منتديات الختمية

منتديات الختمية (https://www.khatmiya.com/vb/index.php)
-   ركن الصحافة (https://www.khatmiya.com/vb/forumdisplay.php?f=24)
-   -   عهد التمكين - فيصل محمد صالح (https://www.khatmiya.com/vb/showthread.php?t=7512)

أبو الحُسين 01-01-2014 11:36 AM

عهد التمكين - فيصل محمد صالح
 
عهد التمكين
فيصل محمد صالح
1 يناير 2014م

أعلن السيد رئيس الجمهورية وبكلمات واضحة انتهاء عهد التمكين والتسييس في الخدمة المدنية، وقال إن القيادة تعكف على وضع الأسس السليمة لمسار الخدمة المدنية لضمان استقلاليتها وحيدتها وإبعادها عن التسييس، مضيفا أن عهد الفصل للصالح العام انتهى "وتاني ما في ولاد مصارين بيض ومصارين سود، والناس سواسية بالعدل. "

هذه بشارات تستحق الاحتفاء والاهتمام، ومن ذلك نشرها ومناقشتها لما تحمله من دلالات. أولى هذه الدلالات أن هناك مراجعة لسياسات الدولة، وهذا مطلب قديم ومتجدد، وثاني الإشارات ، وأهمها، هو الاعتراف الضمني بأن الحكومة كانت تمارس سياسة التمكين والتمييز وتسييس الخدمة المدنية، بتفضيل أهل الولاء وتمكينهم من مفاصل عمل الدولة بغض النظر عن كفاءتهم، وكذلك بأن الدولة كانت تمارس سياسة الفصل للصالح العام التي شردت الآلاف من الكفاءات في مختلف المجالات..

استمرت هذه السياسات 24 عاما بالتمام والكمال، وتضرر منها العباد والبلاد، ومن ذلك الخدمة المدنية التي جلس على قمتها أناس لا تأهيل لهم ولا قدرات أو كفاءات سوى الولاء السياسي، وتدهورت من السئ للأسوأ حتى انتهت في درك سحيق. وصحب ذلك كثير من الممارسات الفاسدة في ارساء العطاءات والمشتريات الحكومية على أهل ولاء آخرين عبثوا بمقدرات البلاد. وتولى بعضهم إدارة المشاريع الكبرى بالبلاد فانتهت الخطوط الجوية السودانية إلى طائرة واحدة لا يعرف أحد اين تطير و"ترك"، وتحولت الخطوط البحرية السودانية، سيدة البحار في العهد القديم، إلى مجرد وكيل ملاحي متواضع، وتشلعت السكة الحديد، وصار مشروع الجزيرة عبارة عن مقبرة كبيرة.... وحدث ولا حرج عن بقية هياكل وأجهزة الدولة.

كيف يمكن إصلاح هذا الامر، بوقف سياسة التمكين والبدء من جديد بتعيين الأشخاص بمقياس الكفاءة والقدرات، وكان الله يحب المحسنين؟ لا تكفي هذه كبداية طيبة لمشروع للإصلاح والتغيير، ولن يستطيع القادمون الجدد أن يفعلوا شيئا في هذا الخراب. إذ لا بد من إزالة آثار التمكين وتمهيد الأرض للغرس الجديد.

فلتكون البداية أن تبدأ الحكومة بتحمل نتائج ما قامت به بالاعتذار لهذا الشعب والأفراد المتضررين وتعويضعهم عن سنوات التشرد والشقاء بلا ذنب ارتكبوه، ثم تكمل مسيرتها بمحاسبة المفسدين والمخربين وتحميلهم نتائج ما قاموا به، إذ لا يعقل أن ينفدوا بجلدهم بعد كل ما قاموا به. هناك ملفات لا تزال مفتوحة وطازجة، ولو تمت معالجتها بنفس مقياس العدل الذي تحدث عنه السيد الرئيس فقد يصلح هذا مؤشرا على أن الدولة تتجه نحو عهد جديد.

من هذه الملفات قضية بيع الخطوط الجوية السودانية لشركة عارف وبيع خط هيثرو، والملف الثاني يتعلق بالتقاوى الفاسدة في مشروع الجزيرة ، هذان الملفان من نتائج سياسة التمكين وإطلاق يد الفاشلين والعاجزين والمفسدين في التصرف في ممتلكات الشعب السوداني والعبث بمقدراته, وبقدر تعامل الدولة مع هذين الملفين يمكن إقناعنا بأن هناك توجه جديد وسياسات جديدة.

بدون محاسبة ومحاكمة عادلة سنفهم أن ما يحدث هو إهالة التراب على الجروح المتقيحة، وليست من نتائج لأمر كهذا غير تسمم الجسد كله، حمى الله بلادنا من مثل هذا المصير.


الساعة الآن 01:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
دعم وتطوير نواف كلك غلا