القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > مكتبة الميرغني الإليكترونية
التسجيل التعليمات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة

فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه

مكتبة الميرغني الإليكترونية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-2013, 12:24 PM   #281
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ فَحَوَّلَهُ الْإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام الخ‏)‏ وجه الدلالة من حديث ابن عباس المذكور أنه صلى الله عليه وسلم لم يبطل صلاة ابن عباس مع كونه قام عن يساره أولا، وعن أحمد تبطل لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقره على ذلك، والأول هو قول الجمهور، بل قال سعيد بن المسيب‏:‏ إن موقف المأموم الواحد يكون عن يسار الإمام، ولم يتابع على ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا فَقَالَ حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ بِذَلِكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد‏)‏ لم أره منسوبا في شيء من الروايات، لكن جزم أبو نعيم في المستخرج بأنه ابن صالح وأخرجه من طريقه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عمرو‏)‏ هو ابن الحارث المصري، وكذا وقع عند أبي نعيم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد ربه‏)‏ بفتح الراء وتشديد الموحدة وهو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين مدنيون على نسق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نمت‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ بت‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأخذني فجعلني‏)‏ قد تقدم أنه أداره من خلفه، واستدل به على أن مثل ذلك من العمل لا يفسد الصلاة كما سيأتي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال عمرو‏)‏ أي ابن الحارث المذكور بالإسناد المذكور إليه، ووهم من زعم أنه من تعليق البخاري، فقد ساقه أبو نعيم مثل سياقه، وبكير المذكور في هذا هو ابن عبد الله بن الأشج، واستفاد عمرو بن الحارث بهذه الرواية عنه العلو برجل‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم الخ‏)‏ لم يجزم يحكم المسألة لما فيه من الاحتمال، لأنه ليس في حديث ابن عباس التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينو الإمامة، كما أنه ليس فيه أنه نوى لا في ابتداء صلاته ولا بعد أن قام ابن عباس فصلى معه، لكن في إيقافه إياه منه موقف المأموم ما يشعر بالثاني، وأما الأول فالأصل عدمه، وهذه المسألة مختلف فيها، والأصح عند الشافعية لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة، واستدل ابن المنذر أيضا بحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في شهر رمضان قال ‏"‏ فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء آخر فقام إلى جنبي حتى كنا رهطا، فلما أحس النبي صلى الله عليه وسلم بنا تجوز في صلاته ‏"‏ الحديث، وهو ظاهر في أنه لم ينو الإمامة ابتداء، وائتموا هم به وأقرهم‏.‏
وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وعلقه البخاري كما سيأتي في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى‏.‏
وذهب أحمد إلى التفرقة بين النافلة والفريضة فشرط أن ينوي في الفريضة دون النافلة، وفيه نظر لحديث أبي سعيد ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وحده فقال‏:‏ ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ‏"‏ أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن سعيد بن جبير‏)‏ هو من أقران أيوب الراوي عنه، ورجال الإسناد كلهم بصريون، وسيأتي الكلام على بقية فوائد حديث ابن عباس المذكور في هذه الأبواب الثلاثة تاما في كتاب الوتر إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ
وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا طول الإمام وكان للرجل‏)‏ أي المأموم ‏(‏حاجة فخرج وصلى‏)‏ وللكشميهني ‏"‏ فصلى ‏"‏ بالفاء، وهذه الترجمة عكس، التي قبلها، لأن في الأولى جواز الائتمام بمن لم ينو الإمامة، وفي الثانية جواز قطع الائتمام بعد الدخول فيه، وأما قوله في الترجمة ‏"‏ فخرج ‏"‏ فيحتمل أنه خرج من القدوة، أو من الصلاة رأسا، أو من المسجد، قال ابن رشيد‏:‏ الظاهر أن المراد خرج إلى منزله فصلى فيه، وهو ظاهر قوله في الحديث ‏"‏ فانصرف الرجل‏"‏‏.‏
قال‏:‏ وكان سبب ذلك قوله صلى الله عليه وسلم الذي رآه يصلي ‏"‏ أصلاتان معا ‏"‏ كما تقدم‏.‏
قلت‏:‏ وليس الواقع كذلك، فإن في رواية النسائي ‏"‏ فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد ‏"‏ وهذا يحتمل أن يكون قطع الصلاة أو القدوة، لكن في مسلم ‏"‏ فانحرف الرجل فسلم ثم صلى وحده‏"‏‏.‏
واعلم أن هذا الحديث رواه عن جابر عمرو بن دينار ومحارب بن دثار وأبو الزبير وعبيد الله بن مقسم، فرواية عمرو للمصنف هنا عن شعبة وفي الأدب عن سليم بن حيان ولمسلم عن ابن عيينة ثلاثتهم عنه، ورواية محارب تأتي بعد بابين، وهي عند النسائي مقرونة بأبي صالح، ورواية أبي الزبير عند مسلم، ورواية عبيد الله عند ابن خزيمة، وله طرق أخرى غير هذه سأذكر ما يحتاج إليه منها معزوا، وإنما قدمت ذكر هذه لتسهل الحوالة عليها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم، والظاهر أن روايته عن شعبة مختصرة كما هنا وكذلك أخرجها البيهقي من طريق محمد بن أيوب الرازي عنه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ الظاهر من قوله ‏"‏ فصلى العشاء الخ ‏"‏ داخل تحت الطريق الأولى، وكان الحامل له على ذلك أنها لو خلت عن ذلك لم تطابق الترجمة ظاهرا‏.‏
لكن لقائل أن يقول‏:‏ إن مراد البخاري بذلك الإشارة إلى أصل الحديث على عادته، واستفاد بالطريق الأولى علو الإسناد، كما أن في الطريق الثانية فائدة التصريح بسماع عمرو من جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد سلم من رواية منصور عن عمرو ‏"‏ عشاء الآخرة ‏"‏ فكأن العشاء هي التي كان يواظب فيها على الصلاة مرتين‏.‏
قوله ‏(‏ثم يرجع فيؤم قومه‏)‏ في رواية منصور المذكورة ‏"‏ فيصلي بهم تلك الصلاة ‏"‏ وللمصنف في الأدب ‏"‏ فيصلي بهم الصلاة ‏"‏ أي المذكورة، وفي هذا رد على من زعم أن المراد أن الصلاة التي كان يصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم غير الصلاة التي كان يصليها بقومه‏.‏
وفي رواية ابن عيينة ‏"‏ فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم ‏"‏ وفي رواية الحميدي عن ابن عيينة ‏"‏ ثم يرجع إلى بني سلمة فيصليها بهم ‏"‏ ولا مخالفة فيه لأن قومه هم بنو سلمة‏.‏
وفي رواية الشافعي عنه ‏"‏ ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة ‏"‏ ولأحمد ‏"‏ ثم يرجع فيؤمنا‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَوْ قَالَ فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ قَالَ عَمْرٌو لَا أَحْفَظُهُمَا
الشرح‏:‏
‏(‏فصلى العشاء‏)‏ كذا في معظم الروايات، ووقع في رواية لأبي عوانة والطحاوي من طريق محارب ‏"‏ صلى بأصحابه المغرب ‏"‏ وكذا لعبد الرزاق من رواية أبي الزبير، فإن حمل على تعدد القصة كما سيأتي أو على أن المراد بالمغرب العشاء مجازا تم، وإلا فما في الصحيح أصح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقرأ بالبقرة‏)‏ استدل به على من يكره أن يقول البقرة بل سورة البقرة، لكن في رواية الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن بشار شيخ البخاري فيه ‏"‏ فقرأ سورة البقرة ‏"‏ ولمسلم عن ابن عيينة نحوه، وللمصنف في الأدب ‏"‏ فقرأ بهم البقرة ‏"‏ فالظاهر أن ذلك من تصرفات الرواة، والمراد أنه ابتدأ في قراءتها، وبه صرح مسلم ولفظه ‏"‏ فافتتح سورة البقرة ‏"‏ وفي رواية محارب ‏"‏ فقرأ بسورة البقرة أو النساء ‏"‏ على الشك، وللسراج من رواية مسعر عن محارب ‏"‏ فقرأ بالبقرة والنساء ‏"‏ كذا رأيته بخط الزكي البرزالي بالواو، فإن كان ضبطه احتمل أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة وفي الثانية بالنساء، ووقع عند أحمد من حديث بريدة بإسناد قوى ‏"‏ فقرأ اقتربت الساعة ‏"‏ وهي شاذة إلا إن حمل على التعدد، ولم يقع في شيء من الطرق المتقدمة تسمية هذا الرجل، لكن روى أبو داود الطيالسي في مسنده والبزار من طريقه عن طالب بن حبيب عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال ‏"‏ مر حزم بن أبي بن كعب بمعاذ بن جبل وهو يصلي بقومه صلاة العتمة فافتتح بسورة طويلة ومع حزم ناضح له ‏"‏ الحديث‏.‏
قال البزار‏:‏ لا نعلم أحدا سماه عن جابر إلا ابن جابر ا ه‏.‏
وقد رواه أبو داود في السنن من وجه آخر عن طالب فجعله عن ابن جابر عن حزم صاحب القصة، وابن جابر لم يدرك حزما‏.‏
ووقع عنده ‏"‏ صلاة المغرب ‏"‏ وهو نحو ما تقدم من الاختلاف في رواية محارب، ورواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر فسماه حازما وكأنه صحفه أخرجه ابن شاهين من طريقه، ورواه أحمد والنسائي وأبو يعلى وابن السكن بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال ‏"‏ كان معاذ يؤم قومه فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله ‏"‏ الحديث كذا فيه براء بعدها ألف، وظن بعضهم أنه حرام بن ملحان خال أنس وبذلك جزم الخطيب في المبهمات، لكن لم أره منسوبا في الرواية، ويحتمل أن يكون تصحيفا من حزم فتجتمع هذه الروايات، وإلى ذلك يومئ صنيع ابن عبد البر فإنه ذكر في الصحابة حرام بن أبي بن كعب وذكر له‏.‏
هذه القصة، وعزا تسميته لرواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس، ولم أقف في رواية عبد العزيز على تسمية أبيه وكأنه بنى على أن اسمه تصحف والأب واحد، سماه جابر ولم يسمه أنس، وجاء في تسميته قول آخر أخرجه أحمد أيضا من رواية معاذ بن رفاعة عن رجل من بني سلمة يقال له سليم أنه ‏"‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي الله، إنا نظل في أعمالنا فنأتي حين نمسي فنصلي، فيأتي معاذ بن جبل فينادي بالصلاة فنأتيه فيطول علينا ‏"‏ الحديث، وفيه أنه استشهد بأحد، وهذا مرسل لأن معاذ بن رفاعة لم يدركه، وقد رواه الطحاوي والطبراني من هذا الوجه عن معاذ ابن رفاعة أن رجلا من بني سلمة فذكره مرسلا، ورواه البزار من وجه آخر عن جابر وسماه سليما أيضا، لكن وقع عند ابن حزم من هذا الوجه أن اسمه سلم بفتح أوله وسكون اللام وكأنه تصحيف والله أعلم‏.‏
وجمع بعضهم بين هذا الاختلاف بأنهما واقعتان، وأيد ذلك بالاختلاف في الصلاة هل هي العشاء أو المغرب وبالاختلاف في السورة هل هي البقرة أو اقتربت، وبالاختلاف في عذر الرجل هل هو لأجل التطويل فقط لكونه جاء من العمل وهو تعبان أو لكونه أراد أن يسقي نخله إذ ذاك أو لكونه خاف على الماء في النخل كما في حديث بريدة‏.‏
واستشكل هذا الجمع لأنه لا يظن بمعاذ أنه صلى الله عليه وسلم يأمره بالتخفيف ثم يعود إلى التطويل، ويجاب عن ذلك باحتمال أن يكون قرأ أولا بالبقرة فلما نهاه قرأ اقتربت وهي طويلة بالنسبة إلى السور التي أمره أن يقرأ بها كما سيأتي، ويحتمل أن يكون النهي أولا وقع لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنت نفوسهم بالإسلام ظن أن المانع زال فقرأ باقتربت لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فصادف صاحب الشغل، وجمع النووي باحتمال أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة فانصرف رجل، ثم قرأ اقتربت في الثانية فانصرف آخر‏.‏
ووقع في رواية أبي الزبير عند مسلم ‏"‏ فانطلق رجل منا ‏"‏ وهذا يدل على أنه كان من بني سلمة، ويقوى رواية من سماه سليما، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانصرف الرجل‏)‏ اللام فيه للعهد الذهني، ويحتمل أن يراد به الجنس، فكأنه قال واحد من الرجال، لأن المعرف تعريف الجنس كالنكرة في مؤداه‏.‏
ووقع في رواية الإسماعيلي ‏"‏ فقام رجل فانصرف ‏"‏ وفي رواية سليم بن حيان ‏"‏ فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة ‏"‏ ولابن عيينة عند مسلم ‏"‏ فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده ‏"‏ وهو ظاهر في أنه قطع الصلاة، لكن ذكر البيهقي أن محمد بن عباد شيخ مسلم تفرد عن ابن عيينة بقوله ‏"‏ ثم سلم‏"‏، وأن الحفاظ من أصحاب ابن عيينة وكذا من أصحاب شيخه عمرو بن دينار وكذا من أصحاب جابر لم يذكروا السلام، وكأنه فهم أن هذه اللفظة تدل على أن الرجل قطع الصلاة لأن السلام يتحلل به من الصلاة، وسائر الروايات تدل على أنه قطع القدوة فقط ولم يخرج من الصلاة بل استمر فيها منفردا‏.‏
قال الرافعي في ‏"‏ شرح المسند ‏"‏ في الكلام على رواية الشافعي عن ابن عيينة في هذا الحديث ‏"‏ فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده‏"‏‏.‏
هذا يحتمل من جهة اللفظ أنه قطع الصلاة وتنحى عن موضع صلاته واستأنفها لنفسه، لكنه غير محمول عليه لأن الفرض لا يقطع بعد الشروع فيه‏.‏
انتهى‏.‏
ولهذا استدل به الشافعية على أن للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا‏.‏
ونازع النووي فيه فقال‏:‏ لا دلالة فيه لأنه ليس فيه أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في الرواية التي فيها أنه سلم دليل على أنه قطع الصلاة من أصلها ثم استأنفها، فيدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكأن معاذ ينال منه‏)‏ وللمستملى ‏"‏ تناول منه ‏"‏ وللكشميهني ‏"‏ فكأن - بهمزة ونون مشددة - معاذا تناول منه ‏"‏ والأولى تدل على كثرة ذلك منه بخلاف الثانية، ومعنى ينال منه أو تناوله‏:‏ ذكره بسوء، وقد فسره في رواية سليم بن حيان ولفظه ‏"‏ فبلغ ذلك معاذا فقال إنه منافق ‏"‏ وكذا لأبي الزبير، ولابن عيينة ‏"‏ فقالوا له‏:‏ أنافقت يا فلان‏؟‏ قال‏:‏ لا، والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه ‏"‏ وكأن معاذا قال ذلك أولا ثم قاله أصحاب معاذ للرجل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ بين ابن عيينة في روايته وكذا محارب وأبو الزبير أنه الذي جاء فاشتكى من معاذ‏.‏
وفي رواية النسائي ‏"‏ فقال معاذ‏:‏ لئن أصبحت لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأرسل إليه فقال‏:‏ ما حملك على الذي صنعت‏؟‏ فقال‏:‏ يا رسول الله عملت على ناضح لي ‏"‏ فذكر الحديث، وكأن معاذل سبقه بالشكوى، فلما أرسل إليه جاء فاشتكى من معاذ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال فتان‏)‏ في رواية ابن عيينة ‏"‏ أفتان أنت ‏"‏ زاد محارب ‏"‏ ثلاثا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو قال فاتنا‏)‏ شك من الراوي، وهو منصوب على أنه خبر كان المقدرة‏.‏
وفي رواية أبي الزبير ‏"‏ أتريد أن تكون فاتنا ‏"‏ ولأحمد في حديث معاذ بن رفاعة المتقدم ‏"‏ يا معاذ لا تكن فاتنا ‏"‏ وزاد في حديث أنس ‏"‏ لا تطول بهم ‏"‏ ومعنى الفتنة هاهنا أن التطويل يكون سببا لخروجهم من الصلاة وللتكره للصلاة في الجماعة، وروى البيهقي في الشعب بإسناد صحيح عن عمر قال ‏"‏ لا تبغضوا إلى الله عباده صلى الله عليه وسلم يكون أحدكم إماما فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض إليهم ما هم فيه‏"‏‏.‏
وقال الداودي‏:‏ يحتمل أن يريد بقوله ‏"‏ فتان ‏"‏ أي معذب لأنه عذبهم بالتطويل، ومنه قول الله تعالى ‏(‏إن الذين فتنوا المؤمنين‏)‏ قيل معناه عذبوهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمره بسورتين من أوسط المفصل، قال عمرو‏)‏ أي ابن دينار ‏(‏لا أحفظهما‏)‏ وكأنه قال ذلك في حال تحديثه لشعبة، وإلا ففي رواية سليم بن حيان عن عمرو ‏"‏ اقرأ والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى ونحوها‏"‏‏.‏
وقال في رواية ابن عيينة عند مسلم ‏"‏ اقرأ بكذا واقرأ بكذا ‏"‏ قال ابن عيينة‏:‏ فقلت لعمرو إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال ‏"‏ اقرأ بالشمس وضحاها والليل إذا يغشى وبسبح اسم ربك الأعلى ‏"‏ فقال عمرو نحو هذا، وجزم بذلك محارب في حديثه عن جابر‏.‏
وفي رواية الليث عن أبي الزبير عند مسلم مع الثلاثة ‏"‏ اقرأ باسم ربك ‏"‏ زاد ابن جريج عن أبي الزبير ‏"‏ والضحى ‏"‏ أخرجه عبد الرزاق‏.‏
وفي رواية الحميدي عن ابن عيينة مع الثلاثة الأول ‏"‏ والسماء ذات البروج والسماء والطارق ‏"‏ وفي المراد بالمفصل أقوال ستأتي في فضائل القرآن أصحها أنه من أول ق إلى آخر القرآن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أوسط‏)‏ يحتمل أن يريد به المتوسط والسور التي مثل بها من قصار المتوسط، ويحتمل أن يريد به المعتدل أي المناسب للحال من المفصل، والله أعلم‏.‏
واستدل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، بناء على أن معاذا كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل، ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدار قطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد ‏"‏ هي له تطوع ولهم فريضة ‏"‏ وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه، فقول ابن الجوزي إنه لا يصح مردود، وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح في صحته، لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذا عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عددا فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها‏.‏
وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضموما إلى الحديث فهو منه ولا سيما إذا روى من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعا لعمرو بن دينار عنه، وقول الطحاوي هو ظن من جابر مردود لأن جابرا كان ممن يصلي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه‏.‏
وأما احتجاج أصحابنا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ‏"‏ فليس بجيد، لأن حاصله النهي عن التلبس بصلاة غير التي أقيمت من غير تعرض لنية فرض أو نفل، ولو تعينت نية الفريضة لامتنع على معاذ أن يصلي الثانية بقومه لأنها ليست حينئذ فرضا له، وكذلك قول بعض أصحابنا لا يظن بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد، فإنه وإن كان فيه نوع ترجيح لكن للمخالف أن يقول‏:‏ إذا كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتباع، وكذلك قول الخطابي إن العشاء في قوله ‏"‏ كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ‏"‏ حقيقة في المفروضة، فلا يقال كان ينوي بها التطوع لأن لمخالفه أن يقول‏:‏ هذا لا ينافي أن ينوي بها التنفل‏.‏
وأما قول ابن حزم‏:‏ إن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعا فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم‏؟‏ فهذا إن كان كما قال نقص قوي، وأسلم الأجوبة التمسك بالزيادة المتقدمة‏.‏
وأما قول الطحاوي‏:‏ لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره، فجوابه أنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع هنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيا وأربعون بدريا، قاله ابن حزم، قال‏:‏ ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم‏.‏
وأما قول الطحاوي‏:‏ لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلي مرتين، أي فيكون منسوخا، فقد تعقبه ابن دقيق العيد بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ، وبأنه يلزمه إقامة الدليل على ما ادعاه من إعادة الفريضة ا ه‏.‏
وكأنه لم يقف على كتابه فإنه قد ساق فيه دليل ذلك وهو حديث ابن عمر رفعه ‏"‏ لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين ‏"‏ ومن وجه آخر مرسل ‏"‏ إن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم ثم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فنهاهم ‏"‏ ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقي جمعا بين الحديثين، بل لو قال قائل‏:‏ هذا النهي منسوخ بحديث معاذ، لم يكن بعيدا، ولا يقال القصة قديمة لأن صاحبها استشهد بأحد لأنا نقول‏:‏ كانت أحد في أواخر الثالثة فلا مانع أن يكون النهي في الأولى والإذن في الثالثة مثلا، وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه ‏"‏ إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها نافلة ‏"‏ أخرجه أصحاب السنن من حديث يزيد بن الأسود العامري وصححه ابن خزيمة وغيره، وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل على الجواز أيضا أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن ‏"‏ صلوها في بيوتكم في الوقت ثم اجعلوها معهم نافلة‏"‏‏.‏
وأما استدلال الطحاوي أنه صلى الله عليه وسلم نهي معاذا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث ‏"‏ إما أن تصلي معي وإما أن تخفف بقومك ‏"‏ ودعواه أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف بقومك ولا تصل معي، ففيه نظر لأن لمخالفه أن يقول‏:‏ بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي، وهو أولى من تقديره، لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف لأنه هو المسئول عنه المتنازع فيه، وأما تقوية بعضهم بكونه منسوخا بأن صلاة الخوف وقعت مرارا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن، فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لصلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم مرتين على وجه لا تقع فيه منافاة، فلما لم يفعل دل ذلك على المنع، فجوابه أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف مرتين كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة صريحا، ولمسلم عن جابر نحوه، وأما صلاته بهم على نوع من المخالفة فلبيان الجواز‏.‏
وأما قول بعضهم كان فعل معاذ للضرورة لقلة القراء في ذلك الوقت فهو ضعيف كما قال ابن دقيق العيد، لأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة كان حافظوه كثيرا، وما زاد لا يكون سببا لارتكاب أمر ممنوع منه شرعا في الصلاة‏.‏
وفي حديث الباب من الفوائد أيضا استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين، وأما من قال لا يكره التطويل إذا علم رضاء المأمومين فيشكل عليه أن الإمام قد لا يعلم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة كما في حديث الباب، فعلى هذا يكره التطويل مطلقا إلا إذا فرض في مصل بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم‏.‏
وفيه أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة، وجواز إعادة الواحدة في اليوم الواحد مرتين صلى الله عليه وسلم وجواز خروج المأموم من الصلاة لعذر، وأما بغير عذر فاستدل به بعضهم وتعقب‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ لو كان كذلك لم يكن لأمر الأئمة بالتخفيف فائدة، وفيه نظر لأن فائدة الأمر بالتخفيف المحافظة على صلاة الجماعة، ولا ينافي ذلك جواز الصلاة منفردا، وهذا كما استدل بعضهم بالقصة على وجوب صلاة الجماعة وفيه نحو هذا النظر‏.‏
وفيه جواز صلاة المنفرد في المسجد الذي يصلي فيه بالجماعة إذا كان بعذر‏.‏
وفيه الإنكار بلطف لوقوعه بصورة الاستفهام، ويؤخذ منه تعزيز كل أحد بحسبه، والاكتفاء في التعزيز بالقول، والإنكار في المكروهات، وأما تكراره ثلاثا فللتأكيد، وقد تقدم في العلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه‏.‏
وفيه اعتذار من وقع منه خطأ في الظاهر، وجواز الوقوع في حق من وقع في محذور ظاهر وإن كان له عذر باطن للتنفير عن فعل ذلك، وأنه لا لوم على من فعل ذلك متأولا، وأن التخلف عن الجماعة من صفة المنافق‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:17 PM   #282
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ
وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا طول الإمام وكان للرجل‏)‏ أي المأموم ‏(‏حاجة فخرج وصلى‏)‏ وللكشميهني ‏"‏ فصلى ‏"‏ بالفاء، وهذه الترجمة عكس، التي قبلها، لأن في الأولى جواز الائتمام بمن لم ينو الإمامة، وفي الثانية جواز قطع الائتمام بعد الدخول فيه، وأما قوله في الترجمة ‏"‏ فخرج ‏"‏ فيحتمل أنه خرج من القدوة، أو من الصلاة رأسا، أو من المسجد، قال ابن رشيد‏:‏ الظاهر أن المراد خرج إلى منزله فصلى فيه، وهو ظاهر قوله في الحديث ‏"‏ فانصرف الرجل‏"‏‏.‏
قال‏:‏ وكان سبب ذلك قوله صلى الله عليه وسلم الذي رآه يصلي ‏"‏ أصلاتان معا ‏"‏ كما تقدم‏.‏
قلت‏:‏ وليس الواقع كذلك، فإن في رواية النسائي ‏"‏ فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد ‏"‏ وهذا يحتمل أن يكون قطع الصلاة أو القدوة، لكن في مسلم ‏"‏ فانحرف الرجل فسلم ثم صلى وحده‏"‏‏.‏
واعلم أن هذا الحديث رواه عن جابر عمرو بن دينار ومحارب بن دثار وأبو الزبير وعبيد الله بن مقسم، فرواية عمرو للمصنف هنا عن شعبة وفي الأدب عن سليم بن حيان ولمسلم عن ابن عيينة ثلاثتهم عنه، ورواية محارب تأتي بعد بابين، وهي عند النسائي مقرونة بأبي صالح، ورواية أبي الزبير عند مسلم، ورواية عبيد الله عند ابن خزيمة، وله طرق أخرى غير هذه سأذكر ما يحتاج إليه منها معزوا، وإنما قدمت ذكر هذه لتسهل الحوالة عليها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم، والظاهر أن روايته عن شعبة مختصرة كما هنا وكذلك أخرجها البيهقي من طريق محمد بن أيوب الرازي عنه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ الظاهر من قوله ‏"‏ فصلى العشاء الخ ‏"‏ داخل تحت الطريق الأولى، وكان الحامل له على ذلك أنها لو خلت عن ذلك لم تطابق الترجمة ظاهرا‏.‏
لكن لقائل أن يقول‏:‏ إن مراد البخاري بذلك الإشارة إلى أصل الحديث على عادته، واستفاد بالطريق الأولى علو الإسناد، كما أن في الطريق الثانية فائدة التصريح بسماع عمرو من جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد سلم من رواية منصور عن عمرو ‏"‏ عشاء الآخرة ‏"‏ فكأن العشاء هي التي كان يواظب فيها على الصلاة مرتين‏.‏
قوله ‏(‏ثم يرجع فيؤم قومه‏)‏ في رواية منصور المذكورة ‏"‏ فيصلي بهم تلك الصلاة ‏"‏ وللمصنف في الأدب ‏"‏ فيصلي بهم الصلاة ‏"‏ أي المذكورة، وفي هذا رد على من زعم أن المراد أن الصلاة التي كان يصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم غير الصلاة التي كان يصليها بقومه‏.‏
وفي رواية ابن عيينة ‏"‏ فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم ‏"‏ وفي رواية الحميدي عن ابن عيينة ‏"‏ ثم يرجع إلى بني سلمة فيصليها بهم ‏"‏ ولا مخالفة فيه لأن قومه هم بنو سلمة‏.‏
وفي رواية الشافعي عنه ‏"‏ ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة ‏"‏ ولأحمد ‏"‏ ثم يرجع فيؤمنا‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَوْ قَالَ فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ قَالَ عَمْرٌو لَا أَحْفَظُهُمَا
الشرح‏:‏
‏(‏فصلى العشاء‏)‏ كذا في معظم الروايات، ووقع في رواية لأبي عوانة والطحاوي من طريق محارب ‏"‏ صلى بأصحابه المغرب ‏"‏ وكذا لعبد الرزاق من رواية أبي الزبير، فإن حمل على تعدد القصة كما سيأتي أو على أن المراد بالمغرب العشاء مجازا تم، وإلا فما في الصحيح أصح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقرأ بالبقرة‏)‏ استدل به على من يكره أن يقول البقرة بل سورة البقرة، لكن في رواية الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن بشار شيخ البخاري فيه ‏"‏ فقرأ سورة البقرة ‏"‏ ولمسلم عن ابن عيينة نحوه، وللمصنف في الأدب ‏"‏ فقرأ بهم البقرة ‏"‏ فالظاهر أن ذلك من تصرفات الرواة، والمراد أنه ابتدأ في قراءتها، وبه صرح مسلم ولفظه ‏"‏ فافتتح سورة البقرة ‏"‏ وفي رواية محارب ‏"‏ فقرأ بسورة البقرة أو النساء ‏"‏ على الشك، وللسراج من رواية مسعر عن محارب ‏"‏ فقرأ بالبقرة والنساء ‏"‏ كذا رأيته بخط الزكي البرزالي بالواو، فإن كان ضبطه احتمل أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة وفي الثانية بالنساء، ووقع عند أحمد من حديث بريدة بإسناد قوى ‏"‏ فقرأ اقتربت الساعة ‏"‏ وهي شاذة إلا إن حمل على التعدد، ولم يقع في شيء من الطرق المتقدمة تسمية هذا الرجل، لكن روى أبو داود الطيالسي في مسنده والبزار من طريقه عن طالب بن حبيب عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال ‏"‏ مر حزم بن أبي بن كعب بمعاذ بن جبل وهو يصلي بقومه صلاة العتمة فافتتح بسورة طويلة ومع حزم ناضح له ‏"‏ الحديث‏.‏
قال البزار‏:‏ لا نعلم أحدا سماه عن جابر إلا ابن جابر ا ه‏.‏
وقد رواه أبو داود في السنن من وجه آخر عن طالب فجعله عن ابن جابر عن حزم صاحب القصة، وابن جابر لم يدرك حزما‏.‏
ووقع عنده ‏"‏ صلاة المغرب ‏"‏ وهو نحو ما تقدم من الاختلاف في رواية محارب، ورواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر فسماه حازما وكأنه صحفه أخرجه ابن شاهين من طريقه، ورواه أحمد والنسائي وأبو يعلى وابن السكن بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال ‏"‏ كان معاذ يؤم قومه فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله ‏"‏ الحديث كذا فيه براء بعدها ألف، وظن بعضهم أنه حرام بن ملحان خال أنس وبذلك جزم الخطيب في المبهمات، لكن لم أره منسوبا في الرواية، ويحتمل أن يكون تصحيفا من حزم فتجتمع هذه الروايات، وإلى ذلك يومئ صنيع ابن عبد البر فإنه ذكر في الصحابة حرام بن أبي بن كعب وذكر له‏.‏
هذه القصة، وعزا تسميته لرواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس، ولم أقف في رواية عبد العزيز على تسمية أبيه وكأنه بنى على أن اسمه تصحف والأب واحد، سماه جابر ولم يسمه أنس، وجاء في تسميته قول آخر أخرجه أحمد أيضا من رواية معاذ بن رفاعة عن رجل من بني سلمة يقال له سليم أنه ‏"‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي الله، إنا نظل في أعمالنا فنأتي حين نمسي فنصلي، فيأتي معاذ بن جبل فينادي بالصلاة فنأتيه فيطول علينا ‏"‏ الحديث، وفيه أنه استشهد بأحد، وهذا مرسل لأن معاذ بن رفاعة لم يدركه، وقد رواه الطحاوي والطبراني من هذا الوجه عن معاذ ابن رفاعة أن رجلا من بني سلمة فذكره مرسلا، ورواه البزار من وجه آخر عن جابر وسماه سليما أيضا، لكن وقع عند ابن حزم من هذا الوجه أن اسمه سلم بفتح أوله وسكون اللام وكأنه تصحيف والله أعلم‏.‏
وجمع بعضهم بين هذا الاختلاف بأنهما واقعتان، وأيد ذلك بالاختلاف في الصلاة هل هي العشاء أو المغرب وبالاختلاف في السورة هل هي البقرة أو اقتربت، وبالاختلاف في عذر الرجل هل هو لأجل التطويل فقط لكونه جاء من العمل وهو تعبان أو لكونه أراد أن يسقي نخله إذ ذاك أو لكونه خاف على الماء في النخل كما في حديث بريدة‏.‏
واستشكل هذا الجمع لأنه لا يظن بمعاذ أنه صلى الله عليه وسلم يأمره بالتخفيف ثم يعود إلى التطويل، ويجاب عن ذلك باحتمال أن يكون قرأ أولا بالبقرة فلما نهاه قرأ اقتربت وهي طويلة بالنسبة إلى السور التي أمره أن يقرأ بها كما سيأتي، ويحتمل أن يكون النهي أولا وقع لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنت نفوسهم بالإسلام ظن أن المانع زال فقرأ باقتربت لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فصادف صاحب الشغل، وجمع النووي باحتمال أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة فانصرف رجل، ثم قرأ اقتربت في الثانية فانصرف آخر‏.‏
ووقع في رواية أبي الزبير عند مسلم ‏"‏ فانطلق رجل منا ‏"‏ وهذا يدل على أنه كان من بني سلمة، ويقوى رواية من سماه سليما، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانصرف الرجل‏)‏ اللام فيه للعهد الذهني، ويحتمل أن يراد به الجنس، فكأنه قال واحد من الرجال، لأن المعرف تعريف الجنس كالنكرة في مؤداه‏.‏
ووقع في رواية الإسماعيلي ‏"‏ فقام رجل فانصرف ‏"‏ وفي رواية سليم بن حيان ‏"‏ فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة ‏"‏ ولابن عيينة عند مسلم ‏"‏ فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده ‏"‏ وهو ظاهر في أنه قطع الصلاة، لكن ذكر البيهقي أن محمد بن عباد شيخ مسلم تفرد عن ابن عيينة بقوله ‏"‏ ثم سلم‏"‏، وأن الحفاظ من أصحاب ابن عيينة وكذا من أصحاب شيخه عمرو بن دينار وكذا من أصحاب جابر لم يذكروا السلام، وكأنه فهم أن هذه اللفظة تدل على أن الرجل قطع الصلاة لأن السلام يتحلل به من الصلاة، وسائر الروايات تدل على أنه قطع القدوة فقط ولم يخرج من الصلاة بل استمر فيها منفردا‏.‏
قال الرافعي في ‏"‏ شرح المسند ‏"‏ في الكلام على رواية الشافعي عن ابن عيينة في هذا الحديث ‏"‏ فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده‏"‏‏.‏
هذا يحتمل من جهة اللفظ أنه قطع الصلاة وتنحى عن موضع صلاته واستأنفها لنفسه، لكنه غير محمول عليه لأن الفرض لا يقطع بعد الشروع فيه‏.‏
انتهى‏.‏
ولهذا استدل به الشافعية على أن للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا‏.‏
ونازع النووي فيه فقال‏:‏ لا دلالة فيه لأنه ليس فيه أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في الرواية التي فيها أنه سلم دليل على أنه قطع الصلاة من أصلها ثم استأنفها، فيدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكأن معاذ ينال منه‏)‏ وللمستملى ‏"‏ تناول منه ‏"‏ وللكشميهني ‏"‏ فكأن - بهمزة ونون مشددة - معاذا تناول منه ‏"‏ والأولى تدل على كثرة ذلك منه بخلاف الثانية، ومعنى ينال منه أو تناوله‏:‏ ذكره بسوء، وقد فسره في رواية سليم بن حيان ولفظه ‏"‏ فبلغ ذلك معاذا فقال إنه منافق ‏"‏ وكذا لأبي الزبير، ولابن عيينة ‏"‏ فقالوا له‏:‏ أنافقت يا فلان‏؟‏ قال‏:‏ لا، والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه ‏"‏ وكأن معاذا قال ذلك أولا ثم قاله أصحاب معاذ للرجل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ بين ابن عيينة في روايته وكذا محارب وأبو الزبير أنه الذي جاء فاشتكى من معاذ‏.‏
وفي رواية النسائي ‏"‏ فقال معاذ‏:‏ لئن أصبحت لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأرسل إليه فقال‏:‏ ما حملك على الذي صنعت‏؟‏ فقال‏:‏ يا رسول الله عملت على ناضح لي ‏"‏ فذكر الحديث، وكأن معاذل سبقه بالشكوى، فلما أرسل إليه جاء فاشتكى من معاذ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقال فتان‏)‏ في رواية ابن عيينة ‏"‏ أفتان أنت ‏"‏ زاد محارب ‏"‏ ثلاثا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو قال فاتنا‏)‏ شك من الراوي، وهو منصوب على أنه خبر كان المقدرة‏.‏
وفي رواية أبي الزبير ‏"‏ أتريد أن تكون فاتنا ‏"‏ ولأحمد في حديث معاذ بن رفاعة المتقدم ‏"‏ يا معاذ لا تكن فاتنا ‏"‏ وزاد في حديث أنس ‏"‏ لا تطول بهم ‏"‏ ومعنى الفتنة هاهنا أن التطويل يكون سببا لخروجهم من الصلاة وللتكره للصلاة في الجماعة، وروى البيهقي في الشعب بإسناد صحيح عن عمر قال ‏"‏ لا تبغضوا إلى الله عباده صلى الله عليه وسلم يكون أحدكم إماما فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض إليهم ما هم فيه‏"‏‏.‏
وقال الداودي‏:‏ يحتمل أن يريد بقوله ‏"‏ فتان ‏"‏ أي معذب لأنه عذبهم بالتطويل، ومنه قول الله تعالى ‏(‏إن الذين فتنوا المؤمنين‏)‏ قيل معناه عذبوهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمره بسورتين من أوسط المفصل، قال عمرو‏)‏ أي ابن دينار ‏(‏لا أحفظهما‏)‏ وكأنه قال ذلك في حال تحديثه لشعبة، وإلا ففي رواية سليم بن حيان عن عمرو ‏"‏ اقرأ والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى ونحوها‏"‏‏.‏
وقال في رواية ابن عيينة عند مسلم ‏"‏ اقرأ بكذا واقرأ بكذا ‏"‏ قال ابن عيينة‏:‏ فقلت لعمرو إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال ‏"‏ اقرأ بالشمس وضحاها والليل إذا يغشى وبسبح اسم ربك الأعلى ‏"‏ فقال عمرو نحو هذا، وجزم بذلك محارب في حديثه عن جابر‏.‏
وفي رواية الليث عن أبي الزبير عند مسلم مع الثلاثة ‏"‏ اقرأ باسم ربك ‏"‏ زاد ابن جريج عن أبي الزبير ‏"‏ والضحى ‏"‏ أخرجه عبد الرزاق‏.‏
وفي رواية الحميدي عن ابن عيينة مع الثلاثة الأول ‏"‏ والسماء ذات البروج والسماء والطارق ‏"‏ وفي المراد بالمفصل أقوال ستأتي في فضائل القرآن أصحها أنه من أول ق إلى آخر القرآن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أوسط‏)‏ يحتمل أن يريد به المتوسط والسور التي مثل بها من قصار المتوسط، ويحتمل أن يريد به المعتدل أي المناسب للحال من المفصل، والله أعلم‏.‏
واستدل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، بناء على أن معاذا كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل، ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدار قطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد ‏"‏ هي له تطوع ولهم فريضة ‏"‏ وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه، فقول ابن الجوزي إنه لا يصح مردود، وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح في صحته، لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذا عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عددا فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها‏.‏
وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضموما إلى الحديث فهو منه ولا سيما إذا روى من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعا لعمرو بن دينار عنه، وقول الطحاوي هو ظن من جابر مردود لأن جابرا كان ممن يصلي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه‏.‏
وأما احتجاج أصحابنا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ‏"‏ فليس بجيد، لأن حاصله النهي عن التلبس بصلاة غير التي أقيمت من غير تعرض لنية فرض أو نفل، ولو تعينت نية الفريضة لامتنع على معاذ أن يصلي الثانية بقومه لأنها ليست حينئذ فرضا له، وكذلك قول بعض أصحابنا لا يظن بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد، فإنه وإن كان فيه نوع ترجيح لكن للمخالف أن يقول‏:‏ إذا كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتباع، وكذلك قول الخطابي إن العشاء في قوله ‏"‏ كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ‏"‏ حقيقة في المفروضة، فلا يقال كان ينوي بها التطوع لأن لمخالفه أن يقول‏:‏ هذا لا ينافي أن ينوي بها التنفل‏.‏
وأما قول ابن حزم‏:‏ إن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعا فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم‏؟‏ فهذا إن كان كما قال نقص قوي، وأسلم الأجوبة التمسك بالزيادة المتقدمة‏.‏
وأما قول الطحاوي‏:‏ لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره، فجوابه أنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع هنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيا وأربعون بدريا، قاله ابن حزم، قال‏:‏ ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم‏.‏
وأما قول الطحاوي‏:‏ لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلي مرتين، أي فيكون منسوخا، فقد تعقبه ابن دقيق العيد بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ، وبأنه يلزمه إقامة الدليل على ما ادعاه من إعادة الفريضة ا ه‏.‏
وكأنه لم يقف على كتابه فإنه قد ساق فيه دليل ذلك وهو حديث ابن عمر رفعه ‏"‏ لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين ‏"‏ ومن وجه آخر مرسل ‏"‏ إن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم ثم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فنهاهم ‏"‏ ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقي جمعا بين الحديثين، بل لو قال قائل‏:‏ هذا النهي منسوخ بحديث معاذ، لم يكن بعيدا، ولا يقال القصة قديمة لأن صاحبها استشهد بأحد لأنا نقول‏:‏ كانت أحد في أواخر الثالثة فلا مانع أن يكون النهي في الأولى والإذن في الثالثة مثلا، وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه ‏"‏ إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها نافلة ‏"‏ أخرجه أصحاب السنن من حديث يزيد بن الأسود العامري وصححه ابن خزيمة وغيره، وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل على الجواز أيضا أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن ‏"‏ صلوها في بيوتكم في الوقت ثم اجعلوها معهم نافلة‏"‏‏.‏
وأما استدلال الطحاوي أنه صلى الله عليه وسلم نهي معاذا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث ‏"‏ إما أن تصلي معي وإما أن تخفف بقومك ‏"‏ ودعواه أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف بقومك ولا تصل معي، ففيه نظر لأن لمخالفه أن يقول‏:‏ بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي، وهو أولى من تقديره، لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف لأنه هو المسئول عنه المتنازع فيه، وأما تقوية بعضهم بكونه منسوخا بأن صلاة الخوف وقعت مرارا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن، فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لصلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم مرتين على وجه لا تقع فيه منافاة، فلما لم يفعل دل ذلك على المنع، فجوابه أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف مرتين كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة صريحا، ولمسلم عن جابر نحوه، وأما صلاته بهم على نوع من المخالفة فلبيان الجواز‏.‏
وأما قول بعضهم كان فعل معاذ للضرورة لقلة القراء في ذلك الوقت فهو ضعيف كما قال ابن دقيق العيد، لأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة كان حافظوه كثيرا، وما زاد لا يكون سببا لارتكاب أمر ممنوع منه شرعا في الصلاة‏.‏
وفي حديث الباب من الفوائد أيضا استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين، وأما من قال لا يكره التطويل إذا علم رضاء المأمومين فيشكل عليه أن الإمام قد لا يعلم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة كما في حديث الباب، فعلى هذا يكره التطويل مطلقا إلا إذا فرض في مصل بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم‏.‏
وفيه أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة، وجواز إعادة الواحدة في اليوم الواحد مرتين صلى الله عليه وسلم وجواز خروج المأموم من الصلاة لعذر، وأما بغير عذر فاستدل به بعضهم وتعقب‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ لو كان كذلك لم يكن لأمر الأئمة بالتخفيف فائدة، وفيه نظر لأن فائدة الأمر بالتخفيف المحافظة على صلاة الجماعة، ولا ينافي ذلك جواز الصلاة منفردا، وهذا كما استدل بعضهم بالقصة على وجوب صلاة الجماعة وفيه نحو هذا النظر‏.‏
وفيه جواز صلاة المنفرد في المسجد الذي يصلي فيه بالجماعة إذا كان بعذر‏.‏
وفيه الإنكار بلطف لوقوعه بصورة الاستفهام، ويؤخذ منه تعزيز كل أحد بحسبه، والاكتفاء في التعزيز بالقول، والإنكار في المكروهات، وأما تكراره ثلاثا فللتأكيد، وقد تقدم في العلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه‏.‏
وفيه اعتذار من وقع منه خطأ في الظاهر، وجواز الوقوع في حق من وقع في محذور ظاهر وإن كان له عذر باطن للتنفير عن فعل ذلك، وأنه لا لوم على من فعل ذلك متأولا، وأن التخلف عن الجماعة من صفة المنافق‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:18 PM   #283
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَخْفِيفِ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود‏)‏ قال الكرماني‏:‏ الواو بمعنى مع كأنه قال باب التخفيف بحيث لا يفوقه شيء من الواجبات، فهو تفسير لقوله في الحديث ‏"‏ فليتجوز ‏"‏ لأنه لا يأمر بالتجوز المؤدي إلى فساد الصلاة، قال ابن المنير وتبعه ابن رشيد وغيره‏:‏ خص التخفيف في الترجمة بالقيام مع أن لفظ الحديث أعم حيث قال ‏"‏ فليتجوز ‏"‏ لأن الذي يطول في الغالب إنما هو القيام، وما عداه لا يشق إتمامه على أحد، وكأنه حمل حديث الباب على قصة معاذ، فإن الأمر بالتخفيف فيها مختص بالقراءة‏.‏
انتهى ملخصا‏.‏
والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة إلى بعض ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، وأما قصة معاذ فمغايرة لحديث الباب لأن قصة معاذ كانت في العشاء وكان الإمام فيها معاذا وكانت في مسجد بني سلمة، وهذه كانت في الصبح وكانت في مسجد قباء، ووهم من فسر الإمام المبهم هنا بمعاذ، بل المراد به أبي بن كعب كما أخرجه أبو يعلى بإسناد حسن من رواية عيسى بن جارية وهو بالجيم عن جابر قال‏:‏ ‏"‏ كان أبي بن كعب يصلي بأهل قباء فاستفتح سورة طويلة، فدخل معه غلام من الأنصار في الصلاة، فلما سمعه استفتحها انفتل من صلاته، فغضب أبي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو الغلام، وأتى الغلام يشكو أبيا، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه ثم قال‏:‏ إن منكم منفرين، فإذا صليتم فأوجزوا، فإن خلفكم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة ‏"‏ فأبان هذا الحديث أن المراد بقوله في حديث الباب ‏"‏ مما يطيل بنا فلان ‏"‏ أي في القراءة، واستفيد منه أيضا تسمية الإمام وبأي موضع كان‏.‏
وفي الطبراني من حديث عدي بن حاتم ‏"‏ من أمنا فليتم الركوع والسجود‏"‏‏.‏
وفي قول ابن المنير إن الركوع والسجود لا يشق إتمامهما نظر، فإنه إن أراد أقل ما يطلق عليه اسم تمام فذاك لا بد منه، وإن أراد غاية التمام فقد يشق، فسيأتي حديث البراء قريبا أنه صلى الله عليه وسلم كان قيامه وركوعه وسجوده قريبا من السواء‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسًا قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زهير‏)‏ هو ابن معاوية الجعفي، وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، وأبو مسعود هو الأنصاري البدري، والإسناد كله كوفيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلا‏)‏ لم أقف على اسمه، ووهم من زعم أنه حزم بن أبي كعب لأن قصته كانت مع معاذ لا مع أبي بن كعب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إني لأتأخر عن صلاة الغداة‏)‏ أي فلا أحضرها مع الجماعة لأجل التطويل‏.‏
وفي رواية ابن المبارك في الأحكام ‏"‏ والله إني لأتأخر ‏"‏ بزيادة القسم، وفيه جواز مثل ذلك لأنه لم ينكر عليه، وتقدم في كتاب العلم في ‏"‏ باب الغضب في العلم ‏"‏ بلفظ ‏"‏ إني لا أكاد أدرك الصلاة ‏"‏ وتقدم توجيهه‏.‏
ويحتمل أيضا أن يكون المراد أن الذي ألفه من تطويله اقتضى له أن يتشاغل عن المجيء في أول الوقت وثوقا بتطويله، بخلاف ما إذا لم يكن يطول فإنه كان يحتاج إلى المبادرة إليه أول الوقت، وكأنه يعتمد على تطويله فيتشاغل ببعض شغله ثم يتوجه فيصادف أنه تارة يدركه وتارة لا يدركه فلذلك قال ‏"‏ لا أكاد أدرك مما يطول بنا ‏"‏ أي بسبب تطويله‏.‏
واستدل به على تسمية الصبح بذلك، ووقع في رواية سفيان الآتية قريبا ‏"‏ عن الصلاة في الفجر ‏"‏ وإنما خصها بالذكر لأنها تطول فيها القراءة غالبا، ولأن الانصراف منها وقت التوجه لمن له حرفة إليها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أشد‏)‏ بالنصب وهو نعت لمصدر محذوف أي غضبا أشد، وسببه إما لمخالفة الموعظة أو للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه، كذا قاله ابن دقيق العيد، وتعقبه تلميذه أبو الفتح اليعمري بأنه يتوقف على تقدم الإعلام بذلك، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون ما ظهر من الغضب لإرادة الاهتمام بما يلقيه لأصحابه ليكونوا من سماعه على بال لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله‏.‏
وأقول‏:‏ هذا أحسن في الباعث على أصل إظهار الغضب، أما كونه أشد فالاحتمال الثاني أوجه ولا يرد عليه التعقب المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن منكم منفرين‏)‏ فيه تفسير للمراد بالفتنة في قوله في حديث معاذ ‏"‏ أفتان أنت ‏"‏ ويحتمل أن تكون قصة أبي هذه بعد قصة معاذ، فلهذا أتى بصيغة الجمع‏.‏
وفي قصة معاذ واجهه وحده بالخطاب، وكذا ذكر في هذا الغضب ولم يذكره في قصة معاذ، وبهذا يتوجه الاحتمال الأول لابن دقيق العيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأيكم ما صلى‏)‏ ما زائدة، ووقع في رواية سفيان ‏"‏ فمن أم الناس‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليخفف‏)‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية فقد يكون الشيء خفيفا بالنسبة إلى عادة قوم طويلا بالنسبة لعادة آخرين‏.‏
قال‏:‏ وقول الفقهاء لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد على ذلك لأن رغبة الصحابة في الخير تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلا قلت‏:‏ وأولى ما أخذ حد التخفيف من الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ‏"‏ أنت إمام قومك، وأقدر القوم بأضعفهم ‏"‏ إسناده حسن وأصله في مسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإن فيهم‏)‏ في رواية سفيان ‏"‏ فإن خلفه ‏"‏ وهو تعليل الأمر المذكور، ومقتضاه أنه متى لم يكن فيهم متصف بصفة من المذكورات لم يضر التطويل، وقد قدمت ما يرد عليه في الباب الذي قبله من إمكان مجيء من يتصف بإحداها‏.‏
وقال اليعمري‏:‏ الأحكام إنما تناط بالغالب لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقا‏.‏
قال‏:‏ وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر وعلل بالمشقة، وهو مع ذلك يشرع ولو لم يشق عملا بالغالب، لأنه لا يدري ما يطرأ عليه، وهنا كذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الضعيف والكبير‏)‏ كذا للأكثر، ووقع في رواية سفيان في العلم ‏"‏ فإن فيهم المريض والضعيف ‏"‏ وكأن المراد بالضعيف هنا المريض وهناك من يكون ضعيفا في خلقته كالنحيف والمسن، وسيأتي في الباب الذي بعده مزيد قول فيه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:19 PM   #284
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء‏)‏ يريد أن عموم الأمر بالتخفيف مختص بالأئمة، فأما المنفرد فلا حجر عليه في ذلك‏.‏
لكن اختلف فيما إذا أطال القراءة حتى خرج الوقت كما سنذكره‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإن فيهم‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ فإن منهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الضعيف والسقيم‏)‏ المراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة وبالسقيم من به مرض، زاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد ‏"‏ والصغير والكبير ‏"‏ وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص ‏"‏ والحامل والمرضع ‏"‏ وله من حديث عدي بن حاتم ‏"‏ والعابر السبيل ‏"‏ وقوله في حديث أبي مسعود الماضي ‏"‏ وذا الحاجة ‏"‏ وهي أشمل الأوصاف المذكورة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فليطول ما شاء‏)‏ ولمسلم ‏"‏ فليصل كيف شاء ‏"‏ أي مخففا أو مطولا واستدل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو المصحح عند بعض أصحابنا وفيه نظر، لأنه يعارضه عموم قوله في حديث أبي قتادة ‏"‏ إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى ‏"‏ أخرجه مسلم، وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كانت مراعاة ترك المفسدة أولى، واستدل بعمومه أيضا على جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ
وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من شكا إمامه إذا طول‏)‏ فيه حديث أبي مسعود وهو ظاهر في الترجمة، وكذا حديث جابر، والتعليق عن أبي أسيد وهو الأنصاري وصله ابن أبي شيبة من رواية المنذر بن أبي أسيد قال ‏"‏ كان أبي يصلي خلفي، فربما قال‏:‏ يا بني طولت بنا اليوم ‏"‏ واستفيد منه تسمية الابن المذكور، وفيه حجة على من كره للرجل أن يؤم أباه كعطاء، ورأيت بخط البدر الزركشي أنه رأى في بعض نسخ البخاري ‏"‏ وكره عطاء أن يؤم الرجل أباه ‏"‏ فإن ثبت ذلك فقد وصل ابن أبي شيبة هذا التعليق، وكأن المنذر كان إماما راتبا في المسجد‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في رواية المستملي ‏"‏ أبو أسيد ‏"‏ بفتح الهمزة والصواب الضم كما للباقين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ أَفَاتِنٌ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ أَحْسِبُ هَذَا فِي الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ وَمِسْعَرٌ وَالشَّيْبَانِيُّ قَالَ عَمْرٌو وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَرَأَ مُعَاذٌ فِي الْعِشَاءِ بِالْبَقَرَةِ وَتَابَعَهُ الْأَعْمَشُ عَنْ مُحَارِبٍ
الشرح‏:‏
قوله في حديث محارب عن جابر ‏(‏أقبل رجل بناضحين‏)‏ الناضح بالنون والضاد المعجمة والحاء المهملة ما استعمل من الإبل في سقى النخل والزرع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقد جنح الليل‏)‏ أي أقبل بظلمته، وهو يؤيد أن الصلاة المذكورة كانت العشاء كما تقدم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بسورة البقرة أو النساء‏)‏ زاد أبو داود الطيالسي عن شعبة شك محارب، وفي هذا رد على من زعم أن الشك فيه من جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلولا صليت‏)‏ أي فهلا صليت‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإنه يصلي وراءك‏)‏ تقدم شرحه في الباب الذي قبله فكان هذا هو الحامل لمن وحد بين القصتين، لكن في ثبوت هذه الزيادة في هذه القصة نظر، لقوله بعدها ‏(‏أحسب هذا في الحديث‏)‏ يعني هذه الجملة الأخيرة ‏"‏ فإنه يصلي الخ‏"‏، وقائل ذلك هو شعبة الراوي عن محارب، وقد رواه غير شعبة من أصحاب محارب عنه بدونها، وكذا أصحاب جابر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه سعيد بن مسروق‏)‏ هو والد سفيان الثوري، وروايته هذه وصلها أبو عوانة من طريق أبي الأحوص عنه، ومتابعة مسعر وصلها السراج من رواية أبي نعيم عنه، ومتابعة الشيباني وهو أبو إسحاق وصلها البزار من طريقه كلهم عن محارب، والمراد أنهم تابعوا شعبة عن محارب في أصل الحديث لا في جميع ألفاظه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال عمرو‏)‏ هو ابن دينار وقد تقدمت روايته قبل ببابين، ورواية عبيد الله بن مقسم وصلها ابن خزيمة من رواية محمد بن عجلان عنه وهي عند أبي داود باختصار، ورواية أبي الزبير وصلها عبد الرزاق عن ابن جريج عنه وهي عند مسلم من طريق الليث عنه لكن لم يعين أن السورة البقرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وتابعه الأعمش عن محارب‏)‏ أي تابع شعبة، وروايته عند النسائي من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن محارب وأبي صالح كلاهما عن جابر بطوله وقال فيه ‏"‏ فيطول بهم معاذ ‏"‏ ولم يعين السورة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْإِيجَازِ فِي الصَّلَاةِ وَإِكْمَالِهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها‏)‏ ثبتت هذه الترجمة عند المستملي وكريمة، وكذا ذكرها الإسماعيلي، وسقطت للباقين، وعلى تقدير سقوطها فمناسبة حديث أنس للترجمة من جهة أن من سلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والإتمام لا يشكى منه تطويل، وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي مجلز قال ‏"‏ كانوا - أي الصحابة - يتمون ويوجزون ويبادرون الوسوسة ‏"‏ فبين العلة في تخفيفهم، ولهذا عقب المصنف هذه الترجمة بالإشارة إلى أن تخفيف النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لهذا السبب لعصمته من الوسوسة بل كان يخفف عند حدوث أمر يقتضيه كبكاء صبي‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجِزُ الصَّلَاةَ وَيُكْمِلُهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عبد العزيز‏)‏ هو ابن صهيب، والإسناد كله بصريون‏.‏
والمراد بالإيجاز مع الإكمال الإتيان بأقل ما يمكن من الأركان والأبعاض‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:19 PM   #285
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ التراجم السابقة بالتخفيف تتعلق بحق المأمومين، وهذه الترجمة تتعلق بقدر زائد على ذلك وهو مصلحة غير المأموم، لكن حيث تتعلق بشيء يرجع إليه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ تَابَعَهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى بن أبي كثير‏)‏ في رواية بشر بن بكر الآتية عن الأوزاعي ‏"‏ حدثني يحيى‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن أبي قتادة‏)‏ في رواية ابن سماعة عن الأوزاعي عند الإسماعيلي ‏"‏ حدثني عبد الله ابن أبي قتادة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إني لأقوم في الصلاة أريد‏)‏ في رواية بشر بن بكر ‏"‏ لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه بشر بن بكر‏)‏ هي موصولة عند المؤلف في ‏"‏ باب خروج النساء إلى المساجد ‏"‏ قبيل كتاب الجمعة، ومتابعة ابن المبارك وصلها النسائي، ومتابعة بقية وهو ابن الوليد لم أقف عليها، واستدل بهذا الحديث على جواز إدخال الصبيان المساجد، وفيه نظر لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفا في بيت يقرب من المسجد بحيث يسمع بكاؤه‏"‏‏.‏
وعلى جواز صلاة النساء في الجماعة مع الرجال، وفيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني شريك بن عبد الله‏)‏ أي ابن أبي نمر، والإسناد كله مدنيون غير خالد فهو كوفي سكن المدينة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخف صلاة ولا أتم‏)‏ إلى هنا أخرج مسلم من هذا الحديث، من رواية إسماعيل بن جعفر عن شريك، ووافق سليمان بن بلال على تكلمته أبو ضمرة عند الإسماعيلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيخفف‏)‏ بين مسلم في رواية ثابت عن أنس محل التخفيف ولفظه ‏"‏ فيقرأ بالسورة القصيرة‏"‏، وبين ابن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن سابط مقدارها ولفظه ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعة الأولى بسورة طويلة فسمع بكاء صبي فقرأ بالثانية بثلاث آيات ‏"‏ وهذا مرسل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن تفتن أمه‏)‏ أي تلتهي عن صلاتها لاشتغال قلبها ببكائه، زاد عبد الرزاق من مرسل عطاء ‏"‏ أو تتركه فيضيع‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد‏)‏ هو ابن أبي عروبة، والإسناد كله بصريون، وكذا ما بعده موصولا ومعلقا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنا أريد إطالتها‏)‏ فيه أن من قصد في الصلاة الإتيان بشيء مستحب لا يجب عليه الوفاء به خلافا لأشهب حيث ذهب إلى أن من نوى التطوع قائما ليس له أن يتمه جالسا‏.‏
قوله في رواية ابن أبي عدي ‏(‏مما أعلم‏)‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ لما أعلم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وجد أمه‏)‏ أي حزنها‏.‏
قال صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ وجد يجد وجدا - بالسكون والتحريك - حزن، وكأن ذكر الأم هنا خرج مخرج الغالب، وإلا فمن كان في معناها ملتحق بها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال موسى‏)‏ أي ابن إسماعيل وهو أبو سلمة التبوذكي، وأبان هذا ابن يزيد العطار، والمراد بهذا بيان سماع قتادة له من أنس، وروايته هذه وصلها السراج عن عبيد الله بن جرير وابن المنذر عن محمد ابن إسماعيل كلاهما عن أبي سلمة‏.‏
ووقع التصريح أيضا عند الإسماعيلي من رواية خالد بن الحارث عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدثه‏.‏
قال ابن بطال‏:‏ احتج به من قال يجوز للإمام إطالة الركوع إذا سمع بحس داخل ليدركه، وتعقبه ابن المنير بأن التخفيف نقيض التطويل فكيف يقاس عليه‏؟‏ قال‏:‏ ثم إن فيه مغايرة للمطلوب، لأن فيه إدخال مشقة على جماعة لأجل واحد‏.‏
انتهى‏.‏
ويمكن أن يقال‏:‏ محل ذلك ما لم يشق على الجماعة، وبذلك قيده أحمد وإسحاق وأبو ثور، وما ذكره ابن بطال سبقه إليه الخطابي، ووجهه بأنه إذا جاز التخفيف لحاجة من حاجات الدنيا كان التطويل لحاجة من حاجات الدين أجوز، وتعقبه القرطبي بأن في التطويل هنا زيادة عمل في الصلاة غير مطلوب، بخلاف التخفيف فإنه مطلوب، انتهى‏.‏
وفي هذه المسألة خلاف عند الشافعية وتفصيل، وأطلق النووي عن المذهب استحباب ذلك، وفي التجريد للمحاملي نقل كراهيته عن الجديد، وبه قال الأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأبو يوسف‏.‏
وقال محمد بن الحسن‏:‏ أخشى أن يكون شركا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا صلى ثم أم قوما‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ لم يذكر جواب إذا جريا على عادته في ترك الجزم بالحكم المختلف فيه، وقد تقدم البحث في ذلك قريبا
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ
الشرح‏:‏
تقدم الحديث من وجه آخر عن عمرو‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:20 PM   #286
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من أسمع الناس تكبير الإمام‏)‏ تقدم الكلام على حديث عائشة في ‏"‏ باب حد المريض أن يشهد الجماعة ‏"‏ والشاهد فيه قوله ‏"‏ وأبو بكر يسمع الناس التكبير ‏"‏ وهذه اللفظة مفسرة عند الجمهور للمراد بقوله في الرواية الماضية ‏"‏ وكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر ‏"‏ وقد ذكر البخاري أن محاضرا تابع عبد الله بن داود على ذلك، وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده، قال ابن مالك‏:‏ ووقع في بعض الروايات هنا ‏"‏ إن يقم مقامك يبكي، ومروا أبا بكر يصلي ‏"‏ بإثبات الياء فيهما، وهو من قبيل إجراء المعتل لمجرى الصحيح والاكتفاء بحذف الحركة ومنه قراءة من قرأ ‏(‏إنه من يتقي ويصبر‏)‏ ‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ سقط في رواية أبي زيد المروزي من هذا الإسناد ‏"‏ إبراهيم ‏"‏ ولا بد منه‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ
وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ هذا موافق لقول مسروق والشعبي إن الصفوف يؤم بعضها بعضا خلافا للجمهور، قلت‏:‏ وليس المراد أنهم يأتمون بهم في التبليغ فقط كما فهمه بعضهم بل الخلاف معنوي، لأن الشعبي قال فيمن أحرم قبل أن يرفع الصف الذي يليه رءوسهم من الركعة‏:‏ إنه أدركها ولو كان الإمام رفع قبل ذلك، لأن بعضهم لبعض أئمة‏.‏
انتهى‏.‏
فهذا يدل على أنه يرى أنهم يتحملون عن بعضهم بعض ما يتحمله الإمام، وأثر الشعبي الأول وصله عبد الرزاق، والثاني وصله ابن أبي شيبة، ولم يفصح البخاري باختياره في هذه المسألة لأنه بدأ بالترجمة الدالة على أن المراد بقوله ‏"‏ ويأتم الناس بأبي بكر ‏"‏ أي أنه في مقام المبلغ، ثم ثنى بهذه الرواية التي أطلق فيها اقتداء الناس بأبي بكر، ورشح ظاهرها‏.‏
بظاهر الحديث المعلق، فيحتمل أن يكون يذهب إلى قول الشعبي ويرى أن قوله في الرواية الأولى ‏"‏ يسمع الناس التكبير ‏"‏ لا ينفي كونهم يأتمون به لأن إسماعه لهم التكبير جزء من أجزاء ما يأتمون به فيه، وليس فيه نفي لغيره‏.‏
ويؤيد ذلك رواية الإسماعيلي من طريق عبد الله بن داود المذكور ووكيع جميعا عن الأعمش بهذا الإسناد قال فيه ‏"‏ والناس يأتمون بأبي بكر وأبو بكر يسمعهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري قال ‏"‏ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخرا فقال‏:‏ تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ‏"‏ الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن من رواية أبي نضرة عنه‏.‏
قيل‏:‏ وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض لأن أبا نضرة ليس على شرطه لضعف فيه، وهذا عندي ليس بصواب، لأنه لا يلزم من كونه على غير شرطه أنه لا يصلح عنده للاحتجاج به، بل قد يكون صالحا للاحتجاج به عنده وليس هو على شرط صحيحه الذي هو أعلى شروط الصحة‏.‏
والحق أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف بل قد تستعمل في الصحيح أيضا‏.‏
بخلاف صيغة الجزم فإنها لا تستعمل إلا في الصحيح، وظاهره يدل لمذهب الشعبي‏.‏
وأجاب النووي بأن معنى ‏"‏ وليأتم بكم من بعدكم ‏"‏ أي يقتدي بكم من خلفكم مستدلين على أفعالي بأفعالكم، قال‏:‏ وفيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه أو صف قدامه يراه متابعا للإمام، وقيل‏:‏ معناه تعلموا مني أحكام الشريعة وليتعلم منكم التابعون بعدكم وكذلك أتباعهم إلى انقراض الدنيا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَالٌ يُؤذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ قَالَ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ يَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏مروا أبا بكر يصلي‏)‏ كذا فيه بإثبات الياء، وقد تقدم توجيه ابن مالك له‏.‏
ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ أن يصلي‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏متى يقوم‏)‏ كذا وقع للأكثر في الموضعين بإثبات الواو، ووجهه ابن مالك بأنه شبه متى بإذا فلم تجزم، كما شبه إذا بمتى في قوله ‏"‏ إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين ‏"‏ فحذف النون‏.‏
ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ متى ما يقم ‏"‏ ولا إشكال فيها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تخطان الأرض‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يخطان في الأرض‏"‏‏.‏
وقد تقدمت بقية مباحث الحديث في ‏"‏ باب حد المريض ‏"‏ وقوله في السند ‏"‏ الأعمش عن إبراهيم عن الأسود ‏"‏ كذا للجميع وهو الصواب، وسقط إبراهيم بين الأعمش والأسود من رواية أبي المروزي وهو وهم قاله الجياني‏.

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:21 PM   #287
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب هَلْ يَأْخُذُ الْإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس‏)‏ أورد فيه قصة ذي اليدين في السهو، وسيأتي الكلام عليها في موضعه‏.‏
قال الزين بن المنير‏:‏ أراد أن محل الخلاف في هذه المسألة هو ما إذا كان الإمام شاكا، أما إذا كان على يقين من فعل نفسه فلا خلاف أنه لا يرجع إلى أحد‏.‏
انتهى‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم شك بأخبار ذي اليدين فسألهم إرادة تيقن أحد الأمرين، فلما صدقوا ذا اليدين علم صحة قوله، قال‏:‏ وهذا الذي أراد البخاري بتبويبه‏.‏
وقال ابن بطال بعد أن حكى الخلاف في هذه المسألة‏:‏ حمل الشافعي رجوعه عليه الصلاة والسلام على أنه تذكر فذكر، وفيه نظر، لأنه لو كان كذلك لبينه لهم ليرتفع اللبس، ولو بينه لنقل، ومن ادعى ذلك فليذكره‏.‏
قلت‏:‏ قد ذكره أبو داود من طريق الأوزاعي عن الزهري عن سعيد وعبيد الله عن أبي هريرة بهذه القصة قال ‏"‏ ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا بَكَى الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا بكى الإمام في الصلاة‏)‏ أي هل تفسد أو لا‏؟‏ والأثر والخبر اللذان في الباب يدلان على الجواز، وعن الشعبي والنخعي والثوري أن البكاء والأنين يفسد الصلاة‏.‏
وعن المالكية والحنفية إن كان لذكر النار والخوف لم يفسد، وفي مذهب الشافعي ثلاثة أوجه أصحها إن ظهر منه حرفان أفسد وإلا فلا‏.‏
ثانيها وحكى عن نصه في الإملاء أنه لا يفسد مطلقا لأنه ليس من جنس الكلام ولا يكاد يبين منه حرف محقق فأشبه الصوت الغفل‏.‏
ثالثها عن القفال إن كان فمه مطبقا لم يفسد وإلا أفسد إن ظهر منه حرفان، وبه قطع المتولي‏.‏
والوجه الثاني أقوى دليلا‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ أطلق جماعة التسوية بين الضحك والبكاء‏.‏
وقال المتولي‏:‏ لعل الأظهر في الضحك البطلان مطلقا لما فيه من هتك حرمة الصلاة، وهذا أقوى من حيث المعنى، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الله بن شداد‏)‏ أي ابن الهاد، وهو تابعي كبير له رؤية ولأبيه صحبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سمعت نشيج عمر‏)‏ النشيج - بفتح النون وكسر المعجمة وآخره جيم - قال ابن فارس‏:‏ نشج الباكي ينشج نشيجا إذا غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب‏.‏
وقال الهروي‏:‏ النشيج صوت معه ترجيع كما يردد الصبي بكاءه في صدره‏.‏
وفي ‏"‏ المحكم ‏"‏‏:‏ هو أشد البكاء‏.‏
وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن إسماعيل بن محمد بن سعد سمع عبد الله بن شداد بهذا وزاد ‏"‏ في صلاة الصبح‏"‏‏.‏
وأخرجه ابن المنذر من طريق عبيد بن عمير عن عمر نحوه، وقد تقدم الكلام على حديث أبي بكر وقوله فيه ‏"‏ من البكاء ‏"‏ أي لأجل البكاء‏.‏
وفي الباب حديث عبد الله بن الشخير ‏"‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ‏"‏ رواه أبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل وإسناده قوى، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ووهم من زعم أن مسلما أخرجه‏.‏
والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم القدر إذا غلت‏.‏
والأزيز بفتح الهمزة بعدها زاي ثم تحتانية ساكنة ثم زاي أيضا وهو صوت القدر إذا غلت، وفي لفظ ‏"‏ كأزيز الرحى‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَبَعْدَهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها‏)‏ ليس في حديثي الباب دلالة على تقييد التسوية بما ذكر، لكن أشار بذلك إلى ما في بعض الطرق كعادته، ففي حديث النعمان عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما كاد أن يكبر، وفي حديث أنس في الباب الذي بعد هذا ‏"‏ أقيمت الصلاة فأقبل علينا فقال‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏لتسون‏)‏ بضم التاء المثناة وفتح السين وضم الواو المشددة وتشديد النون، وللمستملى ‏"‏ لتسوون ‏"‏ بواوين‏.‏
قال البيضاوي‏:‏ هذه اللام هي التي يتلقى بها القسم، والقسم هنا مقدر ولهذا أكده بالنون المشددة‏.‏
انتهى‏.‏
وسيأتي من رواية أبي داود قريبا إبراز القسم في هذا الحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو ليخالفن الله بين وجوهكم‏)‏ أي إن لم تسووا، والمراد بتسوية الصفوف اعتدال‏.‏
القائمين بها على سمت واحد، أو يراد بها سد الخلل الذي في الصف كما سيأتي‏.‏
واختلف في الوعيد المذكور فقيل‏:‏ هو على حقيقته والمراد تسوية الوجه بتحويل خلقه عن وضعه يجعله موضع القفا أو نحو ذلك، فهو نظير ما تقدم من الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهي المخالفة، وعلى هذا فهو واجب، والتفريط فيه حرام، وسيأتي البحث في ذلك في ‏"‏ باب إثم من لم يتم الصفوف ‏"‏ قريبا، ويؤيد حمله على ظاهره حديث أبي أمامة ‏"‏ لتسون الصفوف أو لتطمسن الوجوه ‏"‏ أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف، ولهذا قال ابن الجوزي‏:‏ الظاهر أنه مثل الوعيد المذكور في قوله تعالى ‏(‏من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها‏)‏ ، وحديث أبي أمامة أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف، ومنهم من حمله على المجاز، قال النووي‏:‏ معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما تقول‏:‏ تغير وجه فلان علي، أي ظهر لي من وجهه كراهية، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن‏.‏
ويؤيده رواية أبي داود وغيره بلفظ أو ليخالفن الله بين قلوبكم كما سيأتي قريبا‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة‏.‏
والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص فالمخالفة إما بحسب الصورة الإنسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء، وإن حمل على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد‏.‏
أشار إلى ذلك الكرماني‏.‏
ويحتمل أن يراد بالمخالفة في الجزاء فيجازي المسوى بخير ومن لا يسوى بشر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي
الشرح‏:‏
قوله في حديث أنس ‏(‏أقيموا‏)‏ أي عدلوا، يقال أقام العود إذا عدله وسواه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإني أراكم‏)‏ فيه إشارة إلى سبب الأمر بذلك، أي إنما أمرت بذلك لأني تحققت منكم خلافه‏.‏
وقد تقدم القول في المراد بهذه الرواية في ‏"‏ باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة ‏"‏ وأن المختار حملها على الحقيقة خلافا لمن زعم أن المراد بها خلق علم ضروري له بذلك‏.‏
ونحو ذلك قال الزين بن المنير لا حاجة إلى تأويلها لأنه في معنى تعطيل لفظ الشارع من غير ضرورة‏.‏
وقال القرطبي‏:‏ بل حملها على ظاهرها أولى لأن فيه زيادة في كرامة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:22 PM   #288
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِقْبَالِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف‏)‏ أورد فيه حديث أنس الذي في الباب قبله، وقد تقدم الكلام عليه فيه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا معاوية بن عمرو‏)‏ هو من قدماء شيوخ البخاري، وروى له هنا بواسطة، فكأنه لم يسمعه منه وإنما نزل فيه لما وقع في الإسناد من تصريح حميد بتحديث أنس له فأمن بذلك تدليسه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وتراصوا‏)‏ بتشديد الصاد المهملة أي تلاصقوا بغير خلل، ويحتمل أن يكون تأكيدا لقوله أقيموا، والمراد بأقيموا سووا كما وقع في رواية معمر عن حميد عند الإسماعيلي بدل أقيموا واعتدلوا، وفيه جواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة، وقد تقدم في باب مفرد، وفيه مراعاة الإمام لرعيته والشفقة عليهم وتحذيرهم من المخالفة‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّفِّ الْأَوَّلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الصف الأول‏)‏ والمراد به ما يلي الإمام مطلقا، وقيل أول صف تام يلي الإمام، لا ما تخلله شيء كمقصورة‏.‏
وقيل المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف قاله ابن عبد البر واحتج بالاتفاق على أن من جاء أول الوقت ولم يدخل في الصف الأول فهو أفضل ممن جاء في آخره وزاحم إليه، ولا حجة له في ذلك كما لا يخفى‏.‏
قال النووي‏:‏ القول الأول هو الصحيح المختار وبه صرح المحققون، والقولان الآخران غلط صريح‏.‏
انتهى‏.‏
وكأن صاحب القول الثاني لحظ أن المطلق ينصرف إلى الكامل، وما فيه خلل فهو ناقص، وصاحب القول الثالث لحظ المعنى في تفضيل الصف الأول دون مراعاة لفظه، وإلى الأول أشار البخاري لأنه ترجم بالصف الأول وحديث الباب فيه الصف المقدم وهو الذي لا يتقدمه إلا الإمام، قال العلماء‏:‏ في الحض على الصف الأول المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق لدخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته والتعلم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والسلامة من اختراق المارة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين‏.‏

*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إقامة الصف من تمام الصلاة‏)‏ أورد فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في ‏"‏ باب إيجاب التكبير ‏"‏ قريبا وفي آخره هنا ‏"‏ وأقيموا الصفوف الخ ‏"‏ وهو المقصود بهذه الترجمة، وقد أفرده مسلم وأحمد وغيرهما من طريق عبد الرزاق المذكورة عما قبله فجعلوه حديثين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏من حسن الصلاة‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ إنما قال البخاري في الترجمة ‏"‏ من تمام الصلاة ‏"‏ ولفظ الحديث ‏"‏ من حسن الصلاة ‏"‏ لأنه أراد أن يبين أنه المراد بالحسن هنا، وأنه لا يعني به الظاهر المرئي من الترتيب، بل المقصود منه الحسن الحكمي بدليل حديث أنس وهو الثاني من حديثى الباب حيث عبر بقوله ‏"‏ من إقامة الصلاة‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله في حديث أنس ‏(‏فإن تسوية الصفوف‏)‏ وفي رواية الأصيلي ‏"‏ الصف ‏"‏ بالإفراد، والمراد به الجنس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من إقامة الصلاة‏)‏ هكذا ذكره البخاري عن أبي الوليد، وذكره غيره عنه بلفظ ‏"‏ من تمام الصلاة ‏"‏ كذلك أخرجه الإسماعيلي عن ابن حذيفة صلى الله عليه وسلم والبيهقي من طريق عثمان الدارمي كلاهما عنه، وكذلك أخرجه أبو داود عن أبي الوليد وغيره، وكذا مسلم وغيره من طريق جماعة عن شعبة، وزاد الإسماعيلي من طريق أبي داود الطيالسي قال ‏"‏ سمعت شعبة يقول‏:‏ داهنت في هذا الحديث لم أسأل قتادة أسمعته من أنس أم لا‏؟‏ انتهى‏.‏
ولم أره عن قتادة إلا معنعنا، ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب تقوية له‏.‏
واستدل ابن حزم بقوله ‏"‏ إقامة الصلاة ‏"‏ على وجوب تسوية الصفوف قال‏:‏ لأن إقامة الصلاة واجبة‏.‏
وكل شيء من الواجب واجب، ولا يخفى ما فيه، ولا سيما وقد بينا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة‏.‏
وتمسك ابن بطال بظاهر لفظ حديث أبي هريرة فاستدل به على أن التسوية سنة قال‏:‏ لأن حسن الشيء زيادة على تمامه، وأورد عليه رواية ‏"‏ من تمام الصلاة‏"‏‏.‏
وأجاب ابن دقيق العيد فقال‏:‏ قد يؤخذ من قوله تمام الصلاة الاستحباب لأن تمام الشيء في العرف أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لا تتم الحقيقة إلا به، كذا قال، وهذا الأخذ بعيد لأن لفظ الشارع لا يحمل إلا على ما دل عليه الوضع في اللسان العربي، وإنما يحمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع لا العرف الحادث‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لفظ الترجمة أورده عبد الرزاق من حديث جابر‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:23 PM   #289
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم من لم يتم الصفوف‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ أورد فيه حديث أنس ‏"‏ ما أنكرت شيئا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف ‏"‏ وتعقب بأن الإنكار قد يقع على ترك السنة فلا يدل ذلك على حصول الإثم، وأجيب بأنه لعله حمل الأمر في قوله تعالى ‏(‏فليحذر الذين يخالفون عن أمره‏)‏ على أن المراد بالأمر الشأن والحال لا مجرد الصيغة، فيلزم منه أن من خالف شيئا من الحال التي كان عليها صلى الله عليه وسلم أن يأثم لما يدل عليه الوعيد المذكور في الآية، وإنكار أنس ظاهر في أنهم خالفوا ما كانوا عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقامة الصفوف، فعلى هذا تستلزم المخالفة التأثيم‏.‏
انتهى كلام ابن رشيد ملخصا‏.‏
وهو ضعيف لأنه يفضي إلى أن لا يبقى شيء مسنون، لأن التأثيم إنما يحصل عن ترك واجب‏.‏
وأما قول ابن بطال‏:‏ إن تسوية الصفوف لما كانت من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها المدح عليها دل على أن تاركها يستحق الذم، فهو متعقب من جهة أنه لا يلزم من ذم تارك السنة أن يكون آثما‏.‏
سلمنا، لكن يرد عليه التعقب الذي قبله‏.‏
ويحتمل أن يكون البخاري أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله ‏"‏ سووا صفوفكم ‏"‏ ومن عموم قوله ‏"‏ صلوا كما رأيتموني أصلي ‏"‏ ومن ورود الوعيد على تركه، فرجح عنده بهذه القرائن أن إنكار أنس إنما وقع على ترك الواجب وإن كان الإنكار قد يقع على ترك السنن، ومع القول بأن التسوية واجبة فصلاة من خالف ولم يسو صحيحة لاختلاف الجهتين، ويؤيد ذلك أن أنسا مع إنكاره عليهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة‏.‏
وأفرط ابن حزم فجزم بالبطلان، ونازع من ادعى الإجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر أنه ضرب قدم أبي عثمان النهدي لإقامة الصف، وبما صح عن سويد بن غفلة قال ‏"‏ كان بلال يسوي مناكبنا ويضرب أقدامنا في الصلاة ‏"‏ فقال‏:‏ ما كان عمر وبلال يضربان أحدا على ترك غير الواجب وفيه نظر، لجواز أنهما كانا يريان التعزير على ترك السنة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ بِهَذَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏بشير‏)‏ هو بالمعجمة مصغر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما أنكرت منذ يوم عهدت‏)‏ في رواية المستملي والكشميهني ‏"‏ ما أنكرت منا منذ عهدت‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عقبة بن عبيد‏)‏ هو أبو الرحال بفتح الراء وتشديد الحاء المهملة وهو أخو سعيد بن عبيد راوي الإسناد الذي قبله، وليس لعقبة في البخاري إلا هذا الموضع المعلق، وأراد به بيان سماع بشير بن يسار له من أنس، وقد وصله أحمد في مسنده عن يحيى القطان عن عقبة بن عبيد الطائي ‏"‏ حدثني بشير بن يسار قال‏:‏ جاء أنس إلى المدينة فقلنا ما أنكرت منا من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ ما أنكرت منكم شيئا غير أنكم لا تقيمون الصفوف‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ هذه القدمة لأنس غير القدمة التي تقدم ذكرها في ‏"‏ باب وقت العصر‏"‏، فإن ظاهر الحديث فيها أنه أنكر تأخير الظهر إلى أول وقت العصر كما مضى، وهذا الإنكار أيضا غير الإنكار الذي تقدم ذكره في ‏"‏ باب تضييع الصلاة عن وقتها ‏"‏ حيث قال ‏"‏ لا أعرف شيئا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة وقد ضيعت ‏"‏ فإن ذاك كان بالشام وهذا بالمدينة، وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا في ذلك الزمان أمثل من غيرهم في التمسك بالسنن‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:25 PM   #290
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف‏)‏ المراد بذلك المبالغة في تعديل الصف وسد خلله، وقد ورد الأمر بسد خلل الصف والترغيب فيه في أحاديث كثيرة أجمعها حديث ابن عمر عند أبي داود وصححه ابن خزيمة والحاكم ولفظه ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال النعمان بن بشير‏)‏ هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة من رواية أبي القاسم الجدلي واسمه حسين بن الحارث قال ‏"‏ النعمان بن بشير يقول‏:‏ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال‏:‏ أقيموا صفوفكم ثلاثا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم‏.‏
قال‏:‏ فلقد رأيت الرجل منا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه ‏"‏ واستدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبي الرجل - وهو عند ملتقى الساق والقدم - وهو الذي يمكن أن يلزق بالذي بجنبه، خلافا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم، وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم وأثبته بعضهم في مسألة الحج لا الوضوء، وأنكر الأصمعي قول من زعم أن الكعب في ظهر القدم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ رواه سعيد بن منصور عن هشيم فصرح فيه بتحديث أنس لحميد وفيه الزيادة التي في آخره وهي قوله ‏"‏ وكان أحدنا الخ ‏"‏ وصرح بأنها من قول أنس‏.‏
وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ ‏"‏ قال أنس‏:‏ فلقد رأيت أحدنا الخ ‏"‏ وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته، وزاد معمر في روايته ‏"‏ ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:26 PM   #291
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ وَحَوَّلَهُ الْإِمَامُ خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه تمت صلاته‏)‏ تقدم أكثر لفظ هذه الترجمة قبل بنحو من عشرين بابا لكن ليس هناك لفظ ‏"‏ خلفه ‏"‏ وقال هناك ‏"‏ لم تفسد صلاتهما ‏"‏ بدل قوله ‏"‏ تمت صلاته ‏"‏ وأخرج هناك حديث ابن عباس هذا لكن من وجه آخر، ولم ينبه أحد من الشراح على حكمة هذه الإعادة، بل أسقط بعضهم الكلام على هذا الباب‏.‏
والذي يظهر لي أن حكمهما مختلف لاختلاف الجوابين، فقوله ‏"‏ لم تفسد صلاتهما ‏"‏ أي بالعمل الواقع منهما لكونه خفيفا وهو من مصلحة الصلاة أيضا، وقوله ‏"‏تمت صلاته ‏"‏ أي المأموم ولا يضر وقوفه عن يسار الإمام أولا مع كونه في غير موقفه، ولأنه معذور بعدم العلم بذلك الحكم‏.‏

ويحتمل أن يكون الضمير للإمام وتوجيهه أن الإمام وحده في مقام الصف، ومحاولته لتحويل المأموم فيه التفات ببعض بدنه ولكن ليس تركا لإقامة الصف للمصلحة المذكورة، فصلاته على هذا لا نقص فيها من هذه الجهة والله أعلم‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون الضمير للرجل لأن الفاعل وإن تأخر لفظا لكنه متقدم رتبة فلكل منها قرب من وجه‏.‏
قلت‏:‏ لكن إذا عاد الضمير للإمام أفاد أنه احترز أن يحوله من بين يديه لئلا يصير كالمار بين يديه‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفًّا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المرأة وحدها تكون صفا‏)‏ أي في حكم الصف، وبهذا يندفع اعتراض الإسماعيلي حيث قال‏:‏ الشخص الواحد لا يسمى صفا، وأقل ما يقوم الصف باثنين‏.‏
ثم إن هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه ابن عبد البر من حديث عائشة مرفوعا ‏"‏ والمرأة وحدها صف‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، وإن كان عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قد روى هذا الحديث أيضا عن سفيان وهو ابن عيينة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن إسحاق عن أنس‏)‏ في رواية الحميدي عند أبي نعيم وعلي بن المديني عند الإسماعيلي كلاهما عن سفيان ‏"‏ حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صليت أنا ويتيم‏)‏ كذا للجميع، وكذا وقع في خبر يحيى بن يحيى المشهور من روايته عن ابن عيينة‏.‏
ووقع عند ابن فتحون فيما رواه عن ابن السكن بسنده في الخبر المذكور ‏"‏ صليت أنا وسليم ‏"‏ بسين مهملة ولام مصغرا فتصحفت على الراوي من لفظ ‏"‏ يتيم ‏"‏ ومشى على ذلك ابن فتحون فقال في ذيله على الاستيعاب‏:‏ سليم غير منسوب وساق هذا الحديث‏.‏
ثم إن هذا طرف من حديث اختصره سفيان وطوله مالك كما تقدم في ‏"‏ باب الصلاة على الحصير ‏"‏ واستدل بقوله ‏"‏ فصففت أنا واليتيم وراءه ‏"‏ على أن السنة في موقف الاثنين أن يصفا خلف الإمام، خلافا لمن قال من الكوفيين أن أحدهما يقف عن يمينه والآخر عن يساره، وحجتهم في ذلك حديث ابن مسعود الذي أخرجه أبو داود وغيره عنه أنه أقام علقمة عن يمينه والأسود عن شماله، وأجاب عنه ابن سيربن بأن ذلك كان لضيق المكان، رواه الطحاوي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمي أم سليم خلفنا‏)‏ فيه أن المرأة لا تصف مع الرجال، وأصله ما يخشى من الافتتان بها فلو خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور، وعن الحنفية تفسد صلاة الرجل دون المرأة، وهو عجيب وفي توجيهه تعسف حيث قال قائلهم‏:‏ دليله قول ابن مسعود ‏"‏ أخروهن من حيث أخرهن الله ‏"‏ والأمر للوجوب، وحيث ظرف مكان ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها، وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه، والله المستعان‏.‏
فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب وأمر لابسه أن ينزعه، فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك‏؟‏ وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته وأثم، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته ولا سيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ الأقرب أن البخاري قصد أن يبين أن هذا مستثنى من عموم الحديث الذي فيه ‏"‏ لا صلاة لمنفرد خلف الصف ‏"‏ يعني أنه مختص بالرجال، والحديث المذكور أخرجه ابن حبان من حديث علي بن شيبان، وفي صحته نظر كما سنذكره في ‏"‏ باب إذا ركع دون الصف ‏"‏ واستدل به ابن بطال على صحة صلاة المنفرد خلف الصف خلافا لأحمد، قال‏:‏ لأنه لما ثبت ذلك للمرأة كان للرجل أولى، لكن لمخالفه أن يقول‏:‏ إنما ساغ ذلك لامتناع أن تصف مع الرجال، بخلاف الرجل فإن له أن يصف معهم وأن يزاحمهم وأن يجذب رجلا من حاشية الصف فيقوم معه فافترقا‏.‏
وباقي مباحثه تقدمت في ‏"‏ باب الصلاة على الحصير‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:30 PM   #292
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ميمنة المسجد والإمام‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس مختصرا، وهو موافق للترجمة‏:‏ أما للإمام فبالمطابقة، وأما للمسجد فباللزوم‏.‏
وقد تعقب من وجه آخر، وهو أن الحديث إنما ورد فيما إذا كان المأموم واحدا، أما إذا كثروا فلا دليل فيه على فضيلة ميمنة المسجد‏.‏
وكأنه أشار إلى ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن البراء قال ‏"‏ كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه‏"‏، ولأبي داود بإسناد حسن عن عائشة مرفوعا ‏"‏ أن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف‏"‏‏.‏
وأما ما رواه ابن ماجه عن ابن عمر قال ‏"‏ قيل للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن ميسرة المسجد تعطلت، فقال‏:‏ من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر ‏"‏ ففي إسناده مقال‏.‏
وإن ثبت فلا يعارض الأول لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قُمْتُ لَيْلَةً أُصَلِّي عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ بِعَضُدِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ بِيَدِهِ مِنْ وَرَائِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل التبوذكي، وعاصم هو ابن سليمان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال بيده‏)‏ أي تناول، ويدل عليه رواية الإسماعيلي ‏"‏ فأخذ بيدي‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من ورائي‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من ورائه ‏"‏ وهو أوجه‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة‏)‏ أي هل يضر ذلك بالاقتداء أو لا‏؟‏ والظاهر من تصرفه أنه لا يضر كما ذهب إليه المالكية، والمسألة ذات خلاف شهير، ومنهم من فرق بين المسجد وغيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏)‏ لم أره موصولا بلفظه، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه في الرجل يصلي خلف الإمام أو فوق سطح يأتم به‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو مجلز‏)‏ وصله ابن أبي شيبة عن معتمر عن ليث بن أبي سليم عنه بمعناه، وليث ضعيف، لكن أخرجه عبد الرزاق عن ابن التيمي وهو معتمر عن أبيه عنه، فإن كان مضبوطا فهو إسناد صحيح‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني محمد‏)‏ هو ابن سلام، قاله أبو نعيم وبه جزم ابن عساكر في روايته، وعبدة هو ابن سليمان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في حجرته‏)‏ ظاهره أن المراد حجرة بيته، ويدل عليه ذكر جدار الحجرة، وأوضح منه رواية حماد بن زيد عن يحيى عند أبي نعيم بلفظ ‏"‏ كان يصلي في حجرة من حجر أزواجه ‏"‏ ويحتمل أن المراد الحجرة التي كان احتجرها في المسجد بالحصير كما في الرواية التي بعد هذه، وكذا حديث زيد بن ثابت الذي بعده، ولأبي داود ومحمد بن نصر من وجهين آخرين عن أبي سلمة عن عائشة أنها هي التي نصبت له الحصير على باب بيتها، فإما أن يحمل على التعدد، أو على المجاز في الجدار وفي نسبة الحجرة إليها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقام ناس‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فقام أناس ‏"‏ وهذا موضع الترجمة لأن مقتضاه أنهم كانوا يصلون بصلاته وهو داخل الحجرة وهم خارجها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقام ليلة الثانية‏)‏ كذا للأكثر، وفيه حذف تقديره ليلة الغداة الثانية‏.‏
وفي رواية الأصيلي ‏"‏ فقام الليلة الثانية‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلما أصبح ذكر ذلك الناس‏)‏ أي له، وأفاد عبد الرزاق أن الذي خاطبه بذلك عمر رضي الله عنه، أخرجه عن معمر عن الزهري عن عروة عنها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن تكتب عليكم‏)‏ أي تفرض، وهي رواية حماد بن زيد عند أبي نعيم، وكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري عن عروة عنها، وستأتي بقية مباحثه في كتاب التهجد إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:36 PM   #293
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب صَلَاةِ اللَّيْلِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب صلاة الليل‏)‏ كذا وقع في رواية المستملي وحده، ولم يعرج عليه أكثر الشراح ولا ذكره الإسماعيلي، وهو السياق لأن التراجم متعلقة بأبواب الصفوف وإقامتها، ولما كانت الصلاة بالحائل قد يتخيل أنها مانعة من إقامة الصف‏.‏
ترجم لها وأوردها ما عنده فيها، فأما صلاة الليل بخصوصها فلها كتاب مفرد سيأتي في أواخر الصلاة، وكأن النسخة وقع فيها تكرير لفظ ‏"‏ صلاة الليل ‏"‏ وهي الجملة التي في آخر الحديث الذي قبله فظن الراوي أنها ترجمة مستقلة فصدرها بلفظ ‏"‏ باب ‏"‏ وقد تكلف ابن رشيد توجيهها بما حاصله‏:‏ إن من صلى بالليل مأموما في الظلمة كانت فيه مشابهة بمن صلى وراء حائل‏.‏
وأبعد منه من قال‏:‏ يريد أن من صلى بالليل مأموما في الظلمة كان كمن صلى وراء حائط‏.‏
ثم ظهر لي احتمال أن يكون المراد صلاة الليل جماعة فحذف لفظ جماعة‏.‏
والذي يأتي في أبواب التهجد إنما هو حكم صلاة الليل وكيفيتها في عدد الركعات أو في المسجد أو البيت وهو ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن المقبري‏)‏ هو سعيد، والإسناد كله مدنيون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويحتجزه‏)‏ كذا للأكثر بالراء أي يتخذه مثل الحجرة‏.‏
وفي رواية الكشميهني بالزاي بدل الراء أي يجعله حاجزا بينه وبين غيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فثاب‏)‏ كذا للأكثر بمثلثة ثم موحدة أي اجتمعوا، ووقع عند الخطابي ‏"‏ آبوا ‏"‏ أي رجعوا‏.‏
وفي رواية الكشمهيني والسرخسي ‏"‏ فثار ‏"‏ بالمثلثة والراء أي قاموا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فصلوا وراءه‏)‏ كذا أورده مختصرا، وغرضه بيان أن الحجرة المذكورة في الرواية التي قبل هذه كانت حصيرا‏.‏
وقد ساقه الإسماعيلي من وجه آخر عن ابن أبي ذئب تاما، وسنذكر الكلام على فوائده في كتاب التهجد إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ قَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سالم أبي النضر‏)‏ كذا لأكثر الرواة عن موسى بن عقبة، وخالفهم ابن جريج عن موسى فلم يذكر أبا النضر في الإسناد أخرجه النسائي، ورواية الجماعة أولى‏.‏
وقد وافقهم مالك في الإسناد لكن لم يرفعه في الموطأ، وروى عنه خارج الموطأ مرفوعا، وفيه ثلاثة من التابعين مدنيون على نسق أولهم موسى المذكور‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حجرة‏)‏ كذا للأكثر بالراء، وللكشميهني أيضا بالزاي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من صنيعكم‏)‏ كذا للأكثر وللكشميهني بضم الصاد وسكون النون، وليس المراد به صلاتهم فقط، بل كونهم رفعوا أصواتهم وسبحوا به ليخرج إليهم، وحصب بعضهم الباب لظنهم أنه نائم كما ذكر المؤلف ذلك في الأدب وفي الاعتصام، وزاد فيه ‏"‏ حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به ‏"‏ وقد استشكل الخطابي هذه الخشية كما سنوضحه في كتاب التهجد إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة‏)‏ ظاهره أنه يشمل جميع النوافل، لأن المراد بالمكتوبة المفروضة، لكنه محمول على ما لا يشرع فيه التجميع، وكذا ما لا يخص المسجد كركعتي التحية، كذا قال بعض أئمتنا‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة ما يشرع في البيت وفي المسجد معا فلا تدخل تحية المسجد لأنها لا تشرع في البيت، وأن يكون المراد بالمكتوبة ما تشرع فيه الجماعة، وهل يدخل ما وجب بعارض كالمنذورة‏؟‏ فيه نظر، والمراد بالمكتوبة الصلوات الخمس لا ما وجب بعارض كالمنذورة، والمراد بالمرء جنس الرجال فلا يرد استثناء النساء لثبوت قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا تمنعوهن المساجد وبيوتهن خير لهن ‏"‏ أخرجه مسلم؛ قال النووي‏:‏ إنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة وينفر منه الشيطان، وعلى هذا يمكن أن يخرج بقوله ‏"‏ في بيته ‏"‏ بيت غيره ولو أمن فيه من الرياء‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال عفان‏)‏ كذا في رواية كريمة وحدها، ولم يذكره الإسماعيلي ولا أبو نعيم، وذكر خلف في الأطراف في رواية حماد بن شاكر ‏"‏ حدثنا عفان ‏"‏ وفيه نظر لأنه أخرجه في كتاب الاعتصام بواسطة بينه وبين عفان‏.‏
ثم فائدة هذه الطريق بيان سماع موسى بن عقبة له من أبي النضر‏.‏
والله أعلم‏.‏
‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتملت أبواب الجماعة والإمامة من الأحاديث المرفوعة على مائة واثنين وعشرين حديثا، الموصول منها ستة وتسعون، والمعلق ستة وعشرون، المكرر منها فيه وفيما مضى تسعون حديثا، الخالص اثنان وثلاثون، وافقه مسلم على تخريجها سوى تسعة أحاديث وهي‏:‏ حديث أبي سعيد في فضل الجماعة، وحديث أبي الدرداء ‏"‏ ما أعرف شيئا‏"‏، وحديث أنس ‏"‏ كان رجل من الأنصار ضخما‏"‏، وحديث مالك بن الحويرث في صفة الصلاة، وحديث ابن عمر ‏"‏ لما قدم المهاجرون‏"‏‏.‏
وحديث أبي هريرة ‏"‏ يصلون فإن أصابوا‏"‏، وحديث النعمان المعلق في الصفوف، وحديث أنس ‏"‏ كان أحدنا يلزق منكبه‏"‏، وحديثه في إنكاره إقامة الصفوف‏.‏
وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين سبعة عشر أثرا كلها معلقة إلا أثر ابن عمر أنه ‏"‏ كان يأكل قبل أن يصلي‏"‏، وأثر عثمان ‏"‏ الصلاة أحسن ما يعمل الناس ‏"‏ فإنهما موصولان والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:38 PM   #294
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِيجَابِ التَّكْبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة‏)‏ قيل‏:‏ أطلق الإيجاب والمراد الوجوب تجوزا، لأن الإيجاب خطاب الشارع، والوجوب ما يتعلق بالمكلف وهو المراد هنا‏.‏
ثم الظاهر أن الواو عاطفة إما على المضاف وهو إيجاب وإما على المضاف إليه وهو التكبير، والأول أولى إن كان المراد بالافتتاح الدعاء لكنه لا يجب، والذي يظهر من سياقه أن الواو بمعنى مع، وأن المراد بالافتتاح الشروع في الصلاة‏.‏
وأبعد من قال إنها بمعنى الموحدة أو اللام، وكأنه أشار إلى حديث عائشة ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح بالتكبير ‏"‏ وسيأتي بعد بابين حديث ابن عمر ‏"‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة ‏"‏ واستدل به وبحديث عائشة على تعين لفظ التكبير دون غيره من ألفاظ التعظيم، وهو قول الجمهور، ووافقهم أبو يوسف‏.‏
وعن الحنفية تنعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم‏.‏
ومن حجة الجمهور حديث رفاعة في قصة المسيء صلاته أخرجه أبو داود بلفظ ‏"‏ لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر ‏"‏ ورواه الطبراني بلفظ ‏"‏ ثم يقول الله أكبر ‏"‏ وحديث أبي حميد ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال‏:‏ الله أكبر ‏"‏ أخرجه ابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وهذا فيه بيان المراد بالتكبير وهو قول ‏"‏ الله أكبر‏"‏‏.‏
وروى البزار بإسناد صحيح على شرط مسلم عن علي ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال‏:‏ الله أكبر ‏"‏ ولأحمد والنسائي من طريق واسع بن حبان أنه سأل ابن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ الله أكبر كلما وضع ورفع ‏"‏ ثم أورد المصنف حديث أنس ‏"‏ إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ من وجهين ثم حديث أبي هريرة في ذلك، واعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ ليس في الطريق الأول ذكر التكبير ولا في الثاني والثالث بيان إيجاب التكبير وإنما فيه الأمر بتأخير المأموم عن الإمام قال‏:‏ ولو كان ذلك إيجابا للتكبير لكان قوله ‏"‏ فقولوا ربنا ولك الحمد ‏"‏ إيجابا لذلك على المأموم‏.‏
وأجيب عن الأول بأن مراد المصنف أن يبين أن حديث أنس من الطريقين واحد اختصره شعيب وأتمه الليث، وإنما احتاج إلى ذكر الطريق المختصرة لتصريح الزهري فيها بإخبار أنس له، وعن الثاني بأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وفعله بيان لمجمل الصلاة، وبيان الواجب واجب، كذا وجهه ابن رشيد، وتعقب بالاعتراض الثالث وليس بوارد على البخاري لاحتمال أن يكون قائلا بوجوبه كما قال به شيخه إسحاق بن راهويه‏.‏
وقيل في الجواب أيضا، إذا ثبت إيجاب التكبير في حالة من الأحوال طابق الترجمة، ووجوبه على المأموم ظاهر من الحديث، وأما الإمام فمسكوت عنه‏.‏
ويمكن أن يقال‏:‏ في السياق إشارة إلى الإيجاب لتعبيره بإذا التي تختص بما يجزم بوقوعه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ الحديث دال على الجزء الثاني من الترجمة لأن لفظ ‏"‏ إذا صلى قائما ‏"‏ متناول لكون الافتتاح في حال القيام فكأنه قال‏:‏ إذا افتتح الإمام الصلاة قائما فافتتحوا أنتم أيضا قياما‏.‏
قال‏:‏ ويحتمل أن تكون الواو بمعنى مع والمعنى باب إيجاب التكبير عند افتتاح الصلاة، فحينئذ دلالته على الترجمة مشكل‏.‏
انتهى‏.‏
ومحصل كلامه أنه لم يظهر له توجيه إيجاب التكبير من هذا الحديث، والله أعلم‏.‏
وقال في قوله ‏"‏ فقولوا ربنا ولك الحمد ‏"‏ لولا الدليل الخارجي وهو الإجماع على عدم وجوبه لكان هو أيضا واجبا‏.‏
انتهى‏.‏
وقد قال بوجوبه جماعة من السلف منهم الحميدي شيخ البخاري، وكأنه لم يطلع على ذلك‏.‏
وقد تقدم الكلام على فوائد المتن المذكور مستوفى في ‏"‏ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به‏"‏‏.‏
ووقع في رواية المستملي وحده في طريق شعيب عن الزهري ‏"‏ وإذا سجد فاسجدوا‏"‏‏.‏
ووقع في رواية الكشميهني في طريق الليث ‏"‏ ثم انصرف ‏"‏ بدل قوله ‏"‏ فلما انصرف ‏"‏ وزيادة الواو في قوله ‏"‏ ربنا لك الحمد ‏"‏ وسقط لفظ ‏"‏ جعل ‏"‏ عند السرخسي في حديث أبي هريرة من قوله ‏"‏ إنما جعل الإمام ليؤتم به‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ تكبيرة الإحرام ركن عند الجمهور، وقيل شرط وهو عند الحنفية، ووجه عند الشافعية، وقيل سنة‏.‏
قال ابن المنذر‏:‏ لم يقل به أحد غير الزهري، ونقله غيره عن سعيد بن المسيب والأوزاعي ومالك ولم يثبت عن أحد منهم تصريحا، وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعا تجزئه تكبيرة الركوع‏.‏
نعم نقله الكرخي من الحنفية عن إبراهيم بن علية وأبي بكر الأصم، ومخالفتهما للجمهور كثيرة‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يختلف في إيجاب النية في الصلاة، وقد أشار إليه المصنف في أواخر الإيمان حيث قال‏:‏ ‏"‏ باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية ‏"‏ فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة إلى آخر كلامه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2013, 05:39 PM   #295
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مَعَ الِافْتِتَاحِ سَوَاءً
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء‏)‏ هو ظاهر قوله في حديث الباب ‏"‏ يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ‏"‏ وفي رواية شعيب الآتية بعد باب ‏"‏ يرفع يديه حين يكبر ‏"‏ فهذا دليل المقارنة‏.‏
وقد ورد تقديم الرفع على التكبير وعكسه أخرجهما مسلم، ففي حديث الباب عنده من رواية ابن جريج وغيره عن ابن شهاب بلفظ ‏"‏ رفع يديه ثم كبر ‏"‏ وفي حديث مالك بن الحويرث عنده ‏"‏ كبر ثم رفع يديه ‏"‏ وفي المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء، والمرجح عند أصحابنا المقارنة، ولم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع، ويرجح الأول حديث وائل بن حجر عند أبي داود بلفظ ‏"‏ رفع يديه مع التكبير ‏"‏ وقضية المعية أنه ينتهي بانتهائه، وهو الذي صححه النووي في شرح المهذب ونقله عن نص الشافعي، وهو المرجح عند المالكية‏.‏
وصحح في الروضة - تبعا لأصلها - أنه لا حد لانتهائه‏.‏
وقال صاحب الهداية من الحنفية‏:‏ الأصح يرفع ثم يكبر، لأن الرفع نفي صفة الكبرياء عن غير الله، والتكبير إثبات ذلك له، والنفي سابق على الإثبات كما في كلمة الشهادة‏.‏
وهذا مبني على أن الحكمة في الرفع ما ذكر‏.‏
وقد قال فريق من العلماء‏:‏ الحكمة في اقترانهما أن يراه الأصم ويسمعه الأعمى‏.‏
وقد ذكرت في ذلك مناسبات أخر فقيل‏:‏ معناه الإشارة إلى طرح الدنيا والإقبال بكليته على العبادة، وقيل إلى الاستسلام والانقياد ليناسب فعله قوله الله أكبر‏.‏
وقيل إلى استعظام ما دخل فيه، وقيل إشارة إلى تمام القيام، وقيل إلى رفع الحجاب بين العبد والمعبود، وقيل ليستقبل بجميع بدنه، قال القرطبي‏:‏ هذا أنسبها‏.‏
وتعقب‏.‏
وقال الربيع قلت للشافعي‏:‏ ما معنى رفع اليدين‏؟‏ قال‏:‏ تعظيم الله واتباع سنة نبيه‏.‏
ونقل ابن عبد البر عن ابن عمر أنه قال‏:‏ رفع اليدين من زينة الصلاة‏.‏
وعن عقبة بن عامر قال ‏"‏ بكل رفع عشر حسنات، بكل إصبع حسنة‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن مسلمة‏)‏ هو القعنبي، وفي روايته هذه عن مالك خلاف ما في روايته عنه في الموطأ، وقد أخرجه الإسماعيلي من روايته بلفظ الموطأ قال الدار قطني‏:‏ رواه الشافعي والقعنبي، وسرد جماعة من رواة الموطأ فلم يذكروا فيه الرفع عند الركوع‏.‏
قال‏:‏ وحدث به عن مالك في غير الموطأ ابن المبارك وابن مهدي والقطان وغيرهم بإثباته‏.‏
وقال ابن عبد البر كل من رواه عن ابن شهاب أثبته غير مالك في الموطأ خاصة، قال النووي في شرح مسلم‏:‏ أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، ثم قال بعد أسطر‏:‏ أجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع، إلا أنه حكى وجوبه عند تكبيرة الإحرام عن داود، وبه قال أحمد بن سيار من أصحابنا ا ه‏.‏
واعترض عليه بأنه تناقض، وليس كما قال المعترض، فلعله أراد إجماع من قبل المذكورين أو لم يثبت عنده عنهما أو لأن الاستحباب لا ينافي الوجوب، وبالاعتذار الأول يندفع اعتراض من أورد عليه أن مالكا قال في روايته عنه إنه لا يستحب، نقله صاحب التبصرة منهم، وحكاه الباجي عن كثير من متقدميهم‏.‏
وأسلم العبارات قول ابن المنذر‏:‏ لم يختلفوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة‏.‏
وقول ابن عبد البر‏:‏ أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة‏.‏
وممن قال بالوجوب أيضا الأوزاعي والحميدي شيخ البخاري وابن خزيمة من أصحابنا نقله عنه الحاكم في ترجمة محمد بن علي العلوي، وحكاه القاضي حسين على الإمام أحمد‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ كل من نقل عنه الإيجاب لا يبطل الصلاة بتركه إلا في رواية عن الأوزاعي والحميدي‏.‏
قلت‏:‏ ونقل بعض الحنفية عن أبي حنيفة يأثم تاركه، وأما قول النووي في شرح المهذب أجمعوا على استحبابه ونقله ابن المنذر ونقل العبدري عن الزيدية أنه لا يرفع ولا يعتد بخلافهم، ونقل القفال عن أحمد بن سيار أنه أوجبه، وإذا لم يرفع لم تصح صلاته، وهو مردود بإجماع من قبله، وفي نقل الإجماع نظر فقد نقل القول بالوجوب عن بعض من تقدمه ونقله القفال في فتاويه عن أحمد بن سيار الذي مضى ونقله القرطبي في أوائل تفسيره عن بعض المالكية وهو مقتضى قول ابن خزيمة إنه ركن، واحتج ابن حزم بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وقد قال ‏"‏ صلوا كما رأيتموني أصلي ‏"‏ وسيأتي ما يرد عليه في ذلك في الباب الذي يليه، ويأتي الكلام على نهاية الرفع بعد بباب‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:35 PM   #296
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع‏)‏ قد صنف البخاري في هذه المسألة جزءا منفردا، وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك‏.‏
قال البخاري‏:‏ ولم يستثن الحسن أحدا‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ كل من روى عنه ترك الرفع في الركوع والرفع منه روى عنه فعله إلا ابن مسعود‏.‏
وقال محمد بن نصر المروزي‏:‏ أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك إلا أهل الكوفة‏.‏
وقال ابن عبد البر‏:‏ لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلا ابن القاسم‏.‏
والذي نأخذ به الرفع على حديث ابن عمر، وهو الذي رواه ابن وهب وغيره عن مالك، ولم يحك الترمذي عن مالك غيره، ونقل الخطابي وتبعه القرطبي في المفهم أنه آخر قولي مالك وأصحهما، ولم أر للمالكية دليلا على تركه ولا متمسكا إلا بقول ابن القاسم‏.‏
وأما الحنفية فعولوا على رواية مجاهد أنه صلى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك‏.‏
وأجيبوا بالطعن في إسناده لأن أبا بكر بن عياش راويه ساء حفظه بآخره، وعلى تقدير صحته فقد أثبت ذلك سالم ونافع وغيرهما عنه، وستأتي رواية نافع بعد بابين، والعدد الكثير أولى من واحد، لاسيما وهم مثبتون وهو ناف، مع أن الجمع بين الروايتين ممكن وهو أنه لم يكن يراه واجبا ففعله تارة وتركه أخرى‏.‏
ومما يدل على ضعفه ما رواه البخاري في ‏"‏ جزء رفع اليدين ‏"‏ عن مالك أن ابن عمر كان إذا رأى رجلا لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصا، واحتجوا بحديث ابن مسعود ‏"‏ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الافتتاح ثم لا يعود ‏"‏ أخرجه أبو داود، ورده الشافعي بأنه لم يثبت، قال‏:‏ ولو ثبت لكان المثبت مقدما على النافي، وقد صححه بعض أهل الحديث، لكنه استدل به على عدم الوجوب، والطحاوي إنما نصب الخلاف مع من يقول بوجوبه كالأوزاعي وبعض أهل الظاهر، ونقل البخاري عقب حديث ابن عمر في هذا الباب عن شيخه علي بن المديني قال‏:‏ حق على المسلمين أن يرفعوا أيديهم عند الركوع والرفع منه لحديث ابن عمر هذا، وهذا في رواية ابن عساكر‏.‏
وقد ذكره البخاري في ‏"‏ جزء رفع اليدين ‏"‏ وزاد‏:‏ وكان علي أعلم أهل زمانه‏.‏
ومقابل هذا قول بعض الحنفية أنه يبطل الصلاة‏.‏
ونسب بعض متأخري المغاربة فاعله إلى البدعة، ولهذا مال بعض محققيهم كما حكاه ابن دقيق العيد إلى تركه درءا لهذه المفسدة‏.‏
وقد قال البخاري في ‏"‏ جزء رفع اليدين ‏"‏‏:‏ من زعم أنه بدعة فقد طعن في الصحابة فإنه لم يثبت عن أحد منهم تركه‏.‏
قال‏:‏ ولا أسانيد أصح من أسانيد الرفع‏.‏
انتهى‏.‏
والله أعلم‏.‏
وذكر البخاري أيضا أنه رواه سبعة عشر رجلا من الصحابة، وذكر الحاكم وأبو القاسم بن منده ممن رواه العشرة المبشرة، وذكر شيخنا أبو الفضل الحافظ أنه تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك، ويونس هو ابن يزيد‏.‏
وأفادت هذه الطريق تصريح الزهري بإخبار سالم له به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ سماه غير أبي ذر فقالوا ‏"‏ عن عبد الله بن عمر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حين يكبر للركوع‏)‏ أي عند ابتداء الركوع، وهو مقتضى رواية مالك بن الحويرث المذكورة في الباب حيث قال ‏"‏ وإذا أراد أن يركع رفع يديه ‏"‏ وسيأتي في ‏"‏ باب التكبير إذا قام من السجود ‏"‏ من حديث أبي هريرة ‏"‏ ثم يكبر حين يركع‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع‏)‏ أي إذا أراد أن يرفع‏.‏
ويؤيده رواية أبي داود من طريق الزبيدي عن الزهري بلفظ ‏"‏ ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه ‏"‏ ومقتضاه أنه يبتدئ رفع يديه عند ابتداء القيام من الركوع، وأما رواية ابن عيينة عن الزهري التي أخرجها عنه أحمد وأخرجها عن أحمد أبو داود بلفظ ‏"‏ وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ‏"‏ فمعناه بعد ما يشرع في الرفع لتتفق الروايات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا يفعل ذلك في السجود‏)‏ أي لا في الهوى إليه ولا في الرفع منه كما في رواية شعيب في الباب الذي بعده حيث قال ‏"‏ حين يسجد ولا حين يرفع رأسه ‏"‏ وهذا يشمل ما إذا نهض من السجود إلى الثانية والرابعة والتشهدين، ويشمل ما إذا قام إلى الثالثة أيضا لكن بدون تشهد لكونه غير واجب وإذا قلنا باستحباب جلسة الاستراحة لم يدل هذا اللفظ على نفي ذلك عند القيام منها إلى الثانية والرابعة، لكن قد روى يحيى القطان عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا هذا الحديث وفيه ‏"‏ ولا يرفع بعد ذلك ‏"‏ أخرجه الدار قطني في الغرائب بإسناد حسن‏.‏
وظاهره يشمل النفي عما عدا المواطن الثلاثة، وسيأتي إثبات ذلك في موطن رابع بعد بباب‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ هَكَذَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن خالد‏)‏ هو الحذاء‏.‏
وفي رواية المستملي والسرخسي ‏"‏ حدثنا خالد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا صلى كبر ورفع يديه‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ ثم رفع ‏"‏ وزاد مسلم من رواية نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث ‏"‏ حتى يحاذي بهما أذنيه ‏"‏ ووهم المحب الطبري فعزاه للمتفق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وحدث‏)‏ أي مالك بن الحويرث، وليس معطوفا على قوله ‏"‏ رأى ‏"‏ فيبقى فاعله أبو قلابة فيصير مرسلا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:37 PM   #297
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إلى أين يرفع يديه‏)‏ لم يجزم المصنف بالحكم كما جزم به قبل وبعد جريا على عادته فيما إذا قوى الخلاف، لكن الأرجح عنده محاذاة المنكبين لاقتصاره على إيراد دليله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو حميد الخ‏)‏ هذا التعليق طرف من حديث سيأتي في ‏"‏ باب سنة الجلوس في التشهد ‏"‏ وسنذكر هناك من عرفنا اسمه من أصحابه المذكورين إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حذو منكبيه‏)‏ بفتح المهملة وإسكان الذال المعجمة أي مقابلهما، والمنكب مجمع عظم العضد والكتف، وبهذا أخذ الشافعي والجمهور‏.‏
وذهب الحنفية إلى حديث مالك بن الحويرث المقدم ذكره عند مسلم، وفي لفظ له عنه حتى يحاذي بهما فروع أذنيه، وعند أبي داود من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر بلفظ ‏"‏ حتى حاذتا أذنيه ‏"‏ ورجح الأول لكون إسناده أصح‏.‏
وروى أبو ثور عن الشافعي أنه جمع بينهما فقال‏:‏ يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين‏.‏
ويؤيده رواية أخرى عن وائل عند أبي داود بلفظ ‏"‏ حتى كانتا حيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه ‏"‏ وبهذا قال المتأخرون من المالكية فيما حكاه ابن شاس في الجواهر لكن روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه في الافتتاح، وفي غيره دون ذلك، أخرجه أبو داود‏.‏
ويعارضه قول ابن جريج‏:‏ قلت لنافع أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏
ذكره أبو داود أيضا وقال‏:‏ لم يذكر رفعهما دون ذلك غير مالك فيما أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وإذا قال سمع الله لمن حمده فعل مثله‏)‏ ظاهره أنه يقول التسميع في ابتداء ارتفاعه من الركوع، وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب قليلة‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ لم يرد ما يدل على التفرقة في الرفع بين الرجل والمرأة، وعن الحنفية يرفع الرجل إلى الأذنين والمرأة إلى المنكبين لأنه أستر لها‏.‏
والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين‏)‏ أي بعد التشهد، فيخرج ما إذا تركه ونهض قائما من السجود لعموم قوله في الرواية التي قبله ‏"‏ ولا حين يرفع رأس من السجود‏"‏، ويحتمل حمل النفي هناك على حالة رفع الرأس من السجود لا على ما بعد ذلك حين يستوي قائما‏.‏
وأبعد من استدل بقول سالم في روايته ‏"‏ ولا يفعل ذلك في السجود ‏"‏ على موافقة رواية نافع في حديث هذا الباب حيث قال ‏"‏ وإذا قام من الركعتين ‏"‏ لأنه لا يلزم من كونه لم ينفه أنه أثبته بل هو ساكت عنه‏.‏
وأبعد أيضا من استدل برواية سالم على ضعف رواية نافع، والحق أنه ليس بين روايتي نافع وسالم تعارض، بل في رواية نافع زيادة لم ينفها سالم، وستأتي الإشارة إلى أن سالما أثبتها من وجه آخر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عياش‏)‏ هو بالمثناة التحتانية وبالمعجمة وهو ابن الوليد الرقام، وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى، وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية أبي ذر ‏"‏ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قال أبو داود‏:‏ رواه الثقفي يعني عبد الوهاب عن عبيد الله فلم يرفعه وهو الصحيح، وكذا رواه الليث بن سعد وابن جريج ومالك يعني عن نافع موقوفا، وحكي الدار قطني في العلل الاختلاف في وقفه ورفعه وقال‏:‏ الأشبه بالصواب قول عبد الأعلى‏.‏
وحكى الإسماعيلي عن بعض مشايخه أنه أومأ إلى أن عبد الأعلى أخطأ في رفعه، قال الإسماعيلي‏:‏ وخالفه عبد الله بن إدريس وعبد الوهاب الثقفي والمعتمر يعني عن عبيد الله فرووه موقوفا عن ابن عمر‏.‏
قلت‏:‏ وقفه معتمر وعبد الوهاب عن عبيد الله عن نافع كما قال، لكن رفعاه عن عبيد الله عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أخرجهما البخاري في ‏"‏ جزء رفع اليدين ‏"‏ وفيه الزيادة، وقد توبع نافع على ذلك عن ابن عمر، وهو فيما رواه أبو داود وصححه البخاري في الجزء المذكور من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر قال ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام في الركعتين كبر ورفع يديه ‏"‏ وله شواهد منها حديث أبي حميد الساعدي وحديث علي بن أبي طالب أخرجهما أبو داود وصححهما ابن خزيمة وابن حبان‏.‏
وقال البخاري في الجزء المذكور‏:‏ ما زاده ابن عمر وعلي وأبو حميد في عشرة من الصحابة من الرفع عند القيام من الركعتين صحيح، لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فاختلفوا فيها وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ هذه زيادة يجب قبولها لمن يقول بالرفع‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ لم يقل به الشافعي، وهو لازم على أصله في قبول الزيادة‏.‏
وقال ابن خزيمة‏:‏ هو سنة، وإن لم يذكره الشافعي فالإسناد صحيح، وقد قال‏:‏ قولوا بالسنة ودعوا قولي‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ قياس نظر الشافعي أنه يستحب الرفع فيه لأنه أثبت الرفع عند الركوع والرفع منه لكونه زائدا على من اقتصر عليه عند الافتتاح، والحجة في الموضعين واحدة، وأول راض سيرة من يسيرها‏.‏
قال‏:‏ والصواب إثباته، وأما كونه مذهبا للشافعي لكونه قال‏:‏ إذا صح الحديث فهو مذهبي ففيه نظر‏.‏
انتهى‏.‏
ووجه النظر أن محل العمل بهذه الوصية ما إذا عرف أن الحديث لم يطلع عليه الشافعي، أما إذا عرف أنه اطلع عليه ورده أو تأوله بوجه من الوجوه فلا، والأمر هنا محتمل‏.‏
واستنبط البيهقي من كلام الشافعي أنه يقول به لقوله في حديث أبي حميد المشتمل على هذه السنة وغيرها‏:‏ وبهذا نقول‏.‏
وأطلق النووي في الروضة أن الشافعي نص عليه، لكن الذي رأيت في الأم خلاف ذلك فقال في ‏"‏ باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة ‏"‏ بعد أن أورد حديث ابن عمر من طريق سالم وتكلم عليه‏:‏ ولا نأمره أن يرفع يديه في شيء من الذكر في الصلاة التي لها ركوع وسجود إلا في هذه المواضع الثلاثة‏.‏
وأما ما وقع في أواخر البويطي‏:‏ يرفع يديه في كل خفض ورفع، فيحمل الخفض على الركوع والرفع على الاعتدال، وإلا فحمله على ظاهره يقتضي استحبابه في السجود أيضا وهو خلاف ما عليه الجمهور، وقد نفاه ابن عمر‏.‏
وأغرب الشيخ أبو حامد في تعليقه فنقل الإجماع على أنه لا يشرع الرفع في غير المواطن الثلاثة، وتعقب بصحة ذلك عن ابن عمر وابن عباس وطاوس ونافع وعطاء كما أخرجه عبد الرزاق وغيره عنهم بأسانيد قوية، وقد قال به من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وأبو علي الطبري والبيهقي والبغوي وحكاه ابن خويز منداد عن مالك وهو شاذ‏.‏
وأصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نصر ابن عاصم عن مالك بن الحويرث ‏"‏ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من ركوعه، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ‏"‏ وقد أخرج مسلم بهذا الإسناد طرفه الأخير كما ذكرناه في أول الباب الذي قبل هذا، ولم ينفرد به سعيد فقد تابعه همام عن قتادة عند أبي عوانة في صحيحه‏.‏
وفي الباب عن جماعة من الصحابة لا يخلو شيء منها عن مقال، وقد روى البخاري في ‏"‏ جزء رفع اليدين ‏"‏ في حديث على المرفوع ‏"‏ ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد ‏"‏ وأشار إلى تضعيف ما ورد في ذلك‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ روى الطحاوي حديث الباب في مشكله من طريق نصر بن علي عن عبد الأعلى بلفظ ‏"‏ كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقيام وقعود وبين السجدتين ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ‏"‏ وهذه رواية شاذة، فقد رواه الإسماعيلي عن جماعة من مشايخه الحفاظ عن نصر بن علي المذكور بلفظ عياش شيخ البخاري، وكذا رواه هو وأبو نعيم من طريق أخرى عن عبد الأعلى كذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رواه حماد بن سلمة عن أيوب الخ‏)‏ وصله البخاري في الجزء المذكور عن موسى بن إسماعيل عن حماد مرفوعا ولفظه ‏"‏ كان إذا كبر رفع يديه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ورواه ابن طهمان‏)‏ يعني إبراهيم عن أيوب وموسى بن عقبة، وهذا وصله البيهقي من طريق عمر بن عبد الله بن رزين عن إبراهيم بن طهمان بهذا السند موقوفا نحو حديث حماد وقال في آخره ‏"‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك‏"‏‏.‏
واعترض الإسماعيلي فقال‏:‏ ليس في حديث حماد ولا ابن طهمان الرفع من الركعتين المعقود لأجله الباب، قال‏:‏ فلعل المحدث عنه دخل له باب في باب، يعني أن هذا التعليق يليق بحديث سالم الذي في الباب الماضي‏.‏
وأجيب بأن البخاري قصد الرد على من جزم بأن رواية نافع لأصل الحديث موقوفة وأنه خالف في ذلك سالما كما نقله ابن عبد البر وغيره، وقد تبين بهذا التعليق أنه اختلف على نافع في وقفه ورفعه لا خصوص هذه الزيادة، والذي يظهر أن السبب في هذا الاختلاف أن نافعا كان يرويه موقوفا ثم يعقبه بالرفع، فكأنه كان أحيانا يقتصر على الموقوف أو يقتصر عليه بعض الرواة عنه، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:38 PM   #298
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة‏)‏ أي في حال القيام‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو حَازِمٍ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يُنْمَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِي
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان الناس يؤمرون‏)‏ هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏على ذراعه‏)‏ أبهم موضعه من الذراع، وفي حديث وائل عند أبي داود والنسائي ‏"‏ ثم وضع يده اليمنى على ظهره كفه اليسرى والرسغ والساعد ‏"‏ وصححه ابن خزيمة وغيره، وأصله في صحيح مسلم بدون الزيادة، والرسغ بضم الراء وسكون السين المهملة بعدها معجمة هو المفصل بين الساعد والكف، وسيأتي أثر على نحوه في أواخر الصلاة، ولم يذكر أيضا محلهما من الجسد‏.‏
وقد روى ابن خزيمة من حديث وائل أنه وضعهما على صدره، والبزار عند صدره، وعند أحمد في حديث هلب الطائي نحوه‏.‏
وهلب بضم الهاء وسكون اللام بعدها موحدة، وفي زيادات المسند من حديث علي أنه وضعهما تحت السرة وإسناده ضعيف‏.‏
واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال‏:‏ هذا معلول، لأنه ظن من أبي حازم، ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه الخ لكان في حكم المرفوع، لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع، ومثله قول عائشة كنا نؤمر بقضاء الصوم فإنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم‏.‏
وقد ورد في سنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن السكن شيء يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور، فروى عن ابن مسعود قال ‏"‏ رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعا يدي اليسرى على يدي اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى ‏"‏ إسناده حسن، قيل‏:‏ لو كان مرفوعا ما احتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلمه الخ، والجواب أنه أراد الانتقال إلى التصريح، فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال‏:‏ له حكم الرفع، قال العلماء‏:‏ الحكمة في هذه الهيئة أنه صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع، وكأن البخاري لحظ ذلك فعقبه بباب الخشوع‏.‏
ومن اللطائف قول بعضهم‏:‏ القلب موضع النية، والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه‏.‏
قال ابن عبد البر‏:‏ لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف، وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره‏.‏
وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال، وصار إليه أكثر أصحابه، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة‏.‏
ومنهم من كره الإمساك‏.‏
ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو حازم‏)‏ يعني راويه بالسند المذكور إليه ‏(‏لا أعلمه‏)‏ أي سهل بن سعد ‏(‏إلا ينمي‏)‏ أوله وسكون النون وكسر الميم، قال أهل اللغة‏:‏ نميت الحديث إلى غيري رفعته وأسندته وصرح بذلك معن بن عيسى وابن يوسف الإسماعيلي والدار قطني، وزاد ابن وهب‏:‏ ثلاثتهم عن مالك بلفظ ‏"‏ يرفع ذلك‏"‏، ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي ينميه فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يقيده‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسماعيل ينمي ذلك ولم يقل ينمي‏)‏ الأول بضم أوله وفتح الميم بلفظ المجهول، والثاني وهو المنفي كرواية القعنبي، فعلى الأول الهاء ضمير الشأن فيكون مرسلا لأن أبا حازم لم يعين من نماه له، وعلى رواية القعنبي الضمير لسهل شيخه فهو متصل‏.‏
وإسماعيل هذا هو ابن أبي أويس شيخ البخاري كما جزم به الحميدي في الجمع‏.‏
وقرأت بخط مغلطاي هو إسماعيل بن إسحاق القاضي، وكأنه رأى الحديث عند الجوزقي والبيهقي وغيرهما من روايته عن القعنبي فظن أنه المراد، وليس كذلك لأن رواية إسماعيل بن إسحاق موافقة لرواية البخاري، ولم يذكر أحد أن البخاري روى عنه وهو أصغر سنا من البخاري وأحدث سماعا، وقد شاركه في كثير من مشايخه البصريين القدماء‏:‏ ووافق إسماعيل بن أبي أويس على هذه الرواية عن مالك ابن سويد بن سعيد فيما أخرجه الدار قطني في الغرائب‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ حكى في المطالع أن رواية القعنبي بضم أوله من أنمى، قال‏:‏ وهو غلط؛ وتعقب بأن الزجاج ذكر في ‏"‏ كتاب فعلت وأفعلت ‏"‏‏:‏ نميت الحديث وأنميته، وكذا حكاه ابن دريد وغيره‏.‏
ومع ذلك فالذي ضبطناه في البخاري عن القعنبي بفتح أوله من الثلاثي، فلعل الضم رواية القعنبي في الموطأ، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الخشوع في الصلاة‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ من رواية أبي ذر‏.‏
والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون، وقيل‏:‏ لا بد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره‏.‏
وقال غيره‏:‏ هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة‏.‏
ويدل على أنه من عمل القلب حديث على ‏"‏ الخشوع في القلب ‏"‏ أخرجه الحاكم‏.‏
وأما حديث ‏"‏ لو خشع هذا خشعت جوارحه ‏"‏ ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي
الشرح‏:‏
حديث أبي هريرة من هذا الوجه سبق الكلام عليه في ‏"‏ باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة ‏"‏ من أبواب القبلة‏.‏
وأورد فيه أيضا حديث أنس من وجه آخر ببعض مغايرة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي وَرُبَّمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ عند الإسماعيلي من رواية أبي موسى عن غندر التصريح بقولي قتادة ‏"‏ سمعت أنس بن مالك‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أقيموا الركوع والسجود‏)‏ أي أكملوهما‏.‏
وفي رواية معاذ عن شعبة عن الإسماعيلي ‏"‏ أتموا ‏"‏ بدل أقيموا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فوالله إني لأراكم من بعدي‏)‏ تقدم الكلام على معنى هذه الرواية‏.‏
وأغرب الداودي الشارح فحمل البعدية هنا على ما بعد الوفاة؛ يعني أن أعمال الأمة تعرض عليه، وكأنه لم يتأمل سياق حديث أبي هريرة حيث بين فيه سبب هذه المقالة، وقد تقدم في الباب المذكور ما يدل على أن حديث أبي هريرة وحديث أنس في قضية واحدة، وهو مقتضى صنيع البخاري في إيراده الحديثين في هذا الباب، وكذا أوردهما مسلم معا‏.‏
واستشكل إيراد البخاري لحديث أنس هذا لكونه لا ذكر فيه للخشوع الذي ترجم له، وأجيب بأنه أراد أن ينبه على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن‏.‏
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن مجاهد قال ‏"‏ كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود ‏"‏ وحدث أن أبا بكر الصديق كان كذلك‏.‏
قال وكان يقال‏:‏ ذاك الخشوع في الصلاة‏.‏
واستدل بحديث الباب على أنه لا يجب إذ لم يأمرهم بالإعادة، وفيه نظر‏.‏
نعم في حديث أبي هريرة من وجه آخر عند مسلم ‏"‏ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ثم انصرف فقال‏:‏ يا فلان ألا تحسن صلاتك ‏"‏ وله في رواية أخرى ‏"‏ أتموا الركوع والسجود ‏"‏ وفي أخرى ‏"‏ أقيموا الصفوف ‏"‏ وفي أخرى ‏"‏ لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ‏"‏ وعند أحمد ‏"‏ صلى بنا الظهر وفي مؤخر الصفوف رجل فأساء الصلاة ‏"‏ وعنده من حديث أبي سعيد الخدري أن بعض الصحابة تعمد المسابقة لينظر هل يعلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لا‏؟‏ فلما قضى الصلاة نهاه عن ذلك‏.‏
واختلاف هذه الأسباب يدل على أن جميع ذلك صدر من جماعة في صلاة واحدة أو في صلوات، وقد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب، ولا يرد عليه قول القاضي حسين‏:‏ إن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة‏.‏
وقاله أيضا أبو زيد المروزي، لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه، وكلاهما في أمر يحصل من مجموع المدافعة وترك الخشوع، وفيه تعقب على من نسب إلى القاضي وأبى زيد أنهما قالا أن الخشوع شرط في صحة الصلاة، وقد حكاه المحب الطبري وقال‏:‏ هو محمول على أن يحصل في الصلاة في الجملة لا في جميعها، والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضا، وأما قول ابن بطال‏:‏ فإن قال قائل فإن الخشوع فرض في الصلاة، قيل له بحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته يريد بذلك وجه الله عز وجل ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر‏.‏
فحاصل كلامه أن القدر المذكور هو الذي يجب من الخشوع، وما زاد على ذلك فلا‏.‏
وأنكر ابن المنير إطلاق الفرضية وقال‏:‏ الصواب أن عدم الخشوع تابع لما يظهر عنه من الآثار وهو أمر متفاوت، فإن أثر نقصا في الواجبات كان حراما وكان الخشوع واجبا وإلا فلا‏.‏
وقد سئل عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم، وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في كتاب الإيمان ‏"‏ اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ‏"‏ فأجيب بأن في التعليل برؤيته صلى الله عليه وسلم تنبيها على رؤية الله تعالى لهم، فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي صلى الله عليه وسلم يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكونه يبعث شهيدا عليهم يوم القيامة فإذا علموا أنه يراهم تحفظوا في عبادتهم ليشهد لهم بحسن عبادتهم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:39 PM   #299
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يقول بعد التكبير‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ باب ما يقرأ ‏"‏ بدل ‏"‏ ما يقول ‏"‏ وعليها اقتصر الإسماعيلي‏.‏
واستشكل إيراد حديث أبي هريرة إذ لا ذكر للقراءة فيه‏.‏
وقال الزين بن المنير‏:‏ ضمن قوله ما يقرأ ما يقول من الدعاء قولا متصلا بالقراءة، أو لما كان الدعاء والقراءة يقصد بهما التقرب إلى الله تعالى استغنى بذكر أحدهما عن الآخر كما جاء ‏"‏ علفتها تبنا وماء باردا‏"‏‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ دعاء الافتتاح يتضمن مناجاة الرب والإقبال عليه بالسؤال، وقراءة الفاتحة تتضمن هذا المعنى، فظهرت المناسبة بين الحديثين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏كانوا يفتتحون الصلاة‏)‏ أي القراءة في الصلاة، وكذلك رواه ابن المنذر والجوزقي وغيرهما من طريق أبي عمر الدوري وهو حفص بن عمر شيخ البخاري فيه بلفظ ‏"‏ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ‏"‏ وكذلك رواه البخاري في ‏"‏ جزء القراءة خلف الإمام ‏"‏ عن عمرو بن مرزوق عن شعبة وذكر أنها أبين من رواية حفص بن عمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالحمد لله رب العالمين‏)‏ بضم الدال على الحكاية‏.‏
واختلف في المراد بذلك فقيل‏:‏ المعنى كانوا يفتتحون بالفاتحة، وهذا قول من أثبت البسملة في أولها، وتعقب بأنها إنما تسمى الحمد فقط، وأجيب بمنع الحصر، ومستنده ثبوت تسميتها بهذه الجملة وهي ‏"‏ الحمد لله رب العالمين ‏"‏ في صحيح البخاري أخرجه في فضائل القرآن من حديث أبي سعيد بن المعلى ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن ‏"‏ فذكر الحديث وفيه قال ‏"‏ الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏
وقيل المعنى كانوا يفتتحون بهذا اللفظ تمسكا بظاهر الحديث، وهذا قول من نفى قراءة البسملة، لكن لا يلزم من قوله كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم سرا، وقد أطلق أبو هريرة السكوت على القراءة سرا كما في الحديث الثاني من الباب، وقد اختلف الرواة عن شعبة في لفظ الحديث‏:‏ فرواه جماعة من أصحابه عنه بلفظ ‏"‏ كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين ‏"‏ ورواه آخرون عنه بلفظ ‏"‏ فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ كذا أخرجه مسلم من رواية أبي داود الطيالسي ومحمد بن جعفر، وكذا أخرجه الخطيب من رواية أبي عمر الدوري شيخ البخاري فيه، وأخرجه ابن خزيمة من رواية محمد بن جعفر باللفظين، وهؤلاء من أثبت أصحاب شعبة، ولا يقال هذا اضطراب من شعبة لأنا نقول قد رواه جماعة من أصحاب قتادة عنه باللفظين، فأخرجه البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ والنسائي وابن ماجه من طريق أيوب وهؤلاء والترمذي من طريق أبي عوانة والبخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ وأبو داود من طريق هشام الدستوائي والبخاري فيه وابن حبان من طريق حماد بن سلمة والبخاري فيه والسراج من طريق همام كلهم عن قتادة باللفظ الأول، وأخرجه مسلم من طريق الأوزاعي عن قتادة بلفظ ‏"‏ لم يكونوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏، وقد قدح بعضهم في صحته بكون الأوزاعي رواه عن قتادة مكاتبة، وفيه نظر فإن الأوزاعي لم ينفرد به فقد رواه أبو يعلى عن أحمد الدورقي والسراج عن يعقوب الدورقي وعبد الله بن أحمد بن عبد الله السلمي ثلاثتهم عن أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ ‏"‏ فلم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏
قال شعبة قلت لقتادة‏:‏ سمعته من أنس‏؟‏ قال‏:‏ نحن سألناه‏.‏
لكن هذا النفي محمول على ما قدمناه أن المراد أنه لم يسمع منهم البسملة، فيحتمل أن يكونوا يقرءونها سرا، ويؤيده رواية من رواه عنه بلفظ ‏"‏ فلم يكونوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ كذا رواه سعيد بن أبي عروبة عند النسائي وابن حبان وهمام عند الدار قطني وشيبان عند الطحاوي وابن حبان وشعبة أيضا من طريق وكيع عنه عند أحمد أربعتهم عن قتادة‏.‏
ولا يقال هذا اضطراب من قتادة لأنا نقول‏:‏ قد رواه جماعة من أصحاب أنس عنه كذلك‏:‏ فرواه البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ والسراج وأبو عوانة في صحيحه من طريق إسحاق بن أبي طلحة والسراج من طريق ثابت البناني والبخاري فيه من طريق مالك بن دينار كلهم عن أنس باللفظ الأول، ورواه الطبراني في الأوسط من طريق إسحاق أيضا وابن خزيمة من طريق ثابت أيضا والنسائي من طريق منصور بن زاذان وابن حبان من طريق أبي قلابة والطبراني من طريق أبي نعامة كلهم عن أنس باللفظ النافي للجهر، فطريق الجمع بين هذه الألفاظ حمل نفي القراءة على نفي السماع ونفي السماع على نفي الجهر، ويؤيده أن لفظ رواية منصور بن زاذان ‏"‏ فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏، وأصرح من ذلك رواية الحسن عن أنس عند ابن خزيمة بلفظ ‏"‏ كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ فاندفع بهذا تعليل من أعله بالاضطراب كابن عبد البر، لأن الجمع إذا أمكن تعين المصير إليه‏.‏
وأما من قدح في صحته بأن أبا سلمة سعيد بن يزيد سأل أنسا عن هذه المسألة فقال ‏"‏ إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه ولا سألني عنه أحد قبلك ‏"‏ ودعوى أبي شامة أن أنسا سئل عن ذلك سؤالين فسؤال أبي سلمة ‏"‏ هل كان الافتتاح بالبسملة أو الحمدلة ‏"‏ وسؤال قتادة ‏"‏ هل كان يبدأ بالفاتحة أو غيرها ‏"‏ قال‏:‏ ويدل عليه قول قتادة في صحيح مسلم ‏"‏ نحن سألناه ‏"‏ انتهى‏.‏
فليس بجيد، لأن أحمد روى في مسنده بإسناد الصحيحين أن سؤال قتادة نظير سؤال أبي سلمة، والذي في مسلم إنما قاله عقب رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة، ولم يبين مسلم صورة المسألة، وقد بينها أبو يعلى والسراج وعبد الله بن أحمد في رواياتهم التي ذكرناها عن أبي داود أن السؤال كان عن افتتاح القراءة بالبسملة، وأصرح من ذلك رواية ابن المنذر عن طريق أبي جابر عن شعبة عن قتادة قال ‏"‏ سألت أنسا‏:‏ أيقرأ الرجل في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم‏؟‏ فقال‏:‏ صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ فظهر اتحاد سؤال أبي سلمة وقتادة وغايته أن أنسا أجاب قتادة بالحكم دون أبي سلمة، فلعله تذكره لما سأله قتادة بدليل قوله في رواية أبي سلمة ‏"‏ ما سألني عنه أحد قبلك ‏"‏ أو قاله لهما معا فحفظه قتادة دون أبي سلمة فإن قتادة أحفظ من أبي سلمة بلا نزاع، وإذا انتهى البحث إلى أن محصل حديث أنس نفي الجهر بالبسملة على ما ظهر من طريق الجمع بين مختلف الروايات عنه فمتى وجدت رواية فيها إثبات الجهر قدمت على نفيه، لا لمجرد تقديم رواية المثبت على النافي لأن أنسا يبعد جدا أن يصحب النبي صلى الله عليه وسلم مدة عشر سنين ثم يصحب أبا بكر وعمر وعثمان خمسا وعشرين سنة فلم يسمع منهم الجهر بها في صلاة واحدة، بل لكون أنس اعترف بأنه لا يحفظ هذا الحكم كأنه لبعد عهده به، ثم تذكر منه الجزم بالافتتاح بالحمد جهرا ولم يستحضر الجهر بالبسملة، فيتعين الأخذ بحديث من أثبت الجهر‏.‏
وسيأتي الكلام على ذلك في ‏"‏ باب جهر المأموم بالتأمين ‏"‏ إن شاء الله قريبا‏.‏
وترجم له ابن خزيمة وغيره ‏"‏ إباحة الإسرار بالبسملة في الجهرية ‏"‏ وفيه نظر لأنه لم يختلف في إباحته، بل في استحبابه، واستدل به المالكية على ترك دعاء الافتتاح، وحديث أبي هريرة الذي بعده يرد عليه، وكأن هذا هو السر في إيراده، وقد تحرر أن المراد بحديث أنس بيان ما يفتتح به القراءة، فليس فيه تعرض لنفي دعاء الافتتاح‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع ذكر عثمان في حديث أنس في رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة عند البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ وكذا في رواية حجاج بن محمد عن شعبة عند أبي عوانة، وهو في رواية شيبان وهشام والأوزاعي‏.‏
وقد أشرنا إلى روايتهم فيما تقدم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ‏.‏
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو زرعة‏)‏ هو ابن عمرو بن جرير البجلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت‏)‏ ضبطناه بفتح أوله من السكوت، وحكى الكرماني عن بعض الروايات بضم أوله من الإسكات، قال الجوهري‏:‏ يقال تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قلت أسكت‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إسكاتة‏)‏ بكسر أوله بوزن إفعالة من السكوت، وهو من المصادر الشاذة نحو أثبته إثباتة، قال الخطابي‏:‏ معناه سكوت يقتضي بعده كلاما مع قصر المدة فيه، وسياق الحديث يدل على أنه أراد السكوت عن الجهر لا عن مطلق القول، أو السكوت عن القراءة لا عن الذكر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أحسبه قال هنية‏)‏ هذه رواية عبد الواحد بن زياد بالظن، ورواه جرير عند مسلم وغيره وابن فضيل عند ابن ماجه وغيره بلفظ ‏"‏ سكت هنية ‏"‏ بغير تردد، وإنما اختار البخاري رواية عبد الواحد لوقوع التصريح بالتحديث فيها في جميع الإسناد‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ المراد أنه قال - بدل إسكاتة - هنية‏.‏
قلت‏:‏ وليس بواضح، بل الظاهر أنه شك هل وصف الإسكاتة بكونها هنية أم لا، وهنية بالنون بلفظ التصغير، وهو عند الأكثر بتشديد الياء، وذكر عياض والقرطبي أن أكثر رواة مسلم قالوه بالهمزة، وأما النووي فقال‏:‏ الهمز خطأ‏.‏
قال‏:‏ وأصله هنوة فلما صغر صار هنيوة فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغمت‏.‏
قال غيره‏:‏ لا يمنع ذلك إجازة الهمز، فقد تقلب الياء همزة‏.‏
وقد وقع في رواية الكشميهني هنيهة بقلبها هاء، وهي رواية إسحاق والحميدي في مسنديهما عن جرير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بأبي وأمي‏)‏ الباء متعلقة بمحذوف اسم أو فعل والتقدير أنت مفدي أو أفديك، واستدل به على جواز قول ذلك، وزعم بعضهم أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إسكاتك‏)‏ بكسر أوله وهو بالرفع على الابتداء‏.‏
وقال المظهري شارح المصابيح‏:‏ هو بالنصب على أنه مفعول بفعل مقدر أي أسألك إسكاتك، أو على نزع الخافض‏.‏انتهى‏.‏
والذي في روايتنا بالرفع للأكثر، ووقع في رواية المستملي والسرخسي بفتح الهمزة وضم السين على الاستفهام‏.‏
وفي رواية الحميدي ‏"‏ ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة ‏"‏ ولمسلم ‏"‏ أرأيت سكوتك ‏"‏ وكله مشعر بأن هناك قولا لكونه قال ‏"‏ ما تقول ‏"‏ ولم يقل هل تقول‏؟‏ نبه عليه ابن دقيق العيد قال‏:‏ ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية‏.‏
قلت‏:‏ وسيأتي من حديث خباب بعد باب، ونقل ابن بطال عن الشافعي أن سبب هذه السكتة للإمام أن يقرأ المأموم فيها الفاتحة، ثم اعترضه بأنه لو كان كذلك لقال في الجواب‏:‏ أسكت لكي يقرأ من خلفي‏.‏
ورده ابن المنير بأنه لا يلزم من كونه أخبره بصفة ما يقول أن لا يكون سبب السكوت ما ذكر‏.‏انتهى‏.‏
وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي ولا عن أصحابه، إلا أن الغزالي قال في الإحياء‏:‏ إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح‏.‏
وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام‏.‏
وفي وجه إن فرغها قبله بطلت صلاته، والمعروف أن المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسورة، وهو الذي حكاه عياض وغيره عن الشافعي، وقد نص الشافعي على أن المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام، والسكتة التي بين الفاتحة والسورة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود وغيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏باعد‏)‏ المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها، وهو مجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنه أراد أنه لا يبقى لها منه اقتراب بالكلية‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ كرر لفظ ‏"‏ بين ‏"‏ لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏نقني‏)‏ مجاز عن زوال الذنوب ومحو أثرها، ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به، قاله ابن دقيق العيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالماء والثلج والبرد‏)‏ قال الخطابي‏:‏ ذكر الثلج والبرد تأكيد، أو لأنهما ما آن لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ عبر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو وكأنه كقوله تعالى ‏(‏واعف عنا واغفر لنا وارحمنا‏)‏ وأشار الطيبي إلى هذا بحثا فقال‏:‏ يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة، ومنه قولهم برد الله مضجعه أي رحمه ووقاه عذاب النار‏.‏ انتهى‏.‏
ويؤيده ورود وصف الماء بالبرودة في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم، وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم لكونها مسببة عنها، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه‏.‏
وقال التوربشتي‏:‏ خص هذه الثلاثة بالذكر لأنها منزلة من السماء‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة ‏"‏ فالمباعدة للمستقبل، والتنقية للحال، والغسل للماضي ‏"‏ انتهى‏.‏
وكأن تقديم المستقبل للاهتمام بدفع ما سيأتي قبل رفع ما حصل‏.‏
واستدل بالحديث على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة خلافا للمشهور عن مالك، وورد فيه أيضا حديث ‏"‏ وجهت وجهي الخ ‏"‏ وهو عند مسلم من حديث علي لكن قيده بصلاة الليل‏.‏
وأخرجه الشافعي وابن خزيمة وغيرهما بلفظ ‏"‏ إذا صلى المكتوبة ‏"‏ واعتمده الشافعي في الأم، وفي الترمذي وصحيح ابن حبان من حديث أبي سعيد الافتتاح بسبحانك اللهم، ونقل الساجي عن الشافعي استحباب الجمع بين التوجيه والتسبيح وهو اختيار ابن خزيمة وجماعة من الشافعية وحديث أبي هريرة أصح ما ورد في ذلك، واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن خلافا للحنفية‏.‏
ثم هذا الدعاء صدر منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في إظهار العبودية، وقيل قاله على سبيل التعليم لأمته، واعترض بكونه لو أراد ذلك لجهر به، وأجيب بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار، وفيه ما كان الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتى حفظ الله بهم الدين، واستدل به بعض الشافعية على أن الثلج والبرد مطهران، واستبعده ابن عبد السلام، وأبعد منه استدلال بعض الحنفية به على نجاسة الماء المستعمل‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:40 PM   #300
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خَشَاشِ الْأَرْضِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ كذا في رواية الأصيلي وكريمة بلا ترجمة، وكذا قال الإسماعيلي ‏"‏ باب ‏"‏ بلا ترجمة، وسقط من رواية أبي ذر وأبي الوقت، وكذا لم يذكره أبو نعيم‏.‏
وعلى هذا فمناسبة الحديث غير ظاهرة للترجمة، وعلى تقدير ثبوت لفظ باب فهو كالفصل من الباب الذي قبله كما قررناه غير مرة فله به تعلق أيضا‏.‏
قال الكرماني‏:‏ وجه المناسبة أن دعاء الافتتاح مستلزم لتطويل القيام، وحديث الكسوف فيه تطويل القيام فتناسبا‏.‏
وأحسن منه ما قال ابن رشيد‏:‏ يحتمل أن تكون المناسبة في قوله ‏"‏ حتى قلت أي رب أو أنا معهم ‏"‏ لأنه وإن لم يكن فيه دعاء ففيه مناجاة واستعطاف، فيجمعه مع الذي قبله جواز دعاء الله ومناجاته بكل ما فيه خضوع، ولا يختص بما ورد في القرآن خلافا لبعض الحنفية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو أنا معهم‏)‏ كذا للأكثر بهمزة الاستفهام بعدها واو عاطفة وهي على مقدر‏.‏
وفي رواية كريمة بحذف الهمزة وهي مقدرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حسبت أنه قال تخدشها‏)‏ قائل ذلك هو نافع بن عمر راوي الحديث، بينه الإسماعيلي، فالضمير في ‏"‏ أنه ‏"‏ لابن أبي مليكة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا هي أطعمتها‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ هي ‏"‏ من رواية الكشميهني والحموي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تأكل من خشيش - أو خشاش - الأرض‏)‏ كذا في هذه الرواية على الشك، وكل من اللفظين بمعجمات مفتوح الأول والمراد حشرات الأرض، وأنكر الخطابي رواية خشيش، وضبطها بعضهم بضم أوله على التصغير من لفظ خشاش، فعلى هذا لا إنكار، ورواها بعضهم بحاء مهملة‏.‏
وقال عياض هو تصحيف‏.‏
وسيأتي الكلام على بقية فوائده في كتاب الكسوف، وعلى قصة المرأة صاحبة الهرة في كتاب بدء الخلق إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام، فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات كان ذلك من إصلاح صلاته‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة‏.‏
وقال الشافعي والكوفيون‏:‏ يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب للخشوع، وورد في ذلك حديث أخرجه سعيد بن منصور من مرسل محمد بن سيرين ورجاله ثقات، وأخرجه البيهقي موصولا وقال‏:‏ المرسل هو المحفوظ‏.‏
وفيه أن ذلك سبب نزول قوله تعالى ‏(‏الذين هم في صلاتهم خاشعون‏)‏ ‏.‏
ويمكن أن يفرق بين الإمام والمأموم فيستحب للإمام النظر إلى موضع السجود، وكذا للمأموم‏.‏
إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة الخ‏)‏ هذا طرف من حديث وصله المؤلف في ‏"‏ باب إذا انفلتت الدابة ‏"‏ وهو في أواخر الصلاة، وموضع الترجمة منه قوله ‏"‏ حين رأيتموني‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل، وعبد الواحد هو ابن زياد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عمارة‏)‏ في رواية حفص بن غياث عن الأعمش ‏"‏ حدثنا عمارة ‏"‏ وسيأتي بعد أربعة أبواب، ويأتي الكلام على المتن قريبا، وموضع الترجمة منه قوله ‏"‏ باضطراب لحيته‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حجاج‏)‏ هو ابن منهال، ولم يسمع البخاري من حجاج بن محمد‏.‏
وقد تقدم الكلام على حديث البراء في ‏"‏ باب متى يسجد من خلف الإمام ‏"‏ ووقع فيه هنا في رواية كريمة وأبي الوقت وغيرهما ‏"‏ حتى يرونه قد سجد ‏"‏ بإثبات النون‏.‏
وفي رواية أبي ذر والأصيلي بحذفها وهو أوجه، وجاز الأول على إرادة الحال‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ قَالَ إِنِّي أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا
الشرح‏:‏
حديث ابن عباس يأتي في الكسوف، وهو ظاهر المناسبة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمْ الصَّلَاةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ثَلَاثًا
الشرح‏:‏
حديث أنس يأتي في الرقاق وفيه التصريح بسماع هلال له من أنس‏.‏
واعترض الإسماعيلي على إيراده له هنا فقال‏:‏ ليس فيه نظر المأمومين إلى الإمام‏.‏
وأجيب بأن فيه أن الإمام يرفع بصره إلى ما أمامه، وإذا ساغ ذلك للإمام ساغ للمأموم‏.‏
والذي يظهر لي أن حديث أنس مختصر من حديث ابن عباس، وأن القصة فيهما واحدة، فسيأتي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ رأيت الجنة والنار ‏"‏ كما قال في حديث أنس، وقد قالوا له في حديث ابن عباس ‏"‏ رأيناك تكعكعت ‏"‏ فهذا موضع الترجمة، ويحتمل أن يكون مأخوذا من قوله ‏"‏ فأشار بيده قبل قبلة المسجد ‏"‏ فإن رؤيتهم الإشارة تقتضي أنهم كانوا يراقبون أفعاله‏.‏
قلت‏:‏ لكن يطرق هنا احتمال أن يكون سبب رفع بصرهم إليه وقوع الإشارة منه، لا أن الرفع كان مستمرا‏.‏
ويحتمل أن يكون المراد بالترجمة أن الأصل نظر المأموم إلى موضع سجوده لأنه المطلوب في الخشوع إلا إذا احتاج إلى رؤية ما يفعله الإمام ليقتدي به مثلا، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة، واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء، فكرهه شريح وطائفة، وأجازه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة‏.‏
قال عياض‏:‏ رفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة، وخروج عن هيئة الصلاة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا قتادة‏)‏ فيه دفع لتعليل ما أخرجه ابن عدي في الكامل فأدخل بين سعيد بن أبي عروبة وقتادة رجلا، وقد أخرجه ابن ماجه من رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد - وهو من أثبت أصحابه - وزاد في أوله بيان سبب هذا الحديث ولفظه ‏"‏ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بأصحابه، فلما قضى الصلاة أقبل عليهم بوجهه ‏"‏ فذكره، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلا لم يذكر نسا، وهي علة غير قادحة لأن سعيدا أعلم بحديث قتادة من معمر، وقد تابعه همام على وصله عن قتادة أخرجه السراج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في صلاتهم‏)‏ زاد مسلم من حديث أبي هريرة ‏"‏ عند الدعاء ‏"‏ فإن حمل المطلق على هذا المقيد اقتضى اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة‏.‏
وقد أخرجه ابن ماجه وابن حبان من حديث ابن عمر بغير تقييد ولفظه ‏(‏لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء‏)‏ يعني في الصلاة، وأخرجه بغير تقييد أيضا مسلم من حديث جابر بن سمرة والطبراني من حديث أبي سعيد الخدري وكعب بن مالك‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ‏"‏ كانوا يلتفتون في صلاتهم حتى نزلت ‏(‏قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون‏)‏ فأقبلوا على صلاتهم ونظروا أمامهم، وكانوا يستحبون أن لا يجاوز بصر أحدهم موضع سجوده‏"‏‏.‏
ووصله الحاكم بذكر أبي هريرة فيه، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال في آخره ‏"‏ فطأطأ رأسه‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لينتهين‏)‏ كذا للمستملي والحموي بضم الياء وسكون النون وفتح المثناة والهاء والياء وتشديد النون على البناء للمفعول والنون للتأكيد، وللباقين ‏"‏ لينتهن ‏"‏ بفتح أوله وضم الهاء على البناء للفاعل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو لتخطفن أبصارهم‏)‏ ولمسلم من حديث جابر بن سمرة ‏"‏ أو لا ترجع إليهم ‏"‏ يعني أبصارهم‏.‏
واختلف في المراد بذلك‏:‏ فقيل هو وعيد، وعلى هذا فالفعل المذكور حرام، وأفرط ابن حزم فقال‏:‏ يبطل الصلاة‏.‏
وقيل المعنى أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلين كما في حديث أسيد بن حضير الآتي في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى، أشار إلى ذلك الداودي، ونحوه في جامع حماد بن سلمة عن أبي مجلز أحد التابعين‏.‏
و ‏"‏ أو ‏"‏ هنا للتخيير نظير قوله تعالى ‏(‏تقاتلونهم أو يسلمون‏)‏ أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة وإما الإسلام، وهو خبر في معنى الأمر‏.‏
صلى في خميصة لها أعلام فقال‏:‏ شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:42 PM   #301
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الالتفات في الصلاة‏)‏ لم يبين المؤلف حكمه، لكن الحديث الذي أورده دل على الكراهة وهو إجماع، لكن الجمهور على أنها للتنزيه‏.‏
وقال المتولي‏:‏ يحرم إلا للضرورة، وهو قول أهل الظاهر‏.‏
وورد في كراهية الالتفات صريحا على غير شرطه عدة أحاديث، منها عند أحمد وابن خزيمة من حديث أبي ذر رفعه ‏"‏ لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف ‏"‏ ومن حديث الحارث الأشعري نحوه وزاد ‏"‏ فإذا صليتم فلا تلتفتوا ‏"‏ وأخرج الأول أيضا أبو داود والنسائي‏.‏
والمراد بالالتفات المذكور ما لم يستدبر القبلة بصدره أو عنقه كله‏.‏
وسبب كراهة الالتفات يحتمل أن يكون لنقص الخشوع، أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبو الشعثاء المحاربي، ووافق أبا الأحوص على هذا الإسناد شيبان عند ابن خزيمة وزائدة عند النسائي ومسعر عند ابن حبان، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أشعث عن أبي عطية عن مسروق‏.‏
ووقع عند البيهقي من رواية مسعر عن أشعث عن أبي وائل، فهذا اختلاف على أشعث، والراجح رواية أبي الأحوص‏.‏
وقد رواه النسائي من طريق عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة ليس بينهما مسروق، ويحتمل أن يكون للأشعث فيه شيخان، أبوه وأبو عطية بناء على أن يكون أبو عطية حمله عن مسروق ثم لقي عائشة فحمله عنها‏.‏
وأما الرواية عن أبي وائل فشاذة لأنه لا يعرف من حديثه والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هو اختلاس‏)‏ أي اختطاف بسرعة، ووقع في النهاية‏:‏ والاختلاس افتعال من الخلسة وهي ما يؤخذ سلبا مكابرة، وفيه نظر‏.‏
وقال غيره‏:‏ المختلس الذي يخطف من غير غلبة ويهرب ولو مع معاينة المالك له والناهب يأخذ بقوة، والسارق يأخذ في خفية‏.‏
فلما كان الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته بالالتفات إلى شيء ما بغير حجة يقيمها أشبه المختلس‏.‏
وقال ابن بزيزة‏:‏ أضيف إلى الشيطان لأن فيه انقطاعا‏.‏
من ملاحظة التوجه إلى الحق سبحانه‏.‏
وقال الطيبي‏:‏ سمي اختلاسا تصويرا لقبح تلك الفعلة بالمختلس، لأن المصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى، والشيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يختلس‏)‏ كذا للأكثر بحذف المفعول، وللكشميهني ‏"‏ يختلسه ‏"‏ وهي رواية أبي داود عن مسدد شيخ البخاري‏.‏
قيل‏:‏ الحكمة في جعل سجود السهو جابرا للمشكوك فيه دون الالتفات وغيره مما ينقص الخشوع لأن السهو لا يؤاخذ به المكلف، فشرع له الجبر دون العمد ليتيقظ العبد له فيجتنبه‏.‏
ثم أورد المصنف حديث عائشة في قصة أنبجانية أبي جهم، وقد تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب إذا صلى في ثوب له أعلام ‏"‏ في أوائل الصلاة‏.‏
ووجه دخوله في الترجمة أن أعلام الخميصة إذا لحظها المصلي وهي على عاتقه كان قريبا من الالتفات ولذلك خلعها معللا بوقوع بصره على أعلامها وسماه شغلا عن صلاته، وكأن المصنف أشار إلى أن علة كراهة الالتفات كونه يؤثر في الخشوع كما وقع في قصة الخميصة‏.‏
ويحتمل أن يكون أراد أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه، لأن لمح العين يغلب الإنسان ولهذا لم يعد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏شغلني‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ شغلتني ‏"‏ وهو أوجه، وكذا اختلفوا في ‏"‏ اذهبوا بها ‏"‏ أو ‏"‏ به‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلى أبي جهم‏)‏ كذا للأكثر وهو الصحيح، وللكشميهني جهيم بالتصغير‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب هَلْ يَلْتَفِتُ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ أَوْ يَرَى شَيْئًا أَوْ بُصَاقًا فِي الْقِبْلَةِ
وَقَالَ سَهْلٌ الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئا أو بصاقا في القبلة‏)‏ الظاهر أن قوله ‏"‏ في القبلة ‏"‏ يتعلق بقوله ‏"‏ بصاقا ‏"‏ وأما قوله ‏"‏ شيئا ‏"‏ فأعم من ذلك، والجامع بين جميع ما ذكر في الترجمة حصول التأمل المغاير للخشوع وأنه لا يقدح إلا إذا كان لغير حاجة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال سهل‏)‏ هو ابن سعد، وهذا طرف من حديث تقدم موصولا في ‏"‏ باب من دخل ليؤم الناس‏"‏، ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكر بالإعادة، بل أشار إليه أن يتمادى على إمامته وكان التفاته لحاجة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ النَّاسِ فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ
الشرح‏:‏
قوله في حديث ابن عمر ‏(‏بين يدي الناس‏)‏ يحتمل أن يكون متعلقا بقوله ‏"‏ وهو يصلي ‏"‏ أو بقوله ‏"‏ رأى نخامة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فحتها ثم قال حين انصرف‏)‏ ظاهره أن الحت وقع منه داخل الصلاة، وقد تقدم من رواية مالك عن نافع غير مقيد بحال الصلاة، وسبق الكلام على فوائده في أواخر أبواب القبلة، وأورده هناك أيضا من رواية أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأنس من طرق كلها غير مقيدة بحال الصلاة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رواه موسى بن عقبة‏)‏ وصله مسلم من طريقه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وابن أبي رواد‏)‏ اسم أبي رواد ميمون، ووصله أحمد عن عبد الرزاق عن عبد العزيز ابن أبي رواد المذكور وفيه أن الحك كان بعد الفراغ من الصلاة، فالغرض منه على هذا المتابعة في أصل الحديث‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ بَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ لَهُ الصَّفَّ فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَأَرْخَى السِّتْرَ وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ
الشرح‏:‏
ثم أورد المصنف حديث أنس المتقدم في ‏"‏ باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ وجه مناسبته للترجمة أن الصحابة لما كشف صلى الله عليه وسلم الستر التفتوا إليه، ويدل على ذلك قول أنس ‏"‏ فأشار إليهم ‏"‏ ولولا التفاتهم لما رأوا إشارته ا ه‏.‏
ويوضحه كون الحجرة عن يسار القبلة فالناظر إلى إشارة من هو فيها يحتاج إلى أن يلتفت، ولم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بالإعادة، بل أقرهم على صلاتهم بالإشارة المذكورة، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر‏)‏ لم يذكر المنفرد لأن حكمه حكم الإمام، وذكر السفر لئلا يتخيل أنه يترخص فيه بترك القراءة كما رخص فيه بحذف بعض الركعات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وما يجهر فيها وما يخافت‏)‏ هو بضم أول كل منهما على البناء للمجهول، وتقدير الكلام وما يجهر به وما يخافت، لأنه لازم فلا يبنى منه، قال ابن رشيد‏:‏ قوله ‏"‏ وما يجهر ‏"‏ معطوف على قوله ‏"‏ في الصلوات ‏"‏ لا على القراءة، والمعنى وجوب القراءة فيما يجهر فيه ويخافت، أي أن الوجوب لا يختص بالسرية دون الجهرية خلافا لمن فرق في المأموم‏.‏
انتهى‏.‏
وقد اعتنى البخاري بهذه المسألة فصنف فيها جزءا مفردا سنذكر ما يحتاج إليه في هذا الشرح من فوائده إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا أُصَلِّي صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الْكُوفَةِ فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلَاثٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ وَأَطِلْ فَقْرَهُ وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ الْكِبَرِ وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن جابر بن سمرة‏)‏ هو الصحابي، ولأبيه سمرة بن جنادة صحبة أيضا‏.‏
وقد صرح ابن عيينة بسماع عبد الملك له من جابر أخرجه أحمد وغيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏شكا أهل الكوفة سعدا‏)‏ هو ابن أبي وقاص، وهو خال ابن سمرة الراوي عنه‏.‏
وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن عبد الملك عن جابر بن سمرة قال ‏"‏ كنت جالسا عند عمر إذ جاء أهل الكوفة يشكون إليه سعد بن أبي وقاص حتى قالوا إنه لا يحسن الصلاة ‏"‏ انتهى‏.‏
وفي قوله أهل الكوفة مجاز، وهو من إطلاق الكل على البعض، لأن الذين شكوه بعض أهل الكوفة لا كلهم، ففي رواية زائدة عن عبد الملك في صحيح أبي عوانة ‏"‏ جعل ناس من أهل الكوفة‏"‏، ونحوه لإسحاق بن راهويه عن جرير عن عبد الملك وسمى منهم عند سيف والطبراني الجراح بن سنان وقبيصة وأربد الأسديون، وذكر العسكري في الأوائل أن منهم الأشعث بن قيس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فعزله‏)‏ كان عمر بن الخطاب أمر سعد بن أبي وقاص على قتال الفرس في سنة أربع عشرة ففتح الله العراق على يديه، ثم اختط الكوفة سنة سبع عشرة واستمر عليها أميرا إلى سنة إحدى وعشرين في قول خليفة بن خياط، وعند الطبري سنة عشرين، فوقع له مع أهل الكوفة ما ذكر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واستعمل عليهم عمارا‏)‏ هو ابن ياسر، قال خليفة‏:‏ استعمل عمارا على الصلاة وابن مسعود على بيت المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض‏.‏
انتهى‏.‏
وكأن تخصيص عمار بالذكر لوقوع التصريح بالصلاة دون غيرها مما وقعت فيه الشكوى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فشكوا‏)‏ ليست هذه الفاء عاطفة على قوله ‏"‏ فعزله ‏"‏ بل هي تفسيرية عاطفة على قوله شكا عطف تفسير، وقوله ‏"‏فعزله واستعمل ‏"‏ اعتراض إذ الشكوى كانت سابقة على العزل، وبينته رواية معمر الماضية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي‏)‏ ظاهره أن جهات الشكوى كانت متعددة، ومنها قصة الصلاة‏.‏
وصرح بذلك في رواية أبي عون الآتية قريبا، فقال عمر‏:‏ لقد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة‏.‏
وذكر ابن سعد وسيف أنهم زعموا أنه حابى في بيع خمس باعه‏.‏
وأنه صنع على داره بابا مبوبا من خشب، وكان السوق مجاورا له فكان يتأذى بأصواتهم، فزعموا أنه قال‏:‏ انقطع التصويت‏.‏
وذكر سيف أنهم زعموا أنه كان يلهيه الصيد عن الخروج في السرايا‏.‏
وقال الزبير بن بكار في ‏"‏ كتاب النسب ‏"‏‏:‏ رفع أهل الكوفة عليه أشياء كشفها عمر فوجدها باطلة اه‏.‏
ويقويه قول عمر في وصيته ‏"‏ فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة ‏"‏ وسيأتي ذلك في مناقب عثمان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأرسل إليه فقال‏)‏ فيه حذف تقديره فوصل إليه الرسول فجاء إلى عمر، وسيأتي تسمية الرسول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يا أبا إسحاق‏)‏ هي كنية سعد، كني بذلك بأكبر أولاده، وهذا تعظيم من عمر له، وفيه دلالة على أنه لم تقدح فيه الشكوى عنده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أما أنا والله‏)‏ أما بالتشديد وهي للتقسيم، والقسيم هنا محلوف تقديره وأما هم فقالوا ما قالوا‏.‏
وفيه القسم في الخبر لتأكيده في نفس السامع، وجواب القسم يدل عليه قوله ‏"‏ فإني كنت أصلي بهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ بالنصب أي مثل صلاة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما أخرم‏)‏ بفتح أوله وكسر الراء أي لا أنقص، وحكى ابن التين عن بعض الرواة أنه بضم أوله ففعله من الرباعي واستضعفه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أصلي صلاة العشاء‏)‏ كذا هنا بالفتح والمد للجميع، غير الجرجاني فقال ‏"‏ العشي‏"‏، وفي الباب الذي بعده ‏"‏ صلاتي العشي ‏"‏ بالكسر والتشديد لهم إلا الكشميهني، ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أبي عوانة بلفظ ‏"‏ صلاتي العشي ‏"‏ وكذا في رواية عبد الرزاق عن معمر وكذا لزائدة في صحيح أبي عوانة وهو الأرجح، ويدل عليه التثنية، والمراد بهما الظهر والعصر ولا يبعد أن تقع التثنية في الممدود ويراد بهما المغرب والعشاء، لكن يعكر عليه قوله الأخريين لأن المغرب إنما لها أخرى واحدة والله أعلم‏.‏
وأبدى الكرماني لتخصيص العشاء بالذكر حكمة، وهو أنه لما أتقن فعل هذه الصلاة التي وقتها وقت الاستراحة كان ذلك في غيرها بطريق الأولى وهو حسن، ويقال مثله في الظهر والعصر لأنهما وقت الاشتغال بالقائلة والمعاش‏.‏
والأولى أن يقال‏:‏ لعل شكواهم كانت في هاتين الصلاتين خاصة فلذلك خصهما بالذكر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأركد في الأوليين‏)‏ قال القزاز‏:‏ أركد أي أقيم طويلا، أي أطول فيهما القراءة‏.‏
قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون التطويل بما هو أعم من القراءة كالركوع والسجود، لكن المعهود في التفرقة بين الركعات إنما هو في القراءة، وسيأتي قريبا من رواية أبي عون عن جابر بن سمرة ‏"‏ أمد في الأوليين ‏"‏ والأوليين بتحتانيتين تثنية الأولى وكذا الأخريين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأخف‏)‏ بضم أوله وكسر الخاء المعجمة‏.‏
وفي رواية الكشميهني وأحذف بفتح أوله وسكون المهملة، وكذا هو في رواية عثمان بن سعيد الدارمي عن موسى بن إسماعيل شيخ البخاري فيه أخرجه البيهقي، وكذا هو في جميع طرق هذا الحديث التي وقفت عليها، إلا أن في رواية محمد بن كثير عن شعبة عند الإسماعيلي بالميم بدل الفاء، والمراد بالحذف حذف التطويل لا حذف أصل القراءة فكأنه قال أحذف الركود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذلك الظن بك‏)‏ أي هذا الذي تقول هو الذي كنا نظنه، زاد مسعر عن عبد الملك وابن عون معا ‏"‏ فقال سعد أتعلمني الأعراب الصلاة ‏"‏ أخرجه مسلم، وفيه دلالة على أن الذين شكوه لم يكونوا من أهل العلم، وكأنهم ظنوا مشروعية التسوية بين الركعات فأنكروا على سعد التفرقة، فيستفاد منه ذم القول بالرأي الذي لا يستند إلى أصل، وفيه أن القياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار، قال ابن بطال‏:‏ وجه دخول حديث سعد في هذا الباب أنه لما قال ‏"‏ أركد وأخف ‏"‏ علم أنه لا يترك القراءة في شيء من صلاته، وقد قال إنها مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختصره الكرماني فقال‏:‏ ركود الإمام يدل على قراءته عادة‏.‏
قال ابن رشيد‏:‏ ولهذا أتبع البخاري في الباب الذي بعده حديث سعد بحديث أبي قتادة كالمفسر له‏.‏
قلت‏:‏ وليس في حديث أبي قتادة هنا ذكر القراءة في الأخريين‏.‏
نعم هو مذكور من حديثه بعد عشرة أبواب، وإنما تتم الدلالة على الوجوب إذا ضم إلى ما ذكر قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏صلوا كما رأيتموني أصلي ‏"‏ فيحصل التطابق بهذا لقوله ‏"‏ القراءة للإمام ‏"‏ وما ذكر من الجهر والمخافتة، وأما الحضر والسفر وقراءة المأموم فمن غير حديث سعد مما ذكر في الباب، وقد يؤخذ السفر والحضر من إطلاق قوله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يفصل بين الحضر والسفر، وأما وجوب القراءة على الإمام فمن حديث عبادة في الباب، ولعل البخاري اكتفى بقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته وهو ثالث أحاديث الباب ‏"‏ وافعل ذلك في صلاتك كلها‏"‏، وبهذا التقرير يندفع اعتراض الإسماعيلي وغيره حيث قال‏:‏ لا دلالة في حديث سعد على وجوب القراءة، وإنما فيه تخفيفها في الأخريين عن الأوليين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأرسل معه رجلا أو رجالا‏)‏ كذا لهم بالشك‏.‏
وفي رواية ابن عيينة ‏"‏ فبعث عمر رجلين ‏"‏ وهذا يدل على أنه أعاده إلى الكوفة ليحصل له الكشف عنه بحضرته ليكون أبعد من التهمة، لكن كلام سيف يدل على أن عمر إنما سأله عن مسألة الصلاة بعد ما عاد به محمد بن مسلمة من الكوفة‏.‏
وذكر سيف والطبري أن رسول عمر بذلك محمد بن مسلمة قال‏:‏ وهو الذي كان يقتص آثار من شكى من العمال في زمن عمر‏.‏
وحكى ابن التين أن عمر أرسل في ذلك عبد الله بن أرقم، فإن كان محفوظا فقد عرف الرجلان‏.‏
وروى ابن سعد من طريق مليح بن عوف السلمي قال‏:‏ بعث عمر محمد بن مسلمة وأمرني بالمسير معه وكنت دليلا بالبلاد، فذكر القصة وفيها ‏"‏ وأقام سعدا في مساجد الكوفة يسألهم عنه ‏"‏ وفي رواية إسحاق عن جرير ‏"‏ فطيف به في مساجد الكوفة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويثنون عليه معروفا‏)‏ في رواية ابن عيينة ‏"‏ فكلهم يثني عليه خيرا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لبني عبس‏)‏ بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها مهملة قبيلة كبيرة من قيس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أبا سعدة‏)‏ بفتح المهملة بعدها مهملة ساكنة، زاد سيف في روايته ‏"‏ فقال محمد بن مسلمة‏:‏ أنشد الله رجلا يعلم حقا إلا قال‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أما‏)‏ بتشديد الميم، وقسيمها محذوف أيضا، قوله ‏"‏ نشدتنا ‏"‏ أي طلبت منا القول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يسير بالسرية‏)‏ الباء للمصاحبة والسرية بفتح المهملة وكسر الراء المخففة قطعة من الجيش، ويحتمل أن يكون صفة لمحذوف أي لا يسير بالطريقة السرية أي العادلة، والأول أولى لقوله بعد ذلك‏:‏ ‏"‏ ولا يعدل‏"‏‏.‏
والأصل عدم التكرار، والتأسيس أولى من التأكيد‏.‏
ويؤيده رواية جرير وسفيان بلفظ ‏"‏ ولا ينفر في السرية‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في القضية‏)‏ أي الحكومة‏.‏
وفي رواية سفيان وسيف ‏"‏ في الرعية‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال سعد‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ فغضب سعد‏"‏‏.‏
وحكى ابن التين أنه قال ‏"‏ أعلى تسجع‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أما والله‏)‏ بتخفيف الميم حرف استفتاح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لأدعون بثلاث‏)‏ أي عليك، والحكمة في ذلك أنه نفى عنه الفضائل الثلاث وهي الشجاعة حيث قال ‏"‏ لا ينفر ‏"‏ والعفة حيث قال ‏"‏ لا يقسم ‏"‏ والحكمة حيث قال ‏"‏ لا يعدل ‏"‏ فهذه الثلاثة تتعلق بالنفس والمال والدين، فقابلها بمثلها‏:‏ فطول العمر يتعلق بالنفس، وطول الفقر يتعلق بالمال، والوقوع في الفتن يتعلق بالدين، ولما كان في الثنتين الأوليين ما يمكن الاعتذار عنه دون الثالثة قابلهما بأمرين دنيويين والثالثة بأمر ديني، وبيان ذلك أن قوله ‏"‏ لا ينفر بالسرية ‏"‏ يمكن أن يكون حقا لكن رأى المصلحة في إقامته ليرتب مصالح من يغزو ومن يقيم، أو كان له عذر كما وقع وهو في القادسية وقوله ‏"‏ لا يقسم بالسوية ‏"‏ يمكن أن يكون حقا فإن للإمام تفضيل أهل الغناء في الحرب والقيام بالمصالح، وقوله ‏"‏لا يعدل في القضية ‏"‏ هو أشدها لأنه سلب عنه العدل مطلقا وذلك قدح في الدين، ومن أعجب العجب أن سعدا مع كون هذا الرجل واجهة بهذا وأغضبه حتى دعا عليه في حال غضبه راعى العدل والإنصاف في الدعاء عليه، إذ علقه بشرط أن يكون كاذبا وأن يكون الحامل له على ذلك الغرض الدنيوي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رياء وسمعة‏)‏ أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك عنه فيكون له بذلك ذكر، وسيأتي مزيد في ذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأطل فقره‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ وشدد فقره ‏"‏ وفي رواية سيف ‏"‏ وأكثر عياله ‏"‏ قال الزين ابن المنير‏:‏ في الدعوات الثلاث مناسبة للحال، أما طول عمره فليراه من سمع بأمره فيعلم كرامة سعد، وأما طول فقره فلنقيض مطلوبه لأن حاله يشعر بأنه طلب أمرا دنيويا، وأما تعرضه للفتن فلكونه قام فيها ورضيها دون أهل بلده‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكان بعد‏)‏ أي أبو سعدة، وقائل ذلك عبد الملك بن عمير بينه جرير في روايته‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا سئل‏)‏ في رواية ابن عيينة ‏"‏ إذ قيل له كيف أنت‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏شيخ كبير مفتون‏)‏ قيل لم يذكر الدعوة الأخرى وهي الفقر لكن عموم قوله ‏"‏ أصابتني دعوة سعد ‏"‏ يدل عليه‏.‏
قلت‏:‏ قد وقع التصريح به في رواية الطبراني من طريق أسد بن موسى‏.‏
وفي رواية أبي يعلى عن إبراهيم بن الحجاج كلاهما عن أبي عوانة ولفظه ‏"‏ قال عبد الملك‏:‏ فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك، فإذا سألوه قال‏:‏ كبير فقير مفتون ‏"‏ وفي رواية إسحاق عن جرير ‏"‏ فافتقر وافتتن ‏"‏ وفي رواية سيف ‏"‏ فعمى واجتمع عنده عشر بنات، وكان إذا سمع بحس المرأة تشبث بها، فإذا أنكر عليه قال‏:‏ دعوة المبارك سعد ‏"‏ وفي رواية ابن عيينة ‏"‏ ولا تكون فتنة إلا وهو فيها ‏"‏ وفي رواية محمد بن جحادة عن مصعب ابن سعد نحو هذه القصة قال ‏"‏ وأدرك فتنة المختار فقتل فيها ‏"‏ رواه المخلص في فوائده‏.‏
ومن طريقه ابن عساكر‏.‏
وفي رواية سيف أنه عاش إلى فتنة الجماجم وكانت سنة ثلاث وثمانين، وكانت فتنة المختار حين غلب على الكوفة من سنة خمس وستين إلى أن قتل سنة سبع وستين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏دعوة سعد‏)‏ أفردها لإرادة الجنس وإن كانت ثلاث دعوات، وكان سعد معروفا بإجابة الدعوة، روى الطبراني من طريق الشعبي قال ‏"‏ قيل لسعد متى أصبت الدعوة‏؟‏ قال‏:‏ يوم بدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم استجب لسعد ‏"‏ وروى الترمذي وابن حبان والحاكم من طريق قيس بن أبي حازم عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ اللهم استجب لسعد إذا دعاك‏"‏‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد سوى ما تقدم جواز عزل الإمام بعض عماله إذا شكى إليه وإن لم يثبت عليه شيء إذا اقتضت ذلك المصلحة، قال مالك‏:‏ قد عزل عمر سعدا وهو أعدل من يأتي بعده إلى يوم القيامة‏.‏
والذي يظهر أن عمر عزله حسما لمادة الفتنة، ففي رواية سيف ‏"‏ قال عمر‏:‏ لولا الاحتياط وأن لا يتقي من أمير مثل سعد لما عزلته‏"‏‏.‏
وقيل عزله إيثارا لقربه منه لكونه من أهل الشورى، وقيل لأن مذهب عمر أنه لا يستمر بالعامل أكثر من أربع سنين‏.‏
وقال المازري‏:‏ اختلفوا هل يعزل القاضي بشكوى الواحد أو الاثنين أو لا يعزل حتى يجتمع الأكثر على الشكوى منه‏؟‏ وفيه استفسار العامل عما قيل فيه، والسؤال عمن شكى في موضع عمله، والاقتصار في المسألة على من يظن به الفضل‏.‏
وفيه أن السؤال عن عدالة الشاهد ونحوه يكون ممن يجاوره، وأن تعريض العدل للكشف عن حاله لا ينافي قبول شهادته في الحال‏.‏
وفيه خطاب الرجل الجليل بكنيته، والاعتذار لمن سمع في حقه كلام يسوؤه‏.‏
وفيه الفرق بين الافتراء الذي يقصد به السب، والافتراء الذي يقصد به دفع الضرر، فيعزر قائل الأول دون الثاني‏.‏
ويحتمل أن يكون سعد لم يطلب حقه منهم أو عفا عنهم واكتفى بالدعاء على الذي كشف قناعه في الافتراء عليه دون غيره فإنه صار كالمنفرد بأذيته‏.‏
وقد جاء في الخبر ‏"‏ من دعا على ظالمه فقد انتصر ‏"‏ فلعله أراد الشفقة عليه بأن عجل له العقوبة في الدنيا، فانتصر لنفسه وراعى حال من ظلمه لما كان فيه من وفور الديانة‏.‏
ويقال إنه إنما دعا عليه لكونه انتهك حرمة من صحب صاحب الشريعة، وكأنه قد انتصر لصاحب الشريعة‏.‏
وفيه جواز الدعاء على الظالم المعين بما يستلزم النقص في دينه، وليس هو من طلب وقوع المعصية، ولكن من حيث أنه يؤدي إلى نكاية الظالم وعقوبته‏.‏
ومن هذا القبيل مشروعية طلب الشهادة وإن كانت تستلزم ظهور الكافر على المسلم، ومن الأول قول موسى عليه السلام‏:‏ ‏(‏ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم‏)‏ الآية‏.‏
وفيه سلوك الورع في الدعاء، واستدل به على أن الأوليين من الرباعية متساويتان في الطول، وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمود بن الربيع‏)‏ في رواية الحميدي عن سفيان ‏"‏ حدثنا الزهري سمعت محمود بن الربيع ‏"‏ ولابن أبي عمر عن سفيان بالإسناد عند الإسماعيلي ‏"‏ سمعت عبادة بن الصامت ‏"‏ ولمسلم من رواية صالح بن كيسان ‏"‏ عن ابن شهاب أن محمود بن الربيع أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره‏"‏، وبهذا التصريح بالإخبار يندفع تعليل من أعله بالانقطاع لكون بعض الرواة أدخل بين محمود وعبادة رجلا وهي رواية ضعيفة عند الدار قطني‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب‏)‏ زاد الحميدي عن سفيان ‏"‏ فيها ‏"‏ كذا في مسنده‏.‏
وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن الحميدي، أخرجه البيهقي‏.‏
وكذا لابن أبي عمر عند الإسماعيلي، ولقتيبة وعثمان ابن أبي شيبة عند أبي نعيم في المستخرج، وهذا يعين أن المراد القراءة في نفس الصلاة، قال عياض‏:‏ قيل يحمل على نفي الذات وصفاتها، لكن الذات غير منتفية فيخص بدليل خارج، ونوزع في تسليم عدم نفي الذات على الإطلاق لأنه إن ادعى أن المراد بالصلاة معناها اللغوي فغير مسلم، لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه لأنه المحتاج إليه فيه لكونه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات اللغة، وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات، فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء ولا الكمال، لأنه يؤدي إلى الإجمال كما نقل عن القاضي أبي بكر وغيره حتى مال إلى التوقف، لأن نفي الكمال يشعر بحصول الإجزاء فلو قدر الإجزاء منتفيا لأجل العموم قدر ثابتا لأجل إشعار نفي الكمال بثبوته فيتناقض، ولا سبيل إلى إضمارهما معا لأن الإضمار إنما احتيج إليه للضرورة، وهي مندفعة بإضمار فرد فلا حاجة إلى أكثر منه، ودعوى إضمار أحدهما ليست بأولى من الآخر، قاله ابن دقيق العيد، وفي هذا الأخير نظر لأنا إن سلمنا تعذر الحمل على الحقيقة فالحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة أولى من الحمل على أبعدهما، ونفي الإجزاء أقرب إلى نفي الحقيقة وهو السابق إلى الفهم، ولأنه يستلزم نفي الكمال من غير عكس فيكون أولى، ويؤيده رواية الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي أحد شيوخ البخاري عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ ‏"‏ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ‏"‏ وتابعه على ذلك زياد بن أيوب أحد الإثبات أخرجه الدار قطني، وله شاهد من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما، ولأحمد من طريق عبد الله بن سوادة القشيري عن رجل عن أبيه مرفوعا ‏"‏ لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن ‏"‏ وقد أخرج ابن خزيمة عن محمد بن الوليد القرشي عن سفيان حديث الباب بلفظ ‏"‏ لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب ‏"‏ فلا يمتنع أن يقال إن قوله ‏"‏ لا صلاة ‏"‏ نفي بمعنى النهي أي لا تصلوا إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ونظيره ما رواه مسلم من طريق القاسم عن عائشة مرفوعا ‏"‏ لا صلاة بحضرة الطعام ‏"‏ فإنه في صحيح ابن حبان بلفظ ‏"‏ لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام ‏"‏ أخرجه مسلم من طريق حاتم بن إسماعيل وغيره عن يعقوب بن مجاهد عن القاسم، وابن حبان من طريق حسين بن علي وغيره عن يعقوب به‏.‏
وأخرج له ابن حبان أيضا شاهدا من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ، وقد قال بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الحنفية لكن بنوا على قاعدتهم أنها مع الوجوب ليست شرطا في صحة الصلاة لأن وجوبها إنما ثبت بالسنة، والذي لا تتم الصلاة إلا به فرض، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن، وقد قال تعالى ‏(‏فاقرؤوا ما تيسر من القرآن‏)‏ فالفرض قراءة ما تيسر، وتعيين الفاتحة إنما ثبت بالحديث فيكون واجبا يأثم من يتركه وتجزئ الصلاة بدونه، وإذا تقرر ذلك لا ينقضي عجبي ممن يتعمد ترك قراءة الفاتحة منهم وترك الطمأنينة فيصلي صلاة يريد أن يتقرب بها إلى الله تعالى وهو يتعمد ارتكاب الإثم فيها مبالغة في تحقيق مخالفته لمذهب غيره، واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناء على أن الركعة الواحدة تسمى صلاة لو تجردت، وفيه نظر لأن قراءتها في ركعة واحدة من الرباعية مثلا يقتضي حصول اسم قراءتها في تلك الصلاة، والأصل عدم وجوب الزيادة على المرة الواحدة، والأصل أيضا عدم إطلاق الكل على البعض، لأن الظهر مثلا كلها صلاة واحدة حقيقة كما صرح به في حديث الإسراء حيث سمى المكتوبات خمسا، وكذا حديث عبادة ‏"‏ خمس صلوات كتبهن الله على العباد ‏"‏ وغير ذلك، فإطلاق الصلاة على ركعة منها يكون مجازا، قال الشيخ تقي الدين‏:‏ وغاية ما في هذا البحث أن يكون في الحديث دلالة مفهوم على صحة الصلاة بقراءة الفاتحة في كل ركعة واحدة منها، فإن دل دليل خارج منطوق على وجوبها في كل ركعة كان مقدما‏.‏
انتهى‏.‏
وقال بمقتضى هذا البحث الحسن البصري رواه عنه ابن المنذر بإسناد صحيح، ودليل الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏وافعل ذلك في صلاتك كلها ‏"‏ بعد أن أمره بالقراءة‏.‏
وفي رواية لأحمد وابن حبان ‏"‏ ثم افعل ذلك في كل ركعة ‏"‏ ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري له عقب حديث عبادة ‏"‏ واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم سواء أسر الإمام أم جهر، لأن صلاته صلاة حقيقة فتنتفي عند انتفاء القراءة إلا إن جاء دليل يقتضي تخصيص صلاة المأموم من هذا العموم فيقدم، قاله الشيخ تقي الدين، واستدل من أسقطها عن المأموم مطلقا كالحنفية بحديث ‏"‏ من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة ‏"‏ لكنه حديث ضعيف عند الحفاظ، وقد استوعب طرقه وعلله الدار قطني وغيره، واستدل من أسقطها عنه في الجهرية كالمالكية بحديث ‏"‏ وإذا قرأ فأنصتوا ‏"‏ وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري، ولا دلالة فيه لإمكان الجمع بين الأمرين‏:‏ فينصت فيما عدا الفاتحة، أو ينصت إذا قرأ الإمام ويقرأ إذا سكت، وعلى هذا فيتعين على الإمام السكوت في الجهرية ليقرأ المأموم لئلا يوقعه في ارتكاب النهي حيث لا ينصت إذا قرأ الإمام، وقد ثبت الإذن بقراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بغير قيد، وذلك فيما أخرجه البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ والترمذي وابن حبان وغيرهما من رواية مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم ثقلت عليه القراءة في الفجر، فلما فرغ قال‏:‏ لعلكم تقرءون خلف إمامكم‏؟‏ قلنا‏:‏ نعم‏.‏
قال‏:‏ فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها‏"‏، والظاهر أن حديث الباب مختصر من هذا وكان هذا سببه والله أعلم‏.‏
وله شاهد من حديث أبي قتادة عند أبي داود والنسائي، ومن حديث أنس عند ابن حبان، وروى عبد الرزاق عن سعيد بن جبير قال‏:‏ لابد من أم القرآن، ولكن من مضى كان الإمام يسكت ساعة قدر ما يقرأ المأموم بأم القرآن‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ زاد معمر عن الزهري في آخر حديث الباب ‏"‏ فصاعدا ‏"‏ أخرجه النسائي وغيره، واستدل به على وجوب قدر زائد على الفاتحة‏.‏
وتعقب بأنه ورد لدفع توهم قصر الحكم على الفاتحة، قال البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏‏:‏ هو نظير قوله ‏"‏ تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا ‏"‏ وادعى ابن حبان والقرطبي وغيرهما الإجماع على عدم وجوب قدر زائد عليها، وفيه نظر لثبوته عن بعض الصحابة ومن بعدهم فيما رواه ابن المنذر وغيره، ولعلهم أرادوا أن الأمر استقر على ذلك، وسيأتي بعد ثمانية أبواب حديث أبي هريرة ‏"‏ وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت ‏"‏ ولابن خزيمة من حديث ابن عباس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى ركعتين لم يقرأ فيها إلا بفاتحة الكتاب‏"‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ وَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فَقَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا
الشرح‏:‏
حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته سيأتي الكلام عليه بعد أربعة وعشرين بابا، وموضع الحاجة منه هنا قوله ‏"‏ ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ‏"‏ وكأنه أشار بإبراده عقب حديث عبادة أن الفاتحة إنما تتحتم على من يحسنها، وأن من لا يحسنها يقرأ بما تيسر عليه، وأن إطلاق القراءة في حديث أبي هريرة مقيد بالفاتحة كما في حديث عبادة والله أعلم‏.‏
قال الخطابي‏:‏ قوله ‏"‏ ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ‏"‏ ظاهر الإطلاق التخيير، لكن المراد به فاتحة الكتاب لمن أحسنها بدليل حديث عبادة، وهو كقوله تعالى ‏(‏فما استيسر من الهدى‏)‏ ثم عينت السنة المراد‏.‏
وقال النووي‏:‏ قوله ‏"‏ ما تيسر ‏"‏ محمول على الفاتحة فإنها متيسرة، أو على ما زاد من الفاتحة بعد أن يقرأها، أو على من عجز عن الفاتحة‏.‏
وتعقب بأن قوله ‏"‏ ما تيسر ‏"‏ لا إجمال فيه حتى يبين بالفاتحة، والتقييد بالفاتحة ينافي التيسير الذي يدل عليه الإطلاق فلا يصح حمله عليه‏.‏
وأيضا فسورة الإخلاص متيسرة وهي أقصر من الفاتحة فلم ينحصر التيسير في الفاتحة، وأما الحمل على ما زاد فمبني على تسليم تعين الفاتحة وهي محل النزاع‏.‏
وأما حمله على من عجز فبعيد، والجواب القوي عن هذا أنه ورد في حديث المسيء صلاته تفسير ما تيسر بالفاتحة كما أخرجه أبو داود من حديث رفاعة بن رافع رفعه ‏"‏ وإذا قمت فتوجهت فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك ‏"‏ الحديث‏.‏
ووقع فيه في بعض طرقه ‏"‏ ثم اقرأ إن كان معك قرآن، فإن لم يكن فاحمد الله وكبر وهلل ‏"‏ فإذا جمع بين ألفاظ الحديث كان تعين الفاتحة هو الأصل لمن معه قرآن، فإن عجز عن تعلمها وكان معه شيء من القرآن قرأ ما تيسر، وإلا انتقل إلى الذكر‏.‏
ويحتمل الجمع أيضا أن يقال‏:‏ المراد بقوله ‏"‏ فاقرأ ما تيسر معك من القرآن ‏"‏ أي بعد الفاتحة، ويؤيده حديث أبي سعيد عند أبي داود بسند قوي ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:43 PM   #302
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في الظهر‏)‏ هذه الترجمة والتي بعدها يحتمل أن يكون المراد بهما إثبات القراءة فيهما وأنها تكون سرا إشارة إلى من خالف في ذلك كابن عباس كما سيأتي البحث فيه بعد ثمانية أبواب، ويحتمل أن يراد به تقدير المقروء أو تعينه، والأول أظهر لكونه لم يتعرض في البابين لإخراج شيء مما يتعلق بالاحتمال الثاني، وقد أخرج مسلم وغيره في ذلك أحاديث مختلفة سيأتي بعضها، وجمع بينها بوقوع ذلك في أحوال متغايرة، إما لبيان الجواز أو لغير ذلك من الأسباب، واستدل ابن العربي باختلافها على عدم مشروعية سورة معينة في صلاة معينة، وهو واضح فيما اختلف لا فيما لم يختلف كتنزيل وهل أتى في صبح الجمعة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا شيبان‏)‏ هو ابن عبد الرحمن، ويحيى هو ابن أبي كثير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه‏)‏ في رواية الجوزقي من طريق عبيد الله بن موسى عن شيبان التصريح بالإخبار ليحيى من عبد الله ولعبد الله من أبيه، وكذا للنسائي من رواية الأوزاعي عن يحيى لكن بلفظ التحديث فيهما، وكذا عنده من رواية أبي إبراهيم القناد عن يحيى حدثني عبد الله فأمن بذلك تدليس يحيى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الأوليين‏)‏ بتحتانيتين الأولى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلاة الظهر‏)‏ فيه جواز تسمية الصلاة بوقتها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وسورتين‏)‏ أي في كل ركعة سورة كما سيأتي صريحا في الباب الذي بعده، واستدل به على أن قراءة سورة أفضل من قراءة قدرها من طويلة قاله النووي، وزاد البغوي‏:‏ ولو قصرت السورة عن المقروء، كأنه مأخوذ من قوله كان يفعل، لأنها تدل على الدوام أو الغالب قوله‏:‏ ‏(‏يطول في الأولى ويقصر في الثانية‏)‏ قال الشيخ تقي الدين‏:‏ كان السبب في ذلك أن النشاط في الأولى يكون أكثر فناسب التخفيف في الثانية حذرا من الملل‏.‏
انتهى‏.‏
وروى عبد الرزاق عن معمر عن يحيى في آخر هذا الحديث ‏"‏ فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة‏"‏، ولأبي داود وابن خزيمة نحوه من رواية أبي خالد عن سفيان عن معمر، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال‏:‏ إني لأحب أن يطول الإمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، واستدل به على استحباب تطويل الأولى على الثانية وسيأتي في باب مفرد، وجمع بينه وبين حديث سعد الماضي حيث قال ‏"‏ أمد في الأوليين ‏"‏ أن المراد تطويلهما على الأخريين لا التسوية بينهما في الطول‏.‏
وقال من استحب استواءهما‏:‏ إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء، ويدل عليه حديث أبي سعيد عند مسلم ‏"‏ كان يقرأ في الظهر في الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية ‏"‏ وفي رواية لابن ماجه أن الذين حزروا ذلك كانوا ثلاثين من الصحابة، وادعى ابن حبان أن الأولى إنما طالت على الثانية بالزيادة في الترتيل فيها مع استواء المقروء فيهما، وقد روى مسلم من حديث حفصة ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها‏"‏، واستدل به بعض الشافعية على جواز تطويل الإمام في الركوع لأجل الداخل، قال القرطبي‏:‏ ولا حجة فيه، لأن الحكمة لا يعلل بها لخفائها أو لعدم انضباطها، ولأنه لم يكن يدخل في الصلاة يريد تقصير تلك الركعة ثم يطيلها لأجل الآتي، وإنما كان يدخل فيها ليأتي بالصلاة على سنتها من تطويل الأولى، فافترق الأصل والفرع فامتنع الإلحاق‏.‏
انتهى‏.‏
وقد ذكر البخاري في ‏"‏ جزء القراءة ‏"‏ كلاما معناه أنه لم يرد عن أحد من السلف في انتظار الداخل في الركوع شيء والله أعلم‏.‏
ولم يقع في حديث أبي قتادة هذا هنا ذكر القراءة في الأخريين، فتمسك به بعض الحنفية على إسقاطها فيهما، لكنه ثبت في حديثه من وجه آخر كما سيأتي من حديثه بعد عشرة أبواب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويسمع الآية أحيانا‏)‏ في الرواية الآتية ‏"‏ ويسمعنا ‏"‏ وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية شيبان، وللنسائي من حديث البراء ‏"‏ كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فنسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات ‏"‏ ولابن خزيمة من حديث أنس نحوه لكن قال ‏"‏ بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية ‏"‏ واستدل به على جواز الجهر في السرية وأنه لا سجود على من فعل ذلك خلافا لمن قال ذلك من الحنفية وغيرهم سواء قلنا كان يفعل ذلك عمدا لبيان الجواز أو بغير قصد للاستغراق في التدبر، وفيه حجة على من زعم أن الإسرار شرط لصحة الصلاة السرية‏.‏
وقوله ‏"‏أحيانا ‏"‏ يدل على تكرر ذلك منه‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ فيه دليل على جواز الاكتفاء بظاهر الحال في الأخبار دون التوقف على اليقين، لأن الطريق إلى العلم بقراءة السورة في السرية لا يكون إلا بسماع كلها، وإنما يفيد يقين ذلك لو كان في الجهرية، وكأنه مأخوذ من سماع بعضها مع قيام القرينة على قراءة باقيها‏.‏
ويحتمل أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم عقب الصلاة دائما أو غالبا بقراءة السورتين، وهو بعيد جدا والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمر‏)‏ هو ابن حفص بن غياث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عمارة‏)‏ هو ابن عمير كما في الباب الذي بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي معمر‏)‏ هو عبد الله بن سخبرة بفتح المهملة والموحدة بينهما خاء معجمة ساكنة الأزدي، وأفاد الدمياطي أن لأبيه صحبة، ووهمه بعضهم في ذلك فإن الصحابي أخرج حديثه الترمذي وقال في سياقه ‏"‏ عن سخبرة وليس بالأزدي‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ لكن جزم البخاري وابن أبي خيثمة وابن حبان بأنه الأزدي، والعلم عند الله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏باضطراب لحيته‏)‏ فيه الحكم بالدليل لأنهم حكموا باضطراب لحيته على قراءته، لكن لا بد من قرينة تعين القراءة دون الذكر والدعاء مثلا لأن اضطراب اللحية يحصل بكل منهما، وكأنهم نظروه بالصلاة الجهرية لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة ‏"‏ كان يسمعنا الآية أحيانا ‏"‏ قوي الاستدلال، والله أعلم‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ احتمال الذكر ممكن لكن جزم الصحابي بالقراءة مقبول، لأنه أعرف بأحد المحتملين فيقبل تفسيره، واستدل به المصنف على مخافتته القراءة في الظهر والعصر كما سيأتي، وعلى رفع بصر المأموم إلى الإمام كما مضى، واستدل به البيهقي على أن الإسرار بالقراءة لا بد فيه من إسماع المرء نفسه، وذلك لا يكون إلا بتحريك اللسان والشفتين، بخلاف ما لو أطبق شفتيه وحرك لسانه بالقراءة فإنه لا تضطرب بذلك لحيته فلا يسمع نفسه‏.‏
انتهى وفيه نظر لا يخفى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في العصر‏)‏ أورد فيه حديث خباب المذكور قبله، وكذا حديث أبي قتادة مختصرا، وقد تقدم الكلام عليهما في الباب الذي قبله وعلى ما يؤخذ من الترجمة تصريحا أو إشارة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلنا‏)‏ في رواية الحموي والمستملي ‏"‏ قلت لخباب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ابن الأرت‏)‏ بفتح الراء وتشديد المثناة الفوقانية‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏هشام‏)‏ هو الدستوائي‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:44 PM   #303
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في المغرب‏)‏ المراد تقديرها لا إثباتها لكونها جهرية، بخلاف ما تقدم في ‏"‏ باب القراءة في الظهر ‏"‏ من أن المراد إثباتها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ يَا بُنَيَّ وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن أم الفضل‏)‏ هي والدة ابن عباس الراوي عنها، وبذلك صرح الترمذي في روايته فقال ‏"‏ عن أمه أم الفضل ‏"‏ وقد تقدم في المقدمة أن اسمها لبابة بنت الحارث الهلالية، ويقال إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة، والصحيح أخت عمر زوج سعيد بن زيد لما سيأتي في المناقب من حديثه ‏"‏ لقد رأيتني وعمر موثقي وأخته على الإسلام ‏"‏ واسمها فاطمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سمعته‏)‏ أي سمعت ابن عباس، وفيه التفات لأن السياق يقتضي أن يقول سمعتني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد ذكرتني‏)‏ أي شيئا نسيته، وصرح عقيل في روايته عن ابن شهاب أنها آخر صلوات النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه ‏"‏ ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله ‏"‏ أورده المصنف في ‏"‏ باب الوفاة ‏"‏ وقد تقدم في ‏"‏ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ من حديث عائشة أن الصلاة التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مرض موته كانت الظهر، وأشرنا إلى الجمع بينه وبين حديث أم الفضل هذا بأن الصلاة التي حكتها عائشة كانت في المسجد، والتي حكتها أم الفضل كانت في بيته كما رواه النسائي، لكن يعكر عليه رواية ابن إسحاق عن ابن شهاب في هذا الحديث بلفظ ‏"‏ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب ‏"‏ الحديث أخرجه الترمذي، ويمكن حمل قولها ‏"‏ خرج إلينا ‏"‏ أي من مكانه الذي كان راقدا فيه إلى من في البيت فصلى بهم، فتلتئم الروايات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقرأ بها‏)‏ هو في موضع الحال أي سمعته في حال قراءته‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارٍ وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن أبي مليكة‏)‏ في رواية عبد الرزاق عن ابن جريج ‏"‏ حدثني ابن أبي مليكة ‏"‏ ومن طريقة أخرجه أبو داود وغيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عروة‏)‏ في رواية الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج ‏"‏ سمعت ابن أبي مليكة أخبرني عروة أن مروان أخبره‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال لي زيد بن ثابت مالك تقرأ‏)‏ كان مروان حينئذ أميرا على المدينة من قبل معاوية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بقصار‏)‏ كذا للأكثر بالتنوين وهو عوض عن المضاف إليه‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ بقصار المفصل ‏"‏ وكذا للطبراني عن أبي مسلم الكجي، وللبيهقي من طريق الصغاني كلاهما عن أبي عاصم شيخ البخاري فيه، وكذا في جميع الروايات عند أبي داود والنسائي وغيرهما، لكن في رواية النسائي ‏"‏ بقصار السور ‏"‏ وعند النسائي من رواية أبي الأسود عن عروة عن زيد بن ثابت أنه قال لمروان ‏"‏ أبا عبد الملك، أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد وإنا أعطيناك الكوثر‏"‏، وصرح الطحاوي من هذا الوجه بالإخبار بين عروة وزيد، فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد ثم لقي زيدا فأخبره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقد سمعت‏)‏ استدل به ابن المنير على أن ذلك وقع منه صلى الله عليه وسلم نادرا، قال‏:‏ لأنه لو لم يكن كذلك لقال كان يفعل يشعر بأن عادته كانت كذلك‏.‏
انتهى‏.‏
وغفل عما في رواية البيهقي من طريق أبي عاصم شيخ البخاري فيه بلفظ ‏"‏ لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ‏"‏، ومثله في رواية حجاج عن ابن جريج عند الإسماعيلي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بطولي الطوليين‏)‏ أي بأطول السورتين الطويلتين وطولي تأنيث أطول، والطوليين بتحتانيتين تثنية طولى، وهذه رواية الأكثر‏.‏
ووقع في رواية كريمة ‏"‏ بطول ‏"‏ بضم الطاء وسكون الواو، ووجهه الكرماني بأنه أطلق المصدر وأراد الوصف أي كان يقرأ بمقدار طول الطوليين وفيه نظر لأنه يلزم منه أن يكون قرأ بقدر السورتين، وليس هو المراد كما سنوضحه‏.‏
وحكى الخطابي أنه ضبطه عن بعضهم بكسر الطاء وفتح الواو‏.‏
قال‏:‏ وليس بشيء، لأن الطول الحبل ولا معنى له هنا‏.‏
انتهى‏.‏
ووقع في رواية الإسماعيلي ‏"‏ بأطول الطوليين ‏"‏ بالتذكير، ولم يقع تفسيرهما في رواية البخاري‏.‏
ووقع في رواية أبي الأسود المذكورة ‏"‏ بأطول الطوليين المص ‏"‏ وفي رواية أبي داود ‏"‏ قال قلت وما طولي الطوليين‏؟‏ قال‏:‏ الأعراف ‏"‏ وبين النسائي في رواية له أن التفسير من قول عروة ولفظه ‏"‏ قال قلت يا أبا عبد الله ‏"‏ وهي كنية عروة‏.‏
وفي رواية البيهقي ‏"‏ قال فقلت لعروة‏"‏‏.‏
وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ قال ابن أبي مليكة وما طولي الطوليين ‏"‏ زاد أبو داود ‏"‏ قال - يعني ابن جريج - وسألت أنا ابن أبي مليكة فقال لي من قبل نفسه المائدة والأعراف ‏"‏ كذا رواه عن الحسن بن علي عن عبد الرزاق‏.‏
وللجوزقي من طريق عبد الرحمن بن بشر عن عبد الرزاق مثله لكن قال ‏"‏ الأنعام ‏"‏ بدل المائدة وكذا في رواية حجاج بن محمد والصغاني المذكورتين، وعند أبي مسلم الكجي عن أبي عاصم بدل الأنعام يونس أخرجه الطبراني وأبو نعيم في المستخرج، فحصل الاتفاق على تفسير الطولي بالأعراف، وفي تفسير الأخرى ثلاثة أقوال المحفوظ منها الأنعام، قال ابن بطال‏:‏ البقرة أطول السبع الطوال فلو أرادها لقال طولى الطوال، فلما لم يردها دل على أنه أراد الأعراف لأنها أطول السور بعد البقرة‏.‏
وتعقب بأن النساء أطول من الأعراف، وليس هذا التعقيب بمرضي لأنه اعتبر عدد الآيات وعدد آيات الأعراف أكثر من عدد آيات النساء وغيرها من السبع بعد البقرة والمتعقب اعتبر عدد الكلمات لأن كلمات النساء تزيد على كلمات الأعراف بمائتي كلمة‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ تسمية الأعراف والأنعام بالطوليين إنما هو لعرف فيهما لا أنهما أطول من غيرهما والله أعلم‏.‏
واستدل بهذين الحديثين على امتداد وقت المغرب، وعلى استحباب القراءة فيها بغير قصار المفصل، وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْجَهْرِ فِي الْمَغْرِبِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الجهر في المغرب‏)‏ اعترض الزين بن المنير على هذه الترجمة والتي بعدها بأن الجهر فيهما لا خلاف فيه، وهو عجيب لأن الكتاب موضوع لبيان الأحكام من حيث هي، وليس هو مقصورا على الخلافيات‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن جبير‏)‏ في رواية ابن خزيمة من طريق سفيان عن الزهري ‏"‏ حدثني محمد ابن جبير‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قرأ في المغرب بالطور‏)‏ في رواية ابن عساكر ‏"‏ يقرأ ‏"‏ وكذا هو في الموطأ وعند مسلم، زاد المصنف في الجهاد من طريق محمد بن عمرو عن الزهري ‏"‏ وكان جاء في أسارى بدر ‏"‏ ولابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن الزهري ‏"‏ في فداء أهل بدر ‏"‏ وزاد الإسماعيلي من طريق معمر ‏"‏ وهو يومئذ مشرك ‏"‏ وللمصنف في المغازي من طريق معمر أيضا في آخره قال ‏"‏ وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ‏"‏ وللطبراني من رواية أسامة بن زيد عن الزهري نحوه وزاد ‏"‏ فأخذني من قراءته الكرب ‏"‏ ولسعيد بن منصور عن هشيم عن الزهري ‏"‏ فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن ‏"‏ واستدل به على صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر، وكذا الفسق إذا أداه في حال العدالة‏.‏
وستأتي الإشارة إلى زوائد أخرى فيه لبعض الرواة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالطور‏)‏ أي بسورة الطور‏.‏
وقال ابن الجوزي‏:‏ يحتمل أن تكون الباء بمعنى من كقوله تعالى ‏(‏عينا يشرب بها عباد الله‏)‏ وسنذكر ما فيه قريبا‏.‏
قال الترمذي‏:‏ ذكر عن مالك أنه كره أن يقرأ في المغرب بالسور الطوال نحو الطور والمرسلات‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ لا أكره ذلك بل أستحبه‏.‏
وكذا نقله البغوي في شرح السنة عن الشافعي، والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهية في ذلك ولا استحباب‏.‏
وأما مالك فاعتمد العمل بالمدينة بل وبغيرها‏.‏
قال ابن دقيق العيد‏:‏ استمر العمل على تطويل القراءة في الصبح وتقصيرها في المغرب، والحق عندنا أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وثبتت مواظبته عليه فهو مستحب، وما لم تثبت مواظبته عليه فلا كراهة قيه‏.‏
قلت‏:‏ الأحاديث التي ذكرها البخاري في القراءة هنا ثلاثة مختلفة المقادير لأن الأعراف من السبع الطوال، والطور من طوال المفصل، والمرسلات من أوساطه‏.‏
وفي ابن حبان من حديث ابن عمر أنه قرأ بهم في المغرب بالذين كفروا وصدوا عن سبيل الله، ولم أر حديثا مرفوعا فيه التنصيص على القراءة فيها بشيء من قصار المفصل إلا حديثا في ابن ماجه عن ابن عمر نص فيه على الكافرون والإخلاص، ومثله لابن حبان عن جابر بن سمرة‏.‏
فأما حديث ابن عمر فظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول، قال الدار قطني‏:‏ أخطأ فيه بعض رواته‏.‏
وأما حديث جابر بن سمرة ففيه سعيد بن سماك وهو متروك، والمحفوظ أنه قرأ بهما في الركعتين بعد المغرب واعتمد بعض أصحابنا وغيرهم حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة أنه قال ‏"‏ ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان، قال سليمان‏:‏ فكان يقرأ في الصبح بطوال المفصل وفي المغرب بقصار المفصل ‏"‏ الحديث أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وغيره‏.‏
وهذا يشعر بالمواظبة على ذلك، لكن في الاستدلال به نظر يأتي مثله في ‏"‏ باب جهر الإمام بالتأمين ‏"‏ بعد ثلاثة عشر بابا‏.‏
نعم حديث رافع الذي تقدم في المواقيت أنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب يدل على تخفيف القراءة فيها، وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين، وليس في حديث جبير بن مطعم دليل على أن ذلك تكرر منه، وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل، ولو كان مروان يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك لاحتج به على زيد، لكن لم يرد زيد منه فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفي حديث أم الفضل إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في حال شدة مرضه وهو مظنة التخفيف، وهو يرد على أبي داود ادعاء نسخ التطويل لأنه روى عقب حديث زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ في المغرب بالقصار، قال‏:‏ وهذا يدل على نسخ حديث زيد، ولم يبين وجه الدلالة، وكأنه لما رأى عروة راوي الخبر عمل بخلافه حمله على أنه اطلع على ناسخة، ولا يخفى بعد هذا الحمل، وكيف تصح دعوى النسخ وأم الفضل تقول‏:‏ إن آخر صلاة صلاها بهم قرأ بالمرسلات‏.‏
قال ابن خزيمة في صحيحه‏:‏ هذا من الاختلاف المباح، فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب، إلا أنه إذا كان إماما استحب له أن يخفف في القراءة كما تقدم ا ه‏.‏
وهذا أولى من قول القرطبي‏:‏ ما ورد في مسلم وغيره من تطويل القراءة فيما استقر عليه التقصير أو عكسه فهو متروك، وادعى الطحاوي أنه لا دلالة في شيء الأحاديث الثلاثة على تطويل القراءة، لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة‏.‏
ثم استدل لذلك بما رواه من طريق هشيم عن الزهري في حديث جبير بلفظ‏:‏ فسمعته يقول ‏(‏إن عذاب ربك لواقع‏)‏ قال فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هي هذه الآية خاصة ا ه‏.‏
وليس في السياق ما يقتضي قوله ‏"‏ خاصة ‏"‏ مع كون رواية هشيم عن الزهري بخصوصها مضعفة، بل جاء في روايات أخرى ما يدل على أنه قرأ السورة كلها، فعند البخاري في التفسير ‏"‏ سمعته يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية ‏(‏أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون‏)‏ الآيات إلى قوله‏:‏ ‏(‏المصيطرون‏)‏ كاد قلبي يطير ‏"‏ ونحوه لقاسم بن أصبغ‏.‏
وفي رواية أسامة ومحمد بن عمرو المتقدمتين ‏"‏ سمعته يقرأ والطور وكتاب مسطور ‏"‏ ومثله لابن سعد، وزاد في أخرى فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد‏.‏
ثم ادعى الطحاوي أن الاحتمال المذكور يأتي في حديث زيد بن ثابت، وكذا أبداه الخطابي احتمالا، وفيه نظر لأنه لو كان قرأ بشيء منها يكون قدر سورة من قصار المفصل لما كان لإنكار زيد معنى‏.‏
وقد روى حديث زيد هشام بن عروة عن أبيه عنه أنه قال لمروان ‏"‏ إنك لتخف القراءة في الركعتين من المغرب فوالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بسورة الأعراف في الركعتين جميعا ‏"‏ أخرجه ابن خزيمة‏.‏
واختلف على هشام في صحابيه والمحفوظ عن عروة أنه زيد بن ثابت‏.‏
وقال أكثر الرواة‏:‏ عن هشام عن زيد بن ثابت أو أبي أيوب، وقيل عن عائشة أخرجه النسائي مقتصرا على المتن دون القصة، واستدل به الخطابي وغيره على امتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق، وفيه نظر لأن من قال إن لها وقتا واحدا لم يحده بقراءة معينة بل قالوا‏:‏ لا يجوز تأخيرها عن أول غروب الشمس، وله أن يمد القراءة فيها ولو غاب الشفق‏.‏
واستشكل المحب الطبري إطلاق هذا، وحمله الخطابي قبله على أنه يوقع ركعة في أول الوقت ويديم الباقي ولو غاب الشفق، ولا يخفى ما فيه، لأن تعمد إخراج بعض الصلاة عن الوقت ممنوع، ولو أجزأت فلا يحمل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك‏.‏
واختلف في المراد بالمفصل مع الاتفاق على أن منتهاه آخر القرآن هل هو من أول الصافات أو الجاثية أو القتال أو الفتح أو الحجرات أو ق أو الصف أو تبارك أو سبح أو الضحى إلى آخر القرآن أقوال أكثرها مستغرب اقتصر في شرح المهذب على أربعة من الأوائل سوى الأول والرابع، وحكى الأول والسابع والثامن ابن أبي الصيف اليمني، وحكى الرابع والثامن الدزماري في ‏"‏ شرح التنبيه ‏"‏ وحكى التاسع المرزوقي في شرحه، وحكى الخطابي والماوردي العاشر، والراجح الحجرات صلى الله عليه وسلم ذكره النووي‏.‏
ونقل المحب الطبري قولا شاذا أن المفصل جميع القرآن، وأما ما أخرجه الطحاوي من طريق زرارة بن أوفى قال‏:‏ أقرأني أبو موسى كتاب عمر إليه‏:‏ اقرأ في المغرب آخر المفصل‏.‏
وآخر المفصل من ‏(‏لم يكن‏)‏ إلى آخر القرآن فليس تفسيرا للمفصل بل لآخره، فدل على أن أوله قبل ذلك‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:45 PM   #304
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْجَهْرِ فِي الْعِشَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الجهر في العشاء‏)‏ قدم ترجمة الجهر على ترجمة القراءة عكس ما صنع في المغرب ثم الصبح، والذي في المغرب أولى ولعله من النساخ‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فَقُلْتُ لَهُ قَالَ سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا معتمر‏)‏ هو ابن سليمان التيمي، وبكر هو ابن عبد الله المزني، وأبو رافع هو الصائغ، وهو ومن قبله من رجال الإسناد بصريون، وهو من كبار التابعين وبكر من أوساطهم وسليمان من صغارهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقلت له‏)‏ أي في شأن السجدة يعني سألته عن حكمها، وفي الرواية التي بعدها ‏"‏ فقلت ما هذه‏؟‏‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏سجدت‏)‏ زاد غير أبي ذر ‏"‏ بها ‏"‏ أي بالسجدة، أو الباء للظرف أي فيها يعني السورة، وفي الرواية الآتية لغير الكشميهني ‏"‏ سجدت فيها‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي في الصلاة، وبه يتم استدلال المصنف لهذه الترجمة والتي بعدها، ونوزع في ذلك لأن سجوده في السورة أعم من أن يكون داخل الصلاة أو خارجها فلا ينهض الدليل‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ لا حجة فيه على مالك حيث كره السجدة في الفريضة يعني في المشهور عنه، لأنه ليس مرفوعا، وغفل عن رواية أبي الأشعث عن معتمر بهذا الإسناد بلفظ ‏"‏ صليت خلف أبي القاسم فسجد بها ‏"‏ أخرجه ابن خزيمة، وكذلك أخرجه الجوزقي من طريق يزيد بن هارون عن سليمان التيمي بلفظ ‏"‏ صليت مع أبي القاسم فسجد فيها‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى ألقاه‏)‏ كناية عن الموت، وسيأتي الكلام على بقية فوائده في أبواب سجود التلاوة إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عدي‏)‏ هو ابن ثابت كما في الرواية الآتية بعد باب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في سفر‏)‏ زاد الإسماعيلي ‏"‏ فصلى العشاء ركعتين‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في إحدى الركعتين‏)‏ في رواية النسائي ‏"‏ في الركعة الأولى‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالتين‏)‏ أي بسورة التين، وفي الرواية الآتية ‏"‏ والتين ‏"‏ على الحكاية، وإنما قرأ في العشاء بقصار المفصل لكونه كان مسافرا والسفر يطلب فيه التخفيف، وحديث أبي هريرة محمول على الحضر فلذلك قرأ فيها بأوساط المفصل‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ بِالسَّجْدَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في العشاء بالسجدة‏)‏ تقدم ما فيه قبل، والقول في إسناده كالذي قبله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِي التَّيْمِيُّ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ
الشرح‏:‏
‏(‏التيمي‏)‏ هو سليمان بن طرخان والد المعتمر‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في العشاء‏)‏ تقدم أيضا
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعَ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فِي الْعِشَاءِ وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً
الشرح‏:‏
قوله فيه ‏(‏وما سمعت أحدا أحسن صوتا منه‏)‏ يأتي الكلام عليه في أواخر كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يُطَوِّلُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يطول في الأوليين‏)‏ أي من صلاة العشاء، ذكر فيه حديث سعد، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في ‏"‏ باب وجوب القراءة‏"‏، ووجهه هنا إما الإشارة إلى إحدى الروايتين في قوله ‏"‏ صلاتي العشاء أو العشي ‏"‏ وإما لإلحاق العشاء بالظهر والعصر لكون كل منهن رباعية‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ
وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطُّورِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب القراءة في الفجر‏)‏ يعني صلاة الصبح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقالت أم سلمة قرأ النبي صلى الله عليه وسلم بالطور‏)‏ يأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا يُبَالِي بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن وقت الصلاة‏)‏ في رواية غير أبي ذر ‏"‏ الصلوات ‏"‏ والمراد المكتوبات، وقد تقدم الكلام على حديث أبي برزة المذكور في المواقيت، وقوله هنا ‏(‏وكان يقرأ في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة‏)‏ أي من الآيات، وهذه الزيادة تفرد بها شعبة عن أبي المنهال والشك فيه منه، وقد تقدم عن رواية الطبراني تقديرها بإلحاقة ونحوها، فعلى تقدير أن يكون ذلك في كل الركعتين فهو منطبق على حديث ابن عباس في قراءاته في صبح الجمعة تنزيل السجدة وهل أتى، وعلى تقدير أن يكون في كل ركعة فهو منطبق على حديث جابر بن سمرة في قراءاته في الصبح ب ‏"‏ ق ‏"‏ أخرجه مسلم‏.‏
وفي رواية له بالصافات، وفي أخرى عند الحاكم بالواقعة‏.‏
وكأن المصنف قصد بإيراد حديثي أم سلمة وأبي برزة في هذا الباب بيان حالتي السفر والحضر، ثم ثلث بحديث أبي هريرة الدال على عدم اشتراط قدر معين‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُقْرَأُ فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ هو المعروف بابن علية، وقد تكلم يحيى بن معين في حديثه عن ابن جريج خاصة لكن تابعه عليه عبد الرزاق ومحمد بن بكر ويحيى بن أبي الحجاج عند أبي عوانة وغندر عند أحمد وخالد بن الحارث عند النسائي وابن وهب عند ابن خزيمة ستتهم عن ابن جريج، منهم من ذكر الكلام الأخير ومنهم من لم يذكره‏.‏
وتابع ابن جريج حبيب المعلم عند مسلم وأبي داود، وحبيب بن الشهيد عند مسلم وأحمد، ورقية بن مصقلة عند النسائي، وقيس بن سعد وعمارة بن ميمون عند أبي داود، وحسين المعلم عند أبي نعيم في المستخرج ستتهم عن عطاء، منهم من طوله ومنهم من اختصره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في كل صلاة يقرأ‏)‏ بضم أوله على البناء للمجهول، ووقع في رواية الأصيلي ‏"‏ نقرأ ‏"‏ بنون مفتوحة في أوله كذا هو موقوف، وكذا هو عند من ذكرنا روايته إلا حبيب بن الشهيد فرواه مرفوعا بلفظ ‏"‏ لا صلاة إلا بقراءة ‏"‏ هكذا أورده مسلم من رواية أبي أسامة عنه، وقد أنكره الدار قطني على مسلم وقال‏:‏ إن المحفوظ عن أبي أسامة وقفه كما رواه أصحاب ابن جريج، وكذا رواه أحمد عن يحيى القطان وأبي عبيدة الحداد كلاهما عن حبيب المذكور موقوفا، وأخرجه أبو عوانة من طريق يحيى بن أبي الحجاج عن ابن جريج كرواية الجماعة لكن زاد في آخره ‏"‏ وسمعته يقول‏:‏ لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ‏"‏ وظاهر سياقه أن ضمير ‏"‏ سمعته ‏"‏ للنبي صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعا، بخلاف رواية الجماعة‏.‏
نعم قوله ‏"‏ ما أسمعنا وما أخفى عنا ‏"‏ يشعر بأن جميع ما ذكره متلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيكون للجميع حكم الرفع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وإن لم تزد‏)‏ بلفظ الخطاب، وبينته رواية مسلم عن أبي خيثمة وعمرو الناقد عن إسماعيل ‏"‏ فقال له رجل إن لم أزد‏"‏، وكذا رواه يحيى بن محمد عن مسدد شيخ البخاري فيه أخرجه البيهقي، وزاد أبو يعلي في أوله عن أبي خيثمة بهذا السند ‏"‏ إذا كنت إماما فخفف، وإذا كنت وحدك فطول ما بدا لك، وفي كل صلاة قراءة ‏"‏ الحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أجزأت‏)‏ أي كفت، وحكى ابن التين رواية أخرى ‏"‏ جزت ‏"‏ بغير ألف وهي رواية القابسي واستشكله، ثم حكى عن الخطابي قال‏:‏ يقال جزى وأجزى مثل وفى وأوفى قال‏:‏ فزال الإشكال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فهو خير‏)‏ في رواية حبيب المعلم ‏"‏ فهو أفضل ‏"‏ وفي هذا الحديث أن من لم يقرأ الفاتحة لم تصح صلاته، وهو شاهد لحديث عبادة المتقدم‏.‏
وفيه استحباب السورة أو الآيات مع الفاتحة وهو قول الجمهور في الصبح والجمعة والأوليين من غيرهما، وصح إيجاب ذلك عن بعض الصحابة كما تقدم وهو عثمان ابن أبي العاص‏.‏
وقال به بعض الحنفية وابن كتانة من المالكية، وحكاه القاضي الفراء الحنبلي في الشرح الصغير رواية عن أحمد، وقيل يستحب في جميع الركعات وهو ظاهر حديث أبي هريرة هذا، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ
وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الجهر بقراءة صلاة الصبح‏)‏ ولغير أبي ذر ‏"‏ صلاة الفجر ‏"‏ وهو موافق للترجمة الماضية، وعلى رواية أبي ذر فلعله أشار إلى أنها تسمى بالأمرين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقالت أم سلمة الخ‏)‏ وصله المصنف في ‏"‏ باب طواف النساء ‏"‏ من كتاب الحج من رواية مالك عن أبي الأسود عن عروة عن زينب عن أمها أم سلمة قالت ‏"‏ شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني أشتكي - أي أن بها مرضا - فقال‏:‏ طوفي وراء الناس وأنت راكبة‏.‏
قالت‏:‏ فطفت حينئذ والنبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ الحديث، وليس فيه بيان أن الصلاة حينئذ كانت الصبح، ولكن تبين ذلك من رواية أخرى أوردها بعد ستة أبواب من طريق يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام بن عروة عن أبيه ولفظه ‏"‏ فقال‏:‏ إذا أقيمت الصلاة للصبح فطوفي ‏"‏ وهكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية حسان بن إبراهيم عن هشام، وأما ما أخرجه ابن خزيمة من طريق ابن وهب عن مالك وابن لهيعة جميعا عن أبي الأسود في هذا الحديث قال فيه ‏"‏ قالت وهو يقرأ في العشاء الآخرة ‏"‏ فشاذ، وأظن سياقه لفظ ابن لهيعة، لأن ابن وهب رواه في الموطأ عن مالك فلم يعين الصلاة كما رواه أصحاب مالك كلهم أخرجه الدار قطني في الموطآت له من طرق كثيرة عن مالك، منها رواية ابن وهب المذكورة‏.‏
وإذا تقرر ذلك فابن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف، وعرف بهذا اندفاع الاعتراض الذي حكاه ابن التين عن بعض المالكية حيث أنكر أن تكون الصلاة المذكورة صلاة الصبح فقال‏:‏ ليس في الحديث بيانها، والأولى أن تحمل على النافلة لأن الطواف يمتنع إذا كان الإمام في صلاة الفريضة‏.‏
انتهى‏.‏
وهو رد للحديث الصحيح بغير حجة، بل يستفاد من هذا الحديث جواز ما منعه، بل يستفاد من الحديث التفصيل فنقول‏:‏ إن كان الطائف بحيث يمر بين يدي المصلين فيمتنع كما قال وإلا فيجوز، وحال أم سلمة هو الثاني لأنها طافت من وراء الصفوف‏.‏
ويستنبط منه أن الجماعة في الفريضة ليست فرضا على الأعيان، إلا أن يقال كانت أم سلمة حينئذ شاكية فهي معذورة، أو الوجوب يختص بالرجال‏.‏
وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ ليس في حديث أم سلمة نص على ما ترجم له من الجهر بالقراءة، إلا أنه يؤخذ بالاستنباط من حيث أن قولها ‏"‏ طفت وراء الناس ‏"‏ يستلزم الجهر بالقراءة لأنه لا يمكن سماعها للطائف من ورائهم إلا إن كانت جهرية، قال‏:‏ ويستفاد منه جواز إطلاق ‏"‏ قرأ ‏"‏ وإرادة جهر، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ
الشرح‏:‏
ذكر البخاري حديث ابن عباس في قصة سماع الجن القرآن، وسيأتي الكلام عليه في موضعه من التفسير، ويأتي بيان عكاظ في كتاب الحج في شرح حديث ابن عباس أيضا ‏"‏ كانت عكاظ من أسواق الجاهلية ‏"‏ الحديث‏.‏
والمقصود منه هنا قوله ‏"‏ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له ‏"‏ وهو ظاهر في الجهر، ثم ذكر حديث ابن عباس أيضا قال ‏"‏ قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر، ‏(‏وما كان ربك نسيا‏)‏ ، ‏(‏لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة‏)‏ ‏"‏ ووجه المناسبة منه ما تقدم من إطلاق ‏"‏ قرأ ‏"‏ على جهر، لكن كان يبقى خصوص تناول ذلك لصلاة الصبح فيستفاد ذلك من الذي قبله، فكأنه يقول‏:‏ هذا الإجمال هنا مفسر بالبيان في الذي قبله، لأن المحدث بهما واحد، أشار إلى ذلك ابن رشيد‏.‏
ويمكن أن يكون مراد البخاري بهذا ختم تراجم القراءة في الصلوات إشارة منه إلى أن المعتمد في ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا ينبغي لأحد أن يغير شيئا مما صنعه‏.‏
وقال الإسماعيلي‏:‏ إيراد حديث ابن عباس هنا يغاير ما تقدم من إثبات القراءة في الصلوات، لأن مذهب ابن عباس كان ترك القراءة في السرية‏.‏
وأجيب بأن الحديث الذي أورده البخاري ليس فيه دلالة على الترك، وأما ابن عباس فكان يشك في ذلك تارة وينفي القراءة أخرى وربما أثبتها، أما نفيه فرواه أبو داود وغيره من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عمه ‏"‏ أنهم دخلوا عليه فقالوا له‏:‏ هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏
قيل‏:‏ لعله كان يقرأ في نفسه‏؟‏ قال‏:‏ هذه شر من الأولى، كان عبدا مأمورا بلغ ما أمر به ‏"‏ وأما شكه فرواه أبو داود أيضا والطبري من رواية حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال ‏"‏ ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ‏"‏ انتهى‏.‏
وقد أثبت قراءته فيهما خباب وأبو قتادة وغيرهما كما تقدم، فروايتهم مقدمة على من نفى، فضلا على من شك‏.‏
ولعل البخاري أراد بإيراد هذا إقامة الحجة عليه، لأنه احتج بقوله تعالى ‏(‏لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة‏)‏ فيقال له قد ثبت أنه قرأ فيلزمك أن تقرأ، والله أعلم‏.‏
وقد جاء عن ابن عباس إثبات ذلك أيضا رواه أيوب عن أبي العالية البراء قال ‏(‏سألت ابن عباس‏:‏ أقرأ في الظهر والعصر‏؟‏ قال هو أمامك اقرأ منه ما قل أو كثر‏"‏‏.‏
أخرجه ابن المنذر والطحاوي وغيرهما‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وما كان ربك نسيا - و - لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة‏)‏ قال الخطابي‏:‏ مراده أنه لو شاء الله أن ينزل بيان أحوال الصلاة حتى تكون قرآنا يتلى لفعل ولم يتركه عن نسيان، ولكنه وكل الأمر في ذلك إلى بيان نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم شرع الاقتداء به‏.‏
قال‏:‏ ولا خلاف في وجوب أفعاله التي هي لبيان مجمل الكتاب‏.‏
و قوله‏:‏ ‏(‏أسوة‏)‏ بكسر الهمزة وضمها أي قدوة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:47 PM   #305
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ
وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِيمِ وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ
وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ وَقَرَأَ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنْ الْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنْ الْمَثَانِي وَقَرَأَ الْأَحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونُسَ وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصُّبْحَ بِهِمَا وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ الْأَنْفَالِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ وَقَالَ قَتَادَةُ فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى فَقَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِهَا إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ يَا فُلَانُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّهَا فَقَالَ حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الجمع بين السورتين في ركعة، والقراءة بالخواتم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة‏)‏ هذا الباب على أربع مسائل‏:‏ فأما الجمع بين سورتين فظاهر من حديث ابن مسعود ومن حديث أنس أيضا، وأما القراءة بالخواتم فيؤخذ بالإلحاق من القراءة بالأوائل والجامع بينهما أن كلا منهما بعض سورة، ويمكن أن يؤخذ من قوله ‏"‏ قرأ عمر بمائة من البقرة ‏"‏ ويتأيد بقول قتادة ‏"‏ كل كتاب الله ‏"‏ وأما تقديم السورة على السورة على ما في ترتيب المصحف فمن حديث أنس أيضا ومن فعل عمر في رواية الأحنف عنه، وأما القراءة بأول سورة فمن حديث عبد الله بن السائب ومن حديث ابن مسعود أيضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر عن عبد الله بن السائب‏)‏ أي ابن السائب بن صيفي بن عابد بموحدة ابن عبد الله ابن عمر بن مخزوم، وحديثه هذا وصله مسلم من طريق ابن جريج قال ‏"‏ سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن المسيب العابدي كلهم عن عبد الله ابن السائب قال‏:‏ صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة فاستفتح بسورة المؤمنين حتى جاء ذكر موسى وهارون - أو ذكر عيسى، شك محمد بن عباد - أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة فركع ‏"‏ وفي رواية بحذف ‏"‏ فركع‏"‏‏.‏
وقوله ‏"‏ابن عمرو بن العاص ‏"‏ وهم من بعض أصحاب ابن جريج، وقد رويناه في مصنف عبد الرزاق عنه فقال ‏"‏ عبد الله بن عمرو القارئ ‏"‏ وهو الصواب‏.‏
واختلف في إسناده على ابن جريج فقال ابن عيينة عنه عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن السائب أخرجه ابن ماجه‏.‏
وقال أبو عاصم عنه عن محمد بن عباد عن أبي سلمة بن سفيان - أو سفيان بن أبي سلمة - وكأن البخاري علقه بصيغة ‏"‏ ويذكر ‏"‏ لهذا الاختلاف، أن إسناده مما تقوم به الحجة‏.‏
قال النووي‏:‏ قوله ‏"‏ ابن العاص ‏"‏ غلط عند الحفاظ، فليس هذا عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي المعروف، بل هو تابعي حجازي، قال‏:‏ وفي الحديث جواز قطع القراءة وجواز القراءة ببعض السورة، وكرهه مالك‏.‏
انتهى‏.‏
وتعقب بأن الذي كرهه مالك أن يقتصر على بعض السورة مختارا، والمستدل به ظاهر في أنه كان للضرورة فلا يرد عليه، وكذا يرد على من استدل به على أنه لا يكره قراءة بعض الآية أخذا من قوله ‏"‏ حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى‏"‏، لأن كلا من الموضعين يقع في وسط آية وفيه ما تقدم‏.‏
نعم الكراهة لا تثبت إلا بدليل، وأدلة الجواز كثيرة، وقد تقدم حديث زيد بن ثابت أنه صلى الله عليه وسلم قرأ الأعراف في الركعتين ولم يذكر ضرورة ففيه القراءة بالأول وبالأخير، وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق أنه أم الصحابة في صلاة الصبح بسورة البقرة فقرأها في الركعتين، وهذا إجماع منهم‏.‏
وروى محمد بن عبد السلام الخشني بضم الخاء المعجمة بعدها معجمة مفتوحة خفيفة ثم نون - من طريق الحسن البصري قال ‏"‏ غزونا خراسان ومعنا ثلاثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الآيات من السورة ثم يركع ‏"‏ أخرجه ابن حزم محتجا به، وروى الدار قطني بإسناد قوي عن ابن عباس أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة‏)‏ بفتح أوله من السعال، ويجوز الضم، ولابن ماجه ‏"‏ شرقة ‏"‏ بمعجمة وقاف‏.‏
وقوله في رواية مسلم ‏"‏ فحذف ‏"‏ أي ترك القراءة‏.‏
وفسره بعضهم برمي النخامة الناشئة عن السعلة، والأول أظهر لقوله ‏"‏ فركع ‏"‏ ولو كان أزال ما عاقه عن القراءة لتمادى فيها‏.‏
واستدل به على أن السعال لا يبطل الصلاة، وهو واضح فيما إذا غلبه‏.‏
وقال الرافعي في شرح المسند‏:‏ قد يستدل به على أن سورة المؤمنين مكية وهو قول الأكثر، قال‏:‏ ولمن خالف أن يقول يحتمل أن يكون قوله ‏"‏ بمكة ‏"‏ أي في الفتح أو حجة الوداع‏.‏
قلت‏:‏ قد صرح بقضية الاحتمال المذكور النسائي في روايته فقال ‏"‏ في فتح مكة ‏"‏ ويؤخذ منه أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادي في القراءة مع السعال والتنحنح، ولو استلزم تخفيف القراءة فيما استحب فيه تطويلها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقرأ عمر الخ‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي رافع قال ‏"‏ كان عمر يقرأ في الصبح بمائة من البقرة ويتبعها بسورة من المثاني‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
والمثاني قيل ما لم يبلغ مائة آية أو بلغها صلى الله عليه وسلم وقيل ما عدا السبع الطوال إلى المفصل، قيل سميت مثاني لأنها ثنيت السبع، وسميت الفاتحة المثاني لأنها تثنى في كل صلاة‏.‏
وأما قوله سبحانه وتعالى ‏(‏ولقد آتيناك سبعا من المثاني‏)‏ فالمراد بها سورة الفاتحة وقيل غير ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقرأ الأحنف‏)‏ وصله جعفر الفريابي في ‏"‏ كتاب الصلاة ‏"‏ له من طريق عبد الله بن شقيق قال ‏"‏ صلى بنا الأحنف ‏"‏ فذكره وقال ‏"‏ في الثانية يونس ‏"‏ ولم يشك‏.‏
قال‏:‏ وزعم أنه صلى خلف عمر كذلك‏.‏
ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في المستخرج‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقرأ ابن مسعود الخ‏)‏ وصله عبد الرزاق بلفظه من رواية عبد الرحمن بن يزيد النخعي عنه، وأخرجه هو وسعيد بن منصور من وجه آخر عن عبد الرزاق صلى الله عليه وسلم بلفظ ‏"‏ فافتتح الأنفال حتى بلغ ونعم النصير‏"‏‏.‏
انتهى‏.‏
وهذا الموضع هو رأس أربعين آية، فالروايتان متوافقتان، وتبين بهذا أنه قرأ بأربعين من أولها، فاندفع الاستدلال به على قراءة خاتمة السورة بخلاف الأثر عن عمر فإنه محتمل‏.‏
قال ابن التين إن لم تؤخذ القراءة بالخواتم من أثر عمر أو ابن مسعود وإلا فلم يأت البخاري بدليل على ذلك، وفاته ما قدمناه من أنه مأخوذ بالإلحاق مؤيد بقول قتادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال قتادة‏)‏ وصله عبد الرزاق، وقتادة تابعي صغير يستدل لقوله ولا يستدل به، وإنما أراد البخاري منه قوله‏:‏ ‏(‏كل كتاب الله‏)‏ فإنه يستنبط منه جواز خمس ما ذكر في الترجمة، وأما قول قتادة في ترديد السورة فلم يذكره المصنف في الترجمة، فقال ابن رشيد‏:‏ لعله لا يقول به، لما روي فيه من الكراهة عن بعض العلماء‏.‏
قلت‏:‏ وفيه نظر، لأنه لا يراعي هذا القدر إذا صح له الدليل‏.‏
قال الزين ابن المنير‏:‏ ذهب مالك إلى أن يقرأ المصلي في كل ركعة بسورة كما قال ابن عمر‏:‏ لكل سورة حظها من الركوع والسجود‏.‏
قال‏:‏ ولا تقسم السورة في ركعتين، ولا يقتصر على بعضها ويترك الباقي، ولا يقرأ بسورة قبل سورة يخالف ترتيب المصحف، قال‏:‏ فإن فعل ذلك كله لم تفسد صلاته، بل هو خلاف الأولى‏.‏
قال‏:‏ وجميع ما استدل به البخاري لا يخالف ما قال مالك، لأنه محمول على بيان الجواز‏.‏
انتهى‏.‏
وأما حديث ابن مسعود ففيه إشعار بالمواظبة على الجمع بين سورتين كما سيأتي في الكلام عليه‏.‏
وقد نقل البيهقي في مناقب الشافعي عنه أن ذلك مستحب، وما عدا ذلك مما ذكر أنه خلاف الأولى هو مذهب الشافعي أيضا، وعن أحمد والحنفية كراهية قراءة سورة قبل سورة تخالف ترتيب المصحف، واختلف هل رتبه الصحابة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أو باجتهاد منهم‏؟‏ قال القاضي أبو بكر‏:‏ الصحيح الثاني، وأما ترتيب الآيات فتوقيفي بلا خلاف‏.‏
ثم قال ابن المنير؛ والذي يظهر أن التكرير أخف من قسم السورة في ركعتين انتهى‏.‏
وسبب الكراهة فيما يظهر أن السورة مرتبط بعضها ببعض فأي موضع قطع فيه لم يكن كانتهائه إلى آخر السورة، فإنه إن قطع في وقف غير تام كانت الكراهة ظاهرة، وإن قطع في وقف تام فلا يخفى أنه خلاف الأولى‏.‏
وقد تقدم في الطهارة قصة الأنصاري الذي رماه العدو بسهم فلم يقطع صلاته وقال ‏"‏ كنت في سورة فكرهت أن أقطعها ‏"‏ وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبيد الله بن عمر‏)‏ أي ابن حفص بن عاصم، وحديثه هذا وصله الترمذي والبزار عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، والبيهقي من رواية محرز بن سلمة كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي عنه بطوله، قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله عن ثابت، قال‏:‏ وقد روى مبارك ابن فضالة عن ثابت فذكر طرفا من آخره، وذكر الطبراني في الأوسط أن الدراوردي تفرد به عن عبيد الله، وذكر الدار قطني في العلل أن حماد بن سلمة خالف عبيد الله في إسناده فرواه عن ثابت عن حبيب بن سبيعة مرسلا قال‏:‏ وهو أشبه بالصواب، وإنما رجحه لأن حماد سلمة مقدم في حديث ثابت، لكن عبيد الله ابن عمر حافظ حجة، وقد وافقه مبارك في إسناده فيحتمل أن يكون لثابت فيه شيخان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء‏)‏ هو كلثوم بن الهدم، رواه ابن منده في كتاب التوحيد من طريق أبي صالح عن ابن عباس، كذا أورده بعضهم‏.‏
والهدم بكسر الهاء وسكون الدال، وهو من بني عمرو بن عوف سكان قباء، وعليه نزل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم في الهجرة إلى قباء‏.‏
قيل وفي تعيين المبهم به هنا نظر، لأن في حديث عائشة في هذه القصة أنه كان أمير سرية‏.‏
وكلثوم بن الهدم مات في أوائل ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فيما ذكره الطبري وغيره من أصحاب المغازي، وذلك قبل أن يبعث السرايا‏.‏
ثم رأيت بخط بعض من تكلم على رجال العمدة كلثوم بن زهدم وعزاه لابن منده، لكن رأيت أنا بخط الحافظ رشيد الدين العطار في حواشي مبهمات الخطيب نقلا عن صفة التصوف لابن طاهر‏:‏ أخبرنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده عن أبيه فسماه كرز بن زهدم، فالله أعلم‏.‏
وعلى هذا فالذي كان يؤم في مسجد قباء غير أمير السرية، ويدل على تغايرهما أن في رواية الباب أنه كان يبدأ بقل هو الله أحد وأمير السرية كان يختم بها، وفي هذا أنه كان يصنع ذلك في كل ركعة ولم يصرح بذلك في قصة الآخر، وفي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله وأمير السرية أمر أصحابه أن يسألوه، وفي هذا أنه قال إنه يحبها فبشره بالجنة وأمير السرية قال إنها صفة الرحمن فبشره بأن الله يحبه‏.‏
والجمع بين هذا التغاير كله ممكن لولا ما تقدم من كون كلثوم بن الهدم مات قبل البعوث والسرايا، وأما من فسره بأنه قتادة بن النعمان فأبعد جدا، فإن في قصة قتادة أنه كان يقرؤها في الليل يرددها، ليس فيه أنه أم بها لا في سفر ولا في حضر، ولا أنه سئل عن ذلك ولا بشر‏.‏

وسيأتي ذلك واضحا في فضائل القرآن‏.‏
وحديث عائشة الذي أشرنا إليه أورده المصنف في أوائل كتاب التوحيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مما يقرأ به‏)‏ أي من السورة بعد الفاتحة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏افتتح بقل هو الله أحد‏)‏ تمسك به من قال‏:‏ لا يشترط قراءة الفاتحة، وأجيب بأن الراوي لم يذكر الفاتحة اعتناء بالعلم لأنه لا بد منها فيكون معناه افتتح بسورة بعد الفاتحة، أو كان ذلك قبل ورود الدليل الدال على اشتراط الفاتحة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكلمه أصحابه‏)‏ يظهر منه أن صنيعه ذلك خلاف ما ألفوه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وكرهوا أن يؤمهم غيره‏)‏ إما لكونه من أفضلهم كما ذكر في الحديث، وإما لكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قرره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما يأمرك به أصحابك‏)‏ أي يقولون لك، ولم يرد الأمر بالصيغة المعروفة لكنه لازم من التخيير الذي ذكروه كأنهم قالوا له افعل كذا وكذا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما يمنعك وما يحملك‏)‏ سأله عن أمرين فأجابه بقوله‏:‏ إني أحبها، وهو جواب عن الثاني مستلزم للأول بانضمام شيء آخر وهو إقامة السنة المعهودة في الصلاة، فالمانع مركب من المحبة والأمر المعهود، والحامل على الفعل المحبة وحدها، ودل تبشيره له بالجنة على الرضا بفعله، وعبر بالفعل الماضي في قوله ‏"‏ أدخلك ‏"‏ وإن كان دخول الجنة مستقبلا تحقيقا لوقوع ذلك، قال ناصر الدين بن المنير‏:‏ في هذا الحديث أن المقاصد تغير أحكام الفعل لأن الرجل لو قال إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها، لكنه اعتل بحبها فظهرت صحة قصده فصوبه‏.‏
قال‏:‏ وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه ولا يعد ذلك هجرانا لغيره، وفيه ما يشعر بأن سورة الإخلاص مكية‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ فَقَالَ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرُنُ بَيْنَهُنَّ فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنْ الْمُفَصَّلِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏جاء رجل إلى ابن مسعود‏)‏ هو نهيك بفتح النون وكسر الهاء ابن سنان البجلي، سماه منصور في روايته عن أبي وائل عند مسلم، وسيأتي من وجه آخر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قرأت المفصل‏)‏ تقدم أنه من ق إلى آخر القرآن على الصحيح، وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة على الصحيح‏.‏
ولقول هذا الرجل قرأت المفصل سبب بينه مسلم في أول حديثه من رواية وكيع عن الأعمش عن أبي وائل قال‏:‏ جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله فقال‏:‏ يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف ‏(‏من ماء غير آسن‏)‏ أو غير ياسن‏؟‏ فقال عبد الله‏:‏ كل القرآن أحصيت غير هذا، قال‏:‏ إني لأقرأ المفصل في ركعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هذا‏)‏ بفتح الهاء وتشديد الذال المعجمة، أي سردا وإفراطا في السرعة، وهو منصوب على المصدر، وهو استفهام إنكار بحذف أداة الاستفهام، وهي ثابتة في رواية منصور عند مسلم وقال ذلك لأن تلك الصفة كانت عادتهم في إنشاد الشعر‏.‏
وزاد فيه مسلم من رواية وكيع أيضا أن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وزاد أحمد عن أبي معاوية وإسحاق عن عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش فيه ‏"‏ ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ‏"‏ وهو في رواية مسلم دون قوله نفع صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لقد عرفت النظائر‏)‏ أي السور المماثلة في المعاني كالموعظة أو الحكم أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي، لما سيظهر عند تعيينها‏.‏
قال المحب الطبري‏:‏ كنت أظن أن المراد أنها متساوية في العد، حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئا متساويا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يقرن‏)‏ بضم الراء وكسرها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عشرين سورة من المفصل وسورتين من آل حم في كل ركعة‏)‏ وقع في فضائل القرن من رواية واصل عن أبي وائل ‏"‏ ثماني عشرة سورة من المفصل وسورتين من آل حم ‏"‏ وبين فيه من رواية أبي حمزة عن الأعمش أن قوله عشرين سورة إنما سمعة أبو وائل من علقمة عن عبد الله ولفظه ‏"‏ فقام عبد الله ودخل علقمة معه ثم خرج علقمة فسألناه فقال‏:‏ عشرون سورة من المفصل على تأليف ابن مسعود آخرهن حم الدخان وعم يتساءلون ‏"‏ ولابن خزيمة من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش مثله وزاد فيه ‏"‏ فقال الأعمش‏:‏ أولهن الرحمن وآخرهن الدخان ‏"‏ ثم سردها، وكذلك سردها أبو إسحاق عن علقمة والأسود عن عبد الله فيما أخرجه أبو داود متصلا بالحديث بعد قوله ‏"‏ كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة‏:‏ الرحمن والنجم في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة والذاريات والطور في ركعة والواقعة ونون في ركعة وسأل والنازعات في ركعة وويل للمطففين وعبس في ركعة والمدثر والمزمل في ركعة وهل أتى ولا أقسم في ركعة وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة ‏"‏ هذا لفظ أبي داود والآخر مثله إلا أنه لم يقل ‏"‏ في ركعة ‏"‏ في شيء منها، وذكر السورة الرابعة قبل الثالثة والعاشرة قبل التاسعة ولم يخالفه في الاقتران، وقد سردها أيضا محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي وائل فيما أخرجه الطبراني لكن قدم وأخر في بعض وحذف بعضها، ومحمد ضعيف‏.‏
وعرف بهذا أن قوله في رواية واصل ‏"‏ وسورتين من آل حم ‏"‏ مشكل لأن الروايات لم تختلف أنه ليس في العشرين من الحواميم غير الدخان فيحمل على التغليب‏.‏
أو فيه حذف كأنه قال وسورتين إحداهما من آل حم، وكذا قول في رواية أبي حمزة ‏"‏ آخرهن حم الدخان وعم يتساءلون ‏"‏ مشكل لأن حم الدخان آخرهن في جميع الروايات‏.‏
وأما عم فهي في رواية أبي خالد السابعة عشرة وفي رواية أبي إسحاق الثامنة عشرة فكأن فيه تجوزا، لأن عم وقعت في الركعتين الأخيرتين في الجملة، ويتبين بهذا أن في قوله في حديث الباب ‏"‏ عشرين سورة من المفصل ‏"‏ تجوزا لأن الدخان ليست منه، ولذلك فصلها من المفصل في رواية واصل‏.‏
نعم يصح ذلك على أحد الآراء في حد المفصل كما تقدم وكما سيأتي بيانه أيضا في فضائل القرآن‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد كراهة الإفراط في سرعة التلاوة لأنه ينافي المطلوب من التدبر والتفكر في معاني القرآن، ولا خلاف في جواز السرد بدون تدبر لكن القراءة بالتدبر أعظم أجرا، وفيه جواز تطويل الركعة الأخيرة على ما قبلها، وهذا الحديث أول حديث موصول أورده في هذا الباب، فلهذا صدر الترجمة بما دل عليه، وفيه ما ترجم له وهو الجمع بين السور لأنه إذا جمع بين السورتين ساغ الجمع بين ثلاث فصاعدا لعدم الفرق، وقد روى أبو داود وصححه ابن خزيمة من طريق عبد الله بن شقيق قال ‏"‏ سألت عائشة‏:‏ أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السور‏؟‏ قالت‏:‏ نعم من المفصل ‏"‏ ولا يخالف هذا ما سيأتي في التهجد أنه جمع بين البقرة وغيرها من الطوال، لأنه يحمل على النادر‏.‏
وقال عياض في حديث ابن مسعود هذا يدل على أن هذا القدر كان قدر قراءته غالبا، وأما تطويله فإنما كان في التدبر والترتيل، وما ورد غير ذلك من قراءة البقرة وغيرها في ركعة فكان نادرا‏.‏
قلت‏:‏ لكن ليس في حديث ابن مسعود ما يدل على المواظبة، بل فيه أنه كان يقرن بين هذه السور المعينات إذا قرأ من المفصل، وفيه موافقة لقول عائشة وابن عباس‏:‏ إن صلاته بالليل كانت عشر ركعات غير الوتر، وفيه ما يقوي قول القاضي أبي بكر المتقدم‏:‏ إن تأليف السور كان عن اجتهاد من الصحابة، لأن تأليف عبد الله المذكور مغاير لتأليف مصحف عثمان، وسيأتي ذلك في باب مفرد في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:48 PM   #306
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب‏)‏ يعني بغير زيادة، وسكت عن ثالثة المغرب رعاية للفظ الحديث مع أن حكمها حكم الآخريين من الرباعية، ويحتمل أن يكون لم يذكرها لما رواه مالك من طريق الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق يقرأ فيها ‏(‏ربنا لا تزغ قلوبنا‏)‏ الآية‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فِي الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من خافت القراءة‏)‏ أي أسر‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ خافت بالقراءة ‏"‏ وهو أوجه‏.‏
ودلالة حديث خباب للترجمة واضحة، وقد تقدم الكلام على بقية فوائده قريبا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ خَافَتَ الْقِرَاءَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من خافت القراءة‏)‏ أي أسر‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ خافت بالقراءة ‏"‏ وهو أوجه‏.‏
ودلالة حديث خباب للترجمة واضحة، وقد تقدم الكلام على بقية فوائده قريبا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا أَسْمَعَ الْإِمَامُ الْآيَةَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أسمع‏)‏ وللكشميهني ‏"‏ إذا سمع ‏"‏ بتشديد الميم ‏(‏الإمام الآية‏)‏ أي في السرية، خلافا لمن قال يسجد للسهو إن كان ساهيا، وكذا لمن قال يسجد مطلقا
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى
الشرح‏:‏
حديث أبي قتادة واضح في الترجمة وقد تقدم الكلام عليه أيضا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يطول في الركعة الأولى‏)‏ أي في جميع الصلوات، وهو ظاهر الحديث المذكور في الباب، وقد تقدم البحث فيه أيضا، وعن أبي حنيفة يطول في أولى الصبح خاصة‏.‏
وقال البيهقي في الجمع بين أحاديث المسألة‏:‏ يطول في الأولى إن كان ينتظر أحدا وإلا فليسو بين الأوليين‏.‏
وروى عبد الرزاق نحوه عن ابن جريج عن عطاء قال‏:‏ إني لأحب أن يطول الإمام الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، فإذا صليت لنفسي فإني أحرص على أن أجعل الأوليين سواء‏.‏
وذهب بعض الأئمة إلى استحباب تطويل الأولى من الصبح دائما، وأما غيرها فإن كان يترجى كثرة المأمومين ويبادر هو أول الوقت فينتظر وإلا فلا‏.‏
وذكر في حكمة اختصاص الصبح بذلك أنها تكون عقب النوم والراحة وفي ذلك الوقت يواطئ السمع واللسان القلب لفراغه وعدم تمكن الاشتغال بأمور المعاش وغيرها منه، والعلم عند الله‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ أبو يعفور المذكور في السند هو الأكبر، واسمه واقد بالقاف وقيل وقدان، وجزم النووي في شرح مسلم بأنه الأصغر واسمه عبد الرحمن بن عبيد، وبالأول جزم أبو علي الجياني والمزي وغيرهما وهو الصواب
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ
وَقَالَ عَطَاءٌ آمِينَ دُعَاءٌ أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِي الْإِمَامَ لَا تَفُتْنِي بِآمِينَ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَدَعُهُ وَيَحُضُّهُمْ وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب جهر الإمام بالتأمين‏)‏ أي بعد الفاتحة في الجهر، والتأمين مصدر أمن بالتشديد أي قال آمين وهي بالمد والتخفيف في جميع الروايات وعن جميع القراء، وحكى الواحدي عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيها ثلاث لغات أخرى شاذة‏:‏ القصر حكاه ثعلب وأنشد له شاهدا، وأنكره ابن درستويه وطعن في الشاهد بأنه لضرورة الشعر، وحكى عياض ومن تبعه عن ثعلب أنه إنما أجازه في الشعر خاصة‏.‏
والتشديد مع المد والقصر‏.‏
وخطأهما جماعة من أهل اللغة‏.‏
وآمين من أسماء الأفعال مثل صه للسكوت، وتفتح في الوصل لأنها مبنية بالاتفاق مثل كيف، وإنما لم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء ومعناها اللهم استجب عند الجمهور، وقيل غير ذلك مما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، كقول من قال‏:‏ معناه اللهم آمنا بخير، وقيل كذلك يكون، وقيل درجة في الجنة تجب لقائلها، وقيل لمن استجيب له كما استجيب للملائكة، وقيل هو اسم من أسماء الله تعالى رواه عبد الرزاق عن أبي هريرة بإسناد ضعيف وعن هلال بن يساف التابعي مثله، وأنكره جماعة‏.‏
وقال من مد وشدد‏:‏ معناها قاصدين إليك ونقل ذلك عن جعفر الصادق؛ وقال من قصر وشدد‏:‏ هي كلمة عبرانية أو سريانية‏.‏
وعند أبي داود من حديث أبي زهير النميري الصحابي أن آمين مثل الطابع على الصحيفة، ثم ذكر قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن ختم بآمين فقد أوجب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء إلى قوله بآمين‏)‏ وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال‏:‏ قلت له أكان ابن الزبير يؤمن على أثر أم القرآن‏؟‏ قال‏:‏ نعم ويؤمن من وراءه؛ حتى إن للمسجد للجة‏.‏
ثم قال‏:‏ إنما آمين دعاء‏.‏
قال‏:‏ وكان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإمام فيناديه فيقول‏:‏ لا تسبقني بآمين‏.‏
وقوله حتى إن بكسر الهمزة للمسجد أي لأهل المسجد للجة اللام للتأكيد واللجة قال أهل اللغة‏:‏ الصوت المرتفع، وروى ‏"‏ للجبة ‏"‏ بموحدة وتخفيف الجيم حكاه ابن التين، وهي الأصوات المختلطة‏.‏
ورواه البيهقي ‏"‏ لرجة ‏"‏ بالراء بدل اللام كما سيأتي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا تفتني‏)‏ بضم الفاء وسكون المثناة، وحكى بعضهم عن بعض النسخ بالفاء والشين المعجمة ولم أر ذلك في شيء من الروايات، وإنما فيها بالمثناة من الفوات وهي بمعنى ما تقدم عند عبد الرزاق من السبق، ومراد أبي هريرة أن يؤمن مع الإمام داخل الصلاة، وقد تمسك به بعض المالكية في أن الإمام لا يؤمن وقال‏:‏ معناه لا تنازعني بالتأمين الذي هو من وظيفة المأموم، وهذا تأويل بعيد، وقد جاء عن أبي هريرة وجه آخر أخرجه البيهقي من طريق حماد عن ثابت عن أبي رافع قال‏:‏ كان أبو هريرة يؤذن لمروان، فاشترط أن لا يسبقه بالضالين حتى يعلم أنه دخل في الصف، وكأنه كان يشتغل بالإقامة وتعديل الصفوف، وكان مروان يبادر إلى الدخول في الصلاة قبل فراغ أبي هريرة وكان أبو هريرة ينهاه عن ذلك، وقد وقع له ذلك مع غير مروان‏:‏ فروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن سيربن أن أبا هريرة كان مؤذنا بالبحرين وأنه اشترط على الإمام أن لا يسبقه بآمين، والإمام بالبحرين كان العلاء بن الحضرمي، بينه عبد الرزاق من طريق أبي سلمة عنه، وقد روى نحو قول أبي هريرة عن بلال أخرجه أبو داود من طريق أبي عثمان عن بلال أنه قال ‏"‏ يا رسول الله، لا تستبقني بآمين ‏"‏ ورجاله ثقات‏.‏
لكن قيل إن أبا عثمان لم يلق بلالا، وقد روي عنه بلفظ ‏"‏ أن بلالا قال ‏"‏ وهو ظاهر الإرسال، ورجحه الدار قطني وغيره على الموصول، وهذا الحديث يضعف التأويل السابق لأن بلالا لا يقع منه ما حمل هذا القائل كلام أبي هريرة عليه، وتمسك به بعض الحنفية بأن الإمام يدخل في الصلاة قبل فراغ المؤذن من الإقامة، وفيه نظر لأنها واقعة عين وسببها محتمل فلا يصح التمسك بها، قال ابن المنير‏:‏ مناسبة قول عطاء للترجمة أنه حكم بأن التأمين دعاء فاقتضى ذلك أن يقوله الإمام لأنه في مقام الداعي، بخلاف قول المانع إنها جواب للدعاء فيختص بالمأموم، وجوابه أن التأمين قائم مقام التلخيص بعد البسط، فالداعي فصل المقاصد بقوله‏:‏ ‏(‏اهدنا الصراط المستقيم‏)‏ إلى آخره، والمؤمن أتى بكلمة تشمل الجميع فإن قالها الإمام فكأنه دعا مرتين مفصلا ثم مجملا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال نافع الخ‏)‏ وصله عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرنا نافع أن ابن عمر كان إذا ختم أم القرآن قال آمين لا يدع أن يؤمن إذا ختمها ويحضهم على قولها، قال ‏"‏ وسمعت منه في ذلك خيرا‏"‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ويحضهم‏)‏ بالضاد المعجمة، و قوله‏:‏ ‏(‏خيرا‏)‏ بسكون التحتانية أي فضلا وثوابا وهي رواية الكشميهني، ولغيره ‏"‏ خيرا ‏"‏ بفتح الموحدة أي حديثا مرفوعا، ويشعر به ما أخرجه البيهقي ‏"‏ كان ابن عمر إذا أمن الناس أمن معهم ويرى ذلك من السنة‏"‏‏.‏
ورواية عبد الرزاق مثل الأول، وكذلك رويناه في فوائد يحيى بن معين قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج، ومناسبة أثر ابن عمر من جهة أنه كان يؤمن إذا ختم الفاتحة، وذلك أعم من أن يكون إماما أو مأموما‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن شهاب‏)‏ في الترمذي من طريق زيد بن الحباب عن مالك ‏"‏ أخبرنا ابن شهاب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنهما أخبراه‏)‏ ظاهره أن لفظهما واحد، لكن سيأتي في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة مغايرة يسيرة للفظ الزهري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا أمن الإمام فأمنوا‏)‏ ظاهر في أن الإمام يؤمن، وقيل معناه إذا دعا، والمراد دعاء الفاتحة من قوله‏:‏ ‏(‏اهدنا‏)‏ إلى آخره بناء على أن التأمين دعاء‏.‏
وقيل معناه إذا بلغ إلى موضع استدعى التأمين وهو قوله‏:‏ ‏(‏ولا الضالين‏)‏ ويرد ذلك التصريح بالمراد في حديث الباب، واستدل به على مشروعية التأمين للإمام، قيل وفيه نظر لكونها قضية شرطية، وأجيب بأن التعبير بإذا يشعر بتحقيق الوقوع، وخالف مالك في إحدى الروايتين عنه وهي رواية ابن القاسم فقال‏:‏ لا يؤمن الإمام في الجهرية‏.‏
وفي رواية عنه لا يؤمن مطلقا‏.‏
وأجاب عن حديث ابن شهاب هذا بأنه لم يره في حديث غيره، وهي علة غير قادحة فإن ابن شهاب إمام لا يضره التفرد، مع ما سيذكر قريبا أن ذلك جاء في حديث غيره، ورجح بعض المالكية كون الإمام لا يؤمن من حيث المعنى بأنه داع فناسب أن يختص المأموم التأمين، وهذا يجيء على قولهم إنه لا قراءة على المأموم، وأما من أوجبها عليه فله أن يقول‏:‏ كما اشتركا في القراءة فينبغي أن يشتركا في التأمين، ومنهم من أول قوله ‏"‏ إذا أمن الإمام ‏"‏ فقال‏:‏ معناه دعا، قال وتسمية الداعي مؤمنا سائغة لأن المؤمن يسمى داعيا كما جاء في قوله تعالى ‏(‏قد أجيبت دعوتكما‏)‏ وكان موسى داعيا وهارون مؤمنا كما رواه ابن مردويه من حديث أنس، وتعقب بعدم الملازمة فلا يلزم من تسمية المؤمن داعيا عكسه قاله ابن عبد البر، على أن الحديث في الأصل لم يصح، ولو صح فإطلاق كون هارون داعيا إنما هو للتغليب‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ معنى قوله ‏"‏ إذا أمن ‏"‏ بلغ موضع التأمين كما يقال أنجد إذا بلغ نجدا وإن لم يدخلها، قال ابن العربي‏:‏ هذا بعيد لغة وشرعا‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ وهذا مجاز، فإن وجد دليل يرجحه عمل به وإلا فالأصل عدمه‏.‏
قلت‏:‏ استدلوا له برواية أبي صالح عن أبي هريرة الآتية بعد باب بلفظ ‏"‏ إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين ‏"‏ قالوا فالجمع بين الرواتين يقتضي حمل قوله ‏"‏ إذا أمن ‏"‏ على المجاز‏.‏
وأجاب الجمهور - على تسليم المجاز المذكور - بأن المراد بقوله إذا أمن أي أراد التأمين ليتوافق تأمين الإمام والمأموم معا، ولا يلزم من ذلك أن لا يقولها الإمام، وقد ورد التصريح بأن الإمام يقولها وذلك في رواية، ويدل على خلاف تأويلهم رواية معمر عن ابن شهاب في هذا الحديث بلفظ ‏"‏ إذا قال الإمام ولا الضالين فقالوا آمين فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آمين ‏"‏ الحديث، أخرجه أبو داود والنسائي والسراج وهو صريح في كون الإمام يؤمن‏.‏
وقيل في الجمع بينهما‏:‏ المراد بقوله ‏"‏ إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين ‏"‏ أي ولو لم يقل الإمام آمين، وقيل يؤخذ من الخبرين تخيير المأموم في قولها مع الإمام أو بعده قاله الطبري، وقيل الأول لمن قرب من الإمام والثاني لمن تباعد عنه، لأن جهر الإمام بالتأمين أخفض من جهره بالقراءة، فقد يسمع قراءته من لا يسمع تأمينه، فمن سمع تأمينه أمن معه، وإلا يؤمن إذا سمعه يقول ولا الضالين لأنه وقت تأمينه قاله الخطابي‏.‏
وهذه الوجوه كلها محتملة وليست بدون الوجه الذي ذكروه، وقد رده ابن شهاب بقوله ‏"‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين ‏"‏ كأنه استشعر التأويل المذكور فبين أن المراد بقوله ‏"‏ إذا أمن ‏"‏ حقيقة التأمين، وهو وإن كان مرسلا فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة راويه كما سيأتي بعد باب، وإذا ترجح أن الإمام يؤمن فيجهر به في الجهرية كما ترجم به المصنف وهو قول الجمهور، خلافا للكوفيين ورواية عن مالك فقال‏:‏ يسر به مطلقا‏.‏
ووجه الدلالة من الحديث أنه لو لم يكن التأمين مسموعا للمأموم لم يعلم به وقد علق تأمينه بتأمينه، وأجابوا بأن موضعه معلوم فلا يستلزم الجهر به وفيه نظر لاحتمال أن يخل به فلا يستلزم علم المأموم به، وقد روى روح بن عبادة عن مالك في هذا الحديث قال ابن شهاب ‏"‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال ولا الضالين جهر بآمين ‏"‏ أخرجه السراج، ولابن حبان من رواية الزبيدي في حديث الباب عن ابن شهاب ‏"‏ كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال آمين ‏"‏ وللحميدي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه بلفظ ‏"‏ إذا قال ولا الضالين ‏"‏ ولأبي داود من طريق أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة مثله وزاد ‏"‏ حتى يسمع من يليه من الصف الأول ‏"‏ ولأبي داود وصححه ابن حبان من حديث وائل ابن حجر نحو رواية الزبيدي، وفيه رد على من أومأ إلى النسخ فقال‏:‏ إنما كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالتأمين في ابتداء الإسلام ليعلمهم فإن وائل بن حجر إنما أسلم في أواخر الأمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأمنوا‏)‏ استدل به على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام لأنه رتب عليه بالفاء، لكن تقدم في الجمع بين الروايتين أن المراد المقارنة وبذلك قال الجمهور‏.‏
وقال الشيخ أبو محمد الجويني‏:‏ لا تستحب مقارنة الإمام في شيء من الصلاة غيره، قال إمام الحرمين‏:‏ يمكن تعليله بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه، فلذلك لا يتأخر عنه وهو واضح‏.‏
ثم إن هذا الأمر عند الجمهور للندب، وحكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم عملا بظاهر الأمر، قال‏:‏ وأوجبه الظاهرية على كل مصل ثم في مطلق أمر المأموم بالتأمين أنه يؤمن ولو كان مشتغلا بقراءة الفاتحة، وبه قال أكثر الشافعية‏.‏
ثم اختلفوا هل تنقطع بذلك الموالاة‏؟‏ على وجهين‏:‏ أصحهما لا تنقطع لأنه مأمور بذلك لمصلحة الصلاة، بخلاف الأمر الذي لا يتعلق بها كالحمد للعاطس صلى الله عليه وسلم والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإنه من وافق‏)‏ زاد يونس عن ابن شهاب عند مسلم ‏"‏ فإن الملائكة تؤمن ‏"‏ قبل قوله ‏"‏ فمن وافق ‏"‏ وكذا لابن عيينة عن ابن شهاب كما سيأتي في الدعوات، وهو دال على أن المراد الموافقة في القول والزمان، خلافا لمن قال المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع كابن حبان فإنه لما ذكر الحديث قال‏:‏ يريد موافقة الملائكة في الإخلاص بغير إعجاب، وكذا جنح إليه غيره فقال نحو ذلك من الصفات المحمودة، أو في إجابة الدعاء، أو في الدعاء بالطاعة خاصة، أو المراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها، لأن الملائكة لا غفلة عندهم، فمن وافقهم كان متيقظا‏.‏
ثم إن ظاهره أن المراد الملائكة جميعهم، واختاره ابن بزيزة‏.‏
وقيل‏:‏ الحفظة منهم، وقيل الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا إنهم غير الحفظة‏.‏
والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء‏.‏
وسيأتي في رواية الأعرج بعد باب ‏"‏ وقالت الملائكة في السماء آمين ‏"‏ وفي رواية محمد بن عمرو الآتية أيضا ‏"‏ فوافق ذلك قول أهل السماء ‏"‏ ونحوها لسهيل عن أبيه عند مسلم، وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال ‏"‏ صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء، فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر للعبد ‏"‏ انتهى‏.‏
ومثله لا يقال بالرأي فالمصير إليه أولى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏غفر له ما تقدم من ذنبه‏)‏ ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية، وهو محمول عند العلماء على الصغائر، وقد تقدم البحث في ذلك في الكلام على حديث عثمان فيمن توضأ كوضوئه صلى الله عليه وسلم في كتاب الطهارة‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ وقع في أمالي الجرجاني عن أبي العباس الأصم عن بحر بن نصر عن ابن وهب عن يونس في آخر هذا الحديث ‏"‏ وما تأخر ‏"‏ وهي زيادة شاذة فقد رواه ابن الجارود في المنتقى عن بحر بن نصر بدونها، وكذا رواه مسلم عن حرملة وابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى كلاهما عن ابن وهب وكذلك في جميع الطرق عن أبي هريرة إلا أني وجدته في بعض النسخ من ابن ماجه عن هشام بن عمار وأبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن ابن عيينة بإثباتها، ولا يصح، لأن أبا بكر قد رواه في مسنده ومصنفه بدونها، وكذلك حفاظ أصحاب ابن عيينة الحميدي وابن المديني وغيرهما‏.‏
وله طريق أخرى ضعيفة من رواية أبي فروة محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عن عثمان والوليد ابني ساج عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن شهاب‏)‏ هو متصل إليه برواية مالك عنه، وأخطأ من زعم أنه معلق‏.‏
ثم هو من مراسيل ابن شهاب، وقد قدمنا وجه اعتضاده‏.‏
وروي عنه موصولا أخرجه الدار قطني في الغرائب والعلل من طريق حفص بن عمر العدني عن مالك عنه‏.‏
وقال الدار قطني‏:‏ تفرد به حفص بن عمر وهو ضعيف، وفي الحديث حجة على الإمامية صلى الله عليه وسلم في قولهم إن التأمين يبطل الصلاة، لأنه ليس بلفظ قرآن ولا ذكر، ويمكن أن يكون مستندهم ما نقل عن جعفر الصادق أن معنى آمين أي قاصدين إليك، وبه تمسك من قال إنه بالمد والتشديد، وصرح المتولي من الشافعية بأن من قاله هكذا بطلت صلاته‏.‏
وفيه فضيلة الإمام لأن تأمين الإمام يوافق تأمين الملائكة، ولهذا شرعت للمأموم موافقته‏.‏
وظاهر سياق الأمر أن المأموم إنما يؤمن إذا أمن الإمام لا إذا ترك‏.‏
وقال به بعض الشافعية كما صرح به صاحب ‏"‏ الذخائر ‏"‏ وهو مقتضى إطلاق الرافعي الخلاف‏.‏
وادعى النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ الاتفاق على خلافه، ونص الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏ على أن المأموم يؤمن ولو تركه الإمام عمدا أو سهوا، واستدل به القرطبي على تعيين قراءة الفاتحة للإمام، وعلى أن المأموم ليس عليه أن يقرأ فيما جهر به إمامه، فأما الأول فكأنه أخذه من أن التأمين مختص بالفاتحة فظاهر السياق يقتضي أن قراءة الفاتحة كان أمرا معلوما عندهم، وأما الثاني فقد يدل على أن المأموم لا يقرأ الفاتحة حال قراءة الإمام لها لا أنه لا يقرؤها أصلا‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:50 PM   #307
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ التَّأْمِينِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل التأمين‏)‏ أورد فيه رواية الأعرج لأنها مطلقة غير مقيدة بحال الصلاة‏.‏
قال ابن المنير‏:‏ وأي فضل أعظم من كونه قولا يسيرا لا كلفه فيه، ثم قد ترتبت عليه المغفرة ا ه‏.‏
‏"‏ 1258 ‏"‏ ويؤخذ منه مشروعية التأمين لكل من قرأ الفاتحة سواء كان داخل الصلاة أو خارجها لقوله ‏"‏ إذا قال أحدكم ‏"‏ لكن في رواية مسلم من هذا الوجه ‏"‏ إذا قال أحدكم في صلاته ‏"‏ فيحمل المطلق على المقيد‏.‏
نعم في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد - وساق مسلم إسنادها - ‏"‏ إذا أمن القارئ فأمنوا ‏"‏ فهذا يمكن حمله على الإطلاق فيستحب التأمين إذا أمن القارئ مطلقا لكل من سمعه من مصل أو غيره‏.‏
ويمكن أن يقال‏:‏ المراد بالقارئ الإمام إذا قرأ الفاتحة‏.‏
فإن الحديث واحد اختلفت ألفاظه‏.‏
واستدل به بعض المعتزلة على أن الملائكة أفضل من الآدميين، وسيأتي البحث في ذلك في ‏"‏ باب الملائكة ‏"‏ من بدء الخلق إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب جهر المأموم بالتأمين‏)‏ كذا للأكثر‏.‏
وفي رواية المستملي والحموي ‏"‏ جهر الإمام بآمين ‏"‏ والأول هو الصواب لئلا يتكرر‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏مولى أبي بكر‏)‏ أي ابن عبد الرحمن بن الحارث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا قال الإمام الخ‏)‏ استدل به على أن الإمام لا يؤمن، وقد تقدم البحث فيه قبل، قال الزين بن المنير‏:‏ مناسبة الحديث للترجمة من جهة أن في الحديث الأمر بقول آمين، والقول إذا وقع به الخطاب مطلقا حمل على الجهر، ومتى أريد به الإسرار أو حديث النفس قيد بذلك‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ تؤخذ المناسبة منه من جهات‏:‏ منها أنه قال ‏"‏ إذا قال الإمام فقولوا ‏"‏ فقابل القول بالقول، والإمام إنما قال ذلك جهرا فكان الظاهر الاتفاق في الصفة‏.‏
ومنها أنه قال ‏"‏ فقولوا ‏"‏ ولم يقيده بجهر ولا غيره، وهو مطلق في سياق الإثبات، وقد عمل به في الجهر بدليل ما تقدم يعني في مسألة الإمام، والمطلق إذا عمل به في صورة لم يكن حجة في غيرها باتفاق‏.‏
ومنها أنه تقدم أن المأموم مأمور بالاقتداء بالإمام، وقد تقدم أن الإمام يجهر فلزم جهره بجهره ا ه‏.‏
وهذا الأخير سبق إليه ابن بطال، وتعقب بأنه يستلزم أن يجهر المأموم بالقراءة لأن الإمام جهر بها، لكن يمكن أن ينفصل عنه بأن الجهر بالقراءة خلف الإمام قد نهى عنه، فبقي التأمين داخلا تحت عموم الأمر باتباع الإمام، ويتقوى ذلك بما تقدم عن عطاء أن من خلف ابن الزبير كانوا يؤمنون جهرا، وروى البيهقي من وجه آخر عن عطاء قال ‏"‏ أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام ولا الضالين سمعت لهم رجة بآمين‏"‏‏.‏
والجهر للمأموم ذهب إليه الشافعي في القديم وعليه الفتوى‏.‏
وقال الرافعي‏:‏ قال الأكثر في المسألة قولان أصحهما أنه يجهر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تابعه محمد بن عمرو‏)‏ أي علقمة الليثي، ومتابعته وصلها أحمد والدارمي عن يزيد بن هارون وابن خزيمة من طريق إسماعيل بن جعفر والبيهقي من طريق النضر بن شميل ثلاثتهم عن محمد بن عمرو نحو رواية سمي عن أبي صالح‏.‏
وقال في روايته ‏"‏ فوافق ذلك قول أهل السماء‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ونعيم المجمر‏)‏ بالرفع عطفا على محمد بن عمرو، وأغرب الكرماني فقال‏:‏ حاصله أن سميا ومحمد بن عمرو ونعيما ثلاثتهم روى عنهم مالك هذا الحديث، لكن الأول والثاني رويا عن أبي هريرة بالواسطة ونعيم بدونها، وهذا جزم منه بشيء لا يدل عليه السياق، ولم يرو مالك طريق نعيم ولا طريق محمد بن عمرو أصلا، وقد ذكرنا من وصل طريق محمد، وأما طريق نعيم فرواها النسائي وابن خزيمة والسراج وابن حبان وغيرهم من طريق سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال ‏"‏ صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين فقال آمين وقال الناس آمين، ويقول كلما سجد الله أكبر، وإذا قام من الجلوس في الاثنتين قال الله أكبر، ويقول إذا سلم‏:‏ والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ بوب النسائي عليه ‏"‏ الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ وهو أصح حديث ورد في ذلك، وقد تعقب استدلاله باحتمال أن يكون أبو هريرة أراد بقوله ‏"‏ أشبهكم ‏"‏ أي في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها، وقد رواه جماعة غير نعيم عن أبي هريرة بدون ذكر البسملة كما سيأتي قريبا، والجواب أن نعيما ثقة فتقبل زيادته، والخبر ظاهر في جميع الأجزاء فيحمل على عمومه حتى يثبت دليل يخصصه‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ عرف مما ذكرناه أن متابعة نعيم في أصل إثبات التأمين فقط، بخلاف متابعة محمد بن عمرو، والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا ركع دون الصف‏)‏ كان اللائق إيراد هذه الترجمة في أبواب الإمامة، وقد سبق هناك ترجمة ‏"‏ المرأة وحدها تكون صفا ‏"‏ وذكرت هناك أن ابن بطال استدل بحديث أنس المذكور فيه في صلاة أم سليم لصحة صلاة المنفرد خلف الصف إلحاقا للرجل بالمرأة، ثم وجدته مسبوقا بالاستدلال به عن جماعة من كبار الأئمة، لكنه متعقب، وأقدم من وقفت على كلامه ممن تعقبه ابن خزيمة فقال‏:‏ لا يصح الاستدلال به لأن صلاة المرء خلف الصف وحده منهي عنها باتفاق ممن يقول تجزئه أو لا تجزئه، وصلاة المرأة وحدها إذا لم يكن هناك امرأة أخرى مأمور بها باتفاق، فكيف يقاس مأمور على منهي‏؟‏ والظاهر أن الذي استدل به نظر إلى مطلق الجواز حملا للنهي على التنزيه والأمر على الاستحباب‏.‏
وقال ناصر الدين ابن المنير‏:‏ هذه الترجمة مما نوزع فيها البخاري حيث لم يأت‏:‏ بجواب ‏"‏ إذا ‏"‏ لإشكال الحديث واختلاف العلماء في المراد بقوله ‏"‏ ولا تعد‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ الْأَعْلَمِ وَهُوَ زِيَادٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن الأعلم هو زياد‏)‏ في رواية عن عفان عن همام حدثنا زياد الأعلم أخرجه ابن أبي شيبة، وزياد هو ابن حسان بن قرة الباهلي من صغار التابعين، قيل له الأعلم لأنه كان مشقوق الشفة، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن الحسن‏)‏ هو البصري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي بكرة‏)‏ هو الثقفي، وقد أعله بعضهم بأن الحسن عنعنه، وقيل إنه لم يسمع من أبي بكرة وإنما يروى عن الأحنف عنه، ورد هذا الإعلال برواية سعيد بن أبي عروبة عن الأعلم قال ‏"‏ حدثني الحسن أن أبا بكرة حدثه ‏"‏ أخرجه أبو داود والنسائي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية سعيد المذكورة ‏"‏ أنه دخل المسجد ‏"‏ زاد الطبراني من رواية عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه ‏"‏ وقد أقيمت الصلاة فانطلق يسعى ‏"‏ وللطحاوي من رواية حماد بن سلمة عن الأعلم ‏"‏ وقد حفزه النفس‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فذكر ذلك‏)‏ في رواية حماد عند الطبراني ‏"‏ فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أيكم دخل الصف وهو راكع‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏زادك الله حرصا‏)‏ أي على الخير، قال ابن المنير صوب النبي صلى الله عليه وسلم فعل أبي بكرة من الجهة العامة وهي الحرص على إدراك فضيلة الجماعة، وخطأه من الجهة الخاصة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا تعد‏)‏ أي إلى ما صنعت من السعي الشديد ثم الركوع دون الصف ثم من المشي إلى الصف، وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحا في طرق حديثه كما تقدم بعضها‏.‏
وفي رواية عبد العزيز المذكورة ‏"‏ فقال من الساعي ‏"‏ وفي رواية يونس بن عبيد عن الحسن عن الطبراني ‏"‏ فقال أيكم صاحب هذا النفس‏؟‏ قال‏:‏ خشيت أن تفوتني الركعة معك ‏"‏ وله من وجه آخر عنه في آخر الحديث ‏"‏ صل ما أدركت واقض ما سبقك ‏"‏ وفي رواية حماد عند أبي داود وغيره ‏"‏ أيكم الراكع دون الصف ‏"‏ وقد تقدم من روايته قريبا ‏"‏ أيكم دخل نصف وهو راكع ‏"‏ وتمسك المهلب بهذه الرواية الأخيرة فقال‏:‏ إنما قال له ‏"‏ لا تعد ‏"‏ لأنه مثل بنفسه في مشيه راكعا لأنها كمشية البهائم ا ه‏.‏
ولم ينحصر النهي في ذلك كما حررته، ولو كان منحصرا لاقتضى ذلك عدم الكراهة في إحرام المنفرد خلف الصف، وقد تقدم نقل الاتفاق على كراهيته، وذهب إلى تحريمه أحمد وإسحاق وبعض محدثي الشافعية كابن خزيمة، واستدلوا بحديث وابصة بن معبد ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة ‏"‏ أخرجه أصحاب السنن وصححه أحمد وابن خزيمة وغيرهما‏.‏
ولابن خزيمة أيضا من حديث علي بن شيبان نحوه وزاد ‏"‏ لا صلاة لمنفرد خلف الصف ‏"‏ واستدل الشافعي وغيره بحديث أبي بكرة على أن الأمر في حديث وابصة للاستحباب لكون أبي بكرة أتى بجزء من الصلاة خلف الصف ولم يؤمر بالإعادة، لكن نهى عن العود إلى ذلك، فكأنه أرشد إلى ما هو الأفضل‏.‏
وروى البيهقي من طريق المغيرة عن إبراهيم فيمن صلى خلف الصف وحده فقال‏:‏ صلاته تامة وليس له تضعيف، وجمع أحمد وغيره بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن حديث أبي بكرة مخصص لعموم حديث وابصة، فمن ابتدأ الصلاة منفردا خلف الصف ثم دخل في الصف قبل القيام من الركوع لم تجب عليه الإعادة كما في حديث أبي بكرة، وإلا فتجب على عموم حديث وابصة وعلي بن شيبان‏.‏
واستنبط بعضهم من قوله ‏"‏ لا تعد ‏"‏ أن ذلك الفعل كان جائزا ثم ورد النهي عنه بقوله لا تعد، فلا يجوز العود إلى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهذه طريقة البخاري في ‏"‏ جزء القراءة خلف الإمام ‏"‏ ويؤخذ مما حررته جواب من قال‏:‏ لم لا دعا له بعدم العود إلى ذلك كما دعا له بزيادة الحرص‏؟‏ وأجاب بأنه جوز أنه ربما تأخر في أمر يكون أفضل من إدراك أول الصلاة ا ه‏.‏
وهو مبني على أن النهي إنما وقع عن التأخير وليس كذلك‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ ولا تعدل ‏"‏ ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود، وحكى بعض شراح المصابيح أنه روى بضم أوله وكسر العين من الإعادة، ويرجح الرواية المشهورة ما تقدم من الزيادة في آخره عند الطبراني ‏"‏ صل ما أشركت واقض ما سبقك ‏"‏ وروى الطحاوي بإسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف ‏"‏ واستدل بهذا الحديث على استحباب موافقة الداخل للإمام على أي حال وجده عليها، وقد ورد الأمر بذلك صريحا في سنن سعيد بن منصور من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أناس من أهل المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ من وجدني قائما أو راكعا أو ساجدا فليكن معي على الحال التي أنا عليها ‏"‏ وفي الترمذي نحوه عن علي ومعاذ بن جبل مرفوعا وفي إسناده ضعف، لكنه ينجبر بطريق سعيد بن منصور المذكورة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:52 PM   #308
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إتمام التكبير في الركوع‏)‏ أي مده بحيث ينتهي بتمامه، أو المراد إتمام عدد تكبيرات الصلاة بالتكبير في الركوع قاله الكرماني‏.‏
قلت‏:‏ ولعله أراد بلفظ الإتمام الإشارة إلى تضعيف ما رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبزى قال ‏"‏ صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتم التكبير ‏"‏ وقد نقل البخاري في التاريخ عن داود الطيالسي أنه قال‏:‏ هذا عندنا باطل‏.‏
وقال الطبري والبزار‏:‏ تفرد به الحسن بن عمران وهو مجهول، وأجيب على تقدير صحته بأنه فعل ذلك لبيان الجواز، أو المراد لم يتم الجهر به أو لم يمده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي الإتمام ومراده أنه قال ذلك بالمعنى، لأنه أشار بذلك إلى حديثه الموصول في آخر الباب الذي بعده وفيه قوله لعكرمة لما أخبره عن الرجل الذي كبر في الظهر ثنتين وعشرين تكبيرة ‏"‏ إنها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فيستلزم ذلك أنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إتمام التكبير، لأن الرباعية لا يقع فيها لذاتها أكثر من ذلك، ومن لازم ذلك التكبير في الركوع‏.‏
وهذا يبعد الاحتمال الأول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وفيه مالك بن الحويرث‏)‏ أي يدخل في الباب حديث مالك، وقد أورده المؤلف بعد أبواب في ‏"‏ باب المكث بين السجدتين ‏"‏ ولفظه ‏"‏ فقام ثم ركع فكبر‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خالد‏)‏ هو الطحان، والجريري هو سعيد، وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير أخو مطرف الذي روى هذا الحديث عنه، والإسناد كله بصريون وفيه رواية الأقران والإخوة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلى‏)‏ أي عمران ‏(‏مع علي‏)‏ أي ابن أبي طالب ‏(‏بالبصرة‏)‏ يعني بعد وقعة الجمل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكرنا‏)‏ بتشديد الكاف وفتح الراء، وفيه إشارة إلى أن التكبير الذي ذكره كان قد ترك، وقد روى أحمد والطحاوي بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال ‏"‏ ذكرنا علي صلاة كنا نصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إما نسيناها وإما تركناها عمدا ‏"‏ ولأحمد من وجه آخر عن مطرف قال‏:‏ قلنا - يعني لعمران بن حصين - يا أبا نجيد، هو بالنون والجيم مصغر، من أول من ترك التكبير‏؟‏ قال‏:‏ عثمان بن عفان حين كبر وضعف صوته‏.‏
وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر‏.‏
وروى الطبراني عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية‏.‏
وروى أبو عبيد أن أول من تركه زياد‏.‏
وهذا لا ينافي الذي قبله لأن زيادا تركه بترك معاوية، وكأن معاوية تركه بترك عثمان‏.‏
وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء، ويرشحه حديث أبي سعيد الآتي في ‏"‏ باب يكبر وهو ينهض من السجدتين‏"‏، لكن حكى الطحاوي أن قوما كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، قال‏:‏ وكذلك كانت بنو أمية تفعل، وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر وعن بعض السلف أنه كان لا يكبر سوى تكبيرة الإحرام، وفرق بعضهم بين المنفرد وغيره، ووجهه بأن التكبير شرع للإيذان بحركة الإمام فلا يحتاج إليه المنفرد، لكن استقر الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصل، فالجمهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام‏.‏
وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر يجب كله صلى الله عليه وسلم قال ناصر الدين بن المنير‏:‏ الحكمة في مشروعية التكبير في الخفض والرفع أن المكلف أمر بالنية أول الصلاة مقرونة بالتكبير، وكان من حقه أن يستصحب النية إلى آخر الصلاة، فأمر أن يجدد العهد في أثنائها بالتكبير الذي هو شعار النية صلى الله عليه وسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كلما رفع وكلما وضع‏)‏ هو عام في جميع الانتقالات في الصلاة، لكن خص منه الرفع من الركوع بالإجماع فإنه شرع فيه التحميد، وقد جاء بهذا اللفظ العام أيضا من حديث أبي هريرة في الباب، ومن حديث أبي موسى الذي ذكرناه عند أحمد والنسائي، ومن حديث ابن مسعود عن الدارمي والطحاوي، ومن حديث ابن عباس في الباب الذي بعده، ومن حديث ابن عمر عند أحمد والنسائي، ومن حديث عبد الله بن زيد عند سعيد بن منصور، ومن حديث وائل بن حجر عند ابن حبان، ومن حديث جابر عند البزار، وسيأتي مفسرا من حديث أبي هريرة فيه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله في حديث أبي هريرة ‏(‏يصلي بهم‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يصلي لهم‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:54 PM   #309
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إتمام التكبير في السجود‏)‏ فيه ما تقدم في الذي قبله‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حماد‏)‏ هو ابن زيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران‏)‏ استدل به على أن موقف الاثنين يكون خلف الإمام خلافا لمن قال يجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وفيه نظر لأنه ليس فيه أنه لم يكن معهما غيرهما‏.‏
وقد تقدم أن ذلك كان بالبصرة وكذا رواه سعيد بن منصور من رواية حميد بن هلال عن عمران، ووقع لأحمد من طريق سعيد بن أبي عروبة عن غيلان بالكوفة، وكذا لعبد الرزاق عن معمر عن قتادة وغير واحد عن مطرف، فيحتمل أن يكون ذلك وقع منه بالبلدين، وقد ذكره في رواية أبي العلاء بصيغة العموم وهنا بذكر السجود والرفع والنهوض من الركعتين فقط ففيه إشعار بأن هذه المواضع الثلاثة هي التي كان ترك التكبير فيها حتى تذكرها عمران بصلاة علي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قد ذكرني‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لقد ذكرني‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو قال‏)‏ هو شك من أحد رواته، ويحتمل أن يكون من حماد فقد رواه أحمد من رواية سعيد بن أبي عروبة بلفظ ‏"‏ صلى بنا هذا مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ولم يشك‏.‏
وفي رواية قتادة عن مطرف قال عمران ‏"‏ ما صليت منذ حين أو منذ كذا وكذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ ترك النكير على من ترك التكبير يدل على أن السلف لم يتلقوه على أنه ركن من الصلاة، وأشار الطحاوي إلى أن الإجماع استقر على أن من تركه فصلاته تامة، وفيه نظر لما تقدم عن أحمد، والخلاف في بطلان الصلاة بتركه ثابت في مذهب مالك إلا أن يريد إجماعا سابقا‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا عِنْدَ الْمَقَامِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أو ليس تِلْكَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُمَّ لَكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي بشر‏)‏ صرح سعيد بن منصور عن هشيم بأن أبا بشر حدثه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رأيت رجلا عند المقام‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ صليت خلف شيخ بالأبطح ‏"‏ والأولى أصح، إلا أن يكون المراد بالأبطح البطحاء التي تفرش في المسجد، وسيأتي في أول الباب الذي بعده بلفظ ‏"‏ صليت خلف شيخ بمكة ‏"‏ وأنه سماه في بعض الطرق أبا هريرة، واتفقت هذه الروايات على أنه رآه بمكة، وللسراج من طريق حبيب بن الزبير عن عكرمة ‏"‏ رأيت رجلا يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فإن لم يحمل على التجوز وإلا فهي شاذة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو ليس تلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو استفهام إنكار للإنكار المذكور، ومقتضاه الإثبات لأنه نفى النفي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا أم لك‏)‏ هي كلمة تقولها العرب عند الزجر، وكذا قوله في الرواية التي بعدها ‏"‏ ثكلتك أمك ‏"‏ فكأنه دعا عليه أن يفقد أمه أو أن تفقده أمه، لكنهم قد يطلقون ذلك ولا يريدون حقيقته‏.‏
واستحق عكرمة ذلك عند ابن عباس لكونه نسب ذلك الرجل الجليل إلى الحمق الذي هو غاية الجهل وهو بريء من ذلك‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏صليت خلف شيخ‏)‏ زاد سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عند الإسماعيلي ‏"‏ الظهر ‏"‏ وبذلك يصح عدد التكبير الذي ذكره، لأن في كل ركعة خمس تكبيرات فيقع في الرباعية عشرون تكبيرة مع تكبيرة الافتتاح وتكبيرة القيام من التشهد الأول، ولأحمد والطحاوي والطبراني من طريق عبد الله الداناج وهو بالنون والجيم الخفيفتين عن عكرمة قال ‏"‏ صلى بنا أبو هريرة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل راوي الحديث عن همام، وهو عنده متصل عن همام وأبان كلاهما عن قتادة، وإنما أفردهما لكونه على شرطه في الأصول، بخلاف أبان فإنه على شرطه في المتابعات‏.‏
وأفادت رواية أبان تصريح قتادة بالتحديث عن عكرمة، وقد وقع مثله من رواية سعيد بن أبي عروبة المذكورة عند الإسماعيلي‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏سنة‏)‏ بالرفع خبر مبتدأ محذوف تقديره تلك سنة، وذلك في رواية عبيد الله بن موسى عن همام عند الإسماعيلي‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن‏)‏ كذا قال عقيل، وتابعه ابن جريج عن شهاب عند مسلم‏.‏
وقال مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن كما تقدم قبل بباب مختصرا، وكذا أخرجه مسلم والنسائي مطولا من رواية يونس عن ابن شهاب، وتابعه معمر عن ابن شهاب عند السراج، وليس هذا الاختلاف قادحا بل الحديث عند ابن شهاب عنهما معا كما سيأتي في ‏"‏ باب يهوى بالتكبير ‏"‏ من رواية شعيب عنه عنهما جميعا عن أبي هريرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يكبر حين يقوم‏)‏ فيه التكبير قائما، وهو بالاتفاق في حق القادر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يكبر حين يركع‏)‏ قال النووي‏:‏ فيه دليل على مقارنة التكبير للحركة وبسطه عليها، فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويمده حتى يصل إلى حد الراكع‏.‏
انتهى‏.‏
ودلالة هذا اللفظ على البسط الذي ذكره غير ظاهرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حين يرفع الخ‏)‏ فيه أن التسميع ذكر النهوض، وأن التحميد ذكر الاعتدال، وفيه دليل على أن الإمام يجمع بينهما خلافا لمالك، لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الموصوفة محمولة على حال الإمامة لكون ذلك هو الأكثر الأغلب من أحواله، وسيأتي البحث فيه بعد خمسة أبواب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال عبد الله بن صالح عن الليث‏:‏ ولك الحمد‏)‏ يعني أن ابن صالح زاد في روايته عن الليث الواو في قوله ‏"‏ ولك الحمد‏"‏، وأما باقي الحديث فاتفقا فيه، وإنما لم يسقه عنهما معا وهما شيخاه لأن يحيى من شرطه في الأصول، وابن صالح إنما يورده في المتابعات وسيأتي من رواية شعيب أيضا عن ابن شهاب بإثبات الواو، وكذا في رواية ابن جريج عند مسلم ويونس عند النسائي، قال العلماء‏:‏ الرواية بثبوت الواو أرجح، وهي زائدة وقيل عاطفة على محذوف وقيل هي واو الحال قاله ابن الأثير وضعف ما عداه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يكبر حين يهوى‏)‏ يعني ساجدا، وكذا هو في رواية شعيب، و ‏"‏ يهوى ‏"‏ ضبطناه بفتح أوله، أي يسقط‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يكبر حين يقوم من الثنتين‏)‏ أي الركعتين الأوليين، وقوله‏:‏ ‏(‏بعد الجلوس‏)‏ أي في التشهد الأول‏.‏
وهذا الحديث مفسر للأحاديث المتقدمة حيث قال فيها ‏"‏ كان يكبر في كل خفض ورفع‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:56 PM   #310
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب وَضْعِ الْأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ
وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ أَمْكَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب وضع الأكف على الركب في الركوع‏)‏ أي كل كف على ركبة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو حميد‏)‏ سيأتي موصولا مطولا في ‏"‏ باب سنة الجلوس في التشهد ‏"‏ والغرض منه هنا بيان الصفة المذكورة في الركوع‏.‏
يقويه ما أشار إليه سعد من نسخ التطبيق‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّيَّ ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ فَنَهَانِي أَبِي وَقَالَ كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِينَا عَلَى الرُّكَبِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي يعفور‏)‏ بفتح التحتانية وبالفاء وآخره راء وهو الأكبر كما جزم به المزي وهو مقتضى صنيع ابن عبد البر، وصرح الدارمي في روايته من طريق إسرائيل عن أبي يعفور بأنه العبدي والعبدي هو الأكبر بلا نزاع، وذكر النووي في شرح مسلم أنه الأصغر، وتعقب، وقد ذكرنا اسمهما في المقدمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مصعب بن سعد‏)‏ أي ابن أبي وقاص‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فطبقت‏)‏ أي ألصقت بين باطني كفي في حال الركوع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا‏)‏ استدل به على نسخ التطبيق المذكور بناء على أن المراد بالآمر والناهي في ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الصيغة مختلف فيها، والراجح أن حكمها الرفع، وهو مقتضى تصرف البخاري‏.‏
وكذا مسلم إذ أخرجه في صحيحه‏.‏
وفي رواية إسرائيل المذكورة عند الدارمي ‏"‏ كان بنو عبد الله بن مسعود إذا ركعوا جعلوا أيديهم بين أفخاذهم، فصليت إلى جنب أبي فضرب يدي ‏"‏ الحديث، فأفادت هذه الزيادة مستند مصعب في فعل ذلك، وأولاد ابن مسعود أخذوه عن أبيهم‏.‏
قال الترمذي‏:‏ التطبيق منسوخ عند أهل العلم لا خلاف بين العلماء في ذلك إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون‏.‏
انتهى‏.‏
وقد ورد ذلك عن ابن مسعود متصلا في صحيح مسلم وغيره من طريق إبراهيم عن علقمة والأسود أنهما دخلا على عبد الله فذكر الحديث قال ‏"‏ فوضعنا أيدينا على ركبنا، فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلى قال‏:‏ هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏
وحمل هذا على أن ابن مسعود لم يبلغه النسخ‏.‏
وقد روى ابن المنذر عن ابن عمر بإسناد قوي قال ‏"‏ إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة ‏"‏ يعني التطبيق، وروى ابن خزيمة من وجه آخر عن علقمة عن عبد الله قال ‏"‏ علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه فركع، فبلغ ذلك سعدا فقال‏:‏ صدق أخي، كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا ‏"‏ يعني الإمساك بالركب‏.‏
فهذا شاهد قوي لطريق مصعب ابن سعد‏.‏
وروى عبد الرزاق عن عمر ما يوافق قول سعد، أخرجه من وجه آخر عن علقمة والأسود قال ‏"‏ صلينا مع عبد الله فطبق، ثم لقينا عمر فصلينا معه فطبقنا، فلما انصرف قال‏:‏ ذلك شيء كنا نفعله ثم ترك ‏"‏ وفي الترمذي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال ‏"‏ قال لنا عمر بن الخطاب‏:‏ إن الركب سنت لكم فخذوا بالركب ‏"‏ ورواه البيهقي بلفظ ‏"‏ كنا إذا ركعنا جعلنا أيدينا بين أفخاذنا، فقال عمر‏:‏ إن من السنة الأخذ بالركب ‏"‏ وهذا أيضا حكمه حكم الرفع لأن الصحابي إذا قال السنة كذا أو سن كذا كان الظاهر انصراف ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما إذا قاله مثل عمر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فنهينا عنه‏)‏ استدل به ابن خزيمة على أن التطبيق غير جائز، وفيه نظر لاحتمال حمل النهي على الكراهة، فقد روى ابن أبي شيبة من طريق عاصم بن ضمرة عن علي قال ‏"‏ إذا ركعت فإن شئت قلت هكذا - يعني وضعت يديك على ركبتيك - وإن شئت طبقت ‏"‏ وإسناده حسن، وهو ظاهر في أنه كان يرى التخيير، فإما أنه لم يبلغه النهي وإما حمله على كراهة التنزيه‏.‏
ويدل على أنه ليس بحرام كون عمر وغيره ممن أنكره لم يأمر من فعله بالإعادة‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ حكى ابن بطال عن الطحاوي وأقره أن طريق النظر يقتضي أن تفريق اليدين أولى من تطبيقهما، لأن السنة جاءت بالتجافي في الركوع والسجود، وبالمراوحة بين القدمين، قال‏:‏ فلما اتفقوا على أولوية تفريقهما في هذا واختلفوا في الأول اقتضى النظر أن يلحق ما اختلفوا فيه بما اتفقوا عليه، قال‏:‏ فثبت انتفاء التطبيق ووجوب وضع اليدين على الركبتين‏.‏
انتهى كلامه‏.‏
وتعقبه الزين بن المنير بأن الذي ذكره معارض بالمواضع التي سن فيها الضم كوضع اليمنى على اليسرى في حال القيام، قال‏:‏ وإذا ثبت مشروعية الضم في بعض مقاصد الصلاة بطل ما اعتمده من القياس المذكور‏.‏
نعم لو قال أن الذي ذكره ما صلى الله عليه وسلم يقتضي مزية التفريج على التطبيق لكان له وجه‏.‏
قلت‏:‏ وقد وردت الحكمة في إثبات التفريج على التطبيق عن عائشة رضي الله عنها، أورد سيف في الفتوح من رواية مسروق أنه سألها عن ذلك فأجابت بما محصله‏:‏ أن التطبيق من صنيع اليهود، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه لذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، ثم أمر في آخر الأمر بمخالفتهم، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن نضع أيدينا‏)‏ أي أكفنا من إطلاق الكل وإرادة الجزء، ورواه مسلم من طريق أبي عوانة عن أبي يعفور بلفظ ‏"‏ وأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب ‏"‏ وهو مناسب للفظ الترجمة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:57 PM   #311
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يتم الركوع‏)‏ أقود الركوع بالذكر مع أن السجود مثله لكونه أفرده بترجمة تأتي، وغرضه سياق صفة الصلاة على ترتيب أركانها، واكتفى عن جواب ‏"‏ إذا ‏"‏ بما ترجم به بعد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يتم ركوعه بالإعادة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَالَ مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن سليمان‏)‏ هو الأعمش‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رأى حذيفة رجلا‏)‏ لم أقف على اسمه لكن عند ابن خزيمة وابن حبان من طريق الثوري عن الأعمش أنه كان عند أبواب كندة، ومثله لعبد الرزاق عن الثوري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يتم الركوع والسجود‏)‏ في رواية عبد الرزاق ‏"‏ فجعل ينقر ولا يتم ركوعه ‏"‏ زاد أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة ‏"‏ فقال‏:‏ منذ كم صليت‏؟‏ فقال‏:‏ منذ أربعين سنة ‏"‏ ومثله في رواية الثوري، وللنسائي من طريق طلحة بن مصرف عن زيد بن وهب مثله، وفي حمله على ظاهره نظر، وأظن ذلك هو السبب في كون البخاري لم يذكر ذلك، وذلك لأن حذيفة مات سنة ست وثلاثين فعلى هذا يكون ابتداء صلاة المذكور قبل الهجرة بأربع أو أكثر ولعل الصلاة لم تكن فرضت بعد، فلعله أطلق وأراد المبالغة، أو لعله ممن كاد يصلي قبل إسلامه ثم أسلم فحصلت المدة المذكورة من الأمرين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما صليت‏)‏ هو نظير قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته ‏"‏ فإنك لم تصل ‏"‏ وسيأتي بعد باب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فطر الله محمدا‏)‏ زاد الكشميهني ‏"‏ عليها ‏"‏ واستدل به على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود وعلى أن الإخلال بها مبطل للصلاة، وعلى تكفير تارك الصلاة لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإسلام عمن أخل ببعض أركانها فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى، وهذا بناء على أن المراد بالفطرة الدين، وقد أطلق الكفر على من لم يصل كما رواه مسلم صلى الله عليه وسلم وهو إما على حقيقته عند قوم وإما على المبالغة في الزجر عند آخرين، قال الخطابي‏:‏ الفطرة الملة أو الدين، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون المراد بها هنا السنة كما جاء ‏"‏ خمس من الفطرة ‏"‏ الحديث، ويكون حذيفة قد أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل، ويرجحه وروده من وجه آخر بلفظ ‏"‏ سنة محمد ‏"‏ كما سيأتي بعد عشرة أبواب، وهو مصير من البخاري إلى أن الصحابي إذا قال سنة محمد أو فطرته كان حديثا مرفوعا، وقد خالف فيه قوم والراجح الأول‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ
وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب استواء الظهر في الركوع‏)‏ أي من غير ميل في الرأس عن البدن ولا عكسه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو حميد‏)‏ هو الساعدي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هصر ظهره‏)‏ بفتح الهاء والصاد المهملة أي أماله‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ حنى ‏"‏ بالمهملة والنون الخفيفة وهو بمعناه، وسيأتي حديث أبي حميد هذا موصولا مطولا في ‏"‏ باب سنة الجلوس في التشهد ‏"‏ بلفظ ‏"‏ ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه ثم هصر طهره ‏"‏ زاد أبو داود من وجه آخر عن أبي حميد ‏"‏ ووتر يديه فتجافى عن جنبيه ‏"‏ وله من وجه آخر ‏"‏ أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:58 PM   #312
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏وحد إتمام الركوع والاعتدال فيه‏)‏ وقع في بعض الروايات عند الكشميهني وهو للأصيلي هنا ‏"‏ باب إتمام الركوع ‏"‏ ففصله عن الباب الذي قبله بباب، وعند الباقين الجميع في ترجمة واحدة إلا أنهم جعلوا التعليق عن أبي حميد في أثنائها لاختصاصه بالجملة الأولى، ودلالة حديث البراء على ما بعدها، وبهذا يجاب عن اعتراض ناصر الدين بن المنير حيث قال‏:‏ حديث البراء لا يطابق الترجمة للاستواء في الركوع السالم من الزيادة في حنو الرأس دون بقية البدن أو العكس، والحديث في تساوي الركوع مع السجود وغيره في الإطالة والتخفيف ا ه‏.‏
وكأنه لم يتأمل ما بعد حديث أبي حميد من بقية الترجمة، ومطابقة حديث البراء لقوله ‏"‏ حد إتمام الركوع ‏"‏ من جهة أنه دال على تسوية الركوع والسجود والاعتدال والجلوس بين السجدتين، وقد ثبت في بعض طرقه عند مسلم تطويل الاعتدال فيؤخذ منه إطالة الجمع، والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والاطمأنينة‏)‏ كذا للأكثر بكسر الهمزة، ويجوز الضم وسكون الطاء، وللكشميهني‏:‏ ‏"‏ والطمأنينة ‏"‏ بضم الطاء وهي أكثر في الاستعمال، والمراد بها السكون، وحدها ذهاب الحركة التي قبلها كما سيأتي مفسرا في حديث أبي حميد‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا الحكم‏)‏ هو ابن عتيبة ‏(‏عن ابن أبي ليلى‏)‏ هو عبد الرحمن، ووقع التصريح بتحديثه له عند مسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما خلا القيام والقعود‏)‏ بالنصب فيهما، قيل المراد بالقيام الاعتدال وبالقعود الجلوس بين السجدتين، وجزم به بعضهم، وتمسك به في أن الاعتدال والجلوس بين السجدتين لا يطولان، ورده ابن القيم في كلامه على حاشية السنن فقال‏:‏ هذا سوء فهم من قائله، لأنه قد ذكرهما بعينهما فكيف يستثنيهما‏؟‏ وهل يحسن قول القائل جاء زيد وعمرو وبكر وخالد إلا زيدا وعمرا، فإنه متى أراد نفي المجيء عنهما كان تناقضا ا ه‏.‏
وتعقب بأن المراد بذكرها إدخالها في الطمأنينة وباستثناء بعضها إخراج المستثنى من المساواة‏.‏
وقال بعض شيوخ شيوخنا‏:‏ معنى قوله ‏"‏ قريبا من السواء ‏"‏ أن كل ركن قريب من مثله، فالقيام الأول قريب من الثاني والركوع في الأولى قريب من الثانية، والمراد بالقيام والقعود اللذين استثنيا الاعتدال والجلوس بين السجدتين ولا يخفى تكلفه‏.‏
واستدل بظاهره على أن الاعتدال ركن طويل ولا سيما قوله في حديث أنس ‏"‏ حتى يقول القائل قد نسي ‏"‏ وفي الجواب عنه تعسف والله أعلم‏.‏
وسيأتي هذا الحديث بعد أبواب بغير استثناء، وكذا أخرجه مسلم من طرق، وقيل المراد بالقيام والقعود القيام للقراءة والجلوس للتشهد لأن القيام للقراءة أطول من جميع الأركان في الغالب، واستدل به على تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين كما سيأتي في ‏"‏ باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع ‏"‏ مع بقية الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالْإِعَادَةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم الركوع بالإعادة‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ هذه من التراجم الخفية، وذلك أن الخبر لم يقع فيه بيان ما نقصه المصلي المذكور، لكنه صلى الله عليه وسلم لما قال له ‏"‏ ثم اركع حتى تطمئن راكعا ‏"‏ إلى آخر ما ذكر له من الأركان اقتضى ذلك تساويها في الحكم لتناول الأمر كل فرد منها، فكل من لم يتم ركوعه أو سجوده أو غير ذلك مما ذكر مأمور بالإعادة‏.‏
قلت‏:‏ ووقع في حديث رفاعة بن رافع عند ابن أبي شيبة في هذه القصة ‏"‏ دخل رجل فصلى صلاة خفيفة لم يتم ركوعها ولا سجودها ‏"‏ فالظاهر أن المصنف أشار بالترجمة إلى ذلك‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد الله‏)‏ هو ابن عمر العمري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ قال الدار قطني‏:‏ خالف يحيى القطان أصحاب عبيد الله كلهم في هذا الإسناد، فإنهم لم يقولوا عن أبيه؛ ويحيى حافظ قال‏:‏ فيشبه أن يكون عبيد الله حدث به على الوجهين‏.‏
وقال البزار‏:‏ لم يتابع يحيى عليه، ورجح الترمذي رواية يحيى‏.‏
قلت‏:‏ لكل من الروايتين وجه مرجح، أما رواية يحيى فللزيادة من الحافظ، وأما الرواية الأخرى فللكثرة، ولأن سعيدا لم يوصف بالتدليس وقد ثبت سماعه من أبي هريرة، ومن ثم أخرج الشيخان الطريقين‏.‏
فأخرج البخاري طريق يحيى هنا وفي ‏"‏ باب وجوب القراءة ‏"‏ وأخرج في الاستئذان طريق عبيد الله بن النمير، وفي الإيمان والنذور طريق أسامة كلاهما عن عبيد الله ليس فيه عن أبيه، وأخرجه مسلم من رواية الثلاثة‏.‏
وللحديث طريق أخرى من غير رواية أبي هريرة أخرجها أبو داود والنسائي من رواية إسحاق بن أبي طلحة ومحمد بن إسحاق ومحمد بن عمرو ومحمد بن عجلان وداود بن قيس كلهم عن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع، فمنهم من لم يسم رفاعة قال ‏"‏ عن عم له بدري ‏"‏ ومنهم من لم يقل عن أبيه، ورواه النسائي والترمذي من طريق يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه عن جده عن رفاعة لكن لم يقل الترمذي عن أبيه، وفيه اختلاف آخر نذكره قريبا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فدخل رجل‏)‏ في رواية ابن نمير ‏"‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد ‏"‏ وللنسائي من رواية إسحاق بن أبي طلحة ‏"‏ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله ‏"‏ وهذا الرجل هو خلاد بن رافع جد علي بن يحيى راوي الخبر، بينه ابن أبي شيبة عن عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى عن رفاعة أن خلادا دخل المسجد‏.‏
وروى أبو موسى في الذيل من جهة ابن عيينة عن ابن عجلان عن علي بن يحيى بن عبد الله بن خلاد عن أبيه عن جده أنه دخل المسجد ا ه‏.‏
وفيه أمران‏:‏ زيادة عبد الله في نسب علي بن يحيى، وجعل الحديث من رواية خلاد جد علي‏.‏
فأما الأول فوهم من الراوي عن ابن عيينة، وأما الثاني فمن ابن عيينة لأن سعيد بن منصور قد رواه عنه كذلك لكن بإسقاط عبد الله، والمحفوظ أنه من حديث رفاعة، كذلك أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد القطان وابن أبي شيبة عن أبي خالد‏.‏
الأحمر كلاهما عن محمد بن عجلان‏.‏
وأما ما وقع عند الترمذي ‏"‏ إذ جاء رجل كالبدوي فصلى فأخف صلاته ‏"‏ فهذا لا يمنع تفسيره بخلاد لأن رفاعة شبهه بالبدوي لكونه أخف الصلاة أو لغير ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فصلى‏)‏ زاد النسائي من رواية داود بن قيس ‏"‏ ركعتين ‏"‏ وفيه إشعار بأنه صلى نفلا‏.‏
والأقرب أنها تحية المسجد، وفي الرواية المذكورة ‏"‏ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمقه في صلاته ‏"‏ زاد في رواية إسحاق بن أبي طلحة ‏"‏ ولا ندري ما يعيب منها ‏"‏ وعند ابن أبي شيبة من رواية أبي خالد ‏"‏ يرمقه ونحن لا نشعر ‏"‏ وهذا محمول على حالهم في المرة الأولى، وهو مختصر من الذي قبله كأنه قال‏:‏ ولا نشعر بما يعيب منها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم جاء فسلم‏)‏ في رواية أبي أسامة ‏"‏ فجاء فسلم ‏"‏ وهي أولى لأنه لم يكن بين صلاته ومجيئه تراخ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرد النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية مسلم وكذا في رواية ابن نمير في الاستئذان ‏"‏ فقال وعليك السلام ‏"‏ وفي هذا تعقب علي ابن المنير حيث قال فيه‏:‏ أن الموعظة في وقت الحاجة أهم من رد السلام، ولأنه لعله لم يرد عليه السلام تأديبا على جهله فيؤخذ منه التأديب بالهجر وترك السلام ا ه‏.‏
والذي وقفنا عليه من نسخ الصحيحين ثبوت الرد في هذا الموضع وغيره، إلا الذي في الأيمان والنذور وقد ساق الحديث صاحب ‏"‏ العمدة ‏"‏ بلفظ الباب إلا أنه حذف منه ‏"‏ فرد النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فلعل ابن المنير اعتمد على النسخة التي اعتمد عليها صاحب العمدة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ارجع‏)‏ في رواية ابن عجلان فقال ‏"‏ أعد صلاتك‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإنك لم تصل‏)‏ قال عياض‏:‏ فيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ، وهو مبني على أن المراد بالنفي نفي الإجزاء وهو الظاهر، ومن حمله على نفي الكمال تمسك بأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بعد التعليم بالإعادة فدل على إجزائها وإلا لزم تأخير البيان، كذا قاله بعض المالكية وهو المهلب ومن تبعه، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمره في المرة الأخيرة بالإعادة، فسأله التعليم فعلمه، فكأنه قال له أعد صلاتك على هذه الكيفية، أشار إلى ذلك ابن المنير، وسيأتي في آخر الكلام على الحديث مزيد بحث في ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثا‏)‏ في رواية ابن نمير ‏"‏ فقال في الثالثة أو في التي بعدها ‏"‏ وفي رواية أبي أسامة ‏"‏ فقال في الثانية أو الثالثة ‏"‏ وتترجح الأولى لعدم وقوع الشك فيها ولكونه صلى الله عليه وسلم كان من عادته استعمال الثلاث في تعليمه غالبا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فعلمني‏)‏ في رواية يحيى بن علي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فقال الرجل فأرني وعلمني فإنما أنا بشر أصيب وأخطئ فقال‏:‏ أجل‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا قمت إلى الصلاة فكبر‏)‏ في رواية ابن نمير ‏"‏ إذا قمت إلى الصلاة فأصبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ‏"‏ وفي رواية يحيى بن علي ‏"‏ فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم‏"‏‏.‏
وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة عند النسائي إنها لم تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله ويحمده ويمجده ‏"‏ وعند أبي داود ‏"‏ ويثني عليه ‏"‏ بدل ويمجده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن‏)‏ لم تختلف الروايات في هذا عن أبي هريرة، وأما رفاعة ففي رواية إسحاق المذكورة ‏"‏ ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله ‏"‏ وفي رواية يحيى بن علي ‏"‏ فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله‏"‏‏.‏
وفي رواية محمد بن عمرو عند أبي داود ‏"‏ ثم اقرأ بأم القرآن أو بما شاء الله‏"‏‏.‏
ولأحمد وابن حبان من هذا الوجه ‏"‏ ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت ‏"‏ ترجم له ابن حبان بباب فرض المصلي قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى تطمئن راكعا‏)‏ في رواية أحمد هذه القريبة ‏"‏ فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك وتمكن لركوعك‏"‏‏.‏
وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة ‏"‏ ثم يكبر فيركع حتى تطمئن مفاصله ويسترخي‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى تعتدل قائما‏)‏ في رواية ابن نمير عند ابن ماجه ‏"‏ حتى تطمئن قائما ‏"‏ أخرجه ابن أبي شيبة عنه، وقد أخرج مسلم إسناده بعينه في هذا الحديث لكن لم يسق لفظه فهو على شرطه، وكذا أخرجه إسحاق ابن راهويه في مسنده عن أبي أسامة، وهو في مستخرج أبي نعيم من طريقه، وكذا أخرجه السراج عن يوسف بن موسى أحد شيوخ البخاري عن أبي أسامة، فثبت ذكر الطمأنينة في الاعتدال على شرط الشيخين، ومثله في حديث رفاعة عند أحمد وابن حبان، وفي لفظ لأحمد ‏"‏ فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ‏"‏ وعرف بهذا أن قول إمام الحرمين‏:‏ في القلب من إيجابها - أي الطمأنينة في الرفع من الركوع - شيء لأنها لم تذكر في حديث المسيء صلاته، دال على أنه لم يقف على هذه الطرق الصحيحة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم اسجد‏)‏ في رواية إسحاق بن أبي طلحة ‏(‏ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه أو جبهته حتى تطمئن مفصاله وتسترخي‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم ارفع‏)‏ في رواية إسحاق المذكورة ‏"‏ ثم يكبر فيركع حتى يستوي قاعدا على مقعدته ويقيم صلبه‏"‏‏.‏
وفي رواية محمد بن عمرو ‏"‏ فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى‏"‏‏.‏
وفي رواية إسحاق ‏"‏ فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالسا ثم افترش فخذك اليسرى ثم تشهد‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم افعل ذلك في صلاتك كلها‏)‏ في رواية محمد بن عمرو ‏"‏ ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في رواية ابن نمير في الاستئذان بعد ذكر السجود الثاني ‏"‏ ثم ارفع حتى تطمئن جالسا‏"‏‏.‏
وقد قال بعضهم‏:‏ هذا يدل على إيجاب جلسة الاستراحة ولم يقل به أحد، وأشار البخاري إلى أن هذه اللفظة وهم، فإنه عقبه بأن قال ‏"‏ قال أبو أسامة في الأخير حتى تستوي قائما ‏"‏ ويمكن أن يحمل إن كان محفوظا على الجلوس للتشهد، ويقويه رواية إسحاق المذكورة قريبا، وكلام البخاري ظاهر في أن أبا أسامة خالف ابن نمير، لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن أبي أسامة كما قال ابن نمير بلفظ‏:‏ ‏"‏ ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم اقعد حتى تطمئن قاعدا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم اقعد حتى تطمئن قاعدا، ثم افعل ذلك في كل ركعة‏"‏‏.‏
وأخرجه البيهقي من طريقه وقال‏:‏ كذا قال إسحاق بن راهويه عن أبي أسامة، والصحيح رواية عبيد الله بن سعيد أبي قدامة ويوسف بن موسى عن أبي أسامة بلفظ ‏"‏ ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تستوي قائما ‏"‏ ثم ساقه من طريق يوسف بن موسى كذلك‏.‏
واستدل بهذا الحديث على وجوب الطمأنينة في أركان الصلاة، وبه قال الجمهور، واشتهر عن الحنفية أن الطمأنينة سنة، وصرح بذلك كثير من مصنفيهم، لكن كلام الطحاوي كالصريح في الوجوب عندهم، فإنه ترجم مقدار الركوع والسجود، ثم ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله ‏"‏ سبحان ربي العظيم ثلاثا في الركوع وذلك أدناه‏"‏‏.‏
قال‏:‏ فذهب قوم إلى أن هذا مقدار الركوع والسجود لا يجزئ أدنى منه، قال‏.‏
وخالفهم آخرون فقالوا‏:‏ إذا استوى راكعا واطمأن ساجدا أجزأ، ثم قال‏:‏ وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد‏.‏
قال ابن دقيق العيد‏:‏ تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعلى عدم وجوب ما لم يذكر، أما الوجوب فلتعلق الأمر به، وأما عدمه فليس لمجرد كون الأصل عدم الوجوب، بل لكون الموضع تعليم وبيان للجاهل، وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر ويتقوى ذلك بكونه صلى الله عليه وسلم ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلي وما لم تتعلق به، فدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت به الإساءة‏.‏
قال‏:‏ فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه وكان مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه، وبالعكس‏.‏
لكن يحتاج أولا إلى جمع طرق هذا الحديث وإحصاء الأمور المذكورة فيه والأخذ بالزائد فالزائد، ثم إن عارض الوجوب أو عدمه دليل أقوى منه عمل به، وإن جاءت صيغة الأمر في حديث آخر بشيء لم يذكر في هذا الحديث قدمت‏.‏
قلت‏:‏ قد امتثلت ما أشار إليه وجمعت طرقه القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة، وقد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها‏.‏
فمما لم يذكر فيه تصريحا من الواجبات المتفق عليها‏:‏ النية، والقعود الأخير ومن المختلف فيه التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والسلام في آخر الصلاة‏.‏
قال النووي‏:‏ وهو محمول على أن ذلك كان معلوما عند الرجل ا ه‏.‏
وهذا يحتاج إلى تكملة، وهو ثبوت الدليل على إيجاب ما ذكر كما تقدم، وفيه بعد ذلك نظر‏.‏
قال‏:‏ وفيه دليل على أن الإقامة والتعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في الإحرام وغيره ووضع اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد على الفخذ ونحو ذلك مما لم يذكر في الحديث ليس بواجب ا ه‏.‏
وهو في معرض المنع لثبوت بعض ما ذكر في بعض الطرق كما تقدم بيانه، فيحتاج من لم يقل بوجوبه إلى دليل على عدم وجوبه كما تقدم تقريره‏.‏
واستدل به على تعين لفظ التكبير، خلافا لمن قال يجزئ بكل لفظ يدل على التعظيم، وقد تقدمت هذه المسألة في أول صفة الصلاة‏.‏
قال ابن دقيق العيد‏:‏ ويتأيد ذلك بأن العبادات محل التعبدات، ولأن رتب هذه الأذكار مختلفة، فقد لا يتأدى برتبة منها ما يقصد برتبة أخرى‏.‏
ونظيره الركوع، فإن المقصود به التعظيم بالخضوع، فلو أبدله بالسجود لم يجزئ، مع أنه غاية الخضوع‏.‏
واستدل به على أن قراءة الفاتحة لا تتعين، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ووجهه أنه إذا تيسر فيه غير الفاتحة فقرأه يكون ممتثلا فيخرج عن العهدة، قال‏:‏ والذين عينوها أجابوا بأن الدليل على تعينها تقييد للمطلق في هذا الحديث، وهو متعقب، لأنه ليس بمطلق من كل وجه بل هو مقيد بقيد التيسير الذي يقتضي التخيير، وإنما يكون مطلقا لو قال‏:‏ اقرأ قرآنا، ثم قال‏:‏ اقرأ فاتحة الكتاب‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ هو بيان للمجمل، وهو متعقب أيضا، لأن المجمل ما لم تتضح دلالته، وقوله ‏"‏ما تيسر ‏"‏ متضح لأنه ظاهر في التخيير، قال‏:‏ وإنما يقرب ذلك إن جعلت ‏"‏ ما ‏"‏ موصولة، وأريد بها شيء معين وهو الفاتحة لكثرة حفظ المسلمين لها، فهي المتيسرة‏.‏
وقيل هو محمول على أنه عرف من حال الرجل أنه لا يحفظ الفاتحة ومن كان كذلك كان الواجب عليه قراءة ما تيسر‏.‏
وقيل‏:‏ محمول على أنه منسوخ بالدليل على تعيين الفاتحة، ولا يخفى ضعفهما‏.‏
لكنه محتمل، ومع الاحتمال لا يترك الصريح وهو قوله ‏"‏ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ‏"‏ وقيل‏:‏ إن قوله ‏"‏ ما تيسر ‏"‏ محمول على ما زاد على الفاتحة جمعا بينه وبين دليل إيجاب الفاتحة‏.‏
ويؤيده الرواية التي تقدمت لأحمد وابن حبان حيث قال فيها ‏"‏ اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت ‏"‏ واستدل به على وجوب الطمأنينة في الأركان‏.‏
واعتذر بعض من لم يقل به بأنه زيادة على النص، لأن المأمور به في القرآن مطلق السجود فيصدق بغير طمأنينة، فالطمأنينة زيادة والزيادة على المتواتر بالآحاد لا تعتبر‏.‏
وعورض بأنها ليست زيادة لكن بيان للمراد بالسجود، وأنه خالف السجود اللغوي لأنه مجرد وضع الجبهة فبينت السنة أن السجود الشرعي ما كان بالطمأنينة‏.‏
ويؤيده أن الآية نزلت تأكيدا لوجوب السجود، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه يصلون قبل ذلك، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بغير طمأنينة‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم‏:‏ وجوب الإعادة على من أخل بشيء من واجبات الصلاة‏.‏
وفيه أن الشروع في النافلة ملزم، لكن يحتمل أن تكون تلك الصلاة كانت فريضة فيقف الاستدلال‏.‏
وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحسن التعليم بغير تعنيف، وإيضاح المسألة، وتخليص، المقاصد، وطلب المتعلم من العالم أن يعلمه‏.‏
وفيه تكرار السلام ورده وإن لم يخرج من الموضع إذا وقعت صورة انفصال‏.‏
وفيه أن القيام في الصلاة ليس مقصودا لذاته، وإنما يقصد للقراءة فيه‏.‏
وفيه جلوس الإمام في المسجد وجلوس أصحابه معه‏.‏
وفيه التسليم للعالم والانقياد له والاعتراف بالتقصير والتصريح بحكم البشرية في جواز الخطأ وفيه أن فرائض الوضوء مقصورة على ما ورد به القرآن لا ما زادته السنة فيندب صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ولطف معاشرته، وفيه تأخير البيان في المجلس للمصلحة‏.‏
وقد استشكل تقرير النبي صلى الله عليه وسلم له على صلاته وهي فاسدة على القول بأنه أخل ببعض الواجبات، وأجاب المازري بأنه أراد استدراجه بفعل ما يجهله مرات لاحتمال أن يكون فعله ناسيا أو غافلا فيتذكره فيفعله من غير تعليم، وليس ذلك من باب التقرير الخطأ، بل من باب تحقق الخطأ‏.‏
وقال النووي نحوه، قال‏:‏ وإنما لم يعلمه أولا ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة‏.‏
وقال ابن الجوزي‏:‏ يحتمل أن يكون ترديده لتفخيم الأمر وتعظيمه عليه، ورأى أن الوقت لم يفته، فرأى إيقاظ الفطنة للمتروك‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ ليس التقرير بدليل على الجواز مطلقا، بل لا بد من انتفاء الموانع‏.‏
ولا شك أن في زيادة قبول المتعلم لما يلقي إليه بعد تكرار فعله واستجماع نفسه وتوجه سؤاله مصلحة مانعة من وجوب المبادرة إلى التعليم، لا سيما مع عدم خوف الفوات، إما بناء على ظاهر الحال، أو بوحي خاص‏.‏
وقال التوربشتي‏:‏ إنما سكت عن تعليمه أولا لأنه لما رجع لم يستكشف الحال من مورد الوحي، وكأنه اغتر بما عنده من العلم فسكت عن تعليمه زجرا له وتأديبا وإرشادا إلى استكشاف ما استبهم عليه، فلما طلب كشف الحال من مورده أرشد إليه‏.‏
انتهى‏.‏
لكن فيه مناقشة، لأنه إن تم له في الصلاة الثانية والثالثة لم يتم له في الأولى، لأنه صلى الله عليه وسلم بدأه لما جاء أول مرة بقوله ‏"‏ ارجع فصل فإنك لم تصل ‏"‏ فالسؤال وارد على تقريره له على الصلاة الأولى كيف لم ينكر عليه في أثنائها‏؟‏ لكن الجواب يصلح بيانا للحكمة في تأخير البيان بعد ذلك، والله أعلم‏.‏
وفيه حجة على من أجاز القراءة بالفارسية لكون ما ليس بلسان العرب لا يسمى قرآنا، قاله عياض‏.‏
وقال النووي‏:‏ وفيه وجوب القراءة في الركعات كلها، وأن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل يستحب له أن يذكره له وإن لم يسأله عنه ويكون من باب النصيحة لا من الكلام فيما لا معنى له‏.‏
وموضع الدلالة منه كونه قال ‏"‏ علمني ‏"‏ أي الصلاة فعلمه الصلاة ومقدماتها‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 04:59 PM   #313
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الدعاء في الركوع‏)‏ ترجم بعد هذا بأبواب التسبيح والدعاء في السجود، وساق فيه حديث الباب، فقيل‏:‏ الحكمة في تخصيص الركوع بالدعاء دون التسبيح - مع أن الحديث واحد - أنه قصد الإشارة إلى الرد على من كره الدعاء في الركوع كمالك، وأما التسبيح فلا خلاف فيه، فاهتم هنا بذكر الدعاء لذلك‏.‏
وحجة المخالف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية ابن عباس مرفوعا وفيه ‏"‏ فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم ‏"‏ لكنه لا مفهوم له، فلا يمتنع الدعاء في الركوع كما لا يمتنع التعظيم في السجود‏.‏
وظاهر حديث عائشة أنه كان يقول هذا الذكر كله في الركوع وكذا في السجود، وسيأتي بقية الكلام عليه في الباب المذكور إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع‏)‏ ‏.‏
وقع في شرح ابن بطال هنا ‏"‏ باب القراءة في الركوع والسجود وما يقول الإمام ومن خلفه الخ ‏"‏ وتعقبه بأن قال‏:‏ لم يدخل فيه حديثا لجواز القراءة ولا منعها‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ هذه الزيادة لم تقع فيما رويناه من نسخ البخاري‏.‏
انتهى‏.‏
وكذلك أقول، وقد تبع ابن المنير ابن بطال، ثم اعتذر عن البخاري بأن قال‏:‏ يحتمل أن يكون وضعها للأمرين فذكر أحدهما وأخلى للآخر بياضا ليذكر فيه ما يناسبه، ثم عرض له مانع فبقيت الترجمة بلا حديث‏.‏
وقال ابن رشيد‏:‏ يحتمل أن يكون ترجم بحديث مشيرا إليه ولم يخرجه لأنه ليس على شرطه لأن في إسناده اضطرابا، وقد أخرجه مسلم من حديث ابن عباس في أثناء حديث، وفي آخره ‏"‏ ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ‏"‏ ثم تعقبه على نفسه بأن ظاهر الترجمة الجواز وظاهر الحديث المنع‏.‏
قال‏:‏ فيحتمل أن يكون معنى الترجمة باب حكم القراءة، وهو أعم من الجواز أو المنع، وقد اختلف السلف في ذلك جوازا ومنعا فلعله كان يرى الجواز لأن حديث النهي لم يصح عنده‏.‏
انتهى ملخصا‏.‏
ومال الزين بن المنير إلى هذا الأخير، لكن حمله على وجه أخص منه فقال‏:‏ لعله أراد أن الحمد في الصلاة لا حجر فيه، وإذا ثبت أنه من مطالبها ظهر تسويغ ذلك في الركوع وغيره بأي لفظ كان، فيدخل في ذلك آيات الحمد كمفتتح الأنعام وغيرها‏.‏
فإن قيل‏:‏ ليس في حديث الباب ذكر ما يقوله المأموم، أجاب ابن رشيد بأنه أشار إلى التذكير بالمقدمات لتكون الأحاديث عند الاستنباط نصب عيني المستنبط، فقد تقدم حديث ‏"‏ إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ وحديث ‏"‏ صلوا كما رأيتموني أصلي‏"‏‏.‏
قال‏:‏ ويمكن أن يكون قاس المأموم على الإمام لكن فيه ضعف‏.‏
قلت‏:‏ وقد ورد في ذلك حديث عن أبي هريرة أيضا أخرجه الدار قطني بلفظ ‏"‏ كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمع الله لمن حمده، قال من وراءه سمع الله لمن حمده ‏"‏ ولكن قال الدار قطني‏:‏ المحفوظ في هذا ‏"‏ فليقل من وراءه ربنا ولك الحمد ‏"‏ وسنذكر الاختلاف في هذه المسألة في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ وَإِذَا قَامَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا قال سمع الله لمن حمده‏)‏ في رواية أبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب ‏"‏ كان إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ‏"‏ ولا منافاة بينهما لأن أحدهما ذكر ما لم يذكره الآخر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏اللهم ربنا‏)‏ ثبت في أكثر الطرق هكذا، وفي بعضها يحذف ‏"‏ اللهم ‏"‏ وثبوتها أرجح، وكلاهما جائز، وفي ثبوتها تكرير النداء كأنه قال يا الله يا ربنا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولك الحمد‏)‏ كذا ثبت زيادة الواو في طرق كثيرة، وفي بعضها كما في الباب الذي يليه بحذفها، قال النووي‏:‏ المختار لا ترجيح لأحدهما على الآخر‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ كأن إثبات الواو دال على معنى زائد، لأنه يكون التقدير مثلا ربنا استجب ولك الحمد، فيشتمل على معنى الدعاء ومعنى الخبر‏.‏
انتهى‏.‏
وهذا بناء على أن الواو عاطفة، وقد تقدم في ‏"‏ باب التكبير إذا قام من السجود ‏"‏ قول من جعلها حالية، وأن الأكثر رجحوا ثبوتها‏.‏
وقال الأثرم‏:‏ سمعت أحمد يثبت الواو في ‏"‏ ربنا ولك الحمد ‏"‏ ويقول‏:‏ ثبت فيه عدة أحاديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا ركع وإذا رفع رأسه‏)‏ أي من السجود، وقد ساق البخاري هذا المتن مختصرا، ورواه أبو يعلى من طريق شبابة وأوله عنده عن أبي هريرة وقال ‏"‏ أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يكبر إذا ركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده قال‏:‏ اللهم ربنا لك الحمد، وكان يكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه وإذا قام من السجدتين ‏"‏ ورواه الإسماعيلي من وجه آخر عن ابن أبي ذئب بلفظ ‏"‏ وإذا قام من الثنتين كبر ‏"‏ ورواه الطيالسي بلفظ ‏"‏ وكان يكبر بين السجدتين ‏"‏ والظاهر أن المراد بالثنتين الركعتان، والمعنى أنه كان يكبر إذا قام إلى الثالثة، ويؤيده الرواية الماضية في ‏"‏ باب التكبير إذا قام من السجود ‏"‏ بلفظ ‏"‏ ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس ‏"‏ وأما رواية الطيالسي فالمراد بها التكبير للسجدة الثانية، وكأن بعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال الله أكبر‏)‏ كذا وقع مغير الأسلوب إذ عبر أولا بلفظ ‏"‏ يكبر ‏"‏ قال الكرماني‏:‏ هو للتفنن أو لإرادة التعميم، لأن التكبير يتناول التعريف ونحوه‏.‏
انتهى‏.‏
والذي يظهر أنه من تصرف الرواة، فإن الروايات التي أشرنا إليها جاءت كلها على أسلوب واحد، ويحتمل أن يكون المراد به تعيين هذا اللفظ دون غيره من ألفاظ التعظيم، وقد تقدم الكلام على بقية فوائده في ‏"‏ باب التكبير إذا قام من السجود ‏"‏ ويأتي الكلام على محل التكبير عند القيام من التشهد الأول بعد بضعة عشر بابا‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل اللهم ربنا لك الحمد‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ولك الحمد ‏"‏ بإثبات الواو، وفيه رد على ابن القيم حيث جزم بأنه لم يرد الجمع بين اللهم والواو في ذلك‏.‏
وثبت لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ عند من عدا أبا ذر والأصيلي، والراجح حذفه كما سيأتي‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا قال الإمام الخ‏)‏ استدل به على أن الإمام لا يقول ‏"‏ ربنا لك الحمد ‏"‏ وعلى أن المأموم لا يقول ‏"‏ سمع الله لمن حمده ‏"‏ لكون ذلك لم يذكر في هذه الرواية كما حكاه الطحاوي، وهو قول مالك وأبي حنيفة، وفيه نظر لأنه ليس فيه ما يدل على النفي، بل فيه أن قول المأموم ربنا لك الحمد يكون عقب قول الإمام سمع الله لمن حمده، والواقع في التصوير ذلك لأن الإمام يقول التسميع في حال انتقاله والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله، فقوله يقع عقب قول الإمام كما في الخبر، وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين كما تقدم من أنه لا يلزم من قوله ‏"‏ إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين ‏"‏ أن الإمام لا يؤمن بعد قوله ولا الضالين، وليس فيه أن الإمام يؤمن كما أنه ليس في هذا أنه يقول ربنا لك الحمد، لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة كما تقدم في التأمين وكما مضى في الباب الذي قبله وفي غيره ويأتي أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسميع والتحميد‏.‏
وأما ما احتجوا به من حيث المعنى من أن معنى سمع الله لمن حمده طلب التحميد فيناسب حال الإمام، وأما المأموم فتناسبه الإجابة بقوله ربنا لك الحمد ويقويه حديث أبي موسى الأشعري عند مسلم وغيره، ففيه ‏"‏ وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم‏.‏
فجوابه أن يقال لا يدل ما ذكرتم على أن الإمام لا يقول ربنا ولك الحمد، إذ لا يمتنع أن يكون طالبا ومجيبا، وهو نظير ما تقدم في مسألة التأمين من أنه لا يلزم من كون الإمام داعيا والمأموم مؤمنا أن لا يكون الإمام مؤمنا، ويقرب منه ما تقدم البحث فيه في الجمع بين الحيعلة والحوقلة لسامع المؤذن، وقضية ذلك أن الإمام يجمعهما وهو قول الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد والجمهور، والأحاديث الصحيحة تشهد له، وزاد الشافعي أن المأموم يجمع بينهما أيضا لكن لم يصح في ذلك شيء ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال إن الشافعي انفرد بذلك لأنه قد نقل في الأشراف عن عطاء وابن سيرين وغيرهما القول بالجمع بينهما للمأموم، وأما المنفرد فحكى الطحاوي وابن عبد البر الإجماع على أنه يجمع بينهما، وجعله الطحاوي حجة لكون الإمام يجمع بينهما للاتفاق على اتحاد حكم الإمام والمنفرد، لكن أشار صاحب الهداية إلى خلاف عندهم في المنفرد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإنه من وافق قوله‏)‏ فيه إشعار بأن الملائكة تقول ما يقول المأمومون، وقد تقدم باقي البحث فيه في ‏"‏ باب التأمين‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:00 PM   #314
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَأُقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ كذا للجميع بغير ترجمة إلا للأصيلي فحذفه، وعليه شرح ابن بطال ومن تبعه، والراجح إثباته كما أن الراجح حذف باب من الذي قبله، وذلك أن الأحاديث المذكورة فيه لا دلالة فيها على فضل اللهم ربنا لك الحمد إلا بتكلف، فالأولى أن يكون بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله كما تقدم في عدة مواضع، وذلك أنه لما قال أولا ‏"‏ باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع ‏"‏ وذكر فيه قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏اللهم ربنا ولك الحمد ‏"‏ استطرد إلى ذكر فضل هذا القول بخصوصه، ثم فصل بلفظ ‏"‏ باب ‏"‏ لتكميل الترجمة الأولى فأورد بقية ما ثبت على شرطه مما يقال في الاعتدال كالقنوت وغيره‏.‏
وقد وجه الزين بن المنير دخول الأحاديث الثلاثة تحت ترجمة فضل ‏"‏ اللهم ربنا لك الحمد ‏"‏ فقال‏:‏ وجه دخول حديث أبي هريرة أن القنوت لما كان مشروعا في الصلاة كالت هي مفتاحه ومقدمته، ولعل ذلك سبب تخصيص القنوت بما بعد ذكرها‏.‏
انتهى‏.‏
ولا يخفى ما فيه من التكلف، وقد تعقب من وجه آخر وهو أن الخبر المذكور في الباب لم يقع فيه قول ‏"‏ ربنا لك الحمد ‏"‏ لكن له أن يقول وقع في هذه الطريق اختصار وهي مذكورة في الأصل، ولم يتعرض لحديث أنس، لكن له أن يقول إنما أورده استطرادا لأجل ذكر المغرب‏.‏
قال‏:‏ وأما حديث رفاعة فظاهر في أن الابتدار الذي تنشأ عنه الفضيلة إنما كان لزيادة قول الرجل، لكن لما كانت الزيادة المذكورة صفة في التحميد جارية مجرى التأكيد له تعين جعل الأصل سببا أو سببا للسبب فثبتت بذلك الفضيلة، والله أعلم‏.‏
وقد ترجم بعضهم له بباب القنوت ولم أره في شيء من روايتنا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ في رواية مسلم من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى ‏"‏ حدثني أبو سلمة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لأقربن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية مسلم المذكورة ‏"‏ لأقربن لكم ‏"‏ وللإسماعيلي ‏"‏ إني لأقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكان أبو هريرة إلى آخره‏)‏ قيل المرفوع من هذا الحديث وجود القنوت لا وقوعه في الصلوات المذكورة فإنه موقوف على أبي هريرة، ويوضحه ما سيأتي في تفسير النساء من رواية شيبان عن يحيى من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء، ولأبي داود من رواية الأوزاعي عن يحيى ‏"‏ قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة شهرا ‏"‏ ونحوه لمسلم، لكن لا ينافي هذا كونه صلى الله عليه وسلم قنت في غير العشاء، والظاهر سياق حديث الباب أن جميعه مرفوع ولعل هذا هو السر في تعقب المصنف له بحديث أنس إشارة إلى أن القنوت في النازلة لا يختص بصلاة معينة، واستشكل التقييد في رواية الأوزاعي بشهر لأن المحفوظ أنه كان في قصة الذين قتلوا أصحاب بئر معونة كما سيأتي في آخر أبواب الوتر، وسيأتي في تفسير آل عمران من رواية الزهري عن أبي سلمة في هذا الحديث أن المراد بالمؤمنين من كان مأسورا بمكة، وبالكافرين قريش، وأن مدته كانت طويلة فيحتمل أن يكون التقييد بشهر في حديث أبي هريرة يتعلق بصفة من الدعاء مخصوصة وهي قوله ‏"‏ اشدد وطأتك على مضر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في الركعة الأخرى‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ الآخرة ‏"‏ وسيأتي بعد باب من رواية الزهري عن أبي سلمة أن ذلك كان بعد الركوع، وسيأتي في تفسير آل عمران بيان الخلاف في مدة الدعاء عليهم والتنبيه على أحوال من سمي منهم‏.‏
وقد اختصر يحيى سياق هذا الحديث عن أبي سلمة وطوله الزهري كما سيأتي بعد باب، وسيأتي في الدعوات بالإسناد الذي ذكره المصنف أتم مما ساقه هنا إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏إسماعيل‏)‏ هو المعروف بابن علية، والإسناد كله بصريون، وعبد الله بن أبي الأسود نسب إلى جد أبيه، واسم أبيه محمد بن حميد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان القنوت‏)‏ أي في أول الأمر، واحتج بهذا على أن قول الصحابي كنا نفعل كذا له حكم الرفع وإن لم يقيده بزمن النبي صلى الله عليه وسلم كما هو قول الحاكم، وقد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث في المسند الصحيح وليس فيه تقييد، وسنذكر اختلاف النقل عن أنس في القنوت في محله من الصلاة وفي أي الصلوات شرع، وهل استمر مطلقا أو مدة معينة أو في حالة دون حالة حيت أورد المصنف بعض ذلك في آخر أبواب الوتر إن شاء الله تعالى‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ مَنْ الْمُتَكَلِّمُ قَالَ أَنَا قَالَ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏المجمر‏)‏ بالخفض وهو صفة لنعيم ولأبيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن علي بن يحيى‏)‏ في رواية ابن خزيمة أن علي بن يحيى حدثه، والإسناد كله مدنيون، وفيه رواية الأكابر عن الأصاغر لأن نعيما أكبر سنا من علي بن يحيى وأقدم سماعا، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق وهم من بين مالك والصحابي، هذا من حيث الرواية وأما من حيث شرف الصحبة فيحيى بن خلاد والد علي مذكور في الصحابة لأنه قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم حنكه لما ولد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فلما رفع رأسه من الركعة قال‏:‏ سمع الله لمن حمده‏)‏ ظاهره أن قول التسميع وقع بعد رفع الرأس من الركوع فيكون من أذكار الاعتدال، وقد مضى في حديث أبي هريرة وغيره ما يدل على أنه ذكر الانتقال وهو المعروف، ويمكن الجمع بينهما بأن معنى قوله ‏"‏ فلما رفع رأسه ‏"‏ أي فلما شرع في رفع رأسه ابتداء القول المذكور وأتمه بعد أن اعتدل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال رجل‏)‏ زاد الكشميهني ‏"‏ وراءه ‏"‏ قال ابن بشكوال‏:‏ هذا الرجل هو رفاعة بن رافع راوي الخبر، ثم استدل على ذلك بما رواه النسائي وغيره عن قتيبة عن رفاعة بن يحيى الزرقي عن عم أبيه معاذ بن رفاعة عن أبيه قال ‏"‏ صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت‏:‏ الحمد لله ‏"‏ الحديث، ونوزع تفسيره به لاختلاف سياق السبب والقصة، والجواب أنه لا تعارض بينهما بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن يكنى عن نفسه لقصد إخفاء عمله، أو كنى عنه لنسيان بعض الرواة لاسمه، وأما ما عدا ذلك من الاختلاف فلا يتضمن إلا زيادة لعل الراوي اختصرها كما سنبينه، وأفاد بشر بن عمر الزهراني في روايته عن رفاعة بن يحيى أن تلك الصلاة كانت المغرب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مباركا فيه‏)‏ زاد رفاعة بن يحيى ‏"‏ مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى ‏"‏ فأما قوله ‏"‏ مباركا عليه ‏"‏ فيحتمل أن يكون تأكيدا وهو الظاهر، وقيل الأول بمعنى الزيادة والثاني بمعنى البقاء، قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏وبارك فيها وقدر فيها أقواتها‏)‏ فهذا يناسب الأرض لأن المقصود به النماء والزيادة لا البقاء لأنه بصدد التغير‏.‏
وقال تعالى ‏(‏وباركنا عليه وعلى إسحاق‏)‏ فهذا يناسب الأنبياء لأن البركة باقية لهم، ولما كان الحمد يناسبه المعنيان جمعهما، كذا قرره بعض الشراح ولا يخفى ما فيه‏.‏
وأما قوله كما يحب ربنا ويرضى ففيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من المتكلم‏)‏ زاد رفاعة بن يحيى في الصلاة ‏"‏ فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثانية فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة فقال رفاعة بن رافع‏:‏ أنا‏.‏
قال‏:‏ كيف قلت‏؟‏ فذكره‏.‏
فقال‏:‏ والذي نفسي بيده ‏"‏ الحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بضعة وثلاثين‏)‏ فيه رد على من زعم كالجوهري أن البضع يختص بما دون العشرين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أيهم يكتبها أول‏)‏ في رواية رفاعة بن يحيى المذكورة ‏"‏ أيهم يصعد بها أول ‏"‏ وللطبراني من حديث أبي أيوب ‏"‏ أيهم يرفعها ‏"‏ قال السهيلي روى أول بالضم على البناء لأنه ظرف قطع من الإضافة، وبالنصب على الحال‏.‏
انتهى‏.‏
وأما ‏"‏ أيهم ‏"‏ فرويناه بالرفع وهو مبتدأ وخبره يكتبها، قاله الطيبي وغيره تبعا لأبي البقاء في إعراب قوله تعالى ‏(‏يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم‏)‏ قال‏:‏ وهو في موضع نصب، والعامل فيه ما دل عليه ‏(‏يلقون‏)‏ وأي استفهامية، والتقدير مقول فيهم أيهم يكتبها، ويجوز في أيهم النصب بأن يقدر المحذوف فينظرون أيهم، وعند سيبويه أي موصولة، والتقدير يبتدرون الذي هو يكتبها أول، وأنكر جماعة من البصريين ذلك، ولا تعارض بين روايتي يكتبها ويصعد بها لأنه يحمل على أنهم يكتبونها ثم يصعدون بها، والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة، ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ‏"‏ الحديث‏.‏
واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة، وقد استشكل تأخير رفاعة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حين كرر سؤاله ثلاثا مع أن إجابته واجبة عليه، بل وعلى كل من سمع رفاعة، فإنه لم يسأل المتكلم وحده‏.‏
وأجيب بأنه لما لم يعين واحدا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه، فكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب، وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنا منهم أنه أخطأ فيما فعل، ورجوا أن يقع العفو عنه‏.‏
وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسا، ويدل على ذلك أن في رواية سعيد بن عبد الجبار عن رفاعة بن يحيى عند ابن قانع قال رفاعة ‏"‏ فوددت أني خرجت من مالي وأني لم أشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة‏"‏‏.‏
ولأبي داود من حديث عامر بن ربيعة قال ‏"‏ من القائل الكلمة‏؟‏ فإنه لم يقل بأسا‏.‏
فقال‏:‏‏:‏ أنا قلتها، لم أرد بها إلا خيرا ‏"‏ وللطبراني من حديث أبي أيوب ‏"‏ فسكت الرجل ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء كرهه‏.‏
فقال‏:‏ من هو‏؟‏ فإنه لم يقل إلا صوابا‏.‏
فقال الرجل‏:‏ أنا يا رسول الله قلتها، أرجو بها الخير ‏"‏ ويحتمل أيضا أن يكون المصلون لم يعرفوه بعينه إما لإقبالهم على صلاتهم وإما لكونه في آخر الصفوف فلا يرد السؤال في حقهم، والعذر عنه هو ما قدمناه، والحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم له عمن قال أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله‏.‏
واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان مخالف للمأثور، وعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على من معه، وعلى أن العاطس في الصلاة يحمد الله بغير كراهة، وأن المتلبس بالصلاة لا يتعين عليه تشميت العاطس وعلى تطويل الاعتدال بالذكر كما سيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده‏.‏
واستنبط منه ابن بطال جواز رفع الصوت بالتبليغ خلف الإمام، وتعقبه الزين بن المنير بأن سماعه صلى الله عليه وسلم لصوت الرجل لا يستلزم الرجل رفعه لصوته كرفع صوت المبلغ، وفي هذا التعقب نظر، لأن غرض ابن بطال إثبات جواز الرفع في الجملة، وقد سبقه إليه ابن عبد البر واستدل له بإجماعهم على أن الكلام الأجنبي يبطل عمده الصلاة ولو كان سرا، قال‏:‏ وكذلك الكلام المشروع في الصلاة لا يبطلها ولو كان جهرا‏.‏
وقد تقدم الكلام على مسألة المبلغ في ‏"‏ باب من أسمع الناس تكبير الإمام‏"‏‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قيل الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، فإن البضع مع الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفا، ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهي قوله ‏"‏ مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضي ‏"‏ بناء على أن القصة واحدة‏.‏
ويمكن أن يقال‏:‏ المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله ‏"‏ حمدا كثيرا الخ ‏"‏ دون قوله ‏"‏ مباركا عليه ‏"‏ فإنه كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفا، وأما ما وقع عند مسلم من حديث أنس ‏"‏ لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها ‏"‏ وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني ‏"‏ ثلاثة عشر ‏"‏ فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها أيضا في سياق حديث الباب لكن على اصطلاح النحاة، والله أعلم‏.‏


حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:01 PM   #315
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الطُّمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ
وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الاطمأنينة‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ الطمأنينة ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليها في ‏"‏ باب استواء الظهر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو حميد‏)‏ يأتي موصولا مطولا في ‏"‏ باب سنة الجلوس في التشهد‏"‏‏.‏
وقوله ‏"‏رفع ‏"‏ أي من الركوع ‏"‏ فاستوى ‏"‏ أي قائما كما سيأتي بيانه هناك، وهو ظاهر فيما ترجم له‏.‏
ووقع في رواية كريمة ‏"‏ جالسا ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ فاستوى ‏"‏ فإن كان محفوظا حمل على أنه عبر عن السكون بالجلوس وفيه بعد، أو لعل المصنف أراد إلحاق الاعتدال بالجلوس بين السجدتين بجامع كون كل منهما غير مقصود لذاته فيطابق الترجمة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُصَلِّي وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِيَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏ينعت‏)‏ بفتح المهملة، أي يصف‏.‏
وهذا الحديث ساقه شعبة عن ثابت مختصرا، ورواه عنه حماد بن زيد مطولا كما سيأتي في ‏"‏ باب المكث بين السجدتين ‏"‏ فقال في أوله ‏"‏ عن أنس قال‏:‏ إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ‏"‏ فصرح بوصف أنس لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل، وقوله ‏"‏لا آلو ‏"‏ بهمزة ممدودة بعد حرف النفي ولام مضمومة بعدها واو خفيفة أي لا أقصر‏.‏
وزاد حماد بن زيد أيضا ‏"‏ قال ثابت‏:‏ فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه ‏"‏ وفيه إشعار بأنهم كانوا يخلون بتطويل الاعتدال، وقد تقدم حديث أنس وإنكاره عليهم في أمر الصلاة في أبواب المواقيت وقوله ‏"‏ حتى نقول ‏"‏ بالنصب‏.‏
وقوله ‏"‏قد نسي ‏"‏ أي نسي وجوب الهوي إلى السجود قاله الكرماني، ويحتمل أن يكون المراد أنه نسي أنه في صلاة، أو ظن أنه وقت القنوت حيث كان معتدلا أو وقت التشهد حيث كان جالسا‏.‏
ووقع عند الإسماعيلي من طريق غندر عن شعبة ‏"‏ قلنا قد نسي من طول القيام ‏"‏ أي لأجل طول قيامه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ
الشرح‏:‏
حديث البراء تقدم التنبيه عليه في ‏"‏ باب استواء الظهر‏"‏‏.‏
وقوله ‏"‏قريبا من السواء ‏"‏ فيه إشعار بأن فيها تفاوتا لكنه لم يعينه، وهو دال على الطمأنينة في الاعتدال وبين السجدتين لما علم من عادته من تطويل الركوع والسجود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وإذا رفع‏)‏ أي ورفعه إذا رفع، وكذا قوله ‏"‏ وبين السجدتين ‏"‏ أي وجلوسه بين السجدتين، والمراد أن زمان ركوعه وسجوده واعتداله وجلوسه متقارب، ولم يقع في هذه الطريق الاستثناء الذي مر في ‏"‏ باب استواء الظهر ‏"‏ وهو قوله ‏"‏ ما خلا القيام والقعود ‏"‏ ووقع في رواية لمسلم ‏"‏ فوجدت قيامه فركعته فاعتداله ‏"‏ الحديث، وحكى ابن دقيق العيد عن بعض العلماء أنه نسب هذه الرواية إلى الوهم ثم استبعده لأن توهيم الراوي الثقة على خلاف الأصل، ثم قال في آخر كلامه‏:‏ فلينظر ذلك من الروايات ويحقق الاتحاد أو الاختلاف من مخارج الحديث ا ه‏.‏
وقد جمعت طرقه فوجدت مداره على ابن أبي ليلى عن البراء، لكن الرواية التي فيها زيادة ذكر القيام من طريق هلال بن أبي حميد عنه، ولم يذكره الحكم عنه وليس بينهما اختلاف في سوى ذلك، إلا ما زاده بعض الرواة عن شعبة عن الحكم من قوله ‏"‏ ما خلا القيام والقعود ‏"‏ وإذا جمع بين الروايتين ظهر من الأخذ بالزيادة فيهما أن المراد بالقيام المستثنى القيام للقراءة، وكذا القعود والمراد به القعود للتشهد كما تقدم، قال ابن دقيق العيد‏:‏ هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل، وحديث أنس يعني الذي قبله أصرح في الدلالة على ذلك، بل هو نص فيه فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم‏:‏ لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود‏.‏
ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد، وأيضا فالذكر المشروع في الاعتدال أطول من الذكر المشروع في الركوع، فتكرير سبحان ربي العظيم ثلاثا يجيء قدر قوله اللهم ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وقد شرع في الاعتدال ذكر أطول كما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس بعد قوله حمدا كثيرا طيبا ‏"‏ ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ‏"‏ زاد في حديث ابن أبي أوفى ‏"‏ اللهم طهرني بالثلج الخ ‏"‏ وزاد في حديث الآخرين ‏"‏ أهل الثناء والمجد الخ ‏"‏ وقد تقدم في الحديث الذي قبله ترك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على من زاد في الاعتدال ذكرا غير مأثور، ومن ثم اختار النووي جواز تطويل الركن القصير بالذكر خلافا للمرجح في المذهب، واستدل لذلك أيضا بحديث حذيفة في مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة بالبقرة أو غيرها ثم ركع نحوا مما قرأ ثم قام بعد أن قال ‏"‏ ربنا لك الحمد ‏"‏ قياما طويلا قريبا مما ركع‏.‏
قال النووي‏:‏ الجواب عن هذا الحديث صعب، والأقوى جواز الإطالة بالذكر ا ه‏.‏
وقد أشار الشافعي في الأم إلى عدم البطلان فقال في ترجمة ‏"‏ كيف القيام من الركوع ‏"‏‏:‏ ولو أطال القيام بذكر الله أو يدعو أو ساهيا وهو لا ينوي به القنوت كرهت له ذلك ولا إعادة، إلى آخر كلامه في ذلك‏.‏
فالعجب ممن يصحح مع هذا بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال، وتوجيههم ذلك أنه إذا أطيل انتفت الموالاة معترض بأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان بما ليس منها، وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونه منها، والله أعلم‏.‏
وأجاب بعضهم عن حديث البراء أن المراد بقوله ‏"‏ قريبا من السواء ‏"‏ ليس أنه كان يركع بقدر قيامه وكذا السجود والاعتدال بل المراد أن صلاته كانت قريبا معتدلة فكان إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان وإذا أخفها أخف بقية الأركان، فقد ثبت أنه قرأ في الصبح بالصافات وثبت في السنن عن أنس أنهم حزروا في السجود قدر عشر تسبيحات فيحمل على أنه قرأ بدون الصافات اقتصر على دون العشر، وأقله كما ورد في السنن أيضا ثلاث تسبيحات‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَقَامَ فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَبَ هُنَيَّةً قَالَ فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِي بُرَيْدٍ وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا ثُمَّ نَهَضَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان مالك بن الحويرث‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ قام ‏"‏ والأول يشعر بتكرير ذلك منه وقد تقدم بعض الكلام عليه في ‏"‏ باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم ‏"‏ ويأتي بقية الكلام عليه في ‏"‏ باب المكث بين السجدتين‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأنصت‏)‏ في رواية الكشميهني بهمزة مقطوعة وآخره مثناة خفيفة‏.‏
وللباقين بألف موصولة وآخره موحدة مشددة، وحكى ابن التين أن بعضهم ضبطه بالمثناة المشددة بدل الموحدة، ووجهه بأن أصله انصوت فأبدل من الواو تاء ثم أدغمت إحدى التاءين في الأخرى، وقياس إعلاله إنصات تحركت الواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا، قال‏:‏ ومعنى إنصات استوت قامته بعد الانحناء كأنه أقبل شبابه، قال الشاعر‏:‏ وعمرو بن دهمان الهنيدة عاشها وتسعين عاما ثم قوم فأنصاتا وعاد سواد الرأس بعد ابيضاضه وعاوده شرخ الشباب الذي فاتا ا ه‏.‏
وعرف بهذا أن من نقل عن ابن التين - وهو السفاقسي - أنه ضبطه بتشديد الموحدة فقد صحف، ومعنى رواية الكشميهني أنصت أي سكت فلم يكبر للهوي في الحال، قال بعضهم‏:‏ وفيه نظر، والأوجه أن يقال هو كناية عن سكون أعضائه، عبر عن عدم حركتها بالإنصات وذلك دال على الطمأنينة‏.‏
وأما الرواية المشهورة بالموحدة المشددة الفعل من الصب كأنه كنى عن رجوع أعضائه عن الانحناء إلى القيام بالانصباب، ووقع عند الإسماعيلي ‏"‏ فانتصب قائما ‏"‏ وهي أوضح من الجميع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هنية‏)‏ أي قليلا، وقد تقدم ضبطها في ‏"‏ باب ما يقول بعد التكبير‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صلاة شيخنا هذا أبي يزيد‏)‏ هو عمرو بن سلمة الجرمي، واختلف في ضبط كنيته، ووقع هنا للأكثر بالتحتانية والزاي، وعند الحموي وكريمة بالموحدة والراء مصغرا وكذا ضبطه مسلم في الكنى‏.‏
وقال عبد الغني بن سعيد لم أسمعه من أحد إلا بالزاي لكن مسلم أعلم، والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:02 PM   #316
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ
وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يهوي بالتكبير حين يسجد‏)‏ قال ابن التين‏:‏ رويناه بالفتح وضبطه بعضهم بالضم والفتح أرجح، ووقع في روايتنا بالوجهين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان ابن عمر الخ‏)‏ وصله ابن خزيمة والطحاوي وغيرهما من طريق عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله عن عمر عن نافع بهذا وزاد في آخره ‏"‏ ويقول‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ‏"‏ قال البيهقي‏:‏ كذا رواه عبد العزيز ولا أراه إلا وهما، يعني رفعه‏.‏
قال‏:‏ والمحفوظ ما اخترنا‏.‏
ثم أخرج من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ إذا سجد أحدكم فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما ‏"‏ اه‏.‏
ولقائل أن يقول‏:‏ هذا الموقوف غير المرفوع، فإن الأول في تقديم وضع اليدين على الركبتين والثاني في إثبات وضع اليدين في الجملة‏.‏
واستشكل إيراد هذا الأثر في هذه الترجمة، وأجاب الزين بن المنير بما حاصله‏:‏ أنه لما ذكر صفة الهوي إلى السجود القولية أردفها بصفته الفعلية‏.‏
وقال أخوه‏:‏ أراد بالترجمة وصف حال الهوي من فعال ومقال ا ه‏.‏
والذي يظهر أن أثر ابن عمر من جملة الترجمة، فهو مترجم به لا مترجم له، والترجمة قد تكون مفسرة لمجمل الحديث وهذا منها، وهذه من المسائل المختلف فيها‏.‏
قال مالك‏:‏ هذه الصفة أحسن في خشوع الصلاة، وبه قال الأوزاعي، وفيه حديث عن أبي هريرة رواه أصحاب السنن، وعورض بحديث عنه أخرجه الطحاوي، وقد روى الأثرم حديث أبي هريرة ‏"‏ إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل، ولكن إسناده ضعيف‏.‏
وعند الحنفية والشافعية الأفضل أن يضع ركبتيه ثم يديه، وفيه حديث في السنن أيضا عن واثل بن حجر قال الخطابي‏:‏ هذا أصح من حديث أبي هريرة، ومن ثم قال النووي‏:‏ لا يظهر ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السنة ا ه‏.‏
وعن مالك وأحمد رواية بالتخيير، وادعى ابن خزيمة أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث سعد قال ‏"‏ كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين ‏"‏ وهذا لو صح لكان قاطعا للنزاع، لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه وهما ضعيفان‏.‏
وقال الطحاوي‏:‏ مقتضى تأخير وضع الرأس عنهما في الانحطاط ورفعه قبلهما أن يتأخر وضع اليدين عن الركبتين لاتفاقهم على تقديم اليدين عليهما في الرفع‏.‏
وأبدى الزين بن المنير لتقديم اليدين مناسبة وهي أن يلقى الأرض عن جبهته ويعتصم بتقديمهما على إيلام ركبتيه إذا جثا عليهما، والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الِاثْنَتَيْنِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلَاتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏أن أبا هريرة كان يكبر‏)‏ زاد النسائي من طريق يونس عن الزهري ‏"‏ حين استخلفه مروان على المدينة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يقول‏:‏ الله أكبر حين يهوي ساجدا‏)‏ فيه أن التكبير ذكر الهوي، فيبتدئ به من حين يشرع في الهوي بعد الاعتدال إلى حين يتمكن ساجدا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين‏)‏ فيه أنه يشرع في التكبير من حين ابتداء القيام إلى الثالثة بعد التشهد الأول، خلافا لمن قال إنه لا يكبر حتى يستوي قائما، وسيأتي في باب مفرد بعد بضعة عشر بابا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إن كانت هذه لصلاته‏)‏ قال أبو داود‏:‏ هذا الكلام يؤيد رواية مالك وغيره عن الزهري عن علي بن حسين، يعني مرسلا‏.‏
قلت‏:‏ وكذا أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن الزهري، لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون الزهري رواه أيضا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وغيره عن أبي هريرة، ويؤيد ذلك ما تقدم في ‏"‏ باب التكبير إذا قام من السجود ‏"‏ من طريق عقيل عن الزهري فإنه صريح في أن الصفة المذكورة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
الحديث‏:‏
قَالَا وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏قالا‏)‏ يعني أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا سلمة المذكورين، وهو موصول بالإسناد المذكور إليهما، والكلام على المتن المذكور يأتي في تفسير آل عمران إن شاء الله تعالى، وإنما ذكره هنا استطرادا‏.‏
وقد أورده مختصرا في الباب الذي ذكر فيه ما يقول في الاعتدال، واستدل به على أن محل القنوت بعد الرفع من الركوع، وعلى أن تسمية الرجال بأسمائهم فيما يدعى لهم وعليهم لا تفسد الصلاة‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَقَعَدْنَا وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً صَلَّيْنَا قُعُودًا فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا قَالَ سُفْيَانُ كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَقَدْ حَفِظَ كَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَكَ الْحَمْدُ حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِيِّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَجُحِشَ سَاقُهُ الْأَيْمَنُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن فرس وربما قال سفيان - وهو ابن عيينة - من فرس‏)‏ فيه إشعار بتثبت علي بن عبد الله ومحافظته على الإتيان بألفاظ الحديث، وقد تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ وأن قوله ‏"‏ جحش ‏"‏ أي خدش، ووقع في قصر الصلاة عن أبي نعيم عن ابن عيينة بلفظ ‏"‏ فجحش أو خدش ‏"‏ على الشك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كذا جاء به معمر‏)‏ القائل هو سفيان، والمقول له علي، وهمزة الاستفهام قبل كذا مقدرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلت نعم‏)‏ كأن مستند علي في ذلك رواية عبد الرزاق عن معمر فإنه من مشايخه، بخلاف معمر فإنه لم يدركه، وإنما يروى عنه بواسطة‏.‏
وكلام الكرماني يوهم خلاف ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال لقد حفظ‏)‏ أي حفظا جيدا، وفيه إشعار بقوة حفظ سفيان بحيث يستجيد حفظ معمر إذا وافقه، وقوله ‏"‏كذا قال الزهري ولك الحمد ‏"‏ فيه إشارة إلى أن بعض أصحاب الزهري لم يذكر الواو في ‏"‏ ولك الحمد ‏"‏ وقد وقع ذلك في رواية الليث وغيره عن الزهري كما تقدم في ‏"‏ باب إيجاب التكبير‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حفظت‏)‏ في رواية ابن عساكر ‏"‏ وحفظت ‏"‏ بزيادة واو وهي أوضح، وقوله ‏"‏من شقه الأيمن الخ ‏"‏ فيه إشارة إلى ما ذكرناه من جودة ضبط سفيان، لأن ابن جريج سمعه معهم من الزهري بلفظ ‏"‏ شقه ‏"‏ فحدث به عن الزهري بلفظ ‏"‏ ساقه ‏"‏ وهي أخص من شقه، لكن هذا محمول على أن ابن جريج عرف من الزهري في وقت آخر أن الذي خدش هو ساقه لبعد أن يكون نسي هذه الكلمة في هذه المدة اليسيرة، وقد قدمنا الدلالة على ذلك في ‏"‏ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به ‏"‏ وقوله ‏"‏ وأنا عنده ‏"‏ قال الكرماني‏:‏ هو معطوف على مقدار أو جملة حالية من فاعل قال مقدرا، إذ تقديره قال الزهري وأنا عنده؛ ويحتمل أن يكون هو مقول سفيان، والضمير لابن جريج‏.‏
قلت‏:‏ وهذا أقرب إلى الصواب، ومقول ابن جريج هو ‏"‏ فجحش الخ ‏"‏ والله أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب فَضْلِ السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل السجود‏)‏ أورد فيه حديث أبي هريرة في صفة البعث والشفاعة، والمقصود منه هنا قوله ‏"‏ وحرم الله على النار أن تأكل آثار السجود ‏"‏ وقد ورده بتمامه أيضا في أبواب صفة الجنة والنار من كتاب الرقاق ويأتي الكلام عليه هناك مستوفى إن شاء الله تعالى، مع ذكر اختلاف ألفاظ رواته‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا
قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ
وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَقُولُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ
ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَقُولُ فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَهُ فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُولُ اللَّهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْلَهُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ
الشرح‏:‏
اختلف في المراد بقوله ‏"‏ آثار السجود ‏"‏ فقيل هي الأعضاء السبعة الآتي ذكرها في حديث ابن عباس قريبا وهذا هو الظاهر‏.‏
وقال عياض‏:‏ المراد الجبهة خاصة، ويؤيده ما في رواية مسلم من وجه آخر ‏"‏ أن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم ‏"‏ فإن ظاهر هذه الرواية يخص العموم الذي في الأولى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:03 PM   #317
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يبدي ضبعيه‏)‏ بفتح المعجمة وسكون الموحدة تثنية ضبع وهو وسط العضد من داخل وقيل هو لحمه تحت الإبط‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن جعفر‏)‏ هو ابن ربيعة، وابن هرمز هو عبد الرحمن الأعرج، والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرج بين يديه‏)‏ أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها، قال القرطبي‏:‏ الحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده عن وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته، ولا يتأذى بملاقاة الأرض‏.‏
وقال غيره‏:‏ هو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان‏.‏
وقال ناصر الدين بن المنير في الحاشية‏:‏ الحكمة فيه أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد، ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض في سجوده، وهذا ضد ما ورد في الصفوف من التصاق بعضهم ببعض لأن المقصود هناك إظهار الاتحاد بين المصلين حتى كأنهم جسد واحد، وروى الطبراني وغيره من حديث ابن عمر بإسناد صحيح أنه قال‏:‏ ‏"‏ لا تفترش افتراش السبع، وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك، فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك‏"‏، ولمسلم من حديث عائشة ‏"‏ نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع ‏"‏ وأخرج الترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن أرقم ‏"‏ صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أنظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد‏"‏، ولابن خزيمة عن أبي هريرة رفعه ‏"‏ إذا سجد أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب، وليضم فخذيه‏"‏، وللحاكم من حديث ابن عباس نحو حديث عبد الله بن أرقم، وعنه عند الحاكم ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يرى وضح إبطيه ‏"‏ وله من حديثه ولمسلم من حديث البراء رفعه ‏"‏ إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك ‏"‏ وهذه الأحاديث - مع حديث ميمونة عند مسلم ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يجافي يديه، فلو أن بهيمة أرادت أن تمر لمرت ‏"‏ مع حديث ابن بحينة المعلق هنا - ظاهرها وجوب التفريج المذكور، لكن أخرج أبو داود ما يدل على أنه للاستحباب وهو حديث أبي هريرة ‏"‏ شكا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا، فقال‏:‏ استعينوا بالركب ‏"‏ وترجم له ‏"‏ الرخصة في ذلك ‏"‏ أي في ترك التفريج، قال ابن عجلان أحد رواته‏:‏ وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيا، وقد أخرج الترمذي الحديث المذكور ولم يقع في روايته ‏"‏ إذا انفرجوا ‏"‏ فترجم له ‏"‏ ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود ‏"‏ فجعل محل الاستعانة بالركب لمن يرفع من السجود طالبا للقيام، واللفظ محتمل ما قال، لكن الزيادة التي أخرجها أبو داود تعين المراد‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ فيه دليل على أنه لم يكن عليه قميص لانكشاف إبطيه، وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام، وقد روى الترمذي في ‏"‏ الشمائل ‏"‏ عن أم سلمة قالت ‏"‏ كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص ‏"‏ أو أراد الراوي أن موضع بياضهما لو لم يكن عليه ثوب لرئي قاله القرطبي، واستدل به على أن إبطيه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهما شعر، وفيه نظر فقد حكى المحب الطبري في الاستسقاء من الأحكام له أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره، واستدل بإطلاقه على استحباب التفريج في الركوع أيضا، وفيه نظر لأن في رواية قتيبة عن بكر بن مضر التقييد بالسجود، وأخرجه المصنف في المناقب، والمطلق إذا استعمل في صورة اكتفي بها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة نحوه‏)‏ وصله مسلم من طريقه بلفظ ‏"‏ كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ تقدم قبيل أبواب القبلة أنه وقع في كثير من النسخ وقوع هاتين الترجمتين هذه والتي بعدها هناك وأعيدا هنا وأن الصواب إثباتهما هنا، وذكرنا توجيه ذلك بما يغني عن إعادته‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ
قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب يستقبل القبلة بأطراف رجليه قاله أبو حميد‏)‏ يأتي موصولا في ‏"‏ باب سنة الجلوس في التشهد ‏"‏ قريبا وأنه ورد في صفة السجود ‏"‏ قال الزين بن المنير‏:‏ المراد أن يجعل قدميه قائمتين على بطون أصابعهما وعقباه مرتفعان فيستقبل بظهور قدميه القبلة، قال أخوه‏:‏ ومن ثم ندب ضم الأصابع في السجود لأنها لو تفرجت انحرفت رءوس بعضها عن القبلة‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:06 PM   #318
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يتم سجوده‏)‏ أورد فيه حديث حذيفة وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في ‏"‏ باب إذا لم يتم الركوع‏"‏‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السجود على سبعة أعظم‏)‏ لفظ المتن الذي أورده في هذا الباب ‏"‏ على سبعة أعضاء ‏"‏ لكنه أشار بذلك إلى لفظ الرواية الأخرى، وقد أوردها من وجه آخر في الباب الذي يليه، قال ابن دقيق العيد‏:‏ يسمى كل واحد عظما باعتبار الجملة وإن اشتمل كل واحد على عظام، ويجوز أن يكون من باب تسمية الجملة باسم بعضها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلَا يَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أمر النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو بضم الهمزة في جميع الروايات بالبناء لما لم يسم فاعله، والمراد به الله جل جلاله، قال البيضاوي‏:‏ عرف ذلك بالعرف، وذلك يقتضي الوجوب، قيل‏:‏ وفيه نظر لأنه ليس فيه صيغة أفعل‏.‏
ولما كان هذا السياق يحتمل الخصوصية عقبة المصنف بلفظ آخر دال على أنه لعموم الأمة، وهو من رواية شعبة عن عمرو بن دينار أيضا بلفظ ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أمرنا ‏"‏ وعرف بهذا أن ابن عباس تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم إما سماعا منه وإما بلاغا عنه، وقد أخرجه مسلم من حديث العباس بن عبد المطلب بلفظ ‏"‏ إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب ‏"‏ الحديث، وهذا يرجح أن النون في أمرنا نون الجمع، والآراب بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانيه وهو العضو، ويحتمل أن يكون ابن عباس تلقاه عن أبيه رضي الله عنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولا يكف شعرا ولا ثوبا‏)‏ جملة معترضة بين المجمل وهو قوله ‏"‏ سبعة أعضاء ‏"‏ والمفسر وهو قوله ‏"‏ الجبهة الخ ‏"‏ وذكره بعد باب من وجه آخر بلفظ ‏"‏ ولا نكفت الثياب والشعر، والكفت بمثناة في آخره هو الضم وهو بمعنى الكف‏.‏
والمراد أنه لا يجمع ثيابه ولا شعره، وظاهره يقتضي أن النهي عنه في حال الصلاة، وإليه جنح الداودي، وترجم المصنف بعد قليل ‏"‏ باب لا يكف ثوبه في الصلاة ‏"‏ وهي تؤيد ذلك، ورده عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور، فإنهم كرهوا ذلك للمصلي سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخل فيها، واتفقوا على أنه لا يفسد الصلاة، لكن حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة، قيل‏:‏ والحكمة في ذلك أنه إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الجبهة‏)‏ زاد في رواية ابن طاوس عن أبيه في الباب الذي يليه ‏"‏ وأشار بيده على أنفه ‏"‏ كأنه ضمن ‏"‏ أشار ‏"‏ معنى أمر بتشديد الراء فلذلك عداه بعلى دون إلى، ووقع في العمدة بلفظ ‏"‏ إلى ‏"‏ وهي في بعض النسخ من رواية كريمة وعند النسائي من طريق سفيان بن عيينة عن ابن طاوس فذكر هذا الحديث وقال في آخره ‏"‏ قال ابن طاوس‏:‏ ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال‏:‏ هذا واحد ‏"‏ فهذه رواية مفسرة، قال القرطبي‏:‏ هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع‏.‏
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ قيل معناه أنهما جعلا كعضو واحد وإلا لكانت الأعضاء ثمانية، قال‏:‏ وفيه نظر لأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف كما يكتفي بالسجود على بعض الجبهة، وقد احتج بهذا لأبي حنيفة في الاكتفاء بالسجود على الأنف، قال‏:‏ والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد، فذاك في التسمية والعبارة لا في الحكم الذي دل عليه الأمر، وأيضا فإن الإشارة قد لا تعين المشار إليه فإنها إنما تتعلق بالجبهة لأجل العبادة، فإذا تقارب ما في الجبهة أمكن أن لا يعين المشار إليه يقينا، وأما العبارة فإنها معينة لما وضعت له فتقديمه أولى‏.‏
انتهى‏.‏
وما ذكره من جواز الاقتصار على بعض الجبهة قال به كثير من الشافعية، وكأنه أخذ من قول الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏ أن الاقتصار على بعض الجبهة يكره، وقد ألزمهم بعض الحنفية بما تقدم، ونقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الأنف وحده، وذهب الجمهور إلى أنه يجزئ على الجبهة وحدها، وعن الأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية وغيرهم يجب أن يجمعهما وهو قول للشافعي أيضا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واليدين‏)‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ المراد بهما الكفان لئلا يدخل تحت المنهي عنه من افتراش السبع والكلب‏.‏
انتهى‏.‏
ووقع بلفظ ‏"‏ الكفين ‏"‏ في رواية حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عند مسلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والرجلين‏)‏ في رواية ابن طاوس المذكورة ‏"‏ وأطراف القدمين ‏"‏ وهو مبين للمراد من الرجلين، وقد تقدمت كيفية السجود عليهما قبل بباب، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ظاهره يدل على وجوب السجود على هذه الأعضاء‏.‏
واحتج بعض الشافعية على أن الواجب الجبهة دون غيرها بحديث المسيء صلاته حيث قال فيه ‏"‏ ويمكن جبهته ‏"‏ قال‏:‏ وهذا غايته أنه مفهوم لقب، والمنطوق مقدم عليه، وليس هو من باب تخصيص العموم‏.‏
قال‏:‏ وأضعف من هذا استدلالهم بحديث ‏"‏ سجد وجهي ‏"‏ فإنه لا يلزم من إضافة السجود إلى الوجه انحصار السجود فيه، وأضعف منه قولهم إن مسمى السجود يحصل بوضع الجبهة لأن هذا الحديث يدل على إثبات زيادة على المسمى وأضعف منه المعارضة بقياس شبهي كأن يقال‏:‏ أعضاء لا يجب كشفها فلا يجب وضعها‏.‏
قال‏:‏ وظاهر الحديث أنه لا يجب كشف شيء من هذه الأعضاء لأن مسمى السجود يحصل بوضعها دون كشفها، ولم يختلف في أن كشف الركبتين غير واجب لما يحذر فيه من كشف العورة، وأما عدم وجوب كشف القدمين فلدليل لطيف وهو أن الشارع وقت المسح على الخف بمدة تقع فيها الصلاة بالخف، فلو وجب كشف القدمين لوجب نزع الخف المقتضي لنقض الطهارة فتبطل الصلاة‏.‏
انتهى‏.‏
وفيه نظر فللمخالف أن يقول‏:‏ يخص لابس الخف لأجل الرخصة‏.‏
وأما كشف اليدين فقد تقدم البحث فيه في ‏"‏ باب السجود على الثوب في شدة الحر ‏"‏ قبيل أبواب استقبال القبلة، وفيه أثر الحسن في نقله عن الصحابة ترك الكشف، ثم أورد المصنف حديث البراء في الركوع، وقد تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب متى يسجد من خلف الإمام ‏"‏ ومراده منه هنا قوله في آخره ‏"‏ حتى يضع جبهته على الأرض ‏"‏ قال الكرماني‏:‏ ومناسبته للترجمة من حيث أن العادة أن وضع الجبهة إنما هو باستعانة الأعظم الستة غالبا‏.‏
انتهى‏.‏
والذي يظهر في مراده أن الأحاديث الواردة بالاقتصار على الجبهة كهذا الحديث لا تعارض الحديث المنصوص فيه على الأعضاء السبعة، بل الاقتصار على ذكر الجبهة إما لكونها أشرف الأعضاء المذكورة أو أشهرها في تحصيل هذا الركن، فليس فيه ما ينفي الزيادة التي في غيره‏.‏
وقيل‏:‏ أراد أن يبين أن الأمر بالجبهة للوجوب وغيرها للندب، ولهذا اقتصر على ذكرها في كثير من الأحاديث، والأول أليق بتصرفه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:07 PM   #319
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السجود على الأنف‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس من جهة وهيب وهو ابن خالد
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ
الشرح‏:‏
‏(‏عن عبد الله بن طاوس عن أبيه‏)‏ وقد أسلفنا الكلام عليه قبل‏.‏
قوله فيه ‏(‏على سبعة أعظم، على الجبهة‏)‏ قال الكرماني‏:‏ ‏"‏ على ‏"‏ الثانية بدل من الأولى التي في حكم الطرح، أو الأولى متعلقة بنحو حاصلا أي اسجد على الجبهة حال كون السجود على سبعة أعضاء‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَالسُّجُودِ عَلَى الطِّينِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب السجود على الأنف في الطين‏)‏ كذا للأكثر، وللمستملي ‏"‏ السجود على الأنف والسجود على الطين ‏"‏ والأول أنسب لئلا يلزم التكرار، وهذه الترجمة أخص من التي قبلها، وكأنه يشير إلى تأكد أمر السجود على الأنف بأنه لم يترك مع وجود عذر الطين الذي أثر فيه، ولا حجة فيه لمن استدل به على جواز الاكتفاء بالأنف لأن في سياقه أنه سجد على جبهته وأرنبته، فوضح أنه إنما قصد بالترجمة ما قدمناه وهو دال على وجوب السجود عليهما ولولا ذلك لصانهما عن لوث الطين، قاله الخطابي، وفيه نظر‏:‏ وفيه استحباب ترك الإسراع إلى إزالة ما يصيب جبهة الساجد من غبار الأرض ونحوه، وسنذكر بقية مباحث الحديث المذكور في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب عَقْدِ الثِّيَابِ وَشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِذَا خَافَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب عقد الثياب وشدها، ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته‏)‏ كأنه يشير إلى أن النهي الوارد عن كف الثياب في الصلاة محمول على غير حالة الاضطرار، ووجه إدخال هذه الترجمة في أحكام السجود من جهة أن حركة السجود والرفع منه تسهل مع ضم الثياب وعقدها لا مع إرسالها وسدلها، أشار إلى ذلك الزين بن المنير‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ عَاقِدُوا أُزْرِهِمْ مِنْ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حازم‏)‏ هو ابن دينار، وقد تقدم في ‏"‏ باب إذا كان الثوب ضيقا ‏"‏ في أوائل الصلاة من وجه آخر عن سفيان قال ‏"‏ حدثني أبو حازم ‏"‏ وقد تقدم الكلام على فوائد المتن هناك‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب لَا يَكُفُّ شَعَرًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يكف شعرا‏)‏ أي المصلي، و ‏"‏ يكف ‏"‏ ضبطناه في روايتنا بضم الفاء وهو الراجح، ويجوز الفتح، والمراد بالشعر شعر الرأس، ومناسبة هذه الترجمة لأحكام السجود من جهة أن الشعر يسجد مع الرأس إذا لم يكف أو يلف، وجاء في حكمة النهي عن ذلك أن غرزة الشعر يقعد فيها الشيطان حالة الصلاة‏.‏
وفي سنن أبي داود بإسناد جيد ‏"‏ أن أبا رافع رأى الحسن بن علي يصلي قد غرز ضفيرته في قفاه فحلها وقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ذلك مقعد الشيطان ‏"‏ وقد تقدم الكلام على بقية الحديث مستوفى قبل ثلاثة أبواب‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-2013, 05:08 PM   #320
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


أنا : حسن الخليفه احمد




*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب لَا يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِي الصَّلَاةِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يكف ثوبه في الصلاة‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس من وجه آخر وقد تقدم ما فيه‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التسبيح والدعاء في السجود‏)‏ تقدم الكلام على هذه الترجمة في باب الدعاء في الركوع‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُسْلِمٍ هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏يحيى‏)‏ هو القطان، وسفيان هو الثوري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يكثر أن يقول‏)‏ كذا في رواية منصور وقد بين الأعمش في روايته عن أبي الضحى كما سيأتي في التفسير ابتداء هذا الفعل وأنه واظب عليه صلى الله عليه وسلم ولفظه ‏"‏ ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه ‏(‏إذا جاء نصر الله والفتح‏)‏ إلا يقول فيها ‏"‏ الحديث‏.‏
قيل اختار النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة لهذا القول لأن حالها أفضل من غيرها‏.‏
انتهى‏.‏
وليس في الحديث أنه لم يكن يقول ذلك خارج الصلاة أيضا، بل في بعض طرقه عند مسلم ما يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب على ذلك داخل الصلاة وخارجها‏.‏
وفي رواية منصور بيان المحل الذي كان صلى الله عليه وسلم يقول فيه من الصلاة وهو الركوع والسجود‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يتأول القرآن‏)‏ أي يفعل ما أمر به فيه، وقد تبين من رواية الأعمش أن المراد بالقرآن بعضه وهو السورة المذكورة والذكر المذكور‏.‏
ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري‏:‏ قال أبو عبد الله يعني قوله تعالى ‏(‏فسبح بحمد ربك‏)‏ الآية‏.‏
وفي هذا تعيين أحد الاحتمالين في قوله تعالى ‏(‏فسبح بحمد ربك‏)‏ لأنه يحتمل أن يكون المراد بسبح نفس الحمد لما تضمنه الحمد من معنى التسبيح الذي هو التنزيه لاقتضاء الحمد نسبة الأفعال المحمود عليها إلى الله سبحانه وتعالى، فعلى هذا يكفي في امتثال الأمر الاقتصار على الحمد ويحتمل أن يكون المراد فسبح متلبسا بالحمد فلا يمتثل حتى يجمعهما وهو الظاهر، قال ابن دقيق العيد‏:‏ يؤخذ من هذا الحديث إباحة الدعاء في الركوع وإباحة التسبيح في السجود، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء ‏"‏ قال‏:‏ ويمكن أن يحمل حديث الباب على الجواز، وذلك على الأولوية ويحتمل أن يكون أمر في السجود بتكثير الدعاء لإشارة قوله ‏"‏ فاجتهدوا ‏"‏ والذي وقع في الركوع من قوله ‏"‏ اللهم اغفر لي ‏"‏ ليسي كثيرا فلا يعارض ما أمر به السجود، انتهى‏.‏
واعترضه الفاكهاني بأن قول عائشة ‏"‏ كان يكثر أن يقول ‏"‏ صريح في كون ذلك وقع منه كثيرا فلا يعارض ما أمر به في السجود، هكذا نقله عنه شيخنا ابن الملقن في شرح العمدة‏.‏
وقال‏:‏ فليتأمل‏.‏
وهو عجيب، فإن ابن دقيق العيد أراد بنفي الكثرة عدم الزيادة على قوله ‏"‏ اللهم اغفر لي ‏"‏ في الركوع الواحد، فهو قليل بالنسبة إلى السجود المأمور فيه بالاجتهاد في الدعاء المشعر بتكثير الدعاء، ولم يرد أنه كان يقول ذلك في بعض الصلوات دون بعض حتى يعترض عليه بقول عائشة ‏"‏ كان يكثر‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ الحديث الذي ذكره ابن دقيق العيد ‏"‏ أما الركوع الخ ‏"‏ أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، وقيه بعد قوله ‏"‏ فاجتهدوا في الدعاء‏:‏ فقمن أن يستجاب لكم ‏"‏ وقمن بفتح القاف والميم وقد تكسر معناه حقيق‏.‏
وجاء الأمر بالإكثار من الدعاء في السجود، وهو أيضا عند مسلم وأبي داود والنسائي من حديث أبي هريرة بلفظ ‏"‏ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء ‏"‏ والأمر بإكثار الدعاء في السجود يشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما جاء في حديث أنس ‏"‏ ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله ‏"‏ أخرجه الترمذي، ويشمل التكرار للسؤال الواحد والاستجابة تشمل استجابة الداعي بإعطاء سؤله واستجابة المثني بتعظيم ثوابه‏.‏
وسيأتي الكلام على تفسير سورة النصر وتعيين الوقت الذي نزلت فيه والبحث في السؤال الذي أورده ابن دقيق العيد على ظاهر الشرط في قوله ‏"‏ إذا جاء ‏"‏ وعلى قول عائشة ‏"‏ ما صلى صلاة بعد أن نزلت إلا قال الخ ‏"‏ والتوفيق بين ما ظاهره التعارض من ذلك في كتاب التفسير إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب المكث بين السجدتين‏)‏ في رواية الحموي بين السجود‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلَاةٍ فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ هُنَيَّةً ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً فَصَلَّى صَلَاةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا قَالَ أَيُّوبُ كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ قَالَ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏ألا أنبئكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ الإنباء بعدي بنفسه وبالباء، قال الله تعالى ‏(‏من أنبأك هذا‏)‏ وقال ‏(‏فل أأنبئكم بخير من ذلكم‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال‏)‏ أي أبو قلابة ‏(‏وذلك في غير حين صلاة‏)‏ أي غير وقت صلاة من المفروضة، ويتعين حمله على ذلك حتى لا يدخل فيه أوقات المنع من النافلة لتنزيه الصحابي عن التنفل حينئذ، وليس في اليوم والليلة وقت أجمع على أنه غير وقت لصلاة من الخمس إلا من طلوع الشمس إلى زوالها، وقد تقدم هذا الحديث في ‏"‏ باب الطمأنينة في الركوع ‏"‏ وفي غيره‏.‏
والغرض منه هنا قوله ‏"‏ ثم رفع رأسه هنية ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ ثم سجد ‏"‏ لأنه يقتضي الجلوس بين السجدتين قدر الاعتدال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال أيوب‏)‏ أي بالسند المذكور إليه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان يقعد في الثالثة أو الرابعة‏)‏ هو شك من الراوي، والمراد منه بيان جلسة الاستراحة، وهي تقع بين الثالثة والرابعة كما تقع بين الأولى والثانية، فكأنه قال‏:‏ كان يقعد في آخر الثالثة أو في أول الرابعة، والمعنى واحد فشك الراوي أيهما قال، وسيأتي الحديث بعد باب واحد بلفظ ‏"‏ فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو مقول مالك بن الحويرث والفاء عاطفة على شيء محذوف تقديره أسلمنا فأتينا، أو أرسلنا قومنا فأتينا ونحو ذلك، وقد تقدم الكلام عليه في أبواب الإمامة وفي الأذان‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ سُجُودُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُكُوعُهُ وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ
الشرح‏:‏
حديث البراء تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب استواء الظهر في الركوع‏"‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا قَالَ ثَابِتٌ كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ
الشرح‏:‏
حديث أنس تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع ‏"‏ وفي قوله في هذه الطريق ‏"‏ قال ثابت‏:‏ كان أنس يصنع شيئا لم أركم تصنعونه الخ ‏"‏ إشعار بأن من خاطبهم كانوا لا يطيلون الجلوس بين السجدتين، ولكن السنة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها بمخالفة من خالفها، والله المستعان‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع حسن الخليفه احمد مشاركات 538 المشاهدات 74829  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه