استجيبت لخير سيدنا عمر فهداه الله للإسلام ، ولازم الرسول صلوات الله وسلامه عليه فناله من بركاته ومن خيره ما هيأه لأن يكون الخليفة الثاني للأمة الإسلامية أجمع ، وأن يعز الله الإسلام به في حياة الرسول صلوات الله وسلامه عليه ،وبعد وفاته .
إن سيدنا عمر هذا الذي لم يكن للشيطان عليه من سبيل ، و الذي كان إذا سلك طريقاً سلك الشيطان طريقاً آخر : خشية منه ورهبة ، والذي نزل القرآن أحيانا مصدقاً لما رآه ، إن سيدنا عمر صاحب : ( يا سارية الجبل ) يرسم لنا صورة إسلامية لسيده وحبيبه وصديقه ونبيه ورسوله صلوات الله وسلامه عليه .
ولكن هذه الصورة : هي صورة سيدنا عمر ، إنها تتناسب مع مستوي سيدنا عمر وهو من غير شك عظيم .
ماذا كان يمكن أن يقول سيدنا أبو بكر رضوان الله عليه ، وماذا كان يمكن أن يقول سيدناعلي رضي الله عنه ، وماذا كان يمكن أن يكون وصف سيدنا جبريل لو وصفه ؟
إن الله سبحانه وتعالي يقول عنه صلوات الله وسلامه عليه :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{4}(1) .
وما كانت كلمة السيدة عائشة رضوان الله عليها : ( كان خلقه القرآن ) ، إلا تفسيراً لما أشارت إليه الآية القرآنية الكريمة ، أيمكنك أن تتصورا لمدي الذي تبلغه الآية الكريمة ، وتفسير السيدة عائشة لها ؟ أيتأتي لك أن تحيط بالقرآن ، أستغفر الله وأتوب إليه .
ولنعد إلي الصورة التي حاول رسمها صاحب : ( يا سارية الجبل ) ، لنعد إليها لنثبتها شارحين لبعض حوادثها ، موضحين لبعض إنباتها، وسنجعل الإيضاح بين أقواس .

الشريف زين العابدين غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة الشريف زين العابدين ; 09-18-2012 الساعة 10:50 AM.
رد مع اقتباس
قديم 09-18-2012, 10:55 AM   #3
الشريف زين العابدين


الصورة الرمزية الشريف زين العابدين



الشريف زين العابدين is on a distinguished road

افتراضي رد: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : الشريف زين العابدين




بعد موت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، سمعسيدنا عمر يبكي ويقول :
(
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد كان جذع تخطب الناسعليه ، فلما كثر الناس اتخذت منبراً لتسعهم ، فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليهفسكن ، فأمتك كانت أولى بالحنين إليك لما فارقتها ) يروي البخاري ومسلم ، وكتبالسنة كلها تقريباً وكتب السيرة ( حادث حنين الجذع ) بعدة روايات ، وننقل هنا إحدىروايات البخاري :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلي الله عليهوسلم يخطب إلي جذع ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه فمسح يده عليه ) .
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد بلغ من فضيلتك عنده : أن جعل طاعتك طاعته،فقال عز وجل :
(
مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ............{80}(1) .
يأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد أبلغ من فضيلتك عنده : ان بعثك آخر الأنبياء ، وذكرك في أولهم ، فقال عز وجل :
(
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَالنَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَىابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً{7}(2) .
يأبي أنت وأمييا رسول الله ، لقد أبلغ من فضيلتك عنده : ان أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوكوهم بين أطباقها يعذبون
.
(
يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِيَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا{66} (3) .
يأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لئن كان موسى بن عمران أعطاه الله حجراً تتفجرمنه الأنهار فماذا ( فليس ذلك ) بأعجب من أصابعك حين نبع منها الماء صلي الله عليك .
(
لقد دمي وجهه صلوات الله وسلامه عليه وكسرت رباعيته في ( غزوة أحد) . رويذلك البخاري ومسلم . أما حديث :
(
اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) فقد رواهالبيهقي في دلائل النبوة .
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد اتبعك في قلة سنك ،وقصر عمرك ما لم يتبع نوحاً في كثرة سنه ، وطول عمره ، ولقد آمن بك الكثير وما آمنمعه إلا القليل .
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لو لم تجالس إلا كفئاً لك ماجالستنا ، ولو لم تنكح إلا كفئاً لك ما نكحت إلينا ، ولو لم تواكل إلا كفئاً لك ماواكلتنا ، فقد والله جالستنا ، ونكحت إلينا ، وواكلتنا ، ولبست الصوف ، وركبتالحمار ، وأردفت خلفك ، ووضعت طعامك علي الأرض تواضعاً منك صلي الله عليك وسلم ..

هذه الصورة :
ومن الطريف أن نذكر صورة أخرى استنتاجيه ، استنتجها رجللم يكن يعرف الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، ولكنه رجل واسع الأفق رحب الخيال دقيقالتفكير .
وقد أتخذ الاحتياط اللازم حتى لا يشوب الصورة أي مطعن هذا الرجلهو(هرقل).
أتاه كتاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، يدعوه إلي الإسلام ،فلم يهمل الكتاب ولم يمزقه ، وإنما قرأه في عناية وانتباه ، ثم أراد أن يكون صورةصحيحة عن صاحب الخطاب ، فسأل عما إذا كان بالمدينة بعض العرب الذي يعرفون الرسولفقيل له : إن بالمدينة تجاراً من مكة يعرفون محمداً باعتباره من مواطنيهم فأمربإحضارهم وكان منهم أبو سفيان :
وسأل هرقل عن أقربهم نسباً إلي الرسول / فكانأبا سفيان فقربه منه وأدناه وقال لهم : إني سائله عن أمور فإن كذبني فكذبوه :
يقول :أبو سفيان ، فو الله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عليه .
وسنترك المقدمات والأسئلة الأولي لأنها واضحة من النتائج التي أنتهي إليهاهرقل :
إن هرقل بعد أن أنتهي من الأسئلة : بدأ – عن طريق الترجمان – يقول لأبيسفيان ، علي مشهد من الملأ الحاضر من أصحاب هرقل ، ومن أصحاب أبي سفيان : سألتك عننسبه :
فذكرت أنه فيكم ذو نسب .
فكذلك الرسل : تبعث في نسب قومها .
وسألتك : هل قال أحد منكم هذا القول ؟
فذكرت : أن لا .
فقلت : لو كان أحد قال هذاالقول قبله لقلت : رجل يأتسى يقول قيل قبله .
وسألتك : هل كان من آبائه من ملك؟
فذكرت : أن لا .
قلت : فلو كان آبائه من ملك قلت : رجل يطلب ملك أبيه ؟
وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟
فذكرت : أن لا .
فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب علي الناس ويكذب علي الله .
وسألتك : أشرفالناس الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم .
فذكرت : أن ضعفائهم اتبعوه .
وهم : اتباعالرسل .
وسألتك : أيزيدون أم ينقصون ؟
فذكرت : أنهم يزيدون .
وكذلك أمرالإيمان حتي يتم :
وسألتك : أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟
فذكرت : أن لا .
وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب .
وسألتك :هل يغدر ؟
فذكرت : أن لا .
وكذلك الرسل : لا تغدر .
وسألك : بم يأمركم ؟
فذكرت: أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركمبالصلاة ، والصدق والعفاف فإن كان تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين .
وقد كنتأعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ،ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه .
هذه الصورة التي كونها هرقل بمنطقة ، ويمكن أنيكونها أو يكون مثيلات لها كل إنسان اتسع أفقه ، ورحب تفكيره ، وكل إنسان يصدق اللهوالحق : لا بد أن ينتهي بما انهي إليه هرقل من قوله : ( لو كنت عنده لغسلت عن قدمه) وإنما يغسل عن قدمه ، من أجل : ( يوحي إلي ) إذ أن من اصطفناه الله لرسالته جديربأن يكون أهلاً لذلك .
بيد أن هذه النهاية التي انتهى إليها هرقل ، إنما هيالشعار الدائم الذي لا ينتهي بانتقال الرسول إلي الملأ الأعلي ، فالرسول حتي بينناالآن برسالته وهديه وتعاليمه والغسل عن قدمه الآن أو بتعبير آخر احترامه : إنما هوباتباع هديه ، والتزام رسالته ، وتقديره تقديراً يتناسب مع اصطفناء الله له صليالله عليه وسلم .

الشريف زين العابدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-18-2012, 10:59 AM   #4
الشريف زين العابدين


الصورة الرمزية الشريف زين العابدين



الشريف زين العابدين is on a distinguished road

افتراضي رد: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : الشريف زين العابدين




ولقد ركز هرقل نوعاً ما علي الصدق والإخلاص ، والواقع أن صورة الصدق والإخلاص كان يراهما كل من عرف الرسول صلي الله عليه وسلم ، ولم تعمه عصيبة ، أو حسد أو هوي.
علي أن صورة الصدق والإخلاص : كانت سمة من السمات ا لتي
نصف بها الرسول قبل بعثته ، وبعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه ، لقد لازمته طيلة حياته ، لقد كان مجرد الخبر يلقيه صلوات الله وسلامه عليه ، أخذه أعدى أعدائه علي أن واقع لا محالة . فهذا أميه بين خلف – عدو لدود – يتلاحي مع سعد بن معاذ رضي الله عنه ، يريد أن يمنعه من الطواف بالكعبة ، فيقول له سعد بن معاذ – في حدة المناقشة : لقد سمعت رسول الله صلي الله وعليه وسلم يقول : إنه قاتلك ، ويضطرب قلب أميه بن خلف ويسأل في لهفة وضعف وتخاذل ، أهو قال ذلك حقا ؟ فلما أكد له سعد بن معاذ الخبر أسقط في يده وقال : لئن كان قال ذلك . لقد صدق ، وقتل أميه بن خلف يوم بدر ، علي أن هذه الصورة تتمثل في وضوح بين ، حينما أعلن رسول الله صلوات الله عليه إلي قريش نبويه ، فقال لهم :
( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا وراء هذا الوادي
تريد أن تغير عليكم أكنتم تصدقوني؟) .
لقد كانت إجابتهم عن هذا السؤال تعبر عن
الحقيقة التي لمسوها فيه لقد قالوا :
( نعم أنت عندنا غير متهم ، وما جربنا
عليك كذباً قط ) .
وصورة أخرى ، صورة لم يترتب لها ترتيب مروي ولم يؤد إليها
منطق محكم ، صورة لم تكن نتيجة عشرة طويلة ، ولا رفقة قريبة ، وإنما جاءت علي البديهة ، وأوحت بها الملاحظة السليمة .
إنها الصورة التي كونتها عنه صلوات
الله عليه وسلامه أم معبد الخزاعية وهي صورة لا تخص الجانب المعنوي منه وإنما تتصل – علي الأخص – بالجانب الظاهر ، وأردنا أن نثبتها هنا لنثبت بها : ( هيئة ) وظاهر بعد أن أثبتنا زوايا من المعنويات ، وجوانب من التقدير والإجلال إن الصورة التي نثبتها الآن مجرد وصف إنها تعبير عن ملاحظة .
هاجر رسول الله صلوات الله
وسلامه عليه من مكة إلي المدينة ، يرافقه أبو بكر رضي الله عنه ، وعامر بن فهيرة مولي أبي بكر ودليلهم : عبد الله بن أريقط .
مروا بخيمة أم معبد الخزاعية ،
وكانت أمرأة قوية الأخلاق عفيفة تقابل الرجال فتتحدث إليهم وتستضيفهم . وسألها الركب عن تمر أو لحم يشتروه فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك ، فقد كانت سنة من السنين العجاف ، فقالت لهم :
والله لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى . فنظر رسول
الله صلي الله عليه وسلم إلي شاة في ركن الخيمة فقال :
( ما هذه الشاة يا أم
معبد .؟ )
قالت : هذه شاة خلفها التعب عن الغنم
.
فقال صلوات الله وسلامه
عليه : ( هل بها من لبن ؟ ) فقالت :
هي أجهد من ذلك
.
قال : ( أتأذنين أن
أحلبها ) ؟
قالت : نعم بأبي أنت وأمي أن رأيت بها حلباً
.
فدعا رسول الله
صلوات الله وسلامه عليه بالشاة فسمح ضرعها،ذاكرا اسم الله وقال : ( اللهم بارك لها في شاتها )
فامتلأ ضرع الشاة ودر لبنها ، فدعا بإناء لها كبير ، فحلب فيه فملأه
فسقى أم معبد فشربت حتي رويت ، وسقى اصحابه حتي أرتو، وشرب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه آخرهم وقال ( ساقي القوم آخرهم ) .
فشربوا جميعاً مرة بعد مرة
.
ثم جلب فيه ثانية عودا علي بدء ، فغادروه عندها ، ثم ارتحلوا عنها فما لبثت أن
جاء زوجها يسوق أعنازا ً عجافاً هزلي فلما رأي اللبن عجب واستغرب وقال :
( من
أين لكم هذا ولا حلوبة في البيت ) ؟
قالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك
كان من حديثه كيث وكيت .
قال : و الله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب ، صفية لي
يا أم معبد ؟
قالت : رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، متبلج (مشرق) الوجه ، حسن الخلق
، لم تعبه ثجلة ) ضخامة البطن (ولم تزر به صعلة) لم يشنه صغر الرأس ،وسيم قسيم ، في عينية دعج ، وفي أشفارة وطف (طويل شعر الأجفان) وفي صوته صحل (رخيم الصوت) أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر في عنقه سطح ( ارتفاع وطول) وفي لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار ، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء وكان منطقة خرزات نظم يتحدرن ، جلو المنطق ، فصل لانزو ولا هذر (لاعي فيه ولا ثرثرة في كلامه) ، أجهر الناس وأجملهن من بعيد ، وأحلاهم وأحسنهم من قريب ، ربعة ( وسط ا بين الطول والقصر) لا تشنؤه (تبغضه) من طول ، ولا تقتحمه عين (تحتقره) من قصر، غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً له رفقاء يخصون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلي أمره ، محفود ( يسرع أصحابه في طاعته) ، محشود (يحتشد الناس حوله) لا عابث ولا مفتد (غير مخرف في الكلام) .
قال أبو معبد : هذا والله صاحب قريش
الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ، ولو كنت وافقته يا أم معبد لتلمست أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت لذلك سبيلاً .
هذه هي الصورة التي حاولت أم معبد رسمها
.
أما سيدنا
عمرو بن العاص فإنه يقول في صراحة وصدق – عندما حضرته الوفاة وعندما تذكر الماضي فخنقته العبرات ، وتحدث مع ابنه عن أشياء عدة في صورة مؤثرة - : ( ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلي الله عليه وسلامه ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ، ولو سئلت أن أصفه ما أ طقت : لأني لم أكن أملأ عيني منه ) .
والآن نريد أن نتساءل : ما هي الصور التي نريد أن نرسمها هنا ؟
فنقول
: إننا لا نرسم صورا كاملة : فالصور الكاملة لا يتأتي لمثلنا أن يرسمها ونحن هنا ، إنما نحاول رسم جملة من زوايا شاعرين بتقصيرنا ، معترفين بعجزنا ، ولكن أملنا كبير في أن تكون هذه الصور باعثة لتصحيح بعض الأوضاع ، وأن تكون علي ما فيها من عجز وقصور ، ممثلة لبعض ما نكنه لسيد ولد آدم : من حب وإيمان ، وأن تكون بذلك شفيعة لنا عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي بقلب سليم .
ومع هذه الزوايا
التي نحاول أن نرسمها فإنه لا يعزب قط عن بالنا قول إمامنا البوصيري رحمه الله عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه هذه الأبيات ، التي تعبر عن الحقيقة تعبيراً صادقاُ .
أعيا الوري فهم معناه فليس يري للقرب والبعد فيه غير متفحم
كالشمس تظهر
للعينين من بعد صغيرة وتكل ا لطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قوم نيام
تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم

الشريف زين العابدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-18-2012, 05:20 PM   #5
ود محجوب
المدير العام
الصورة الرمزية ود محجوب



ود محجوب is on a distinguished road

افتراضي رد: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : ود محجوب







زدنا يا الشريف بارك الله فيك وسدد خطاك

ود محجوب غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 09-19-2012, 09:23 AM   #6
أبو الحُسين
شباب الميرغني
الصورة الرمزية أبو الحُسين



أبو الحُسين is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو الحُسين
Icon15 رد: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


أنا : أبو الحُسين




(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)


عليك صلاة الله يا خير من سرى... ويا خير مبعُوثٍ وأكرم مُرسلا...

شكراً جميلاً الشريف زين العابدين على هذه السياحة المُحمدية...

أبو الحُسين غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع الشريف زين العابدين مشاركات 5 المشاهدات 5177  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه