القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > مكتبة الميرغني الإليكترونية
التسجيل التعليمات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة

فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه

مكتبة الميرغني الإليكترونية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-16-2013, 02:50 PM   #1
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ الْمُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّي وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهِ لَا يُعِيدُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر‏)‏ بفتح الذال المعجمة، أي شيء نجس ‏(‏أو جيفة‏)‏ أي ميتة لها رائحة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لم تفسد‏)‏ محله ما إذا لم يعلم بذلك وتمادى، ويحتمل الصحة مطلقا على قول من ذهب إلى أن اجتناب النجاسة في الصلاة ليس بفرض، وعلى قول من ذهب إلى منع ذلك في الابتداء دون ما يطرأ، وإليه ميل المصنف، وعليه يتخرج صنيع الصحابي الذي استمر في الصلاة بعد أن سالت منه الدماء برمي من رماه، وقد تقدم الحديث عن جابر بذلك في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان ابن عمر‏)‏ هذا الأثر وصله ابن أبي شيبة من طريق برد بن سنان عن نافع أنه ‏"‏ كان إذا كان في الصلاة فرأى في ثوبه دما فاستطاع أن يضعه وضعه، وإن لم يستطع خرج فغسله ثم جاء، فيبني على ما كان صلى‏"‏‏.‏
وإسناده صحيح، وهو يقتضي أنه كان يرى التفرقة بين الابتداء والدوام، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور‏.‏
وقال الشافعي وأحمد‏:‏ يعيد الصلاة، وقيدها مالك بالوقت فإن خرج فلا قضاء، وفيه بحث يطول، واستدل للأولين بحديث أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الصلاة ثم قال ‏"‏ إن جبريل أخبرني أن فيهما قذرا ‏"‏ أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة‏.‏
وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه الحاكم ولم يذكر في الحديث إعادة‏.‏
وهو اختيار جماعة من الشافعية‏.‏
وأما مسألة البناء على ما مضى فتأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن المسيب والشعبي‏)‏ كذا للأكثر وهو الصواب، وللمستملي والسرخسي ‏"‏ وكان ‏"‏ فإن كانت محفوظة فإفراد قوله ‏"‏ إذا صلى ‏"‏ على إرادة كل منهما، والمراد بمسألة الدم ما إذا كان بغير علم المصلي، وكذا الجنابة عند من يقول بنجاسة المني، وبمسألة القبلة ما إذا كان عن اجتهاد ثم تبين الخطأ، وبمسألة التيمم ما إذا كان غير واجد للماء، وكل ذلك ظاهر من سياق الآثار الأربعة المذكورة عن التابعيين المذكورين‏.‏
وقد وصلها عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة مفرقة أوضحتها في تعليق التعليق، وقد تقدمت الإشارة إلى مسألة الدم، وأما مسألة التيمم فعدم وجوب الإعادة قول الأئمة الأربعة وأكثر السلف، وذهب جمع من التابعين - منهم عطاء وابن سيرين ومكحول - إلى وجوب الإعادة مطلقا وأما مسألة بيان الخطأ في القبلة فقال الثلاثة والشافعي في القديم‏:‏ لا يعيد، وهو قول الأكثر أيضا‏.‏
وقال في الجديد‏:‏ تجب الإعادة، واستدل للأولين بحديث أخرجه الترمذي من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه‏.‏
وقال حسن‏:‏ لكن ضعفه غيره‏.‏
وقال العقيلي‏:‏ لا يروي من وجه يثبت‏.‏
وقال ابن العربي‏:‏ مستند الجديد أن خطأ المجتهد يبطل إذا وجد النص بخلافه‏.‏
قال‏:‏ وهذا لا يتم في هذه المسألة إلا بمكة، وأما في غيرها فلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد‏.‏
وأجيب بأن هذه المسألة مصورة فيما إذا تيقن الخطأ فهو انتقال من يقين الخطأ إلى الظن القوي فليس فيه نقض اجتهاد باجتهاد، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ قَالَ ح و حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ ثُمَّ سَمَّى اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبدان‏)‏ أعاده المصنف في أواخر الجزية عنه فقال‏:‏ حدثنا عبدان هو عبد الله بن عثمان، وعرفنا من سياقه هناك أن اللفظ هنا لرواية أحمد بن عثمان، وإنما قرنها برواية عبدان تقوية لها لأن في إبراهيم ابن يوسف مقالا، وأحمد المذكور هو ابن عثمان من حكيم الأودي الكوفي وهو من صغار شيوخ البخاري، وله في هذا الحديث إسناد آخر أخرجه النسائي عنه عن خالد بن مخلد عن علي بن صالح عن أبي إسحاق، ورجال إسناده جميعا كوفيون، وأبو إسحاق هو السبيعي، ويوسف الراوي عنه هو ابن ابنه إسحاق، وأفادت روايته التصريح بالتحديث لأبي إسحاق عن عمرو بن ميمون، ولعمرو عن عبد الله، وعينت أيضا عبد الله بأنه ابن مسعود، وعمرو بن ميمون هو الأودي تابعي كبير مخضرم، أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ثم نزل الكوفة، وهو غير عمرو بن ميمون الجزري الذي تقدم قريبا‏.‏
وهذا الحديث لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإسناد أبي إسحاق هذا، وقد رواه الشيخان من طريق الثوري، والبخاري أيضا من طريق إسرائيل وزهير، ومسلم من رواية زكريا بن أبي زائدة، وكلهم عن أبي إسحاق‏.‏
وسنذكر ما في اختلاف رواياتهم من الفوائد مبينا إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد‏)‏ بقيته من رواية عبدان المذكور ‏"‏ وحوله ناس من قريش من المشركين ‏"‏ ثم ساق الحديث مختصرا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن عبد الله‏)‏ في رواية الكشميهني عن عبد الله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأبو جهل وأصحاب له‏)‏ هم السبعة المدعو عليهم بعد، بينه البزار من طريق الأجلح عن أبي إسحاق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذ قال بعضهم‏)‏ هو أبو جهل، سماه مسلم من رواية زكريا المذكورة وزاد فيه ‏"‏ وقد نحرت جزور بالأمس‏"‏، والجزور من الإبل ما يجزر أي يقطع، وهو بفتح الجيم، والسلى مقصور بفتح المهملة هي الجلدة التي يكون فيها الولد يقال لها ذلك من البهائم، وأما من الآدميات فالمشيمة، وحكى صاحب المحكم أنه يقال فيهن أيضا سلى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيضعه‏)‏ زاد في رواية إسرائيل ‏"‏ فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها ثم يمهله حتى يسجد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانبعث أشقى القوم‏)‏ للكشميهني والسرخسي ‏"‏ أشقى قوم ‏"‏ بالتنكير ففيه مبالغة، لكن المقام يقتضي الأول، لأن الشقاء هنا بالنسبة إلى أولئك الأقوام فقط كما سنقرره بعد، وهو عقبة بن أبي معيط بمهملتين مصغرا سماه شعبة، وفي سياقه عند المصنف اختصار يوهم أنه فعل ذلك ابتداء‏.‏
وقد ساقه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة نحو رواية يوسف هذه وقال فيه‏:‏ فجاء عقبة بن أبي معيط فقذفه على ظهره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا أغنى‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني والمستملي ‏"‏ لا أغير‏"‏، ومعناهما صحيح، أي لا أغنى في كف شرهم، أو لا أغير شيئا من فعلهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لو كانت لي منعة‏)‏ قاله النووي‏:‏ المنعة بفتح النون القوة، قال وحكى الإسكان وهو ضعيف‏.‏
وجزم القرطبي بسكون النون قال‏:‏ ويجوز الفتح على أنه جمع مانع ككاتب وكتبة، وقد رجح القزاز والهروي الإسكان في المفرد، وعكس ذلك صاحب إصلاح المنطق وهو معتمد النووي قال‏:‏ وإنما قال ذلك لأنه لم يكن له بمكة عشيرة، لكونه هذليا حليفا وكان حلفاؤه إذ ذاك كفارا‏.‏
وفي الكلام حذف تقديره‏:‏ لطرحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصرح به مسلم في رواية زكريا، وللبزار ‏"‏ فأنا أرهب - أي أخاف - منهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويحيل بعضهم‏)‏ كذا هنا بالمهملة من الإحالة، والمراد أن بعضهم ينسب فعل ذلك إلى بعض بالإشارة تهكما، ويحتمل أن يكون من حال يحيل بالفتح إذا وثب على ظهر دابته، أي يثب بعضهم على بعض من المرح والبطر، ولمسلم من رواية زكريا ‏"‏ ويميل ‏"‏ بالميم، أي من كثرة الضحك، وكذا للمصنف من رواية إسرائيل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاطمة‏)‏ هي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد إسرائيل ‏"‏ وهي جويرية، فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فطرحته‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني بحذف المفعول، زاد إسرائيل ‏"‏ وأقبلت عليهم تشتمهم ‏"‏ زاد البزار ‏"‏ فلم يردوا عليها شيئا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرفع رأسه‏)‏ زاد البزار من رواية زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق ‏"‏ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أما بعد اللهم ‏"‏ قال البزار‏:‏ تفرد بقوله ‏"‏ أما بعد ‏"‏ زيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال‏)‏ شعر بمهلة بين الرفع والدعاء، وهو كذلك، ففي رواية الأجلح عند البزار ‏"‏ فرفع رأسه كما كان يرفعه عند تمام سجوده، فلما قضى صلاته قال‏:‏ ‏"‏ اللهم ‏"‏ ولمسلم والنسائي نحوه، والظاهر منه أن الدعاء المذكور وقع خارج الصلاة، لكن وقع وهو مستقبل الكعبة كما ثبت من رواية زهير عن أبي إسحاق عند الشيخين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عليك بقريش‏)‏ أي بإهلاك قريش، والمراد الكفار منهم أو من سمى منهم، فهو عام أريد به الخصوص‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاث مرات‏)‏ كرره إسرائيل في روايته لفظا لا عددا، وزاد مسلم في رواية زكريا ‏"‏ وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فشق عليهم‏)‏ ولمسلم من رواية زكريا ‏"‏ فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكانوا يرون‏)‏ بفتح أوله في روايتنا من الرأي أي يعتقدون، وفي غيرها بالضم أي يظنون، والمراد بالبلد مكة‏.‏
ووقع في مستخرج أبي نعيم من الوجه الذي أخرجه منه البخاري ‏"‏ في الثالثة ‏"‏ بدل قوله في ذلك البلد، ويناسبه قوله ‏"‏ ثلاث مرات ‏"‏ ويمكن أن يكون ذلك مما بقي عندهم من شريعة إبراهيم عليه السلام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم سمى‏)‏ أي فصل من أجمل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بأبي جهل‏)‏ في رواية إسرائيل بعمرو بن هشام وهو اسم أبي جهل، فلعله سماه وكناه معا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والوليد بن عتبة‏)‏ هو ولد المذكور بعد أبي جهل، ولم تختلف الروايات في أنه بعين مهملة بعدها مثناة ساكنة ثم موحدة، لكن عند مسلم من رواية زكريا بالقاف بدل المثناة، وهو وهم قديم نبه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق شيخ مسلم على الصواب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمية بن خلف‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ أو أبي بن خلف ‏"‏ شك شعبة، وقد ذكر المصنف الاختلاف فيه عقيب رواية الثوري في الجهاد وقال‏:‏ الصحيح أمية، لكن وقع عنده هناك ‏"‏ أبي بن خلف ‏"‏ وهو وهم معه أو من شيخه أبي بكر عبد الله بن أبي شيبة إذ حدثه فقد رواه شيخه أبو بكر في مسنده فقال ‏"‏ أمية ‏"‏ وكذا رواه مسلم عن أبي بكر والإسماعيلي وأبو نعيم من طريق أبي بكر كذلك وهو الصواب، وأطبق أصحاب المغازي على أن المقتول ببدر أمية، وعلى أن أخاه أبيا قتل بأحد، وسيأتي في المغازي قتل أمية ببدر إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعد السابع فلم نحفظه‏)‏ وقع في روايتنا بالنون وهي للجمع، وفي غيرها بالياء التحتانية‏.‏
قال الكرماني فاعل عد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ابن مسعود وفاعل ‏"‏ فلم نحفظه ‏"‏ ابن مسعود أو عمرو ابن ميمون قلت‏:‏ ولا أدري من أين تهيأ له الجزم بذلك مع أن في رواية الثوري عند مسلم ما يدل على أن فاعل ‏"‏ فلم نحفظه ‏"‏ أبو إسحاق ولفظه ‏"‏ قال أبو إسحاق ونسيت السابع‏"‏، وعلى هذا ففاعل عد عمرو بن ميمون، على أن أبا إسحاق قد تذكره مرة أخرى فسماه عمارة بن الوليد، كذا أخرجه المصنف في الصلاة من رواية إسرائيل عن ابن إسحاق، وسماع إسرائيل من أبي إسحاق في غاية الإتقان للزومه إياه لأنه جده، وكان خصيصا به، قال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ ما فاتني الذي فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق إلا اتكالا على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم‏.‏
وعن إسرائيل قال‏:‏ كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما احفظ سورة الحمد، واستشكل بعضهم عد عمارة بن الوليد في المذكورين لأنه لم يقتل ببدر بل ذكر أصحاب المغازي أنه مات بأرض الحبشة، وله قصة من النجاشي إذ تعرض لامرأته فأمر النجاشي ساحرا فنفخ في إحليل عمارة من سحره عقوبة له فتوحش وصار مع البهائم إلى أن مات في خلافة عمر وقصته مشهورة‏.‏
والجواب أن كلام ابن مسعود في أنه رآهم صرعى في القليب محمول على الأكثر، ويدل عليه أن عقبة بن أبي معيط لم يطرح في القليب وإنما قتل صبرا بعد أن رحلوا عن بدر مرحلة، وأمية بن خلف لم يطرح في القليب كما هو بل مقطعا كما سيأتي، وسيأتي في المغازي كيفية مقتل المذكورين ببدر وزيادة بيان في أحوالهم إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال‏)‏ أي ابن مسعود، والمراد باليد هنا القدرة‏.‏
وفي رواية مسلم ‏"‏ والذي بعث محمدا بالحق ‏"‏ وللنسائي ‏"‏ والذي أنزل عليه الكتاب ‏"‏ وكأن عبد الله قال ذلك تأكيدا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صرعى في القليب‏)‏ في رواية إسرائيل ‏"‏ لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر ‏"‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وأتبع أصحاب القليب لعنة ‏"‏ وهذا يحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه علم عظيم من أعلام النبوة، ويحتمل أن يكون قاله النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ألقوا في القليب، وزاد شعبة في روايته ‏"‏ إلا أمية فإنه تقطعت أوصاله ‏"‏ زاد ‏"‏ لأنه كان بادنا‏"‏، قال العلماء‏:‏ وإنما أمر بإلقائهم فيه لئلا يتأذى الناس بريحهم، وإلا فالحربي لا يجب دفنه، والظاهر أن البئر لم يكن فيها ماء معين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قليب بدر‏)‏ بالجر على البدلية، والقليب بفتح القاف وآخره موحدة هو البئر التي لم تطو وقيل العادية القديمة التي لا يعرف صاحبها‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى هذا الحديث ابن إسحاق في المغازي قال‏:‏ حدثني الأجلح عن أبي إسحاق فذكر هذا الحديث، وزاد في آخره قصة أبي البختري مع النبي صلى الله عليه وسلم في سؤاله إياه عن القصة، وضرب أبي البختري أبا جهل وشجه إياه، والقصة مشهورة في السيرة، وأخرجها البزار من طريق أبي إسحاق وأشار إلى تفرد الأجلح بها عن أبي إسحاق، وفي الحديث تعظيم الدعاء بمكة عند الكفار، وما ازدادت عند المسلمين إلا تعظيما‏.‏
وفيه معرفة الكفار بصدقه صلى الله عليه وسلم لخوفهم من دعائه، ولكن حملهم الحسد على ترك الانقياد له، وفيه حلمه صلى الله عليه وسلم عمن آذاه، ففي رواية الطيالسي عن شعبة في هذا الحديث أن ابن مسعود قال‏:‏ لم أره دعا عليهم إلا يومئذ‏.‏
وإنما استحقوا الدعاء حينئذ لما أقدموا عليه من الاستخفاف به صلى الله عليه وسلم حال عبادة ربه‏.‏
وفيه استحباب الدعاء ثلاثا، وقد تقدم في العلم استحباب السلام ثلاثا وغير ذلك‏.‏
وفيه جواز الدعاء على الظالم، لكن قال بعضهم‏:‏ محله ما إذا كان كافرا، فأما المسلم فيستحب الاستغفار له والدعاء بالتوبة، ولو قيل‏:‏ لا دلالة فيه على الدعاء على الكافر لما كان بعيدا لاحتمال أن يكون اطلع صلى الله عليه وسلم على أن المذكورين لا يؤمنون، والأولى أن يدعي لكل حي بالهداية‏.‏
وفيه قوة نفس فاطمة الزهراء من صغرها، لشرفها في قومها ونفسها، لكونها صرخت بشتمهم وهم رءوس قريش، فلم يردوا عليها‏.‏
وفيه أن المباشرة آكد من السبب والإعانة لقوله في عقبة ‏"‏ أشقى القوم ‏"‏ مع أنه كان فيهم أبو جهل وهو أشد منه كفرا وأذى للنبي صلى الله عليه وسلم لكن الشقاء هنا بالنسبة إلى هذه القصة لأنهم اشتركوا في الأمر والرضا وانفرد عقبة بالمباشرة فكان أشقاهم، ولهذا قتلوا في الحرب وقتل هو صبرا‏.‏
واستدل به على أن من حدث له في صلاته ما يمنع انعقادها ابتداء لا تبطل صلاته ولو تمادى، وعلى هذا ينزل كلام المصنف، فلو كانت نجاسة فأزالها في الحال ولا أثر لها صحت اتفاقا، واستدل به على طهارة فرث ما يؤكل لحمه، وعلى أن إزالة النجاسة ليست بفرض وهو ضعيف، وحمله على ما سبق أولى‏.‏
وتعقب الأول بأن الفرث لم يفرد بل كان مع الدم كما في رواية إسرائيل، والدم نجس اتفاقا‏.‏
وأجيب بأن الفرث والدم كانا داخل السلى وجلدة السلى الظاهرة طاهرة فكان كحمل القارورة المرصصة‏.‏
وتعقب بأنها ذبيحة وثنى، فجميع أجزائها نجسة لأنها ميتة، وأجيب بأن ذلك كان قبل التعبد بتحريم ذبائحهم، وتعقب بأنه يحتاج إلى تاريخ ولا يكفي فيه الاحتمال‏.‏
وقال النووي‏:‏ الجواب المرضي أنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم ما وضع على ظهره، فاستمر في سجوده استصحابا لأصل الطهارة‏.‏
وتعقب بأنه يشكل على قولنا بوجوب الإعادة في مثل هذه الصورة‏.‏
وأجاب بأن الإعادة إنما تجب في الفريضة‏.‏
فإن ثبت أنها فريضة فالوقت موسع فلعله أعاد‏.‏
وتعقب بأنه لو أعاد لنقل ولم ينقل، وبأن الله تعالى لا يقره على التمادي في صلاة فاسدة‏.‏
وقد تقدم أنه خلع نعليه وهو في الصلاة لأن جبريل أخبره أن فيهما قذرا، ويدل على أنه علم بما ألقى على ظهره أن فاطمة ذهبت به قبل أن يرفع رأسه، وعقب هو صلاته بالدعاء عليهم، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:51 PM   #2
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْبُزَاقِ وَالْمُخَاطِ وَنَحْوِهِ فِي الثَّوْبِ
قَالَ عُرْوَةُ عَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ حُدَيْبِيَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَا تَنَخَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب البصاق‏)‏ كذا في روايتنا، وللأكثر بالزاي وهي لغة فيه، وكذا السين وضعفت‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الثوب‏)‏ أي والبدن ونحوه، ودخول هذا في أبواب الطهارة من جهة أنه لا يفسد الماء لو خالطه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عروة‏)‏ هو ابن الزبير، ومروان هو ابن الحكم، وأشار بهذا التعليق إلى الحديث الطويل في قصة الحديبية، وسيأتي بتمامه في الشروط من طريق الزهري عن عروة، وقد علق منه موضعا آخر كما مضى في باب استعمال فضل وضوء الناس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فذكر الحديث‏)‏ يعني وفيه ‏"‏ وما تنخم‏"‏، وغفل الكرماني فظن أن قوله ‏"‏ وما تنخم‏.‏
إلخ ‏"‏ حديث آخر فجوز أن يكون الراوي ساق الحديثين سوقا واحدا، أو يكون أمر التنخم وقع بالحديبية‏.‏
انتهى‏.‏
ولو راجع الموضع الذي ساق المصنف فيه الحديث تاما لظهر له الصواب‏.‏
والنخامة بالضم هي النخاعة كذا في المجمل والصحاح، وقيل بالميم ما يخرج من الفم، وبالعين ما يخرج من الحلق‏.‏
والغرض من هذا الاستدلال على طهارة الريق ونحوه‏.‏
وقد نقل بعضهم فيه الإجماع، لكن روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي أنه ليس بطاهر‏.‏
وقال ابن حزم‏:‏ صح عن سليمان الفارسي وإبراهيم النخعي أن اللعاب نجس إذا فارق الفم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَزَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبِهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ طَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن يوسف‏)‏ هو الفريابي، وسفيان هو الثوري‏.‏
وقد روى أبو نعيم في مستخرجه هذا الحديث من طريق الفريابي وزاد في آخره ‏"‏ وهو في الصلاة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏طوله ابن أبي مريم‏)‏ هو سعيد بن الحكم المصرى أحد شيوخ البخاري، نسب إلى جده‏.‏
وأفادت روايته تصريح حميد بالسماع له من أنس، خلافا لما روى يحيى القطان عن حماد بن سلمة أنه قال‏:‏ حديث حميد عن أنس في البزاق إنما سمعه من ثابت عن أبي نضرة، فظهر أن حميدا لم يدلس فيه‏.‏
ومفعول سمعت الثاني محذوف للعلم به، والمراد أنه كالمتن الذي قبله مع زيادات فيه‏.‏
وقد وقع مطولا أيضا عند المصنف في الصلاة كما سيأتي في باب حك البزاق باليد في المسجد‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ وَلَا الْمُسْكِرِ
وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يحوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر‏)‏ هو من عطف العام على الخاص، أو المراد بالنبيذ ما لم يبلغ حد الإسكار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكرهه الحسن‏)‏ أي البصري، روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق من طريقين عنه قال ‏"‏ لا توضأ بنبيذ ‏"‏ وروى أبو عبيد من طريق أخرى عنه أنه لا بأس به، فعلى هذا فكراهته عنده على التنزيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأبو العالية‏)‏ روى أبو داود وأبو عبيد من طريق أبي خلدة قال‏:‏ سألت أبا العالية عن رجل أصابته جنابة وليس عنده ماء أيغتسل به‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏
وفي رواية أبي عبيد‏:‏ فكرهه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء‏)‏ هو ابن أبي رباح، روى أبو داود أيضا من طريق ابن جريج عنه أنه كره الوضوء بالنبيذ واللبن وقال‏:‏ إن التيمم أحب إلي منه‏.‏
وذهب الأوزاعي إلى جواز الوضوء بالأنبذة كلها، وهو قول عكرمة مولي ابن عباس، وروي عن علي وابن عباس ولم يصح عنهما، وقيده أبو حنيفة في المشهور عنه بنبيذ التمر، واشترط أن لا يكون بحضرة ماء وأن يكون خارج المصر أو القرية، وخالفه صاحباه فقال محمد‏:‏ يجمع بينه وبين التيمم، قيل إيجابا وقيل استحبابا، وهو قول إسحاق‏.‏
وقال أبو يوسف بقول الجمهور‏:‏ لا يتوضأ به بحال، واختاره للطحاوي، وذكر قاضي خان أن أبا حنيفة رجع إلى هذا القول، لكن في المقيد من كتبهم إذا ألقى في الماء تمرات فحلا ولم يزل عنه اسم الماء جاز الوضوء به بلا خلاف، يعني عندهم‏.‏
واستدلوا بحديث ابن مسعود حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ‏"‏ ما في إداوتك‏؟‏ قال‏:‏ نبيذ‏.‏
قال‏:‏ ثمرة طيبة وماء طهور ‏"‏ رواه أبو داود والترمذي وزاد ‏"‏ فتوضأ به ‏"‏ وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه، وقيل - على تقدير صحته - إنه منسوخ، لأن ذلك كان بمكة، ونزول قوله تعالى ‏(‏فلم تجدوا ماء فتيمموا‏)‏ إنما كان بالمدينة بلا خلاف، أو هو محمول على ماء ألقيت فيه تمرات يابسة لم تغير له وصفا، وإنما كانوا يصنعون ذلك لأن غالب مياههم لم تكن حلوة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن الزهري‏)‏ كذا للأصيلي وغيره، ولأبي ذر ‏"‏ حدثنا الزهري‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كل شراب أسكر‏)‏ أي كان من شأنه الإسكار سواء حصل بشربه السكر أم لا، قال الخطابي‏:‏ فيه دليل على أن قليل المسكر وكثيره حرام من أي نوع كان، لأنها صيغة عموم أشير بها إلى جنس، الشراب الذي يكون منه السكر، فهو كما لو قال‏:‏ كل طعام أشبع فهو حلال، فإنه يكون دالا على حل كل طعام من شأنه الإشباع وإن لم يحصل الشبع به لبعض دون بعض‏.‏
ووجه احتجاج البخاري به في هذا الباب أن المسكر لا يحل شربه، وما لا يحل شربه لا يجوز الوضوء به اتفاقا، والله أعلم‏.‏
وسيأتي الكلام على حكم شرب النبيذ في الأشربة إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:53 PM   #3
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الْأَكْبَرِ
وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَاءَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْن الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب دفع السواك إلى الأكبر‏)‏ وقال عفان قال الإسماعيلي‏:‏ أخرجه البخاري بلا رواية‏.‏
قلت‏:‏ وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أراني‏)‏ بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها‏.‏
وفي رواية المستملي ‏"‏ رآني ‏"‏ بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر ‏"‏ أراني في المنام ‏"‏ وللإسماعيلي ‏"‏ رأيت في المنام ‏"‏ فعلى هذا فهو من الرؤيا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقيل لي‏)‏ قائل ذلك له جبريل عليه السلام كما سيذكر من رواية ابن المبارك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كبر‏)‏ أي قدم الأكبر في السن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ أي البخاري ‏(‏اختصره‏)‏ أي المتن ‏(‏نعيم‏)‏ هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نعيم هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ ‏"‏ أمرني جبريل أن أكبر ‏"‏ ورويناها في الغيلانيات من رواية أبي بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ ‏"‏ أن أقدم الأكابر ‏"‏ وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ ‏"‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال‏:‏ إن جبريل أمرني أن أكبر‏"‏، وهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة‏.‏
ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيها على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض‏.‏
ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام‏.‏
وقال المهلب‏:‏ هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقدم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتي الحديث فيه في الأشربة، وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه ‏"‏ وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:00 PM   #4
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ بَدَأَ بِالْحِلَابِ أَوْ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل‏)‏ مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب أشكل أمرها قديما وحديثا على جماعة من الأئمة، فمنهم من نسب البخاري فيها إلى الوهم، ومنهم من ضبط لفظ الحلاب على غير المعروف في الرواية لتتجه المطابقة، ومنهم من تكلف لها توجيها من غير تغيير، فأما الطائفة الأولى فأولهم الإسماعيلي فإنه قال في مستخرجه‏:‏ رحم الله أبا عبد الله - يعني البخاري - من ذا الذي يسلم من الغلط، سبق إلى قلبه أن الحلاب طيب وأي معنى للطيب عند الاغتسال قبل الغسل، وإنما الحلاب إناء وهو ما يحلب فيه يسمى حلابا ومحلبا‏.‏
قال‏:‏ وفي تأمل طرق هذا الحديث بيان ذلك حيث جاء فيه ‏"‏ كان يغتسل من حلاب‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
وهي رواية ابن خزيمة وابن حبان أيضا‏.‏
وقال الخطابي في شرح أبي داود‏:‏ الحلاب إناء يسع قدر حلب ناقة، قال‏:‏ وقد ذكره البخاري وتأوله على استعمال الطيب في الطهور، وأحسبه توهم أنه أريد به المحلب الذي يستعمل في غسل الأيدي، وليس الحلاب من الطيب في شيء، وإنما هو ما فسرت لك‏.‏
قال وقال الشاعر‏:‏ صاح هل رأيت أو سمعت براع رد في الضرع ما فرى في الحلاب وتبع الخطابي ابن قرقول في المطالع وابن الجوزي وجماعة‏.‏
وأما الطائفة الثانية فأولهم الأزهري، قال في التهذيب‏:‏ الحلاب في هذا الحديث ضبطه جماعة بالمهملة واللام الخفيفة أي ما يحلب فيه كالمحلب فصحفوه، وإنما هو الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام وهو ماء الورد فارسي معرب‏.‏
وقد أنكر جماعة على الأزهري هذا من جهة أن المعروف في الرواية بالمهملة والتخفيف ومن جهة المعنى أيضا، قال ابن الأثير لأن الطيب يستعمل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى، لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء‏.‏
وقال الحميدي في الكلام على غريب الصحيحين‏:‏ ضم مسلم هذا الحديث مع حديث الفرق وحديث قدر الصاع في موضع واحد فكأنه تأولها على الإناء، وأما البخاري فربما ظن ظان أنه تأوله على أنه نوع من الطيب يكون قبل الغسل لأنه لم يذكر في الترجمة غير هذا الحديث‏.‏
انتهى‏.‏
فجعل الحميدي كون البخاري أراد ذلك احتمالا، أي ويحتمل أنه أراد غير ذلك لكن لم يفصح به، وقول القاضي عياض‏:‏ الحلاب والمحلب بكسر الميم إناء يملؤه قدر حلب الناقة، وقيل المراد أي في هذا الحديث محلب الطيب وهو بفتح الميم قال‏:‏ وترجمة البخاري تدل على أنه التفت إلى التأويلين، قال‏:‏ وقد رواه بعضهم في غير الصحيحين الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام‏.‏
يشير إلى ما قاله الأزهري‏.‏
وقال النووي‏:‏ قد أنكر أبو عبيد الهروي على الأزهري ما قاله‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ الحلاب بكسر المهملة لا يصح غيرها، وقد وهم من ظنه من الطيب وكذا من قاله بضم الجيم‏.‏
انتهى‏.‏
وأما الطائفة الثالثة فقال المحب الطبري‏:‏ لم يرد البخاري بقوله الطيب ما له عرف طيب، وإنما يبدأ تطييب البدن بإزالة ما فيه من وسخ ودرن ونجاسة إن كانت، وإنما أراد بالحلاب الإناء الذي يغتسل منه يبدأ به فيوضع فيه ماء الغسل قال‏:‏ و ‏"‏ أو ‏"‏ في قوله ‏"‏ أو الطيب ‏"‏ بمعنى الواو، وكذا ثبت في بعض الروايات كما ذكره الحميدي، ومحصل ما ذكره أنه يحمله على إعداد ماء الغسل ثم الشروع في التنظيف قبل الشروع في الغسل‏.‏
وفي الحديث البداءة بشق الرأس لكونه أكثر شعثا من بقية البدن من أجل الشعر، وقيل يحتمل أن يكون البخاري أراد الإشارة إلى ما روي عن ابن مسعود أنه كان يغسل رأسه بخطمي ويكتفي بذلك في غسل الجنابة كما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنه، ورواه أبو داود مرفوعا عن عائشة بإسناد ضعيف، فكأنه يقول‏:‏ دل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الماء في غسل الجنابة، ولم يثبت أنه كان يقدم على ذلك شيئا مما ينقي البدن كالسدر وغيره‏.‏
ويقوي ذلك ما في معظم الروايات ‏"‏ بالحلاب أو الطيب‏"‏، فقوله أو يدل على أن الطيب قسيم الحلاب فيحمل على أنه من غير جنسه، وجميع من اعترض عليه حمله على أنه من جنسه فلذلك أشكل عليهم، والمراد بالحلاب على هذا الماء الذي في الحلاب فأطلق على الحال اسم المحل مجازا‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون أراد بالحلاب الإناء الذي فيه الطيب فالمعنى بدأ تارة بطلب ظرف الطيب وتارة بطلب نفس الطيب فدل حديث الباب على الأول دون الثاني‏.‏
انتهى‏.‏
وهو مستمد من كلام ابن بطال، فإنه قال بعد حكايته لكلام الخطابي‏:‏ وأظن البخاري جعل الحلاب في هذه الترجمة ضربا من الطيب قال‏:‏ فإن كان ظن ذلك فقد وهم، وإنما الحلاب الإناء الذي كان فيه طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يستعمله عند الغسل‏.‏
قال‏:‏ وفي الحديث الحض على استعمال الطيب عند الغسل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
انتهى كلامه‏.‏
فكأنه جعل قوله في الحديث ‏"‏ فأخذ بكفه ‏"‏ أي من الطيب الذي في الإناء ‏"‏ فبدأ بشق رأسه الأيمن ‏"‏ أي فطيبه إلخ‏.‏
ومحصله أن الصفة المذكورة في الحديث صفة التطييب لا الاغتسال، وهو توجيه حسن بالنسبة لظاهر لفظ الرواية التي ساقها البخاري، لكن من تأمل طرق الحديث كما قال الإسماعيلي عرف أن الصفة المذكورة للغسل لا للتطيب، فروى الإسماعيلي من طريق مكي بن إبراهيم عن حنظلة في هذا الحديث ‏"‏ كان يغتسل بقدح ‏"‏ بدل قوله بحلاب وزاد فيه ‏"‏ كان يغسل يديه ثم يغسل وجهه ثم يقول بيده ثلاث غرف ‏"‏ الحديث‏.‏
وللجوزقي من طريق حمدان السلمي عن أبي عاصم ‏"‏ اغتسل فأتى بحلاب فغسل شق رأسه الأيمن ‏"‏ الحديث، فقوله اغتسل ويغسل يدل على أنه إناء الماء لا إناء الطيب، وأما رواية الإسماعيلي من طريق بندار عن أبي عاصم بلفظ ‏"‏ كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة دعا بشيء دون الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه ماء فأفرغ على رأسه ‏"‏ فلولا قوله ماء لأمكن حمله على التطيب قبل الغسل، لكن رواه أبو عوانة في صحيحه عن يزيد بن سنان عن أبي عاصم بلفظ ‏"‏ كان يغتسل من حلاب فيأخذ غرفة بكفيه فيجعلها على شقه الأيمن ثم الأيسر كذلك ‏"‏ فقوله يغتسل وقوله غرفة أيضا مما يدل على أنه إناء الماء‏.‏
وفي رواية لابن حبان والبيهقي ‏"‏ ثم يصب على شق رأسه الأيمن ‏"‏ والتطيب لا يعبر عنه بالصب، فهذا كله يبعد تأويل من حمله على التطيب‏.‏
ورأيت عن بعضهم - ولا أحفظه الآن - أن المراد بالطيب في الترجمة الإشارة إلى حديث عائشة أنها كانت تطيب النبي صلى الله عليه وسلم عند الإحرام، قال ‏"‏ والغسل من سنن الإحرام ‏"‏ وكأن الطيب حصل عند الغسل، فأشار البخاري هنا إلى أن ذلك لم يكن مستمرا من عادته‏.‏
انتهى‏.‏
ويقويه تبويب البخاري بعد ذلك بسبعة أبواب ‏"‏ باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب ‏"‏ ثم ساق حديث عائشة ‏"‏ أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرما ‏"‏ وفي رواية بعدها ‏"‏ كأني أنظر إلى وبيص الطيب - أي لمعانه - في مفرقه صلى الله عليه وسلم وهو محرم ‏"‏ وفي رواية أخرى عنده قبيل هذا الباب ‏"‏ ثم يصبح محرما ينضخ طيبا ‏"‏ فاستنبط الاغتسال بعد التطيب من قولها ‏"‏ ثم طاف على نسائه ‏"‏ لأنه كناية عن الجماع ومن لازمه الاغتسال، فعرف أنه أغتسل بعد أن تطيب وبقي أثر الطيب بعد الغسل لكثرته، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ويكثر منه، فعلى هذا فقوله هنا ‏"‏ من بدأ بالحلاب ‏"‏ أي بإناء الماء الذي للغسل فاستدعى به لأجل الغسل، أو ‏"‏ من بدأ بالطيب ‏"‏ عند إرادة الغسل، فالترجمة مترددة بين الأمرين فدل حديث الباب على مداومته على البداءة بالغسل، وأما التطيب بعده فمعروف من شأنه، وأما البداءة بالطيب قبل الغسل فبالإشارة إلى الحديث الذي ذكرناه‏.‏
وهذا أحسن الأجوبة عندي وأليقها بتصرفات البخاري والله أعلم‏.‏
وعرف من هذا أن قول الإسماعيلي ‏"‏ وأي معنى للطيب عند الغسل ‏"‏ معترض، وكذا قول ابن الأثير الذي تقدم، وفي كلام غيرهما مما تقدم مؤاخذات لم نتعرض لها لظهورها‏.‏
والله الهادي للصواب‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ
الشرح‏:‏
أبو عاصم المذكور في الإسناد هو النبيل وهو من كبار شيوخ البخاري وقد أكثر عنه في هذا الكتاب لكنه نزل في هذا الإسناد فأدخل بينه وبينه واسطة‏.‏
وحنظلة هو ابن أبي سفيان الجمحي‏.‏
والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر‏.‏
وقوله ‏"‏كان إذا اغتسل ‏"‏ أي إذا أراد أن يغتسل كما تبين من رواية الإسماعيلي‏.‏
وقوله ‏"‏دعا ‏"‏ أي طلب‏.‏
وقوله ‏"‏نحو الحلاب ‏"‏ أي إناء قريب من الإناء الذي يسمى الحلاب، وقد وصفه أبو عاصم بأنه أقل من شبر في شبر أخرجه أبو عوانة في صحيحه عنه‏.‏
وفي رواية لابن حبان ‏"‏ وأشار أبو عاصم بكفيه ‏"‏ فكأنه حلق بشبريه يصف به دوره الأعلى‏.‏
وفي رواية للبيهقي ‏"‏ كقدر كوز يسع ثمانية أرطال‏"‏، وزاد مسلم في روايته لهذا الحديث عن محمد بن المثنى أيضا بهذا الإسناد بعد قوله الأيسر ‏"‏ ثم بكفيه فقال بهما على رأسه ‏"‏ فأشار بقوله أخذ بكفيه إلى الغرفة الثالثة كما صرحت به رواية أبي عوانة، وقوله ‏"‏بكفه ‏"‏ وقع في رواية الكشميهني ‏"‏ بكفيه ‏"‏ بالتثنية وقوله ‏"‏ على وسط رأسه ‏"‏ هو بفتح السين قال الجوهري كل موضع صلح فيه ‏"‏ بين ‏"‏ فهو وسط بالسكون وإن لم يصلح فهو بالتحريك‏.‏
وفي الحديث استحباب البداءة بالميامن في التطهر، وبذلك ترجم عليه ابن خزيمة والبيهقي‏.‏
وفيه الاجتزاء بالغسل بثلاث غرفات، وترجم على ذلك ابن حبان‏.‏
وسنذكر الكلام على قوله ‏"‏ فقال بهما ‏"‏ في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:05 PM   #5
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَخْلِيلِ الشَّعَرِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تخليل الشعر‏)‏ أي في غسل الجنابة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا اغتسل‏)‏ أي أراد أن يغتسل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا ظن‏)‏ يحتمل أن يكون على بابه ويكتفي فيه بالغلبة، ويحتمل أن يكون بمعنى علم‏.‏
قوله ‏(‏أروى‏)‏ هو فعل ماض من الإرواء، يقال أرواه إذا جعله ريانا، والمراد بالبشرة هنا ما تحت الشعر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أفاض عليه‏)‏ أي على شعره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم غسل سائر جسده‏)‏ أي بقية جسده، وقد تقدم من رواية مالك عن هشام في أول كتاب الغسل هنا ‏"‏ على جلده كله ‏"‏ فيحتمل أن يقال إن سائر هنا بمعنى الجميع جمعا بين الروايتين‏.‏
وبقية مباحث الحديث تقدمت هناك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقالت‏)‏ أي عائشة ‏"‏ وهو معطوف على الأول فهو متصل بالإسناد المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نغرف‏)‏ إسكان المعجمة بعدها راء مكسورة، وله في الاعتصام ‏"‏ نشرع فيه جميعا ‏"‏ وقد تقدمت مباحثه في باب‏:‏ هل يدخل الجنب يده في الطهور‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب من توضأ في الجنابة‏)‏ سقط من أواخر الترجمة لفظ ‏"‏ منه ‏"‏ من رواية غير أبي ذر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا‏)‏ ولأبي ذر ‏(‏حدثنا الفضل‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة‏)‏ كذا للأكثر بالإضافة، ولكريمة ‏"‏ وضوءا ‏"‏ بالتنوين ‏"‏ لجنابة ‏"‏ بلام واحدة، وللكشميهني ‏"‏ جنابة‏"‏، ولرفيقيه ‏"‏ وضع ‏"‏ على البناء للمفعول ‏"‏ لرسول الله ‏"‏ بزيادة اللام أي لأجله ‏"‏ وضوء ‏"‏ بالرفع والتنوين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكفأ‏)‏ ولغير أبي ذر ‏"‏ فأكفأ ‏"‏ أي قلب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على يساره‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي وكريمة ‏"‏ على شماله‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ضرب يده بالأرض‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ ضرب بيده الأرض‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم غسل جسده‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ حديث عائشة الذي في الباب قبله أليق بالترجمة، لأن فيه ‏"‏ ثم غسل سائر جسده ‏"‏ وأما حديث الباب ففيه ‏"‏ ثم غسل جسده ‏"‏ فدخل في عمومه مواضع الوضوء فلا يطابق قوله ‏"‏ ولم يعد غسل مواضع الوضوء ‏"‏ وأجاب ابن المنير بأن قرينة الحال والعرف من سياق الكلام يخص أعضاء الوضوء فإن تقديم غسل أعضاء الوضوء وعرف الناس من مفهوم الجسد إذا أطلق بعده يعطي ذلك ا ه‏.‏
ولا يخفى تكلفه‏.‏
وأجاب ابن التين بأن مراد البخاري أن يبين أن المراد بقوله في هذه الرواية ‏"‏ ثم غسل جسده ‏"‏ أي ما بقي من جسده، بدليل الرواية الأخرى‏.‏
وهذا فيه نظر لأن هذه القصة غير تلك القصة كما قدمنا في أوائل الغسل‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لفظ ‏"‏ جسده ‏"‏ شامل لجميع أعضاء البدن فيحمل عليه الحديث السابق، أو المراد هنا بسائر جسده أي باقيه بعد الرأس لا أعضاء الوضوء‏.‏
قلت‏:‏ ومن لازم هذا التقرير أن الحديث غير مطابق للترجمة‏.‏
والذي يظهر لي أن البخاري حمل قوله ‏"‏ ثم غسل جسده ‏"‏ على المجاز أي ما بقي بعدما تقدم ذكره، ودليل ذلك قوله بعد ‏"‏ فغسل رجليه ‏"‏ إذ لو كان قوله ‏"‏ غسل جسده ‏"‏ محمولا على عمومه لم يحتج لغسل رجليه ثانيا، لأن غسلهما كان يدخل في العموم، وهذا أشبه بتصرفات البخاري، إذ من شأنه الاعتناء بالأخفى أكثر من الأجلى‏.‏
واستنبط ابن بطال من كونه لم يعد غسل مواضع الوضوء إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة، وإجزاء الصلاة بالوضوء المجدد لمن تبين أنه كان قبل التجديد محدثا‏.‏
والاستنباط المذكور مبني عنده على أن الوضوء الواقع في غسل الجنابة سنة وأجزأ مع ذلك عن غسل تلك الأعضاء بعده‏.‏
وهي دعوى مردودة، لأن ذلك يختلف باختلاف النية، فمن نوى غسل الجنابة وقدم أعضاء الوضوء لفضيلته ثم غسله وإلا فلا يصح البناء المذكور‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ينفض الماء بيده‏)‏ سقط ‏"‏ الماء ‏"‏ من غير رواية أبي ذر، وللأصيلي ‏"‏ فجعل ينفض بيده‏.‏
وباقي مباحث المتن تقدم في أوائل الغسل‏.‏
والله المستعان‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:09 PM   #6
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الْجُنُبُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ
الشرح‏:‏
‏(‏باب الجنب يخرج ويمشي في السوق‏)‏ قوله‏:‏ ‏(‏وغيره‏)‏ بالجر أي وغير السوق، ويحتمل الرفع عطفا على يخرج من جهة المعنى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء‏)‏ كذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه وزاد ‏"‏ ويطلي بالنورة ‏"‏ ولعل هذه الأفعال هي المرادة بقوله ‏"‏ وغيره ‏"‏ بالرفع في الترجمة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد‏)‏ هو ابن أبي عروبة، كذا لهم إلا الأصيلي فقال شعبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن النبي‏)‏ وفي رواية الأصيلي وكريمة ‏"‏ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وقد تقدم الكلام على هذا الحديث برقم 268 في باب إذا جامع ثم عاد وإيراده له في هذا الباب يقوي رواية ‏"‏ وغيره ‏"‏ بالجر لأن حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت متقاربة فهو محتاج في الدخول في هذه إلى هذه إلى المشي، وعلى هذا فناسبة إيراد أثر عطاء من جهة الاشتراك في جواز تشاغل الجنب بغير غسل، وقد خالف عطاء غيره كما رواه أبي شيبة عن الحسن البصري وغيره فقالوا‏:‏ يستحب له الوضوء وحديث أنس يقوي اختيار عطاء لأنه لم يذكر فيه أنه توضأ فكأن المصنف أورده ليستدل له لا ليستدل به‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عياش‏)‏ بياء تحتانية وشين معجمة هو ابن الوليد الرقام، وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى والإسناد أيضا إلى أبي رافع بصريون، وقد سبق الكلام على هذا الحديث في الباب الذي قبله قوله‏:‏ ‏(‏فانسللت‏)‏ أي ذهبت في خفية، والرحل بحاء مهملة ساكنة أي المكان الذي يأوى فيه، وقوله ‏"‏يا أبا هريرة ‏"‏ وقع في رواية المستملي والكشميهني ‏"‏ يا أبا هر ‏"‏ بالترخيم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب كينونة الجنب في البيت‏)‏ أي استقراره فيه، وكينونة مصدر كان يكون كونا وكينونة، ولم يجيء على هذا إلا أحرف معدودة مثل ديمومة من دام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا توضأ‏)‏ زاد أبو الوقت وكريمة ‏"‏ قبل أن يغتسل ‏"‏ وسقط الجميع من رواية المستملي والحموي، قيل أشار المصنف بهذه الترجمة إلى تضعيف ما ورد عن على مرفوعا ‏"‏ إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب ‏"‏ رواه أبو داود وغيره، وفيه نجى بضم النون وفتح الجيم الحضرمي، ما روى عنه غير ابنه عبد الله فهو مجهول، لكن وثقه العجلي وصحح حديثه ابن حبان والحاكم، فيحتمل كما قال الخطابي أن المراد بالجنب من يتهاون بالاغتسال ويتخذ تركه عادة لا من يؤخره ليفعله، قال‏:‏ ويقويه أن المراد بالكلب غير ما أذن في اتخاذه، وبالصورة ما فيه روح وما لا يمتهن، قال النووي‏:‏ وفي الكلب نظر‏.‏
انتهى‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بالجنب في حديث على من لم يرتفع حدثه كله ولا بعضه، وعلى هذا فلا يكون بينه وبين حديث الباب منافاة، لأنه إذا توضأ ارتفع بعض حدثه على الصحيح كما سيأتي تصويره‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ قَالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي، وشيبان هو ابن عبد الرحمن، ويحيى هو ابن أبي كثير، وصرح بتحديث أبي سلمة له في رواية ابن أبي شيبة‏.‏
ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ابن عمر أخرجه النسائي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال نعم ويتوضأ‏)‏ هو معطوف على ما سد لفظ ‏"‏ نعم ‏"‏ مسده أي يرقد ويتوضأ، والواو لا تقتضي الترتيب فالمعنى يتوضأ ثم يرقد، ولمسلم من طريق الزهري عن أبي سلمة بلفظ ‏"‏ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة‏"‏، وهذا السياق أوضح في المراد‏.‏
وللمصنف مثله في الباب الذي بعد هذا من رواية عروة عن عائشة بزيادة ‏"‏ غسل الفرج ‏"‏ وزاد أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي نعيم شيخ البخاري في آخر حديث الباب ‏"‏ ويتوضأ وضوءه للصلاة ‏"‏ وللإسماعيلي من وجه آخر عن هشام نحوه، وفيه رد على من حمل الوضوء هنا على التنظيف‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب نَوْمِ الْجُنُبِ
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن عمر بن الخطاب سأل‏)‏ ظاهره أن ابن عمر حضر هذا السؤال، فيكون الحديث من مسنده وهو المشهور من رواية نافع، وروى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه قال ‏"‏ يا رسول الله ‏"‏ أخرجه النسائي، وعلى هذا فهو من مسند عمر، وكذا رواه مسلم من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر، لكن ليس في هذا الاختلاف ما يقدح في صحة الحديث، ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن جواز رقاد الجنب في البيت يقتضي جواز استقراره فيه يقظان لعدم الفرق، أو لأن نومه يستلزم الجواز لحصول اليقظة بين وضوئه ونومه، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير‏.‏
ووقع في رواية كريمة قبل حديث ابن عمر ‏"‏ باب نوم الجنب ‏"‏ وهذه الترجمة زائدة للاستغناء عنها بباب الجنب يتوضأ ثم ينام، ويحتمل أن يكون ترجم على الإطلاق وعلى التقييد في تكون زائدة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن عبد الرحمن‏)‏ هو أبو الأسود الذي يقال له يتيم عروة‏.‏
ونصف هذا الإسناد المبتدأ به بصريون ونصفه الأعلى مدنيون‏.‏
قوله ‏(‏وتوضأ للصلاة‏)‏ أي توضأ وضوءا كما للصلاة، وليس المعنى أنه توضأ لأداء الصلاة، وإنما المراد توضأ وضوءا شرعيا لا لغويا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا جويرية‏)‏ بالجيم والراء مصغرا وهو اسم رجل، واسم أبيه أسماء بن عبيد، وقد سمع جويرية هذا من نافع مولى ابن عمر ومن مالك عن نافع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ في رواية ابن عساكر ‏"‏ عن ابن عمر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال نعم إذا توضأ‏)‏ ولمسلم من طريق ابن جريج عن نافع ‏"‏ ليتوضأ ثم لينم‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن دينار‏)‏ هكذا رواه مالك في الموطأ باتفاق من رواة الموطأ، ورواه خارج الموطأ عن نافع بدل عبد الله بن دينار، وذكر أبو علي الجياني أنه وقع في رواية ابن السكن عن نافع بدل عبد الله بن دينار، وكان كذلك عند الأصيلي إلا أنه ضرب على نافع وكتب فوقه ‏"‏ عبد الله بن دينار ‏"‏ قال أبو علي‏:‏ والحديث محفوظ لمالك عنهما جميعا‏.‏
انتهى كلامه‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ الحديث لمالك عنهما جميعا، لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار وحديث نافع غريب‏.‏
انتهى‏.‏
وقد رواه عنه كذلك عن نافع خمسة أو ستة فلا غرابة، وإن ساقه الدارقطني في غرائب مالك فمراده ما رواه خارج الموطأ، فهي غرابة خاصة بالنسبة للموطأ، نعم رواية الموطأ أشهر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكر عمر بن الخطاب‏)‏ مقتضاه أيضا أنه من مسند ابن عمر كما هو عند أكثر الرواة، ورواه أبو نوح عن مالك فزاد فيه عن عمر، وقد بين النسائي سبب ذلك في روايته من طريق ابن عون عن نافع قال‏:‏ أصاب ابن عمر جنابة فأتى عمر فذكر ذلك له، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فاستأمره فقال ‏"‏ ليتوضأ ويرقد ‏"‏ وعلى هذا فالضمير في قوله في حديث الباب ‏"‏ أنه تصيبه ‏"‏ يعود على ابن عمر لا على عمر، وقوله في الجواب ‏"‏ توضأ ‏"‏ يحتمل أن يكون ابن عمر كان حاضرا فوجه الخطاب إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بأنه‏)‏ كذا للمستملي والحموي وللباقين ‏"‏ أنه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال له‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ له ‏"‏ من رواية الأصيلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏توضأ واغسل ذكرك‏)‏ في رواية أبي نوح ‏"‏ اغسل ذكرك ثم توضأ ثم نم ‏"‏ وهو يرد على من حمله على ظاهره فقال‏:‏ يجوز تقديم الوضوء على غسل الذكر لأنه ليس بوضوء يرفع الحدث وإنما هو للتعبد إذ الجنابة أشد من مس الذكر، فتبين من رواية أبي نوح أن غسله مقدم على الوضوء، ويمكن أن يؤخذ عنه بشرط أن لا يمسه على القول بأن مسه ينقض‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ جاء الحديث بصيغة الأمر وجاء بصيغة الشرط، وهو متمسك لمن قال بوجوبه‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ‏.‏
وقال ابن العربي‏:‏ قال مالك والشافعي لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال‏:‏ لم يقل الشافعي بوجوبه، ولا يعرف ذلك أصحابه‏.‏
وهو كما قال، لكن كلام ابن العربي محمول على أنه أراد نفي الإباحة المستوية الطرفين لا إثبات الوجوب، أو أراد بأنه واجب وجوب سنة أي متأكد الاستحباب، ويدل عليه أنه قابله بقول ابن حبيب‏:‏ هو واجب وجوب الفرائض، وهذا موجود في عبارة المالكية كثيرا، وأشار ابن العربي إلى تقوية قول ابن حبيب، وبوب عليه أبو عوانة في صحيحه إيجاب الوضوء عن الجنب إذا أراد النوم، ثم استدل بعد ذلك هو وابن خزيمة على عدم الوجوب بحديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ‏"‏ وقد تقدم ذكره في باب إذا جامع ثم عاد‏.‏
وقد قدح في هذا الاستدلال ابن رشد المالكي، وهو واضح‏.‏
ونقل الطحاوي عن أبي يوسف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماء رواه أبو داود وغيره، وتعقب بأن الحفاظ قالوا إن أبا إسحاق غلط فيه، وبأنه لو صح حمل على أنه ترك الوضوء لبيان الجواز لئلا يعتقد وجوبه، أو أن معنى قوله لا يمس ماء أي للغسل، وأورد الطحاوي من الطريق المذكورة عن أبي إسحاق ما يدل على ذلك، ثم جنح الطحاوي إلى أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي الحديث وهو صاحب القصة كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه كما رواه مالك في الموطأ عن نافع، وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بالصلاة من روايته ومن رواية عائشة كما تقدم فيعتمد ويحمل ترك ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر‏.‏
وقال جمهور العلماء‏:‏ المراد بالوضوء هنا الشرعي، والحكمة فيه أنه يخفف الحدث، ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل فينويه فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء المخصوصة على الصحيح، ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال ‏"‏ إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة ‏"‏ وقيل‏:‏ الحكمة فيه أنه إحدى الطهارتين، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه‏.‏
وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو تيمم، ويحتمل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء، وقيل الحكمة فيه أنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ نص الشافعي رحمه الله على أن ذلك ليس على الحائض، لأنها لو اغتسلت لم يرتفع حدثها بخلاف الجنب، لكن إذا انقطع دمها استحب لها ذلك‏.‏
وفي الحديث أن غسل الجنابة ليس على الفور، وإنما يتضيق عند القيام إلى الصلاة، واستحباب التنظيف عند النوم، قال ابن الجوزي‏:‏ والحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:35 PM   #7
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب كينونة الجنب في البيت‏)‏ أي استقراره فيه، وكينونة مصدر كان يكون كونا وكينونة، ولم يجيء على هذا إلا أحرف معدودة مثل ديمومة من دام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا توضأ‏)‏ زاد أبو الوقت وكريمة ‏"‏ قبل أن يغتسل ‏"‏ وسقط الجميع من رواية المستملي والحموي، قيل أشار المصنف بهذه الترجمة إلى تضعيف ما ورد عن على مرفوعا ‏"‏ إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب ‏"‏ رواه أبو داود وغيره، وفيه نجى بضم النون وفتح الجيم الحضرمي، ما روى عنه غير ابنه عبد الله فهو مجهول، لكن وثقه العجلي وصحح حديثه ابن حبان والحاكم، فيحتمل كما قال الخطابي أن المراد بالجنب من يتهاون بالاغتسال ويتخذ تركه عادة لا من يؤخره ليفعله، قال‏:‏ ويقويه أن المراد بالكلب غير ما أذن في اتخاذه، وبالصورة ما فيه روح وما لا يمتهن، قال النووي‏:‏ وفي الكلب نظر‏.‏
انتهى‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بالجنب في حديث على من لم يرتفع حدثه كله ولا بعضه، وعلى هذا فلا يكون بينه وبين حديث الباب منافاة، لأنه إذا توضأ ارتفع بعض حدثه على الصحيح كما سيأتي تصويره‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ قَالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي، وشيبان هو ابن عبد الرحمن، ويحيى هو ابن أبي كثير، وصرح بتحديث أبي سلمة له في رواية ابن أبي شيبة‏.‏
ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ابن عمر أخرجه النسائي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال نعم ويتوضأ‏)‏ هو معطوف على ما سد لفظ ‏"‏ نعم ‏"‏ مسده أي يرقد ويتوضأ، والواو لا تقتضي الترتيب فالمعنى يتوضأ ثم يرقد، ولمسلم من طريق الزهري عن أبي سلمة بلفظ ‏"‏ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة‏"‏، وهذا السياق أوضح في المراد‏.‏
وللمصنف مثله في الباب الذي بعد هذا من رواية عروة عن عائشة بزيادة ‏"‏ غسل الفرج ‏"‏ وزاد أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي نعيم شيخ البخاري في آخر حديث الباب ‏"‏ ويتوضأ وضوءه للصلاة ‏"‏ وللإسماعيلي من وجه آخر عن هشام نحوه، وفيه رد على من حمل الوضوء هنا على التنظيف‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-20-2013, 08:19 PM   #8
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*باب الِاسْتِحَاضَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاستحاضة‏)‏ قدم أنها جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه، وأنه يخرج من عرق يقال له العاذل بعين مهملة وذال معجمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إني لا أطهر‏)‏ تقدم في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية عن هشام وهو ابن عروة‏.‏

في هذا الحديث التصريح ببيان السبب وهو قولها ‏"‏ إني أستحاض ‏"‏ وكان عندها أن طهارة الحائض لا تعرف إلا بانقطاع الدم فكنت بعدم الطهر عن اتصاله، وكانت علمت أن الحائض لا تصلي فظنت أن ذلك الحكم مقترن بجريان الدم من الفرح فأرادت تحقق ذلك فقالت ‏"‏ أفأدع الصلاة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنما ذلك‏)‏ بكسر الكاف وزاد في الرواية الماضية ‏"‏ فقال لا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وليس بالحيضة‏)‏ بفتح الحاء كما نقله الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم، وإن كان قد اختار الكسر على إرادة الحالة لكن الفتح هنا أظهر‏.‏

وقال النووي‏:‏ وهو متعين أو قريب من المتعين لأنه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض‏.‏

وأما قوله ‏"‏ فإذا أقبلت الحيضة ‏"‏ فيجوز فيه الوجهان معا جوازا حسنا‏.‏

انتهى كلامه‏.‏

والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاغسلي عنك الدم وصلي‏)‏ أي بعد الاغتسال كما سيأتي التصريح به في باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة في هذا الحديث قال في آخره ‏"‏ ثم اغتسلي وصلي ‏"‏ ولم يذكر غسل الدم‏.‏

وهذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام، منهم من ذكر غسل الدم ولم يذكر الاغتسال ومنهم من ذكر الاغتسال ولم يذكر غسل الدم، كلهم ثقات وأحاديثهم في الصحيحين، فيحمل على أن كل فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده‏.‏

وفيه اختلاف ثالث أشرنا إليه في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية فذكر مثل حديث الباب وزاد ‏"‏ ثم توضئي لكل صلاة ‏"‏ ورددنا هناك قول من قال إنه مدرج، وقول من جزم بأنه موقوف على عروة، ولم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد رواه النسائي من طريق حماد بن زيد عن، هشام وادعى أن حمادا تفرد بهذه الزيادة، وأومأ مسلم أيضا إلى ذلك، وليس كذلك، فقد رواه الدارمي من طريق حماد بن سلمة والسراج من طريق يحيى بن سليم كلاما عن هشام، وفي الحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله ‏"‏ ثم توضئي لكل صلاة‏"‏، وبهذا قال الجمهور، وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعلى قولهم المراد بقوله ‏"‏ وتوضئي لكل صلاة ‏"‏ أي لوقت كل صلاة، ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل‏.‏

وعند المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحديث آخر‏.‏

وقال أحمد وإسحاق‏:‏ إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط‏.‏

وفيه جوازا استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق، بأحوال النساء، وجواز سماع صونها للحاجة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-20-2013, 08:29 PM   #9
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مخلقة وغير مخلقة‏)‏ رويناه بالإضافة، أي باب تفسير قوله تعالى ‏(‏مخلقة وغير مخلقة‏)‏ وبالتنوين وتوجيهه ظاهر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حماد‏)‏ هو ابن زيد، وعبيد الله بالتصغير ابن أبي بكر بن أنس بن مالك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الله عز وجل‏)‏ وقع في روايتنا بالتخفيف، يقال وكله بكذا إذا استكفاه إياه وصرف أمره إليه، وللأكثر بالتشديد وهو موافق لقوله تعالى ‏(‏ملك الموت الذي وكل بكم‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقول يا رب نطفة‏)‏ بالرفع والتنوين، أي وقعت في الرحم نطفة‏.‏

وفي رواية القابسي بالنصب أي خلقت يا رب نطفة، ونداء الملك بالأمور الثلاثة ليس في دفعة واحدة، بل بين كل حالة وحالة مدة تبين من حديث ابن مسعود الآتي في كتاب القدر أنها أربعون يوما، وسيأتي الكلام هناك على بقية فوائد حديث أنس هذا، والجمع بينه وبين ما ظاهره التعارض من حديث ابن مسعود المذكور، ومناسبة الحديث للترجمة من جهة أن الحديث المذكور مفسر للآية‏.‏

وأوضح منه سياقا ما رواه الطبري من طريق داود ابن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال‏:‏ ‏"‏ إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال‏:‏ يا رب مخلقة أو غير مخلقة‏؟‏ فإن قال غير مخلقة مجها الرحم دما، وإن قال مخلقة قال‏:‏ يا رب فما صفة هذه النطفة‏؟‏ ‏"‏ فذكر الحديث وإسناده صحيح، وهو موقوف لفظا مرفوع حكما، وحكى الطبري لأهل التفسير في ذلك أقوالا وقال‏:‏ الصواب قول من قال المخلقة المصورة خلقا تاما، وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه، وهو قول مجاهد والشعبي وغيرهما‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ غرض البخاري بإدخال هذا الحديث في أبواب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض، وهو قول الكوفيين وأحمد وأبي ثور وابن المنذر وطائفة، وإليه ذهب الشافعي في القديم‏.‏

وقال في الجديد‏:‏ إنها تحيض، وبه قال إسحاق، وعن مالك روايتان‏.‏

قلت‏:‏ وفي الاستدلال بالحديث المذكور على أنها لا تحيض نظر، لأنه لا يلزم من كون ما يخرج من الحامل هو السقط الذي لم يصور أن لا يكون صلى الله عليه وسلم الدم الذي تراه المرأة التي يستمر حملها ليس بحيض‏.‏

وما ادعاه المخالف من أنه رشح من الولد أو من فضلة غذائه أو دم فساد لعلة فمحتاج إلى دليل‏.‏

وما ورد في ذلك من خبر أو أثر لا يثبت، لأن هذا دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم دم الحيض، فمن ادعى خلافه فعليه البيان‏.‏

وأقوى حججهم أن استبراء الأمة اعتبر بالمحيض لتحقق براءة الرحم من الحمل، فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءة بالحيض، واستدل ابن المنير على أنه ليس بدم حيض بأن الملك موكل برحم الحامل، والملائكة لا تدخل بيتا فيه قذر ولا يلائمها ذلك‏.‏

وأجيب بأنه لا يلزم من كون الملك موكلا به أن يكون حالا فيه، ثم هو مشترك الإلزام لأن الدم كله قذر، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 11:58 AM   #10
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض‏)‏ أي هل يجب أم لا‏؟‏ وظاهر الحديث الوجوب، وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد، ورجح جماعة من أصحابه أنه للاستحباب فيهما‏.‏
قال ابن قدامة‏:‏ ولا أعلم أحدا قال بوجوبه فيهما إلا ما روي عن عبد الله بن عمرو‏.‏
قلت‏:‏ وهو في مسلم عنه، وفيه إنكار عائشة عليه الأمر بذلك، لكن ليس فيه تصريح بأنه كان يوجبه‏.‏
وقال النووي‏:‏ حكاه أصحابنا عن النخعي، واستدل الجمهور على عدم الوجوب بحديث أم سلمة ‏"‏ قالت‏:‏ يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة‏؟‏ قال‏:‏ لا ‏"‏ رواه مسلم‏.‏
وفي رواية له ‏"‏ للحيضة والجنابة ‏"‏ وحملوا الأمر في حديث الباب على الاستحباب جمعا بين الروايتين، أو يجمع بالتفصيل بين من لا يصل الماء إليها إلا بالنقض فيلزم وإلا فلا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قَالَ هِشَامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليهلل‏)‏ في رواية الأصيلي ‏"‏ فليهل ‏"‏ بلام واحدة مشددة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لأحللت‏)‏ في رواية كريمة والحموي ‏"‏ لأهللت ‏"‏ بالهاء، وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث والذي قبله في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب مخلقة وغير مخلقة‏)‏ رويناه بالإضافة، أي باب تفسير قوله تعالى ‏(‏مخلقة وغير مخلقة‏)‏ وبالتنوين وتوجيهه ظاهر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حماد‏)‏ هو ابن زيد، وعبيد الله بالتصغير ابن أبي بكر بن أنس بن مالك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن الله عز وجل‏)‏ وقع في روايتنا بالتخفيف، يقال وكله بكذا إذا استكفاه إياه وصرف أمره إليه، وللأكثر بالتشديد وهو موافق لقوله تعالى ‏(‏ملك الموت الذي وكل بكم‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقول يا رب نطفة‏)‏ بالرفع والتنوين، أي وقعت في الرحم نطفة‏.‏
وفي رواية القابسي بالنصب أي خلقت يا رب نطفة، ونداء الملك بالأمور الثلاثة ليس في دفعة واحدة، بل بين كل حالة وحالة مدة تبين من حديث ابن مسعود الآتي في كتاب القدر أنها أربعون يوما، وسيأتي الكلام هناك على بقية فوائد حديث أنس هذا، والجمع بينه وبين ما ظاهره التعارض من حديث ابن مسعود المذكور، ومناسبة الحديث للترجمة من جهة أن الحديث المذكور مفسر للآية‏.‏
وأوضح منه سياقا ما رواه الطبري من طريق داود ابن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال‏:‏ ‏"‏ إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال‏:‏ يا رب مخلقة أو غير مخلقة‏؟‏ فإن قال غير مخلقة مجها الرحم دما، وإن قال مخلقة قال‏:‏ يا رب فما صفة هذه النطفة‏؟‏ ‏"‏ فذكر الحديث وإسناده صحيح، وهو موقوف لفظا مرفوع حكما، وحكى الطبري لأهل التفسير في ذلك أقوالا وقال‏:‏ الصواب قول من قال المخلقة المصورة خلقا تاما، وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه، وهو قول مجاهد والشعبي وغيرهما‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ غرض البخاري بإدخال هذا الحديث في أبواب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض، وهو قول الكوفيين وأحمد وأبي ثور وابن المنذر وطائفة، وإليه ذهب الشافعي في القديم‏.‏
وقال في الجديد‏:‏ إنها تحيض، وبه قال إسحاق، وعن مالك روايتان‏.‏
قلت‏:‏ وفي الاستدلال بالحديث المذكور على أنها لا تحيض نظر، لأنه لا يلزم من كون ما يخرج من الحامل هو السقط الذي لم يصور أن لا يكون صلى الله عليه وسلم الدم الذي تراه المرأة التي يستمر حملها ليس بحيض‏.‏
وما ادعاه المخالف من أنه رشح من الولد أو من فضلة غذائه أو دم فساد لعلة فمحتاج إلى دليل‏.‏
وما ورد في ذلك من خبر أو أثر لا يثبت، لأن هذا دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم دم الحيض، فمن ادعى خلافه فعليه البيان‏.‏
وأقوى حججهم أن استبراء الأمة اعتبر بالمحيض لتحقق براءة الرحم من الحمل، فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءة بالحيض، واستدل ابن المنير على أنه ليس بدم حيض بأن الملك موكل برحم الحامل، والملائكة لا تدخل بيتا فيه قذر ولا يلائمها ذلك‏.‏
وأجيب بأنه لا يلزم من كون الملك موكلا به أن يكون حالا فيه، ثم هو مشترك الإلزام لأن الدم كله قذر، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:07 PM   #11
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ كأن المصنف نزل فقد شرعية التيمم منزلة فقد التراب بعد شرعية التيمم، فكأنه يقول‏:‏ حكمهم في عدم المطهر - الذي هو الماء خاصة - كحكمنا في عدم المطهرين الماء والتراب‏.‏
وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة، لأن الحديث ليس فيه أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين‏.‏
ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها، وصححه أكثر أصحابه، واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر لا تجب، واحتجوا بحديث الباب، لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة‏.‏
وتعقب بأن الإعادة لا تجب على الفور فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة‏.‏
وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة‏.‏
وقال مالك وأبو حنيفة في المشهور عنهما‏:‏ لا يصلي، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه‏:‏ يجب عليه القضاء، وبه قال الثوري والأوزاعي‏.‏
وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون‏:‏ لا يجب عليه القضاء‏.‏
وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة‏.‏
وحكى النووي في شرح المهذب عن القديم‏:‏ تستحب الصلاة وتجب الإعادة وبهذا تصير الأقوال خمسة‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زكريا بن يحيى‏)‏ هكذا وقع في جميع الروايات غير منسوب، وكذا في قصة سعد بن معاذ فإنه أوردها في الصلاة والهجرة والمغازي بهذا الإسناد عنه ولم ينسبه، وأعاده في التفسير تاما، ومثله في الصلاة حديث ‏"‏ مر أبا بكر أن يصلي بالناس ‏"‏ وكذا سبق في ‏"‏ باب خروج النساء إلى البراز ‏"‏ لكن من روايته عن أبي أسامة لا عن عبد الله بن نمير، وأعاده في التفسير تاما، ومثله في التفسير حديث عائشة ‏"‏ كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن ‏"‏ وفي صفة إبليس حديث ‏"‏ لما كان يوم أحد انهزم المشركون ‏"‏ الحديث‏.‏
وجزم الكلاباذي بأنه اللؤلؤي البلخي،
وقال ابن عدي‏:‏ هو زكريا بن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وإلى هذا مال الدارقطني لأنه كوفي، وكذا الشيخان المذكوران عبد الله بن نمير وأبو أسامة، وقد روى البخاري في العيدين عن زكريا بن يحيى عن المحاربي لكن قال‏:‏ حدثنا زكريا بن يحيى أبو السكين فيحتمل أن يكون هو المهمل في المواضع الأخرى لأنه كوفي وشيخه كوفي أيضا‏.‏
وقد ذكر المزي في التهذيب أنه روى عن ابن نمير وأبي أسامة أيضا، وجزم صاحب الزهرة بأن البخاري روى عن أبي السكين أربعة أحاديث، وهو مصير منه إلى أنه المراد كما جوزناه، وإلى ذلك مال أبو الوليد الباجي في رجال البخاري‏.‏
والله أعلم قوله‏:‏ ‏(‏وليس معهم ماء فصلوا‏)‏ زاد الحسن بن سفيان في مسنده عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه ‏"‏ فصلوا بغير وضوء ‏"‏ أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طريقه، وكذا أخرجه الجوزقي من وجه آخر عن ابن نمير، وكذا للمصنف في فضل عائشة من طريق أبي أسامة، وفي التفسير من طريق عبدة بن سليمان كلاهما عن هشام، وكذا لمسلم من طريق أبي أسامة، وأغرب ابن المنذر فادعى أن عبدة تفرد بهذه الزيادة‏.‏
وقد تقدمت مباحث الحديث وطريق الجمع بين رواية عروة والقاسم في الباب الذي قبله‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَخَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَحَضَرَتْ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة‏)‏ جعله مقيدا بشرطين‏:‏ خوف خروج الوقت وفقد الماء، ويلتحق بفقده عدم القدرة عليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبه قال عطاء‏)‏ أي بهذا المذهب، وقد وصله عبد الرزاق من وجه صحيح، وابن أبي شيبة من وجه آخر، وليس في المنقول عنه تعرض لوجوب الإعادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏)‏ وصله إسماعيل القاضي في الأحكام من وجه صحيح، وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن الحسن وابن سيرين قالا‏:‏ لا يتيمم ما رَجا أن يقدر على الماء في الوقت‏.‏
ومفهومه يوافق ما قبله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأقبل ابن عمر‏)‏ قال الشافعي‏:‏ ‏"‏ أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر‏"‏، وذكر بقية الخبر كما علقه المصنف، ولم يظهر لي سبب حذفه منه ذكر التيمم مع أنه مقصود الباب‏.‏
وقد أخرجه مالك في الموطأ عن نافع مختصرا، لكن ذكر فيه أنه تيمم فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين‏.‏
وأخرجه الدارقطني والحاكم من وجه آخر عن نافع مرفوعا لكن إسناده ضعيف‏.‏
والجرف بضم الجيم والراء بعدها فاء موضع ظاهر المدينة كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو‏.‏
وقال ابن إسحاق‏:‏ هو على فرسخ من المدينة، والمربد بكسر الميم وسكون الراء بعدها موحدة مفتوحة، وحكى ابن التين أنه روى بفتح أوله، وهو من المدينة على ميل‏.‏
وهذا يدل على أن ابن عمر كان يرى جواز التيمم للحاضر، لأن مثل هذا لا يسمى سفرا، وبهذا يناسب الترجمة‏.‏
وظاهره أن ابن عمر لم يراع خروج الوقت لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أن يكون ظن أنه لا يصل إلا بعد خروج الوقت، ويحتمل أيضا أن ابن عمر تيمم لا عن حدث بل لأنه كان يتوضأ لكل صلاة استحبابا فلعله كان على وضوء فأراد الصلاة ولم يجد الماء كعادته فاقتصر على التيمم بدل الوضوء، وعلى هذا فليس مطابقا للترجمة إلا بجامع ما بينهما من التيمم في الحضر، وأما كونه لم يعد فلا حجة فيه لمن أسقط الإعادة عن المتيمم في الحضر، لأنه على هذا الاحتمال لا تجب عليه الإعادة بالاتفاق، وقد اختلف السلف في أصل المسألة، فذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، ووجهه ابن بطال بأن التيمم إنما ورد في المسافر والمريض لإدراك وقت الصلاة فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يقدر على الماء قياسا‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ تجب عليه الإعادة لندور ذلك‏.‏
وعن أبي يوسف وزفر‏:‏ لا يصلي إلى أن يجد الماء ولو خرج الوقت‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ الْأَنْصَارِيُّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏عن جعفر بن ربيعة‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ حدثني جعفر‏"‏، ونصف هذا الإسناد مصريون ونصفه الأعلى مدنيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سمعت عميرا مولى ابن عباس‏)‏ هو ابن عبد الله الهلالي مولى أم الفضل بنت الحارث والدة ابن عباس، وقد روى ابن إسحاق هذا الحديث فقال ‏"‏ مولى عبيد الله بن عباس‏"‏، وإذا كان مولى أم الفضل فهو مولى أولادها‏.‏
وروى موسى بن عقبة وابن لهيعة وأبو الحويرث هذا الحديث عن الأعرج عن أبي الجهيم ولم يذكروا بينهما عميرا والصواب إثباته، وليس له في الصحيح غير هذا الحديث وحديث آخر عن أم الفضل، ورواية الأعرج عنه من رواية الأقران‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أقبلت أنا وعبد الله بن يسار‏)‏ هو أخو عطاء بن يسار التابعي المشهور، ووقع عند مسلم في هذا الحديث ‏"‏ عبد الرحمن بن يسار ‏"‏ وهو وهم، وليس له في هذا الحديث رواية، ولهذا لم يذكره المصنفون في رجال الصحيحين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على أبي جهيم‏)‏ قيل اسمه عبد الله، وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه قال‏:‏ يقال هو الحارث ابن الصمة، فعلى هذا لفظة ‏"‏ ابن ‏"‏ زائدة بين أبي جهيم والحارث، لكن صحح أبو حاتم أن الحارث اسم أبيه لا اسمه، وفرق ابن أبي حاتم بينه وبين عبد الله بن جهيم يكنى أيضا أبا جهيم‏.‏
وقال ابن منده ‏"‏ عبد الله ابن جهيم بن الحارث بن الصمة ‏"‏ فجعل الحارث اسم جده، ولم يوافق عليه، وكأنه أراد أن يجمع الأقوال المختلفة فيه‏.‏
والصمة بكسر المهملة وتشديد الميم هو ابن عمرو بن عتيك الخزرجي، ووقع في مسلم ‏"‏ دخلنا على أبي الجهم ‏"‏ بإسكان الهاء والصواب أنه بالتصغير، وفي الصحابة شخص آخر يقال له أبو الجهم وهو صاحب الإنبجانية، وهو غير هذا لأنه قرشي وهذا أنصاري، ويقال بحذف الألف واللام في كل منهما وبإثباتهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من نحو بئر جمل‏)‏ أي من جهة الموضع الذي يعرف بذاك، وهو معروف بالمدينة، وهو بفتح الجيم والميم، وفي النسائي بئر الجمل وهو من العقيق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلقيه رجل‏)‏ هو أبو الجهيم الراوي، بينه الشافعي في روايته لهذا الحديث من طريق أبي الحويرث عن الأعرج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى أقبل على الجدار‏)‏ وللدارقطني من طريق ابن إسحاق عن الأعرج ‏"‏ حتى وضع يده على الجدار ‏"‏ وزاد الشافعي ‏"‏ فحته بعصا‏"‏، وهو محمول على أن الجدار كان مباحا، أو مملوكا لإنسان يعرف رضاه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فمسح بوجهه ويديه‏)‏ وللدارقطني من طريق أبي صالح عن الليث ‏"‏ فمسح بوجهه وذراعيه ‏"‏ كذا للشافعي من رواية أبي الحويرث، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود، لكن خطأ الحفاظ روايته في رفعه وصوبوا وقفه، وقد تقدم أن مالكا أخرجه موقوفا بمعناه وهو الصحيح، والثابت في حديث أبي جهيم أيضا بلفظ ‏"‏ يديه ‏"‏ لا ذراعيه فإنها رواية شاذة مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف، وسيأتي ذكر الخلاف في إيجاب مسح الذراعين بعد بباب واحد، قال النووي‏:‏ هذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان عادما للماء حال التيمم‏.‏
قال‏:‏ وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو إرادة ذكر الله، لأن لفظ السلام من أسمائه، وما أريد به استباحة الصلاة‏.‏
وأجيب بأنه لما تيمم في الحضر لرد السلام - مع جوازه بدون الطهارة - فمن خشي فوت الصلاة في الحضر جاز له التيمم بطريق الأولى لعدم جواز الصلاة بغير طهارة مع القدرة، وقيل يحتمل أنه لم يرد صلى الله عليه وسلم بذلك التيمم رفع الحدث، ولا استباحة محظور، وإنما أراد التشبه بالمتطهرين كما يشرع الإمساك في رمضان لمن يباح له الفطر، أو أراد تخفيف الحدث بالتيمم كما يشرع تخفيف حدث الجنب بالوضوء كما تقدم، واستدل به ابن بطال على عدم اشتراط التراب قال‏:‏ لأنه معلوم أنه لم يعلق بيده من الجدار تراب، ونوقض بأنه غير معلوم بل هو محتمل، وقد سيق من رواية الشافعي ما يدل على أنه لم يكن على الجدار تراب، ولهذا أحتاج إلى حته بالعصا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:20 PM   #12
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب كراهية التعري في الصلاة‏)‏ زاد الكشميهني والحموي ‏"‏ وغيرها‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا روح‏)‏ هو ابن عبادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم‏)‏ أي مع قريش لما بنوا الكعبة، وكان ذلك قبل البعثة، فرواية جابر لذلك من مراسيل الصحابة، فأما أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو من بعض من حضر ذلك من الصحابة‏.‏
والذي يظهر أنه العباس، وقد حدث به عن العباس أيضا ابنه عبد الله وسياقه أتم أخرجه الطبراني وفيه ‏"‏ فقام فأخذ إزاره وقال نهيت أن أمشي عريانا ‏"‏ وسيأتي ذكره في كتاب الحج مع بقية فوائده في باب بنيان الكعبة إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فجعلت‏)‏ أي الإزار، وللكشميهني ‏"‏ فجعلته ‏"‏ وجواب لو محذوف إن كانت شرطية وتقديره‏:‏ لكان أسهل عليك، وإن كانت للتمني فلا حذف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال فحله‏)‏ يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فما رؤى‏)‏ بضم الراء بعدها همزة مكسورة، ويجوز كسر الراء بعدها مدة ثم همزة مفتوحة‏.‏
وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فلم يتعر بعد ذلك ‏"‏ ومطابقة للحديث للترجمة من هذه الجملة الأخيرة لأنها تتناول ما بعد النبوة فيتم بذلك الاستدلال‏.‏
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها‏.‏
وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس، وسيأتي ما يتعلق بالخلوة بعد قليل‏.‏
وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أنه صلى الله عليه وسلم تعرى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرى‏.‏
وهذا إن ثبت حمل على نفي التعري بغير ضرورة عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية، والنفي فيها على الإطلاق، أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الأهل أحيانا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في القميص والسراويل‏)‏ قال ابن سيده‏:‏ السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنث‏.‏
ولم يعرف أبو حاتم السجستاني التذكير، والأشهر عدم صرفه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والتبان‏)‏ ضم المثناة وتشديد الموحدة، وهو على هيئة السراويل إلا أنه ليس له رجلان‏.‏
وقد يتخذ من جلد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والقباء‏)‏ بالقصر وبالمد قيل هو فارسي معرب، وقيل عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه، سمي بذلك لانضمام أطرافه‏.‏
وروى عن كعب أن أول من لبسه سليمان بن داود عليهما السلام‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد‏)‏ هو ابن سيرين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قام رجل‏)‏ تقدم أنه لم يسم وتقدم الكلام على المرفوع منه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم سأل رجل عمر‏)‏ أي عن ذلك، ولم يسم أيضا، ويحتمل أن يكون ابن مسعود لأنه اختلف هو وأبي بن كعب في ذلك فقال أبى الصلاة في الثوب الواحد يعني لا تكره‏.‏
وقال ابن مسعود إنما كان ذلك وفي الثياب قلة، فقام عمر على المنبر فقال‏:‏ القول ما قال أبي، ولم يأل ابن مسعود‏.‏
أي لم يقصر‏.‏
أخرجه عبد الرزاق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏جمع رجل‏)‏ هو بقية قول عمر، وأورده بصيغة الخبر ومراده الأمر، قال ابن بطال‏:‏ يعني ليجمع وليصل‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال‏:‏ إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن‏.‏
ثم فصل الجمع بصور على معنى البدلية‏.‏
وقال ابن مالك‏:‏ تضمن هذا الحديث فائدتين إحداهما ورود الفعل الماضي بمعنى الأمر وهو قوله ‏"‏ صلى ‏"‏ والمعنى ليصل، ومثله قولهم اتقى الله عبد والمعنى ليتق‏.‏
ثانيهما حذف حرف العطف، فإن الأصل صلى رجل في إزار ورداء وفي إزار وقميص، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏تصدق امرؤ من ديناره، من درهمه، من صاع تمره‏"‏‏.‏
انتهى، فحصل في كل من المسألتين توجيهان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ وأحسبه‏)‏ قائل ذلك أبو هريرة، والضمير في ‏"‏ أحسبه ‏"‏ راجع إلى عمر، وإنما لم يحصل الجزم بذلك لإمكان أن عمر أهمل ذلك، لأن التبان لا يستر العورة كلها بناء على أن الفخذ من العورة فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل‏.‏
ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة وأن الستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغا، ومجموع ما ذكر عمر من الملابس ستة، ثلاثة للوسط وثلاثة لغيره، فقدم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة، وقدم أسترها أو أكثرها استعمالا لهم، وضم إلى كل واحد واحدا، فخرج من ذلك تسع صور من ضرب ثلاثة في ثلاثة، ولم يقصد الحصر في ذلك، بل يلحق بذلك ما يقوم مقامه‏.‏
وفي هذا الحديث دليل على وجوب الصلاة في الثياب لما فيه من أن الاقتصار على الثوب الواحد كان لضيق الحال‏.‏
وفيه أن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد وصرح القاضي عياض بنفي الخلاف في ذلك، لكن عبارة ابن المنذر قد تفهم إثباته لأنه لما حكى عن الأئمة جواز الصلاة في الثوب الواحد قال‏:‏ وقد استحب بعضهم الصلاة في ثوبين‏.‏
وعن أشهب فيمن اقتصر على الصلاة في السراويل مع القدرة‏:‏ يعيد في الوقت، إلا إن كان صفيقا‏.‏
وعن بعض الحنفية يكره ‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى ابن حبان حديث الباب من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب فأدرج الموقوف في المرفوع ولم يذكر عمر، ورواية حماد بن زيد هذه المفصلة أصح، وقد وافقه على ذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين، أخرجه ابن حبان أيضا‏.‏
وأخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي، وذلك من حسن تصرفه‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا وَرْسٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عاصم بن علي‏)‏ هو الواسطي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سأل رجل‏)‏ تقدم في آخر كتاب العلم أنه لم يسم، وأخرنا الكلام عليه إلى موضعه في الحج‏.‏
وموضع الحاجة منه هنا أن الصلاة تجوز بدون القميص والسراويل وغيرهما من المخيط لأمر المحرم باجتناب ذلك، وهو مأمور بالصلاة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى يكونا‏)‏ في رواية الحموي والمستملي ‏"‏ حتى يكون ‏"‏ بالإفراد أي كل واحد منهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن نافع‏)‏ معطوف على قوله ‏"‏ عن الزهري ‏"‏ وذلك بين في الرواية الماضية في آخر كتاب العلم، فإنه أخرجه هناك عن آدم عن ابن أبي ذئب، فقدم طريق نافع وعطف عليها طريق الزهري، عكس ما هنا‏.‏
وزعم الكرماني أن قوله ‏"‏ وعن نافع ‏"‏ تعليق من البخاري، وقد قدمنا أن التجويزات العقلية لا يليق استعمالها في الأمور النقلية‏.‏
والله الموفق‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا يَسْتُرُ مِنْ الْعَوْرَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يستر من العورة‏)‏ أي خارج الصلاة‏.‏
والظاهر من تصرف المصنف أنه يرى أن الواجب ستر السوأتين فقط، وأما في الصلاة فعلى ما تقدم من التفصيل، وأول أحاديث الباب يشهد له فإنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء أي يستره، ومقتضاه أن الفرج إذا كان مستورا فلا نهي‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة‏)‏ أي ابن مسعود‏.‏
عن ‏(‏أبي سعيد‏)‏ هكذا رواه الليث عن ابن شهاب ووافقه ابن جريج كما أخرجه المصنف في اللباس، ورواه في اللباس أيضا من طريق أخرى عن الليث أيضا عن يونس عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبي سعيد وسياقه أتم‏.‏
وفيه النهي عن الملامسة والمنابذة أيضا، وفيه تفسير جميع ذلك‏.‏
ورواه في الاستئذان من طريق سفيان عن ابن شهاب عن عطاء ابن يزيد عن أبي سعيد بنحو رواية يونس لكن بدون التفسير، والطرق الثلاثة صحيحة، وابن شهاب سمع حديث أبي سعيد من ثلاثة من أصحابه فحدث به عن كل منهم بمفرده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن اشتمال الصماء‏)‏ و بالصاد المهملة والمد، قال أهل اللغة‏:‏ هو أن يخلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبا ولا يبقى ما يخرج منه يده‏.‏
قال ابن قتيبة‏:‏ سميت صماء لأنه يسد المنافذ كلها فتصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق‏.‏
وقال الفقهاء‏:‏ هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا‏.‏
قال النووي فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة‏.‏
قلت‏:‏ ظاهر سياق المصنف من رواية يونس في اللباس أن التفسير المذكور فيها مرفوع، وهو موافق لما قال الفقهاء‏.‏
ولفظه‏:‏ والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه‏.‏
وعلى تقدير أن يكون موقوفا فهو حجة على الصحيح، لأنه تفسير من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأن يحتبي‏)‏ الاحتباء أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا، ويقال له الحبوة، وكانت من شأن العرب‏.‏
وفسرها في رواية يونس المذكورة بنحو ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنْ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن بيعتين‏)‏ بفتح الموحدة، ويجوز كسرها على إرادة الهيئة‏.‏
و ‏(‏اللماس‏)‏ بكسر أوله وكذا ‏(‏النباذ‏)‏ وأوله نون ثم موحدة خفيفة وآخره معجمة، وسيأتي تفسيرهما في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى‏.‏
والمطلق في الاحتباء هنا محمول على المقيد في الحديث الذي قبله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْل مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ كذا للأكثر غير منسوب، وردده الحفاظ بين ابن منصور وبين ابن راهويه‏.‏
ووقع في نسختي من طريق أبي ذر إسحاق بن إبراهيم فتعين أنه ابن راهويه، إذ لم يرو البخاري عن إسحاق ابن أبي إسرائيل‏.‏
واسمه إبراهيم شيئا ولا عن الصواف وهو دونهما في الطبقة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏)‏ أي ابن سعد ورواة هذا الإسناد سوى صحابيه وشيخ المصنف زهريون وهم أربعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن لا يحج‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ ألا لا يحج ‏"‏ بأداة الاستفتاح قبل حرف النهي، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث في ‏"‏ باب وجوب الصلاة في الثياب ‏"‏ وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:23 PM   #13
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي الثِّيَابِ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ لَوْ وَارَتْ جَسَدَهَا فِي ثَوْبٍ لَأَجَزْتُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏في كم‏)‏ بحذف المميز أي كم ثوبا ‏(‏تصلي المرأة‏)‏ من الثياب، قال ابن المنذر بعد أن حكى عن الجمهور أن الواجب على المرأة أن تصلي في درع وخمار‏:‏ المراد بذلك تغطية بدنها ورأسها، فلو كان الثوب واسعا فغطت رأسها بفضله جاز‏.‏
قال‏:‏ وما رويناه عن عطاء أنه قال ‏"‏ تصلي في درع وخمار وإزار ‏"‏ وعن ابن سيرين مثله وزاد ‏"‏ وملحفة ‏"‏ فإني أظنه محمولا على الاستحباب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عكرمة‏)‏ يعني مولى ابن عباس‏.‏
قوله ‏(‏جاز‏)‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ لأجزته ‏"‏ بفتح الجيم وسكون الزاي، وأثره هذا وصله عبد الرزاق ولفظه ‏"‏ لو أخذت المرأة ثوبا فتقنعت به حتى لا يرى من شعرها شيء أجزأ عنها‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْفَجْرَ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن عائشة قالت‏:‏ لقد‏)‏ اللام في لقد جواب قسم محذوف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏متلفعات‏)‏ قال الأصمعي‏:‏ التلفع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، وفي شرح الموطأ لابن حبيب‏:‏ التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه، و ‏(‏المروط‏)‏ جمع مرط بكسر أوله، كساء من خز أو صوف أو غيره‏.‏
وعن النضر بن شميل ما يقتضى أنه خاص بلبس النساء‏.‏
وقد اعترض على استدلال المصنف به على جواز صلاة المرأة في الثوب الواحد بأن الالتفاع المذكور يحتمل أن يكون فوق ثياب أخرى‏.‏
والجواب عنه أنه تمسك بأن الأصل عدم الزيادة على ما ذكر، على أنه لم يصرح بشيء إلا أن اختياره يؤخذ في العادة من الآثار التي يودعها في الترجمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما يعرفهن أحد‏)‏ زاد في المواقيت ‏"‏ من الغلس ‏"‏ وهو يعين أحد الاحتمالين‏:‏ هل عدم المعرفة بهن لبقاء الظلمة أو لمبالغتهن في التغطية‏؟‏ وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في المواقيت إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها‏)‏ قال الكرماني‏:‏ في رواية ‏"‏ ونظر إلى علمه ‏"‏ والتأنيث في علمها باعتبار الخميصة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏خميصة‏)‏ بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة، كساء مربع له علمان، والأنبجانية بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة‏:‏ كساء غليظ لا علم له‏.‏
وقال ثعلب‏:‏ يجوز فتح همزته وكسرها، وكذا الموحدة، يقال كبش أنبجاني إذا كان ملتفا، كثير الصوف‏.‏
وكساء أنبجاني كذلك، وأنكر أبو موسى المديني على من زعم أنه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشام‏.‏
قال صاحب الصحاح‏:‏ إذا نسبت إلى منبج فتحت الباء فقلت‏:‏ كساء منبجاني أخرجوه مخرج منظراني‏.‏
وفي الجمهرة‏:‏ منبج موضع أعجمي تكلمت به العرب ونسبوا إليه الثياب المنبجانية‏.‏
وقال أبو حاتم السجستاني‏:‏ لا يقال كساء أنبجاني وإنما يقال منبجاني، قال‏:‏ وهذا مما تخطئ فيه العامة‏.‏
وتعقبه أبو موسى كما تقدم فقال‏:‏ الصواب أن هذه النسبة إلى موضع يقال له أنبجان، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلى أبي جهم‏)‏ هو عبيد الله - ويقال عامر - بن حذيفة القرشي العدوي صحابي مشهور، وإنما خصه صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة لأنه كان أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك في الموطأ من طريق أخرى عن عائشة قالت ‏"‏ أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال‏:‏ ردى هذه الخميصة إلى أبي جهم ‏"‏ ووقع عند الزبير بن بكار ما يخالف ذلك، فأخرج من وجه مرسل ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم ‏"‏ ولأبي داود من طريق أخرى ‏"‏ وأخذ كرديا لأبي جهم، فقيل‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخميصة كانت خيرا من الكردي‏"‏‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ إنما طلب منه ثوبا غيرها ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافا به، قال‏:‏ وفيه أن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها من غير كراهة‏.‏
قلت‏:‏ وهذا مبني على أنها واحدة، ورواية الزبير والتي بعدها تصرح بالتعدد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ألهتني‏)‏ أي شغلتني، يقال لهي بالكسر إذا غفل، ولها بالفتح إذا لعب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏آنفا‏)‏ أي قريبا، وهو مأخوذ من ائتناف الشيء أي ابتدائه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن صلاتي‏)‏ أي عن كمال الحضور فيها، كذا قيل، والطريق الآتية المعلقة تدل على أنه لم يقع له شيء من ذلك وإنما خشي أن يقع لقوله ‏"‏ فأخاف‏"‏‏.‏
وكذا في رواية مالك ‏"‏ فكاد ‏"‏ فلتؤول الرواية الأولى‏.‏
قال ابن دقيق العيد‏:‏ فيه مبادرة الرسول إلى مصالح الصلاة، ونفى ما لعله يخدش فيها‏.‏
وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم منه أن يستعملها في الصلاة‏.‏
ومثله قوله في حلة عطارد حيث بعث بها إلى عمر ‏"‏ إني لم أبعث بها إليك لتلبسها ‏"‏ ويحتمل أن يكون ذلك من جنس قوله ‏"‏ كل فإني أناجي من لا تناجي ‏"‏ ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها‏.‏
وفيه قبول الهدية من الأصحاب والإرسال إليهم والطلب منهم‏.‏
واستدل به الباجي على صحة المعاطاة لعدم ذكر الصيغة‏.‏
وقال الطيبي‏:‏ فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرا في القلوب الطاهرة والنفوس الزكية، يعني فضلا عمن دونها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال هشام بن عروة‏)‏ أخرجه أحمد وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود من طريقه، ولم أر في شيء من طرقهم هذا اللفظ‏.‏
نعم اللفظ الذي ذكرناه عن الموطأ قريب من هذا اللفظ المعلق، ولفظه‏:‏ ‏"‏ فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني ‏"‏ والجمع بين الروايتين بحمل قوله ‏"‏ ألهتني ‏"‏ على قوله ‏"‏ كادت ‏"‏ فيكون إطلاق الأولى للمبالغة في القرب لا لتحقق وقوع الإلهاء‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ فأخاف أن تفتنني ‏"‏ في روايتنا بكسر المثناة وتشديد النون‏.‏
وفي رواية الباقين بإظهار النون الأولى وهو بفتح أوله من الثلاثي‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إن صلى في ثوب مصلب‏)‏ بفتح اللام المشددة، أي فيه صلبان منسوجة أو منقوشة أو تصاوير، أي في ثوب ذي تصاوير، كأنه حذف المضاف لدلالة المعنى عليه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ هو عطف على ثوب لا على مصلب، والتقدير أو صلى في تصاوير‏.‏
ووقع عند الإسماعيلي ‏"‏ أو بتصاوير ‏"‏ وهو يرجح الاحتمال الأول، وعند أبي نعيم ‏"‏ في ثوب مصلب أو مصور‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هل تفسد صلاته‏)‏ جرى المصنف على قاعدته في ترك الجزم فيما فيه اختلاف، وهذا من المختلف فيه‏.‏
وهذا مبني على أن النهي هل يقتضي الفساد أم لا‏؟‏ والجمهور إن كان لمعنى في نفسه اقتضاه، وإلا فلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وما ينهى من ذلك‏)‏ أي وما ينهى عنه من ذلك‏.‏
وفي رواية غير أبي ذر ‏"‏ وما ينهى عن ذلك ‏"‏ وظاهر حديث الباب لا يوفى بجميع ما تضمنته الترجمة إلا بعد التأمل، لأن الستر وإن كان ذا تصاوير لكنه لم يلبسه ولم يكن مصلبا ولا نهي عن الصلاة فيه صريحا‏.‏
والجواب أما أو لا فإن منع لبسه بطريق الأولى، وأما ثانيا فبإلحاق المصلب بالمصور لاشتراكهما في أن كلا منهما قد عبد من دون الله تعالى‏.‏
وأما ثالثا فالأمر بالإزالة مستلزم للنهي عن الاستعمال‏.‏
ثم ظهر لي أن المصنف أراد بقوله مصلب الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق هذا الحديث كعادته، وذلك فيما أخرجه في اللباس من طريق عمران عن عائشة قالت ‏"‏ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا نقضه‏"‏‏.‏
وللإسماعيلي ‏"‏ سترا أو ثوبا‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عبد الوارث‏)‏ هو ابن سعيد، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قرام‏)‏ بكسر القاف وتخفيف الراء‏:‏ ستر رقيق من صوف ذو ألوان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أميطي‏)‏ أي أزيلي وزنا ومعنى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا تزال تصاوير‏)‏ كذا في روايتنا، وللباقين بإثبات الضمير، والهاء في روايتنا في ‏"‏ فإنه ‏"‏ ضمير الشأن، وعلى الأخرى يحتمل أن تعود على الثوب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تعرض‏)‏ بفتح أوله وكسر الراء أي تلوح، وللإسماعيلي ‏"‏ تعرض ‏"‏ بفتح العين وتشديد الراء، أصله تتعرض‏.‏
ودل الحديث على أن الصلاة لا تفسد بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها ولم يعدها، وسيأتي في كتاب اللباس بقية الكلام على طرق حديث عائشة في هذا، والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منها إن شاء الله تعالى، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:24 PM   #14
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من صلى في فروج‏)‏ بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وآخره جيم، هو القباء المفرج من خلف، وحكى أبو زكريا التبريزي عن أبي العلاء المعري جواز ضم أوله وتخفيف الراء‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن يزيد‏)‏ زاد الأصيلي هو ابن أبي حبيب، وأبو الخير هو اليزني بفتح الزاي بعدها نون، والإسناد كله مصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أهدى‏)‏ بضم أوله، والذي أهداه هو أكيدر كما سيأتي في اللباس، وظاهر هذا الحديث أن صلاته صلى الله عليه وسلم فيه كانت قبل تحريم لبس الحرير، ويدل على ذلك حديث جابر عند مسلم بلفظ ‏"‏ صلى في قباء ديباج ثم نزعه وقال‏:‏ نهاني عنه جبريل ‏"‏ ويدل عليه أيضا مفهوم قوله ‏"‏ لا ينبغي هذا للمتقين ‏"‏ لأن المتقي وغيره في التحريم سواء، ويحتمل أن يراد بالمتقي المسلم أي المتقي للكفر، ويكون النهي سبب النزع، ويكون ذلك ابتداء التحريم، وإذا تقرر هذا فلا حجة فيه لمن أجاز الصلاة في ثياب الحرير لكونه صلى الله عليه وسلم لم يعد تلك الصلاة، لأن ترك إعادتها لكونها وقعت قبل التحريم، أما بعده فعند الجمهور تجزئ لكن مع التحريم، وعن مالك يعيد في الوقت، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في الثوب الأحمر‏)‏ يشير إلى الجواز، والخلاف في ذلك مع الحنفية فإنهم قالوا يكره، وتأولوا حديث الباب بأنها كانت حلة من برود فها خطوط حمر، ومن أدلتهم ما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال ‏"‏ مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران، فسلم عليه فلم يرد عليه ‏"‏ وهو حديث ضعيف الإسناد، وإن وقع في بعض نسخ الترمذي أنه قال حديث حسن لأن في سنده كذا، وعلى تقدير أن يكون مما يحتج به فقد عارضه ما هو أقوى منه وهو واقعة عين، فيحتمل أن يكون ترك الرد عليه بسبب آخر‏.‏
وحمله البيهقي على ما صبغ بعد النسخ‏.‏
وأما ما صبغ غزله ثم نسج فلا كراهية فيه‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ زعم بعضهم أن لبس النبي صلى الله عليه وسلم لتلك الحلة كان من أجل الغزو، وفيه نظر لأنه كان عقب حجة الوداع ولم يكن له إذ ذاك غزو‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ الْعَنَزَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ بفتح الواو، أي الماء الذي توضأ به، وقد تقدم استدلال المصنف به على طهارة الماء المستعمل، ويأتي باقي مباحثه في أبواب السترة إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجُمْدِ وَالْقَنَاطِرِ وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى سَقْفِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّلْجِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب‏)‏ يشير بذلك إلى الجواز، والخلاف في ذلك عن بعض التابعين وعن المالكية في المكان المرتفع لمن كان إماما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف، والحسن هو البصري، والجمد بفتح الجيم وسكون الميم بعدها دال مهملة‏:‏ الماء إذا جمد، وهو مناسب لأثر ابن عمر الآتي أنه صلى على الثلج، وحكى ابن قرقول أن رواية الأصيلي وأبي ذر بفتح الميم، قال القزاز‏:‏ الجمد محرك الميم هو الثلج، نقل ابن التين عن الصحاح‏:‏ الجمد بضم الجيم والميم وبسكون الميم أيضا مثل عسر وعسر المكان الصلب المرتفع‏.‏
قلت‏:‏ وليس ذلك مرادا هنا، بل صوب ابن قرقول وغيره الأول لأنه المناسب للقناطر لاشتراكهما في أن كلا منهما قد يكون تحته ما ذكر من البول وغيره، والغرض أن إزالة النجاسة يختص بما لاقى المصلي، أما مع الحائل فلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وصلى أبو هريرة على ظهر المسجد‏)‏ ، وللمستملي ‏"‏ على سقف‏"‏‏.‏
وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة من طريق صالح مولى التوأمة قال ‏"‏ صليت مع أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام ‏"‏ وصالح فيه ضعف، لكن رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتضد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ الْمِنْبَرُ فَقَالَ مَا بَقِيَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّي هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ عَمِلَهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عُمِلَ وَوُضِعَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ فَهَذَا شَأْنُهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَأَلَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَعْلَى مِنْ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَعْلَى مِنْ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا علي بن عبد الله‏)‏ هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو حازم هو ابن دينار‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما بقي بالناس‏)‏ وللكشميهني في الناس ‏(‏أعلم مني‏)‏ أي بذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من أثل‏)‏ بفتح الهمزة وسكون المثلثة شجر معروف، والغابة بالمعجمة والموحدة موضع معروف من عوالي المدينة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عمله فلان مولى فلانة‏)‏ اختلف في اسم النجار المذكور كما سيأتي في الجمعة، وأقربها ما رواه أبو سعيد في ‏"‏ شرف المصطفى ‏"‏ من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن عباس بن سهل عن أبيه قال‏:‏ كان بالمدينة نجار واحد يقال له ميمون فذكر قصة المنبر‏.‏
وأما المرأة فلا يعرف اسمها لكنها أنصارية‏.‏
ونقل ابن التين عن مالك‏:‏ أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة، فيحتمل أن يكون في الأصل مولى امرأته ونسب إليه مجازا، واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم، وهي ابنة عمه، أسلمت وبايعت، فيحتمل أن تكون هي المرادة‏.‏
لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن ابن عيينة فقال‏:‏ مولى لبني بياضة‏.‏
وأما ما وقع في الدلائل لأبي موسى المديني نقلا عن جعفر المستغفري أنه قال‏:‏ في أسماء النساء من الصحابة علاثة بالعين المهملة وبالمثلثة، ثم ساق هذا الحديث من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال‏:‏ وفيه أرسل إلى علاثة امرأة قد سماها سهل، فقد قال أبو موسى‏:‏ صحف فيه جعفر أو شيخه، وإنما هو ‏"‏ فلانة‏"‏، انتهى‏.‏
ووقع عند الكرماني قيل‏:‏ اسمها عائشة، وأظنه صحف المصحف، ولو ذكر مستنده في ذلك لكان أولى‏.‏
ثم وجدت في الأوسط للطبراني من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها، فأمرت عائشة فصنعت له منبره هذا، فذكر الحديث وإسناده ضعيف‏.‏
ولو صح لما دل على أن عائشة هي المرادة في حديث سهل هذا إلا بتعسف، والله أعلم‏.‏
والغرض من إيراد هذا الحديث في هذا الباب جواز الصلاة على المنبر، وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل، وقد صرح بذلك المصنف في حكايته عن شيخه علي بن المديني عن أحمد بن حنبل‏.‏
ولابن دقيق العيد في ذلك بحث، فإنه قال‏:‏ من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم، لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه، وفيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة كما سيأتي في موضعه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال فقلت‏)‏ أي قال علي لأحمد بن حنبل‏.‏
قوله ‏(‏فلم تسمعه منه‏؟‏ قال‏:‏ لا‏)‏ صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة‏.‏
وقد راجعت مسنده فوجدته قد أخرج فيه عن ابن عيينة بهذا الإسناد من هذا الحديث قول سهل ‏"‏ كان المنبر من أثل الغابة ‏"‏ فقط، فتبين أن المنفي في قوله ‏"‏ فلم تسمعه منه‏؟‏ قال‏:‏ لا ‏"‏ جميع الحديث لا بعضه، والغرض منه هنا وهو صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر داخل في ذلك البعض، فلذلك سأل عنه عليا، وله عنده طريق أخرى من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه‏.‏
وفي الحديث جواز الصلاة على الخشب، وكره ذلك الحسن وابن سيرين، أخرجه ابن أبي شيبة عنهما‏.‏
وأخرج أيضا عن ابن مسعود وابن عمر نحوه وعن مسروق أنه كان يحمل لبنة ليسجد عليها إذا ركب السفينة، وعن ابن سيرين نحوه‏.‏
والقول بالجواز هو المعتمد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبد الرحيم‏)‏ هو الحافظ المعروف بصاعقة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ في رواية سعيد بن منصور عن هشيم عن حميد ‏"‏ حدثنا أنس‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فجحشت‏)‏ بضم الجيم وكسر المهملة بعدها شين معجمة، والجحش الخدش أو أشد منه قليلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ساقه أو كتفه‏)‏ شك من الراوي‏.‏
وفي رواية بشر بن المفضل عن حميد عند الإسماعيلي ‏"‏ انفكت قدمه ‏"‏ وفي رواية الزهري عن أنس في الصحيحين ‏"‏ فجحش شقه الأيمن ‏"‏ وهي أشمل مما قبلها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وآلى من نسائه‏)‏ أي حلف لا يدخل عليهن شهرا، وليس المراد به الإيلاء المتعارف بين الفقهاء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مشربة‏)‏ بفتح أوله وسكون المعجمة وبضم الراء ويجوز فتحها، هي الغرفة المرتفعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من جذوع‏)‏ كذا للأكثر بالتنوين بغير إضافة، وللكشميهني من جذوع النخل، والغرض من هذا الحديث هنا صلاته صلى الله عليه وسلم في المشربة، وهي معمولة من الخشب، قاله ابن بطال‏.‏
وتعقب بأنه لا يلزم من كون درجها من خشب أن تكون كلها خشبا، فيحتمل أن يكون الغرض منه بيان جواز الصلاة على السطح إذ هي سقف في الجملة‏.‏
وسيأتي الكلام على بقية فوائده في أبواب الإمامة إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:26 PM   #15
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةِ فِي الْخِفَافِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في الخفاف‏)‏ يحتمل أنه أراد الإشارة بإيراد هذه الترجمة هنا إلى حديث شداد ابن أوس المذكور لجمعه بين الأمرين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏سمعت إبراهيم‏)‏ هو النخعي، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون إبراهيم وشيخه والراوي عنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم قام فصلى‏)‏ ، ظاهر في أنه صلى في خفيه لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه، ولو غسلهما لنقل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فسئل‏)‏ ، وللطبراني من طريق جعفر بن الحارث عن الأعمش أن السائل له عن ذلك هو همام المذكور، وله من طريق زائدة عن الأعمش ‏"‏ فعاب عليه ذلك رجل من القوم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال إبراهيم فكان يعجبهم‏)‏ زاد مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش ‏"‏ كان يعجبهم هذا الحديث ‏"‏ ومن طريق عيسى بن يونس عنه ‏"‏ فكان أصحاب عبد الله بن مسعود يعجبهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من آخر من أسلم‏)‏ ولمسلم ‏"‏ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ‏"‏ ولأبي داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير في هذه القصة ‏"‏ قالوا إنما كان ذلك - أي مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين - قبل نزول المائدة، فقال جرير‏:‏ ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة ‏"‏ وعند الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عن جرير ‏"‏ إن ذلك كان في حجة الوداع ‏"‏ وروى الترمذي من طريق شهر بن حوشب قال‏:‏ رأيت جرير بن عبد الله فذكر نحو حديث الباب، قال ‏"‏ فقلت له أقبل المائدة أم بعدها‏؟‏ قال‏:‏ ما أسلمت إلا بعد المائدة ‏"‏ قال الترمذي هذا حديث مفسر، لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخا، فذكر جرير في حديثه أنه رأه يمسح بعد نزول المائدة، فكان أصحاب ابن مسعود يعجبهم حديث جرير لأن فيه ردا على أصحاب التأويل المذكور‏.‏
وذكر بعض المحققين أن إحدى القراءتين في آية الوضوء - وهي قراءة الخفض - دالة على المسح على الخفين، وقد تقدمت سائر مباحثه في كتاب الوضوء‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن نصر‏)‏ هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر، نسب إلى جده، والإسناد كله كوفيون غيره‏.‏
وفيه أيضا ثلاثة من التابعين‏:‏ الأعمش وشيخه مسلم وهو أبو الضحى ومسروق، وتردد الكرماني في أن مسلما هل هو أبو الضحى أو البطين قصور، فقد جزم الحفاظ بأنه أبو الضحى، وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة حيث أورده المصنف تاما في كتاب الوضوء‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يتم للسجود‏)‏ كذا وقع عند أكثر الرواة هذه الترجمة وحديث حذيفة فيها والترجمة التي بعدها وحديث ابن بحينة فيها موصولا ومعلقا، ووقعتا عند الأصيلي قبل ‏"‏ باب الصلاة في النعال ‏"‏ ولم يقع عند المستملي شيء من ذلك وهو الصواب، لأن جميع ذلك سيأتي في مكانه اللائق به، وهو أبواب صفة الصلاة‏.‏
ولولا أنه ليس من عادة المصنف إعادة الترجمة وحديثها معا لكان يمكن أن يقال مناسبة الترجمة الأولى لأبواب ستر العورة الإشارة إلى أن من ترك شرطا لا تصح صلاته كمن ترك ركنا‏.‏
ومناسبة الترجمة الثانية الإشارة إلى أن المجافاة في السجود لا تستلزم عدم ستر العورة فلا تكون مبطلة للصلاة، وفي الجملة إعادة هاتين الترجمتين هنا وفي أبواب السجود الحمل فيه عندي على النساخ بدليل سلامة رواية المستملي من ذلك وهو أحفظهم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يبدي ضبعيه الخ‏)‏ تقدم القول فيه قبل كما ترى‏.‏
‏(‏خاتمة‏)‏ اشتملت أبواب ستر العورة وما قبلها من ذكر ابتداء فرض الصلاة من الأحاديث المرفوعة على تسعة وثلاثين حديثا، فإن أضفت إليها حديثي الترجمتين المذكورتين صارت أحدا وأربعين حديثا، المكرر منها فيها وفيما تقدم خمسة عشر حديثا، وفيها من المعلقات أربعة عشر حديثا، وإن أضفت إليها المعلق في الترجمة الثانية صارت خمسة عشر حديثا، عشرة منها أو أحد عشر مكررة، وأربعة لا توجد فيه إلا معلقة وهي حديث سلمة بن الأكوع يزره ولو بشوكة، وأحاديث ابن عباس وجرهد وابن جحش في الفخذ، وافقه مسلم على جميعها سوى هذه الأربعة وسوى حديث أنس في قرام لعائشة وحديث عكرمة عن أبي هريرة في الأمر بمخالفة طرفي الثوب، وفيه من الآثار الموقوفة أحد عشر أثرا كلها معلقة إلا أثر عمر ‏"‏ إذا وسع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم ‏"‏ فإنه موصول‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:29 PM   #16
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التوجه نحو القبلة حيث كان‏)‏ أي حيث وجد الشخص في سفر أو حضر، والمراد بذلك في صلاة الفريضة كما يتبين ذلك في الحديث الثاني في الباب وهو حديث جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو هريرة‏)‏ هذا طرف من حديثه في قصة المسيء صلاته، وقد ساقه المصنف بهذا اللفظ في كتاب الاستئذان‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْيَهُودُ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن البراء‏)‏ تقدم في ‏"‏ باب الصلاة من الإيمان ‏"‏ من كتاب الإيمان بيان من رواه عن أبي إسحاق مصرحا بتحديث البراء له‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة‏)‏ جاء بيان ذلك فيما أخرجه الطبري وغيره من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة - واليهود أكثر أهلها - يستقبلون بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فنزلت‏.‏
ومن طريق مجاهد قال‏:‏ إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا‏:‏ يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا، فنزلت‏.‏
وظاهر حديث ابن عباس هذا أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة، لكن أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه ‏"‏ والجمع بينهما ممكن بأن يكون أمر صلى الله عليه وسلم لما هاجر أن يستمر على الصلاة لبيت المقدس‏.‏
وأخرج الطبراني من طريق ابن جريج قال‏:‏ صلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا، ثم وجهه الله إلى الكعبة‏.‏
فقوله في حديث ابن عباس الأول ‏"‏ أمره الله ‏"‏ يرد قول من قال إنه صلى إلى بيت المقدس باجتهاد‏.‏
وقد أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف، وعن أبي العالية أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب، وهذا لا ينفي أن يكون بتوقيف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نحو بيت المقدس‏)‏ أي بالمدينة قد تقدم في ‏"‏ باب الصلاة من الإيمان ‏"‏ في كتاب الإيمان تحرير المدة المذكورة وأنها ستة عشر شهرا وأيام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يوجه‏)‏ بفتح الجيم أي يؤمر بالتوجه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجال‏)‏ كذا في رواية المستملي والحموي‏.‏
وفي رواية غيرهما ‏"‏ رجل ‏"‏ وهو المشهور، وقد تقدم في الإيمان أن اسمه عباد بن بشر، وتحتاج رواية المستملي إلى تقدير محذوف في قوله ‏"‏ ثم خرج ‏"‏ أي بعض أولئك الرجال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في صلاة العصر نحو بيت المقدس‏)‏ وللكشميهني ‏"‏ في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس ‏"‏ وفيه إفصاح بالمراد‏.‏
ووقع في تفسير ابن أبي حاتم من طريق ثويلة بنت أسلم ‏"‏ صليت الظهر - أو العصر - في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد إيليا فصلينا سجدتين - أي ركعتين - ثم جاءنا من يخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام‏"‏‏.‏
واختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر، وذكر محمد بن سعد في الطبقات قال‏:‏ يقال إنه صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه ودار معه المسلمون‏.‏
ويقال زار النبي صلى الله عليه وسلم أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاما وحانت الطهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي ‏"‏ مسجد القبلتين‏"‏، قال ابن سعد قال الواقدي‏:‏ هذا أثبت عندنا‏.‏
وأخرج ابن أبي داود بسند ضعيف عن عمارة بن روبية قال ‏"‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي حين صرفت القبلة، فدار ودرنا معه في ركعتين‏"‏‏.‏
وأخرج البزار من حيث أنس ‏"‏ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيت المقدس وهو يصلي الظهر بوجهه إلى الكعبة‏"‏، وللطبراني نحوه من وجه آخر عن أنس، وفي كل منهما ضعف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏)‏ أي الرجل ‏(‏هو يشهد‏)‏ يعني بذلك نفسه، وهو على سبيل التجريد، ويحتمل أن يكون الراوي نقل كلامه بالمعنى، ويؤيده الرواية المتقدمة في الإيمان بلفظ ‏"‏ أشهد ‏"‏ وقد تقدمت مباحثه هناك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن منصور‏)‏ هو ابن المعتمر، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي، وأخطأ من قال إنه غيره‏.‏
وهذه الترجمة من أصح الأسانيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال إبراهيم‏)‏ أي الراوي المذكور ‏(‏لا أدري زاد أو نقص‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور هل كان لأجل الزيادة أو النقصان، لكن سيأتي في الباب الذي بعده من رواية الحكم عن إبراهيم بإسناده هذا أنه صلى خمسا، وهو يقتضي الجزم بالزيادة، فلعله شك لما حدث منصورا وتيقن لما حدث الحكم‏.‏
وقد تابع الحكم على ذلك حماد بن أبي سليمان وطلحة ابن مصرف وغيرهما، وعين في رواية الحكم أيضا وحماد أنها الظهر، ووقع للطبراني من رواية طلحة بن مصرف عن إبراهيم أنها العصر، وما في الصحيح أصح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أحدث‏)‏ بفتحات ومعناه السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة عما عهدوه، ودل استفهامهم عن ذلك على جواز النسخ عندهم وأنهم كانوا يتوقعونه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال وما ذاك‏)‏ فيه إشعار بأنه لم يكن عنده شعور مما وقع منه من الزيادة، وفيه دليل على جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال‏.‏
قال ابن دقيق العيد‏:‏ وهو قول عامة العلماء والنظار، وشذت طائفة فقالوا‏:‏ لا يجوز على النبي السهو، وهذا الحديث يرد عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم فيه ‏"‏ أنسى كما تنسون ‏"‏ ولقوله ‏"‏ فإذا نسيت فذكروني ‏"‏ أي بالتسبيح ونحوه‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏(‏لو حدث شيء في الصلاة لنبأتكم به‏)‏ دليل على عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة‏.‏
ومناسبة الحديث للترجمة من قوله‏:‏ ‏(‏فثنى رجله‏)‏ وللكشميهني والأصيلي ‏"‏ رجليه ‏"‏ بالتثنية، ‏(‏واستقبل القبلة‏)‏ فدل على عدم ترك الاستقبال في كل حال من أحوال الصلاة، واستدل به على رجوع الإمام إلى قول المأمومين، لكن يحتمل أن يكون تذكر عند ذلك أو علم بالوحي أو أن سؤالهم أحدث عنده شكا فسجد لوجود الشك الذي طرأ لا لمجرد قولهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليتحر الصواب‏)‏ بالحاء المهملة والراء المشددة أي فليقصد، والمراد البناء على اليقين كما سيأتي واضحا مع بقية مباحثه في أبواب السهو إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا جَاءَ فِي الْقِبْلَةِ وَمَنْ لَمْ يَرَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ
وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِيَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في القبلة‏)‏ أي غير ما تقدم ‏(‏ومن لم ير الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة‏)‏ وأصل هذه المسألة في المجتهد في القبلة إذا تبين خطؤه، فروى ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي وغيرهم أنهم قالوا‏:‏ لا تجب الإعادة، وهو قول الكوفيين‏.‏
وعن الزهري ومالك وغيرهما تجب في الوقت لا بعده، وعن الشافعي يعيد إذا تيقن الخطأ مطلقا‏.‏
وفي الترمذي من حديث عامر بن ربيعة ما يوافق قول الأولين، لكن قال‏:‏ ليس إسناده بذاك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم الخ‏)‏ هو طرف من حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وهو موصول في الصحيحين من طرق، لكن قوله ‏"‏ وأقبل على الناس ‏"‏ ليس هو في الصحيحين بهذا اللفظ موصولا، لكنه في الموطأ من طريق أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة‏.‏
ووهم ابن التين تبعا لابن بطال حيث جزم بأنه طرف من حديث ابن مسعود الماضي، لأن حديث ابن مسعود ليس في شيء من طرقه أنه سلم من ركعتين‏.‏
ومناسبة هذا التعليق للترجمة من جهة أن بناءه على الصلاة دال على أنه في حال استدباره القبلة كان في حكم المصلى، ويؤخذ منه أن من ترك الاستقبال ساهيا لا تبطل صلاته‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ و حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس قال‏:‏ قال عمر‏)‏ هو من رواية صحابي عن صحابي، لكنه صغير عن كبير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وافقت ربي في ثلاث‏)‏ أي وقائع، والمعنى وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه، أو أشار به إلى حدوث رأيه وقدم الحكم، وليس في تخصيصه العدد بالثلاث ما ينفي الزيادة عليها، لأنه حصلت له الموافقة في أشياء غير هذه من مشهورها قصة أسارى بدر وقصة الصلاة على المنافقين، وهما في الصحيح، وصحح الترمذي من حديث ابن عمر أنه قال ‏"‏ ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر ‏"‏ وهذا دال على كثرة موافقته، وأكثر ما وقفنا منها بالتعيين على خمسة عشر لكن ذلك بحسب المنقول، وقد تقدم الكلام على مقام إبراهيم، وسيأتي الكلام على مسألة الحجاب في تفسير سورة الأحزاب، وعلى مسألة التخيير في تفسير سورة التحريم، وقوله في هذه الرواية ‏"‏ واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن‏:‏ عسى ربه الخ ‏"‏ وذكر فيه من وجه آخر عن حميد في تفسير سورة البقرة زيادة يأتي التنبيه عليها في باب عشرة النساء في أواخر النكاح‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ كان اللائق إيراد هذا الحديث في الباب الماضي وهو قوله‏:‏ ‏(‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏)‏ والجواب أنه عدل عنه إلى حديث ابن عمر للتنصيص فيه على وقوع ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف حديث عمر هذا فليس فيه التصريح بذلك، وأما مناسبته للترجمة فأجاب الكرماني بأن المراد من الترجمة ما جاء في القبلة وما يتعلق بها، فأما على قول من فسر مقام إبراهيم بالكعبة فظاهر، أو بالحرم كله فمن في قوله‏:‏ ‏(‏من مقام إبراهيم‏)‏ للتبعيض، ومصلى أي قبلة، أو بالحجر الذي وقف عليه إبراهيم وهو الأظهر فيكون تعلقه بالمتعلق بالقبلة لا بنفس القبلة‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ الذي يظهر لي أن تعلق الحديث بالترجمة الإشارة إلى موضع الاجتهاد في القبلة، لأن عمر اجتهد في أن اختار أن يكون المصلى إلى مقام إبراهيم الذي هو في وجه الكعبة فاختار إحدى جهات القبلة بالاجتهاد، وحصلت موافقته على ذلك فدل على تصويب اجتهاد المجتهد إذا بذل وسعه ولا يخفى ما فيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن أبي مريم‏)‏ في رواية كريمة ‏"‏ حدثنا ابن أبي مريم‏"‏، وفائدة إيراد هذا الإسناد ما فيه من التصريح بسماع حميد من أنس فأمن من تدليسه، و قوله‏:‏ ‏(‏بهذا‏)‏ أي إسنادا ومتنا، فهو من رواية أنس عن عمر لا من رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفائدة التعليق المذكور تصريح حميد بسماعه له من أنس، وقد تعقبه بعضهم بأن يحيى بن أيوب لم يحتج به البخاري وإن خرج له في المتابعات‏.‏
وأقول‏:‏ وهذا من جملة المتابعات، ولم ينفرد يحيى بن أيوب بالتصريح المذكور فقد أخرجه الإسماعيلي من رواية يوسف القاضي عن أبي الربيع الزهراني عن هشيم أخبرنا حميد حدثنا أنس‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏بينا الناس بقباء‏)‏ بالمد والصرف وهو الأشهر، ويجوز فيه القصر وعدم الصرف وهو يذكر ويؤنث‏:‏ موضع معروف ظاهر المدينة، والمراد هنا مسجد أهل قباء ففيه مجاز الحذف، واللام في الناس للعهد الذهني والمراد أهل قباء ومن حضر معهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في صلاة الصبح‏)‏ ولمسلم ‏"‏ في صلاة الغداة ‏"‏ وهو أحد أسمائها، وقد نقل بعضهم كراهية تسميتها بذلك‏.‏
وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدم فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر، والجواب أن لا منافاة بين الخبرين‏.‏
لأن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهم بنو حارثة وذلك في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك عباد بن بشر أو ابن نهيك كما تقدم، ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف أهل قباء وذلك في حديث ابن عمر، ولم يسم الآتي بذلك إليهم، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عباد بن بشر ففيه نظر، لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظا فيحتمل أن يكون عباد أتى بني حارثة أولا في وقت العصر ثم توجه إلى أهل قباء فأعلمهم بذلك في وقت الصبح‏.‏
ومما يدل على تعددهما أن مسلما روى من حديث أنس ‏"‏ أن رجلا من بني سلمة مر وهم ركوع في صلاة الفجر ‏"‏ فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة، وبنو سلمة غير بني حارثة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قد أنزل عليه الليلة قرآن‏)‏ فيه إطلاق الليلة على بعض اليوم الماضي والليلة التي تليه مجازا، والتنكير في قوله ‏"‏ قرآن ‏"‏ لإرادة البعضية، والمراد قوله‏:‏ ‏(‏قد نرى تقلب وجهك في السماء‏)‏ الآيات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقد أمر‏)‏ فيه أن ما يؤمر به النبي صلى الله عليه وسلم يلزم أمته، وأن أفعاله يتأسى بها كأقواله حتى يقوم دليل الخصوص‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاستقبلوها‏)‏ بفتح الموحدة للأكثر أي فتحولوا إلى جهة الكعبة، وفاعل ‏"‏ استقبلوها ‏"‏ المخاطبون بذلك وهم أهل قباء‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وكانت وجوههم الخ‏)‏ تفسير من الراوي للتحول المذكور، ويحتمل أن يكون فاعل استقبلوها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، وضمير ‏"‏ وجوههم ‏"‏ لهم أو لأهل قباء على الاحتمالين‏.‏
وفي رواية الأصيلي فاستقبلوها بكسر الموحدة بصيغة الأمر، ويأتي في ضمير وجوههم الاحتمالان المذكوران، وعوده إلى أهل قباء أظهر، ويرجح رواية الكسر أنه عند المصنف في التفسير من رواية سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار في هذا الحديث بلفظ ‏"‏ وقد أمر أن يستقبل الكعبة، ألا فاستقبلوها ‏"‏ فدخول حرف الاستفتاح يشعر بأن الذي بعده أمر لا أنه بقية الخبر الذي قبله، والله أعلم‏.‏
ووقع بيان كيفية التحول في حديث ثويلة بنت أسلم عند ابن أبي حاتم وقد ذكرت بعضه قريبا وقالت فيه ‏"‏ فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء، فصلينا السجدتين الباقيتين إلى البيت الحرام‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ وتصويره أن الإمام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد، لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار كما هو في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف، ولما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال، وهذا يستدعي عملا كثيرا في الصلاة فيحتمل أن يكون ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير كما كان قبل تحريم الكلام، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة، أو لم تتوال الخطا عند التحويل بل وقعت مفرقة‏.‏
والله أعلم‏.‏
وفي هذا الحديث أن حكم الناسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه، لأن أهل قباء لم يؤمروا بالإعادة مع كون الأمر باستقبال الكعبة وقع قبل صلاتهم تلك بصلوات‏.‏
واستنبط منه الطحاوي أن من لم تبلغه الدعوة ولم يمكنه استعلام ذلك فالفرض غير لازم له‏.‏
وفيه جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم لما تمادوا في الصلاة ولم يقطعوها دل على أنه رجح عندهم التمادي والتحول على القطع والاستئناف، ولا يكون ذلك إلا عن اجتهاد، كذا قيل، وفيه نظر لاحتمال أن يكون عندهم في ذلك نص سابق‏.‏
لأنه صلى الله عليه وسلم كان مترقبا التحول المذكور فلا مانع أن يعلمهم ما صنعوا من التمادي والتحول‏.‏
وفيه قبول خبر الواحد ووجوب العمل به ونسخ ما تقرر بطريق العلم به، لأن صلاتهم إلى بيت المقدس كانت عندهم بطريق القطع لمشاهدتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهته، ووقع تحولهم عنها إلى جهة الكعبة بخبر هذا الواحد، وأجيب بأن الخبر المذكور احتفت به قرائن ومقدمات أفادت القطع عندهم بصدق ذلك المخبر فلم ينسخ عندهم ما يفيد العلم إلا بما يفيد العلم، وقيل‏:‏ كان النسخ بخبر الواحد جائزا في زمنه صلى الله عليه وسلم مطلقا وإنما منع بعده، ويحتاج إلى دليل‏.‏
وفيه جواز تعليم من ليس في الصلاة من هو فيها، وأن استماع المصلي لكلام من ليس في الصلاة لا يفسد صلاته‏.‏
وقد تقدم الكلام على تعيين الوقت الذي حولت فيه القبلة في الكلام على حديث البراء في كتاب الإيمان، ووجه تعلق حديث ابن عمر بترجمة الباب أن دلالته على الجزء الأول منها من قوله ‏"‏ أمر أن يستقبل الكعبة ‏"‏ وعلى الجزء الثاني من حيث أنهم صلوا في أول تلك الصلاة إلى القبلة المنسوخة جاهلين بوجوب التحول عنها وأجزأت عنهم مع ذلك ولم يؤمروا بالإعادة فيكون حكم الساهي كذلك، لكن يمكن أن يفرق بينهما بأن الجاهل مستصحب للحكم الأول مغتفر في حقه ما لا يغتفر في حق الساهي لأنه إنما يكون عن حكم استقر عنده وعرفه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ يعني ابن مسعود‏.‏
‏(‏قال‏:‏ صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا‏)‏ تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبله، وتعلقه بالترجمة من قوله‏:‏ ‏(‏قال وما ذاك‏)‏ أي ما سبب هذا السؤال‏؟‏ وكان في تلك الحالة غير مستقبل القبلة سهوا كما يظهر في الرواية الماضية من قوله ‏"‏ فثنى رجله واستقبل القبلة‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 12:32 PM   #17
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب عِظَةِ الْإِمَامِ النَّاسَ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ وَذِكْرِ الْقِبْلَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب عظة الإمام الناس‏)‏ بالنصب على المفعولية، وقوله ‏"‏في إتمام الصلاة ‏"‏ أي بسبب ترك إتمام الصلاة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وذكر القبلة‏)‏ بالجر عطفا على عظة، وأورده للإشعار بمناسبة هذا الباب لما قبله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏هل ترون قبلتي‏)‏ هو استفهام إنكار لما يلزم منه، أي أنتم تظنون أني لا أرى فعلكم لكون قبلتي في هذه الجهة لأن من استقبل شيئا استدبر ما وراءه، لكن بين النبي صلى الله عليه وسلم أن رؤيته لا تختص بجهة واحدة‏.‏
وقد اختلف في معنى ذلك فقيل‏:‏ المراد بها العلم إما بأن يوحى إليه كيفية فعلهم وإما أن يلهم، وفيه نظر، لأن العلم لو كان مرادا لم يقيده بقوله من وراء ظهري‏.‏
وقيل المراد أنه يرى من عن يمينه ومن عن يساره ممن تدركه عينه مع التفات يسير في النادر، ويوصف من هو هناك بأنه وراء ظهره، وهذا ظاهر التكلف، وفيه عدول عن الظاهر بلا موجب‏.‏
والصواب المختار أنه محمول على ظاهره، وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به صلى الله عليه وسلم انخرقت له فيه العادة، وعلى هذا عمل المصنف فأخرج هذا الحديث في علامات النبوة، وكذا نقل عن الإمام أحمد وغيره‏.‏
ثم ذلك الإدراك يجوز أن يكون برؤية عينه انخرقت له العادة فيه أيضا فكان يرى بها من غير مقابلة، لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب، وإنما تلك أمور عادية يجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلا، ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة خلافا لأهل البدع لوقوفهم مع العادة‏.‏
وقيل كانت له عين خلف ظهره يرى بها من وراءه دائما، وقيل كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط يبصر بهما لا يحجبهما ثوب ولا غيره، وقيل‏:‏ بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا خشوعكم‏)‏ أي في جميع الأركان، ويحتمل أن يريد به السجود لأن فيه غاية الخشوع، وقد صرح بالسجود في رواية لمسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إني لأراكم‏)‏ بفتح الهمزة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الرُّكُوعِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ
الشرح‏:‏
قوله في حديث أنس ‏(‏صلى لنا‏)‏ أي لأجلنا‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏صلاة‏)‏ بالتنكير للإبهام‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏ثم رقي‏)‏ بكسر القاف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال في الصلاة‏)‏ أي في شأن الصلاة، أو هو متعلق بقوله بعد ‏(‏إني لأراكم‏)‏ عند من يجيز تقدم الظرف‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏وفي الركوع‏)‏ فرده بالذكر وإن كان داخلا في الصلاة اهتماما به إما لكون التقصير فيه كان أكثر، أو لأنه أعظم الأركان بدليل أن المسبوق يدرك الركعة بتمامها بإدراك الركوع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كما أراكم‏)‏ يعني من أمامي‏.‏
وصرح به في رواية أخرى كما سيأتي‏.‏
ولمسلم ‏"‏ إني لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي ‏"‏ وفيه دليل على المختار أن المراد بالرؤية الإبصار، وظاهر الحديث أن ذلك يختص بحالة الصلاة، ويحتمل أن يكون ذلك واقعا في جميع أحواله، وقد نقل ذلك عن مجاهد‏.‏
وحكى بقي بن مخلد أنه صلى الله عليه وسلم كان يبصر في الظلمة كما يبصر في الضوء‏.‏
وفي الحديث الحث على الخشوع في الصلاة والمحافظة على إتمام أركانها وأبعاضها، وأنه ينبغي للإمام أن ينبه الناس على ما يتعلق بأحوال الصلاة، ولا سيما إن رأى منهم ما يخالف الأولى‏.‏
وسأذكر حكم الخشوع في أبواب صفة الصلاة حيث ترجم به المصنف مع بقية الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:51 PM   #18
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب غَسْلِ الْمَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب غسل المرأة أباها‏)‏ نصوب على المفعولية، والدم منصوب على الاختصاص، أو على البدل، وهو إما اشتمال أو بعض من كل‏.‏
ووقع في رواية ابن عساكر ‏"‏ غسل المرأة الدم عن وجه أبيها ‏"‏ وهو بالمعنى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن وجهه‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من وجهه ‏"‏ و ‏"‏ عن ‏"‏ في رواية غيره إما بمعنى من أو ضمن الغسل معنى الإزالة، وهذه الترجمة معقودة لبيان أن إزالة النجاسة ونحوها يجوز الاستعانة فيها كما تقدم في الوضوء، وبهذا يظهر مناسبة أثر أبي العالية لحديث سهل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو العالية‏)‏ هو الرياحي بكسر الراء وياء تحتانية، وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن معمر عن عاصم بن سليمان قال‏:‏ دخلنا على أبي العالية وهو وجع فوضوؤه، فلما بقيت إحدى رجليه قال‏:‏ امسحوا على هذه فإنها مريضة، وكان بها حمرة‏.‏
وزاد ابن أبي شيبة ‏"‏ إنها كانت معصوبة‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَسَأَلَهُ النَّاسُ وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد‏)‏ قال أبو علي الجياني‏:‏ لم ينسبه أحد من الرواة، وهو عندي ابن سلام‏.‏
قلت‏:‏ وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج‏.‏
وقد وقع في رواية ابن عساكر ‏"‏ حدثنا محمد يعني ابن سلام ‏"‏‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وسأله الناس‏)‏ جملة حالية، وأراد بقوله ‏"‏ وما بيني وبينه أحد ‏"‏ أي عند السؤال، ليكون دل على صحة سماعه لقربه منه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏دوى‏)‏ بضم الدال على البناء للمجهول، وحذفت إحدى الواوين في الكتابة كداود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما بقي أحد‏)‏ إنما قال ذلك لأنه كان آخر من بقي من الصحابة بالمدينة كما صرح به المصنف في النكاح في روايته عن قتيبة عن سفيان، ووقع في رواية الحميدي عن سفيان ‏"‏ اختلف الناس بأي شيء دوى جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وسيأتي ذكر سبب هذا الجرح وتسمية فاعله في المغازي في وقعة أحد إن شاء الله تعالى‏.‏
وكان بينها وبين تحديث سهل بذلك أكثر من ثمانين سنة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ‏)‏ بضم الهمزة على البناء للمجهول، وله في الطب ‏"‏ فلما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على الجرح فرقأ الدم ‏"‏ وفي هذا الحديث مشروعية التداوي، ومعالجة الجراح، واتخاذ الترس في الحرب، وأن جميع ذلك لا يقدح في التوكل لصدوره من سيد المتوكلين‏.‏
وفيه مباشرة المرأة لأبيها، وكذلك لغيره من ذوي محارمها، ومداواتها لأمراضهم، وغير ذلك مما يأتي الكلام عليه في المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:52 PM   #19
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب السِّوَاكِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السواك‏)‏ هو بكسر السين على الأفصح، ويطلق على الآلة وعلى الفعل وهو المراد هنا‏.‏
قوله ‏(‏وقال ابن عباس‏)‏ هذا التعليق سقط من رواية المستملي، وهو طرف من حديث طويل في قصة مبيت ابن عباس عند خالته ميمونة ليشاهد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وقد وصله المؤلف من طرق‏:‏ منها بلفظه هذا في تفسير آل عمران واقتضى كلام عبد الحق أنه بهذا اللفظ من أفراد مسلم وليس بجيد
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ أُعْ أُعْ وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ كَأَنَّه يَتَهَوَّعُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي بردة‏)‏ هو ابن أبي موسى الأشعري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يستن‏)‏ بفتح أوله وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد النون من السن بالكسر أو الفتح إما لأن السواك يمر على الأسنان، أو لأنه يسنها أي يحددها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقول‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم، أو السواك مجازا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أع أع‏)‏ بضم الهمزة وسكون المهملة، كذا في رواية أبي ذر، وأشار ابن التين إلى أن غيره رواه بفتح الهمزة، ورواه النسائي وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة عن حماد بتقديم العين على الهمزة، وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي عن عارم - وهو أبو النعمان - شيخ البخاري فيه، ولأبي داود بهمزة مكسورة ثم هاء، وللجوزقي بخاء معجمة بدل الهاء، والرواية الأولى أشهر، وإنما اختلف الرواة لتقارب مخارج هذه الأحرف، كلها ترجع إلى حكاية صوته إذ جعل السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد ‏"‏ يستن إلى فوق ‏"‏ ولهذا قال هنا ‏"‏ كأنه يتهوع ‏"‏ والتهوع التقيؤ، أي له صوت كصوت المتقيئ على سبيل المبالغة‏.‏
ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا، وفيه حديث مرسل عند أبي داود، وله شاهد موصول عند العقيلي في الضعفاء وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات، لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به، وبوبوا عليه ‏"‏ استياك الإمام بحضرة رعيته‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن حذيفة‏)‏ هو ابن اليمان، والإسناد كله كوفيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يشوص‏)‏ بضم المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، والشوص بالفتح الغسل والتنظيف، كذا في الصحاح‏.‏
وفي المحكم الغسل عن كراع والتنقية عن أبي عبيد والدلك عن ابن الإنباري، وقيل الإمرار على الأسنان من أسفل إلى فوق، واستدل قائله بأنه مأخوذ من الشوصة وهي ريح ترفع القلب عن موضعه، عكسه الخطابي فقال‏:‏ هو دلك الأسنان بالسواك أو الأصابع عرضا، قال ابن دقيق العيد‏:‏ فيه استحباب السواك عند القيام من النوم لأن النوم مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه، قال‏:‏ وظاهر قوله ‏"‏ من الليل ‏"‏ عام في كل حالة، ويحتمل أن يخص بما إذا قام إلى الصلاة‏.‏
قلت‏:‏ ويدل عليه رواية المصنف في الصلاة بلفظ ‏"‏ إذا قام للتهجد ‏"‏ ولمسلم نحوه، وحديث ابن عباس يشهد له، وكأن ذلك هو السر في ذكره في الترجمة‏.‏
وقد ذكر المصنف كثيرا من أحكام السواك في الصلاة وفي الصيام كما ستأتي في أماكنها إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب دفع السواك إلى الأكبر‏)‏ وقال عفان قال الإسماعيلي‏:‏ أخرجه البخاري بلا رواية‏.‏
قلت‏:‏ وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أراني‏)‏ بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها‏.‏
وفي رواية المستملي ‏"‏ رآني ‏"‏ بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر ‏"‏ أراني في المنام ‏"‏ وللإسماعيلي ‏"‏ رأيت في المنام ‏"‏ فعلى هذا فهو من الرؤيا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقيل لي‏)‏ قائل ذلك له جبريل عليه السلام كما سيذكر من رواية ابن المبارك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كبر‏)‏ أي قدم الأكبر في السن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ أي البخاري ‏(‏اختصره‏)‏ أي المتن ‏(‏نعيم‏)‏ هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نعيم هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ ‏"‏ أمرني جبريل أن أكبر ‏"‏ ورويناها في الغيلانيات من رواية أبي بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ ‏"‏ أن أقدم الأكابر ‏"‏ وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ ‏"‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال‏:‏ إن جبريل أمرني أن أكبر‏"‏، وهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة‏.‏
ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيها على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض‏.‏
ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام‏.‏
وقال المهلب‏:‏ هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقدم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتي الحديث فيه في الأشربة، وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه ‏"‏ وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:53 PM   #20
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل من بات على الوضوء‏)‏ ولغير أبي ذر على وضوء‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك، وسفيان هو الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر‏.‏
أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا‏.‏
ووجه مناسبته للترجمة من قوله ‏"‏ فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ‏"‏ والمراد بالفطرة السنة‏.‏
وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي‏.‏
وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن على أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري، وسيأتي الكلام على فوائد هذا المتن في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واجعلهن آخر ما تقول‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من آخر ‏"‏ وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما شرع من الذكر عند النوم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال لا ونبيك الذي أرسلت‏)‏ قال الخطابي‏:‏ فيه حجة لمن منع رواية الحديث على المعنى، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون أشار بقوله ‏"‏ ونبيك ‏"‏ إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا، أو لأنه ليس في قوله ‏"‏ ورسولك الذي أرسلت ‏"‏ وصف زائد بخلاف قوله ‏"‏ ونبيك الذي أرسلت ‏"‏ وقال غيره ليس فيه حجة على منع ذلك، لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ولو كان يرادفه في الظاهر، أو لعله أوحى إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده، أو ذكره احترازا ممن أرسل من غير نبوه كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه‏.‏
وأما من استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلا في الرواية بلفظ قال رسول الله وكذا عكسه ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة فيه، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني لكون الأول أخص من الثاني، لأنا نقول‏:‏ الذات المخبر عنها في الرواية واحدة فبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسما بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلا عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب فإنه يحتمل ما تقدم من الأوجه التي بيناها من إرادة التوقيف وغيره والله أعلم‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في نفس الحديث ‏"‏ واجعلهن آخر ما تقول ‏"‏ فأشعر ذلك بختم الكتاب والله الهادي للصواب‏.‏
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب الوضوء وما معه من أحكام المياه والاستطابة من الأحاديث المرفوعة على مائة وأربعة وخمسين حديثا، الموصول منها مائة وستة عشر حديثا، والمذكور منها بلفظ المتابعة وصيغة التعليق ثمانية وثلاثون حديثا، فالمكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا، والخالص منها أحد وثمانون حديثا، ثلاثة منها معلقة والبقية موصولة وافقه مسلم على تخريجها سوى تسعة عشر حديثا وهي الثلاثة المعلقة وحديث ابن عباس في صفة الوضوء وحديثه توضأ مرة مرة وحديث أبي هريرة ابغني أحجارا وحديث ابن مسعود في الحجرين والروثة وحديث عبد الله بن زيد في الوضوء مرتين مرتين وحديث أنس في ادخار شعر النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي هريرة في الرجل الذي سقى الكلب وحديث السائب بن يزيد في خاتم النبوة وحديث سعد وعمر في المسح على الخفين وحديث عمرو بن أمية فيه وحديث سويد بن النعمان في المضمضة من السويق وحديث أنس إذا نعس في الصلاة فليتم وحديث أبي هريرة في قصة الذي بال في المسجد وحديث ميمونة في فأرة سقطت في سمن وحديث أنس في البزاق في الثوب وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ثمانية وأربعون أثرا الموصول منها ثلاثة والبقية معلقة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:55 PM   #21
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*2*كِتَاب الْغُسْلِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الغسل‏)‏ كذا في روايتنا بتقديم البسملة‏.‏
وللأكثر بالعكس، وقد تقدم توجيهه ذلك، وحذفت البسملة من رواية الأصيلي وعنده ‏"‏ باب الغسل ‏"‏ وهو يضم الغين اسم للاغتسال، وقيل إذا أريد به الماء فهو مضموم، وأما المصدر فيجوز فيه الضم والفتح حكاه ابن سيده وغيره، وقيل المصدر بالفتح والاغتسال بالضم، وقيل الغسل بالفتح فعل المغتسل وبالضم الماء الذي يغتسل به وبالكسر ما يجعل مع الماء كالأشنان‏.‏
وحقيقة الغسل جريان الماء على الأعضاء‏.‏
واختلف في وجوب الدلك فلم يوجبه الأكثر، ونقل عن مالك والمزني وجوبه، واحتج ابن بطال بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها قال‏:‏ فيجب ذلك في الغسل قياسا لعدم الفرق بينهما‏.‏
وتعقب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله تعالى‏:‏ وإن كنتم جنبا فاطهروا‏)‏ قال الكرماني‏:‏ غرضه بيان أن وجوب الغسل على الجنب مستفاد من القرآن‏.‏
قلت‏:‏ وقدم الآية التي من سورة المائدة على الآية التي من سورة النساء لدقيقة، وهي أن لفظ التي في المائدة ‏(‏فاطهروا‏)‏ ففيها إجمال، ولفظ التي في النساء ‏(‏حتى تغتسلوا‏)‏ ففيها تصريح بالاغتسال وبيان للتطهير المذكور، ودل على أن المراد بقوله تعالى ‏(‏فاطهروا‏)‏ فاغتسلوا قوله تعالى في الحائض ‏(‏ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن‏)‏ أي اغتسلن اتفاقا، ودلت آية النساء على أن استباحة الجنب الصلاة - وكذا اللبث في المسجد - يتوقف على الاغتسال، وحقيقة الاغتسال غسل جميع الأعضاء مع تمييز ما للعبادة عما للعادة بالنية‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:56 PM   #22
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الوضوء قبل الغسل‏)‏ أي استحبابه‏.‏
قال الشافعي رحمه الله في الأم‏:‏ فرض الله تعالى الغسل مطلقا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء، فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغسل جميع بدنه‏.‏
والاختيار في الغسل ما روت عائشة‏.‏
ثم روى حديث الباب عن مالك بسنده، وهو في الموطأ كذلك، قال ابن عبد البر هو من أحسن حديث روى في ذلك‏.‏
قلت‏:‏ وقد رواه عن هشام وهو ابن عروة جماعة من الحفاظ غير مالك كما سنشير إليه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان إذا اغتسل‏)‏ أي شرع في الفعل، و ‏"‏ من ‏"‏ في قوله ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ سببية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بدأ فغسل يديه‏)‏ يحتمل أن يكون غسلهما للتنظيف مما بهما من مستقذر، وسيأتي في حديث ميمونة تقوية ذلك‏.‏
ويحتمل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم، ويدل عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام ‏"‏ قبل أن يدخلهما في الإناء ‏"‏ رواه الشافعي والترمذي، وزاد أيضا ‏"‏ ثم يغسل فرجه‏"‏، وكذا لمسلم من رواية أبي معاوية، ولأبي داود من رواية حماد بن زيد كلاهما عن هشام، وهي زيادة جليلة، لأن بتقديم غسله يحصل الأمن من مسه في أثناء الغسل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كما يتوضأ صلاة‏)‏ فيه احتراز عن الوضوء اللغوي، ويحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد في الغسل، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى، وإلى هذا جنح الداودي شارح المختصر من الشافعية فقال‏:‏ يقدم غسل أعضاء وضوئه على ترتيب الوضوء، لكن بنية غسل الجنابة‏.‏
ونقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل، وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيخلل بها‏)‏ أي بأصابعه التي أدخلها في الماء‏.‏
ولمسلم ‏"‏ ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ‏"‏ وللترمذي والنسائي من طريق أبي عيينة ‏"‏ ثم يشرب شعره الماء‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أصول الشعر‏)‏ وللكشميهني ‏"‏ أصول شعره ‏"‏ أي شعر رأسه، ويدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام عند البيهقي ‏"‏ يخلل بها شق رأسه الأيمن فيتبع بها أصول الشعر، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر كذلك ‏"‏ وقال القاضي عياض‏:‏ احتج به بعضهم على تخليل شعر الجسد في الغسل إما لعموم قوله ‏"‏ أصول الشعر ‏"‏ وإما بالقياس على شعر الرأس‏.‏
وفائدة التخليل إيصال الماء إلى الشعر والبشرة، ومباشرة الشعر باليد ليحصل تعميمه بالماء، وتأنيس البشرة لئلا يصيبها بالصب ما تتأذى به‏.‏
ثم هذا التخليل غير واجب اتفاقا إلا إن كان الشعر ملبدا بشيء يحول بين الماء وبين الوصول إلى أصوله‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يدخل‏)‏ إنما ذكره بلفظ المضارع، وما قبله مذكور بلفظ الماضي - وهو الأصل - لإرادة استحضار صورة الحال للسامعين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاث غرف‏)‏ بضم المعجمة وفتح الراء جمع غرفة وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف، وللكشميهني ‏"‏ ثلاث غرفات ‏"‏ وهو المشهور في جمع القلة‏.‏
وفيه استحباب التثليث في الغسل، قال النووي‏:‏ ولا نعلم فيه خلافا إلا ما تفرد به الماوردي فإنه قال‏:‏ لا يستحب التكرار في الغسل‏.‏
قلت‏:‏ وكذا قال الشيخ أبو علي السنجي في شرح الفروع وكذا قال القرطبي، وحمل التثليث في هذه الرواية على رواية القاسم عن عائشة الآتية قريبا فإن مقتضاها أن كل غرفة كانت في جهة من جهات الرأس، وسيأتي في آخر الكلام على حديث ميمونة زيادة في هذه المسألة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يفيض‏)‏ أي يسيل، والإفاضة الإسالة‏.‏
واستدل به من لم يشترط الدلك وهو ظاهر‏.‏
وقال المازري‏:‏ لا حجة فيه لأن أفاض بمعنى غسل، والخلاف في الغسل قائم‏.‏
قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه والله أعلم‏.‏
وقال القاضي عياض‏:‏ لم يأت في شيء من الروايات في وضوء الغسل ذكر التكرار‏.‏
قلت‏:‏ بل ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة‏.‏
الحديث وفيه ‏"‏ ثم يتمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ويغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم يفيض على رأسه ثلاثا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على جلده كله‏)‏ هذا التأكيد يدل على أنه عمم جميع جسده بالغسل بعدما تقدم، وهو يؤيد الاحتمال الأول أن الوضوء سنة مستقلة قبل الغسل، وعلى هذا فينوي المغتسل الوضوء إن كان محدثا وإلا فسنة الغسل، واستدل بهذا الحديث على استحباب إكمال الوضوء قبل الغسل، ولا يؤخر غسل الرجلين إلى فراغه وهو ظاهر من قولها ‏"‏ كما يتوضأ للصلاة ‏"‏ وهذا هو المحفوظ في حديث عائشة من هذا الوجه، لكن رواه مسلم من رواية أبي معاوية عن هشام فقال في آخره ‏"‏ ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه ‏"‏ وهذه الزيادة تفرد بها أبو معاوية دون أصحاب هشام، قال البيهقي هي غربية صحيحة‏.‏
قلت‏:‏ لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقال، نعم له شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة أخرجه أبو داود الطيالسي فذكر حديث الغسل كما تقدم عند النسائي وزاد في آخره ‏"‏ فإذا فرغ غسل رجليه ‏"‏ فأما أن تحمل الروايات عن عائشة على أن المراد بقولها ‏"‏ وضوءه للصلاة ‏"‏ أي أكثره وهو ما سوى الرجلين، أو يحمل على ظاهره، ويستدل برواية أبي معاوية على جواز تفريق الوضوء، ويحتمل أن يكون قوله في رواية أبي معاوية ‏"‏ ثم غسل رجليه ‏"‏ أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء فيوافق قوله في حديث الباب ‏"‏ ثم يفيض على جلده كله‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَذَى ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا هَذِهِ غُسْلُهُ مِنْ الْجَنَابَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن يوسف‏)‏ هو الفريابي، وسفيان هو الثوري، وجزم الكرماني بأن محمد ابن يوسف هو البيكندي وسفيان هو ابن عيينة، ولا أدري من أين له ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وضوءه للصلاة غير رجليه‏)‏ يه التصريح بتأخير الرجلين في وضوء الغسل الخ وهو مخالف لظاهر رواية عائشة‏.‏
ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز كما تقدم وإما بحمله على حالة أخرى، وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل، وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم، وعند الشافعية في الأفضل قولان، قال النووي أصحهما وأشهرهما ومختارهما أنه يكمل وضوءه، قال‏:‏ لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك‏.‏
انتهى‏.‏
كذا قال، وليس في شيء من الروايات عنهما التصريح بذلك، بل هي إما محتملة كرواية ‏"‏ توضأ وضوءه للصلاة ‏"‏ أو ظاهرة تأخيرهما كرواية أبي معاوية المتقدمة، وشاهدها من طريق أبي سلمة، ويوافقها أكثر الروايات عن ميمونة، أو صريحة في تأخيرهما كحديث الباب، وراويها مقدم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش، وقول من قال ‏"‏ إنما فعل ذلك مرة لبيان الجواز ‏"‏ متعقب، فإن في رواية أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش ما يدل على المواظبة، ولفظه ‏"‏ كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ‏"‏ فذكر الحديث وفي آخره ‏"‏ ثم يتنحى فيغسل رجليه ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ الحكمة في تأخير غسل الرجلين ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وغسل فرجه‏)‏ يه تقديم وتأخير، لأن غسل الفرج كان قبل الوضوء إذ الواو لا تقتضي الترتيب، وقد بين ذلك ابن المبارك عن الثوري عند المصنف في باب الستر في الغسل، فذكر أولا غسل اليدين ثم غسل الفرج ثم مسح يده بالحائط ثم الوضوء غير رجليه، وأتى بثم الدالة على الترتيب في جميع ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هذه غسلة‏)‏ الإشارة إلى الأفعال المذكورة، أو التقدير هذه صفة غسله، وللكشميهني ‏"‏ هذا غسله ‏"‏ وهو ظاهر، وأشار الإسماعيلي إلى أن هذه الجملة الأخيرة مدرجة من قول سالم بن أبي الجعد، وأن زائدة بن قدامة بين ذلك في روايته عن الأعمش، واستدل البخاري بحديث ميمونة هذا على جواز تفريق الوضوء وعلى استحباب الإفراغ باليمين على الشمال للمغترف من الماء لقوله في رواية أبي عوانة وحفص وغيرهما ‏"‏ ثم أفرغ بيمينه على شماله ‏"‏ وعلى مشروعية المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة لقوله فيها ‏"‏ ثم تمضمض واستنشق ‏"‏ وتمسك به الحنفية للقول بوجوبهما، وتعقب بأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب، وليس الأمر هنا كذلك قاله ابن دقيق العيد‏:‏ وعلى استحباب مسح اليد بالتراب من الحائط أو الأرض لقوله في الروايات المذكورة ‏"‏ ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط ‏"‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ وقد يؤخذ منه الاكتفاء بغسلة واحدة لإزالة النجاسة والغسل من الجنابة لأن الأصل عدم التكرار، وفيه خلاف‏.‏
انتهى‏.‏
وصحح النووي وغيره أنه يجزئ، لكن لم يتعين في هذا الحديث أن ذلك كان لإزالة النجاسة، بل يحتمل أن يكون للتنظيف فلا يدل على الاكتفاء، وأما دلك اليد بالأرض فللمبالغة فيه ليكون أنقى كما قال البخاري‏.‏
وأبعد من استدل به على نجاسة المني أو على نجاسة رطوبة الفرج لأن الغسل ليس مقصورا على إزالة النجاسة‏.‏
وقوله في حديث الباب ‏"‏ وما أصابه من أذى ‏"‏ ليس بظاهر في النجاسة أيضا، واستدل به البخاري أيضا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة، وعلى أن من توضأ بنية الغسل أكمل باقي أعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث، وعلى جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء، وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره ولفظه ‏"‏ لا تنفضوا أيديكم في الوضوء فإنها مرواح الشيطان ‏"‏ وقال ابن الصلاح‏:‏ لم أجده‏.‏
وتبعه النووي‏.‏
وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء وابن حاتم في العلل من حديث أبي هريرة، ولو لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا أن يحتج به‏.‏
وعلى استحباب التستر في الغسل ولو كان في البيت، وقد عقد المصنف لكل مسألة بابا وأخرج هذا الحديث فيه بمغايرة الطرق ومدارها على الأعمش، وعند بعض الرواة عنه ما ليس عند الآخر، وقد جمعت فوائدها في هذا الباب‏.‏
وصرح في رواية حفص بن غياث عن الأعمش بسماع الأعمش من سالم فأمن تدليسه‏.‏
وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على الولاء‏:‏ الأعمش وسالم وكريب، وصحابيان‏:‏ ابن عباس وخالته ميمونة بنت الحارث‏.‏
وفي الحديث من الفوائد أيضا جواز الاستعانة بإحضار ماء الغسل والوضوء لقولها في رواية حفص وغيره ‏"‏ وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلا ‏"‏ وفي رواية عبد الواحد ‏"‏ ما يغتسل به ‏"‏ وفيه خدمة الزوجات لأزواجهن، وفيه الصب باليمين على الشمال لغسل الفرج بها، وفيه تقديم غسل الكفين على غسل الفرج لمن يريد الاغتراف لئلا يدخلهما في الماء وفيهما ما لعله يستقذر، فأما إذا كان الماء في إبريق مثلا فالأولى تقديم غسل الفرج لتوالي أعضاء الوضوء، ولم يقع في شيء من طرق هذا الحديث التنصيص على مسح الرأس في هذا الوضوء، وتمسك به المالكية لقولهم إن وضوء الغسل لا يمسح فيه الرأس بل يكتفي عنه بغسله، واستدل بعضهم بقولها في رواية أبي حمزة وغيره ‏"‏ فناولته ثوبا فلم يأخذه ‏"‏ على كراهة التنشيف بعد الغسل، ولا حجة فيه لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر آخر لا يتعلق بكراهة التنشيف بل لأمر يتعلق بالخرقة، أو لكونه كان مستعجلا، أو غير ذلك‏.‏
قال المهلب‏:‏ يحتمل تركه الثوب لإبقاء بركة الماء أو للتواضع أو لشيء رآه في الثوب من حرير أو وسخ، وقد وقع عند أحمد والإسماعيلي من رواية أبي عوانة في هذا الحديث عن الأعمش قال‏:‏ فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال‏:‏ لا بأس بالمنديل، وإنما رده مخافة أن يصير عادة‏.‏
وقال التيمي في شرحه‏:‏ في هذا الحديث دليل على أنه كان يتنشف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ نفضه الماء بيده يدل على أن لا كراهة في التنشيف، لأن كلا منهما إزالة‏.‏
وقال النووي‏:‏ اختلف أصحابنا فيه على خمسة أوجه أشهرها أن المستحب تركه، وقيل مكروه، وقيل مباح، وقيل مستحب، وقيل مكروه في الصيف مباح في الشتاء‏.‏
واستدل به على طهارة الماء المتقاطر من أعضاء المتطهر خلافا لمن غلا من الحنفية فقال بنجاسته‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:57 PM   #23
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب غسل الرجل مع امرأته‏.‏
عن عروة‏)‏ أي ابن الزبير كذا رواه أكثر أصحاب الزهري، وخالفهم إبراهيم بن سعد فرواه عنه عن القاسم بن محمد أخرجه النسائي، ورجح أبو زرعة الأول‏.‏
ويحتمل أن يكون للزهري شيخان فإن الحديث محفوظ عن عروة والقاسم من طرق أخرى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنا والنبي‏)‏ يحتمل أن يكون مفعولا معه ويحتمل أن يكون عطفا على الضمير وهو من باب تغليب المتكلم على الغائب لكونها هي السبب في الاغتسال، فكأنها أصل في الباب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من إناء واحد من قدح‏)‏ من الأولى‏:‏ ابتدائية والثانية‏:‏ بيانية، ويحتمل أن يكون قدح بدلا من إناء بتكرار حرف الجر‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ كان هذا الإناء من شبه، وهو بفتح المعجمة والموحدة كما تقدم توضيحه في صفة الوضوء من حديث عبد الله بن زيد، وكأن مستنده ما رواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه ولفظه ‏"‏ تور من شبه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقال له الفرق‏)‏ ، ولمالك عن الزهري‏:‏ هو الفرق، وزاد في روايته ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ أي بسبب الجنابة، ولأبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب ‏"‏ وذلك القدح يومئذ يدعي الفرق ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ الفرق بتسكين الراء ورويناه بفتحها وجوز بعضهم الأمرين‏.‏
وقال القتيبي وغيره هو بالفتح‏.‏
وقال النووي الفتح أفصح وأشهر، وزعم أبو الوليد الباجي أنه الصواب قال‏:‏ وليس كما قال، بل هما لغتان‏.‏
قلت‏:‏ لعل مستند الباجي ما حكاه الأزهري عن ثعلب وغيره‏:‏ الفرق بالفتح والمحدثون يسكنونه، وكلام العرب بالفتح‏.‏
انتهى‏.‏
وقد حكى الإسكان أبو زيد وابن دريد وغيرهما من أهل اللغة، والذي في روايتنا هو الفتح والله أعلم‏.‏
وحكى ابن الأثير أن الفرق بالفتح ستة عشر رطلا وبالإسكان مائة وعشرون رطلا، وهو غريب‏.‏
وأما مقداره فعند مسلم في آخر رواية ابن عيينة عن الزهري في هذا الحديث قال سفيان يعني ابن عيينة‏:‏ الفرق ثلاثة آصع، قال النووي‏:‏ وكذا قال الجماهير، وقيل الفرق صاعان، لكن نقل أبو عبيد الاتفاق على أن الفرق ثلاثة آصع، وعلى أن الفرق ستة عشر رطلا ولعله يريد اتفاق أهل اللغة وإلا فقد قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم‏:‏ إن الصاع ثمانية أرطال، وتمسكوا بما روى عن مجاهد في الحديث الآتي عن عائشة أنه حزر الإناء ثمانية أرطال، والصحيح الأول، فإن الحزر لا يعارض به التحديد‏.‏
وأيضا فلم صرح مجاهد بأن الإناء المذكور صاع فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها، ويؤيد كون الفرق ثلاثة آصع ما رواه ابن حبان من طريق عطاء عن عائشة بلفظ ‏"‏ قدر ستة أقساط ‏"‏ والقسط بكسر القاف وهو باتفاق أهل اللغة نصف صاع والاختلاف بينهم أن الفرق ستة عشر رطلا فصح أن الصاع خمسة أرطال وثلث، وتوسط بعض الشافعية فقال الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال، والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث، وهو ضعيف‏.‏
ومباحث المتن تقدمت في باب وضوء الرجل مع امرأته، واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال سالت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عروة‏)‏ أي ابن الزبير كذا رواه أكثر أصحاب الزهري، وخالفهم إبراهيم بن سعد فرواه عنه عن القاسم بن محمد أخرجه النسائي، ورجح أبو زرعة الأول‏.‏
ويحتمل أن يكون للزهري شيخان فإن الحديث محفوظ عن عروة والقاسم من طرق أخرى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنا والنبي‏)‏ يحتمل أن يكون مفعولا معه ويحتمل أن يكون عطفا على الضمير وهو من باب تغليب المتكلم على الغائب لكونها هي السبب في الاغتسال، فكأنها أصل في الباب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من إناء واحد من قدح‏)‏ من الأولى‏:‏ ابتدائية والثانية‏:‏ بيانية، ويحتمل أن يكون قدح بدلا من إناء بتكرار حرف الجر‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ كان هذا الإناء من شبه، وهو بفتح المعجمة والموحدة كما تقدم توضيحه في صفة الوضوء من حديث عبد الله بن زيد، وكأن مستنده ما رواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه ولفظه ‏"‏ تور من شبه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقال له الفرق‏)‏ ، ولمالك عن الزهري‏:‏ هو الفرق، وزاد في روايته ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ أي بسبب الجنابة، ولأبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب ‏"‏ وذلك القدح يومئذ يدعي الفرق ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ الفرق بتسكين الراء ورويناه بفتحها وجوز بعضهم الأمرين‏.‏
وقال القتيبي وغيره هو بالفتح‏.‏
وقال النووي الفتح أفصح وأشهر، وزعم أبو الوليد الباجي أنه الصواب قال‏:‏ وليس كما قال، بل هما لغتان‏.‏
قلت‏:‏ لعل مستند الباجي ما حكاه الأزهري عن ثعلب وغيره‏:‏ الفرق بالفتح والمحدثون يسكنونه، وكلام العرب بالفتح‏.‏
انتهى‏.‏
وقد حكى الإسكان أبو زيد وابن دريد وغيرهما من أهل اللغة، والذي في روايتنا هو الفتح والله أعلم‏.‏
وحكى ابن الأثير أن الفرق بالفتح ستة عشر رطلا وبالإسكان مائة وعشرون رطلا، وهو غريب‏.‏
وأما مقداره فعند مسلم في آخر رواية ابن عيينة عن الزهري في هذا الحديث قال سفيان يعني ابن عيينة‏:‏ الفرق ثلاثة آصع، قال النووي‏:‏ وكذا قال الجماهير، وقيل الفرق صاعان، لكن نقل أبو عبيد الاتفاق على أن الفرق ثلاثة آصع، وعلى أن الفرق ستة عشر رطلا ولعله يريد اتفاق أهل اللغة وإلا فقد قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم‏:‏ إن الصاع ثمانية أرطال، وتمسكوا بما روى عن مجاهد في الحديث الآتي عن عائشة أنه حزر الإناء ثمانية أرطال، والصحيح الأول، فإن الحزر لا يعارض به التحديد‏.‏
وأيضا فلم صرح مجاهد بأن الإناء المذكور صاع فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها، ويؤيد كون الفرق ثلاثة آصع ما رواه ابن حبان من طريق عطاء عن عائشة بلفظ ‏"‏ قدر ستة أقساط ‏"‏ والقسط بكسر القاف وهو باتفاق أهل اللغة نصف صاع والاختلاف بينهم أن الفرق ستة عشر رطلا فصح أن الصاع خمسة أرطال وثلث، وتوسط بعض الشافعية فقال الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال، والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث، وهو ضعيف‏.‏
ومباحث المتن تقدمت في باب وضوء الرجل مع امرأته، واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال سالت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:58 PM   #24
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الغسل بالصاع‏)‏ أي بملء الصاع ‏(‏ونحوه‏)‏ أي ما يقاربه، والصاع تقدم أنه خمسة أرطال وثلث برطل بغداد، وهو على ما قال الرافعي وغيره مائة وثلاثون درهما، ورجح النووي أنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم‏.‏
وقد بين الشيخ الموفق سبب الخلاف في ذلك فقال‏:‏ إنه في الأصل مائه وثمانية وعشرين وأربعة أسباع، ثم زادوا فيه مثقالا لإرادة جبر الكسر فصار مائة وثلاثين، قال‏:‏ والعمل على الأول لأنه هو الذي كان موجودا وقت تقدير العلماء به‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبَهْزٌ وَالْجُدِّيُّ عَنْ شُعْبَةَ قَدْرِ صَاعٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث، وأبو بكر بن حفص أي ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص، شارك شيخه أبا سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - في كونه زهريا مدنيا مشهورا بالكنية، وقد قيل إن اسم كل منهما عبد الله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأخو عائشة‏)‏ زعم الداودي أنه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق‏.‏
وقال غيره هو أخوها لأمها وهو الطفيل بن عبد الله ولا يصح واحد منهما، لما روى مسلم من طريق معاذ، والنسائي من طريق خالد بن الحارث، وأبو عوانة من طريق يزيد بن هارون كلهم عن شعبة في هذا الحديث أنه أخوها من الرضاعة‏.‏
وقال النووي وجماعة إنه عبد الله بن يزيد، معتمدين على ما وقع في صحيح مسلم في الجنائز عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة عنها فذكر حديثا غير هذا، ولم يتعين عندي أنه المراد هنا لأن لها أخا آخر من الرضاعة وهو كثير بن عبيد رضيع عائشة روى عنها أيضا وحديثه في الأدب المفرد للبخاري وسنن أبي داود من طريق ابنه سعيد بن كثير عنه‏.‏
وعبد الله بن يزيد بصري، كثير بن عبيد كوفي، فيحتمل أن يكون المبهم هنا أحدهما ويحتمل أن يكون غيرهما والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فدعت بإناء نحو‏)‏ بالجر والتنوين صفة لإناء‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ نحوا ‏"‏ بالنصب على أنه نعت للمجرور باعتبار المحل أو بإضمار أعني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبيننا وبينها حجاب‏)‏ قال القاضي عياض‏:‏ ظاهره أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم لأنها خالة أبي سلمة من الرضاع أرضعته أختها أم كلثوم، وإنما سترت أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه قال‏:‏ وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرتهما معنى‏.‏
وفي فعل عائشة دلالة على استحباب التعليم بالفعل لأنه أوقع في النفس، ولما كان السؤال محتملا للكيفية والكمية ثبت لهما ما يدل على الأمرين معا‏:‏ أما الكيفية فبالاقتصار على إفاضة الماء وأما الكمية فبالاكتفاء بالصاع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ أي البخاري المصنف ‏(‏قال يزيد بن هارون‏)‏ هذا التعليق وصله أبو عوانة وأبو نعيم في مستخرجيهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبهز‏)‏ بالزاي المعجمة هو ابن أسد وحديثه موصول عند الإسماعيلي، وزاد في روايتهما ‏"‏ من الجنابة‏"‏، وعندهما أيضا ‏"‏ على رأسها ثلاثا ‏"‏ وكذا عند مسلم والنسائي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والجدي‏)‏ بضم الجيم وتشديد الدال نسبة إلى جدة ساحل مكة، وكان أصله منها لكنه سكن البصرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قدر صاع‏)‏ بالكسر على الحكاية، ويجوز النصب كما تقدم‏.‏
والمراد من الروايتين أن الاغتسال وقع بملء الصاع من الماء تقريبا لا تحديدا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنْ الْغُسْلِ فَقَالَ يَكْفِيكَ صَاعٌ فَقَالَ رَجُلٌ مَا يَكْفِينِي فَقَالَ جَابِرٌ كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا وَخَيْرٌ مِنْكَ ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى بن آدم‏)‏ قال أبو علي الحياني‏:‏ ثبت لجميع الرواة - إلا لأبي ذر عن الحموي فسقط من روايته يحيى بن آدم، وهو وهم - فلا يتصل السند إلا به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏زهير‏)‏ هو ابن معاوية، وأبو إسحاق هو السبيعي، وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هو وأبوه‏)‏ أي على بن الحسين ‏(‏وعنده‏)‏ أي عند جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قوم‏)‏ كذا في النسخ التي وقفت عليها من البخاري، ووقع في العمدة ‏"‏ وعنده قومه ‏"‏ بزيادة الهاء وجعلها شراحها ضميرا يعود على جابر وفيه ما فيه، وليست هذه الرواية في مسلم أصلا، وذلك وارد أيضا على قوله إنه يخرج المتفق عليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فسألوه عن الغسل‏)‏ أفاد إسحاق بن راهويه في مسنده أن متولي السؤال هو أبو جعفر الراوي، فأخرج من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال ‏"‏ سألت جابرا عن غسل الجنابة‏"‏، وبين النسائي في روايته سبب السؤال فأخرج من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي جعفر قال ‏"‏ تمارينا في الغسل عند جابر، فكان أبو جعفر تولى السؤال ‏"‏ ونسب السؤال في هذه الرواية إلى الجميع مجازا لقصدهم ذلك، ولهذا أفرد جابر الجواب فقال ‏"‏ يكفيك ‏"‏ وهو بفتح أوله، وسيأتي مزيد لهذا الموضع في الباب الذي يليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال رجل‏)‏ زاد الإسماعيلي ‏"‏ منهم ‏"‏ أي من القوم، وهذا يؤيد ما ثبت في روايتنا لأن هذا القائل هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الذي يعرف أبوه بابن الحنفية كما جزم به صاحب العمدة، وليس هو من قوم جابر لأنه هاشمي وجابر أنصاري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أوفي‏)‏ يحتمل الصفة والمقدار أي أطول وأكثر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وخير منك‏)‏ بالرفع عطفا على أوفى المخبر به عن هو‏.‏
وفي رواية الأصيلي ‏"‏ أو خيرا ‏"‏ بالنصب عطفا على الموصول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم أمنا‏)‏ فاعل أمنا هو جابر كما سيأتي ذلك واضحا من فعله في كتاب الصلاة، ولا التفات إلى من جعله من مقوله والفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث بيان ما كان عليه السلف من الاحتجاج بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم والانقياد إلى ذلك، وفيه جواز الرد بعنف على من يماري بغير علم إذا قصد الراد إيضاح الحق وتحذير السامعين من مثل ذلك، وفيه كراهية التنطع والإسراف في الماء‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَخِيرًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو‏)‏ هو ابن دينار، وفي مسند الحميدي ‏"‏ حدثنا سفيان أخبرنا عمرو أخبرنا أبو الشعثاء ‏"‏ وهو جابر بن زيد المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان ابن عيينة‏)‏ كذا رواه عنه أكثر الرواة وإنما رواه عنه كما قال أبو نعيم من سمع منه قديما، وإنما رجح البخاري رواية أبي نعيم جريا على قاعدة المحدثين، لأن من جملة المرجحات عندهم قدم السماع لأنه مظنة قوة حفظ الشيخ، ولرواية الآخرين جهة أخرى من وجوه الترجيح وهي كونهم أكثر عددا وملازمة لسفيان، ورجحها الإسماعيلي من جهة أخرى من حيث المعنى وهو كون ابن عباس لا يطلع على النبي صلى الله عليه وسلم في حالة اغتساله مع ميمونة فيدل على أنه أخذه عنها‏.‏
وقد أخرج الرواية المذكورة الشافعي والحميدي وابن أبي عمر وابن أبي شيبة وغيرهم في مسانيدهم عن سفيان، ومسلم والنسائي وغيرهما من طريقه، ويستفاد من هذا البحث أن البخاري لا يري التسوية بين ‏"‏ عن فلان ‏"‏ وبين ‏"‏ إن فلانا ‏"‏ في ذلك بحث يطول ذكره ‏"‏ وقد حققته فيما كتبته على كتاب ابن الصلاح‏.‏
وادعى بعض الشارحين أن حديث ميمونة هذا لا مناسبة له بالترجمة لأنه لم يذكر فيه قدر الإناء، والجواب أن ذلك يستفاد من مقدمة أخرى، وهي أن أوانيهم كانت صغارا كما صرح به الشافعي في عدة مواضع، فيدخل هذا الحديث تحت قوله ‏"‏ ونحوه ‏"‏ أي نحو الصاع، أو يحمل المطلق فيه على المقيد في حديث عائشة وهو الفرق، لكون كل منهما زوجة له واغتسلت معه، فتكون حصة كل منهما أزيد من صاع، فيدخل تحت الترجمة بالتقريب، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:58 PM   #25
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من أفاض على رأسه ثلاثا‏)‏ تقدم حديث ميمونة وعائشة في ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زهير‏)‏ هو ابن معاوية الجعفي وقد علا عنه في هذا الإسناد، ونزل في الباب الذي قبله، وأبو إسحاق هو السبيعي أيضا، وسليمان بن صرد خراعي وهو من أفاضل الصحابة، وأبوه بضم المهملة وفتح الراء وشيخه من مشاهير الصحابة، ففيه رواية الأقران‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أما أنا فأفيض‏)‏ بضم الهمزة، وقسيم ‏"‏ أما ‏"‏ محذوف، وقد ذكر أبو نعيم في المستخرج سببه من هذا الوجه وأوله عنده ‏"‏ ذكروا عند النبي صلى الله عليه وسلم الغسل من الجنابة ‏"‏ فذكره، ولمسلم من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق ‏"‏ تماروا في الغسل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعض القوم‏:‏ أما أنا فاغسل رأسي بكذا وكذا ‏"‏ فذكر الحديث، وهذا هو القسيم المحذوف، ودل قوله ‏"‏ ثلاثا ‏"‏ على أن المراد بكذا وكذا أكثر من ذلك، ولمسلم من وجه آخر أن الذين سألوا عن ذلك هم وفد ثقيف، والسياق مشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض إلا ثلاثا، وهي محتملة لأن تكون للتكرار، ومحتملة لأن تكون للتوزيع على جميع البدن، لكن حديث جابر في آخر الباب يقوي الاحتمال الأول وسنذكر ما فيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كلتيهما‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ كلاهما ‏"‏ وحكى ابن التين أن في بعض الروايات ‏"‏ كلتاهما ‏"‏ وهي مخرجة على من يراها تثنية ويرى أن التثنية لا تتغير كقوله‏:‏ قد بلغا في المجد غايتاها‏.‏
وهكذا القول في رواية الكشميهني، وهو مذهب الفراء في ‏"‏ كلا ‏"‏ خلافا للبصريين، ويمكن أن يخرج الرفع فيهما على القطع‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني‏)‏ وللأصيلي حدثنا ‏(‏محمد بن بشار‏)‏ هو بندار كما صرح به الإسماعيلي في روايته حيث أخرجه عن الحسن بن سفيان وغيره عنه، وأبوه بالموحدة وتثقيل المعجمة بلا خلاف‏.‏
وليس في الصحيحين بهذه الصورة غيره قاله أبو على الجياني وجماعة بعده، وغفل بعض المتأخرين فضبطه بمثناة وسين مهملة، وإنما نبهت عليه لئلا يغتر به فإنه لا يخفي على من له أدنى ممارسة في هذا الشأن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مخول‏)‏ بكسر أوله وإسكان المعجمة وبوزن محمد أيضا، وهذان الوجهان في رواية أبي ذر، والأول للأكثر، والثاني لابن عساكر، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، ومحمد بن علي شيخه هو أبو جعفر المعروف بالباقر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يفرغ‏)‏ بضم أوله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثا‏)‏ أي غرفات‏.‏
زاد الإسماعيلي ‏"‏ قال شعبة‏:‏ أظنه من غسل الجنابة ‏"‏ وفيه ‏"‏ وقال رجل من بني هاشم‏:‏ إن شعري كثير، فقال جابر‏:‏ شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر من شعرك وأطيب‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ كَيْفَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَقُلْتُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ فَقَالَ لِي الْحَسَنُ إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ فَقُلْتُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا معمر‏)‏ بإسكان العين في أكثر الروايات وبه جزم المزي‏.‏
وفي رواية القابسي بوزن محمد وبه جزم الحاكم، وليس له أيضا في البخاري غير هذا الحديث، وقد ينسب إلى جده سام فيقال معمر ابن سام وهو بالمهملة وتخفيف الميم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ابن عمك‏)‏ فيه تجوز، فإنه ابن عم والده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والحنفية كانت زوج علي بن أبي طالب تزوجها بعد فاطمة رضي الله عنها فولدت له محمدا فاشتهر بالنسبة إليها‏.‏
وقول جابر ‏"‏ أتاني ‏"‏ يشعر بأن سؤال الحسن بن محمد كان في غيبة أبي جعفر فهو غير سؤال أبي جعفر الذي تقدم في الباب قبله، لأن ذلك كان عن الكمية كما أشعر بذلك قوله في الجواب ‏"‏ يكفيك صاع ‏"‏ وهذا عن الكيفية وهو ظاهر من قوله ‏"‏ كيف الغسل‏"‏، ولكن الحسن بن محمد في المسألتين جميعا هو المنازع لجابر في ذلك فقال في جواب الكمية ‏"‏ ما يكفيني ‏"‏ أي الصاع ولم يعلل‏.‏
وقال في جواب الكيفية ‏"‏ إني كثير الشعر ‏"‏ أي فأحتاج إلى أكثر من ثلاث غرفات، فقال له جابر في جواب الكيفية ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعرا منك وأطيب ‏"‏ أي واكتفى بالثلاث فاقتضى أن الإنقاء يحصل بها‏.‏
وقال في جواب الكمية ما تقدم، وناسب ذكر الخيرية لأن طلب الازدياد من الماء يلحظ فيه التحري في إيصال الماء إلى جميع الجسد، وكان صلى الله عليه وسلم سيد الورعين وأتقى الناس لله وأعلمهم به‏.‏
وقد اكتفى بالصاع، فأشار جابر إلى أن الزيادة على ما اكتفى به تنطع قد يكون مثاره الوسوسة فلا يلتفت إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاث أكف‏)‏ وفي رواية كريمة ‏"‏ ثلاثة أكف ‏"‏ وهي جمع كف والكف تذكر وتؤنث، والمراد أنه يأخذ في كل مرة كفين، ويدل على ذلك رواية إسحاق بن راهويه من طريق الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد عن أبيه قال في آخر الحديث ‏"‏ وبسط يديه‏"‏، ويؤيده حديث جبير بن مطعم الذي في أول الباب، والكف اسم جنس فيحمل على الاثنين، ويحتمل أن تكون هذه الغرفات الثلاث للتكرار، ويحتمل أن يكون لكل جهة من الرأس غرفة كما سيأتي في حديث القاسم بن محمد عن عائشة قريبا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 02:59 PM   #26
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً
الشرح‏:‏
قوله ‏(‏باب الغسل مرة واحدة‏)‏ قال ابن بطال يستفاد ذلك من قوله ‏"‏ ثم أفاض على جسده ‏"‏ لأنه لم يقيد بعدد فيحمل على أقل ما يسمى وهو المرة الواحدة، لأن الأصل عدم الزيادة عليها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً لِلْغُسْلِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الواحد‏)‏ هو ابن زياد، وباقي الإسناد والمتن تقدم في باب الوضوء قبل الغسل‏.‏
قوله في هذه الرواية ‏(‏فغسل يده‏)‏ ، وللكشميهني ‏"‏ يديه ‏"‏ ‏(‏مرتين أو ثلاثا‏)‏ الشك من الأعمش كما سيأتي من رواية أبي عوانة عنه، وغفل الكرماني فقال‏:‏ الشك من ميمونة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مذاكيره‏)‏ هو جمع ذكر على غير قياس، وقيل واحده مذكار، وكأنهم فرقوا بين العضو وبين خلاف الأنثى، قال الأخفش‏:‏ هو من الجمع الذي لا واحد له، وقيل واحده مذكار‏.‏
وقال ابن خروف‏:‏ إنما جمعه مع أنه ليس في الجسد إلا واحد بالنظر إلى ما يتصل به، وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم الغسل‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:00 PM   #27
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة‏)‏ أي في غسل الجنابة، والمراد هل هما واجبان فيه أم لا‏؟‏ وأشار ابن بطال وغيره إلى أن البخاري استنبط عدم وجوبهما من هذا الحديث، لأن في رواية الباب الذي بعده في هذا الحديث ‏"‏ ثم توضأ وضوءه للصلاة ‏"‏ فدل على أنهما للوضوء، وقام الإجماع على أن الوضوء في غسل الجنابة غير واجب، والمضمضمة والاستنشاق من توابع الوضوء فإذا سقط الوضوء سقطت توابعه، ويحمل ما روى من صفة غسله صلى الله عليه وسلم على الكمال والفضل‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنَا مَيْمُونَةُ قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمر بن حفص‏)‏ أي ابن غياث كما ثبت في رواية الأصيلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏غسلا‏)‏ بضم أوله أي ماء الاغتسال كما سبق في باب الغسل مرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال بيده الأرض‏)‏ كذا في روايتنا، وللأكثر ‏"‏ بيده على الأرض ‏"‏ وهو من إطلاق القول على الفعل، وقد وقع إطلاق الفعل على القول في حديث ‏"‏ لا حسد إلا في اثنتين ‏"‏ قال فيه في الذي يتلو القرآن ‏"‏ لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت مثل ما يفعل ‏"‏ وسيأتي في باب نفض اليدين قريبا من رواية أبي حمزة عن الأعمش في هذا الموضع ‏"‏ فضرب بيده الأرض ‏"‏ فيفسر ‏"‏ قال ‏"‏ هنا بضرب‏.‏
قوله ‏(‏ثم تنحى‏)‏ أي تحول إلى ناحية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم ينفض بها‏)‏ زاد في رواية كريمة ‏"‏ قال أبو عبد الله يعني لم يتمسح ‏"‏ وأنث الضمير على إرادة الخرقة لأن المنديل خرقة مخصوصة، وسيأتي في باب من أفرغ على يمينه ‏"‏ قالت ميمونة فناولته خرقة‏"‏، وبقية مباحث الحديث تقدمت في باب الوضوء قبل الغسل‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:01 PM   #28
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِتَكُونَ أَنْقَى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى‏)‏ أي لتصير اليد أنقى منها قبل المسح‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي‏)‏ كذا في روايتنا، واقتصر الأكثر على ‏"‏ حدثنا الحميدي‏"‏‏.‏
وسفيان هو ابن عيينة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فغسل فرجه‏)‏ هذه الفاء تفسيرية وليست تعقبية لأن غسل الفرج لم يكن بعد الفراغ من الاغتسال، وقد تقدمت مباحث هذا الحديث أيضا‏.‏
ومن فوائد هذا السياق الإتيان فيه بثم الدالة على ترتيب ما ذكر فيه من صفة الغسل
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب هَلْ يُدْخِلُ الْجُنُبُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ
وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ فِي الطَّهُورِ وَلَمْ يَغْسِلْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بَأْسًا بِمَا يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يدخل الجنب يده في الإناء‏)‏ أي الذي فيه ماء الغسل ‏(‏قبل أن يغسلها‏)‏ أي خارج الإناء ‏(‏إذا لم يكن على يده قذر‏)‏ أي من نجاسة وغيرها ‏(‏غير الجنابة‏)‏ أي حكمها، لأن أثرها مختلف فيه فدخل في قوله قذر، وأما حكمها فقال المهلب‏:‏ أشار البخاري إلى أن يد الجنب إذا كانت نظيفة جاز له إدخالها الإناء قبل أن يغسلها، لأنه ليس شيء من أعضائه نجسا بسبب كونه جنبا‏.‏
قوله ‏(‏وأدخل ابن عمر والبراء بن عازب يده‏)‏ أي أدخل كل واحد منهما يده‏.‏
وفي رواية لأبي الوقت ‏"‏ يديهما ‏"‏ بالتثنية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الطهور‏)‏ بفتح أوله أي الماء المعد للاغتسال، وأثر ابن عمر وصله سعيد بن منصور بمعناه، وروى عبد الرزاق عنه أنه كان يغسل يده قبل التطهر، ويجمع بينهما بأن ينزلا على حالين‏:‏ فحيث لم يغسل كان متيقنا أن لا قذر في يده، وحيث غسل كان ظانا أو متيقنا أن فيها شيئا، أو غسل للندب وترك للجواز‏.‏
وأثر البراء وصله ابن أبي شيبة بلفظ ‏"‏ أنه أدخل يده في المطهرة قبل أن يغسلها ‏"‏ وأخرج أيضا عن الشعبي قال ‏"‏ كان أصحاب صلى الله عليه وسلم يدخلون أيديهم الماء قبل أن يغسلوها وهم جنب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولم ير ابن عمر وابن عباس‏)‏ أما أثر ابن عمر فوصله عبد الرزاق بمعناه، وأما أثر ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة عنه، وعبد الرزاق من وجه آخر أيضا عنه، وتوجيه الاستدلال به للترجمة أن الجنابة الحكمية لو كانت تؤثر في الماء لامتنع الاغتسال من الإناء الذي تقاطر فيه ما لاقى بدن الجنب من ماء اغتساله، ويمكن أن يقال‏:‏ إنما لم ير الصحابي بذلك بأسا لأنه مما يشق الاحتراز منه، فكان في مقام العفو، كما روى ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال‏:‏ ومن يملك انتشار الماء‏؟‏ إنا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع من هذا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن مسلمة‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ ابن قعنب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا‏)‏ ولكريمة ‏"‏ أخبرنا أفلح ‏"‏ وهو ابن حميد كما رواه مسلم، ولم يخرج البخاري عن أفلح ابن سعيد شيئا‏.‏
والقاسم هو ابن محمد، وقد تقدم هذا المتن في باب غسل الرجل مع امرأته من طريق أخرى مع مغايرة في آخره، وزاد مسلم في آخره ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ أي لأجل الجنابة، ولأبي عوانة وابن حبان من طريق ابن وهب عن أفلح أنه سمع القاسم يقول سمعت عائشة‏.‏
‏.‏
فذكره وزاد فيه ‏"‏ وتلتقي ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ تختلف أيدينا ‏"‏ فيه ‏"‏ وللإسماعيلي من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح ‏"‏ تختلف فيه أيدينا ‏"‏ يعني حتى تلتقي، وللبيهقي من طريقه ‏"‏ تختلف أيدينا فيه يعني وتلتقي ‏"‏ وهذا يشعر بأن قوله ‏"‏ وتلتقي ‏"‏ مدرج، وسيأتي في باب تخليل الشعر من وجه آخر عنها ‏"‏ كنا نغتسل من إناء واحد نغترف منه جميعا ‏"‏ فلعل الراوي قال ‏"‏ وتلتقي ‏"‏ بالمعنى، ومعنى ‏"‏ تختلف ‏"‏ أنه كان يغترف تارة قبلها وتغترف هي تارة قبله، ولمسلم من طريق معاذة عن عائشة ‏"‏ فيبادرني حتى أقول دع لي ‏"‏ زاد النسائي ‏"‏ وأبادره حتى يقول دعي لي ‏"‏ وفي هذا الحديث جواز اغتراف الجنب من الماء القليل، وأن ذلك لا يمنع من التطهر بذلك الماء ولا بما يفضل منه، ويدل على أن النهي عن انغماس الجنب في الماء الدائم إنما هو للتنزيه كراهية أن يستقذر، لا لكونه يصير نجسا بانغماس الجنب فيه، لأنه لا فرق بين جميع بدن الجنب وبين عضو من أعضائه‏.‏
وأما توجيه الاستدلال به للترجمة فلأن الجنب لما جاز له أن يدخل يده في الإناء ليغترف بها قبل ارتفاع حدثه لتمام الغسل كما في حديث الباب دل على أن الأمر بغسل يده قبل إدخالها ليس لأمر يرجع إلى الجنابة، بل إلى ما لعله يكون بيده من نجاسة متيقنة أو مظنونة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد قال حدثنا حماد‏)‏ هو ابن زيد، ولم يسمع من حماد بن سلمة‏.‏
وهشام هو ابن عروة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏غسل يده‏)‏ هكذا أورده مختصرا، وقد أخرجه أبو داود تاما عن مسدد بهذا السند لكن قال ‏"‏ يديه ‏"‏ بالتثنية وزاد ‏"‏ يصب على يده اليمنى ‏"‏ أي من الإناء ‏"‏ فيغسل فرجه يفرغ على شماله ثم يتوضأ وضوءه للصلاة‏"‏، الحديث‏.‏
وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طرق عن حماد بن زيد وسيأتي نحوه من وجوه أخر عن هشام في باب تخليل الشعر، قال المهلب‏.‏
حمل البخاري أحاديث الباب التي لم يذكر فيها غسل اليدين قبل إدخالهما على حال تيقن نظافة اليد، وحديث هشام - يعني هذا - على ما إذا خشي أن يكون علق بها شيء، فاستعمل من اختلاف الحديثين ما جمع بينهما ونفى التعارض عنهما‏.‏
انتهى‏.‏
ويمكن أن يحمل الفعل على الندب، والترك على الجواز‏.‏
أو يقال‏:‏ حديث الترك مطلق وحديث الفعل مقيد، فيحمل المطلق على المقيد لأن في رواية الفعل زيادة لم تذكر في الأخرى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو الوليد‏)‏ هو الطيالسي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من جنابة‏)‏ للكشميهني ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ أي لأجل الجنابة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن عبد الرحمن بن القاسم‏)‏ هو معطوف على قوله ‏"‏ شعبة عن أبي بكر بن حفص ‏"‏ فلشعبة فيه إسنادان إلى عائشة حدثه أحد شيخيه به عن عروة والآخر عن القاسم، وقد وهم من زعم أن رواية عبد الرحمن معلقة، وقد أخرجها أبو نعيم والبيهقي من طريق أبي الوليد بالإسنادين وقالا‏:‏ أخرجه البخاري مسعود وغيره في الأطراف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مثله‏)‏ أي مثل المتن المذكور، وللأصيلي ‏"‏ بمثله ‏"‏ بزيادة موحدة في أوله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ زَادَ مُسْلِمٌ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ مِنْ الْجَنَابَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو الوليد‏)‏ هو الطيالسي أيضا، وهذا إسناد ثالث له عن شعبة أيضا في هذا المتن، لكن من طريق صحابي آخر‏.‏
وهذا الإسناد بعينه تقدم لمتن آخر في باب علامة الإيمان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والمرأة‏)‏ جوز فيه الرفع على العطف والنصب على المعية واللام فيها للجنس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏زاد مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم وهو من شيوخ البخاري‏.‏
قوله ‏(‏ووهب‏)‏ زاد الأصيلي ‏"‏ وأبو الوقت بن جرير ‏"‏ أي ابن حازم وبذلك جزم أبو نعيم وغيره، ووقع في رواية أبي ذر ووهيب بالتصغير، وأظنه وهما فإن الحديث وجد بعد تتبع كثير من رواية وهب ابن جرير ولم نجده من رواية وهيب بن خالد، ووهب بن جرير من الرواة عن شعبة، وأما وهيب فهو من أقرانه، ومراد البخاري أن مسلم بن إبراهيم ووهب بن جرير رويا هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد الذي رواه عنه أبو الوليد فزادا في آخره ‏"‏ من الجنابة ‏"‏ وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية وهب بن جرير بدون هذه الزيادة، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:02 PM   #29
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَفْرِيقِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ
وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَسَلَ قَدَمَيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وَضُوءُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تفريق الغسل والوضوء‏)‏ أي جوازه، وهو قول الشافعي في الجديد، واحتج له بأن الله تعالى أوجب غسل أعضائه، فمن غسلها فقد أتى بما وجب عليه فرقها أو نسقها‏.‏
ثم أيد ذلك بفعل ابن عمر، وبذلك قال ابن المسيب وعطاء وجماعة‏.‏
وقال ربيعة ومالك‏:‏ من تعمد ذلك فعليه الإعادة، ومن نسى فلا‏.‏
وعن مالك إن قرب التفريق بني وإن طال أعاد‏.‏
وقال قتادة والأوزاعي‏:‏ لا يعيد إلا إن جف‏.‏
وأجازه النخعي مطلقا في الغسل دون الوضوء، ذكر جميع ذلك ابن المنذر وقال‏:‏ ليس مع من جعل الجفاف حدا لذلك حجة‏.‏
وقال الطحاوي‏:‏ الجفاف ليس بحدث فينقض كما لو جف جميع أعضاء الوضوء لم تبطل الطهارة قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر عن ابن عمر‏)‏ هذا الأثر رويناه في الأم عن مالك عن نافع عنه، لكن فيه أنه توضأ في السوق دون رجليه، ثم رجع إلى المسجد فمسح على خفيه ثم صلى‏.‏
والإسناد صحيح، فيحتمل أنه إنما لم يجزم به لكونه بالمعنى‏.‏
قال الشافعي‏:‏ لعله قد جف وضوءه لأن الجفاف قد يحصل بأقل مما بين السوق والمسجد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن محبوب‏)‏ هو البصري، وعبد الواحد هو ابن زياد البصري، وقد تقدم هذا المتن من رواية موسى بن إسماعيل عنه في باب الغسل مرة وسياقهما واحد غالبا، إلا أن في ذلك ‏"‏ ثم تحول من مكانه ‏"‏ وفي هذا ‏"‏ تنحى من مقامه ‏"‏ وهما بمعنى، وأبدى الكرماني من هذا احتمال أن يكون اغتسل قائما‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:03 PM   #30
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الْغُسْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من أفرغ‏)‏ هذا الباب مقدم عند الأصيلي وابن عساكر على الذي قبله‏.‏
واعترض على المصنف بأن الدعوى أعم من الدليل، والجواب أن ذلك في غسل الفرج بالنص وفي غيره بما عرف من شأنه أنه كان يحب التيامن كما تقدم، ومحله هنا فيما إذا كان يغترف من الإناء، قاله الخطابي‏.‏
قال‏:‏ فأما إذا كان ضيقا كالقمقم فإنه يضعه عن يساره ويصب الماء منه على يمينه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا وَسَتَرْتُهُ فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قَالَ سُلَيْمَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ الثَّالِثَةَ أَمْ لَا ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ أَوْ بِالْحَائِطِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَلَمْ يُرِدْهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى بن إسماعيل‏)‏ تقدم هذا الحديث من روايته أيضا في باب الغسل مرة، لكن شيخه هناك عبد الواحد وهنا أبو عوانة وهو الوضاح البصري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وسترته‏)‏ زاد ابن فضيل عن الأعمش ‏"‏ بثوب ‏"‏ والواو فيه حالية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فصب‏)‏ قيل هو معطوف على محذوف، أي فأراد الغسل فكشف رأسه فأخذ الماء فصب على يده، قاله الكرماني‏.‏
ولا يتعين ما قاله، بل يحتمل أن يكون الوضع معقبا بالصب على ظاهره، والإرادة والكشف يمكن كونهما وقعا قبل الوضع، والأخذ هو عين الصب هنا، والمعنى وضعت له ماء فشرع في الغسل، ثم شرحت الصفة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال سليمان‏)‏ أي الأعمش، وقائل ذلك أبو عوانة، وفاعل ‏"‏ أذكر ‏"‏ سالم بن أبي الجعد، وقد تقدم من رواية عبد الواحد وغيره عن الأعمش، ‏"‏ فغسل يديه مرتين أو ثلاثا ‏"‏ ولابن فضيل عن الأعمش ‏"‏ فصب على يديه ثلاثا ‏"‏ ولم يشك، أخرجه أبو عوانة في مستخرجه، فكأن الأعمش كان يشك فيه ثم تذكر فجزم لأن سماع ابن فضيل منه متأخر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم تمضمض‏)‏ وللأصيلي ‏"‏ مضمض ‏"‏ بغير تاء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وغسل قدميه‏)‏ كذا لأبي ذر، وللأكثر ‏"‏ فغسل ‏"‏ بالفاء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال بيده‏)‏ أي أشار، وهو من إطلاق القول على الفعل كما تقدم مثله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولم يردها‏)‏ بضم أوله وإسكان الدال من الإرادة، والأصل ‏"‏ يريدها ‏"‏ لكن جزم بلم، ومن قالها بفتح أوله وتشديد الدال فقد صحف وأفسد المعنى، وقد حكى في المطالع أنها رواية ابن السكن قال‏:‏ وهي وهم‏.‏
وقد رواه الإمام أحمد عن عفان عن أبي عوانة بهذا الإسناد وقال في آخره ‏"‏ فقال هكذا وأشار بيده أن لا أريدها ‏"‏ وسيأتي في رواية أبي حمزة عن الأعمش ‏"‏ فناولته ثوبا فلم يأخذه ‏"‏ والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا جامع ثم عاد‏)‏ أي ما حكمه‏.‏
وللكشميهني ‏"‏ عاود ‏"‏ أي الجماع، وهو أعم من أن يكون لتلك المجامعة أو غيرها، وقد أجمعوا على أن الغسل بينهما لا يجب ويدل على استحبابه حديث أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي رافع ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه، قال فقلت‏:‏ يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا‏؟‏ قال‏:‏ هذا أزكى وأطيب وأطهر ‏"‏ واختلفوا في الوضوء بينهما فقال أبو يوسف‏:‏ لا يستحب‏.‏
وقال الجمهور‏:‏ يستحب‏.‏
وقال ابن حبيب المالكي وأهل الظاهر‏:‏ يجب‏.‏
واحتجوا بحديث أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا ‏"‏ أخرجه مسلم من طريق أبي حفص عن عاصم عن أبي المتوكل عنه‏.‏
وأشار ابن خزيمة إلى أن بعض أهل العلم حمله على الوضوء اللغوي فقال‏:‏ المراد به غسل الفرج، ثم رده ابن خزيمة بما رواه من طريق ابن عيينة عن عاصم في هذا الحديث فقال ‏"‏ فليتوضأ وضوءه للصلاة ‏"‏ وأظن المشار إليه هو إسحاق بن راهويه، فقد نقل ابن المنذر عنه أنه قال‏:‏ لا بد من غسل الفرج إذا أراد العود‏.‏
ثم استدل ابن خزيمة على أن الأمر بالوضوء للندب لا للوجوب بما رواه من طريق شعبة عن عاصم في حديث أبي سعيد المذكور كرواية ابن عيينة وزاد ‏"‏ فإنه أنشط للعود ‏"‏ فدل على أن الأمر للإرشاد أو للندب‏.‏
ويدل أيضا على أنه لغير الوجوب ما رواه الطحاوي من طريق موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويحيى بن سعيد‏)‏ هو القطان، وينبغي أن يثبت في القراءة قبل قوله ‏"‏ عن شعبة ‏"‏ لفظ ‏"‏ كلاهما ‏"‏ لأن كلا من ابن أبي عدي ويحيى رواه لمحمد بن بشار عن شعبة وحذف كلاهما من الخط اصطلاح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكرته‏)‏ أي قول ابن عمر المذكور بعد باب وهو قوله ‏"‏ ما أحب أن أصبح محرما أنضخ طيبا ‏"‏ وقد بينه مسلم في روايته عن محمد بن المنتشر قال ‏"‏ سألت عبد الله بن عمر عن الرجل يتطيب ثم يصبح محرما ‏"‏ فذكره وزاد ‏"‏ قال ابن عمر‏:‏ لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ‏"‏ وكذا ساقه الإسماعيلي بتمامه عن الحسن بن سفيان عن محمد بن بشار، فكأن المصنف اختصره لكون المحذوف معلوما عند أهل الحديث في هذه القصة، أو حدثه به محمد بن بشار مختصرا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أبا عبد الرحمن‏)‏ يعني ابن عمر، استرحمت له عائشة إشعارا بأنه قد سها فيما قاله، إذ لو استحضر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيطوف‏)‏ كناية عن الجماع، وبذلك تظهر مناسبة الحديث للترجمة‏.‏
وقال الإسماعيلي‏.‏
يحتمل أن يراد به الجماع، وأن يراد به تجديد العهد بهن‏.‏
قلت‏:‏ والاحتمال الأول يرجحه الحديث الثاني لقوله فيه ‏"‏ أعطى قوة ثلاثين ‏"‏ و ‏"‏ يطوف ‏"‏ في الأول مثل ‏"‏ يدور ‏"‏ في الثاني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ينضخ‏)‏ فتح أوله وبفتح الضاد المعجمة وبالخاء المعجمة، قال الأصمعي‏:‏ النضخ بالمعجمة أكثر من النضح بالمهملة‏.‏
وسوى بينهما أبو زيد‏.‏
وقال ابن كيسان‏:‏ إنه بالمعجمة لما ثخن، وبالمهملة لما رق‏.‏
وظاهره أن عين الطيب بقيت بعد الإحرام، قال الإسماعيلي‏:‏ بحيث أنه صار كأنه يتساقط منه الشيء بعد الشيء‏.‏
وسنذكر حكم هذه المسألة في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ أَوَكَانَ يُطِيقُهُ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ تِسْعُ نِسْوَةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏معاذ بن هشام‏)‏ هو الدستوائي، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الساعة الواحدة‏)‏ المراد بها قدر من الزمان، لا ما اصطلح عليه أصحاب الهيئة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من الليل والنهار‏)‏ الواو بمعنى ‏"‏ أو ‏"‏ جزم به الكرماني‏.‏
ويحتمل أن تكون على بابها بأن تكون تلك الساعة جزءا من آخر أحدهما، وجزءا من أول الآخر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وهن إحدى عشرة‏)‏ قال ابن خزيمة‏:‏ تفرد بذلك معاذ بن هشام عن أبيه، ورواه سعيد بن أبي عروبة وغيره عن قتادة فقالوا ‏"‏ تسع نسوة‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
وقد أشار البخاري إلى رواية سعيد بن أبي عروبة فعلقها هنا، ووصلها بعد اثني عشر بابا بلفظ ‏"‏ كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة ‏"‏ وقد جمع ابن حبان في صحيحه بين الروايتين بأن حمل ذلك على حالتين، لكنه وهم في قوله ‏"‏ أن الأولى كانت في أول قدومه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الأمر حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة ‏"‏ وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سلمة، وحفصة، وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فاختارت البقاء في ملكه، والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل، قال ابن عبد البر‏:‏ مكثت عنده شهرين أو ثلاثة‏.‏
فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه، فرجحت رواية سعيد‏.‏
لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ ‏"‏ نسائه ‏"‏ تغليبا‏.‏
وقد سرد الدمياطي - في السيرة التي جمعها - من اطلع عليه من أزواجه ممن دخل بها أو عقد عليها فقط أو طلقها قبل الدخول أو خطبها ولم يعقد عليها فبلغت ثلاثين، وفي المختارة من وجه آخر عن أنس ‏"‏ تزوج خمس عشرة‏:‏ دخل منهن بإحدى عشرة ومات عن تسع‏"‏‏.‏
وسرد أسماءهن أيضا أبو الفتح اليعمري ثم مغلطاي فزدن على العدد الذي ذكره الدمياطي، وأنكر ابن القيم ذلك‏.‏
والحق أن الكثرة المذكورة محمولة على اختلاف في بعض الأسماء، وبمقتضى ذلك تنقص، العدة‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو كان‏)‏ بفتح الواو هو مقول قتادة والهمزة للاستفهام ومميز ثلاثين محذوف أي ثلاثين رجلا، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أبي موسى من معاذ بن هشام ‏"‏ أربعين ‏"‏ بدل ثلاثين، وهي شاذة من هذا الوجه، لكن في مراسيل طاوس مثل ذلك، وزاد ‏"‏ في الجماع‏"‏، وفي صفة الجنة لأبي نعيم من طريق مجاهد مثله وزاد ‏"‏ من رجال أهل الجنة‏"‏، ومن حديث عبد الله بن عمر ورفعه ‏"‏ أعطيت قوة أربعين في البطش والجماع ‏"‏ وعند أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث زيد بن أرقم رفعه ‏"‏ إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة في الأكل والشرب والجماع والشهوة ‏"‏ فعلى هذا يكون حساب قوة نبينا أربعة آلاف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال سعيد‏)‏ هو ابن أبي عروبة، كذا للجميع، إلا أن الأصيلي قال‏:‏ إنه وقع في نسخة ‏"‏ شعبة ‏"‏ بدل سعيد قال ‏"‏ وفي عرضنا على أبي زيد بمكة‏:‏ سعيد ‏"‏ قال أبو علي الجياني وهو الصواب‏.‏
قلت‏:‏ وقد ذكرنا قبل أن المصنف وصل رواية سعيد، وأما رواية شعبة لهذا الحديث عن قتادة فقد وصلها الإمام أحمد‏.‏
قال ابن المنير‏:‏ ليس في حديث دورانه على نسائه دليل على الترجمة، فيحتمل أنه طاف عليهن واغتسل في خلال ذلك عن كل فعلة غسلا‏.‏
قال والاحتمال في رواية الليلة أظهر منه في الساعة‏.‏
قلت‏:‏ التقييد بالليلة ليس صريحا في حديث عائشة، وأما حديث أنس فحيث جاء فيه التصريح بالليلة قيد الاغتسال بالمرة الواحدة‏.‏
كذا وقع في روايات للنسائي وابن خزيمة وابن حبان، ووقع التقييد بالغسل الواحد من غير ذكر الليلة في روايات أخرى لهم ولمسلم، وحيث جاء في حديث أنس التقييد بالساعة لم يحتج إلى تقييد الغسل بالمرة لأنه يتعذر أو يتعسر، وحيث جاء فيها تكرار المباشرة والغسل معا، وعرف من هذا أن قوله في الترجمة ‏"‏ في غسل واحد ‏"‏ أشار به إلى ما ورد في بعض طرق الحديث وإن لم يكن منصوصا فيما أخرجه كما جرت به عادته، ويحمل المطلق في حديث عائشة على المقيد في حديث أنس ليتوافقا، ومن لازم جماعهن في الساعة أو الليلة الواحدة عود الجماع كما ترجم به، والله أعلم‏.‏
واستدل به المصنف في كتاب النكاح على استحباب الاستكثار من النساء، وأشار فيه إلى أن القسم لم يكن واجبا عليه، وهو قول طوائف من أهل العلم، وبه جزم الإصطخري من الشافعية، والمشهور عندهم وعند الأكثرين الوجوب، ويحتاج من قال به إلى الجواب عن هذا الحديث فقيل‏:‏ كان ذلك برضا صاحبة النوبة كما استأذنهن أن يمرض في بيت عائشة، ويحتمل أن يكون ذلك كان يحصل عند استيفاء القسمة ثم يستأنف القسمة، وقيل كان ذلك عند إقباله من سفر، لأنه كان إذا سافر أقرع بينهن فيسافر بمن يخرج سهمها فإذا انصرف استأنف، وهو أخص من الاحتمال الثاني، والأول أليق بحديث عائشة وكذا الثاني، ويحتمل أن يكون ذلك كان يقع قبل وجوب القسمة ثم ترك بعدها، وأغرب ابن العربي فقال‏:‏ إن الله خص نبيه بأشياء منها أنه أعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حق، يدخل فيها على جميعهن فيفعل ما يريد ثم يستقر عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتغل عنها كانت بعد المغرب‏.‏
ويحتاج إلى ثبوت ما ذكره مفصلا‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من القوة على الجماع، وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية، والحكمة في كثرة أزواجه أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليا فينقلنها، وقد جاء عن عائشة من ذلك الكثير الطيب، ومن ثم فضلها بعضهم على الباقيات‏.‏
واستدل به ابن التين لقول مالك بلزوم الظهار من الإماء بناء على أن المراد بالزائدتين على التسع مارية وريحانة، وقد أطلق على الجميع لفظ نسائه، تعقب بأن الإطلاق المذكور للتغليب كما تقدم فليس فيه حجة لما ادعى، واستدل به ابن المنير على جواز وطء الحرة بعد الأمة من غير غسل بينهما ولا غيره، والمنقول عن مالك أنه لا يتأكد الاستحباب في هذه الصورة، ويمكن أن يكون ذلك وقع لبيان الجواز فلا يدل على عدم الاستحباب‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:05 PM   #31
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب غَسْلِ الْمَذْيِ وَالْوُضُوءِ مِنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب غسل المذي والوضوء منه‏)‏ أي بسببه، وفي المذي لغات أفصحها بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء، ثم بكسر الذال وتشديد الياء، وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته، وقد لا يحس بخروجه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو الوليد‏)‏ هو الطيالسي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي عبد الرحمن‏)‏ هو السلمي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مذاء‏)‏ صيغة مبالغة من المذي، يقال مذي بمذي مثل مضى يمضي ثلاثيا، ويقال أيضا أمذى يمذي بوزن أعطى يعطي رباعيا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأمرت رجلا‏)‏ هو المقداد بن الأسود كما تقدم في باب الوضوء من المخرجين من وجه آخر، وزاد فيه ‏"‏ فاستحييت أن أسأل‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لمكان ابنته‏)‏ في رواية مسلم من طريق ابن الحنفية عن علي ‏"‏ من أجل فاطمة ‏"‏ رضي الله عنهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏توضأ‏)‏ هذا الأمر بلفظ الإفراد يشعر بأن المقداد سأل لنفسه، ويحتمل أن يكون سأل لمبهم أو لعلي فوجه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إليه، والظاهر أن عليا كان حاضر السؤال، فقد أطبق أصحاب المسانيد والأطراف على إيراد هذا الحديث في مسند علي، ولو حملوه على أنه لم يحضر لأوردوه في مسند المقداد‏.‏
ويؤيده ما في رواية النسائي من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حصين في هذا الحديث عن علي قال ‏"‏ فقلت لرجل جالس إلى جنبي سله فسأله ‏"‏ ووقع في رواية مسلم ‏"‏ فقال‏:‏ يغسل ذكره ويتوضأ ‏"‏ بلفظ الغائب، فيحتمل أن يكون سؤال المقداد ووقع على الإبهام وهو الأظهر، ففي مسلم أيضا ‏"‏ فسأله عن المذي يخرج من الإنسان ‏"‏ وفي الموطأ نحوه، ووقع في رواية لأبي داود والنسائي وابن خزيمة ذكر سبب ذلك من طريق حصين بن قبيصة عن علي قال ‏"‏ كنت رجلا مذاء فجعلت اغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تفعل ‏"‏ ولأبي داود وابن خزيمة من حديث سهل بن حنيف أنه وقع له نحو ذلك وأنه سأل عن ذلك بنفسه، ووقع في رواية للنسائي أن عليا قال ‏"‏ أمرت عمارا أن يسأل ‏"‏ وفي رواية لابن حبان والإسماعيلي أن عليا قال ‏"‏ سألت‏"‏‏.‏
وجمع ابن حبان بين هذا الاختلاف بأن عليا أمر عمارا أن يسأل، ثم أمر المقداد بذلك، ثم سأل بنفسه‏.‏
وهو جمع جيد إلا بالنسبة إلى آخره لكونه مغايرا لقوله إنه استحيي عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة فيتعين حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك، وبهذا جزم الإسماعيلي ثم النووي، ويؤيد أنه أمر كلا من المقداد وعمارا بالسؤال عن ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عائش بن أنس قال ‏"‏ تذاكر علي والمقداد وعمار المذي فقال علي‏:‏ إنني رجل مذاء فاسألا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أحد الرجلين ‏"‏ وصحح ابن بشكوال أن الذي تولى السؤال عن ذلك هو المقداد، وعلى هذا فنسبة عمار إلى أنه سأل عن ذلك محمولة على المجاز أيضا لكونه قصده، لكن تولى المقداد الخطاب دونه والله أعلم‏.‏
واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏توضأ ‏"‏ على أن الغسل لا يجب بخروج المذي، وصرح بذلك في رواية لأبي داود وغيره وهو إجماع، وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول كما تقدم استدلال المصنف به في باب‏:‏ من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، وحكى الطحاوي عن قوم أنهم قالوا بوجوب الوضوء بمجرد خروجه، ثم رد عليهم بما رواه من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال‏:‏ سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي فقال ‏"‏ فيه الوضوء وفي المني الغسل ‏"‏ فعرف بهذا أن حكم المذي حكم البول وغيره من نواقض الوضوء لا أنه يوجب الوضوء بمجرده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأغسل ذكرك‏)‏ هكذا وقع في البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله، ووقع في العمدة نسبة إلى البخاري بالعكس، لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد، وهي رواية الإسماعيلي، فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى، ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول بنقض الوضوء بمسه يشترط أن يكون ذلك بحائل، واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها لأن ظاهره يعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به، وهذا ما صححه النووي في شرح مسلم، وصحح في باقي كتبه جواز الاقتصار إلحاقا بالبول وحملا للأمر بغسله على الاستحباب أو على أنه خرج مخرج الغالب وهذا المعروف في المذهب، واستدل به بعض المالكية والحنابلة على إيجاب استيعابه بالغسل عملا بالحقيقة، لكن الجمهور نظروا إلى المعنى، فإن الموجوب لغسله إنما هو خروج الخارج فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، ويؤيده ما عند الإسماعيلي في رواية ‏"‏ فقال توضأ واغسله ‏"‏ فأعاد الضمير على المذي، ونظير هذا قوله ‏"‏ من مس ذكره فليتوضأ ‏"‏ فإن النقض لا يتوقف على مس جميعه، واختلف القائلون بوجوب غسل جميعه هل هو معقول المعنى أو للتعبد‏؟‏ فعلى الثاني تجب النية فيه، قال الطحاوي‏:‏ لم يكن الأمر بغسله لوجوب غسله كله بل ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرق لبنه إلى داخل الضرع فينقطع بخروجه، واستدل به أيضا على نجاسة المذي وهو ظاهر، وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم‏:‏ إن المذي من أجزاء المني رواية بطهارته، وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه، واستدل به على وجوب الوضوء على من به سلس المذي للأمر بالوضوء مع الوصف بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن الكثرة هنا ناشئة عن غلبة الشهوة مع صحة الجسد، بخلاف صاحب السلس فإنه ينشأ عن علة في الجسد، ويمكن أن يقال‏:‏ أمر الشارع بالوضوء منه ولم يستفصل فدل على عموم الحكم، واستدل به على قبول خبر الواحد، وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وفيهما نظر لما قدمناه من أن السؤال كان بحضرة علي، ثم لو صح أن السؤال كان في غيبته لم يكن دليلا على المدعي لاحتمال وجود القرائن التي تحف الخبر فترقيه عن الظن إلى القطع قاله القاضي عياض‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد أنه صورة من الصور التي تدل وهي كثيرة تقوم الحجة بجملتها لا بفرد معين منها‏.‏
وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء، وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله، وفيه ما كان الصحابة عليه من حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحيي منه عرفا، وحسن المعاشرة مع الأصهار وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها، وقد تقدم استدلال المصنف به في العلم لمن استحيي فأمر غيره بالسؤال، لأن فيه جميعا بين المصلحتين‏:‏ استعمال الحياء، وعدم التفريط في معرفة الحكم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا
الشرح‏:‏
تقدم الكلام على الحديث قبل باب، وموضع الاستدلال به أن قولها ‏"‏ طاف في نسائه ‏"‏ كناية عن الجماع، ومن لازمه الاغتسال‏.‏
وقد ذكرت أنها طيبته قبل ذلك، وأنه أصبح محرما‏.‏
ومن فوائده أيضا وقوع رد بعض الصحابة على بعض بالدليل، واطلاع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على ما لا يطلع عليه غيرهن من أفاضل الصحابة، وخدمه الزوجات لأزواجهن، والتطيب عند الإحرام وسيأتي في الحج‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ فيه أن السنة اتخاذ الطيب للرجال والنساء عند الجماع‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الحكم‏)‏ هو ابن عتيبة، هو وشيخه إبراهيم النخعي وشيخه الأسود بن يزيد فقهاء كوفيون تابعيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبيص‏)‏ بفتح الواو وكسر الموحدة بعدها ياء تحتانية ثم صاد مهملة هو البريق‏.‏
وقال الإسماعيلي وبيص، الطيب تلألؤه وذلك لعين قائمة لا للريح فقط‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مفرق‏)‏ بفتح الميم وكسر الراء ويجوز فتحها‏.‏
ودلالة هذا المتن على الترجمة إما لكونها قصة واحدة، وإما لأن من سنن الإحرام الغسل عنده، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعه‏.‏
وفيه أن بقاء الطيب على بدن المحرم لا يضر بخلاف ابتدائه بعد الإحرام‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:06 PM   #32
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا ذكر‏)‏ أي تذكر الرجل، وهو ‏(‏في المسجد أنه جنب خرج‏)‏ ‏.‏
ولأبي ذر وكريمة ‏"‏ يخرج ‏"‏ ‏(‏كما هو‏)‏ أي على حاله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا يتيمم‏)‏ إشارة إلى رد من يوجبه في هذه الصورة، وهو منقول عن الثوري وإسحاق، كذا قال بعض المالكية فيمن نام في المسجد فاحتلم يتيمم قبل أن يخرج‏.‏
وورد ‏"‏ ذكر ‏"‏ بمعنى تذكر من الذكر بضم الذال كثيرا، وإن كان المتبادر أنه من الذكر بكسرها‏.‏
وقوله ‏"‏خرج كما هو ‏"‏ قال الكرماني‏:‏ هذه الكاف كاف المقارنة لا كاف التشبيه، كذا قال، وعلى التنزل فالتشبيه هنا ليس ممتنعا لأن يتعلق بحالته، أي خرج في حالة شبيهة بحالته التي قبل خروجه فيما يتعلق بالمحدث لم يفعل ما يرفعه من غسل أو ما ينوب عنه من التيمم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ قِيَامًا فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا مَكَانَكُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ تَابَعَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، ويونس هو ابن يزيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعدلت‏)‏ أي سويت، وكان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر حتى تستوي الصفوف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلما قام في مصلاه ذكر‏)‏ أي تذكر، لا أنه قال ذلك لفظا، وعلم الراوي بذلك من قرائن الحال أو بإعلامه له بعد ذلك‏.‏
وبين المصنف في الصلاة من رواية صالح بن كيسان عن الزهري أن ذلك كان قبل أن يكبر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال لنا‏:‏ مكانكم‏)‏ بالنصب أي‏:‏ ألزموا مكانكم‏.‏
وفيه إطلاق القول على الفعل، فإن في رواية الإسماعيلي ‏"‏ فأشار بيده أن مكانكم ‏"‏ ويحتمل أن يكون جمع بين الكلام والإشارة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورأسه يقطر‏)‏ أي من ماء الغسل، وظاهر قوله ‏"‏ فكبر ‏"‏ الاكتفاء بالإقامة السابقة، فيؤخذ منه جواز التخلل الكثير بين الإقامة والدخول في الصلاة، وسيأتي مع بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة قبيل أبواب صلاة الجماعة بعد أبواب الأذان إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عبد الأعلى‏)‏ هو ابن عبد الأعلى البصري، وروايته موصولة عند الإمام أحمد عنه، وقد تابع عثمان بن عمر راويه عن يونس عن عبد الله بن وهب عند مسلم، وهذه متابعة تامة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورواه الأوزاعي‏)‏ روايته موصولة عند المؤلف في أوائل أبواب الإمامة كما سيأتي، وظن بعضهم أن السبب في التفرقة بين قوله تابعه وبين قوله رواه كون المتابعة وقعت بلفظه والرواية بمعناه، وليس كما ظن بل هو من التفنن في العبارة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنْ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة‏)‏ كذا لأبي ذر وكريمة‏.‏
وللباقين ‏"‏ من غسل الجنابة‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَهَا ثُمَّ غَسَلَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو حمزة‏)‏ هو السكري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانطلق وهو ينفض يديه‏)‏ استدل به على جواز نفض ماء الغسيل والوضوء وقد تقدم ذلك في أوائل الغسل، وهو ظاهر‏.‏
وفي هذا الإسناد مروزيان‏:‏ عبدان وشيخه، وكوفيان الأعمش وشيخه، ومدنيان كريب وشيخه، وفيما قبله بباب كذلك لأن يوسف بن عيسى وشيخه مروزيان، وفيما قبل ذلك بصريان‏:‏ موسى وأبو عوانة، وكذا موسى وعبد الواحد، وكذا محمد بن محبوب وعبد الواحد، وفيما قبل أيضا مكيان‏:‏ الحميدي وسفيان، وكلهم رووه عن الأعمش بالإسناد المذكور‏.

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:07 PM   #33
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ فِي الْغُسْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من بدأ بشق رأسه لأيمن في الغسل‏)‏ تقدم مثل ذلك في باب من بدأ بالحلاب‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْمَنِ وَبِيَدِهَا الْأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خلاد بن يحيى‏)‏ هذا من كبار شيوخ البخاري، وهو كوفي سكن مكة، ومن فوقه إلى عائشة مكيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن صفية‏)‏ وللإسماعيلي ‏"‏ أنه سمع صفية ‏"‏ وهي من صغار الصحابة، وأبوها شيبة هو ابن عثمان الحجبي العبدري صحابي مشهور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أصاب‏)‏ ولكريمة ‏"‏ أصابت ‏"‏ ‏(‏إحدانا‏)‏ أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وللحديث حكم الرفع لأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وهو مصير من البخاري إلى القول بأن لقول الصحابي ‏"‏ كنا نفعل كذا ‏"‏ حكم الرفع سواء صرح بإضافته إلى زمنه صلى الله عليه وسلم أم لا، وبه جزم الحاكم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخذت بيديها‏)‏ ولكريمة ‏"‏ بيدها ‏"‏ أي الماء، وصرح به الإسماعيلي في روايته‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فوق رأسها‏)‏ أي فصبته فوق رأسها، وللإسماعيلي ‏"‏ أخذت بيديها الماء ثم صبت على رأسها‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وبيدها الأخرى‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ ثم أخذت بيدها ‏"‏ وهي أدل على الترتيب من رواية المصنف، وإن كان لفظ ‏"‏ الأخرى ‏"‏ يدل على أن لها أولى وهي متأخرة عنها‏.‏
فإن قيل‏:‏ الحديث دال على تقديم أيمن الشخص لا أيمن رأسه فكيف يطابق الترجمة‏؟‏ أجاب الكرماني بأن المراد من أيمن الشخص أيمنه من رأسه إلى قدمه فيطابق، والذي يظهر أنه حمل الثلاث في الرأس على التوزيع كما سبق في باب‏:‏ من بدأ بالحلاب، وفيه التصريح بأنه بدأ بشق رأسه الأيمن‏.‏
والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب مَنْ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من اغتسل عريانا وحده في خلوة‏)‏ أي من الناس، وهو تأكيد لقوله ‏"‏ وحده‏"‏، ودل قوله ‏"‏ أفضل ‏"‏ على الجواز وعليه أكثر العلماء، وخالف فيه ابن أبي ليلى وكأنه تمسك بحديث يعلى بن أمية مرفوعا ‏"‏ إذا اغتسل أحدكم فليستتر ‏"‏ قاله لرجل رآه يغتسل عريانا وحده رواه أبو داود، وللبزار نحوه من حديث ابن عباس مطولا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال بهز‏)‏ زاد الأصيلي ‏"‏ ابن حكيم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن جده‏)‏ هو معاوية بن حيدة بحاء مهملة وياء تحتانية ساكنة صحابي معروف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن يستحيي منه من الناس‏)‏ كذا لأكثر الرواة، وللسرخسي ‏"‏ أحق أن يستنزه منه ‏"‏ وهذا بالمعنى وقد أخرجه أصحاب السنن وغيرهم من طرق عن بهز وحسنه الترمذي وصححه الحاكم‏.‏
وقال ابن أبي شيبة ‏"‏ حدثنا يزيد بن هارون حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال‏:‏ قلت يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر‏؟‏ قال‏:‏ احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك‏.‏
قلت‏:‏ يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليا‏؟‏ قال‏:‏ الله أحق أن يستحيي منه من الناس ‏"‏ فالإسناد إلى بهز صحيح، ولهذا جزم به البخاري، وأما بهز وأبوه فليسا من شرطه، ولهذا لما علق في النكاح شيئا من حديث جد بهز لم يجزم به بل قال ‏"‏ ويذكر عن معاوية بن حيدة ‏"‏ فعرف من هذا أن مجرد جزمه بالتعليق لا يدل على صحة الإسناد إلا إلى من علق عنه، وأما ما فوقه فلا يدل، وقد حققت ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح، وذكرت له أمثلة وشواهد ليس هذا موضع بسطها‏.‏
وعرف من سياق الحديث أنه وارد في كشف العورة، بخلاف ما قال أبو عبد الملك البوني إن المراد بقوله ‏"‏ أحق أن يستحيي منه ‏"‏ أي فلا يعصى‏.‏
ومفهوم قوله ‏"‏ إلا من زوجتك ‏"‏ يدل على أنه يجوز لها النظر إلى ذلك منه، وقياسه أنه يجوز له النظر، ويدل أيضا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثنى ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة، وفيه حديث في صحيح مسلم‏.‏
ثم إن ظاهر حديث بهز يدل على أن التعري في الخلوة غير جائز مطلقا، لكن استدل المصنف على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب عليهما السلام، ووجه الدلالة منه - على ما قال ابن بطال - أنهما ممن أمرنا بالاقتداء به، وهذا إنما يأتي على رأي من يقول‏:‏ شرع من قبلنا شرع لنا‏.‏
والذي يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم قص القصتين ولم يتعقب شيئا منهما فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبينه، فعلى هذا فيجمع بين الحديثين بحمل حديث نهز بن حكيم على الأفضل وإليه أشار في الترجمة، ورجح بعض الشافعية تحريمه، والمشهور عند متقدميهم كغيرهم الكراهة فقط‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِي يَا حَجَرُ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏كانت بنو إسرائيل‏)‏ أي جماعتهم وهو كقوله تعالى ‏(‏قالت الأعراب آمنا‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يغتسلون عراة‏)‏ ظاهره أن ذلك كان جائزا في شرعهم وإلا لما أقرهم موسى على ذلك، وكان هو عليه السلام يغتسل وحده أخذا بالأفضل‏.‏
وأغرب ابن بطال فقال‏:‏ هذا يدل على أنهم كانوا عصاة له، وتبعه على ذلك القرطبي فأطال في ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏آدر‏)‏ بالمد وفتح الدال المهملة وتخفيف الراء قال الجوهري‏:‏ الأدرة نفخة في الخصية، وهي بفتحات وحكى بضم أوله وإسكان الدال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فجمح موسى‏)‏ أي جرى مسرعا‏.‏
وفي رواية ‏"‏ فخرج‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثوبي يا حجر‏)‏ أي أعطني، وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل لكونه فر بثوبه فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم الحيوان فناداه، فلما لم يعطه ضربه‏.‏
وقيل يحتمل أن يكون موسى أراد بضربه إظهار المعجزة بتأثير ضربه فيه، ويحتمل أن يكون عن وحي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى نظرت‏)‏ ظاهره أنهم رأوا جسده، وبه يتم الاستدلال على جواز النظر عند الضرورة لمداواة وشبهها، وأبدى ابن الجوزي احتمال أن يكون كان عليه مئزر لأنه يظهر ما تحته بعد البلل، واستحسن ذلك ناقلا له عن بعض مشايخه، وفيه نظر‏.‏
قوله ‏(‏فطفق بالحجر ضربا‏)‏ كذا لأكثر الرواة، وللكشميهني والحموي ‏"‏ فطفق الحجر ضربا ‏"‏ والحجر على هذا منصوب بفعل مقدر أي طفق يضرب الحجر ضربا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو هريرة‏)‏ هو من تتمة مقول همام، وليس بمعلق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لندب‏)‏ بالنون والدال المهملة المفتوحتين وهو الأثر، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعن أبي هريرة‏)‏ هو معطوف على الإسناد الأول، وجزم الكرماني بأنه تعليق بصيغة التمريض فأخطأ، فإن الحديثين ثابتان في نسخة همام بالإسناد المذكور‏.‏
وقد أخرج البخاري هذا الثاني من رواية عبد الرزاق بهذا الإسناد في أحاديث الأنبياء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يحتثي‏)‏ بإسكان المهملة وفتح المثناة بعدها مثلثة، والحثية هي الأخذ باليد‏.‏
ووقع في رواية القابسي عن أبي زيد ‏"‏ يحتثن ‏"‏ بنون في آخره بدل الياء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا غنى‏)‏ القصر بلا تنوين ورويناه بالتنوين أيضا على أن ‏"‏ لا ‏"‏ بمعنى ليس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورواه إبراهيم‏)‏ هو ابن طهمان، وروايته موصولة بهذا الإسناد عند النسائي والإسماعيلي، قال ابن بطال‏:‏ وجه الدلالة من حديث أيوب أن الله تعالى عاتبه على جمع الجراد، ولم يعاتبه على الاغتسال عريانا فدل على جوازه‏.‏
وسيأتي بقية الكلام عليه في أحاديث الأنبياء أيضا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2013, 03:07 PM   #34
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّسَتُّرِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التستر‏)‏ لما فرغ من الاستدلال لأحد الشقين وهو التعري في الخلوة أورد الشق الآخر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏مولى عمر بن عبيد الله‏)‏ بالتصغير وهو التيمي، وأم هانئ بهمزة منونة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال من هذه‏؟‏‏)‏ يدل على أن الستر كان كثيفا، وعرف أنها امرأة لكون ذلك الموضع لا يدخل عليه فيه الرجال، وسيأتي الكلام عليه في أواخر الجهاد حيث أورده المصنف تاما‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ سَتَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ الْمَاءَ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك وسفيان هو الثوري، وقد تقدم الحديث في أول الغسل للمصنف عاليا إلى الثوري، ونزل فيه هنا درجة‏.‏
وكذلك نزل فيه شيخه عبدان درجة لأنه سبق من روايته عن أبي حمزة عن الأعمش‏.‏
والسبب في ذلك اعتناؤه بمغايرة الطرق عند تغاير الأحكام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه أبو عوانة‏)‏ أي عن الأعمش بإسناده هذا، وقد تقدمت هذه المتابعة موصولة عنده في باب‏:‏ من أفرغ بيمينه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وابن فضيل‏)‏ أي الأعمش أيضا بهذا الإسناد، وروايته موصولة في صحيح أبي عوانة الإسفرايني نحو ورواية أبي عوانة البصري، وقد وقع ذكر الستر أيضا في هذا الحديث من رواية أبي حمزة عند المصنف، ومن رواية زائدة عند الإسماعيلي، وسبقت مباحث الحديث في أول الغسل‏.‏
والله المستعان‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا احْتَلَمَتْ الْمَرْأَةُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا احتلمت المرأة‏)‏ إنما قيده بالمرأة مع أن حكم الرجل كذلك لموافقة صورة السؤال، وللإشارة إلى الرد على من منع منه في حق المرأة دون الرجل كما حكاه ابن المنذر وغيره عن إبراهيم النخعي، واستبعد النووي في شرح المهذب صحته عنه، لكن رواه ابن أبي شيبة عنه بإسناد جيد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن زينب بنت أبي سلمة‏)‏ تقدم هذا الحديث في باب الحياء في العلم من وجه آخر، وفيه زينب بنت أم سلمة فنسبت هناك إلى أمها وهنا إلى أبيها، وقد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، ورواه مسلم أيضا من رواية الزهري عن عروة لكن قال ‏"‏ عن عائشة‏"‏، وفيه أن المراجعة وقعت بين أم سليم وعائشة، ونقل القاضي عياض عن أهل الحديث أن الصحيح أن القصة وقعت لأم سلمة لا لعائشة، وهذا يقتضي ترجيح رواية هشام، وهو ظاهر صنيع البخاري، لكن نقل ابن عبد البر عن الذهلي أنه صحح الروايتين، وأشار أبو داود إلى تقوية رواية الزهري لأن نافع بن عبد الله تابعه عن عروة عن عائشة‏.‏
وأخرج مسلم أيضا رواية نافع‏.‏
وأخرج أيضا من حديث أنس قال ‏"‏ جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له، وعائشة عنده ‏"‏ فذكر نحوه‏.‏
وروى أحمد من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن جدته أم سليم وكانت مجاورة لأم سلمة ‏"‏ فقالت أم سليم‏:‏ يا رسول الله‏"‏؛ فذكر الحديث وفيه أن أم سلمة هي التي راجعتها، وهذا يقوى رواية هشام، قال النووي في شرح مسلم‏:‏ يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا على أم سليم، وهو جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد‏.‏
وقال في شرح المهذب‏:‏ يجمع بين الروايات بأن أنسا وعائشة وأم سلمة حضروا القصة‏.‏
انتهى‏.‏
والذي يظهر أن أنسا لم يحضر القصة وإنما تلقى ذلك من أمه أم سليم، وفي صحيح مسلم من حديث أنس ما يشير إلى ذلك، وروى أحمد من حديث ابن عمر نحو هذه القصة، وإنما تلقى ذلك ابن عمر من أم سليم أو غيرها‏.‏
وقد سألت عن هذه المسالة أيضا خولة بنت حكيم عند أحمد والنسائي وابن ماجه، وفي آخره ‏"‏ كما ليس على الرجل غسل إذا رأى ذلك فلم ينزل ‏"‏ وسهلة بنت سهيل عند الطبراني، وبسرة بنت صفوان عند ابن أبي شيبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن الله لا يستحيي من الحق‏)‏ قدمت هذا القول تمهيدا لعذرها في ذكر ما يستحيي منه، والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي، إذ الحياء الشرعي خير كله‏.‏
وقد تقدم في كتاب الإيمان أن الحياء لغة‏:‏ تغير وانكسار، وهو مستحيل في حق الله تعالى، فيحمل هنا على أن المراد أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، أو لا يمنع من ذكر الحق‏.‏
وقد يقال إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات ولا يشترط في النفي أن يكون ممكنا، لكن لما كان المفهوم يقتضي أنه يستحيي من غير الحق عاد إلى جانب الإثبات فاحتيج إلى تأويله، قاله ابن دقيق العيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هل على المرأة من غسل‏)‏ ‏"‏ من ‏"‏ زائدة، وقد سقطت في رواية المصنف في الأدب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏احتلمت‏)‏ الاحتلام افتعال من الحلم بضيم المهملة وسكون اللام، وهو ما يراه النائم في نومه، يقال منه حلم بالفتح واحتلم، والمراد به هنا أمر خاص منه وهو الجماع‏.‏
وفي رواية أحمد من حديث أم سليم أنها قالت‏:‏ يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل‏؟‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا رأت الماء‏)‏ أي المني بعد الاستيقاظ‏.‏
وفي رواية الحميدي عن سفيان عن هشام ‏"‏ إذا رأت إحداكن الماء فلتغتسل ‏"‏ وزاد ‏"‏ فقالت أم سلمة‏:‏ وهل تحتلم المرأة‏؟‏ ‏"‏ وكذلك روى هذه الزيادة أصحاب هشام عنه غير مالك فلم يذكرها، وقد تقدمت من رواية أبي معاوية عن هشام في باب الحياء في العلم وفيه ‏"‏ أو تحتلم المرأة‏؟‏ ‏"‏ وهو معطوف على مقدر يظهر من السياق أي أترى المرأة الماء وتحتلم‏؟‏ وفيه ‏"‏ فغطت أم سلمة وجهها ‏"‏ ويأتي في الأدب من رواية يحيى القطان عن هشام ‏"‏ فضحكت أم سلمة‏"‏، ويجمع بينهما بأنها تبسمت تعجبا وغطت وجهها حياء، ولمسلم من رواية وكيع عن هشام ‏"‏ فقالت لها‏:‏ يا أم سليم فضحت النساء ‏"‏ وكذا لأحمد من حديث أم سليم، وهذا يدل على أن كتمان مثل ذلك من عادتهن لأنه يدل على شدة شهوتهن للرجال‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ فيه دليل على أن كل النساء يحتلمن، وعكسه غيره، فقال‏:‏ فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن، والظاهر أن مراد ابن بطال الجواز لا الوقوع، أي فيهن قابلية ذلك‏.‏
وفيه دليل على وجوب الغسل على المرأة بالإنزال، ونفى ابن بطال الخلاف فيه، وقد قدمناه عن النخعي‏.‏
وكأن أم سليم لم تسمع حديث ‏"‏ الماء من الماء‏"‏، أو سمعته وقام عندها ما يوهم خروج المرأة عن ذلك وهو ندور بروز الماء منها‏.‏
وقد روى أحمد من حديث أم سليم في هذه القصة أن أم سلمة قالت ‏"‏ يا رسول الله وهل للمرأة ماء‏؟‏ فقال‏:‏ هن شقائق الرجال ‏"‏ وروى عبد الرزاق في هذه القصة ‏"‏ إذا رأت إحداكن الماء كما يراه الرجل‏"‏، وروى أحمد من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصة ‏"‏ ليس عليها غسل حتى تنزل كما ينزل الرجل ‏"‏ وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، وإنما يعرف إنزالها بشهوتها، وحمل قوله ‏"‏ إذا رأت الماء ‏"‏ أي علمت به، لأن وجود العلم هنا متعذر لأنه إذا أراد به علمها بذلك وهي نائمة فلا يثبت به حكم لأن الرجل لو رأى أنه جامع وعلم أنه أنزل في النوم ثم استيقظ فلم ير بللا لم يجب عليه الغسل اتفاقا، فكذلك المرأة وإن أراد به علمها بذلك بعد أن استيقظت فلا يصح لأنه لا يستمر في اليقظة ما كان في النوم إن كان مشاهدا، فحمل الرؤية على ظاهرها هو الصواب وفيه استفتاء المرأة بنفسها، وسياق صور الأحوال في الوقائع الشرعية لما يستفاد من ذلك‏.‏
وفيه جواز التبسم في التعجب، وسيأتي الكلام على قوله ‏"‏ فيم يشبهها ولدها ‏"‏ في بدء الخلق إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:36 PM   #35
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب نَوْمِ الْجُنُبِ
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن عمر بن الخطاب سأل‏)‏ ظاهره أن ابن عمر حضر هذا السؤال، فيكون الحديث من مسنده وهو المشهور من رواية نافع، وروى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه قال ‏"‏ يا رسول الله ‏"‏ أخرجه النسائي، وعلى هذا فهو من مسند عمر، وكذا رواه مسلم من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر، لكن ليس في هذا الاختلاف ما يقدح في صحة الحديث، ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن جواز رقاد الجنب في البيت يقتضي جواز استقراره فيه يقظان لعدم الفرق، أو لأن نومه يستلزم الجواز لحصول اليقظة بين وضوئه ونومه، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير‏.‏
ووقع في رواية كريمة قبل حديث ابن عمر ‏"‏ باب نوم الجنب ‏"‏ وهذه الترجمة زائدة للاستغناء عنها بباب الجنب يتوضأ ثم ينام، ويحتمل أن يكون ترجم على الإطلاق وعلى التقييد في تكون زائدة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن عبد الرحمن‏)‏ هو أبو الأسود الذي يقال له يتيم عروة‏.‏
ونصف هذا الإسناد المبتدأ به بصريون ونصفه الأعلى مدنيون‏.‏
قوله ‏(‏وتوضأ للصلاة‏)‏ أي توضأ وضوءا كما للصلاة، وليس المعنى أنه توضأ لأداء الصلاة، وإنما المراد توضأ وضوءا شرعيا لا لغويا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا جويرية‏)‏ بالجيم والراء مصغرا وهو اسم رجل، واسم أبيه أسماء بن عبيد، وقد سمع جويرية هذا من نافع مولى ابن عمر ومن مالك عن نافع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ في رواية ابن عساكر ‏"‏ عن ابن عمر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال نعم إذا توضأ‏)‏ ولمسلم من طريق ابن جريج عن نافع ‏"‏ ليتوضأ ثم لينم‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن دينار‏)‏ هكذا رواه مالك في الموطأ باتفاق من رواة الموطأ، ورواه خارج الموطأ عن نافع بدل عبد الله بن دينار، وذكر أبو علي الجياني أنه وقع في رواية ابن السكن عن نافع بدل عبد الله بن دينار، وكان كذلك عند الأصيلي إلا أنه ضرب على نافع وكتب فوقه ‏"‏ عبد الله بن دينار ‏"‏ قال أبو علي‏:‏ والحديث محفوظ لمالك عنهما جميعا‏.‏
انتهى كلامه‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ الحديث لمالك عنهما جميعا، لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار وحديث نافع غريب‏.‏
انتهى‏.‏
وقد رواه عنه كذلك عن نافع خمسة أو ستة فلا غرابة، وإن ساقه الدارقطني في غرائب مالك فمراده ما رواه خارج الموطأ، فهي غرابة خاصة بالنسبة للموطأ، نعم رواية الموطأ أشهر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكر عمر بن الخطاب‏)‏ مقتضاه أيضا أنه من مسند ابن عمر كما هو عند أكثر الرواة، ورواه أبو نوح عن مالك فزاد فيه عن عمر، وقد بين النسائي سبب ذلك في روايته من طريق ابن عون عن نافع قال‏:‏ أصاب ابن عمر جنابة فأتى عمر فذكر ذلك له، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فاستأمره فقال ‏"‏ ليتوضأ ويرقد ‏"‏ وعلى هذا فالضمير في قوله في حديث الباب ‏"‏ أنه تصيبه ‏"‏ يعود على ابن عمر لا على عمر، وقوله في الجواب ‏"‏ توضأ ‏"‏ يحتمل أن يكون ابن عمر كان حاضرا فوجه الخطاب إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بأنه‏)‏ كذا للمستملي والحموي وللباقين ‏"‏ أنه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال له‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ له ‏"‏ من رواية الأصيلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏توضأ واغسل ذكرك‏)‏ في رواية أبي نوح ‏"‏ اغسل ذكرك ثم توضأ ثم نم ‏"‏ وهو يرد على من حمله على ظاهره فقال‏:‏ يجوز تقديم الوضوء على غسل الذكر لأنه ليس بوضوء يرفع الحدث وإنما هو للتعبد إذ الجنابة أشد من مس الذكر، فتبين من رواية أبي نوح أن غسله مقدم على الوضوء، ويمكن أن يؤخذ عنه بشرط أن لا يمسه على القول بأن مسه ينقض‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ جاء الحديث بصيغة الأمر وجاء بصيغة الشرط، وهو متمسك لمن قال بوجوبه‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ‏.‏
وقال ابن العربي‏:‏ قال مالك والشافعي لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال‏:‏ لم يقل الشافعي بوجوبه، ولا يعرف ذلك أصحابه‏.‏
وهو كما قال، لكن كلام ابن العربي محمول على أنه أراد نفي الإباحة المستوية الطرفين لا إثبات الوجوب، أو أراد بأنه واجب وجوب سنة أي متأكد الاستحباب، ويدل عليه أنه قابله بقول ابن حبيب‏:‏ هو واجب وجوب الفرائض، وهذا موجود في عبارة المالكية كثيرا، وأشار ابن العربي إلى تقوية قول ابن حبيب، وبوب عليه أبو عوانة في صحيحه إيجاب الوضوء عن الجنب إذا أراد النوم، ثم استدل بعد ذلك هو وابن خزيمة على عدم الوجوب بحديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ‏"‏ وقد تقدم ذكره في باب إذا جامع ثم عاد‏.‏
وقد قدح في هذا الاستدلال ابن رشد المالكي، وهو واضح‏.‏
ونقل الطحاوي عن أبي يوسف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماء رواه أبو داود وغيره، وتعقب بأن الحفاظ قالوا إن أبا إسحاق غلط فيه، وبأنه لو صح حمل على أنه ترك الوضوء لبيان الجواز لئلا يعتقد وجوبه، أو أن معنى قوله لا يمس ماء أي للغسل، وأورد الطحاوي من الطريق المذكورة عن أبي إسحاق ما يدل على ذلك، ثم جنح الطحاوي إلى أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي الحديث وهو صاحب القصة كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه كما رواه مالك في الموطأ عن نافع، وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بالصلاة من روايته ومن رواية عائشة كما تقدم فيعتمد ويحمل ترك ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر‏.‏
وقال جمهور العلماء‏:‏ المراد بالوضوء هنا الشرعي، والحكمة فيه أنه يخفف الحدث، ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل فينويه فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء المخصوصة على الصحيح، ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال ‏"‏ إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة ‏"‏ وقيل‏:‏ الحكمة فيه أنه إحدى الطهارتين، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه‏.‏
وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو تيمم، ويحتمل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء، وقيل الحكمة فيه أنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ نص الشافعي رحمه الله على أن ذلك ليس على الحائض، لأنها لو اغتسلت لم يرتفع حدثها بخلاف الجنب، لكن إذا انقطع دمها استحب لها ذلك‏.‏
وفي الحديث أن غسل الجنابة ليس على الفور، وإنما يتضيق عند القيام إلى الصلاة، واستحباب التنظيف عند النوم، قال ابن الجوزي‏:‏ والحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:37 PM   #36
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا التقى الختانان‏)‏ المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة، والختن قطع جلدة كمرته، وخفاض المرأة والخفض قطع جليدة في أعلى فرجها تشبه عرف الديك بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة، وإنما ثنيا بلفظ واحد تغليبا وله نظائر، وقاعدته رد الأثقل إلى الأخف والأدنى إلى الأعلى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح و حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏هشام‏)‏ هو الدستوائي في الموضعين، وإنما فرقهما لأن معاذا قال ‏"‏ حدثنا ‏"‏ وأبا نعيم قال ‏"‏ عن ‏"‏ وطريق معاذ إلى الصحابي كلهم بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا جلس‏)‏ لضمير المستتر فيه وفي قوله ‏"‏ جهد ‏"‏ للرجل، والضميران البارزان في قوله ‏"‏ شعبها ‏"‏ و ‏"‏ جهدها ‏"‏ للمرأة، وترك إظهار ذلك للمعرفة به، وقد وقع مصرحا به في رواية لابن المنذر من وجه آخر عن أبي هريرة قال ‏"‏ إذا غشى الرجل امرأته فقعد بين شعبها ‏"‏ الحديث، والشعب جمع شعبة وهي القطعة من الشيء، قيل المراد هنا يداها ورجلاها وقيل رجلاها وفخذاها وقع ساقاها وفخذاها وقيل فخذاها وإسكتاها وقيل فخذاها وشفراها وقيل نواحي فرجها الأربع، قال الأزهري‏:‏ الإسكتان ناحيتا الفرج، والشفران طرف الناحيتين، ورجح القاضي عياض الأخير، واختار ابن دقيق العيد الأول، قال‏:‏ لأنه أقرب إلى الحقيقة أو هو حقيقة في الجلوس، وهو كناية عن الجماع فاكتفى به عن التصريح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم جهدها‏)‏ بفتح الجيم والهاء، يقال جهد وأجهد أي بلغ المشقة، قيل معناه كدها بحركته أو بلغ جهده في العمل بها، ولمسلم من طريق شعبة عن قتادة ‏"‏ ثم اجتهد‏"‏، ورواه أبو داود من طريق شعبة وهشام معا عن قتادة بلفظ ‏"‏ وألزق الختان بالختان ‏"‏ بدل قوله ثم جهدها، وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الإيلاج، ورواه البيهقي من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة مختصرا ولفظه ‏"‏ إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ‏"‏ وهذا مطابق للفظ الترجمة، فكأن المصنف أشار إلى هذه الرواية كعادته في التبويب بلفظ إحدى روايات حديث الباب، وروى أيضا بهذا اللفظ من حديث عائشة أخرجه الشافعي من طريق سعيد بن المسيب عنها وفي إسناده على بن زيد وهو ضعيف، وابن ماجه من طريق القاسم بن محمد عنها ورجاله ثقات، ورواه مسلم من طريق أبي موسى الأشعري عنها بلفظ ‏"‏ ومس الختان الختان ‏"‏ والمراد بالمس والالتقاء المحاذاة، ويدل عليه رواية الترمذي بلفظ ‏"‏ إذا جاوز ‏"‏ وليس المراد بالمس حقيقته لأنه لا يتصور عند غيبة الحشفة، ولو حصل المس قبل الإيلاج لم يجب الغسل بالإجماع، قال النووي‏:‏ معنى الحديث أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال، وتعقب بأنه يحتمل أن يراد بالجهد الإنزال لأنه هو الغاية في الأمر فلا يكون فيه دليل، والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الإنزال قد ورد في بعض طرق الحديث المذكور فانتقى الاحتمال، ففي رواية مسلم من طريق مطر الوراق عن الحسن في آخر هذا الحديث ‏"‏ وإن لم ينزل‏"‏، ووقع ذلك في رواية قتادة أيضا رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن عفان قال حدثنا همام وأبان قالا حدثنا قتادة به وزاد في آخره ‏"‏ أنزل أو لم ينزل ‏"‏ وكذا رواه الدارقطني وصححه من طريق علي بن سهل عن عفان، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عمرو‏)‏ أي ابن مرزوق، وصرح به في رواية كريمة، وقد روينا حديثه موصولا في فوائد عثمان بن أحمد السماك حدثنا عثمان بن عمر الضبي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن قتادة، فذكر مثل سياق حديث الباب لكن قال ‏"‏ وأجهدها ‏"‏ وعرف بهذا أن شعبة رواه عن قتادة عن الحسن لا عن الحسن نفسه، والضمير في تابعه يعود على هشام لا على قتادة‏.‏
وقرأت بخط الشيخ مغلطاي أن رواية عمرو بن مرزوق هذه عند مسلم عن محمد بن عمرو بن جبلة عن وهب بن جرير وابن أبي عدي كلاهما عن عمرو بن مرزوق عن شعبة، وتبعه بعض الشراح على ذلك، وهو غلط فإن ذكر عمرو بن مرزوق في إسناد مسلم زيادة، بل لم يخرج مسلم لعمرو بن‏.‏
مرزوق شيئا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال موسى‏)‏ أي ابن إسماعيل قال ‏(‏حدثنا‏)‏ وللأصيلي أخبرنا ‏(‏أبان‏)‏ وهو ابن يزيد العطار، وأفادت روايته التصريح بتحديث الحسن لقتادة، وقرأت بخط مغلطاي أيضا أن رواية موسى هذه عند البيهقي أخرجها من طريق عفان وهمام كلاما عن موسى عن أبان، وهو تخليط تبعه عليه أيضا بعض الشراح، وإنما أخرجها البيهقي من طريق عفان عن همام وأبان جميعا عن قتادة، فهمام شيخ عفان لا رفيقه، وأبان رفيق همام لا شيخ شيخه، ولا ذكر لموسى فيه أصلا بل عفان رواه عن أبان كما رواه عنه موسى فهو رفيقه لا شيخه، والله الهادي إلى الصواب‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ زاد هنا في نسخة الصغاني‏:‏ هذا أجود وأوكد، وإنما بينا‏.‏
‏.‏
إلى آخر الكلام الآتي في آخر الباب الذي يليه‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:38 PM   #37
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب غسل ما يصيب‏)‏ أي الرجل ‏(‏من فرج المرأة‏)‏ أي من رطوبة وغيرها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن الحسين‏)‏ زاد أبو ذر ‏"‏ المعلم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال يحيى‏)‏ هو ابن أبي كثير، أي قال الحسين قال يحيى، ولفظ قال الأولى تحذف في الخط عرفا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأخبرني‏)‏ هو عطف على مقدر، أي أخبرني بكذا وأخبرني بكذا‏.‏
ووقع في رواية مسلم بحذف الواو، قال ابن العربي‏:‏ لم يسمعه الحسين من يحيى فلهذا قال ‏"‏ قال يحيى ‏"‏ كذا ذكره، ولم يأت بدليل‏.‏
وقد وقع في رواية مسلم في هذا الموضع عن الحسين عن يحيى، وليس الحسين بمدلس، وعنعنة غير المدلس محمولة على السماع إذا لقيه على الصحيح‏.‏
على أنه وقع التصريح في رواية ابن خزيمة في رواية الحسين عن يحيى بالتحديث ولفظه ‏"‏ حدثني يحيى بن أبي كثير ‏"‏ ولم ينفرد الحسين مع ذلك به، فقد رواه عن يحيى أيضا معاوية بن سلام أخرجه ابن شاهين، وشيبان بن عبد الرحمن أخرجه المصنف كما تقدم في باب الوضوء من المخرجين، وسبق الكلام هناك على فوائد هذا الإسناد وألفاظ المتن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأمروه بذلك‏)‏ فيه التفات، لأن الأصل أن يقول فأمروني، أو هو مقول عطاء بن يسار فيكون مرسلا‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ الضمير يعود على الجامع الذي في ضمن ‏"‏ إذا جامع ‏"‏ وجزم أيضا بأنه عن عثمان إفتاء ورواية مرفوعة وعن الباقين إفتاء فقط‏.‏
قلت‏:‏ وظاهره أنهم أمروه بما أمره به عثمان فليس صريحا في عدم الرفع، لكن في رواية الإسماعيلي‏:‏ فقالوا مثل ذلك، وهذا ظاهره الرفع لأن عثمان أفتاه بذلك وحدثه به عن النبي صلى الله عليه وسلم فالمثلية تقتضي أنهم أيضا أفتوه وحدثوه، وقد صرح الإسماعيلي بالرفع في رواية أخرى له ولفظه ‏"‏ فقالوا مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وقال الإسماعيلي‏:‏ لم يقل ذلك غير يحيى الحماني، وليس هو من شرط هذا الكتاب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني أبو سلمة‏)‏ كذا لأبي ذر، وللباقين ‏"‏ قال يحيى‏:‏ وأخبرني أبو سلمة ‏"‏ وهو المراد، وهو معطوف بالإسناد الأول وليس معلقا، وقد رواه مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه بالإسنادين معا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال الدارقطني‏:‏ هو وهم لأن أبا أيوب إنما سمعه من أبي بن كعب كما قال هشام بن عروة عن أبيه‏.‏
قلت‏:‏ الظاهر أن أبا أيوب سمعه منهما لاختلاف السياق، لأن في روايته عن أبي بن كعب قصة ليست في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن أبا سلمة وهو ابن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرا وسنا وعلما من هشام بن عروة، وروايته عن عروة من باب رواية الأقران لأنهما تابعيان فقهان من طبقة واحدة، وكذلك رواية أبي أيوب عن أبي بن كعب لأنهما فقيهان صحابيان كبيران، وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الدارمي وابن ماجه، وقد حكى الأثرم عن أحمد أن حديث زيد بن خالد المذكور في هذا الباب معلول، لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث، وقد حكى يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني أنه شاذ‏.‏
والجواب عن ذلك أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته، وقد روى ابن عيينة أيضا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عن عطاء أخرجه ابن أبي شيبة وغيره فليس هو فردا، وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية‏.‏
وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم ينزل الجامع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة المذكوران في الباب قبله، والدليل على النسخ ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن سهل بن سعد قال‏:‏ حدثني أبي بن كعب أن الفتيا التي كانوا يقولون ‏"‏ الماء من الماء ‏"‏ رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد، صححه ابن خزيمة وابن حبان‏.‏
وقال الإسماعيلي‏:‏ هو صحيح على شرط البخاري، كذا قال، وكأنه لم يطلع على علته، فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل‏.‏
نعم أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضا من طريق أبي حازم عن سهل، ولهذا الإسناد أيضا علة أخرى ذكرها ابن أبي حاتم، وفي الجملة هو إسناد صالح لأن يحتج به، وهو صريح في النسخ‏.‏
على أن حديث الغسل وإن لم ينزل أرجح من حديث الماء من الماء، لأنه بالمنطوق، وترك الغسل من حديث الماء بالمفهوم، أو بالمنطوق أيضا لكن ذاك أصرح منه‏.‏
وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس أنه حمل حديث ‏"‏ الماء من الماء ‏"‏ على صورة مخصوصة وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع، وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ في قوله ‏"‏ الماء من الماء ‏"‏ جناس تام، والمراد بالماء الأول ماء الغسل وبالثاني المني وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن معه إنزال، فإن كل من خوطب بأن فلانا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل، قال‏:‏ ولم يختلف أن الزنا الذي يجب به الحد هو الجماع ولو لم يكن معه إنزال‏.‏
وقال ابن العربي‏:‏ إيجاب الغسل بالإيلاج بالنسبة إلى الإنزال نظير إيجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول فهما متفقان دليلا وتعليلا‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ وَذَاكَ الْآخِرُ وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلَافِهِمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي‏)‏ عني أباه عروة وهو واضح، وإنما نبهت عليه لئلا يظن أنه نظير أبي بن كعب لكونه ذكر في الإسناد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما مس المرأة منه‏)‏ أي يغسل الرجل العضو الذي مس فرج المرأة من أعضائه، وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم لأن المراد رطوبة فرجها قوله‏:‏ ‏(‏ثم يتوضأ‏)‏ ريح في تأخير الوضوء عن غسل الذكر، زاد عبد الرزاق عن الثوري عن هشام فيه ‏"‏ وضوءه للصلاة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويصلي‏)‏ هو أصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث الذي قبله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ و المصنف، وقائل ذلك هو الراوي عنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الغسل أحوط‏)‏ أي على تقدير أن لا يثبت الناسخ ولا يظهر الترجيح، فالاحتياط للدين الاغتسال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الأخير‏)‏ كذا لأبي ذر، ولغيره ‏"‏ الآخر ‏"‏ بالمد بغير ياء، أي آخر الأمرين من الشارع أو من اجتهاد الأئمة‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ ضبطناه بفتح الخاء، فعلى هذا الإشارة في قوله ‏"‏ وذاك ‏"‏ إلى حديث الباب قوله‏:‏ ‏(‏إنما بينا لاختلافهم‏)‏ وفي رواية كريمة ‏"‏ إنما بينا اختلافهم ‏"‏ وللأصيلي ‏"‏ إنما بيناه لاختلافهم ‏"‏ وفي نسخة الصغاني ‏"‏ إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم، والماء أنقى ‏"‏ واللام تعليلية أي حتى لا يظن أن في ذلك إجماعا‏.‏
واستشكل ابن العربي كلام البخاري فقال‏:‏ إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم وما خالف فيه إلا داود، ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري وحكمه بأن الغسل مستحب، وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين‏.‏
ثم أخذ يتكلم في تضعيف حديث الباب بما لا يقبل منه، وقد أشرنا إلى بعضه ثم قال‏:‏ ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله ‏"‏ الغسل أحوط ‏"‏ أي في الدين، وهو باب مشهور في الأصول، قال‏:‏ وهو أشبه بإمامة الرجل وعلمه‏.‏
قلت‏:‏ وهذا هو الظاهر من تصرفه، فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل وإنما ترجم ببعض ما يستفاد من الحديث من غير هذه المسألة كما استدل به على إيجاب الوضوء فيما تقدم، وأما نفي ابن العربي الخلاف فمعترض، فإنه مشهور بين الصحابة، ثبت عن جماعة منهم، لكن ادعى ابن القصار أن الخلاف ارتفع بين التابعين، وهو معترض أيضا فقد قال الخطابي‏:‏ أنه قال به من الصحابة جماعة فسمي بعضهم، قال‏:‏ ومن التابعين الأعمش وتبعه عياض، لكن قال‏:‏ لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره، وهو معترض أيضا فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهو في سنن أبي داود بإسناد صحيح، وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق بإسناد صحيح‏.‏
وقال عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج عن عطاء أنه قال لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى اغتسل من أجل اختلاف الناس لأخذنا بالعروة الوثقى‏.‏
وقال الشافعي في اختلاف الحديث‏:‏ حديث ‏"‏ الماء من الماء ‏"‏ ثابت لكنه منسوخ، إلى أن قال‏:‏ فخالفنا بعض أهل ناحيتنا - يعني من الحجازيين - فقالوا‏:‏ لا يجب الغسل حتى ينزل ا ه‏.‏
فعرف بهذا أن الخلاف كان مشهورا بين التابعين ومن بعدهم، لكن الجمهور على إيجاب الغسل، وهو الصواب، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:38 PM   #38
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب الغسل - وما معه من أحكام الجنابة - من الأحاديث المرفوعة على ثلاثة وستين حديثا، المكرر منها فيه وفيما مضى خمسة وثلاثون حديثا، الموصول منها أحد وعشرون والبقية تعليق ومتابعة، والخالص ثمانية وعشرون منها واحد معلق وهو حديث بهز عن أبيه عن جده، وقد وافقه مسلم على تخريجها سواه وسوى حديث جابر في الاكتفاء في الغسل بصاع وحديث أنس كان يدور على نسائه وهن إحدى عشرة امرأة في ليلة واحدة وحديثه في الاغتسال مع المرأة من إناء واحد وحديث عائشة في صفة غسل المرأة من الجنابة‏.‏
وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين عشرة المعلق منها سبعة والموصول ثلاثة وهي حديث زيد بن خالد عن علي وطلحة والزبير المذكور في الباب الأخير، فإن كان مرفوعا عنهم فتزيد عدة الخالص من المرفوع ثلاثة وهي أيضا من أفراده عن مسلم‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:40 PM   #39
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




2*كِتَاب الْحَيْضِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ إِلَى قَوْلِهِ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الحيض‏)‏ أصله السيلان، وفي العرف جريان دم المرأة من موضع مخصوص في أوقات معلومة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله تعالى‏)‏ بالجر عطفا على الحيض، والمحيض عند الجمهور هو الحيض، وقيل زمانه، وقيل مكانه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أذى‏)‏ قال الطيبي‏:‏ سمي الحيض أذى لنتنه وقذره ونجاسته‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ الأذى المكروه الذي ليس بشديد، كما قال تعالى ‏(‏لن يضروكم إلا أذى‏)‏ ، فالمعنى أن المحيض أذى يعتزل من المرأة موضعه ولا يتعدى ذلك إلى بقيه بدنها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاعتزلوا النساء في المحيض‏)‏ روى مسلم وأبو داود من حديث أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت الآية فقال ‏"‏ اصنعوا كل شيء إلا النكاح ‏"‏ فأنكرت اليهود ذلك، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا‏:‏ يا رسول الله ألا نجامعهن في الحيض‏؟‏ يعني خلافا لليهود، فلم يأذن في ذلك‏.‏
وروى الطبري عن السدي أن الذي سأل أولا عن ذلك هو ثابت بن الدحداح‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب كيف كان بدء الحيض‏)‏ أي ابتداؤه، وفي إعراب ‏"‏ باب ‏"‏ الأوجه المتقدمة أول الكتاب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا شيء‏)‏ يشير إلى حديث عائشة المذكور عقبه، لكن بلفظ ‏"‏ هذا أمر ‏"‏ وقد وصله بلفظ ‏"‏ شيء ‏"‏ من طريق أخرى بعد خمسة أبواب أو ستة، والإشارة بقوله ‏"‏ هذا ‏"‏ إلى الحيض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال بعضهم‏:‏ كان أول‏)‏ بالرفع لأنه اسم كان والخبر ‏"‏ على بني إسرائيل ‏"‏ أي على نساء بني إسرائيل، وكأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال ‏"‏ كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد ‏"‏ وعنده عن عائشة نحوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر‏)‏ قيل معناه أشمل لأنه عام في جميع بنات آدم، فيتناول الإسرائيليات ومن قبلهن، أو المراد أكثر شواهد أو أكثر قوة‏.‏
وقال الداودي ليس بينهما مخالفة فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا فقوله بنات آدم عام أريد به الخصوص‏.‏
قلت‏:‏ ويمكن أن يجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده‏.‏
وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم ‏(‏وامرأته قائمة فضحكت‏)‏ أي حاضت‏.‏
والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب، وروى الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس ‏"‏ أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أهبطت من الجنة‏"‏، وإذا كان كذلك فبنات آدم بناتها، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي قَالَ مَا لَكِ أَنُفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏سمعت القاسم‏)‏ يعني أباه، وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا نرى‏)‏ بالضم أي لا نظن‏.‏
و ‏"‏ سرف ‏"‏ بفتح المهملة كسر الراء بعدها فاء موضع قريب من مكة بينهما نحو من عشرة أميال، وهو ممنوع من الصرف وقد يصرف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاقضى‏)‏ المراد بالقضاء هنا الأداء وهما في اللغة بمعنى واحد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏غير أن لا تطوفي بالبيت‏)‏ زاد في الرواية الآتية ‏"‏ حتى تطهري ‏"‏ وهذا الاستثناء مختص بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة، وسيأتي الكلام على هذا الحديث بتمامه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2013, 06:41 PM   #40
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله‏)‏ بالجر عطفا على غسل، أي تسريح شعر رأسه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ
الشرح‏:‏
الحديث مطابق لما ترجم له من جهة الترجيل، والحق به الغسل قياسا، أو إشارة إلى الطريق الآتية في باب مباشرة الحائض فإنها صريحة في ذلك، وهو دال على أن ذات الحائض طاهرة، وعلى أن حيضها لا يمنع ملامستها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِي الْحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي الْمَرْأَةُ وَهِيَ جُنُبٌ فَقَالَ عُرْوَةُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ تَعْنِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا هشام‏)‏ وفي رواية الأكثر ‏"‏ أخبرني هشام بن عروة ‏"‏ وفي هذا الإسناد لطيفة، وهي اتفاق اسم شيخ الراوي وتلميذه، مثاله هذا ابن جريج عن هشام وعنه هشام، فالأعلى ابن عروة والأدنى ابن يوسف، وهو نوع أغفله ابن الصلاح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مجاور‏)‏ أي معتكف، وثبت هذا التفسير في نسخة الصغاني في الأصل، وحجرة عائشة كانت ملاصقة للمسجد، وألحق عروة الجنابة بالحيض قياسا، وهو جلي لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجنب، وألحق الخدمة بالترجيل‏.‏
وفي الحديث دلالة على طهارة بدن الحائض وعرقها، وأن المباشرة الممنوعة للمعتكف هي الجماع ومقدماته، وأن الحائض لا تدخل المسجد‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ فيه حجة على الشافعي في قوله أن المباشرة مطلقا تنقض الوضوء، كذا قال‏.‏
ولا حجة فيه لأن الاعتكاف لا يشترط فيه الوضوء، وليس في الحديث أنه عقب ذلك الفعل بالصلاة، وعلى تقدير ذلك فمس الشعر لا ينقض الوضوء‏.‏
والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع حسن الخليفه احمد مشاركات 538 المشاهدات 75251  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه