القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > مكتبة الميرغني الإليكترونية

مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة

مناقب السيد علي الميرغني .

مكتبة الميرغني الإليكترونية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-15-2010, 12:19 AM   #1
مصطفى علي
مُشرف المكتبة الصوتية
الصورة الرمزية مصطفى علي



مصطفى علي is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر MSN إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى مصطفى علي إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى علي
Unhappy مناقب السيد علي الميرغني .


أنا : مصطفى علي






بسم الله الرحمن الرحيم



مناقب صاحب السيادة مولانا
السيد علي الميرغني قدس الله سره




ولد رضي الله عنه بجزيرة مساوي بدار الشايقية وكان مولده في شهر ربيع المعظم عام ألف ومائتين وسبعة وتسعين من الهجرة الموافق ثمانين وثمانمائة وألف من الميلاد وكانت لمولده فرحة عمت البلاد بأسرها . فقد سبقت مولده إرهاصات مباركة وإشارات محببة فقد كان المحبون والمريدون يتطلعون إليها قبل مولده وفيما تلقى والده من بشائر قدومه ليقيم علي ما أسسوا ويشيد إلى ما شيدوا من دعائم الدين والمنيعة ومنارات الهدى الرفيعة . وقد أنشأ الشعراء في الترحيب بمولده المدائح بجميع اللهجات مهنئين به أنفسهم مقدمين فرحتهم إلى والده السيد العظيم الذي أقام عدة سنوات بدار الشايقية يؤسس الساجد ويعمر خلاوى القرآن وينشئ الزوايا ويبنى معاهد العلم حبيبا إلى نفوس مريديه ومحبيه الذين أحلوه سويداء قلوبهم وأنزلوه حبات عيونهم لما تحلى به من سماحة الخلق ورجاحة العقل ورقة الأسلوب في الإرشاد السالكين والقيام بكل مايصلح به حال المريدين في الدنيا وتتم به سعادتهم في الآخرة وكان هذا دأبه فيما يقدمه للناس وما يلقاهم به في كل مكان حل فيه من البلاد . وكان مولد السيد علي الميرغني رضي الله عنه وسط هذه الهالة من المحبة والولاء وبين هذه المشاهد من المودة والصفاء فما أكرمه من والد نضر الله وجهه بالمحبة والإخلاص وما أعظمه من مولد طابت مآثره وعظمت مفاخره .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

وأنتقل به والده رضوان الله عليهما من دار الشايقية إلى جزيرة أرتولي موطن أمه البرة التقية سليلة بيت الزعامة في قبيلة الإنقرياب المعروفة بالسودان ثم أنتقل به من جزيرة أرتولي موطن أخواله إلى مدينة كسلا وبعدها اصطحبه إلى سواكن عن طريق ميناء مصوع وتوفى والده السيد محمد عثمان الميرغني الأقرب بمصر سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة من الهجرة فعمت الأحزان القطر السوداني والعالم الإسلامي لما كان له من الآثار الظاهرة والأعمال الباهرة بين أبناء أمته السودانية ولما له من المكانة الرفيعة في نفوس المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية وبدأت نشأة مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه في مدينة سواكن التي كانت من أكبر مدن القطر السوداني وإحدى منارات العلم وأخذ في تلقي مبادئ المعرفة بمسجد (الأنوار) الذي أسسه جده السيد محمد عثمان الميرغني الختم وبإشراف عمه الولي العارف السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني وعلي أيدي العلماء الأجلاء والفقهاء المتمكنين من حمل القرآن الكريم وعلماء الشريعة واللغة فحفظ رضي الله عنه القرآن الكريم بالضبط والتجويد والأداء الصحيح وألم بفقه الشريعة ومبادئ اللغة . وكان رضي الله عنه في هذه المرحلة حافظا لما يلقى عليه عظيم الاجتهاد لا يرفع طرفه عن كتابه ولا ينصرف عن درسه إلا للعبادة أو التأمل وتوفيت أمه بمدينة سواكن وعمره تسع سنوات وسافر مع عمه السيد محمد سر الختم الميرغني إلي مصر عن طريق السويس وفي مصر واصل تعليمه علي أيدي الأقطاب من علماء ذلك الزمان من مشايخ الأزهر الشريف المحققين فأستوعب فقه الشريعة ودقائق اللغة بإشراف حكيم وتوجيه سديد من عمه السيد محمد سر الختم الميرغني الذي كان عالما من علماء العصر وحجة في جميع علوم الدين واللغة وأنواع المعارف واسع الإطلاع بهرت نفائس شعره النبوي والصوفي العقول وحركت أشجان القلوب فأختص بهذه المواهب وشمل بهذه البركات ابن أخيه السيد عليا الميرغني الذي بهر العلماء وهو المتعلم وأدهش الأستاذة وهو تلميذ لم تتجاوز سنه العاشرة بما حباه الله من الفطانة النبوية والنجابة الميرغنية . وسافر مع عمه السيد محمد سر الختم الميرغني الي الأقطار الحجازية وعادا بعد أداء فريضة الحج والقيام بمناسكه الكريمة إلى مصر يحفهما رضوان الله وترعاهما عنايته .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

وعاد رضي الله عنه من مصر إلى سواكن حيث توجد مساجد أبائه وأجداده وزواياهم ومعاهد إرشادهم والبقية الصالحة من خلفاء حده الأستاذ الختم وكان من خيرة علماء السودان وفقهائه ومشاهير صالحيه والطليعة المؤمنة من أبناء الطريقة الختمية وأتجه من سواكن إلى مدينة كسلا ورافقه إليها الذين كانوا بها من كبار الخلفاء الأستاذ الختم والذين ذهبوا لاستقباله في سواكن من زعماء العشاير ومشاهير قادتها وأهل الرأي والمكانة , والتأم به في كسلا شمل الرهط النبوي وإنتظمه به عقد البيت الميرغني فأقام إلي جوار جامع جده السيد محمد ا لحسن الميرغني رضي الله عنه وجاء إليه من أم درمان بعد فتحها شقيقه السيد أحمد الميرغني وأين عمه السيد السيد جعفر رضوان الله عليهما . وأخذ رضي الله عنه مع من كان معه من السادة المراغنة يشيد أركان الطريقة ويقيم دعائمها إلي أن غادر كسلا متوجها إلى الخرطوم عن طريق بادية البطانة ألتي خرج أهلها جميعهم لاستقباله وكان موكبه مؤلفا من تلاميذ الأب وخلفاء الجد من أهل العلم والرأي ومن المشهود لهم بالصلاح المعروفين بتقوى الله ومراعاة حرماته ووصل الخرطوم ليراها لأول مرة عام ألف وثلاثمائة وسبعة عشر من الهجرة نهاية ألف وتسعمائة من الميلاد فاستقبلته العاصمة استقبالا لم ير الناس مثيله في تاريخ مدينتهم . أحتشد له فيها جميع السكان من المدينة والضاحية يتقدمه رجال الدين وعلماؤه وأصحاب المكانات الاجتماعية شيبا وشبابا رجالا ونساء وتجلت في هذا الاستقبال شواهد من رسالة الطريقة الختمية ومن آثارها الطيبة التي رسخت في قلوب مريديها والتي غرسها جهاد آبائه وأجداده وغذاها بالإرشاد الحكيم والقيادة المخلصة والهداية القائمة علي الصدق والتجرد وعلي كتاب الله وسنة رسوله فجمع العناصر المختلفة ووحد القلوب المتنافرة ومحا من النفوس عصبية القبيلة ونعرة الإقليم وأصبح المريدون صفا واحدا أخوانا متحابين في الله بمقتضى منوال المريدون صفا واحدا أخوانا متحابين في الله بمقتضى منوال الطرقة تحت رعاية الإسلام .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

وأقام رضي الله عنه من منزل جده السيد محمد الحسن الميرغني بجوار قبة الشيخ خوجلي بالخرطوم بحري وهو المنزل الذي ولد فيه والده السيد محمد عثمان الأقرب كما كانت جميع الدور التي أقام بها وفتحت للمحبين والمريدين والوافدين أبوابها هي منازل والده السيد محمد عثمان الميرغني الأقرب رضوان الله عليه . وِأخذ رضي الله عنه بعد أن أستقر به المقام في نشر الطريقة الختمية وحفلت مجالسه العامرة بالعلماء أهل الرأي ورجال الدين الذين عقدوا علي قيادته الإسلامية الآمال وتطلعوا إلى مقامه الأكبر ومنهجه القويم وإلى مريديه الذين هم الكثرة الراشدة والطلائع الواعية وتطلعوا إلى بركات الأصل ونفحات الفرع لتعويض هذه الأمة عما فاتها وتحقيق آمالها وخلاصها من حكم المستعمر الدخيل الذي لا تقر الشريعة الإسلامية السكوت عليه أو التمكين له في أرض المسلمين يقيم عليها سلطانه ويسيطر عليها بجبروته وقوته .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

وأخذ رضي الله عنه يحث المريدين علي بناء المساجد والزوايا وتطبيق منوال الطريقة الختمية في تكوين المجتمعات والحضرات والروابط والاتحادات ومنظمات الشباب فقام هذا التنظيم الديني في كل قرية بالقطر السوداني وفي كل مدينة فيه بل في كل حي من أحيائه إلي جانب إقامة الشعائر الدينية في جميع هذه المجتمعات متفرقة في أماكنها أو مجتمعة في مكان واحد تملأ السهل ويفيض بها الرحب تنشر الطمأنينة والسلام والمحبة وهي ترفع ألويتها وتردد أناشيدها تفرح المؤمنين وتغيظ الكافرين . فعادت طلائع الختمية الواعية بقيادة مرشدها العظيم الأمن والثقة للنفوس وأشادت بناء ما أنهدم من المساجد والمعاهد وأحيت نار القرآن الكريم وعادت العلماء والفقهاء لمواصلة ما كانوا فيه من نشر العلم وتنوير العقول والاتجاه بأمتنا المسلمة نحو هداها ورشادها وستقبلها .

وعندما أذن الله لدعوة الحق أن تنطلق ولراية الجهاد ان ترفع كانت قيادته رضي الله عنه وكانت منظمات الختمية الحصن الذي ترعرعت فيه الدعوة والمعقل الذي ارتفعت فوقه الراية وبلغت بهم سفينة البلاد شاطئ أمنها بقيادة ربانها الساهر وأستاذها الماهر فلم تضطرب رغم أمواج الأحداث العالية أو تنحرف رغم صخور الطغيان العاتية لأنها سفينة الحق سفينة الختم باسم الله مجراها ومرساها .


يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

كان رضي الله عنه عند العلماء العالم النادر وعند الفقهاء البحر الزاخر وعند كل من سعد بمجلسه واستمع لحديثه الحجة القاطعة والقدوة الكاملة وكان مما أكرمه الله تعالي به المعرفة التامة والإحاطة الشاملة فتحا ألاهيا وإلهاما سماويا وكرامة منه تعالى لميراثه النبوي ومجده الميرغني فقد بهر رضي الله عنه أولئك الذين كانوا يسعون إلي لقائه عند زيارته للسودان من بلاد العالم المختلفة من مشاهير علمائها في العلوم الشرعية وفي علوم الاجتماع والاقتصاد وفي الطب والفلك والتاريخ وفي كل ما أبدع عقل الإنسان من المعارف واكتشف من حقائق الكون وأسراره فيجدون لديه من أخبار ما اكتشفوا وأسرار ما حققوا ما لم يخطر علي بالهم أن يجدوه في مكان غير معاهدهم ومعامله فكانوا يصفونه في رسائلهم بعد أن يعودوا إلي أقطارهم أوفي حديثهم عنه بأنه أحد علماء القرن وأساتذة العالم . وكان رضي الله عنه يستقبل الزائرين والوافدين من أقطار الدنيا المختلفة فيحدثهم عن أوطانهم منذ بداية تكوينها وعناصر عمرانها وتفاصيل حياة أهلها وما عندهم من طباع وعادات وحضارات وكأنما هي ماثلة أمامه وهو الذي لم يسافر ألي هذه الأقطار وكان بعضهم يسأل متى عاد من بلادهم وكيف عرف من أحوالها ما لم يعرفوا واطلع علي ما لم يطلعوا عليه من آثارها وتأخذهم الدهشة عندما يجيب بأنه لم يزرها .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

ومما أكرمه الله تعالى به الاستقامة التامة علي قدم صاحب المعجزات ظاهرا وباطنا والاستمساك بنهجه النبوي وما أبقى له سلفه الصالح دون تفريط لرغبة أو تهاون لرهبة فلقد عرض عليه الحاكمون الملك فرفضه لمعايرته لنهجه الصحيح ومخالفته لرأيه الصريح ولأنه رضى الله عنه صاحب رسالة سامية ينهض بأعبائها الهداة لا الطغاة ويحققها الدين لا الملك ولأن الأمة عنده لم تكن بحاجة إلى تاج يفرضه عليها الحاكم الأجنبي وإنما هي بحاجة إلي القائد المنقذ الذي يقودها إلي ما فيه خيرها وصلاحها وينأى بها عن المزالق التهلكة وقل ما سمعت الآذان قبله من رفض الملك واستهان بالتاج إرضاء لدينه ووفاء لأمته فما أعظما من كرامة وما أكرمها من قيادة . وكانت كرامته التي لا تبارى ومأثرته التي لا تجارى تجديد طريقة جده ختم أهل العارفين التي بلغت بجهاده وإرشاده ذروة انتشارها وحفظت تراث الإسلام في مساجدها وزواياها المنتشرة في البلاد بالهداية والإرشاد والتي تجدها في كل حي من أحياء مدن السودان وفي كل قرية من قراه وبادية من بواديه من بواديه وكانت تلك الزوايا والمساجد بتوجيهه وإرشاده المصادر الطيبة لإعداد أبناء الشعب السوداني إعدادا صحيحا للقيام بواجب التبصير والتنوير والوقوف ضد كل عمل يؤخر خلاص هذه الأمة رزحت تحت أثقاله .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني

ومما أكرمه الله تعالى به وصيته لأبناء أمة قبل أن يترك دنياه الفانية إلي جوار ربه والتي اشتملت علي مبادئه منذ البداية وموقفه الشهيرة وجهاده النبيل المزدان بجسام التضحيات بأن يعملوا الحكم الإسلام وقيام الجمهورية الإسلامية الديمقراطية التي يكون الاحتكام في ظلها والحكم في جميع شؤون أهلها من كتاب الله الكريم وسنة رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم . وفيما أكرمه الله به تحقيق أمته العظيمة ورغبته الكريمة في توحيد صف أبنائه وتلاميذه الذي رعي دعوتهم وبارك جهودهم وكان قدوتهم الطيبة في البذل والجهاد وفي التضحية والوفاء ليواجهوا مستقبل هذه الأمة صفا واحد مؤمنا متماسكا وأن يعملوا إقتداء به ووفاء علي توحيد كلمة الأمة لأن ذلك سبيلها الوحيد إلي إعلاء الشأن وتحقيق الخير فلقي ربه غرير العين بجمع الشمل ورأب الصدع وعند الله جزاءه الكريم وثوابه العظيم . ومما أكرمه الله تعالي به الثبات المكين علي ما أخذ به نفسه الكريمة وموافقته الكبيرة من مبادئ الحق والحرية بالمحافظة علي الإسلام والعروبة في السودان فظل القائد الراعي لكل اتجاه صحيح نحو البلاد الإسلامية والأقطار العربية برقم الصعاب التي اعترضت هذا النهج والقوة الغاشمة التي تصدت لهذا الاتجاه وكانت الصلة بمصر أقرب بلاد العرب والمسلمين للسودان وألصقها به وأكثرها تفاعلا معه في جميع أسباب حياتهما المشتركة علي شاطئ النيل ومجراه تجد عنده رضوان الله عليه الحماية الكاملة والرعاية التامة والصمود الرادع لكل محاولة بذلها الأعداء لقطع الوشيجة وفصم الصلة الدائمة بإذن الله هذا وقد أكرمه الله تعالى بكثير من الكرامات أخذنا بعض منها في هذه السيرة تبركا دون أن نخرج علي ما أخذ به نفسه في حياته من التواضع لله ورد كل أمر إلي حوله تعالى وقوته وقد أكرمه الله تعالى بالكرامات الظاهرة والفتوحات الباهرة فكانت عنده سرا من أسرار القادر الفعال لما يريد سبيلا إلي المباهاة أو وسيلة للمضاهاة وإنما كانت عنده رضى الله عنه مددا من عند الله يقابل بحمد والاعتراف بفضله .

يا رب انعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

كل هذا الذي تقدم فضل الله يؤته من يشاء والله ذو الفضل العظيم هذا الفيض الإلهي والفتح الرباني يسميه أهل العقيدة كرامة وفتحا ويدعوه غيرهم نبوغا وعبقرية وهو في كل حالاته فضل من الله ونعمته ونور منه تعالى ورحمته ينير به بصائر من يصطفيهم من خواص عباده حتى يضئ الطريق أمام المتخبطين وبأخذ بيد الحائرين ومالنا نستبعد ما أختص الله به من اجتباهم وأختارهم من خلص عباده ونحن لا نتشكك في هبات الله لذو العقول الكبيرة ممن توصل إلي تلك الكشوف العلمية المدهشة الاختراعات التي وصل بها الإنسان إلي القمر وغاص في الماء ورأي صورة من يخاطبه عبر القارات وسمع صوت محدثه من وراء المحيطات علي أن الكرامة ليست أمرا مخلوقا للولي وإنما هي أمر يخلقه الله تعالى إكراما لعبد من عبيده ممن أتاهم الحكمة وعلمهم من لدنه علما ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولى الألباب وإذا كانت الكرامة أمرا مخلوقا لله فلا مجال للعقل أن ينكره إلا إذا أنكر الخالق الذي لا يعجزه شي تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا علي أن العلماء من أهل السنة والجماعة مجمعون علي وقوع الكرامة لأنها قد جاء بها الكتاب الكريم والسنة الشريفة وحسبك ما قصد الله تعالى من أمر سيدنا الخضر مع موسى عليه السلام في سورة الكهف وما حكاه جل قدره عن وزير سليمان في سورة النمل من شأن عرش بلقيس وهو قوله تعالى : أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك . وما قصد الله سبحانه وتعالى عن الصديقة مريم أم عيسى من قوله : كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب وما رواه البخاري في صحيحه من الحديث القدسي وهو قوله عليه الصلاة والسلام ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذنه وفي حديث صحيح أن عمر رضي الله عنه وهو يخطب المسلمين بالمدينة المنورة يوم الجمعة أثناء خطبته يا سارية الجبل فسمعه سارية وهو بنهاوند من أرض فارس فنجا من كمين كان العدو قد أعده له .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

كان رضي الله عنه وهو الذي أخضعت رهبته الملوك وألجمت هيبته ألسنة الطغاة والمسيطرين وبهرت حكمته أكابر العلماء والمفكرين كأنما عناه شاعر جده الإمام زين العابدين بقوله . ((فما يخاطب إلا حين يبتسم )) كان يرق لمريديه ويلين لقاصديه يتعرف علي الصغير والكبير من أحوالهم يسأل الحاضر عن الغائب ويدني الفقراء والمساكين من مجلس ويجيب السائل ويغيث اللهيف ويرحم الضعيف ويبسم للقادم ويجلس للقاء المريدين والمحبين كل يومه مهما طال الجلوس وعظم الحشد يصاحب الكتاب في خلوته ويذكر الله كل وقته تهتز أعطافه لسيرة جده صلى الله عليه وسلم وأخبار أهل الصلاح والولاية كان ملكا علي عرش القلوب عند أبناء أمته وكان زاهدا متواضعا في مسكنه وفي حياته الخاصة وبين تلاميذه ومريديه وشجاع في رد الظلمات عن المظلومين واستخلاص الحق من الظالمين وشغوفا عطوفا علي أهل المسكنة والمساكين أسوته في هذا جده المصطفى صلى الله عليه وسلم ونظره في ذلك إلى ربه الذي لحق به راضيا مرضيا .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

ولما أختاره الله تعالى لقربه وجواره في يوم الأربعاء الثالث والعشرون من ذوالقعدة عام 1387 هجرية ألف وثلاثمائة وسبعة وثمانين الموافق للحادي والعشرين من فبراير عام 1968 م ألف وتسعمائة وثمانية وستين كان ذلك اليوم يوم الهول العظيم والخطب الجسيم فما أذيع نعيه للدنيا وأعلن رحيله لسكان المعمورة حتى أصبح العالم الإسلامي في فقده وطنا وقلبا واحدا يخفق باللوعة وصوتا واحد يرتفع بالعويل أو يجهش بالبكاء وعرف أبناء أمته في ذلك اليوم معنى شدة الهول وفخامة الفاجعة فبكي من الرجال أشدهم ثباتا وأضطرب من القوم أعظمهم تماسكا وعادت البلاد كلها زلزال راجفا وهرعت الجموع من كل طريق رجالا ونساء شيبا وشبابا ساعة سماعهم لنعيه من أقاصي البلاد نحو الخرطوم ذهلت المرضعة عن رضيعها وترك كل ذي عمل عمله وجاءوا إلي الخرطوم أفواجا بمختلف وسائل السفر والارتحال يغسل الدمع عن وجوههم الغبار وتصهر الشمس فوق رؤوسهم التراب . أما في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري والقرى المحيطة بهذه المدن فقد كانت جميعها دارا واحدة ثكلت وحيدها وفقدت عميدها قبل أن يجئ المساء الأول لوفاته رضي الله عنه كانت الأمة كلها نشيجا ودموعا لا شئ في العيون إلا الدمع والسهر وقضت نهار اليوم التالي كما يقضيه الثاكل علي المكروب ولقد عجز أولئك الذين اشتركوا في ذلك المشهد الرهيب والموكب الضخم العظيم الذي شيع الجسمان الطاهر إلي مقره الأخير عجزوا أن يحصوا ذلك الحشد عدا أو يقدروه فرضا فما استطاعوا إلى شي من ذلك سبيلا إذا كان فوق ما تصور الإنسان ويتخيل فقد كاد ينتظم السودان جميعه فقد سالت الطرقات بالمشيعين وفاضت بهم السبل وضاقت عليهم العاصمة المثلثة بما رحبت وحسبك أن تتصور موكبا بلغ أوله الخرطوم بحري بينما كان وسطه في امدرمان وآخره في الخرطوم حيث بدأت المسيرة من سرايا سيادته رضي الله عنه آخذة طريقها إلي جسر النيل الأبيض فجسر شمبات ثم اتخذت نحو القبلة حيث ضريحه الطاهر في الخرطوم بحري فكأنما أراد الله له أن يودع العاصمة المثلثة جميعها .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

فيا لهول ذلك اليوم الذي ما كان إلي احتماله من سبيل لولا إن نهض بين هذه المئات من الألوف المألفة وفي هذا المشهد الممتد في العاصمة المثلثة من أقصاها إلى أقصاها وورث بركاته ورافع للوائه تلميذه الأول خلفيته المرتضى مولانا السيد محمدعثمان الميرغني يكسوه جلال الوصية وتحيط به روعة الخلافة يكفكف الدمع ويخفف لواعج الحزن ويصلي عليه إماما وينزل في قبره بشآبيب الرحمة وأنوار الرضوان أمد الله في عمره وأمده بما يجعله امتدادا لذلك الفيض وازديادا من تلك النفحات وقد أكرم الله تعالى المحبين والمريدين والمواطنين وأعانهم علي قبول قضاء الله تعالى واختياره أنه رضي الله عنه ترك فينا بعده فيما من ترك من البركات أبنه وخليفته مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وشقيقه السيد أحمد الميرغني كاملين بأدب الإرث وأدب الدرس .

يا رب أنعم بقرب منك متصل علي كريم السجايا الميرغني علي

هذا ولنرفع أكف الابتهال والضراعة إلى رب البرية ونحمده تعالى حمدا يليق بعظمته ويكافئ نعمته ونصلى ونسلم علي سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وآله سفن النجاة وأصحاب التقاة الهداة . ونسألك اللهم أن تنزل علي ضريح صاحب هذه الذكرى التى أقمناها إيمانا بك وتقربا إلي نبيك بحب آل بيته وافر الرحمات وأوفى البركات منعما بجوارك متمتعا بقربه منك وثوابه لديك فقد كان فينا قائما بحق ناصر لدينك مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك , ونسألك اللهم أن تعقد اليمن بلواء القائم فينا بالأمر من بعده شيخنا ومرشدنا مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وأن تجعله بفضلك الواسع وتوفيقك الجامع إماما للمتقين وسندا للمسلمين وكنفا للائذين وهاديا للمريدين اللهم أشدد أزره وبارك سعيه وأحفظ له الأهل والولد ونسألك اللهم أن تتولى برعايتك السادة المراغنة آل بيت نبيك وبضعة نوره وأجعلهم دعاة للخير هداة للناس وأصلح بهم العباد والبلاد ونسألك اللهم أن تكون عونا وسندا للأمة السودانية في توحيد جهود أبناءها وصلاح نورها وإعلاء شأنها بالإسلام وأجعل به قوام أمرها وصلاح حالها ونجاح سعيها ونسألك الله للمسلمين في كافة أقطارهم قوة توحد صفهم وتجمع شملهم ويستعيدون بها مجد الإسلام حتى يعم بنوره الأرض ويصلح بكتابه البشر ونسألك اللهم لأمتنا العربية نصرا علي أعداءها وأن لا يكون في جميع أقطارها مغلوب علي أمره مستعبد في دياره حتى تصدق في أرجاءها كلمتك فتكون خير أمة أخرجت للناس والحمد لله رب العالمين .




مصطفى علي غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى علي ; 02-15-2010 الساعة 02:42 AM.
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع مصطفى علي مشاركات 12 المشاهدات 19871  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه